رواية مهمة زواج الفصل السابع والعشرون 27 بقلم دعاء فؤاد
رواية مهمة زواج الجزء السابع والعشرون
رواية مهمة زواج البارت السابع والعشرون
رواية مهمة زواج الحلقة السابعة والعشرون
حين خرج أدهم من غرفة مكتبه وقف معتصم ينظر في أثره و صدره يعلو و يهبط و ملامحه منكمشة من فرط الانفعال، فوجد نفسه يطيح بكل ما على سطح المكتب بيده و هو يصرخ بعصبية لعله يفرغ غضبه في تلك الجمادات، فاستند بكفيه الى حافة المكتب و هو يحاول السيطرة على عصبيته الزائدة.
و بعد ثواني قام باطفاء المكيف ثم فتح نافذة الغرفة الكبيرة على آخرها و التي تطل على الطريق و أخذ ينظر من خلالها في اللاشيئ و هو يستنشق الهواء لعل صدره يتسع بعدما ضاق لحد الاختناق.
بعدما هدأ تماما أمسك هاتفه و أتى برقم ريم، ينظر له و نفسه تراوده بأن يتصل بها و يحاول اقناعها مجددا لعله ينجح تلك المرة و لكنه عاد لينهر نفسه و يحدثها:
ـــ ايه يا معتصم اتغيرت اوي… كفاية بعترة في كرامتك لحد كدا.. من امتى و انت بتجري ورا حاجة مش ليك.. كفاية عليك الكام ذكرى اللي عيشتهم معاها و سيبها بقى تعيش حياتها زي ما اختارتها و حافظ على شوية الكرامة اللي باقيينلك.
ألقى بالهاتف على سطح المكتب ثم طلب من السكرتيره أن ترسل عامل لتنظيف المكتب و اعادة ترتيبه.
حاول أن يستعيد تركيزه قدر المستطاع حتى يتمكن من استئناف أعماله، و في خضم انشغاله دخلت اليه نرمين و جلست قبالته بعدما ألقت عليه التحية.
ترك ما بيده من عمل ثم نظر لها بملامح واجمة في انتظار ما سوف تقوله، فحمحمت لتقول بتوتر و هي تفرك كفيها:
ـــ معتصم… مش هنرجع لبعض بقى؟!
قطب ما بين حاجبيه ناظرا لها باستفهام و كأنه يقول لماذا، فأسرعت ترد موضحة:
ـــ يعني البنت اللي انت طلقتني عشانها اتخطبت لواحد تاني خلاص و الموضو…
قاطعها ليسألها بدهشة:
ـــ انتي عرفتي منين انها اتخطبت؟!
ارتبكت و أخذت تحاول اختلاق كذبة لانقاذ نفسها من ذلك المأذق الى أن قالت و هي تبتلع ريقها بتوتر:
ـــ هشام…. هشام قالي… بس أنا اللي ألحيت عليه يعني… مكانش راضي يقولي.. بس انا ذنيت على دماغه لحد ما قالي.
أخذ ينظر لها بشك، فقد كانت حالتها مثيرة للشك حقا، و لكنه تجاوز ذلك على أية حال ثم قال بجدية:
ـــ مفيش حاجة هتتغير يا نرمين… خلينا كدا أحسن.. أنا كدا مرتاح أكتر.
ـــ بس أنا مش مرتاحة و انا بعيد عنك..
هز كتفيه لأعلى ليقول و هو يزم شفتيه:
ـــ دي مشكلتك انتي مش مشكلتي.. و بعدين ما احنا مع بعض علطول في الشركة و مفيش يوم بيعدي منغير ما اشوفك.
تنهدت بضيق ثم قالت:
ـــ معتصم اظن انا مش محتاجة اشرحلك اقصد ايه ببعدي عنك..
اقترب برأسه من رأسها ليقول و هو يصوب عينيه لعينيها لعلها تفهم أكثر:
ـــ قولتلك مفيش حاجة هتتغير.. و أظن مش محتاج أشرحلك أكتر من كدا.
بادلته النظرة بأخرى ساخطة ثم قالت بنبرة مغتاظة:
ـــ واضح ان لسة عندك أمل انها ترجعلك.
رمقها بنظرة حارقة ليصيح بها بعصبية:
ـــ ميخصكيش… و اتفضلي برا.. وقتك خلص.
نهضت و هي ترمقه بنظرات متوعدة و لكنه لم يهتم بنظراتها، و بمجرّد أن خرجت و أغلقت الباب من خلفها، دار بكرسيه حول نفسه و هو يضرب المكتب بقبضته و يصرخ بعصبية:
ـــ أنا كنت ناقصك انتي كمان… سيبوني بقى.. عايزين مني اييييه!!…
دفن رأسه بين كفيه و هو يتنفس بسرعة، و بقي على تلك الحالة لفترة طويلة، فلم يستطع البقاء بالشركة أكثر من ذلك و ترك ما أمامه من ملفات و التقط سترته و مفتاح سيارته و غادر الشركة بأكملها الى حيث لا يعلم بعد..
خرجت نرمين من مكتب معتصم و هي تستشيط غيظا، فذهبت الى غرفة مكتبها بالطابق العلوي و حين دخلتها أخذت تدور حول نفسها بغضب و هي تتحدث مع نفسها:
ـــ هي للدرجادي واكلة عقلك يا معتصم… بجد انا مش مصدقة… اه لو أشوفك يا زفتة انتي.. و الله ما اخلي فيكي حتة سليمة.. نفسي اعرف فيكي ايه مش فيا..
استخرجت هاتفها من حقيبتها ثم قامت بالاتصال براغب و بعد قليل اتاها رده لتقول:
ـــ ازيك يا راغب عامل ايه؟!
ـــ تمام يا هانم… ايه الاخبار؟!
ـــ لسة مش قادرة اوصل لحاجة… رغم انها اتخطبت لكن لسة بيحبها و منتظر ترجعله و مش عايزنا نرجع لبعض تاني.
ـــ اصبري شوية يا هانم… لسة الجرح مفتوح.
ـــ اصبر لحد امتى… لحد ما شهور العدة تخلص و يبقى طلاق رسمي!
سكتت مليا ثم أخذت تقول و هي تعض اناملها من الغيظ:
ـــ انا نفسي امسك البت دي اديها علقة موت و اشفي غليلي منها
حانت منه بسمة ماكرة و هو يقول:
ـــ سيبي الموضوع دا عليا يا هانم؟!
قطبت جبينها باستغراب:
ـــ قصدك ايه يعني؟… هتضربها؟!
ـــ لا طبعاً مش هينفع اضربها انا… بس عندي اللي هيجيبهالك من شعرها قدام عينيكي و اشفي غليلك براحتك… بس كله بحسابه.
هزت رأسها بحماس:
ـــ تمام اوكي حلو اوي… و طبعاً اللي تطلبه انا تحت امرك.
ـــ تمام.. ابعتيلي بس عنوان شغلها و خلي الباقي عليا.
ـــ اوكي..معتصم كان بعت عنوان شغلها للي اسمه عمر دا ع الواتس.. هبعتهولك حالا..
ـــ تمام… و ساعة التنفيذ هكلمك عشان تشوفيها و هي بيتعمل معاها الجلاشة.. سلام يا هانم.
أغلقت المكالمة و هي تبتسم بشماتة و تمني نفسها برؤية تلك الدخيلة و هي تنزف دما نظير سرقتها لأغلى ما تملك كما تظن.
أخيراً عادت مودة الى أرض الوطن و تم حجزها بمشفى الدكتور رؤف لاستكمال فترة النقاهة و قد استعادت قدر كبير من عافيتها، و لكنها منذ وطأت قدماها أرض الوطن لم تنفك عن السؤال عن أختها و رغبتها الشديدة في رؤيتها و ان كانت مازالت نائمة في غيبوبتها العميقة، و لكن محمد لم يعد يجد من المبررات ما يمنعها من رؤيتها الى أن نفذ صبره و استدعى آسر الذي وعده بالمرور اليه عقب انتهاء عمله مباشرة..
قبل أن يدخل آسر الى مودة استوقفه محمد ليأخذه الى المقهى الملحق بالمشفى حتى يتحدثان بأريحية أكثر…
ـــ آسر… أنا مش قادر اقول لمودة خبر موت أختها.. خايف عليها و في نفس الوقت مش هقدر اشوفها و هي منهارة… عشان كدا انا وكلتك انت للمهمة دي.. انا عارف انها هتكون صعبة عليك.. بس انا متأكد انك هتعرف تهديها أكتر مني.. انا اصلا قلبي مش مستحمل و هنهار قبل منها.
سكت آسر مليا يفكر في طلب حماه، الى أن قال بحزن:
ـــ كتير عليا اوي يا عمو محمد… انت كدا هتحطني في موقف صعب و مش قادر اتوقع رد فعلي لو مودة انهارت قدامي… هتقلب عليا المواجع و الأحزان.
ربت على كتفه بحب و هو يقول ببسمة واثقة:
ـــ أنا متأكد انك قدها يا آسر… معلش يابني انا عارف اني بتقل عليك…و مش هنسالك الجميل دا أبداً.
تنهد بقلة حيلة ثم هز رأسه بموافقة، فاتسعت بسمة محمد و استرسل قائلا:
ـــ اطلعلها دلوقتي سلم عليها و قولها ع الحقيقة و انا هستناك هنا… مش هقدر اشوفها بعد ما تعرف.
أومأ بموافقة ثم نهض و هو يقول:
ـــ عن اذنك يا عمو…
صعد آسر الى غرفتها و قبل أن يطرق الباب أخذ نفسا عميقا و هو يغمض عينيه استعدادا لهذا الموقف الثقيل، ثم طرق الباب و دلف اليها ليجدها تجلس بمنتصف الفراش و بيدها هاتفها تتصفحه، و بمجرد أن التفتت له تنظر بابتسامتها الجميلة دق قلبه بعنف و كأنه يرى ميريهان أمامه للمرة الثانية، و لم يكن حال مودة بأقل منه، فقد كاد قلبها أن يخرج من مكانه حين طل عليها…
حاول آسر السيطرة على حالة التخبط التي أصابته ثم أخذ نفسا عميقا و تقدم من فراشها و هو يقول برسمية:
ـــ حمد الله على سلامتك يا مودة… نورتي مصر كلها..
ردت برقتها المعهودة:
ـــ الله يسلمك يا آسر.. مصر منورة بأهلها.
جذب كرسي و جلس بجوار فراشها ثم سألها بابتسامة سحرتها:
ـــ ها يا جميلة… عاملة ايه النهاردة؟!
تاهت منها الكلمات و هي تتأمله عن قرب و كأنها تراه لأول مرة، لم تكن تلك أبداً نظرتها له سابقا، ماذا تغير اذن… نهرت نفسها أن فكرت في خطيب أختها بتلك الطريقة، ثم ابتلعت ريقها و هي تقول:
ـــ الحمد لله انا بقيت كويسة و نفسي اخرج عشان اشوف ميري.
حمحم آسر بتوتر و هو ينظر للجهة الأخرى يحاول استجماع الكلمات التي سيقولها ليخبرها بالحقيقة الى أن قال بجدية:
ـــ هتقدري تقومي من السرير؟!.. تعالي نقعد على الكنبة دي عشان عايز اتكلم معاكي في موضوع كدا.
هزت رأسها بايجاب ثم تزحزحت حتى وصلت الى حافة الفراش ثم أنزلت قدميها على الأرض، و بمجرد أن وقفت أصابها دوار طفيف و كادت أن تقع و لكن آسر أسرع باسنادها من خصرها، فتوترت كثيرا من قربه و احمرت وجنتيها خجلا بينما هو تسارعت دقات قلبه أكثر و رغما عنه أخذ نفسا عميقا يستنشق عبيرها، الى أن عاد الى وعيه و قال بتوتر و هو مازال يسندها:
ـــ خلاص خليكي في السرير طالما بتدوخي.
هزت رأسها بنفي:
ـــ لا لا أنا زهقت من رقدة السرير.. اسندني بس لحد الكنبة.
أومأ و هو يبتلع ريقه من فرط الارتباك ثم اسندها الى أن جلسا على الأريكة، فنظر آسر في عينيها ثم قال بجدية:
ـــ مودة انتي عارفة ان ميري حالتها كانت وحشة بسبب الحادثة و انتي كمان ساءت حالتك أكتر و لكي أن تتخيلي باباكي كانت حالته عاملة ايه و هو حاسس ان بناته اللي طلع بيهم من الدنيا خلاص هيروحوا منه… لكن ربنا أراد انه يتكتبلك عمر جديد عشان يخفف عن والدك شوية… بس للأسف ميري… ميري مكملتش و اتوفت.
انكمشت ملامحها بعدم تصديق او ربما عدم استيعاب و أخذت تهز رأسها و الدوع تنهمر من عينيها بغزارة و تهذي بلا وعي:
ـــ لا.. انت بتقول ايه؟!.. المفروض انا اللي كنت اموت… ميري لأ.. انا.. انا كنت مستنية موتي انما هي لأ..
أخذت تهذي بتلك الكلمات و هي تلوح بيديها هنا و هناك و جسدها ينتفض بعنف من فرط الصدمة، و آسر يحاول تهدئتها ولكن بلا فائدة، فقد خرج الأمر عن سيطرتها.
أخذت تبكي بحسرة بكاء هيستيري و هي تتأوه بصوت عالي و تمسك موضع قلبها و آسر يحاول معها بشتى الطرق، فتارة يقيد يديها و تارة يحيط وجهها بكفيه و يهدئها بالكلمات و لكن أيضاً بلا فائدة، الى أن ساءت حالته هو ايضا و كأن عدوى الصدمة انتقلت اليه، فبكى رغما عنه و هو يراقب انفعالاتها بقلب مكلوم.
من فرط صدمتها نهضت من مكانها تحاول السيطرة على نوبة البكاء الهيستري التي أصابتها فنهض آسر سريعا يسندها من كتفيها قبل أن تسقط، فأمسكته من ياقة قميصه و أخذت تهذي و هي تبكي:
ـــ مش هشوفها تاني يا آسر؟!.. ازاي هعيش من غيرها.. ها قولي.. انا عايزة اشوفها..
رد عليها و هو بالكاد يسيطر على أعصابه:
ـــ مودة انتي انسانة مؤمنة و عارفة ان كل واحد لينا له عمر و ساعة… و هي خلاص عمرها خلص.. احمدي ربنا انك لسة عايشة و الا باباكي كان هيجراله حاجة.
ردت و هي مازالت تبكي بهذيان:
ـــ انا كدا كدا هموت..
لم يتحمل كلمتها و كأنه تخيل فراقها و انشطار قلبه للمرة الثانية، فجذبها الى حضنه و هو يقول بنبرة شبه باكية:
ـــ لا متقوليش كدا… ان شاء الله هتعيشي كتييير و هتتجوزي و هتخلفي.. الدكتور رؤف قال ان انتي اتحسنتي كتير بعد العملية و تقدري تمارسي حياتك زي اي شخص عادي.
بدأت شهقاتها تقل رويدا رويدا و كأنها عادت لوعيها، فابتعدت عن حضنه و هي تسبل جفنيها بخجل، فابتسم آسر من بين ملامحه الحزينة ثم استرسل بجدية:
ـــ ميري زمانها مبسوطة دلوقتي انك رجعتي تاني للحياة… و انك هتقدري تعملي كل حاجة كنتي محرومة منها… عشان خاطري يا مودة.. لو ليا عندك خاطر تجمدي قدام باباكي… هو فيه اللي مكفيه و خلاني اقولك انا خبر وفاتها لأنه مش مستحمل يشوفك و انتي منهارة
أخذت تمسح عبراتها من وجنتيها و هي تومئ برأسها، ثم سارت الى الفراش حتى جلست على حافته و لكنها لم تستطع أن توقف عينيها عن زرف العبرات، فتركها آسر تفرغ ما بجعبتها من حزن و عاد يجلس على كرسيه مرة أخرى و هو يراقبها بحزن شديد.
مساءا عاد أدهم لتوه مع ندى من عند طبيب الصدر التي تتابع زوجته معه منذ أن أصيبت بالكورونا، فتح باب الشقة و الابتسامة الواسعة لم تفارق محياه، فدلفت ندى و دلف خلفها يحيط كتفيها بذراعه ثم سار بها مباشرة الى غرفته تحت دهشتها و استغرابها، فضحك و هو يجرها الى الغرفة و يقول:
ـــ هششش… من النهاردة مفيش اعتراض على اي حاجة… من النهاردة مش هتباتي برا القوضة دي..
ضحكت و هي تقول:
ـــ طاب اصبر بس اخد نفسي و نطمن ماما.
ـــ بعدين بعدين.
سارت معه باستسلام، و لكن استوقفتهما تيسير قبل أن يفتح باب الغرفة و هي تسأل بتفاجؤ:
ـــ ايه دا انتو جيتو امتى؟!
استدارا اليها لينظر لها أدهم باحباط ثم قال بعجلة:
ـــ الدكتور قال انها بقت كويسة الحمد لله.. عن اذنك يا ماما..
قالها و هو يستدير و يضع يده على مقبض الباب فرفعت تيسير حاجبيها باستنكار لتقول بغضب:
ـــ ما تستنى يبني فهمني الدكتور قال ايه بالظبط؟!
تنهد بنفاذ صبر ثم عاد ينظر لها بضيق يحاول اخفاؤه فقال:
ـــ كويسة يا ماما.. كويسة.. ايه اللي مش مفهوم في كلامي؟!
كممت ندى فمها لتواري ضحكتها التي تكتمها بصعوبة فرمقها بغيظ ثم وضع يده على المقبص للمرة الثالثة و هو يقول:
ـــ عن اذنك يا ماما..
ثم فتح الباب و دفعها الى داخل الغرفة و من ثم نظر لأمه و هو يبتسم بسماجة ثم أغلق الباب، كل ذلك تحت نظراتها المتعجبة من تصرفاته الغريبة فانفجرت في الضحك بمجرد أن انغلق الباب ثم أخذت تهز رأسها يمنة و يسارا و ذهبت لغرفتها..
أما بالداخل أخذت ندى تفرك كفيها بتوتر من نظرات أدهم الهائمة فقالت بارتباك حتى تهرب من نظراته:
ـــ أنا هروح قوضتي اجيب هدوم ليا عشان اخد شاور و أغير.
استند بجسده على الباب و كأنه يمنعها من الخروج ثم قال بمراوغة:
ـــ انتي ناسية ان ليكي هدوم هنا… و بعدين مش عاجبني حوار قوضتي و قوضتك دا.
رفعت حاجبها و هي ترد بتحدي:
ـــ مش دا كان اختيارك من الأول؟!.. و بعدين في الأساس قوضتي دي كانت قوضتنا اللي المفروض ننام فيها سوا لو تفتكر.
لوى فمه ببسمة معجبة ثم سار نحوها بخطى متمهلة ما زاد من توترها أكثر حتى اصبح في مواجهتها تماما و تفصلهما انشات قليلة، فمد يده فك حجابها و ألقاه على الفراش ثم فك عقدة شعرها و سمح لغرتها أن تنسدل على جبينها ثم أخذ يتأملها بهيام و هو يقول بنبرة مبحوحة:
ـــ كنت مغفل.
ابتسمت و هي تطرق رأسها بخجل ثم تهربت من مرمى عينيه و هي تقول بنبرة مهتزة:
ـــ احم… طاب انا.. انا هدخل اخد شاور..
ثم فرت سريعا من أمامه الى المرحاض الداخلي بالغرفة و تركته يضحك باستمتاع متمتما بخفوت:
ـــ كويس انها نسيت تفتح الدولاب.. ههههه.
بعد ثواني نادته:
ـــ أدهم ناولني بيجامة من الدولاب.. نسيت اخدها.
سكت لوهلة يفكر ماذا سيقول لها الى ان رد:
ـــ اخرجي بالبرنس و طلعي لنفسك.. انا مش هعرف اطلعلك هدوم.
ضربت الارض بقدمها و هي تقول بغيظ:
ـــ مش هينفع… يلا يا أدهم بطل غلاسة.
رد بعناد:
ـــ طاب غلاسة بغلاسة بقى مش جايب حاجة…
أصدرت صوتا مكتوما كناية عن غيظها البالغ فضحك بخفوت و هو يقول:
ـــ متخافيش انا هدخل بعدك علطول و مش هخرج من الحمام غير لما تخلصي لبس.
استخرج من الخزانة ملابس له و كانت بادي ابيض كات و بنطال قصير بالكاد يغطي الركبتين من اللون البيچ ثم جلس بحافة الفراش ينتظر خروجها و هو يتحدث مع نفسه بصوت خافت:
ـــ يا رب تكوني عملتي اللي قولتلك عليه يا ريم و اللي فكرت فيه يحصل زي ما انا عايز.
بعد دقائق قليلة خرجت ندى مرتدية برنس الاستحمام، فدلف أدهم خلفها مباشرة دون أن ينبس ببنت شفه حتى لا يثير خجلها أكثر و لتكون أكثر استعدادا للحظات القادمة.
فتحت درفتها لتجدها خالية الا من رداء واحد فقط عبارة عن هوت شورت قصير جدا جدا و بادي بحمالات بالكاد يغطي الصدر و يظهر البطن، كممت فمها و هي تنظر لهاتين القطعتين بذهول، لقد اشترت مثلها الكثير من الولايات المتحدة و لكن لترتديها أسفل ملابسها او حين تكون بمفردها في غرفتها المغلقة عليها، متى أتت بهما الى تلك الخزانة… حقا لا تتذكر.
ـــ يا ربي هلبس دول قدامه ازاي.. لا دا انا كدا هيغمى عليا من الكسوف.. اووف.
خطرت لها فكرة، فقامت بارتداء القطعتين سريعا قبل ان يخرج أدهم ثم فتحت ضرفته و…….
بعد دقائق قليلة خرج من المرحاض ليتفاجئ بها تجلس في شقها من الفراش و ترتدي تي شيرت خاص به و تغطي ساقيها بالغطاء و تنظر له ببسمة مصطنعة تواري بها فعلتها.
تسمر بمكانه ينظر لها بذهول الى أن نطق أخيراً:
ـــ انتي لابسة التيشيرت بتاعي؟!
هزت رأسها و زمت شفتيها:
ـــ ملقتش هدوم ليا في الدولاب.
اتسعت عينيه و هو يحدث نفسه:
ـــ يخربيت غبائك يا ريم انتي نسيتي تسيبلها هدوم!
و لكنه قال بتوتر:
ـــ ملقتيش اي هدوم خالص؟!
ردت بخجل:
ـــ لقيت اندر وير بس و لبست عليهم التيشيرت بتاعك.
أخذ يصتك فكيه بغيظ و هو يسب ريم في سره، فذلك لم يكن اتفاقه معها.
ـــ ممكن تخرج بقى تجيبلي بيچامة من قوضتي.
لم يكترث لطلبها و انما ذهب ليجلس بشقه بالفراش بأريحية ثم قال ببرود:
ـــ اللي عايز حاجة يجيبها لنفسه.
ـــ أوفف.. يا أدهم هخرج ازاي بهدومك… افرض ماما ولا ريم شافوني ماشية في الشقة كدا هيقولوا عليا ايه؟!
ـــ خلاص اقلعي هدومي… انا اصلا عايز التيشيرت بتاعي.
نظرت له بتغيظ شديد أثار استمتاعه و لكنه بادلها بنظرة باردة ليثير استفزازها، فازاحت عنها الغطاء بعصبية فكشف عن ساقيها المثيرتين و لكنها لم تهتم من فرط غيظها، فأخذ أدهم يراقبها بابتسامة ماكرة و هو يقول:
ـــ هتخرجي برا كدا؟!
ردت بانفعال طفيف:
ـــ أيوة.
فتحت باب الغرفة ثم أغلقته سريعا و هي تستند اليه من الداخل و هي توشك على البكاء، فضحك أدهم بقهقهة على مظهرها و سألها من بين ضحكاته:
ـــ مروحتيش ليه؟!
ضربت الأرض بقدميها و هي تقول:
ـــ ريم قاعدة برا.
قفز من الفراش بحركة رشيقة ثم سار نحوها حتى احتجزها بجسده بينه و بين الباب و استند بكوعه الى الباب من خلفها و اقترب بوجهه من وجهها حتى اختلطت أنفاسهما ثم قال بصوت مبحوح:
ـــ مش مهم خليكي بالتيشيرت… اصلا هياكل منك حتة.. و بعدين مش اول مرة اشوفك بالهوت شورت.
رمشت بأهدابها عدة مرات من فرط الخجل و التوتر من ناحية و من قربه المهلك من ناحية أخرى.
ابتعد قليلا عنها رأفة بخجلها ثم أطبق على كفها و سار بها الى الأريكة أجلسها عليها ثم سحب الكرسي الصغير الخاص بطاولة الزينة و جلس عليه قبالتها تماما بحيث أصبحت ساقيها المضمومة بين ساقيه ثم أمسك كفيها يحتضنهما بين كفيه و بدأ حديثه بنظرة مطولة هائما بملامحها التي عشقها و ذاب بها ثم قال بنبرة هائمة:
ـــ كنت عايز أسألك في حاجة و أتمنى تفيديني.
أومأت دون أن تنطق فقد أفقدها وضعها المخجل أمامه قدرتها على النطق، فاسترسل حديثه بنبرة مبحوحة:
ـــ لما يكون في حد شاغل تفكيري اوي و بيوحشني دايما حتى و هو معايا.. تفتكري دا يبقى ايه؟!
نظرت له بشبه ابتسامة و كأنها تنتظر أن يقول المزيد، فاسترسل حديثه:
ـــ طاب لما احس ان قلبي هيخرج من مكانه و هو قدامي و مبكونش قادر أشيل عيني من عليه طول ما انا شايفه… تفتكري دا يبقى ايه؟
ازدات بسمتها وضوحا و هي مازالت تتأمله فاسترسل حديثه:
ـــ طاب لما احس اني عايز أقرب منه اوي و أحضنه و ادخله جوايا…
قال تلك العبارة و هو يقف و يوقفها معه ثم جذبها الى صدره و طوق خصرها بذراعيه فقامت بلف ذراعيها حول عنقه، فأحس بانهيار كامل دفاعاته أمامها فتجرأ و رفع التيشيرت حتى نزعه من عليها و لم تقاومه، بل تركت نفسها له يفعل بها ما يشاء، فأخذ يتأملها باعجاب بالغ و هو يقول بهيام مستندا بجبهته الى جبهتها:
ـــ انا شايف قدامي جمال امريكاني محصلش..
ابتسمت و هي تقول بخجل:
ـــ ماهو دا يعتبر الزي الرسمي للبنات هناك.
أغمض عينيه باستمتاع بحالة العشق التي غمرته و أخذ يتمتم بصوت مبحوح:
ـــ متعرفيش انا مستني اللحظة دي بقالي قد ايه؟!
ابتسمت و هي تشدد من عناقه كناية عن مبادلتها له لنفس المشاعر، فاتسعت ابتسامته الهائمة و هو يسألها:
ـــ عرفتي دا يبقى ايه؟!
أومأت برأسها و هي تدفن وجهها في تجويف عنقه، فاسترسل قائلا:
ـــ عايز اسمعك.
ردت بنبرة خافتة:
ـــ بحبك…
انفرجت أساريره بابتسامة واسعة و كاد أن يرد عليها معبرا عن مشاعره تجاهها الا أن رنين الهاتف قطع تلك اللحظات النادرة، ليتأفف أدهم بضجر و هو يبتعد قليلا:
ـــ أوووف… نسيت اقفل التليفون… لحظة واحدة خليكي زي مانتي هقفله و ارجعلك.
هزت رأسها بصمت فتركها على مضض و ذهب الى الكومود حيث وضع الهاتف فتفقده ليجد ان اللواء سامي هو من يهاتفه فلم يستطع تجاهل الأمر، فطالما أنه يتصل بنفسه اذن الأمر لا يحتمل التأجيل..
نظر لها بأسف:
ـــ معلش يا ندى مضطر أرد.
هزت رأسها و هي تقول:
ـــ عادي رد يمكن حاجة مهمة.
فتح الخط ليأتيه صوت اللواء المذعور يقول:
ـــ أدهم لو ندى جنبك ابعد عنها.. مش عايزها تسمع او تحس باللي هقوله.
استأذن من ندى بالخروج متعللا بأن الشبكة سيئة بالغرفة ثم خرج الى الشرفة:
ـــ اتفضل يافندم انا بعدت عنها.
ـــ مصيبة يا أدهم… المافيا قتلت أنور ابو ندى و اتنين من الحرس اتصابوا و واحد مات.
ـــ ايه؟!
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية مهمة زواج)