رواية أولاد الجبالي الجزء الثالث الفصل الخامس عشر 15 بقلم شيماء سعيد
رواية أولاد الجبالي الجزء الثالث الجزء الخامس عشر
رواية أولاد الجبالي الجزء الثالث البارت الخامس عشر
![أولاد الجبالي الجزء الثالث](https://camo3blog.com/wp-content/uploads/2024/04/أولاد-الجبالي-الجزء-الثالث-226x300.jpg)
رواية أولاد الجبالي الجزء الثالث الحلقة الخامسة عشر
غضب براء بعد أن يئس من إستيقاظ زاد ، بعد أن افتعل كثير من الأصوات المزعجة لكى تستيقظ .
وفى النهاية أستسلم وذهب ليأخذ حمامه ، ليخلد للنوم بعده .
وأثناء تواجد براء فى الحمام ، ابتسمت زاد بمكر مردفة : هتخرج عتلاجى أحلى مفاچاة يا بتاع النسوان .
فقامت ولطخت وجهها بمسك الفحم الأسود ، ونظرت لهيئتها فى المرأة فضحكت مرددة : يلا عشان بس تعرف إنى عهتم بنفسى وببشرتى عشان خوطرك يا جلبى .
ثم عندما سمعت صوت الماء الخارج من الحمام قد توقف ، فأسرعت للفراش مجددا واصطنعت النوم .
خرج براء من المرحاض ، فوجدها مازالت نائمة وتولى ظهرها له ، فحرك رأسه بإستياء مردفا : نامى نامت عليكِ حيطة .
ثم ألقى المنشفة بغضب على الأرض ، ليفترش السرير محاولا النوم .
ولكنه أخذ يتقلب كأنه ينام على جمرة من النار ، وأعاد على ذاكرته لياليهم السعيدة معا ، فأخذته اللهفة والشوق لها .
لذا استدار قبالتها وأخذ يلاعب خصلات شعرها وانحنى برأسه على أذنها هامسا بحب : ما تقومى بقا يا زاد ، عشان أتوحشتك جوى يا جلبى .
فأصدرت زاد شخيرا مصطنعا ، فشهق براء مرددا : يخربيت نهيق الحمار بتاعك ده كمان .
_ بس على مين ، انا طلبت معايا أصحيكِ يعنى هصحيكِ ، فأمسك بذراعها وحاول أن يجعلها تلتفت له .
فحدثت زاد نفسها : انت أكده اللى جنيت على نفسك عاد .
لتلتفت له زاد مع حركة يده ، ليصعق براء من وجهها الأسود ويفزع وينتفض من على التخت صائحا : عفريت ، عفريت يا ابوى .
إلحجونى يا ناااااس ، عفريت .
فاعتدلت زاد وكأنها لم تفعل شيئا وهى تتثاؤب وتدعك عينيها ثم طالعته بإندهاش مردفة : براء ، انت چيت يا حبيبى ؟
_ ومالك أكده وشك مخطوف ، أنت تعبان ولا حاچة ؟
فصرخ براء : اه تعبان ، تعبان جوى .
وعشان أكده عروح أنام فى اوضة تانية ، عشان إهنه مش متحمل أخد نفسى ، چبتيلى المرض منك لله .
ثم اتجه نحو الباب وخرج وأغلقه بقوة فأصدر صوتا عاليا أفزع زاد ووضعت يدها على أذنيها ثم قالت : تستاهل يا براء ، ولسه ياما تشوف منى ،طول ما انت لسه عتبصص النسوان وشايفنى فى عينيك قردة .
ومتلومش إلا نفسك ، أنا كنت عحبك أكتر من نفسى وتتمنى لك الرضا ترضى .
_ بس حسيت إنى قليلة فى نظرك ، ومش شايفنى حلوة فى عينيك وعتبص للحلوين .
وزمانك عتجول فى نفسيك: أنا ايه اللى بلانى بيها دى .
عشان أكده عتطلعهم على جاتك وأنتقـ…م لنفسى منيك .
_ بس رغم ده كله ، عحبك وعتصعب عليه .
_فـ لاشي يُعادل قربك بجانبّي ، كل الأشياء التي أُود أن تستمر هي أنت.
_ يا أحسَنَ النَّاسِ في عينِي، وأعذَبَهُمْ
قد كنتَ نهرًا جرىٰ بالحُبِّ يغمُرُني”♥️
*******
عندما أطال جابر جلوسه مع جاد ، انتظرته بانة على مضض وأخذت تدور الغرفة ذهابا وإيابا تلعن نفسها بسبب ذلك الكلام الذى يخرج منها دون وعى .
