رواية روجيندا الفصل الأول 1 بقلم فاطمة عبدالمحسن
رواية روجيندا الجزء الأول
رواية روجيندا البارت الأول
رواية روجيندا الحلقة الأولى
تجلس بينهم على مائدة الإفطار، تمضغ الطعام بسرعة تود لو تهرب من بينهم، لا تحب مجالستهم دومـًا ما تلوذ بالفرار إلى غرفتها.
سلوى”الأم”: كلي براحه أنتي عامله زي اللي بيجري وراها حد كدا ليه
سامر ”الأب” بتهكم: لا وأنتي الصادقة هي عايزة تقوم بسرعه وتدخل الصومعه بتاعتها”الصومعه أو الخُن في لغة والدها تعني غرفتها”
أبتعلت ريقها بصعوبة وهي تنظر لأبيها ولم تستطع الرد
فقالت يُسريه”أختها الكبرى”بخبث تتعمده خصوصـًا أمام أخيها الأكبر”حاتم”: دي مبتخرجش من الأوضة خالص وعلى طول ماسكة التلفون ولما بدخل أنام بتمسكوا تحت الباطنيه كمان
نظر لها حاتم قائلـًا: مش قولت مليون مرة تقعدي معاهم مش في أوضتك، هو مفيش سمعان كلام خالص كدا
روجيندا بصوت مهزوز: أنا بحب أقعد في أوضتي عادي ومقص..
قاطعها الأب قائلـًا: مفيش حاجه أسمها بتحبي أحنا هنا اللي نقولك تعملي إي ومتعمليش إي أنتي هنا بتمشي على هوانا أحنا
الأم بطريقةٍ عدائية: أنا معرفش أنتي إيه لزمتك في البيت أصلـًا، طول النهار في أوضتك وقافله الباب عليكِ لحد ما هيجي يوم أكسروا فوق دماغك
حاتم بهدوء نوعـًا ما: خشي هاتي تلفونك وأفتحيه قدامي
ابتلعت ريقها بخوف ويُسريه تنظر لها بشماته
ثم ذهبت وأحضرت هاتفها وأعطته لأخاها
أمسك حاتم الهاتف وظل يتنقل بين مواقع التواصل الإجتماعي الخاصة بِـروجيندا وفتح الواتساب ليجد أول ما يقابله محادثة مع شخص ما يُدعى”أنا”
فـسألها: مين اللي مسجلاه”أنا” دا
أبتلعت ريقها بصعوبة قائلة: حاجة خاصة بيا
حاتم بغضب: نعم ياختي، مفيش هنا حاجه خاصة بيكي، اي حاجه نتدخل فيها
ثم فتح المحادثة.. وبعد قليل من الوقت
قال بتهكم: آه بتكلمي نفسك يعني والله ضحكتيني
وبدأ يتنقل بين الملفات حتى وجد ملفـًا بعنوان”رواية أنت لي”
فأمسكها من شعرها سريعـًا وصاح بغضب: روايات تاني، كام مرة قولتلك مشوفش روايات عندك
روجيندا بخوف ولكن حاولت أن ترد بقوة: فيها إيه دي رواية وأنا حرة و…
قاطعها بصفعة مدوية وهذا جعل أمها تبتسم بفخر وتهتف قائلة: ايوة أديها فوق دماغها
وصاح أباها: قال حرة قال معندناش هنا حد حر
فحاولت أن ترد قائلة بضعف: أيوة أنا حرة مش عبدة
فتلقت صفعة أخرى وصاح حاتم هذة المرة: لا أنتي عبدة هنا تحت رجلين أبوكي وأمك وهاتي الزفتت دا مش هتاخدي لحد ما تتظبطي، قال روايات ورومانسية قال غوري من وشي
ثم دفعها أرضـًا وصاح مجددًا: مش عايز ألمحك قدامي أمشي على أوضتك
تحاملت على نفسها ونهضت بتثاقل،صعدت الدرج ودلفت لغرفتها، لتشهق ببكاءٍ وعيناها معلقتان بسقف الغرفة، تناجي ربها”اللهم الخلاص من هذا الجحيم”
______________________________________
ليلـًا وصل إلى قصره
كان يصعد السلالام بهدوءٍ شديد كي لا يشعر بهِ أحد؛ ولكن فجاءةً أضاءت الأنوار وسمع صوت والده يقول: لحد أمتى هتفضل كدا؟ لحد أمتى هتعذب نفسك وروحك بالشكل دا؟
ألتفت ببطء وعينان خاويتان ثم أردف بهدوء: وأنا بعمل إي يا بابا؟ شايفني بشرب ولا بعمل حاجه غلط، أنا يدوب بشوف شغلي
رد والده بعصبية طفيفة: شوف شغلك ومالو بس متدفنش نفسك جوا الشغل وتلغي حياتك كلها وترجع تقولي بشتغل لا ياحبيبي أنت بتموت نفسك بالبطيء وأنت المسؤول قدام ربنا على اللي أنت فيه دا
ثم أضاف بحنو لا يخلو من العتاب: يابني أمك دي ذنبها إي تشوفك كدا، ذنبي أنا إي وأنا شايفك بتدفن نفسك وحاسس بالعجز واني مش قادر أقدملك اي شيء، دي مش أخر الدُنيا يابني اللي حصل معاك مش سهل آه لكن متوقفش حياتك عشان واحدة زي دي متستاهلش و..
قاطعه غيث بغضب: لا يابابا حضرتك فاهم غلط انت فاكر إني زعلان عليها؟ لا يابابا أنا زعلان على نفسي اني بقيت قدام الناس مغفل كدا، وان سيرتي بقت على كل لسان عشان واحده **** زيها
انا زعلان عشان مصدقتش احساس امي ومشيت من دماغي وطلعت غبي بالشكل دا
بابا أرجوك نقفل الموضوع دا خالص وسيبني هي فترة وهتعدي وهرجع طبيعي متقلقش
تنهد والده بقليلٍ من الضيق وأردف قائلـًا: هنشوف ياغيث هنشوف أتمنى فعلا تبقى فترة زي ما بتقول وتخلص على خير وترجع وسطنا وحياتك كمان ترجع طبيعيه
أؤما بهدوء قائلـًا: ان شاء الله يابابا، يلا تصبح على خير
______________________________________
في صباح اليوم التالي
أستيقظ غيث على صوت المنبه
فنهض وهو يجرُ قدماه ببطء كـقائدٍ مات كل جنوده، ذهب إلى المرحاض ليغتسل، وبعد أقل من النصف ساعة كان يهبط السلالام بسرعة كي لا يلتقي بأيٍ من ساكني المنزل، ولكن الحظ لما يحالفه ليتفاجأ بـريم-أخته الصغيرة-وهي تهرول إليه وتصرخ بفرحة: غيث وحشتني اوي مبقتش أشوفك خالص
ثم قالت بحزن: كدا يا غيث أهون عليك دا حتى أحنا صحاب مش مجرد أخوات
أبتسم لها غيث بهدوء ومسح على حجابها قائلـًا: حبيبتي عارف أني مقصر معاكي بس هي فترة وهتعدي صدقيني وبعدها هتلاقيني جنبك ديمـًا
ثم خطى مبتعدًا عنها ولكنها لحقت به وأمسكت بذراعه قائلةً برجاء: طب عشان خاطري تعالى أفطر معانا، أنهاردة بس بالله عليك
زفر ببطء وقال: حاضر ياريم
فصفقت بيداها وهي تبتسم بسعادة
بعد قليل أنضم كل من في المنزل إلى مائدة الإفطار وأخر من وصل كانت فاطمة والدة غيث وريم
وما إن رأت ولدها يجلس بينهم حتى تهللت أسريرها وذهبت تضمه وتقبل رأسه قائلةً بحنوها المعتاد: حبيبي أخيرًا شوفتك قاعد معانا، أنا أسفه يابني على كل اللي حصل وإني مقدرتش أمنع عنك الأذى دا، أنا..
حمحم مصطفى”والد غيث”وقاطعها قائلـًا: اقعدي يابطوط بقا أفطري وسيبي ابنك يفطر براحته ومتقلبيش في الدفاتر
نظرت له بلوم وعتاب فأمسك بيدها وأجلسها إلى جواره وقبل يدها قائلـًا بخفوت: أسف ياحبيبتي والله بس مش عايزه يندم على قعدته معانا، خليه يخرج من الشرنقه اللي حابس نفسه جواها دي
ثم قبل يدها مجددًا
ليصدح صوت”مراد” مشاغبـًا إياهم: جرا إي يابوص راعي مشاعرنا أنت وبطوط شوية مش كدا
نظر مصطفى إليه شزرًا وقال: كل وانت ساكت ياض بكرا تتجوز ونشوف هتعمل اي
غيث بإبتسامة هادئه: مفيش حد هيجي زيك أنت وبطوط يابابا
فأبتسمت فاطمة إلى أبنائها الثلاثة وقالت: بكرا هفرح بيكم واحد واحد وأشوفكم انتوا وكريم”إبن عمتهم” متجوزين وفرحانين بيبتكم وعايلكم
صاح كريم هذه المرة قائلـًا: لا ياست الكل بلاش أنا مش ناوي جواز حلو اوي اللي أنا فيه دا رضا ومبسوط مع ملوكتي ومش عاوز غيرها ولا اي ياملوكة
فقالت ملاك”والدته”: مين قالك كدا انا عاوزه اخلص منك ياحبيبي واشوف عيالك دا انا ما هصدق واحده تاخدك مني اصلـًا
ضحك مراد بشماته: أهو تستاهل عشان ترد كلمة بطوط قالتها.
مصطفى بحزم مصطنع: بطلوا زن وأفطروا وأنتوا ساكتين، عندنا شغل كتير في الشركه.
فألتفت الجميع إلى طعامه ولم تخلوا المائدة من بعض المشاغبات بين مراد وكريم وغيث يجلس بسكون مستمعـًا إليهم وتلوح على شفتيه إبتسامه بين الحين والأخر
______________________________________
ظُهرًا كانت روجيندا تدلف خارج محاضرتها وبجانبها صديقتها المقربة لمى، كنتا على غير عادتهما صامتتان، وانتهى صمتهم بصرخه لمى الفزعه حينما وجدت روحيندا تتسطح على الأرض من أثر الإغماء، أنخفضت لمستواها سريعـًا وهي تضرب وجنتها لتفيق، ولكن لا حياة لمن تنادي اجتمعت الكثير من زميلاتهم وطلبوا الإسعاف لتنقلها إلى المشفى
وبعد ساعةٍ أو ما يزيد كان حاتم ويُسرية يدلفان إلى المشفى
وقف حاتم يسأل الطبيب عن حالتها
الطبيب: أنا علقتلها محلول بس هنحتاج منها شوية تحاليل عشان نطمن عليها، البنت حالتها الصحية مش مظبوطه ومحتاجه متابعه، أتمنى تعملوا التحاليل دي وتجيبوهالي بأسرع وقت
أخذ حاتم الورقه من يدي الطبيب ثم اتجه إلى الغرفة التي ترقد بها روجيندا
وما إن رأته يُسرية حتى قالت بتهكم: اهي زي القرود ولا فيها حاجه وبتستعبط علينا بس
نظرت لهم روجيندا بعينان تتلألأ بهما الدموع ولكنها ظلت على صمتها
حتى تفاجأت بحاتم ينزع المحلول من يديها ويجذبها بعنف قائلـًا: يلا وهبقى أوديكي عيادة خاصه باليل ولو أني مش شايف فيكي حاجه وشكلك بتدلعي اصلا.
هذة المرة سقطت دموعها فكيف لها أن تتدلل في المرض، وإن تدللت هي هل سيفعل الطبيب؟
وصل بها حاتم إلى المنزل وما إن رأتها والدتها حتى هتفت بغضب: الممثله القديرة وصلت يا هلا والله
ثم امسكت بها من شعرها وقالت بحدة: أقعدي مثلي فيها أنك ميته كدا لحد ما ربنا ياخدك بجد ونخلص منك
قالت روجيندا بضعف: وهو لو انا همثل الدكتور كمان هيبقا بيمثل ولا بيكدب
صفعتها والدتها وقالت: اخرسي الدكاترة ما بتصدق ياختي كله بفلوس
روجيندا: واحنا مش ناقصين فلوس يعني معانا اللي يكفي بلد بحالها ولا انتوا مستخسرين فيا العلاج و..
لم تكمل جملتها وأنهالت أمها بالصفعات على وجهها وهي تصرخ: انا قرفت منك مفيش منك منفعه معرفش اشمعنى انتي اللي طلعتيلي في البخت كدا جبتك على كبر ف فاكرة نفسك هتتعوجي ولا هتتدلعي علينا لا فوقي دا انا احطك تحت رجلي ومسبكيش إلا وروحك طالعه بين إيديا
ثم دفعتها على الدرج قائلة بنفس الغضب: غوري على أوضتك ومشوفش وشك دا لحد الصبح وانتي رايحه جامعتك وقسمـًا بالله لو اللي حصل انهارده دا اتكرر تاني ملكيش جامعه ولا تعليم سامعه
هزت رأسها بهلع وهي تصعد جريـًا على السلالام
حتى وصلت إلى غرفتها فدخلت وأغلقت باب الغرفه وهي ترتمي على سريرها تبكي وشهقاتها ترتفع لاتدري إي خطأ قد أرتكبته هذه المرة، لا تدري أين الخطأ بالتحديد هل بها هي؟ أم بعقولهم التي لا تفقه إلا لغة اليد، تسأل نفسها كل ليلة لِمَ يكرهونها إلى هذا الحد؟ وإلى متى سيستمر هذا العذاب بعد؟
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط علي : (رواية روجيندا)