رواية حب فوق الغصون الفصل الخامس عشر 15 بقلم سارة نيل
رواية حب فوق الغصون الجزء الخامس عشر
رواية حب فوق الغصون البارت الخامس عشر
رواية حب فوق الغصون الحلقة الخامسة عشر
«حُــب فــــوق الــغــــصــون»
*الـحـلـقـة الخامسة عـشـر* ’15’
-الــــخــــــاتـــمـــة- ج3
نسمات الفجر الباردة ضربت وجهها برِقة لتخلق بداخلها الحماسة والشغف تجاة الحياة..
أغمضت أعينها وثمة إبتسامة راضية لاحت على فمها وهي تسحب قدر لابأس به من الهواء…
– مرحبًا أيها الصباح، لديَّ انتماءٌ نحوك وكأنك تشرق من أعماقي، .. صباح الخير..
رددت غصون وهي تقف بالشرفة بعدما أدت صلاة الفجر بنشاط، تحب رؤية نسمات الفجر وتتمتع ببركاته وتلفح نسماته الباردة وجهها..
جلست على مقعد مريح ثم فتحت مصحفها وهمست بشغف:-
– يلا من بدري كدا أقرأ سورة البقرة علشان أبدأ يومي بنشاط لأن اليوم مليان جدًا.
وبالفعل قرأت وانتهت من القراءة ثم جلبت لوحة كبيرة بيضاء وشرعت في عمل تصميمٍ ما بعد أن رددت أذكار الصباح لتشعر أن لديها طاقة تهزم جبال.
قاربت الساعة من الثامنة فخرجت من غرفتها وبدأت تُجهز الإفطار ورصته سريعًا على المائدة.
– يا صباح الخير، أيه سر النشاط ده يا ترى.
– بقى كدا يا هدهد يعني متفتكريش مني حاجة حلوة.
– لا من ناحية الفطار بالذات إنتِ ناسية أمينة إللي معظم الأيام بتاخدي فطارك من عندها والأيام إللي بتكسلي بتصومي يا عيون أمك.
– أمهات بتفضح ولادها استروا من في الأرض يستركم من في السماء يا هدهد .. عموماً يا ستي أنا معنديش شغل وقاعدة النهاردة للتصاميم وكدا فَمش مستعجله قولت أعملكم فطار ملوكي من بين إيديا الحلوة دي..
جلست والدتها على مقعد حول المائدة، وقالت بمرح:-
– طب ربنا يستر بقاا .. وبعدين يا مفترية ملوكي أيه محسساني إن كنت بتعملي عزومة .. دي جبنة وبيض بالبسطرمة وشوية طماطم وخيار ومعلقتين مربي جبتيهم من البرطمان .. يا خيبتك يا هدى في خلفك.
– شوفوا خيراً تعمل شراً تلقى .. وبعدين نسيتي تقولي البطاطس المقلية ولا هي مش من ضمن الفطار .. ظلماني كدهون عالطول يا هدهد.
– الصبر من عندك يارب..
– ليه المناكفة دي من الصبح يا قطة إنتِ وهي..
التفتت غصون لوالدها فابتسمت قائلة:-
– صباح الخير يا عبدو .. عاجبك مراتك كدا قايمة حامية عليا ومش عاجبها فطاري..
انحنى والدها على رأسها مُقبلًا إياه وقال بينما يجلس:-
– صباح الورد على أجمل غِصن في الوجود، أنا أكل من إيدك ولو عيش بملح يا ست البنات..
ابتسمت غصون بإتساع ونظرت لوالدتها بغيظة مُرددة:-
– ربنا يباركلي فيك يا عبدو دايمًا رافع من معنوياتي…
قالت هدى بتذمر:-
– بطلوا كلام وافطروا وانتوا ساكتين..
نظرت غصون لوالدها وقالت بمزح:-
– اللاه هدهد شكلها زعلت وبتغير يا حج عبدو..
ابتسم والد غصون ثم أمسك بيد هُدى بوِدْ وقبلها بتقدير وهتف:-
– دا أم غصون الخير والبركة ونوارة البيت ربنا يباركلنا فيها دي تاج على راسنا يا غصون..
اماءت غصون رأسها مبتسمة بسعادة فكم تعشق هذا الوِد والمودة القائمة بين والديها، وقفت وسارت بإتجاه والدتها ثم عانقتها من ظهرها وقبلت رأسها وقالت:-
– دي نور عيني وتاج على راسي ونعمة من ربنا عليا أمي حبيبة القلب وطمأنينة أيامي..
وإنت يا بابا سندي بعد ربنا سبحانة وتعالى بحبكم وربنا يباركلي فيكم ولا أرى فيكم مكروه أبدًا يا غوالي..
هي ابنتهم الوحيدة وفرحة أيامهم وعوضهم بعد صبرٍ طويل، جاءت بعد أيامٍ عُجاف لتكون مُختلفة عن الجميع بصفاء ونقاء قلبها، أضافت لأيامهم بهجة ولُطف مُخصص بها فقط..
حاوطها كُلا من أبيها وأمها بأحضانهم الحانية فإنها ترى النعيم بأم عينيها حينما يحاوطها دفء أحضانهم..
– تعرفوا حضنكم دا ميتقدرش بتمن، الحنية إللي بحسها منكم وإللي مغرقني بيها مهما كانت ظروف الأيام والواقع المحيط بينا كفيلة إنها تمسح على قلبي وتشحني طاقة ملهاش حدود.
تعرفوا لما اتجوز ويبقى عندي بنت هحضنها عالطول وهغرقها حنان كل يوم هاخدها في حضني وأمسح على شعرها، متعرفوش البنت بتبقى محتاجة قد أيه تحسّ بالحنان والحنية من أمها وأبوها بجد بتفرق أووي .. شعور إنك تلاقي حد حنين عليك دا ملهوش حدود ومش يتعوض بكنوز الدنيا كلها لأن الأمومة والأبوة مش أكل وشرب ولبس بس والله الإحتواء أهم وبعد كدا ربنا بيرزق .. وبردوه هحضن ولادي بردوة زي البنات..
مسحت والدتها على رأسها وقالت بحنان:-
– أمي الله يرحمها كانت معايا كدا وعلمتني كدا بردوة، ربنا يزيدك يا غصون تعرفي يا بنتي أهم حاجة في الإنسان عقله، العقل لما يتحكم فيكِ ويبقى هو القائد بتاعك بتقل أخطائك والتأني عمره ما هيخسرك حاجة هيخليكي تكسبي كتير..
– عندك حق يا ماما كلامك صح، بتعلم منك كتير ونصايحك دي نُصب عيوني..
ربت والدها على كتفها وقال:-
– فخور بيكِ يا غصون ربنا عوضني فيكِ عوض كبير أووي يا بنتي..
– أنا إللي محظوظة بيكم يا بابا، ربنا يديمها نعمة عليا..
كادت والدتها أن تسألها ما تشعر تجاة “عُدي”
لكن رنين هاتف غصون اللحوح جعلها تبتر كلامها..
عقدت غصون حاجبيها وهرعت نحو الهاتف فوجدتها ‘أروى’
أجابتها غصون:-
– السلام عليكم..
– وعليكم السلام، غصون كنت عايزة أقولك على موضوع كدا ضروري..
– خير يا أروى.. اتفضلي طبعًا.
قالت أروى بتردد:-
– أحمد يا غصون مش كنت قولتلك إنه في العناية وحالته صعبة..
شعرت غصون بالقلق وأعتقدت أنها ستخبرها بأنه قد فارق الحياة فتسائلت بوجل:-
– ماله يا أروى .. حصل حاجة.؟
– طالب يشوفك يا غصون.. بصعوبة قدروا يفهموا هو بيقول أيه .. وأهله حاولوا يوصلولك وجم هنا الشركة وطلبوا يقابلوكي لكن المهندس عُدي قالهم إنك سيبتي الشغل وهما قالوا إنهم لازم يوصلولك وحكوا الموضوع فقولت أقولك..
صمتت غصون وشردت بعيدًا فقالت أروى وقد شعرت بأنها سترفض فقالت تقنعها:-
– أنا عارفة إن من حقك تقولي….
قاطعتها غصون قائلة بحزم:-
– عنوان المستشفى أيه يا أروى!..
******************
٠•✦||ــــــــــــــــــ بقلم/سارة نيل ــــــــــــــــــ||✦•٠
بعد مرور ساعة كانت غصون تدخل المشفى مُسرعة لتقابل أروى في الإستقبال..
– هو فين يا أروى..
– فوق في العناية حالته صعبة أووي يا غصون ربنا يتولاه..
– طب يلا بينا..
صعدت غصون برفقة أروى حيث العناية المركزة لتقف مصدومة حينما رأت ‘عُدي’ أمامها، شعرت بالتوتر بعض الشيء، فلماذا هو هنا يا تُرى، من الممكن أنه أتى للعمّ سيد فالمشفى نفسها التي بها ‘مِسك’، لكن بصوت خفيض ألقت السلام:-
– السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
هرول أهل أحمد تجاهها وقال والده بإمتنان:-
– شكرًا يا بنتي إنك جيتي .. حقك علينا يا بنتي كلك ذوق..
ثم ناد الرجل على المُمرضة بلهفة:-
– يا بنتي .. أهي غصون جت أهي دخليها بقى الله يباركلك..
ابتسمت الممرضة لغصون بهدوء وقالت:-
– إنتِ بقى غصون .. المريض مش مبطل يهلوس بإسمك وعايز يشوفك ضروري..
قبض عُدي أنامله بقوة حينما سمع هذه الجملة واشتعل صدره بغيرة تكوي ضلوعه لكن ظل مُتماسك لأجل الوضع الماثل وبالأخير الممرضة ستبقى بالغرفة وسيظل هو خلف الزجاج..
دخلت غصون مع الممرضة التي أخذت تجهزها ثم دخلت الغرفة الهادئة إلا من صوت الأجهزة الطبية والأنات الصادرة من هذا الجسد..
بخطوات مرتعشة وقلب تعالت نبضاته اقتربت من موضعه لتجده مغطى بالأسلاك والضمادات الكثيرة..
أدرك أن أحد بالغرفة وبصعوبة شديدة التفت واستطاع برؤيته المشوشة أن يميزها ليهمس بتقطع:-
– غصو..ن … غص..ون..
ادمعت أعينها للحال الذي وصل إليها وهي تراه ضعيف عاجز حتى عن التحدث بعد أن كان لا يترك فرصة لإهانتها..
أبعد الماسك من على فمه وقال بلهاث ليخرج صوته متهدج:-
– شكرا إنك جيت..ي … إنتِ أحسن .. مني .. أنا بطلب منك وطمعان في طيبتك وكرمك … سامحيني يا غصون
. أنا آسف حقك عليا .. سامحني قبل ما أقابل ربنا .. بطلب منك السماح علشان ربنا يسامحني في كل إللي عملته في حقك .. عارف إن أهانتك كتير وعملت .. خطط كتير علشان ألطخ سمعتك .. عارف إن مستحقش بس إنتِ أحسن مني..
أنا آسف سامحيني .. سامحني..
دي النهاية .. سامحني قبل ما أقابل ربنا واطلبي منه يسامحني وادعيلي أنا عارف إن قلبك طاهر..
كان يتحدث بصعوبة شديدة وبالكاد يتمالك نفسه أما غصون فكانت تبكي دون توقف..
أحمد يترقب بلهفة أن تتحدث ومن بالخارج لا يختلف عنها وقد يأس الجميع من أن ينجو..
وأخيرًا هتفت غصون من بين دموعها:-
– هتبقى كويس متيأسش من رحمة ربنا .. ربنا قادر وكبير أووي..
– كل إللي عايزة … تسامحيني يا غصون .. دا كل إللي بقيت عايزة وطمعان فيه..
– مسامحاك يا أحمد ومن غير حتى ما تطلب .. ربنا بيسامح وأنا مين علشان مسامحش .. ربنا يسامحنا جميعًا..
نطق بفرحة واضحة:-
– بجد .. يا غصون .. يعني مفيش في قلبك أي حاجة من ناحيتي ..مفيش أي زعل جواكِ..
– مسمحاك ومفيش أي حاجة جوايا .. وهتبقى كويس إن شاء الله…
ابتسم برضا ثم قال وهو يُغمض عينه وتراخت أعصابه:-
– معتقدش يا غصون … ابقي ادعيلي..
وانطلقت صفارات من الأجهزة المُحيطة لتقف غصون مصعوقة مما ترى للمرة الأولى بحياتها، أسرع الأطباء للداخل يفحصون الأجهزة وأحمد الذي سقط في عالم أخر..
سحبتها الممرضة دون أن تشعر وهي منهارة لا تشعر بما حولها ولا تفعل سوى البكاء، ثار الجميع ودب الهرج حول الغرفة من أسرة أحمد..
استقبلتها أروى تهدأها وتحتضنها .. بينما عُدى فكان يقف يشاهدها بتخشب غارقًا في الحيرة وتساؤلات تعج داخله..
لماذا تبكي الآن!!
ما سبب هذا البكاء لأجل هذا الرجل؟!
أيُعقل أن يكون أنها….!!!
هزّ رأسه نافيًا هذا الهاجس بقوة هامسًا بصدمة رافضًا لتلك الفكرة:-
– مُــــــســـــــــتـــــــــحـــــــيــــل!!!!
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط علي : (رواية حب فوق الغصون)