ثم لعنت جاد بقولها : كان وقتك دى دلوك يا ابن حمدان ، هلاقيها منيك ولا من أخوك اللى ما بيصدق يزربن بسرعة ويزعل منى .
_ وأنا كمان مش جادرة أحط لسانى جوه خشمى وأسكت .
يا خوفى لتضيع منى تانى يا چابر ، ويبجا منظرى عفش جدامهم ويتلسنوا عليه ويجولوا طفشتيه من لسانك اللى مبيهمدش ده .
_ لا بس انا أول ما يطلع هبوس على يده واستسمحه عشان ميزعلش منى ، وهو أنا خابرة أنه طيب وعيسامحنى .
_بس هو طول ليه أكده مع الشيطان الصغير ده ؟
ثم سمعت صوت صرير الباب وهو يفتح ، فأسرعت إليه ووقفت قبالته وحاولت عناقه مردفة : حبيبى أتوحشتك جوى ، ليه عوقت تحت أكده ؟
_ وأخوك مشى خلاص ، كان عايز منيك حاچة ؟
فأبعدها جابر عنه برفق ، ثم توجه لخزينة ملابسه وأخرج حقيبة صغيرة ووضعها على السرير ثم بدء يخرج بعضا من ملابسه ويضعها فى الحقيبة .
فارتجفت بانة وسددت له النظر بفزع وحاولت إخراج صوتها الذى علق فى عنقها من الخوف من مرارة الفقد مرة أخرى ، فخرج صوتها مهزوز : چاااااابر ، أنت هتعمل ايه ؟
_ إياك تجول انك هتهملنى مرة تانية ، لا يا جابر ، أرجوك .
_صدجنى جلبى مش هيتحملها المرة دى .
فالتفتت لها جابر وطالعها بنظرة قهر حزينة ثم أردف : بانة معدتش ليه لزمة الكلام يا بت الناس .
_ أنا دلوك فى رقبتى أخوى الصغير ، بعد ما طرده الله يصلح حاله جاسر .
_ وچه عشان يجعد معايا إهنه، عشان دلوك ملهوش حد غيرى .
فتشنجت ملامح بانة مردفة بما قطع أخر خيط وصل بينها وبين جابر بحماقة شديدة : يجعد فين إبن حمدان ، هو فاكرها تكية ولا ايه ؟
_ ولا إحنا فاتحينها ملجأ !!
وكل من هب ودب عايز يجعد فيها !!
فأغمض جابر عينيه متألما ، مع أنه كان يتوقع ردة فعلها تلك ولكن شعر بـ كلماتها تلك فى قلبه كأنها طعنـ..ته بـ سكـ…ين حاد ،نز..ف قلبه على إثرها ، ومااااات فى الحال .
فأومأ جابر رأسه بخزى مردفا :ااااه عنديكِ حق ، وعشان أكده ، هاخده وامشى وهنخرج من الچنة بتاعتك دى واجعدى فيها لحالك يا بانة ، عشان ترتاحى وتاخدى راحتك عاد ، كيف ما أنتِ عايزة .
إتسعت عين بانة عن آخرهما ورفعت إحدى يديها مشيرة إليه بإستنكار : أنت إتچننت يا چابر ، عتهمل مرتك وابنك عشان أخوك الصغير ده .
_ للدرچاتى إحنا طلعنا هينين عنديك ، وبعتنا أكده بسرعة !!
طالعها جابر بذهول من منطقها الغريب الذى تتحدث بها ولم يستطع الرد عليها سوى بآيات من الذكر الحكيم قائلا : أنتِ خابرة يا بانة كلامك وقلب الحقيقة عيفكرنى بأيه ؟
بانة بحدة : بإيه يعنى ؟
جابر : بقوله تعالى( ﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَىٰ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ ۖ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ﴾.
بانة ببلاهة : مش فاهمة يعنى ايه ؟
جابر بمرارة : ولا عمرك هتفهمى .
ثم تحرك نحو سرير إبنه النائم ، فقبله بعين تلمع من الدموع وحدث نفسه : آسف يا ولدى ، أسف بچد انى اخترت أم على هواى مش على هوى رب العالمين ووصية رسول الله ( إظفر بذات الدين تربت يداك ) .
ثم عاد فأمسك بحقيبته وطالعها بإنكسار نظرة أخيرة مردفا : يا خسارة يا بانة .
ثم إستدار وغادر ، ليسمع صراخها : مچنون ، أكيد مچنون ، كيف أمه صوح !
_ أنا غلطانة إنى إتكلمت واستسمحتك يا جابر ، لكن خلاص بدال أنت أخترت تبعد ، فابعد براحتك وأنا مش هدور عليك تانى لأخر العمر .
ثم ألقت بنفسها على السرير تبكى بمرارة بقولها : مش خابرة ايه حظى العفش فى الدنيا ده مع كل الناس ، مع أن جلبى أبيض .
نزل جابر للأسفل وتقدم من أخيه وحاوطه بذراعيه قائلا : يلا أخوى بينا من إهنه ، أنا أصلا عمرى ما حبيت الصريات دى ،بس كنت مضطر بس دلوك خلاص أخدت حريتى من چديد .
ويستحيل بعد أكده أحكم جلبى قبل عقلى ، خدها منى نصيحة يا اخوى ، أختار ديما اللى بيجوله عقلك ، لأن أختيار الجلب عيجيبك الأرض وعتندم .
طالعه جاد بعدم فهم ولكنه لم يجد سوى أن يؤمى له برأسه موافقا على كلماته التى لم يفهمها .
وصدق قوله تعالى ( سنشد عضدك بأخيك ) .
فالأخ لا يعوض بأحد .
فقد خير الحجاج إمراة أن تختار ما بين زوجها وولدها وأخيها من منهم سينجو من براثنه .
فأختارت المرأة الأخ لأن الزوج والولد قد يأتى غيرهم أما الأخ فلن يأتى غيره .
فأفرج عنهم الثلاثة الحجاج لفصاحتها ومعرفة قدر أخيها .
******
أسرع مسالم بقلب فزع على حبيبته قمر بعد أن إستمع لصراخها المفاجىء ،
وخشى أن يكون حمدى قد ولج بغتة عليها دون أن يشعر به .
فركض سريعا إليها وعندما وصل لديها أخذ صدره يعلو ويهبط وحاول إلتقاط أنفاسه التى كادت تنقطع من الخوف والذعر .
فوجدها على فراشها تبكى ولم يجد أحدا ، فوقف يلتقط أنفاسه بصعوبة ثم توجه نحوها وأحاطها بذراعيه لتهدئتها قائلا : قمر ، مالك حبيبتى ، فيك ايه يا جلبى ، مالك ، تعبانة؟
_ أشيع أجبلك الدكتورة ؟
فطالعته قمر بعين خائفة شاخصة ، وجسد مرتجف تحول لونه للزرقة كأنها على مشارف الموت وجاهدت لتخرج ذلك الإسم الذى تخشاه وتكرهه من جوفها ،فخرج إسمه مهزوزا : حممممممدددى ، عيكتلنى .
ثم وضعت يدها على بطنها وانهمرت الدموع من عينيها وحاولت إبتلاع تلك الغصة المريرة التى إجتاحتها مستطرة : كان نفسى أشوف بتى وأحملها على يدى .
طالعها مسالم بإنكسار وقهر على حالها الذى عصف بقلبه ومد يده ليزيل عنها دموعها وحاول الثبات ليبث فى قلبها الطمأنينة التى افتقدها هو منذ أن علم بهروب حمدى .
_ بس يا قمر ، أهدى شوية ، ومتخافيش طول ما أنا چانبك محدش عيقدر يمس منيكِ شعرة واحدة إلا بموتى .
فتعلقت قمر به وألقت برأسها على صدره ، وقالت من بين شهقاتها : عتصدجنى لو جولتلك انا كمان خايفة عليك يا مسالم ، يمكن اكتر من نفسى .
لأن نفسى ، ملهاش قيمة من غيرك .
_ انت حياتى ودنيتى كلها ، أنت اللى خليت قمر إنسانة لها بيت وعتكون أم .
_ نعم كتير ربنا أنعم عليه بيها بعد معرفتك ، عشان أكده خايفة جوى ،كل ده يروح منى فى غمضة عين .
خرجت تنهيدة حارقة من جوف مسالم مستطردا بقوله : جولتلك متخافيش يا جلبى ، وربنا عيدوم النعمة بالشكر صدجينى .
عشان هو عيقول فى كتابه العزيز : ( ولئن شكرتم لأزيدنكم ) .
فهمست قمر من بين دموعها : ألف حمد وشكر ليك يارب .
مسالم بطمأنينة زائفة : عايزك بس تهدى وتسلمى أمرك لله ، ومتخافيش مش عيقدر يهوب إهنه ، أنا معاكِ وكمان فيه ناس تحت تبعى من الشرطة محاوطين المكان وعيراقبوا ، يعنى لو ظهر اى لحظة فى المنطقة مش عيعرف يفلت من إيديهم .
_ ده غير أن عيمشطوا الكفر كلاته عليه ، وان شاء الله يچبوه ولو حتى تحت سابع أرض .
شعرت قمر بشىء من الطمأنينة من حديث مسالم ولكن مازلت شىء فى قلبها يحدثها أن شىء ما سيحدث ولن يمر هذا الأمر بسلام .
فاوجست خيفة وأخذت تردد : يارب سلم .
يارب سلم .
***********
تحولت غيرة جاسر وبغضه لهذا الدخيل الذى يطالع إمرأته بنظرات راغبة إلى طمع فى إمداده بالمال اللازم من أجل التجارة بالمخدرات ، ومن ثم يحقق رغبته فى الإطاحة بأخيه من خلال الإبلاغ عنه ، وهو الذى لم يجد منه غير كل خير ولكن تبقى النفوس الخبيثة خبيثه ، ولو أعطيتهم من الود أطناناً وتظل النفوس النقيه نقيه ولو أعطيتهم من الكره قنطاراً.
لذا أبتسم جاسر قائلا : تسلم يا معلم حمدى ، ده عشمنا فيك بردك .
وان شاء الله تكون فاتحة خير علينا كلاتنا .
بادله حمدى الابتسامة بمكر واومأ برأسه : اه طبعا ، كل خير .
ومن بكرة تروح تعمل بلاغ فى چابر عشان تخلص منيه ويتشمع مصنعه اللى شايف نفسه فيه ده عاد .
وبعدين أچى نحتفل سوى بالمناسبة الحلوة دى وترقصلنا ست حسنية على الطبلة ، ما أنت متعرفش أصل أنى فى الأول قبل ما أشتغل مع حمدان الچبالى كنت طبال فى الموالد بتاعة النچوع اللى حوالينا .
_ فخلينا أسترجع ليالى الملاح دى عنديكم ، ثم ضحك ضحكة شيطانية أدخلت الرعب فى قلب جاسر .
ليشير زرارة بعد ذلك إلى حمدى بقوله : مش نقوم بجا يا سيد الناس ، الفچر قرب يأذن وعايزين نلحق نرچع قبل ما العيون تتطلعلنا .
فقام حمدى قائلا : صوح عنديك حق ، ثم عقد اللثام على وجهه وأسرع بالمغادرة مع زرارة من حيث أتوا .
ولكنه فى تلك الليلة لم يغمض له جفن من كثرة الشرود فى تلك التى ذهبت بعقله حسنية ، وكذلك هى ظلت شاردة به .
وحدثت نفسها : يا ترى ميتى أشوفك تانى يا حمدى .
فمتى إذا سيجتمع الشياطين مرة أخرى ؟؟
******
سمح الطبيب إلى باسم زيارة عزة ، فولج إليها بخطوات متثاقلة ، كأنه يحمل فوق رأسه هموم كالجبال .
حتى وصل إليها وعندما رأها على هذا الضعف من وجه ذابل ، وجسد ممد كالجثة أمامه لا تشعر بشىء ولا يسمع غير صوت تلك الأجهزة التى تحيط بها .
فأغمض عينيه متألما لحالها وتمتم : لا حول ولا قوة الا بالله ، طول عمرك يا عزة تعبانة فى حياتك .
_ بس إن شاءالله عتجومى بالسلامة ، عشان حتى بتك *ريحانة * وهى على فكرة فيها شبه منيكِ اكتر منى عاد .
_جومى يا عزة ، متحسسنيش بالذنب إنى أهملت فيكِ لغاية ما عتروحى منى .
_ جومى يا عزة وسامحينى ، مش بيدى والله .
الهوى ليه سلطان و جلبى مال لملك وبس .
*****
إنتبهت زهيرة أثناء مرورها فى الردهة إلى صوت الصغير “غيث” فأوجعها قلبه من أجله ، ولاحظت أن الباب مفتوحا .
فتوجهت نحو وولجت للداخل لتجد بانة تفترش الأرض تبكى ، وصغيرها فى فراشه يبكى جوعا .
_ فأسرعت إليه تحمله وتهدهده مردفة : جلبى ستك يا ولدى ، بس بس .
ثم حدقت بانة بإندهاش مردفة : عتبكى ليه يا حزينة !
مش بعادة يعنى ، هو أنتِ عتحسى زيينا .
فرمقتها بانة بغضب وصرخت : حتى أنتِ ياما قاسية عليه ، أنا مش عارفة عملت ايه ليكم .
_ ليه أكده محدش عيحبنى فيكم ، وليه عتعاملونى أكده ؟
_ حتى اللى كان ميستحملش دمعة من عينى ، وكان عيتغزل فيه طول الليل ، وكان يجولى مش مصدق إنك مرتى .
_ طلع كل ده كلام ، وهملنى تانى ، لكن خلاص فى داهية ابن المچنونة ده .
فضربت زهيرة على صدرها مردفة : طفشتيه تانى يا حزينة .
_ منك لله يا شيخة ، بس يكون فى علمك أنا خلاص زهجت وعسيبك المرة دى ومش عدخل تانى .
_ عشان أن تستاهلى الكل يبعد عنيكِ بلسانك العفش اللى رايح چى يكسر فى جلوب الناس وأنتِ زى البهيمة مهتحسيش وكمان عتسئلى ليه محدش عيحبك .
_ عشان أنتِ مش عتحبى غير نفسك وبس .
_ ولولا انى أمك كنت دعيت عليكِ بس جلبى ميجدرش عشان بتى ومش عقول غير ربنا يهديلك نفسك .
_ ودلوك عاخد *غيث * يبيت معايا عشان أراعيه ووكله بيدى ، بدل ما يموت منيكِ يا حزينة .
ثم توجهت به للخارج وتركت بانة تواجه نفسها وتبكى ندما لما أقترفته فى حق نفسها المتكبرة.
*****
انطوى الليل بهمومه وأحزانه على قلوب كثير من أبطال رواية أولاد الجبالى ليأتى نهار جديد ريما يحمل فى طياته فرج أو يتبعه ليل قاسى مجددا .
إستيقظ براء مبكرا للحاق بمديرية الأمن ، من أجل إعداد سلسلة حملات تمشيط فى المنطقة للبحث عن المجرم الهارب *حمدى* .
ليتذكر ما حدث بالأمس مع زاد فحدث نفسه : مش خابر أخر اللى عتعمليه معايا ده ايه يا زاد ؟
_إحنا أكده بنبعد عن بعض اكتر يوم عن يوم .
_ وانا خابر اه إنى ساعات عزودها معاكِ لكن أنا بهزر وجلبى معيشوفش غيرك وصدجينى أنا شايفك ست الستات فى عيونى يا جلب براء .
_ لكن أنتِ بجيتى عنيدة جوى غير الأول خالص .
ومبجتش خابر أتصرف معاكِ كيف ؟
ثم زفر بضيق واستطرد : مش خابر كمان ألاقيها منين ولا منين ؟
منيكِ واللى عتعمليه فيه ولا من جرف الشغل والمصيبة قمر دى كمان .
_ يلا لما أتزفت أروح عاد أشوف الحال .
وعندما وصل براء إلى مديرية الأمن أخبره محمود بإنه
تم تعيين بعض من أمناء الشرطة فى زى مدنى لمحاوطة بيت قمر لحمايتها من أى هجوم غير متوقع من حمدى لها .
براء بتهكم : كل ده عشان ست قمر ، بجا ليها قيمة دلوك .
سبحان مغير الأحوال .
فأجابه محمود بإستياء : وبعدين معاك يا براء ، ده واجب علينا حماية المدنيين سواء يستاهلوا أو لأ .
_ ودلوقتى اتفضل قدامى عشان الإجتماع ، وبالفعل دلفا سويا .
وجلس براء بجانب محمود ، متأففا من تلك العملية الثقيلة على نفسه وحدث نفسه : ما يتحر*قوا بچ”از .
_ وصراحة انا نفسى يوصل حمدى لـ قمر ويخلص عليها ، وبعدين أنا أخلص عليه واكده أكون إرتحت منيهم الخونة .
لاحظ اللواء محمد شرود براء وجنود ملامحه ، فتيقن اللواء محمد أن الموضوع يسبب له حساسية .
فأدرك حينها إنه غير مؤهل لتلك العملية وعليه إستبعاده .
كما لاحظ محمود أيضا ، فلكزه مردفا : براء مالك شارد كده ؟
_ خلى بالك اللواء محمد واخد باله منك وأكيد بعد ما يخلص هيتناقش معانا فى اللى قاله وسعتها هيكون منظرك وحش لإنك مش مركز .
فزفر براء بضيق وتمتم : وهو أنا أصلا أكده مش شكلى وحش من غير حاجة !!
بص حواليك شوف عيون السادة الضباط لغاية أخر عسكرى عمالين يبصوا ليه إزاى !
عشان خابرين أن الست اللى عايزين تحموها دى كانت مرتى واللى عايزين تقبضوا عليه كان عشقها وانا كنت كوز درة ، وبدل ما أكتلها وأغسل عارى ،جال ايه أحميها .شوفت خيبة اكتر من أكده !
فتنهد محمود بحيرة مردفا : وبعدين معاك متغلبنيش وإنسى اللى فات وخلينا فى شغلنا وواجبنا بدون ما ندخل حياتنا الخاصة فى الشغل .
ثم استأذن المقدم حسام للدخول عليهم ، فأذن له اللواء محمد .
فدخل وألقى التحية ، ثم وضع مذكرة أمام اللواء محمد .
فطالعها اللواء بعين ثاقبة ثم عقد حاچبيه بغضب مردفا : إزاى ده ، معقول !!
فتسلطت أعين الحضور على اللواء محمد متسائلين : ما الأمر يا ترى ؟
ليقف اللواء محمد ويطالع براء بنظرة ذات مغزى ، ثم يطلب من الحضور الإنصراف الا من براء ومحمود .
فوقف الجميع تلبية لرغبته وأدوا التحية وسارعوا فى المغادرة وبقى محمود وبراء ، ينظرون لبعضهم البعض بإندهاش .
ثم وقف اللواء محمد وتقدم منهم قائلا : عارفين المذكرة اللى قدامى دى فيها ايه ؟
براء : خير يا فندم .
اللواء محمد : مش خير ابدا .
_ فيها بلاغ ضد جابر جوز أختك يا براء ، أنه بيتاجر فى المخدرات وبيخفيها فى المخازن بتاعته .
فوقف براء مذهولا وردد بعين زائغة : لا ده أكيد بلاغ كيدى .
_ جابر عمره ما يعمل أكده .
_ ده إنسان بيعرف ربنا كويس ويستحيل يعمل حاجة زى أكده .
_ يستحيل ، انا خابره اكتر من نفسى وياما كان هيوقف جصاد أبوه عشان عيتاجر فى المخدرات ويقوله حرام .
_ يقوم هو يعملها ، لا لا مصدجش .
فوضع محمود يده على كتف براء قائلا : أهدى شوية يا براء.
_ واكيد بلاغ كيدى ، لأن فعلا جابر إنسان كويس أوى ومشوفتش منه غير كل خير .
اللواء محمد : على العموم ، إحنا لازم طبعا نقوم بشغلنا ونتأكد بنفسنا أنه بلاغ كيدى ، مش بالكلام وبس .
وبأمل فعلا أنه يكون كده .
_ ودلوقتى اتفضلوا حضراتكوا خدوا قوة مع إذن النيابة على مصنع جابر وفتشوا وشوفوا بنفسكم وبلغونى باخر الأخبار .
فوقف براء للحظات متجمدا خشية أن يكون هذا البلاغ حقيقى .
ثم تنبه لصوت محمود : يلا بينا يا براء.
فأدوا التحية واستعدوا للمغادرة ، ولكن اللواء محمد أستوقف براء بقوله : استنى يا براء .
فتوقف براء والتفت إليه بعين شاخصة تائهة بعد أن شعر أن كل الامور تقف ضده .
اقترب منه اللواء محمد ووضع يده على كتفه وطالعه بحنو قائلا : شوف مأمورية مصنع جابر دلوقتى ، وبعدين تقدر ترجع شغلك فى القاهرة .
وسيب موضوع حمدان وقمر للمقدم محمود وحسام .
_ لإنى مقدر حساسية الأمر ليك ،مع أن المفروض ده شغل ومفروض ملوش دعوة بحجات شخصية .
_بس خلاص عشان متقعش فى حرج أكتر من كده .
فطالعه براء بإمتنان مردفا : بشكرك جدا لتفهمك حساسية موقفى.
ثم أدى التحية وخرج مسرعا مع محمود نحو المصنع ؟؟
يا ترى هيحصل إيه تانى للغلبان جابر ؟
وفعلا بانة تستاهل اللى حصل ؟
وحمدى هيعرف فعلا يوصل لقمر ولا مش هيقدر عشان الحماية ؟
…..
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أولاد الجبالي الجزء الثالث)