قصة سيدنا يوسف عليه السلام الجزء الأول بقلم شيماء هاني شحاتة
قصة سيدنا يوسف عليه السلام الجزء الأول
«قصة سيدنا يوسف عليه السلام»
لم تر الأرض ومن عليها مثل جمال سيدنا آدم ومن بعده سيدنا يوسف..
ولم يكن سيدنا يوسف جميل الخلقة فقط، بل رزقه الله أيضا جمال الدين والخلق..
يوسف ابن يعقوب ابن اسحاق ابن ابراهيم عليهم السلام جميعا
كان له أحد عشر أخا من الذكور، ولكن تميز يوسف عنهم برقة القلب وحسن الخلق جعل يعقوب أبيه يميزه عنهم بحبه الشديد له!!
حتى أن اخوته قد جلسوا يخططون ويتآمرون للتخلص من يوسف من شدة غيرتهم وحقدهم عليه..
كان سيدنا يوسف عليه السلام نائما فى سلام، حين رأى فى المنام أحد عشر كوكبا، والشمس والقمر، جميعهم يسجدون له!!
ولما استيقظ يوسف حدث والده عن تلك الرؤية، فما كان من يعقوب إلا أن حذر يوسف ألا يحكى رؤياه لإخوته أبدا..
وقرر إخوة يوسف تنفيذ خطتهم للتخلص منه، فذهبوا إلى أبيهم قائلين: “لماذا لا تأمنا على يوسف فتتركه يذهب معنا غدا فى رحلة الصيد، حتى يلعب ويمرح معنا!!؟
لم يطمئن يعقوب لطلبهم، لعلمه بغيرتهم الشديدة من يوسف وكان كمن علم بخطتهم للتخلص من أخيهم، فقال لهم: “إنى ليحزننى أن تذهبوا به. وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون”
فتصايح إخوة يوسف فى استنكار: “كيف تخاف أن يأكله ذئب من بيننا ونحن أحد عشر مجتمعين!!؟”
ومع إلحاحهم على طلبهم، ووعدهم لأبييهم بأن يحافظوا عليه، سمح لهم سيدنا يعقوب باصطحاب يوسف معهم..
وذهبوا الى مكان بعيد، وأجمعوا رأيهم أن يلقوا به فى بئر عميق، وأخذوا قميص يوسف ولطخوه بدماء أحد الخراف التى ذبحوها، ثم رجعوا إلى أبيهم..
قالوا له: “يا أبانا ذهبنا نتسبق (نتسابق)، وتركنا يوسف عند متاعنا، فأكله الذئب”
وأكملوا كلامهم قائلين: “نعلم أنك لن تصدقنا، ولكن هذا هو حقا ماحدث!!”
رأى يعقوب قميص يوسف الملطخ بالدماء، فلاحظ أن القميص سليم وغير ممزق، فتسائل كيف للذئب أن يأكل يوسف، بينما قميصه لم يتمزق!!؟
فقال لهم أعلم أنكم فعلتم به أمرا أخر ولكنى سأصبر والله المستعان
“وَجَاءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ ۚ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا ۖ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ”
لم يمت يوسف، وظل جالسا فى البئر حتى مرت قافلة تريد أن تشرب، فأرسلوا بعض الرجال، وأدلوا الدلو الى البئر ليحملوا فيه المياه..
تعلق يوسف فى الدلو، وحين سحبه الرجال، إذا بأجمل غلام رأته أعينهم..
قرر الرجال أن يبيعوا يوسف كعبد فى السوق عند وصولهم الى مصر..
وعندما وصولا باعوا يوسف بثمن رخيص، جهلا منهم بقدره الكريم، باعوه إلى قائد الجيش ورئيس الوزراء، وقد كان يطلق على هذا المنصب اسم “عزيز مصر”
وأخذه العزيز وكان يسمى “بوتيفار”، أخذ يوسف إلى زوجته قائلا لها: “أكرمى هذا الغلام، فسنربيه ليكر، عسى أن يكون فى مثل مكانة الابن لنا”
مرت الأعوام وكبر يوسف فى بيت العزيز وصار شابا شديد الجمال، ليس هذا فحسب، بل إن يوسف قد أثبت للعزيز على مدى السنين أمانته ووفائه وتفانيه، حتى ركن العزيز إلى يوسف وصار محل ثقته..
وفى ذل الوقت كانت زوجة العزيز “زليخة” تزداد حبا وشغفا بيوسف بمرور الايام..
حتى لم تتمالك نفسها فى يوم وقررت أن تراود يوسف عن نفسه، أى أن تدعوه إلى فراشها..
وكان يوسف على وشك أن يستسلم لإغوائها له، حتى أن صار على فراشها، وأوشك أن يزنى بها، إلا أنه رأى البرهان، فانتهى عن ارتكاب مثل تلك الخطيئة العظيمة، وجرى مسرعا ناحية الباب ليخرج، وهى تلاحقه لتعيده..
ولكنه وجد العزيز عند الباب..
فقال يوسف بسرعة: “هى راودتنى عن نفسى”
وقد كان لزوجة العزيز ابن خالتها وهو طفل رضيع فى المهد، فأنطقه الله بالحق وبأنها زليخة هى المذنبة “وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا “
ودلهم الطفل الذى أنطقه الله على اثبات براءة يوسف: ” إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (26) وَإِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ (27
فان كان قميص يوسف قد قطع من الخلف، إذن هى من كانت تلاحقه وكان هو يجرى منها فقطع القميص من الخلف..
وان كان القطع فى قميص يوسف من الأمام، فتفسيره ان يوسف هو من راودها وكان مواجها لها، وانها حين حاولت منعه والهرب منه قد قطعت قميصه من الامام..
فَلَمَّا رَأَىٰ قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ ۖ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ
ظهرت براء يوسف وانتشر خبر أغواء امرأة العزيز له فى المدينة ۞ وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ ۖ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا ۖ إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ
فقررت امرأة العزيز أن تبين لهم سبب شغفها بيوسف عليه السلام، فأرسلت تدعوهم، ووزعت عليه الفاكهة، وأعطت كل واحدة منهم سكينا لتقطيع الفاكهة!!
وحين مر بهم يوسف، التفتت إليه النساء المجتمعات، وجرحن أيديهن دون أن يشعروان من شدة جمال محيى يوسف عليه السلام
فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ ۖ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَٰذَا بَشَرًا إِنْ هَٰذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ (31) قَالَتْ فَذَٰلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ
وهكذا أوضحت امرأة العزيز سبب شغفها به، وتوعدته إذا لم ينفذ طلبها قالت: وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ
وهنا فضل يوسف السجن على أن يعصى ربه وينصاع لامرأة العزيز
قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ۖ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ (33) فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
دخل يوسف السجن وهو برئ لم ينب أو يسئ..
وكان يوسف مستمر فى دعوته الى الله أثناء فترة سجنه..
وكان معه فى السجن خباز الملك وساقى الخمر..
وشاهد الخباز حلما فى المنام أن الطير تأكل من رأسه..
أما الساقى فرأى حلما هو الإخر بأن الملك يتناول منه خؤوس الخمر ليشربها..
ذهب الرجلين إلى يوسف طلبا لتفسير حلم كل منهما
ففسر يوسف حلم الأول بأنه سوف يصلب وسوف قف الطير تأكل من رأسه بعد أن يموت، وفسر حلم الآخر أنه سوف يخرج من السجن ويعود الى خدمة الملك، والعمل فى سقايته..
وطلب يوسف من الساقى أن يذكر قصة يوسف للملك، عشى أن ينزع عنه الظلم ويخرجه من السجن!!
تحققت رؤيا الرجلين كما فسرها يوسف تماما، ولكن الشيطان أنسى الساقى وعده ليوسف بأن يذكره عند الملك..
وظل يوسف سجينا لسنين أخرى..
يتبع الجزء الثاني من قصة سيدنا يوسف عليه السلام …
لقراءة الجزء التالي : اضغط هنا
لقراءة جميع قصص الأنبياء اضغط على : (مجموعة قصص الأنبياء)