روايات

رواية أشلاء القلوب الفصل الثالث 3 بقلم ندى محمود

رواية أشلاء القلوب الفصل الثالث 3 بقلم ندى محمود

رواية أشلاء القلوب الجزء الثالث

رواية أشلاء القلوب البارت الثالث

أشلاء القلوب
أشلاء القلوب

رواية أشلاء القلوب الحلقة الثالثة

_ الفصل الثالث _
حدقت بالمكان من حولها بدهشة وخوف ووثبت جالسة في فزع عندما وجدت نفسها بغرفتها فى منزل زوجها، لوهلة ظنت أن كل هذا حلم وأنها لم تهرب ولكنها تأكدت عندما رأت ملابسها، وماهى إلا دقائق وظهر ذلك الوحش الكاسر من خلف الباب، فأرتجفت أعضاء جسدها برعب جلى وفاضت عيناها بالعبرات كالأطفال … فنزع سترته عنه وشمر عن ذراعين مفتولتين ثم سحب حزام بنطاله بنظرات مهيبة ولفه حول اصابعه جيدًا قائلًا بقسوة:
_ واضح أن علقة امبارح مجابتش بنتيجة معاكى ياملاك ، طاب حتى اصبرى كام يوم اكون نسيت أنك حاولتى تهربى، لكن تانى يوم علطول كده … احب اقولك أنك مش هتهربى منى ابدًا ياروحى أنا حاططلك جهاز تعقب فى تلفونك علشان كده ملقيتش أى صعوبة فى انى اعرف مكانك، ودلوقتى بقى استعدى لأنى ممكن اخليكى طريحة فى السرير طول عمرك
أجهشت فى البكاء ومن شدة خوفها انعقد لسانها ولم تستطع حتىَ أن تتوسله وتستعطفه أن يرحمها، فقد بدأ عقابه بصفعة دامية منه ثُمّ نزل بالحزام على جسدها بجفاء وكأنها جماد لا يشعر بشئ ولكنها كانت تتلوى وتصرخ بين يديه والبكاء لم يتوقف للحظة.. حتىَ اصبحت لا قوة لديها للمقاومة فاستسلمت لعقابه وضربه لها كالصنم الذى لا حياة فيه، حتىَ كاد جسدها أن ينزف الدماء، دلفت فى تلك اللحظة نيرة وسحبت من يده الحزام صارخة به بغضب:
_ كفاية يا أكرم حرام عليك ياخى !
هتف باسمًا باستنكار :
_ ومن امتى الحب ده يانيرة هانم ؟!
صاحت به مندفعة فى أنفعال :
_ مش حب، بس أنا عندى قلب ومستحملش اشوف اللى بيحصل ده واسكت، اعمل فيها أى حاجة غير كده حرام عليك هتموت بين ايدك، اتقى الله شوية !
كانت ملاك مستلقية على الفراش لا تعى أى شئ كالجماد الذى لا حياة فيه، فقط تسيل العبرات من مقلتيها بصمت .. فألقى هو بالحزام على الأرض وغادر، أسرعت نيرة هى نحوها تهتف فى إشفاق:
_ ملاك ردى عليا ، ملاك
كشفت عن جزء من جسدها فشهقت بهلع من هول المنظر فقد بدأ جسدها ينزف الدماء ، تمزق قلبها إربًا على تلك المسكينة، واخيرًا خرج صوتها الضعيف وهى تهمس بعينان تهيمان بالدموع:
_ سبينى وحدى يانيرة !
لوت فمها بأسى ونهضت تاركة اياها بمفردها ورفور انصراف نيرة أنفجرت ملاك باكية بشدة ، بكاء أشبه بالصراخ وتكورت حول نفسها كالجنين فى بطن أمه، لم يكن عساها شئ سوى الاستغاثة بالله فهو وحده القادر على تخليصها مما فيه لعلها تكون ساعة أستجابة ويستجب الله لدعائها واستغاثتها به! ………………………
***
أرتفع النور فى السماء والشمس الباسمة أرسلت شعاعها رفيقاً فوق المروج، بينما كان يجلس فى مكتبه ينهى أعماله المتكدسة أقتحم الغُرفة دخول ريان الذى رمقه أُسيد بدهشة قائلة:
_ ايه يابنى أنت مش لسا ماشى امبارح لحقت تيجى امتى تانى !
قال فى شئ من الجدية :
_ روحت ورجعت ، صد رد يعنى.. أنت عارف فى شغل كتير هنا ولازم حد يكون موجود يخلصه وانت يدوب تلاحق على شركتك يا ابن العم ومروان كلها يومين وييجى كمان تانى
بادله الجدية التامة ليغمغم بخشونة :
_ طاب كويس أنك رجعت بقى، أكرم المناوى عازمنا عنده النهردا على العشا
جلس على الاريكة وأردف بتعجب :
_ عازمنا!، ويعزمنى أنا ليه ده أنا حتى مليش شغل معاه جامد زيك.. لا فكك منى يا أُسيد روحله أنت بنيابة عنى أنا أصلا مبينزليش من زور الراجل ده!
خرج صوته الرجولى الحازم فى إمتعاض :
_ على أساس انى أنا اللى بطيقه يا ريان، مضطر استحمله علشان مصلحتنا معاه وهو مصلحجى رقم واحد مهو مش هيعزمنا عنده غير لمصلحة ليه واحنا هنستغل ده طبعا لصالحنا، فأنت زى الشاطر كده هتيجى معايا علشان أنا خلقى ديق اليومين دول واخاف يقول أى حاجة فاتجنن عليه، فتكون أنت معايا تهدينى لو حصل حاجة زى كده
قهقه بخفة قائلًا فى مداعبة :
_ وحياتك أنا اللى عايز اللى يحوشنى عنه لاحسن ده راجل ملسلس !!!!
أرتسمت شبه إبتسامة على ثغره مجيبًا بهدوء :
_ طيب قوم شوف لو وراك حاجة خلصها علشان منتأخرش على المعاد
***
جالسًا على مقعده الهزاز فى غُرفته يحدق فى شاشة هاتفه، يتحرق شوقًا للاطمئنان عليها ولكن مايعيقه تردده!، هب واقفًا متحفزًا ومسح على شعره الاسود الغزير بأضطراب وهو ينفث أنفاس حارة من بين شفتيه فحسم امره وأخرج رقم هاتفها ووضع الهاتف على أذنه منتظر اجابتها …….
على الجانب الاخر كانت هى تجلس بصحبة أبنه عمها ” سارة ” يتحدثون فى شتى الامور فصمتت سارة لبرهة من الوقت لتهتف بترقب :
_ أسمى انا سامعة صوت موبايل بيرن شوفي ليكون تلفونك أنا تلفونى فى ايدى اهو
تلفتت حولها باحثة عنه بنظرها فى أستغراب فتشدقت بتهذيب:
_ معلش ياسارة هتهولى مش هقدر اقوم هو تقريبًا تحت المخدة هناك
نهضت وامسكت به لتحدق بالمتصل مردفة بنظرة لئيمة :
_ ده مروان!.. هو من امتى مروان بيتصل بيكى يا أسمى !
عقدت الاخيرة حاجبيها مجيبة اياها فى دهشة :
_ مروان!، مبيتصلش أصلا وهاتى التلفون ونضفى نيتك شوية هاا يمكن يكون فى حاجة مهمة علشان كده بيتصل
ناولته اياها وهى تغمغم بمكر:
_ خدى أما نشوف إيه هى الحاجة المهمة دى
اجابت على الهاتف فأسرعت سارة والصقت اذنها فى الهاتف بجانبها لتستمع الى حديثهم الذى كان كالأتى:
_ الو يامروان
تنحنح بنبرة رجولية مجيب بصوت هادئ:
_ ايوة يا أسمى عاملة إيه ؟
بنظرات زائغة هتفت فى خفوت :
_ كويسة الحمدلله يامروان، خير هو فى حاجة ولا إيه؟
بصوت يفيض رقة وحنانًا هتف باسمًا:
_ وهو لازم يكون فى حاجة علشان أتصل يعنى، عادى انا أتصلت أطمن عليكى
أبتعدت عنها سارة لتهمس فى نظرات شيطانية وخبيثة:
_ حاجة مهمة أوى الصراحة !
ألتقطت أحد الزجاجات البلاستيك الممتئلة بالماء وضربتها بها بقوة على ذراعها لتصدر هى صوت صرخة شبه مرتفع، فيخرج صوته الحازم :
_ ايه الصوت ده ؟!
هتفت مسرعة فى توتر جلى:
_ لا ده التلفزيون كان عالي، أنا كويسة الحمدلله يامروان متقلقش، فيك الخير والله.. مرات عمى وجدو عاملين إيه؟
لفظ الكلمات من بين شفتيه ببساطة فى مرح قائلًا :
_ كلهم كويسين، أنا بس اللى تعبان وطالع عيني في الشغل وريان بيه بقى مقيم فى القاهرة خلاص!
تعالت صوت ضحكتها الرقيقة وهى تكمل مزاحه :
_ لا ريان أنا بقيت اشوفه اكتر مابشوف مراد وأُسيد، أنت مش قولت جاى تانى ؟
_ اهاا احتمال اليومين الجايين بأذن الله اجى
فى خفوت انثوى وصوت رقيق رشق فى ثنايا قلبه فورًا :
_ توصل بالسلامة أن شاء الله
افترت شفتيه عن إبتسامة وهو يقول مبتهجًا:
_ إن شاء الله، معلش أنا هقفل بس علشان فى حد بيرن عايزة حاجة مني
أنسدل صوتها الناعم مجيبة:
_ لا عايزة سلامتك، سلام !
أنهت ألاتصال معه لتقابل نظرات تلك ال ” سارة ” الخبيثة وهى تهمهم مقلدة جملتها:
_ عايزة سلامتك، ياختى على الرقة، لا أنا اصلا مروان مكنتش مرتحاله والله من فترة والحمدلله اتأكدت من اللى كنت شاكة فيه خلاص
صرت أسمى على اسنانها وهى تهتف بتحذير :
_ قومى من جمبى ياسارة عارفة ليه علشان أنتى سوسة ودماغك سوسة زيك، طاب ما أُسيد بيهتم بيكى زيي واكتر لدرجة أنى كنت بشك أنه بيحبك اكتر منى، ليه مقولتش أنى مش مرتاحة لأسيد !
أنتصبت فى جلستها بحماس شديد وهى تهتف بوضوح :
_ اقولك ليه علشان كلنا عارفين أن أُسيد كان بيحب مريم اكتر من روحه ومازال، وثانيًا لان أُسيد فعلًا بيعتبرنى زيك ومتأكدة أنه عمره مافكر فى حاجة وأنا بعتبره زى ريان كمان بس مروان الوضع مختلف بعدين بيبقى باين ياعديمة النظر إذا كان الشخص ده بيهتم لمجرد أنه بيعتبرك زى اخته ولا حاجة تانى، لكن اقول ايه أنتى اصلا … ولا بلاش حرام اغلط فيكى واخد ذنوب علشان خاطر وحدة غبية زيك !!!
التفتت حولها باحثة عن زجاجة الماء صائحة بها :
_ فينها هى اللى ضربتك بيها اما اديكى بيها على دماغك المرادى افتحها أن شاء الله، قومى من جمبى ياسارة قومى هتفقعى مرارتى جاتك القرف
نهضت من الفراش وهى تقهقه بقوة هاتفة بمشاكستها المعتادة :
_ ماشية وسيبهالك ياهبلة، استنى بس اشوف مروان ده انا هزله زل، ده انا كنت اتحنسه يامروان خدنى معاك فى طريقك وصلنى بالله عليك ياخى ولا فى مرة رضى فيها ويقولى مش فاضى ماشى يامروان هطلعه عليك اصبر عليا بس !
سيطر جو من المرح عليهم لتجيبها أسمى ضاحكة:
_ على أساس أن ريان كان بيوصلك يعنى ماكنتى بتلفى على البيت كله وفين لما ريان يوافق لما أنا اقوله خدها معاك ياخدك، هو عمى بس اللى مبيرضاش يزعلك فى حاجة لكن أنتى مهزقة فى البيت كله اصلًا يامهزقة
خلعت حذاء قدمها بمهارة والقته عليها لتهتف فى أغتياظ :
_ انا قولت حرام اخد ذنوب علشان وحدة زيك، اصبرى ياحبيبتى الدنيا دوارة وكلكم هيبجى عليكم دور واهو اولكم مروان !
لتلتقط حذائها مجددًا وترتديه لتغادر وهى تلقنها ببعض الكلمات الغاضبة والمغتاظة وتقابلهم الأخرى بالضحك الشديد ………
وبينما هى فى طريقها الى غُرفتها وتهندم من هيئة حجابها الغير منظم ، أصطدمت بمراد الذى طالعها باسمًا وهتف برجولة:
_ ايه بتتشاكلى مع دبان وشك ليه !؟
حدثته فى أنفعال مزيف:
_ اديك قولت يعنى ممكن اتشاكل معاك انت كمان ، وسعلى كده!
أصدر ضحكة رجولية مجيبًا فى برود:
_ انا بارد مش هوسع ياستى !
اخيرًا زين وجهها الابتسامة وهى تجيبه بمرح :
_ طاب كويس انك عارف يابارد، ابعد يامراد بقى عايزة اروح اكل
أفسح لها المجال للعبور وهى يطالعها بإبتسامة صافية فعادت له مُجددًا لتهمس فى فضول شديد بنظرات طفولية:
_ ألا أنت كنت فين من امبارح صح؟
ليجيبها بتقليد لطريقتها فى إبتسامة:
_ وانتى مالك انتى ياحشرية كنت فين!
بإبتسامة بلهاء فى مداعبة هتفت:
_ متخفش والله سرك فى بير مخروم، انت تعرف عنى أنى بقول حاجة لحد!
مراد بضحك بسيط:
_ أنتى مش قولتى عايزة اروح أكل، ولا فضولك شبعك دلوقتي، امشى يابت بلا كنت فين!
زمت شفتيها فى غضب زائف مردفة بأغتياظ:
_ تصدق انى غلطانة كنت عايزة اشاركك اسرارك، ماشى يامراد براحتك
***
فى أحدى محافظات الصعيد ……
كان يلتف الجميع حول مائدة الطعام يتنالون طعامهم بصمت حتى أخترق قفاعة الصمت أشجان الذى هتفت وهى تعلم تأثير تلك الكلمات التى ستقولها على كُل واحد جالسًا على الطاولة :
_ فردوس قطعت بينا كانت متسكتش واصل على الوكل وبتخلى الوكل ليه طعم، بس أهى محدش عارف وينها وبتها وين.. هى اللى عملت فى روحها إكده!
تسلطت جميع أنظار من على الطاولة عليها ليترك محمد الذى يجلس فى بداية الطاولة المعلقة من يده بعنف صائحًا:
_ هتخلينا نطفح الوكل ولا إيه أشچان، كام مرة أنا هعيد وازيد فى الموضوع ده وإن محدش يچيب سيرتها قصادي، متخلنيش اقول الكلام ده تانى مفهوووم
فى مكر دفين هتفت:
_ ياعمى كانت صغيرة لما عملت إكده ومكنتش تعرف حاچة
صرخ بصوت جهورى أوقع الرعب فى قلوب الجميع :
_ وهو الموضوع خلص على اللى عملته بس، اخوها مات بسببها ويتمت ابن اخوها اللى كان لسا سبع سنين واخوها التانى اللى كان عياله لسا صغيرين ، وحدة كانت عندها عشرين سنة مكنتش فاهمة الغلط من الصح، هى لو كانت قاعدة كنت زمانى دخلت السچن فيها
نظر ثروت الى زوجته بنظرة نارية هاتفًا :
_ ياتاكلى بسكاتك ياتطلعي على اوضتك فوق
أنفعلت بشدة لتهتف بغضب:
_ واسكت ليه ماكلنا عارفين أن عزت مكنش عايز يتچوز أحلام ومرات عمى الله يرحمها هى اللى غصبت عليه وأنه كان مشيه بطال وأنا مش عارفة أصلًا هى إيه اللى مقعدها لغاية دلوك بعد ماچوزها مات خلاص
وجدت صفعة قوية تهوى على وجنتها من زوجها وهو يصيح بها:
_ اطلعى على الاوضة واستنينى
بينما أحلام فنهضت من على الطاولة مسرعة الى غرفتها بالاعلى وهى تبكى بقوة، فهب مروان على قدمه فى نظرات مشتعلة وصوت رجولى مهيب هاتفًا:
_ علشان يكون فى معلومكم بس أمى خط أحمر وقسمًا عظمًا ماهرحم حد لو فكر أنه يدايقها بالكلام بس، ومن بكرة هاخد امى ونروح نعيش فى بيتنا مش علشان حد لا علشان أنا مش عايز اشوفها زعلانة بأى شكل من الأشكال ومش هسمح لحد يقول كلمة في حقها، أنا مش هرد عليكى يامرات عمى اكتر من كده بس احترامًا لعمى وجدى
صاح به جده فى أستياء :
_ لا كتر خيرك يا ولد عزت عملت احترام قوى لينا واضح الاحترام !
_أنا وسبق وقولت الكلام ده ياجدى أنا عند امى معرفش حتى ابويا !
ثُمّ أستدار ليصعد خلف امه بينما ثروت فرمقها بنظرة ارجفتها وهو يصرخ :
_ غورى فوق وحسابى معاكى بعدين !
***
خرجت من المرحاض وهى تلف المنشفة حول جسدها لتقف امام المرأة تتأمل هيئة جسدها ، وعلامات ” الحزام ” على كُل من ظهرهها وذراعيها لم تستطع حتى لمسهم، ورغم كل هذا ألمهم لم يكن أقوى من ما عاشته فى الماضى وماتعيشه فى الحاضر الآن، وجهها التى ذهبت ملامحه الجميلة من شدة الحزن حتىَ أنها أصبحت تمتلك فى وجهها أثار عذابها معه.. أسفل عينها بقعة سوداء كبيرة وبجانب ثغرها كذلك، أصبحت كقطعة خردة قديمة لا تصلح للحياة ، لوهلة كانت تفكر فى تخليص حياتها من هذا العذاب ولكن تلك المرة ليس عن طريق الهروب بل عن طريق الانتقال إلى خالقها ! ، فأصبحت تسأل نفسها بأستمرار ” هل أنا على قيد الحياة من الأساس حتى اتعذب وأهان وأذل لماذا أنا على قيد الحياة إذا ” وتعود وتستغفر ربها مرارًا وتكرارًا على ماتقوله وكعادتها تتطلع لنفسها فى المرأة وتبتسم رغم كُل شئ وكأنها تواسى نفسها بأن الفرج قريب كما وعد الله عباده أن بعد العسر يسر …………..
ليدلف فجأة بدون سابق أنذار الغُرفة فيتوقف قليلًا مكانه وهو يطالعها بنظرات جريئة مقتربًا منها فى صوت لئيم :
_ ايه الحلاوة دى بس يالولو
مد يده إلى ذراعها ليتحسس بأصابعه بشرة جلدها الناعم فدفعت يده بوحشية وهى تصيح به بشراسة غير معتادة :
_ عايز إيه يا أكرم !
جذبها من ذراعها بعنف وهو يغمغم منذرًا فى نظرات وضيعة :
_ شكلك شوفتى نفسك لما قولتلك أنك تتحلى من على حبل المشنقة، لا متنسيش نفسك ياقطة لأنك هتفضلى خدامة برضوا عندى مهما حصل ويارب اشوف صوتك ده بيعلى عليا تانى ياملاك انتى مطيعة ماشاء الله وهتسمعى الكلام طبعا
فى نظرات متحدية وعدم مبالة بتهديداته لها هتفت :
_ مبقيش ليا حاجة اخاف عليها يا أكرم لو عايز تضربنى تانى بالحزام اتفضل بس المرة الجاية ياريت متسبنيش غير لما تتأكد أنى أنتقلت لرحمة ربى .. وعلشان اقولك بس أن الله لا يرضى بالظلم وهييجى عليك يوم وتدوق من اللى بتدوقهولى
ترك ذراعها بسخط متمتمًا :
_ فى ناس جايين دلوقتى مش عايز اشوف وشك تحت فاهمة، لغاية ما يمشوا تقعدى فى الاوضة هنا !
***
أطرق الباب بهدوء ثُمّ دخل وتحرك نحوها ليضمها الى صدره هاتفًا بنبرة ناعمة تحمل فى طيأتها الحزم :
_ ما عاش ولا كان اللى يخلى دموعك تنزل وأنا لسا عايش ياست الكل
أبتعدت أحلام عنه لترفع رأسها وتقبل جبين ابنها قائلة بحنان امومى :
_ ربنا يخليك ليا يابنى ويحفظك ويكرمك فى حياتك
مد يده وجفف عبراتها هامسًا بنبرة لم تخل من الرقة :
_ مش مرات عمى اللى تخليكى تعيطي، ولما تقول حاجة زى كده تانى تردى عليها يا امى ومتسبهاش تقول كده واوعى تقولى جدى ولا عمى وعيب ومعرفش إيه، انتى خلى بس واحد منهم يرفع صوته عليكى وشوفى هعمل فيهم إيه كلهم
ثُمّ أكمل بنظرات حاسمة ونفس غاضبة :
_ كده كده بكرة هنمشى ونسبهالهم مخضرة
فى أعين متساءلة تحمل الدهشة اجابته :
_ نمشى فين يامروان ؟
فى شئ من الخنق تشدق بصوت رجولى صارم :
_ هنروح نقعد فى بيتنا القديم، أنا اصلا جبت اخرى من عمايل مرات عمى ومش ضامن ممكن اعمل إيه لو عملت حاجة تانى فخلينا بعيد عنهم احسن
همهمت بخفوت فى أطاعة لأمر ابنها :
_ اللى تشوفه يابنى !
***
توقفت سيارة أُسيد الصاوى امام منزل أكرم المناوى ليترجل منها هو وريان ، كانت هيبتهم طاغية على الجميع .. حيثُ كان أسيد طويل القامة ذو أستقامة رياضية تهابه جاذبية لا تقاوم يرتدى بنطال من اللون الاسود اعلاه قميص باللون الابيض اعلاهم سترة جلدية تناسب برودة الشتاء والصقيع ، اما ريان فكانت ملابسه لا تختلف كثيرًا عن أُسيد ولكن لكل منهم جاذبية خاصة به ………….
تقدم نحوهم أكرم بأبتسامة عذبة ، ليقف امامها ويصافحهم بحرارة هاتفًا بلطف بديع :
_ البيت نور والله
خرج صوت أُسيد الرجولى هاتفًا :
_ منور بأهله
خرجت ملاك الى شرفة غُرفته فتصلبت بأرضها عندما رأت ريان، تسارعت انفاسها واستخوذت عليها حالة من السعادة المفرطة وهى تحمد ربها، وكأن الله ارسله إليها ليكون نجاتها من ذلك الوحل …… اصطحبهم اكرم الى الداخل وجلسوا يتبادلون الاحاديث فى العمل بأهتمام جلى، بينما هى فحاولت فتح الباب لكنها وجدته مغلق من الخارج، لعنت ذلك المنزل وذلك المدعو بـ ” أكرم “، وأخذت تضرب على الباب بكُل ما اوتيت إليها من قوة صائحة :
_ رياان .. ريااان !!
رفع الثلاث رجال أنظراهم الى أعلى من حيثُ أنبعث ذلك الصوت ولكل منهم كانت قِسمات وجهه تنم عن شئ مُختلف، فقد فرت الدماء من وجهه أكرم وأتسع بؤبؤى عينيه بصدمة ممزوجة بالاضطراب ، وأُسيد كانت عيناه تتساؤل ببفضول عن ذلك الصوت، اما ريان فكانت قِسمات وجهه تنم عن دهشة ممتزجة بالتلهف لعلمه الجيد لذلك الصوت المألوف عليه……………….

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أشلاء القلوب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!