روايات

رواية أغصان الزيتون الفصل الثامن والثمانون 88 بقلم ياسمين عادل

رواية أغصان الزيتون الفصل الثامن والثمانون 88 بقلم ياسمين عادل

رواية أغصان الزيتون الجزء الثامن والثمانون

رواية أغصان الزيتون البارت الثامن والثمانون

رواية أغصان الزيتون
رواية أغصان الزيتون

رواية أغصان الزيتون الحلقة الثامنة والثمانون

||^ أغـصان الـزيتـون ^||
الفصل الثامن والثمانون :-
الجُـزء الثـاني.
“من أجل العيش، عليك دفع ضريبة الفوز المتوالي.”
____________________________________
وقف منتصبًا أمام المرآة، أثناء غلق زرّ القميص قبل الأخير، ثم أغلق الأكمام أيضًا، كل ذلك وهي جالسة على طرف الفراش تراقبه، وأعصابها التالفة تزداد تلفًا كلما أطال صمتهِ المريب أكثر، حتى تلفت إليها يرمقها مستنكرًا، وهو يردف هازئًا :
– ده بقى اللي كنتي بتخططيله من الأول!.
ارتبكت “أماني” وأخفضت عيناها لئلا ترى نظراتهِ التي تؤلمها، ومن بين صوتها المتردد خرجت حمحمةٍ مرتعشة وهي تجيبه :
– أ.. أنا مكنش في بالي آ….
قاطعها كي لا تستمر في كذبتها أكثر، ولكي تعلم إنه على دراية بكل ما جرى :
– أوعي تستغفليني!.. أنا لو سيبتك تنيميني فـ ده كان بمزاجي مش حاجه تانية.. ولا فاكرة إني مخدتش بالي من تصرفاتك المفضوحة أوي لما بنكون مع بعض على السرير ده!.
وأشار بعيناه نحو الفراش الذي شهد على مضاجعتهم لمدة تزيد عن شهر كامل، ثم تابع سيل كلماته المؤنبة :
– أنا فهمتك من أول يوم، بس سيبتك تعملي اللي على كيفك وشربتها بمزاجي.. من أولها وانا عارف إنك عايزة تخلفي مني، فـ أنا بقى أتدبس فيكي انتي وابنك واضطر أتجوزك رسمي عشان أحافظ على النسل المصون اللي هجيبه منك مش كده!.
كان يواري عصبيته خلف تعابير وجهه المتجمدة، حتى انفجر منه الإنفعال بغتة :
– ده بُـعدك.. والحمل بتاعك ده ولا يخصني ولا عايزه، أحسنلك تنزليه وتخلصينا من حوار انتي لوحدك اللي هتتعكي فيه، أنا مش هشيل الشيلة دي.
نهضت “أماني” عن جلستها وقد بدأت الدموع تنساب على وجنتيها وهي تستجديه أن ينقذها من عارٍ سيلتصق بها ما حيت :
– أرجوك يا حمزة، إن شالله حتى نتجوز ونتطلق بعدها والطفل ده يكون بأسمك، على الأقل أقدر أواجه أهلي وأبص في وشهم.
كان مُجردًا من أسمى معاني الرحمة والإنسانية، وهو يردف بجمودٍ صلب وصارم :
– دي مشكلتك وحليها مع نفسك، أنا برا الحوار ده.
حاولت استعطافهِ بأي شكل كي تفوز بموافقته على انتساب الطفل له، فـ تركت فيض الدموع ينهمر من عيناها وهي تتابع توسلّها :
– بس انا مراتك ومن حقي إني أجيب منك طفل، دي مش جريمتي لوحدي يا حمزة.. أنا بحبك بجد.
ابتسم بسخافةٍ وهو يسخر منها :
– وانا بحبك بهزار.
مشى نحو المشجب ليسحب عنه سترته، ثم أخرج منها حافظته وهو يقول :
– من أول يوم وانتي عارفه حقيقة مشاعري، أنا ولا جريت وراكي ولا كتبتلك جوابات غرام يا أماني، أنا واحد صاحب مزاج، باخد مزاجي وأدفع تمنه وأمشي.
أخرج ورقة الزواج العرفي من حافظتها ومزقها أمام عينيها وهو يُبرئ نفسه منها تمامًا :
– و آدي ياستي ورقة الجواز اللي قرفاني بيها ،يمكن تفتكري إننا كنا متجوزين عرفي وبس.. وتنسى نغمة أنا مراتك دي.
ثم رفع أنظارهِ إليها وتابع :
– كده مفيش حاجه بينا.
ارتدى سترتهِ دون أن ينظر إليها ثانيةً، متابعًا آخر كلماتهِ :
– أظن تقدري تنزلي اللي في بطنك بسهولة، انتي واحدة مطلقة بقالك أكتر من ٧ شهور ومش ناقصة كلام الناس، وياريت أرجع بالليل ألاقيكي خدتي حاجتك ومشيتي من سكات.. أما مصاريف الدكتور والعلاج أنا متكفل بيها كلها.
نظر إليها أخيرًا بعد كثير من التجاهل، كي يلمح على وجهها تعابير الذهول والصدمة، والتي أخرستها تمامًا عن الرد عليه، ودون أن يُعير ذلك اهتمامًا كان يتابع سلسلة أوامره التي لم تنتهي بعد :
– متنسيش تاخدي أجازة مفتوحة من المكتب وفجأة تقطعي كل أخبارك عننا.. وأنا هجيبلك شغلانة كويسة لما تقومي بالسلامة.. أظن كده أبقى عملت الواجب وزيادة معاكي.
هنا سكت عن الكلام، وسلك بخطواتهِ طريق الخروج لكي يغادر نهائيًا من هنا، ومن خلفهِ ترك كومة من الخيبة، متشكلة على هيئة قطرات من دموع الحسرة. أين ستذهب ولمن تشكو؟.. ماذا ستفعل ولمن تلتجئ؟.. لم تدري أبدًا ما الكي عليها فعلهِ للخروج من تلك الورطة التي أُقحِمت فيها، بعدما ظنت -بسذاجتها- إنه سيتمسك بجنينها الذي لم ينبض قلبه بعد، وسيتحول زواجها السري به لآخر في العلن، لكنه مسح كل آمالها بمسحة ممحاة، ودعس بقوةٍ على تلك العلاقة فهدمها بالكامل، ولم يبقى سوى رمادًا سيذهب مع الريح.
**************************************
لم تهدأ أبدًا، تبادلت خطواتها ما بين الطاولة وبين شباك الغرفة، تنظر في توترٍ وقد آكلتها لهفة الإنتظار، ثم تعود مرة أخرى. نفخت في إنزعاج شديد وسددت إليه نظرات حامية وهي تهتف بتشنجٍ :
– بقالهم أكتر من نص ساعة في الطريق!.
تأفف “حمزة” بنفاذ صبر وهو ينهض عن الطاولة التي تشاركا الجلوس عليها، ثم هتف بزمجرةٍ :
– أنا خليتك تشوفي زين بنفسك وتطمني إنه بخير وقولتلك إنه في الطريق على هنا.. مفيش في إيدي حاجه تانية أعملهالك.. مش هفضل مستنياكي تنقطيني بالكلام.
دنى منها وسأل بفضول :
– بعد ما مشيت من عندي وصلتي ليها إزاي؟.
لم تجد “سُلاف” شيئًا تخشاه بعدما انشكف الأمر له، فلم تدس عنه تفاصيل القصة كاملة، وحتى أصغر الأمور أطلعته عليها. عادت “سُلاف” تجلس على طرف المقعد وهي تجيب على سؤاله :
– عرفت اللي حصل من راغب وبدأت أدور وراها لحد ما وصلتلها.
ارتفع حاجبي “حمزة” مذهولًا من نفسه، كونهِ اندهش من وجود أصبع “راغب” في الأمر، وبدأ يلوم نفسه لإنه مازال مستبعدهُ من الأحداث المحيطة، رغم إنه بطل الرواية التي تشاركوا في تأليفها مستندين على خداعهِ. ابتسم “حمزة” بسخريةٍ وهو يهتف :
– صحيح، معلش نسيت إن صاحب عمري طلع مغفلني.
لم تهتم “سُلاف” بتعبيراته المتهكمة، حتى إنها تحكي بنصف عقل، والنصف الآخر منشغل بأمر طفلها الذي تنتظر عودتهِ بفارغ الصبر، حتى بتر “حمزة” صمتها آمرًا :
– كملي..
**************************************
لم يكن الوصول لـ “أماني” مسألة صعبة، خاصة وإنها كانت زميلة لـ “راغب” أيضًا بنفس المكتب، ولم يفوّت الأخير فرصة التقرب إليها بعض الشئ، بعدما علم بزواجها من “حمزة”، فـ وصلت إليه الأخبار قبل أي أحد آخر، وذلك ما يسر مهمة وصول “سُلاف” إليها، من أجل التمسك بكل شخص في وسعه تقديم المساعدة في مخططهم الكبير.
وضعت “أماني” كأس الماء أمامها قبل أن تجلس قبالاها، ثم سألتها مباشرة :
– ليه عايزة تساعديني في موضوع زي ده؟
كان جواب “سُلاف” جاهز گعادتها :
– عشان حمزة عمل كده مع بنات ناس كتير قبلك منهم واحدة أعرفها شخصيًا، يعني حقهم إن يكون في جزاء لحمزة.
أفصحت لها “أماني” عن فكرتها المجنونة التي تسلطت على عقلها، من أجل أن تطلب مساعدتها في الوصول للخطة إلى برّ الأمان :
– أنا فعلًا كنت عايزة أخلف من حمزة، افتكرت إن دي حاجه هتغير فكرته عن جوازنا العرفي، بس اللي شوفته عرفني إني مش بحب بني آدم.. عشان كده قررت إني مش هنزل الجنين، أنا هكمل الحمل وبعد ما أولد هبدأ أول خطوة لإثبات نسب ابني أو بنتي لأبوه.. هفضحه في كل مكان لحد ما يعترف بالطفل ده.
تحمست “سُلاف” ونمت غريزة الجشع بداخلها، أحست وإنها تنفذ جزء كبير من رحلتها دون العناء في شئ، بل أن الفرصة الذهبية قد أتت حت قدميها. قدمت لها “سُلاف” كافة سُبل المساعدة والدعم، كي تطمئن وتقف على أرض صلبة متينة، متكفلة بكل ما سيتطلبه الأمر من تدخل قانوني :
– أنا معاكي وهننفذ كل ده.. مجرد ما تقومي بالسلامة هنرفع القضية ونفضحه في كل مكان عشان يعترف بيكي متقلقيش.. بس من هنا لحد ما تقومي بالسلامة لازم تختفي من قدام عينه.
تغضن جبين “أماني” وهي تسألها :
– يعني إيه ؟.
– يعني أنا هدبرلك مكان أمان تفضلي ضيفة فيه وكل طلباتك مجابة، لحد ما تولدي بالسلامة وساعتها كل حاجه هتتغير.
التمعت عيناها بوميضٍ متحفز، بعدما تخيلت إنها ستجعله يدفع ثمن أفعالهِ معاها وكلماته المسمومة لها، والأفضل من ذلك إنه سيعترف -مجبرًا- بطفله منها كما كانت تحلم، وستكون ضمن عائلة القُرشي كما خططت في البداية. لم تكن نواياها بذلك السوء الذي قد تتخيله، فقط إمرأة مُطلقة سعت أن تجد لنفسها زيجة تعوضها ما واجهتهُ، لتعيش في مستوى لطالما حلمت بالإنضمام إليه، فـ قدمت العديد من التنازلات من أجل تحقيق مسعاها؛ لكنه تصادمت مع حقيقة الواقع، لتكتشف إنها كانت الساذجة الوحيدة من بين الجميع، وأن تصديقها لتصور عقلها بأن الموضوع سهلًا هو قمة السذاجة.
*************************************
حكّ “حمزة” جبهتهِ حكًا عنيفًا، فـ تسبب ذلك بإحمرار بشرتهِ، إلى جانب تعابير الغيظ الذي حاول كتمانها طويلًا، فـ طفح ذلك على عروقهِ النافرة وبشرتهِ المتوهجة. ترك زجاجة المياة فارغة بعدما أنهى ما فيها، ثم نظر إليها مجددًا وهو يسألها بإمتعاض :
– يعني انتي اللي خبتيها كمان لحد ما ولدت!.. إيه الكره اللي جواكي ده ليا زي ما أكون أذنبت في حقك!؟.. ليه سعيتي تخلصي كل حاجه مني أنا!.
أبتعدت “سُلاف” بعيناها عنه، وأجابت جوابًا مقتضبًا :
– تصرفي مكنش كره ليك.. أنا كنت بنصف واحدة مظلومة انت جيت عليها وكسرتها، مكنتش شبه أي واحدة من اللي اتجوزتهم قبلها أو بعدها.. كان لازم أقف جمبها.
ضحك “حمزة” متهكمًا على تعبيرها الذي حاولت به أن تبدو گملاك مُنقذ، ثم فاجئها بحقيقة مشاعرها والتي لم تكن سوى دوافع انتقامية بحتة :
– انتي بتضحكي عليا ولا على نفسك؟.. انتي معملتيش كده غير عشان تنتقمي مني أنا، بدليل إنك خدتي منها الولد وظهرتي قدامي على إنك أمه ولو مكنتش كشفتك كدبتك كانت هتعيش سنين قدام.
ضرب “حمزة” بكفيه على الطاولة وهو ينهض عنها قائلًا :
– وإزاي بقى ست الكل الطاهرة سمحتلك تاخدي الولد وتعملي تمثليتك السخيفة دي كلها عليا؟.. إزاي أقنعتيها؟.
ضغطت على شفتيها في أسفٍ متضايق، وأسبلت جفونها وهي تردف بنبرةٍ متحشرجة :
– مـاتت.
تصلب في مكانه، گمن جمد دون حراكٍ أو حتى اهتزازة واحدة، كان جوابًا لم يتخيله أبدًا، ولم يتصور أن تكون حالتها الآن أسفل الثرى، حتى أن عقلهِ رفض التصديق على الفور، مُدعيًا إنها تُضلله من جديد :
– انتي بتكذبي.. أكيد لسه عايشة وانتي مش هاين عليكي كل اللي عملتيه يتكشف ويظهر قدامي.
رفعت بصرها نحوه، فـ قرأ الصدق في عينيها اللامعتين وهي تقول مرة أخرى :
– أماني ماتت بعد الولادة بساعتين يا حمزة.. ماتت وسابت لي زين وسابت معاه وصيتها ليا إني أتعهد بتربيته وكل حاجه تخصه.
بدأ حديثها يأخذ منحى أكثر عاطفةٍ، خرج كل الكلام من قلبها مباشرة، دون أن تفكر فيه أو تُرتبه :
– من يومها زين ابني أنا.. أنا اللي سميته وانا اللي أخدت بالي منه وراعيته، صحيح مش انا اللي ولدته، بس حتى هو ميعرفش أم تانية غيري، مش بيرتاح غير معايا، مش بينام غير في حضني.. زين ابني أنا ومفيش قوة في الأرض هتقدر تاخده مني أو تحرمني يكون معايا.
*****************************************
كان التوتر سيد الموقف، وهي تراها تموت وتحتضر أمام عينيها عاجزة عن تقديم يد العون لها، وحتى الأطباء فشلوا في تشخيص تدهورها المفاجئ، وكأنه تدخل من القدر لتنقلب الموازين كلها. وقلت “سُلاف” بجوارها وربتت على كفها تطمئنها وهي تقول :
– متقلقيش يا أماني، هتكوني كويسة بس انتي قاومي.
بالكاد أخرجت “أماني” زفيرًا بصعوبة شديدة، وقد أدركت إنها سكرات الموت لا محالة، فأخرجت كلماتها الأخيرة بثقلٍ واهن:
– خلاص يا سُلاف، ربنا مش رايد أعيش لحد ما آخد حق ابني وحقي.. بس انتي عايشة وتقدري تعملي ده، خدي الولد يا سُلاف وأوعي حد يأذيه.. ده أمانتي عندك.
كادت “سُلاف” تنهار أمام ضعفها في موقفٍ گهذا، ورغم ذلك حاولت أن تبدو متماسكة أمامها وهي تقول :
– متخافيش عليه يا أماني.. بس صدقيني انتي هتقومي و……
لم تكمل حتى كلمتها، وكانت أمانة الله قد استُردت، لفظت “أماني” آخر أنفاسها وهي تنظر لـ “سُلاف”، وهاجرت روحها الجسد لتصبح ضمن عداد الموتى، فـ دبّت قشعريرة مرتعبة ببدن “سُلاف”، وهابت الحدث الجلل الذي عاشت تفاصيله الآن، فـ ارتخت عضلاتها وتركت يد “أماني” كي تسقط على الفراش، ثم ضمت ذراعيها لصدرها وقد أصابها الخرس التام.
****************************************
– وانتي؟.. دخلتي حياتي إزاي.
دنى منها حتى تلاشت المسافات بينهما، ونظر لداخل عينيها وهو يسأل السؤال الذي تكرر لعشرات المرات طوال الأشهر السابقة :
– عملتي إيه عشان تكوني هنا!.. والصورة اللي اتصورناها مين صورها!.. وأنا مش فاكرك إزاي؟.
صارحته بالقسم الأخير من مخططها الناجح، والذي أتى بثمارهِ منذ بدايته وحتى تم كشفه :
– انت كنت سكران على الآخر يومها، راغب ظبط البنت اللي جت معاكوا هنا وفضلت جمبك لحد ما وصلنا لمرحلة العقد العرفي.. ساعتها البنت مشيت وانا اللي حليت مكانها، عشان أمضي على العقد ونلقط الصورة اللي جمعتنا.. ومن هنا بدأت رحلتي الحقيقية معاك.
شيئًا ما بداخله أراد أن يتأكد، أن يطمئن حتى وإن كان الجواب معروفًا، لا يعلم ماهية الشئ الذي دفعه لسؤال گهذا؛ لكنه أحس وكأنه سؤال مصيري، وعليه أن يسأله. تغيرت نبرة صوتهِ، تعابير وجهه، وحتى أنفاسهِ أصبحت أسرع وهو يسألها :
– يعني أنا… ملمستكيش؟.
كأن رعشةٍ سرت في أوصالها، فتحركت المياة الراكدة لتتعكر من بعد صفوٍ، أحست بأصابعه تلمس ذراعها، وعيناه تتفرسّ النظر فيها وهو يكرر :
– ردي عليا يا سُلاف.. أنا ملمستكيش؟.
أجفلت عيناها لأسفل، وأخيرًا برأت نفسها النقية من هذا الدنس الذي انتسبتهُ لنفسها، فقط من أجل الإنتقام :
– أنا وانت محصلش بينا أي حاجه.
حرر تنهيدة كانت تجثم على صدرهِ، وحرر معها ذراعها وهو يغمغم بضيقٍ :
– انتي غــبيـة والإنتقام عمى عنيكي، في واحدة تلبس نفسها مصيبة بالشكل ده؟؟
وبدأ اندفاعهِ وعصبيته من جديد وهو يهدر فيها :
– في واحدة تجيب لنفسها فضيحة لمجرد إنها عايزة تنتقم؟.
فأجابت بثقة تنافي تمامًا قناعتها الشخصية :
– أيوة في.. أنا.
دفعتهُ للجنون، بعدما رأى إصرارها على الإستدامة في طريقها، بعد أن انكشف كل شئ، فلم يجد سبيلًا سوى المساومة قليلًا، علّها تتراجع عما يجول في نفسها، وتتنازل مقابل شئ ثمين. اتقدت نظراته لها، وهو يرى جسارة عيناها التي لم تتزحزح عن موقفها، فـ هتف بجديةٍ :
– طب اسمعي بقى يا سُلاف آخر كلام هيتقال في الحوار ابن الو×××× ده.. انتي مش أم زين، ومن حقي آخد ابني وأحرمك حتى تشوفيه للمرة الأخيرة.. وانتي عارفه ده كويس.
كأنه دعس قليلًا على كبريائها، فـ ردت بقوةٍ لا تضاهي أبدًا ضعفها الذي ظهر له منذ قليل :
– إنت بتهددني؟؟.. متنساش إني أقدر أعمل زيك وأضعاف كمان.
لم يطيق المطّ في الحوار معها، فـ قطع الحديث ليعرض عرضًا نهائيًا عليها :
– من غير كلام كتير.. أنا هتنازل وأوافق إنك تربي زين.. مــعــايـا مـش بـعيد عنـي ، بس كل حاجه ليها مقابل.
وبرقت عيناها مع التلميح للمقابل، فـ استجمعت “سُلاف” شجاعتها لسماع شرطه :
– عايز إيه ؟.
– هتنهي الحرب دي بإيدك.. هتكتفي بالإنجازات العظيمة اللي حققتيها علينا وباللي خدتيه مننا وتقفلي صفحة الحسابات دي للأبد.
أرادت أن تسمع الجزء الأخير من المساومة، فـ سألته بشئ من الإستهزاء :
– أممم.. وإلا هيحصل إيه يابن صلاح؟؟.
فكان تهديده جاهزًا كي يُطرب به آذانها :
– وإلا هاخد ابني ومش بس كده.. أنا هرفع عليكي قضية تزوير في أوراق رسمية واتهمك بخطف زين طول الفترة اللي فاتت، وساعتها حتى القانون هيكون في صفي.. متهيألي ده منتهى الإنصاف، ولا إيــه؟…
***************************

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

الرواية كاملة اضغط على : (رواية أغصان الزيتون)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى