روايات

رواية يوميات طبيب نفسي الفصل الخامس 5 بقلم رحمة نبيل

رواية يوميات طبيب نفسي الفصل الخامس 5 بقلم رحمة نبيل

رواية يوميات طبيب نفسي الجزء الخامس

رواية يوميات طبيب نفسي البارت الخامس

يوميات طبيب نفسي
يوميات طبيب نفسي

رواية يوميات طبيب نفسي الحلقة الخامسة

بعد يومين ..
كعادته يتوسط مقعده في مكتب عمله، يعمل على بعض الحالات، بعدما قضي يومين يقص على زوجته اغرب ما رأى وعاصر في تلك الوظيفة العجيبة المريبة ..
ومن بين افكار قاطع اندماجه صوت الممرضة المساعدة له :
” كده يا دكتور مش باقي غير حالة واحدة بس هي اللي باقية”
نزع معاذ نظارته يفرك جسر أنفه بتعب :
” متابعة ولا حالة جديدة ؟!”
” لا حالة جديدة، بس شكلها كده مش طبيعية يا دكتور ”
ابتسم معاذ وقال بسخرية لاذعة :
” وهو الطبيعي هيجي هنا يعمل ايه يا زينب، احنا مش في عيادة باطنة احنا في عيادة أمراض نفسية، اكيد هتكون مش طبيعية، دخليها أما نشوف حكايتها ”
مرت ثواني قبل أن تطأ فتاة مكتبة تبتسم له بسمة غريبة :
” مساء الخير يا دكتور ”
بادلها معاذ البسمة بأخرى عملية هادئة :
” مساء النور يا فندم، اتفضلي ارتاحي ”
جلست الفتاة على مقعد أمام مكتبه وعيونها لا تنفك تمر على وجه معاذ وكأنها تتفحصه، خرج صوتها غريبًا :
” شكرا لحضرتك ”
ابتسم معاذ بسمة عملية وقال :
” اتفضلي يا آنسة ممكن اعرف حضرتك بتعاني من ايه ؟!”
” اصل يا دكتور بحب واحد ”
هز معاذ رأسه وهو يفكر أن جميع الأمر كان منبعها الاصلي ومصدرها الأوحد هو ذلك الحب :
” لا حول ولا قوة إلا بالله ”
نظر للفتاة ثم أضاف :
” أيوة كملي ؟!”
” والواحد ده مش حاسس بيا خالص خالص يا دكتور ”
اعتدل معاذ في جلسته يحاول أن ينتزع منها شعور الحسرة وغيره من المشاعر التي دفعت بها لزيارة طبيب نفسي :
” وهي دي مشكلة نفسية تستحق زيارة طبيب ؟؟ دي مشكلة عادية بتواجه ناس كتير خلال حياتهم عادي ”
التوى ثغر الفتاة بحسرة :
” لا يا دكتور أنت مش فاهمني، أنا مش جاية هنا عشان موضوع أنه مش بيحبني ”
اولى لها معاذ كامل اهتمامه وهو يراها تركز ببصرها عليه :
” أنا جاية هنا عشان اعترفله اني مش قادرة اعيش من غير تفكير فيه، من وقت ما شوفته في مرة وانا مع صاحبتي وانا مش قادرة اشيله من تفكيري ”
” وحضرتك جاية ليا عشان اساعدك تشيليه من تفكيرك ؟!”
كان يتحدث بهدوء وعملية، فقد قابل خلال عمله العديد والعديد من تلك الحالات والتي استطاع مساعدتهم بفضل الله، لكن رد الفتاة جاء صادمًا له :
” لا أنا جيالك عشان تلين قلبك عليا وتقبل تكون حبيبي ”
فتح معاذ عينه بصدمة وقال :
” نعم ؟!”
نهضت الفتاة من المقعد تتجه صوب خاصة معاذ وهي تردد بنبرة بدت مهووسة وغير متزنة :
” صدقني يا دكتور من وقت ما جيت مع نيمو وشوفتك وانا هتجنن عليك ”
نهض معاذ من مقعده يحاول الابتعاد عنها قدر الإمكان وهو يضع في الاعتبار أنها ليست طبيعية :
” نيمو مين ؟؟ ده اللي في الكرتون بتاع السمكة ؟!”
” لا يا دكتور نيمو، صاحبتي اللي كانت جيالك عشان مشكلتها مع ام حبيبها ”
فتح معاذ عينه بإدراك يضحك بتعجب :
” اه هو أنتِ تبعها، نفس الحالة سبحان الله، بعدين أنا يابنتي متجوز اساسا ”
” عادي اتجوزني أنا كمان معنديش اي مشاكل ومش همانع والله ”
كانت تتحدث وهي تدنو من مكانه وعيونها تلتمع بشغف كبير، لكن معاذ كلما اقتربت خطوة ابتعد عشرة للخلف :
” مكانش يتعز والله بس انا مراتي ست قوية ومفترية وممكن تلبسنا الكفن قبل ما افكر البس البدلة ”
اردفت الفتاة بأعين متسعة وبسمة مخيفة :
” خلاص نقتلها ”
خاف منها معاذ وهو يحاول الهروب من أمامها :
” نقتل مين يا مجنونة أنتِ، يا زينب …أنتم يا ناس ياللي برة”
” متتعبش نفسك أنا استنيت آخر واحدة عشان محدش ينجدك من ايدي ”
فتح معاذ عينه وقال :
” لا أنتِ مش محتاجة دكتور نفساني، ده أنتِ محتاجة سجن مؤبد عشان افكارك الإجرامية دي ”
فجأة دخلت عليهم زينب بفزع لصراخ معاذ :
” نعم يا دكتور فيه حاجة؟!”
أشار معاذ لتلك الفتاة وهو مازال يتوارى خلف أحد المقاعد خوفًا أن تطاله يدها :
” بلغي البوليس يا زينب بلغي البوليس انا حياتي في خطر”
نظرت زينب للفتاة وقالت :
” حصل ايه يا دكتور ؟!”
صرخ معاذ وهو يشير على الفتاة التي كانت ما تزال ترمقه بنظرات مخيفة :
” حصل ايه في ايه ؟؟ أنتِ مش شايفة بتعمل ايه ؟؟ دي قاتل متسلسل، بلغي البوليس أو المستشفى بتاع الأمراض العقلية أي حاجة تيجي تشيلها”
حدقت به الفتاة ثم شرعت تبحث عن شيء ما في حقيبتها مما أثار الهلع في قلب معاذ وهو يسمعها تتساءل :
” أنت مفكرني مجنونة ؟!”
رد عليها معاذ بخوف :
” لا استغفر الله مجنونة ايه ؟؟ دي زينب هي اللي مجنونة، مش كده يا زينب ؟!
وافقته زينب بخوف :
” كده يا دكتور أنا اللي مجنونة هنا ”
كانت عين معاذ مثبتة على حقيبة الفتاة التي ما تزال تبحث بها عن شيء، وهاجس داخله يخبره أنها تحمل سلاحًا لتقتله، لكن فجأة أخرجت الفتاة يدها من الحقيبة وهي تحمل زجاجة عطر، بخت منها على نفسها، ثم أعادت شعرها للخلف تردد ببساطة :
” تمام، أنا همشي دلوقتي عشان اتأخرت بعدين نكمل كلامنا، باي يا موذي ”
تشنجت ملامح معاذ بغرابة :
” موذي؟؟”
تنهد معاذ وهو يراقب رحيلها ولسانه حاله يستغفر الله لما يراه ويقابله كل يوم، حتى اخترق صوت زينب مسامعه تقول :
” تحب اشطب العيادة يا دكتور ”
هز معاذ رأسه بتعب :
” شطبي يا زينب شطبي، أما نشوف اخرتها مع الشغلانة دي ”
___________
مر يومين على تلك الأحداث، وقد تغيرت تصرفات معاذ كليًا، حيث أصبح يرفض قص أي قصة مما يحدث على سلمى، ولهذا أتت الأخيرة بنفسها له في عيادته فقط لتعلم سر تصرفاته الغريبة
دخلت سلمى العيادة الخاصة بزوجها تبحث يمينًا ويسارًا عن شيء يدلها على زوجها، حتى أبصرت زينب :
” لو سمحتي ”
رفعت زينب رأسها :
” أيوة اتفضلي متابعة ولا حالة جديدة ”
” لا ولا ده ولا ده، أنا بس جاية عشان اقابل دكتور معاذ و…”
نظرت لها زينب من أعلى لاسفل باستهجان وتهكم واضح في نظرتها :
” اه أنتِ بقى من فريق المعجبين بتوع الدكتور ؟؟”
” فريق معجبين ؟؟”
” اه البنات اللي بيجوا مخصوص عشان يشوفوا الدكتور زي اخر حالة اللي كانت عايزة تتجوزه تحت تهديد السلاح ”
أصدرت سلمى صوتًا غاضبًا وهي تضرب المكتب أمام زينب :
” نعم ؟؟”
رفعت زينب حاجبها بتعجب من تصرفاتها :
” ايه مالك مستغربة كده ليه ؟!”
” هو فين معاذ ؟!”
” هو جوه عنده حالة و..”
وقبل أن تكمل زينب حديثها، سارعت سلمة صوب المكتب تاركة إياها تنظر في أثرها بتعجب ..وقد اقتحمت المكتب على زوجها بهمجية
لينتفش معاذ من جلسته وقد اندهش لوجود زوجته في مقر عمله، بل ودخولها بهذا الشكل .
تحدث معاذ للرجل أمامه باحراج :
” تمام باذن الله هنتظر حضرتك في جلسة الخميس”
نهض الرجل وودعه ببسمة مع وعد بالقدوم مجددًا نهاية الأسبوع، وبمجرد خروج سارع معاذ صوب سلمى بقلق :
” سلمى حصل ايه ؟! فيه حاجة حصلت ؟!”
في هذا الوقت اقتحمت زينب المكتب وهي تردد باعتذار :
” معلش يا دكتور والله غفلتني ودخلت ”
ابتسم لها معاذ بسمة صغيرة وهو يوضح الامور لها :
” ولا يهمك يا زينب دي مراتي ”
اتسعت أعين زينب وهي تنظر لهما في صدمة كبيرة، هل قالت كل ما قالته أمام زوجته، ويلها ستفقد عملها بسبب لسانها…
” مرات حضرتك ؟!”
اماء لها معاذ دون فهم لسبب صدمتها ..
ابتلعت زينب ريقها وهي تردد بنبرة متحسرة عليه :
” طب يا دكتور أنا هخرج انا ربنا يتولاك، لا إله إلا الله ”
ولم يفهم معاذ سبب ركضها للخارج، وملامحها الشاحبة :
” مالها دي ؟!”
لكن وقبل أن يسترسل في افكار وجد سلمى تقترب منه جاذبة إياه نحوها وعينها تطلق رصاصًا حيًا، والغضب ينطق من كل خلجاتها…
” خليك معايا يا استاذ معاذ، يطلع ايه حوار نادي المعجبين بتوعك دول ؟!”
فتح معاذ عينه بصدمة وقال :
” نادي معجبين !! ايه اللي بتقوليه ده ؟!”
” مش انا اللي قولت، دي زينب اللي قالتلي ”
عض معاذ شفتيه بغيظ وقال :
” يا زينب يا اللي لسانك فالت ”
تنفس يحاول تهدأه نفسه، ثم ابتسم متحدثًا لزوجته :
” دي زينب بتحب تهزر عادي ياقلبي، قوليلي بقى جاية عشان ايه ؟! قصدي يعني ايه سبب الزيارة القمر دي ”
رفعت سلمى حاجبها :
” هو حرام اجي اشوف جوزي وهو بيشتغل ؟!”
” لا ياقلبي مش حرام بس انا استغربت مش اكثر”
أوضحت له سلمى سبب قدومها وهي تقترب منه تضم رقبته :
” اصلك بقالك يومين مش بتحكي ليا حكايات ودايما بتتوتر لما أسألك فحسيت أن فيه حاجة غلط فقولت اطب عليك اشوف فيه ايه ؟!”
ابتسم لها معاذ بحب ولم يكد يجيب، حتى انتفض الاثنان على صوت فتح الباب بعنف شديد، وكأن الداخل هو أحد أفراد فرقة مكافحة الشغب أثناء اقتحاد وكر إحدى العصابات…
ولم يكن الزائر سوى الفتاة نفسها والتي تلاحق معاذ منذ أيام بهوس ..
نظرت سلمى لتلك الفتاة باستنكار لاقتحامها مكتب زوجها بهذه الطريقة :
” ايه ده ؟! مين دي وازاي تعمل كده ؟!”
قال معاذ وهو يبتلع ريقه :
” دي الحاجة الغلط ياقلبي ”
__________________
دخلت سلمى المنزل وخلفها معاذ بعد معركة حامية خاضتها الاولى مع تلك الفتاة التي تلاحق زوجها، فعندما رأتها تقترب من معاذ ببسمة وهي تطلق عليه لقب تدليل مقزز كـ ( موذي ) اشتعل غضب سلمى وانقضت عليها ..
تحركت سلمى صوب غرفتها وهي تلقي بجسدها أعلى الفراش، والتعب قد نال مبلغه منها، تردد بانهاك شديد :
” اه ياني يا جسمي، جسمي انكسر ”
ألقى معاذ جسده جوارها يردد بانهاك مشابه :
” عشان تحسي باللي بعانيه كل يوم ”
نظرت له سلمى بفم ملتوي من التعب ليضمها معاذ يقبل رأسها بحنان قبل أن ينفجر في الضحك فجأة :
” كل ما افتكر منظر البنت وهي بتجري منك في العيادة اموت من الضحك”
” اه بس لو كانت وقعت تحت ايدي كنت قرقشتها بسناني ”
صمتت سلمى ثواني ثم اردفت :
” هي دي سبب أنك بقالك يومين مش بتحكي ليا حكايات ؟!”
” مكنتش حابب ازعلك، ثم إن مكانش فيه حالات احكيها ليكِ لأن معظمهم كان عندهم مشاكل بجد ”
تعجبت سلمى من كلمته تلك، ويبدو أنها لم تفهم شيئًا منها :
” حالات بجد ؟؟”
” أيوة ياقلبي، كل اللي حكيتوا ليكِ كان عشان أنا عارف إن أصحاب الحكايات دي مش مرضى نفسيين لا هما مجرد أشخاص مش عارفين يفرقوا بين المشاكل العادية والمرض النفسي، انما الناس اللي بتعاني فعلا من مشاكل عويصة زي الاكتئاب أو المشاكل الناتجة عن ماضي سيء عمري ما أخرج اسرارهم برة العيادة ولو ليكِ حتى، لأن دول ناس فعلا متأذيين وارواحهم بتعاني و وظيفتي اساعدهم مش اعملهم حكايات قبل النوم ”
أدركت سلمى مقصده، وقد ازداد قلبها فخرًا بزوجها ذو القلب الحنون واللطيف ذاك :
” أنت كويس اوي يا معاذ وانا بحبك ”
” ومعاذ بيموت فيكِ يا لوما ”
تنفست سلمى براحة شديدة تتكأ برأسها على صدره مستمتعة بمعزوفة قلبه أسفل أذانها، في تلك اللحظة كانت تشعر كما لو أنها في موطنها الوحيد :
” طب مفيش أي قصة عادية تاني زي اللي قولتهم !!”
ابتسم معاذ وهو بيضمها لقلبه أكثر، مستمتعًا بالدفء المنبعث منها :
” فيه قصة الشاطر معاذ اللي اتجنن من يوم ما شاف الأميرة سلمى، تحبي تسمعيها ؟!”
ضحكت سلمى وهي ترفع وجهها له تطالعه في هيام واضح ”
” احب اوي ”
ارتفع معاذ برأسه يطبع قبلة حنونة أعلى رأسها يردف بحنان :
” طب اسمعي يا ستي ……”
النهاية …..

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية يوميات طبيب نفسي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى