رواية الثلاثة يحبونها الفصل السادس والعشرون 26 بقلم شاهندة
رواية الثلاثة يحبونها البارت السادس والعشرون
رواية الثلاثة يحبونها الجزء السادس والعشرون
رواية الثلاثة يحبونها الحلقة السادسة والعشرون
كانت رحمة تجلس على الأريكة تلاعب هاشم، الذي مد يده يمسك بأنف رحمة لتضحك رحمة وهي تقول:
حتى إنت مش عاجباك ياهاشم؟، صحيح، هذا الشبل من ذاك الأسد.
قالت جملتها الأخيرة وهي ترمق يحيى بنظرة ذات مغزى ليرفع يحيى حاجبه الأيسر قائلا:
وأنا من إمتى قلتلك إنها مش عاجبانى ها، أنا كل حاجة فيكى بتعجبنى ومستعد أثبتلك حالا،
تسلل الخجل إلى وجنتيها فبدت ساحرة في عينيه، لتنفض خجلها وهي تقول:.
نسيت لما كنت بتشدنى دايما منها وإحنا صغيرين، وكنت مسمينى بينوكيو.
تعالت ضحكات يحيى لتتوه رحمة في وسامته، ليتوقف عن الضحك وهو يبتسم قائلا:
الاسم ده مكنش عشان هي مش عاجبانى، لأ طبعا، الموضوع إن بينوكيو لما كان بيكذب كانت مناخيره بتطول، إنتى لما كنتى بتكذبى كانت مناخيرك بتحمر، وده كان قصدى من التشبيه مش أكتر.
إتسعت عينيها بإستنكار قائلة:.
الكلام ده بجد، وأنا اللى فكرت أعمل عملية تجميل عشان أصغرها، حرام عليك يايحيى، ده انا مبقتش أبص في المراية بسببها.
تعالت ضحكات يحيى مجددا، لتنفض رحمة ضيقها منه وهي تتوه مجددا في سحر غمازتيه وملامحه التي زادتها ضحكاته وسامة، ليلاحظ نظراتها ويتوقف عن الضحك، وعيونه تغيم بالعشق، لينظر إليها قائلا بهمس:.
قلتلك وهقولهالك لغاية ما تصدقينى، أنا بعشق كل حاجة فيكى يارحمة، شايفك كاملة، مفيكيش غلطة، وكأنك لوحة فنية إترسمت بإبداع.
شعرت رحمة بقلبها يذوب عشقا، فهذا الرجل يسحرها بكل ما فيه، إقترب يحيى منها وكاد أن يقبل تلك الشفاه التي تناديه ليروى ظمأها، لتقاطعه نحنحة روحية وهي تقول:
أحمم، يحيى بيه.
إلتفت يحيى إليها وقد عادت ملامحه الغائمة بالمشاعر لطبيعتها وهو يقول:
خير ياروحية؟
قالت روحية:.
في واحدة على الباب عايزة تقابل الست رحمة.
قالت رحمة بدهشة:
تقابلنى أنا؟
قبل أن تجيبها روحية وجدت يحيى يقول بقلق ظهر بنبراته:
إسمها إيه الست دى ياروحية؟
قالت روحية:
إسمها بهيرة،
ليستمعا إلى صوت نسائي جاء من خلف روحية وهي تقول بثبات:
بهيرة حسان، مامتك يارحمة.
لتتنحى روحية جانبا وتظهر سيدة أنيقة تشبه رحمة إلى حد كبير، تقف بثبات، تنقل عينيها بين هذين الزوجين، لتتسع عينا رحمة في صدمة بينما شعر يحيى بالخطر، الخطر التام.
هرول مراد في أروقة المستشفى كالمجنون، يبحث عن تلك الحجرة التي أخبرته نهاد برقمها، حتى وجدها عندما رأى نهاد تقف أمامها تتكئ على الحائط بجسدها، الذي يهتز بالبكاء، يقف أمامها رجل، تبدو على ملامحه الحزن وهو يتأملها، لتتباطئ خطواته وهو يشعر بالجزع من مظهرهما، يتساءل بقلب واجف، ترى هل أصاب شروق أي سوء؟هل فقدها بعد أن إكتشف عشقها الرابض بقلبه؟هل…؟لا، لن يفقدها أبدا، إن ربه رءوف رحيم ولن يأخذها منه ويتركه جسدا بلا روح، ليسرع في خطواته مقتربا منها ينادي نهاد، لتعتدل ناظرة إليه بلهفة إمتزجت بالحزن وهي تقول:.
مراد، شروق يامراد، شرووق.
هبط قلبه بين قدميه في تلك اللحظة وعيونه تتسع بصدمة تتجمع الدموع فيهما بسرعة ليهز رأسه نفيا وصوته يرتعش قائلا:
أوعى تقولى إنها سابتنى، إوعى تقولى إنها راحت منى.
قالت بسرعة:
لأ يامراد، إهدى، شروق عايشة، بس…
نظر إلى ملامحها الحزينة بقلق فتك بقلبه وهو يقول بصوت ملهوف يستحثها أن تنجد قلبه من ظنونه السوداء:
بس إيه؟، قولى يانهاد.
إنهارت نهاد بالبكاء ولم تستطع التحدث ليقول مرافقها بحزن:
مرات حضرتك فقدت الجنين وكانت هتفقد حياتها هي كمان، الإعتداء والضرب اللى إتعرضتلهم مكنوش حاجة بسيطة أبدا، ولولا رحمة ربنا ووصول نهاد في الوقت المناسب كانت مدام شروق ماتت من النزيف اللى حصلها.
ماهذا الذي يسمعه؟شروقه تعرضت للإعتداء والضرب المبرح من أحدهم، لماذا، من هذا الذي قد يؤذى ملاكا مثلها؟، وهل فقد جنينه بالفعل؟، ياالله، أهذا عقابه على رغبته بالماضى بالتخلص منه؟إنه عقاب قاس عليه، يشعر بقلبه يدمى وتسيل دماؤه الآن بغزارة، تكاد تقتله، إهتز من الصدمة وكاد أن يقع أرضا ليسرع هذا الرجل بإسناده بينما شعرت نهاد بالجزع، ليتمالك مراد نفسه وهو يقول بحزن:
فين شروق؟
أشارت نهاد إلى الحجرة بألم، ليتجه إليها بخطوات بطيئة ضعيفة، يفتح الباب، أوقفه صوت نهاد وهي تقول بحزن:
مراد.
إلتفت إليها لتقول بصوت متهدج من الألم:
الضرب كان جامد وشروق وشها، شكلها، يعنى…
أومأ برأسه متفهما بألم، ليدلف إلى الحجرة ويغلق الباب خلفه بهدوء، ثم يلتفت لينظر إلى زوجته التي تمددت في سريرها تحيط بها الأربطة، نظر إلى وجهها الحبيب، هذا الوجه المنتفخ، والذي إمتلأ بالكدمات، تمزق قلبه حزنا عليها، لقد تعرضت شروق لهذا الإعتداء وهو بعيدا عنها، لم يستطع أن يحميها، أن يكون بجوارها، أن ينقذها من براثنهم، إقترب منها، حتى توقف أمامها تماما ليسحب الكرسي ويجلس بجوارها يمسك إحدى يديها بين يديه بحذر ليميل مقبلا إياها قائلا بألم:.
قلبى إنتى ياشروق، عمرى كله، الحمد لله إنك لسة عايشة وبتتنفسى، الحمد لله إنك لسة موجودة في حياتى، من غيرك بس أنا كنت هعيش إزاي؟، إنتى مش فاهمة إنتى بقيتى إيه بالنسبة لى؟، إنتى بقيتى روحى، روحى اللى لو إتاخدت منى أموت، نبضى اللى لو راح، أبقى إنتهيت، مش مهم أي حاجة حصلت، المهم إن إنتى لسة في حياتى، أما اللى كان السبب في اللى حصلك.
لتقسو نبراته مع هذا الغضب الذي ظهر بعينيه وهو ينظر للأمام، وهو يستطرد قائلا:
وعد منى لأقتله بإيدى الإتنين وأخليه عبرة لأي حد يفكر يإذى حتة منى.
لتحنو نظراته وهو ينظر إلى حبيبته مجددا، قائلا بهمس:
بس قومى إنتى بالسلامة ونوريلى دنيتى من تانى ووعد منى، وعد منى هحققلك اللى إتمنتيه، هخلى جوازنا في العلن وهنجيب بدل الطفل عشرة.
ليبتسم في مرارة قائلا:.
ولو واحد منك بس أنا راضى، أهم حاجة إنى أقدر أسعدك يا شروق من تانى، بعد كل اللى شوفتيه في حياتك ياحبيبتى.
تأملها لبعض الوقت في حزن، ثم نهض ومال مقبلا جبهتها لتنزل دمعة منه على وجنتها، إعتدل يمسحها برقة، قبل أن ينظر إليها نظرة أخيرة متمهلة، ليبتعد بخطوات حزينة بإتجاه باب الغرفة، إلتفت ينظر إليها مجددا ثم مد يده يمسح دموع تسللت إلى وجنتيه، قبل أن يخرج منها ويغلق بابها، ينظر إلى نهاد قائلا بهدوء:.
نهاد أنا عايزك تحكيلى كل حاجة تعرفيها عن اللى حصل.
لتقسو نبراته وهو يقول بحزم:
كل حاجة.
هدرت بشرى قائلة بغضب:
يعنى إيه مماتتش؟الستات بنفسهم قالولى إنهم سابوها وهي قاطعة النفس.
قال مجدى بضيق:
لحقوها وودوها المستشفى، إنكتبلها عمر جديد، بس…
نظرت إليه بشرى قائلة في حدة:
بس إيه؟
قال مجدى مضطربا:
فقدت جنينها.
إتسعت عينا بشرى بإستنكار قائلة:
هي كانت حامل كمان؟
اومأ مجدى برأسه في قلق وهو يلاحظ ملامح بشرى التي إتقدت بشرارات الغضب، وهي تقول:.
أنا مكنش لازم أسمع كلامك، كان لازم أخلص عليها بإيدى، البنت دى بقت خطر علينا ولازم نخلص منها، أنا مش عارفة بس، كل ما آجى أخلص من واحدة فيهم، تعيش وتبقى زي القطط بسبع أرواح.
قال مجدى بسرعة:
لأ إهدى كدة ومتحاوليش تتهورى، مراد دلوقتى عينيه في وسط راسه، وأكيد هيحط حراسة عليها، نبعد دلوقتى عنها وخلينا في موضوع يحيى ورحمة نخلصه الأول، وأول ما مراد يتأكد إن شروق في أمان ويشيل الحراسة هنبقى نضرب ضربتنا.
نظرت إليه بشرى بهدوء، تفكر في كلماته المنطقية، لذلك فقط هي تحتفظ به، فهو يستطيع أن يفكر بعقلانية ويهدأ تهورها الناتج عن غضبها، لتقول بهدوء:
معاك حق، هصبر بس لغاية ما أخلص من ست رحمة وبالمرة هيروح معاها مراد وساعتها بس هفضالك ياست شروق.
نظرت بهيرة إلى رحمة قائلة بحنان مزيف:
إيه يابنتى هتفضلى واقفة كدة كتير، مش هتيجى تسلمى علية.
قالت رحمة ببرود بعد أن أفاقت من صدمتها مخاطبة روحية:
خدى هاشم طلعيه على أوضته ياروحية وخليكى معاه.
اومأت روحية برأسها إيجابا، وهي تأخذ الطفل منها، بينما إقترب منها يحيى يمسك يدها بقوة لتشعر رحمة بأنه يساندها، فإستمدت قوتها منه، وتخلت عن تلك الإرتعاشة بداخلها،.
شعرت بهيرة أن خطة بشرى على وشك الفشل، لتقول بصوت حزين مفتعل:
مبترديش علية ليه يارحمة؟
قالت رحمة ببرود:
وأرد عليكى بمناسبة إيه؟حضرتك مين؟
شعرت بهيرة بصدمة حقيقية من قوة تلك الفتاة وظهرت على ملامحها تلك الصدمة وهي تقول:
ما قلتلك، أنا مامتك،
تركتت رحمة يد يحيى لتشير بها إلى بهيرة قائلة بقسوة ممتزجة بالمرارة:.
بأمارة إيه، ها؟، كنتى فين وأنا محتاجالك في طفولتى، كنتى فين وأنا موصومة بيكى، الكل بيجرح فية بسببك، كنتى فين وأنا بتوجع كل يوم، بموت، نفسى في حضن أترمى فيه وأشتكيله، وهي البنت إيه أقربلها من حضن أمها يداوى جروحها وإيدها تطبطب عليها، ها، كنتى فين؟
شعر يحيى بقلبه ينفطر عليها، يدرك أن أوجاع رحمة تصل إلى عمق روحها، يتمنى لو فقط كان قادرا على محوهم جميعا، بينما إهتزت بهيرة بالفعل تدرك أن خطتها باءت بالفشل بالفعل لولا أن تذكرت كلمات بشرى لتقول بسرعة:
كنت فاقدة الذاكرة.
تراجعت رحمة للحظة وبهتت ملامحها بينما عقد يحيى حاجبيه يدرك أنها تكذب، يتعجب من كذبتها ويتساءل عن السبب فيما تفعله تلك السيدة الآن بحضورها الغريب بعد كل تلك السنوات وكذبتها السخيفة تلك، لتستطرد بهيرة قائلة بحزن مفتعل:.
أنا عارفة إنى غلط وغلطتى كانت كبيرة وربنا عاقبنى عليها علطول، عملت حادثة بعد ماهربت من هنا، وفقدت الذاكرة، فضلت سنين تايهة في الشوارع مش عارفالى إسم ولا عيلة، لغاية ما ست طيبة أخدتنى عندها وشغلتنى معاها، وفجأة من أسبوع رجعتلى الذاكرة وإفتكرت فجيتلك علطول يارحمة، جيت علشان أشوفك يابنتى.
أغروقت عينا رحمة بالدموع، أمها لم تتركها عمدا بل كان رغما عنها، أمها عادت إليها، حتى وإن أخطأت فقد نالت عقابها، ستسامحها فقط لعودتها، لرغبتها في أن تنال هذا الحضن الدافئ الذي حرمت منه طويلا، لتبتسم بسعادة إمتزجت بالدموع حين فتحت لها بهيرة ذراعيها قائلة:
مش آن الأوان تيجى في حضنى يارحمة وننسى كل اللى فات.
تقدمت رحمة منها، كاد يحيى أن يمنعها، أن يخبرها بأنها تكذب، يخبرها حقيقة أمها بالكامل، ولكن تلك الفرحة التي إرتسمت على ملامح حبيبته، ودموع السعادة بعينيها وخوفه الشديد من أثر تلك الصدمة عليها حال دون أن يفعل ذلك، إلى جانب لمعة عيون بهيرة وإبتسامة الإنتصار التي ظهرت على شفاهها ليشعر بأن هناك شيئا خلف ظهور بهيرة المفاجئ وعودتها إلى حياتهم بعد كل هذا الغياب، ليصمم على معرفته حتى يستطيع أن يبعد هذا الخطر الكامن في كل مايحدث عن حياتهم، للأبد…
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية الثلاثة يحبونها)