روايات

رواية أحببت فريستي الفصل السادس والعشرون 26 بقلم بسمة مجدي

رواية أحببت فريستي الفصل السادس والعشرون 26 بقلم بسمة مجدي

رواية أحببت فريستي الجزء السادس والعشرون

رواية أحببت فريستي البارت السادس والعشرون

أحببت فريستي
أحببت فريستي

رواية أحببت فريستي الحلقة السادسة والعشرون

_ حطام _
_ 26 _
زادت تلك الجلبة الرعب الي قلبها لتجد الأطباء يهرعون الي غرفته لتسد طريق أحدهم وتجذبه من مقدمة قمصيه الأبيض الطبي قائلة بقسوة وتهديد يناقض الدموع التي تنساب علي صفحة وجهها :
– المريض الي جوا ده لو حصله حاجة أنا هطربق المستشفى علي دماغكم وأجيب عاليها واطيها كلامي واضح ؟!!
اومأ لها الطبيب بمهادنة فبحالتها تلك تبدو غير طبيعية وعلي أتم استعداد لزهق روح من يقف بطريقها! لتدفعه بارتجاف ، وتعاود الجلوس برعب يتأكلها وجسدها يهتز بصورة مخيفة! لتنهض وتطرق باب العمليات صارخة بعصبية مفرطة :
– افتحوا الباب ده ! داني لازم يعيش وديني لقتلكم لو حصله حاجة !
اقترب حارس المشفى ليقول برسمية :
– لو سمحتي يا فندم مينفعش الي بتعمليه ده ابعدي عن أوضة العمليات الصوت العالي ده غلط علي المرضي !
لكمته بعنف ليقترب حارس أخر فتنهال عليه بلكمات عنيفة وكأنها تفرغ طاقتها به لتلتف نحو غرفة العمليات وتركل الباب بقوة لينفتح وتهرع للداخل لتجده ممد بجسد شاحب والأطباء من حوله لم تستمع لصرخات الطبيب الذي صاح باستنكار :
– ايه التهريج ده ؟ ازاي تدخلي أوضة العمليات كده ؟ الامن فين ؟!
– اقترب الطبيب ليمنعها لتلكمه وتدفعه جانباً لتقترب من الفراش وتهز جسده بانفعال :
– داني ! افق ! انا لن اسمح لك بتركي من تظن نفسك ؟! أيها الوغد اللعين لقد وعدتني بالا أفقد اماني ابداً اين وعدك واللعنة !
صرخت بصوت جريح حين تكابل عليها الممرضين ليضعوها أرضاً ويثبتوها لتصرخ بحرقة :
– وديني لأقتلكم يا *** سيبوني ! ابعدوا عني ! داااااانيال !
صرخت بصوت دوي في أرجاء المشفى ليغرز أحد الأطباء حقنة مهدئة في ذراعها لتضعف قوتها وما هي الا ثواني لتغمض عيناها وترتمي فاقدة للوعي إجبارياً ! ليتنفس الجميع الصعداء فتلك الفتاة حقاً بها شراسه لم يراها أحد من قبل ليهتف الطبيب بتعب :
– انهيار عصبي حاد ! دي كانت هتجيب أجلنا ايه الأنثى المتوحشة دي !
حملها الممرضون ليتجهوا بها الي أحد الغرفة ليلتفت الطبيب الي المريض الذي كانت تصرخ من أجله ويتأكد من مؤشراته الحيوية ليخرج من الغرفة ويتجه لمكتبه ويستريح بإنهاك لتقطع هدوءه تساؤل احدى الممرضات :
– معلش يا دكتور هي الحالة الي في العمليات دي استقرت ولا لسه تحت الخطر ؟
أجابها بتعب :
– يا ستي مكانش في خطر أصلاً ! المريض كان عنده صدمة شديدة وكان ممكن يوصل لأزمة قلبية بس لحقناه لأنه جه في الوقت المناسب !
قطبت جبينها باستغراب :
– الله ، طب ازاي يا دكتور دي المستشفى كانت مقلوبة ودكاترة المستشفى كلهم دخلوا العمليات علشان الحالة دي !
ليرد بملل :
– اصل اتضح ان المريض ده أجنبي ! ولو كان حصله حاجة كانت المستشفى هتتقفل فيها وكلنا هيتسحب مننا كارنيه مزاولة المهنة ونعد في البيت !
اومأت باستيعاب لتخرج وتقابل مجموعة من الممرضات صديقاتها لتسرد لهم كل ما اخبرها به الطبيب كعادتهم لتشهق احداهم بخوف قائلة :
– يا نصيبتي ! دانا افتكرت ان الحالة خطيرة والراجل بيودع وطلعت قولت كده للبت المفترسة الي كانت قاعدة برا وبعديها نزلت في الكل تلطيش وجالها انهيار عصبي دانا كده روحت في داهية !
لتجيب احداهم بخبث :
– يااختي ولا داهية ولا حاجة البت كانت عندها انهيار عصبي اكيد ماخدتش بالها من شكلك ، انتي بس روحي دلوقتي ومتجيش بكره احتياطي !
أومأت لتتجه لغرفة الممرضات غير عابئة بما فعلته كلماتها المعدودة بقلب تلك الراقدة لا حول لها ولا قوة…
*****
– ايه الهزار السخيف ده !
هتف بها “يوسف” بنبرة شبه غاضبة ليصدم بضحكتها الساخرة قائلة بتهكم :
– الله وانت من امتي بتتكلم جد يا چو ؟ ما حياتنا كلها هزار !
قطب جبينه من حالتها الغريبة ليقول باستغراب :
– انتي ازاي تكلميني بالأسلوب ده ؟
وصلته اجابتها ساخرة :
– من عاشر القوم يا يوسف باشا !
امسك رسغها قائلاً من بين أسنانه بتحذير :
– اتعدلي وانت بتكلميني ! وخليكي واضحة وفهميني في ايه ؟ وايه الي مغيرك كده ؟!
سحبت رسغها بعنف لتقول بابتسامة زائفة :
– السنة خلصت !
– مش فاهم ؟
– السنة ! انت مش كنت عامل حسابك علي سنة ؟ وبعدها ترميني رمية الكلاب ؟ انا حبيت اريحك واديني بقولك طلقني ! وبالنسبة لفلوس الفرح وشهر العسل انا مستعدة اديهالك شوف ليك كام ونتحاسب !
انقبض قلبه بقوة ليقول بتوتر :
– فلوس ايه وطلاق ايه ؟ جبتي منين الكلام ده ؟!
انسابت دموعها لتهمس بألم وعيناها تتوسل له ان ينفي ما تقوله :
– اتجوزتني سنة علشان تنبسط وبعدها تطلقني وكنت بتحطلي حبوب منع الحمل من ورايا علشان مجبش عيل والبسك في جوازة دايمة ! ده الكلام الي عرفته…قول انه كدب وانه محصلش وانا هصدقك ! قول ان حياتنا مكانتش مجرد تسلية !
نظر لها بضعف وعيناه يكسوها الالم ليهمس بتردد :
– أنا…ميرا…
قاطعته بتوسل :
– حصل ولا محصلش يا يوسف ؟
ليردف بحروف عبرت من منتصف قلبه قبل أن تصل لمنتصف قلبها! :
– كل الي قولتيه حصل ! بس والله انا…اتغيرت ولغيت فكرة الطلاق من دماغي وبطلت احطلك الحبوب دي من زمان !
أخفت انهياراً وشيكاً لتستعيد قناع القوة والجمود قائلة بنبرة مختنقة :
– تمام…انا هرجع شقتي القديمة وشوف هتبقي فاضي امتي علشان نروح للمأذون ونتمم اجراءات الطلاق !
جذبها ليضمها بين ذراعيه ويتشبث بها هامساً بألم :
– والله بحبك واتغيرت متسبنيش يا ميرا ! هعملك الي انتي عايزاه بس بلاش طلاق !
ابعدته بارتجاف وهي تقول بضعف وكأنها لم تسمعه :
– ارمي يمين الطلاق ! مهما كان احنا بينا عشرة وانت وقفت جمبي كتير فبلاش تخليني ألجأ للمحاكم انا مش عايزة اقف قصادك في محكمة يا يوسف !
– بحبك !
– متخلنيش اكرهك اكتر من كده !
– كانت غلطة !
– الحاجة الوحيدة الي كانت غلطة هي جوازنا وهنصلحها دلوقتي!
التقت عيناهم بلقاء ابلغ من الكلام كأنها تعاتبه علي كسرها وخداعها وعيناه تعتذر بصمت وتقسم بعشقه! لتهمس بخفوت متوسل :
– أرجوك طلقني ! متجبرنيش اعمل حاجة اندم عليها !
اغمض عيناه ليهمس بضعف وكأن روحه تخرج برفقة تلك الكلمة :
– انتي…طالق !
*****
تسللت أشعة الشمس الي الغرفة لتقشع الظلام فيعبس كلاهما بانزعاج ويتململا بضيق ، وما كادت تفتح عيناها لتنفض صارخة :
– نهار ابوك اسود انا بقيت هنا ازاي كده ؟!
كان يعلم انها تقصد كيف اتت بين ذراعيه ليقول بنعاس :
– بعيداً عن انتي الي جيتي نمتي هنا وفي حضني كمان لان انا مجبتكيش…انا بس عايز اعرف انتي اخت يوسف الحديدي بجد ؟! طب محدش خد باله انك ناقصة تربية ؟!
استشاطت غضباً لترد بتوتر غاضب :
– لو سمحت عيب كده ! انا…انا جيت فعلاً بس كنت نايمة بعيد…و…
ابتسم لملامحها الطفولية بوجهها الأحمر من الغضب والحرج معاً! ليقول بدعابة :
– طب يلا خلينا نروح زمان امي عاملة مناحة دلوقتي !
عبست ملامحها لتردف بقلق :
– انا بردو سايبة يزن ومازن مع الشغالة وزمانهم خايفين !
طمأنها بلطف :
– متقلقيش الاقي بس حتة فيها شبكة وهعرف اجيب حد يطلعنا من هنا !
*****
فتح جفونه بضعف ليري نفسه بغرفة بيضاء وجهاز التنفس الصناعي علي وجهه ليرفعه بتعب وينادي الممرضة بضعف قائلاً :
– منذ…منذ متي وانا هنا ؟
قطبت جبينها لتهتف في نفسها بحسرة :
– العلام حلو بردو مش كنت فهمت قال ايه وطلعتلي بقرشين حلوين جتنا نيلة في حظنا الهباب !
لتخرج من الغرفة وتطلب له احد الأطباء الذي جاء وبدا في تفحص اجهزته الحيوية قائلاً بابتسامة :
– بماذا تشعر سيد دانيال ؟!
رد بتقطع من بين انفاسه التي تخرج بصعوبة :
– أشعر…بـألم طفيف في قلبي…ماذا حدث ؟
اجابه بهدوء :
– لقد اوشكت علي الاصابة بأزمة قلبية لكن حمدلله انت الان بخير ويمكنك الخروج بعد بضع أيام…
تذكر ما حدث بالأمس وما علمة عن وفاة والده ليومأ بضعف وحزن عاد يحتل عيناه ليعود ويضع قناع الاكسجين لينتبه لحديث الطبيب :
– بالمناسبة…هناك فتاة اتت امس برفقتك…لا يمكنني وصف ما فعلته ! لقد ضربت اثنين من الحراس وضربت احد الأطباء فقط لتراك ! واصيب بانهيار عصبي وهي بغرفة مجاورة ومن المفترض ان تستيقظ بعد قليل…
اتسعت عيناه الزرقاء بصدمة ليهمس في نفسه :
– ليلي !
نزع القناع مرة اخري ليهمس بتعب :
– من فضلك…احضرها الي هنا قبل ان تفيق…ستسوء حالتها ان لم تجدني حينما تستيقظ…
لم يستطيع الطبيب إخفاء دهشته هو المصاب ومن كاد يموت اذا تأخر بضع دقائق ويقلق علي حالتها هي يبدو انه امام حالة عشق لا تتكرر كثيراً ليقول بتفهم :
– كما تريد سيد دانيال ستكون هنا قبل ان تفيق…
وبالفعل وضعوا سريرها بجواره ليشير لهم بالرحيل وتركهم ، ثم نهض بتعب واستلقي بجوارها وضم جسدها الصغير اليه مقبلاً جبينها بحب لتفتح عيناها بعد قليل لتجده بجوارها لتصيح بلهفة باكية :
– داني هل انت بخير ؟
لم يرد فقط زاد من ضمها ليصدم بها تقبل كل انشاً بوجهه هامسه بخفوت :
– ارجوك لا تجعلني اعيش ذلك الرعب مرة أخرى ! ليلي لا وجود لها بدون داني !
لاح شبح ابتسامة ليرفع يده ويدفن رأسها بكتفه هامساً بشرود :
– اهدئي صغيرتي…أنا بخير…انا اليوم أعترف انك محقة ليلي…آمالي تحلق حالياً واليوم اندثرت بين التراب ! عشت حياتي اتمني لقاءه واستعد لهذا اليوم…لا ادري ماذا حدث لكنه فقط حلم السنوات تحطم في لحظات…ويبدو ان هذا القلب اللعين لم يتحمل ذلك !
شهقت ببكاء هامسة بحزن :
– ارجوك لا تقل هذا ! تماسك لأجلي…أنا حقاً لا ادري ما يجب علي قوله لمواساتك…انا حبيبة فاشلة أليس كذالك ؟!
طبع قبلة رقيقة علي خصلاتها هامساً بحنان :
– وجودك بجواري يكفي…فقط وجودك !
ليهمس بمرح زائف حتي لا يجعلها تفكر كثيراً بحالتها ويستطيع اقناعها بالرحيل فيما بعد حتي لا يقلق أخيها :
– افقد وعيي لبضع ساعات فأجدكِ
كدتِ تحطمين المشفى رأساً علي عقب أيتها الشرسة !
ابتسمت بخجل وهي تخفي وجهها بكتفه كطفلة صغيرة أخطأت ليكمل بصرامة زائفة :
– أظن ان اظافرك بحاجة للقص قطتي البرية ! كيف لكمتي الطبيب واللعنة !
ضحكت قائلة :
– لا ادري ! لا اذكر سوي اني كدت اموت قلقاً عليكَ… تنهدت لتكمل بشقاوة :
– لكن لا بأس فانا افعل ما شئت فأبي لن يسمح لأحد بالاقتراب مني ابداً…أليس كذالك أبي ؟!
ضحك بضعف ليمرر كفه علي خصلاتها بحنان قائلاً :
– أبيكي سيقتل اي شخص يفكر فقط بإزائك صغيرتي…
*****
حطـام…أقل وصف لما فعلته بمنزلها منذ ان عادت اليه ، صرخت بجنون وهي تحطم المرآة فتتكسر الي قطع صغيرة ، مسحت دموعها بقسوة لتلتقط إحدى قطع الزجاج وتضعها بالقرب من كفها تحديداً علي وريدها لتصرخ بقهر :
– انا اكتفيت ! مش هقدر اتحمل حاجة تاني ! ليه كل الناس بتأذيني ؟! أنا عمري ما اذيت حد !
لتلعن في سرها وتلقي بقطعة الزجاج جانباً فمهما كانت قوية هي اضعف من ان تقتل نفسها وان تحمل ذلك الذنب العظيم ولكنها لن تستسلم للضعف والحزن لتهمس بتوعد عنيف والقسوة تندلع بعينيها المظلمة رغم العبرات المنهمرة :
– وديني لأندمك يا يوسف ! مش ميرا السويفي الي تتاخد تسلية وتقضية وقت !
*****
نفخت بضيق لتردف بتوسل :
– ابوس ايدك خليني اروح اطمن عليه !
نفي بجمود :
– مينفعش ! مش مسموحلي اخرجك برا الأوضة من غير اذن الباشا لو سمحتي ارجعي اوضتك تاني !
دلفت الي الغرفة بغيظ من ذلك الرجل الذي يبدو كالآلة التي لا تسمع ولا تري فقط تنفذ الامر! لتتنهد وتهمس بصدق :
– يارب نجيه ! ده راجل طيب…صحيح امريكاني وخواجة بس قلبه طيب ووقف جمبي…يارب يبقي بخير…ده اخر امل ليا في الدنيا المهببة دي…لو حصله حاجة كده عطوة هيلاقيني وهرجع لنفس العيشة المقرفة الي كنت فيها !
*****
جلسوا علي قارعة الطريق بانتظار السيارة التي ستأتي لتأخذهم ليقطع الصمت “إلياس” قائلاً بتساؤل :
– صح يا سارة هو تليفونك فين ؟!
اجابته بلامبالاة :
– طلعته واحنا بيضرب علينا نار…كنت ناوية أكلم يوسف يلحقني بس لما حودت جامد مرة واحدة طار من الشباك…يلا خد الشر وراح !
ليحمحم قائلاً :
– سارة هو انتي لما اتجوزتي كنتي قاصر ؟!
قطبت جبينها من سؤاله الغريب لتهتف باستغراب :
– لا كان عندي 22 سنة اشمعني ؟
اجابها ومازال مندهشاً :
– لا مفيش أصلك شكلك صغيرة اوي انا ساعات كتير بشك ان عندك عيال !
ابتسمت بخجل قائلة بلا تفكير :
– تسلم الله يعزك !
عضت علي شفتيها لتلعن في سرها تسرعها الغبي لتقول في سرها :
– يخربيت الدبش الي بيطلع مني في واحدة تقول لخطيبها الله يعزك !
ابتسمت له بسخافة وهو يطالعها بغرابة ويفكر في نفسه من هي حقاً تلك متعددة الأدوار فأحياناً يراها طفلة صغيرة خائفة تتشبث بكفه وأحياناً ام عاشقة لأبنائها وتحميهم من اي شر وحين أخر يراها امرأة رقيقة تخجل من كلمة مغازلة واحياناً امرأة شرسة قوية الشخصية! وبين هذا وذاك عالقاً هو وكأنها تسحبه بخيوط متينة لأعماق عشقها دون ان يدري…
*****
دخلت الي المنزل بخطوات حذرة لتجده شبه مدمر وكأن عاصفة دمرت أثاث المنزل! فاقت علي يده التي تشد خصلاتها بقسوة صائحاً بصوت جهوري :
– كنتي فين ؟! ردي عليا قبل ما ادفنك مكانك !
صرخت بألم من قبضته لتصرخ بغضب :
– ابعد ايدك عني ! خلينا نتفاهم من غير همجية !
ترك خصلاتها لتصدم بمظهره بشعره المشعث وعيناه الحمراء كالدماء وملامحه المرهقة فيبدو انه لم ينم منذ أمس لتقول بتردد :
– دانيال ابوه مات ودخل المستشفى من الصدمة فانا مكانش ينفع اسيبه ونسيت اكلمك من قلقي !
رغم علمه بوجود “دانيال” بمصر لكن لم يعلم بشأن والده ليصرخ بعصبية مفرطة :
– وهو مين علشان تروحيله ؟!وازاي أصلاً تخرجي من غير اذني ؟ انت فكراها وكالة من غير بواب ؟!
اندهشت من صراخه العال وعصبيته المفرطة لتقول بغضب :
– انت مكبر الموضوع اوي قلتلك دانيال في حكم خطيبي وتعب ازاي مروحش ازوره ؟! وكمان هو جاي مصر علشاني !
تنفس بغضب ليردف مسرعاً بلا تفكير :
– لالا انت خلاص عيارك فلت من بكره اول واحد يتقدملك هجوزهولك ! يمكن يقدر يعمل الي فشلنا فيه !
اتسعت عيناها بذعر سرعاً ما تحول لشرارات غضب لتقول بأنفاس غاضبة وتهديد :
– زمان كنت صغيرة ومقدرتوش تجبروني علي جواز من واحد قد ابويا تفتكر دلوقتي لما اتغيرت وبقي معايا حد بيحبني وهيقف جمبي هتقدر تجبرني ؟!
هتف بصوت لاهث بعدم فهم :
– راجل مين الي كنتي هتتجوزيه ؟! انا مش فاهم حاجة ؟!
اقتربت لتقول بنبرة مختنقة :
– مامتك من تلات سنين كانت هتجوزني لراجل غني عنده 50 سنة ! وابوك طبعاً كالعادة ميقدرش يعصالها امر!
نفي غير مصدقاً :
– مستحيل ! حتي لو كده انا اكيد مكنتش هقبل !
ابتسمت ساخرة لتهمس بتهكم :
– وانت كنت فين أصلاً يا يوسف ؟! سهرات وخروجات واخر دلع انت كنت في عالم تاني محدش كان فارق معاك كل همك فلوسك وسهرة حلوة والباقي في داهية !
وكأنها طعنته بكلماتها! يبدو انه حان موعد الحساب علي أخطاءه السابقة لتسترسل بشرود :
– وقتها مؤيد كان زميلي في الكلية ، دفعتله فلوس علشان يجي يتجوزني ويطلقني بعديها واقدر أهرب وفعلاً…وصلت لندن تخيل انت بقي واحدة 18 سنة معهاش غير شنطة هدومها ومبلغ صغير ميكفيش أوضة في فندق! ماشية في شوارع لندن هربانة من اهلها…وقتها قابلت داني وخدني القصر بتاعه بس والله ملمسني! بالعكس ده قدملي في الجامعة وساعدني كتير وعلمني ازاي ادافع عن نفسي! وطلب يتجوزني وبعد كده انت عارف الباقي…
توقعت ان يغضب…ان يثور…لكنه صدمها حين قبل جبينها بحنان قائلاً بنبرة فارغة :
– لما دانيال يبقي كويس خليه يجي يكلمني علشان نتفق علي معاد الفرح…يلا خلي بالك من نفسك !
قطبت جبينها بدهشة لتجده مغادراً لتمسك رسغه قائلة بقلق حاولت اخفاءه :
– انت كويس ؟! وفين ميرا ؟!
اجابها بشرود :
– طلقتها !
شهقت بصدمة قائلة :
– ايه ؟ طب ازاي ؟ وليه؟
امسك كفها يربت عليه قائلاً بنبرة متألمة :
– اصل انا دمرتها ! زي ما دمرتك ودمرت سارة…كان معاكي حق انتي عمرك ما هتوصلي ل*** انا اوحش بني ادم ممكن تشوفيه ! اعتبري ان اخوكِ مات ! مش هحاسبك علي حاجة بعد كده مش هحاسب حد ولا هقابل حد انا مش عايز اأذي حد تاني !
اشفقت عليه بحق فهي لم تره بذلك الضعف والانكسار من قبل لتقول بتوتر :
– طب…طب انت محتاج راحة شوية وكل حاجة هتبقي كويسة صدقني !
مسد علي خصلاتها بحنان تراه لأول مرة :
– انا مش عارف هغيب قد ايه بس محتاج ابقي لوحدي…الاحسن تروحي تقعدي مع سارة انتوا محتاجين بعض !
غادر مسرعاً بعد ان لمحت تلك العبرة اليتيمة التي شقت طريقها علي وجنته ، لتجد نفسها تبكي لألمه فيبدو كطفل فقد امه فاصبح تائهاً باحثاً عن دفئها وحبها الذي يغمره…قيل أن دموع الرجال كانهيار الجبال! وهو لم ينهار بل تحطم…حطمته ذنوبه القديمة لتسحب من قلبه بريق الحياة…
*****
دلفت بخطوات واثقة قوية بأحمر شفاهها الجذاب ذو اللون الأحمر الجريء وخصلاتها السوداء تعطيها هالة من القوة والجاذبية الي تلك الشركة لتسأل المساعدة :
– مكتب طارق المحمدي ؟
اشارت لها المساعدة بابتسامة :
– علي ايديك اليمين يا فندم…اتفضلي استاذ طارق في انتظارك !
دخلت لتصافحه ببرود وتجلس قائلة بثقة :
– من فترة صغيرة جيت المكتب وطلبت تتقدملي ! يتري عرضك لسه متاح ؟
اجابها مسرعاً رغم دهشته من جراءتها :
– اه طبعاً…بس ازاي مش حضرتك متجوزة ورفضتي عرضي وقتها ؟!
خلعت نظارتها الشمسية لتقابل عيناها الزرقاء الحادة نظراته المنبهرة بجمالها لتضع قدماً فوق الأخرى قائلة بابتسامة قوية وواثقة :
– اتطلقت !

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أحببت فريستي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى