رواية مهمة زواج الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم دعاء فؤاد
رواية مهمة زواج الجزء الثاني والعشرون
رواية مهمة زواج البارت الثاني والعشرون
رواية مهمة زواج الحلقة الثانية والعشرون
انتهى حفل الزفاف و غادر أدهم و شقيقته عائدين الى القاهرة، بينما حمد أخذ عروسه الى شقته بالطابق الثالث بالدوار و دلف بها الشقة و هو يسمي بسم الله ثم أغلق الباب في وجه حماته التي كانت تصر على الدلوف مع ابنتها..
وقفت صافية في منتصف الصالة و هي تطأطئ رأسها بخجل فخلع حمد جلبابه و ألقى به على أقرب كرسي ثم وقف قبالتها و رفع رأسها لمستوى وجهه يتأملها باعجاب فقد كانت جميلة حقا..
ـــ هتفضلي باصة للأرض كتير؟!
أخذت تحرك عينيها في كل اتجاه عداه غير قادرة على النظر بعينيه من فرط الخجل.
ـــ بصيلي يا صافية..
بالكاد نظرت في عينيه فابتسم باعجاب من فرط خجلها فابتسمت هي أيضاً حتى ظهرت غمازتها اليمنى.
ـــ تعالي ندخل قوضتنا نغير هدومنا..
هزت رأسها بايجاب ثم قبض على كفها البارد و دلفا سويا لغرفة النوم..
ـــ هتعرفي تقلعي الطرحة و الحجاب ولا أساعدك؟!
هزت رأسها و لم تتكلم، فزفر بملل ثم قال بحدة طفيفة:
ـــ أنا لحد دلوقتي مسمعتش صوتك… انا قربت أنساه اصلا.
جعدت ملامحها بضيق:
ـــ باه!..اجول ايه عاد؟!
رد بنفاذ صبر و هو يدير ظهرها نحوه:
ـــ ولا حاجة.. لفي..
أخذ ينزع دبابيس الطرحة و الحجاب واحدا تلو الآخر ثم أزال الحجاب حتى بدى لها شعرها الأسود الغجري، فقام بفك عقدته حتى انسدل على ظهرها و وصل الى آخره فحانت منه نصف ابتسامة اعجابا به ثم سألها بنبرة هادئة:
ـــ أفتحلك السوستة ولا هتعرفي تفتحيها؟!
ردت بغباء:
ـــ أمي جالتلي خلي عريسك يفتحلك سوستة الفستان.
اصتك فكيه بغيظ ثم دون أن يتفوه بشئ قام بازاحة شعرها جانبا و فتح السحاب ثم تركها و اتجه نحو الخزانة استخرج ملابس للنوم ثم قال بضيق:
ـــ أنا هطلع برا اخد شاور و اغير هدومي على ما تكوني غيرتي انتي كمان.
لم ينتظر ردها، فهي لم تكن لترد من الأساس ثم خرج من الغرفة صافعا الباب خلفه.
بعد حوالي نصف ساعة عاد اليها مرتديا بنطال و تيشيرت منزلي فوجدها تجلس على حافة الفراش مرتدية قميص أبيض من الستان يعلوه روب أبيض من نفس الخامة و شعرها منسدلا على ظهرها و كتفيها، فابتسم بسخرية حين ورد على عقله أن بالتأكيد أمها من قالت لها ترتدي ذلك الرداء.
تقدم منها حتى جلس بجوارها ثم سألها بجدية:
ـــ انتي عارفة احنا المفروض نعمل ايه دلوقتي؟
هزت رأسها بنفي، فتنهد بنفاذ صبر:
ـــ قومي نبدأ حياتنا بالصلاة و نتعشى و بعد كدا ربنا يفرجها.
نهضت معه ثم ارتدت اسدال الصلاة و صلى بها المغرب و العشاء جماعة ثم قامت بتجهيز الطعام و تناولا بعض لقيمات صغيرة في جو من الصمت التام.
انتهيا من الطعام ثم دلف حمد الغرفة فلحقت به، وجدته يقف أمام المرآة يمشط شعره فوقفت خلفه تفرك كفيها بتوتر و خجل، فالبطبع رأى حالتها تلك عبر المرآة فاستدار لها يتأمل خجلها قليلا، ثم مد يديه الى كتفيها يزيح كمي الروب عنهما فأبعدت كفيه و هي تغطي نفسها و تقول بغضب:
ـــ باه… عتعمل ايه عاد؟!
رد عليها بسماجة:
ـــ ايه؟!.. اومال انتي لابسة كدا ليه؟!
أجابته بعفوية:
ـــ أمي جالتلي البس الجميص الابيض ليلة الدخلة.
ضحك حمد بملئ فمه فلم يخطئ حدسه، فعاد يمسك يديها التي تغطي بهما مقدمة صدرها و أنزلهما الى جانبيها ثم أزاح الروب عن كتفيها مرة أخرى حتى أسقطه على الأرض، فهاله ما رأى من جمال بشرتها البيضاء الناعمة نعومة الأطفال و أخذ يبتلع ريقه و هو يتحسس بشرة كتفيها بأصابعه و يقول بنبرة مثيرة:
ـــ و أمك مقالتلكيش اني هخلعك الروب؟
أطرقت رأسها بخجل من لمسته و نبرته التائهة و هي تهز رأسها بايجاب، فابتسم بسخرية ثم لف ذراعيه حول خصرها يضمها الى جسده قليلا و سألها و مازال عينيه تتأمل بشغف ما يظهر من قميصها:
ـــ و قالتلك هعمل ايه تاني؟!
انسحبت بغتة من أمامه تاركة يديه معلقة في الهواء ثم اتجهت نحو خزانة ملابسها استخرجت منها قطعة قماش ناصعة البياض ثم عادت له تمد يدها اليه بتلك القماشة و هي تقول بعفوية كعادتها:
ـــ جالتلي ألافيك الجماشة دي لاچل ماتشوفها في الصباحية و ابويا قمان عيشوفها لأچل ما يطمن عليا.
تجمد جسد حمد و كأنها سكبت على رأسه دلوا من الجليد، هل مازالت أمور الجهل هذه يهتمون بها؟!
أثارت تلك الجملة غضبه البالغ و أخرجته من الحالة الرومانسية التي قد دخل بها، فالتقط منها قطعة القماش ثم ألقاها بعنف في سلة المهملات و هو يصيح بغضب بالغ:
ـــ طاب و الله ما أنا عامل حاجة و ابقي وريني أمك هتعمل ايه؟!
انكمشت صافية على نفسها خوفا من غضبه التي لم تستطع فهم سببه، فعاد ينظر اليها بشر و هو يقبض على رسغها بقسوة و يصيح بانفعال بالغ:
ـــ انتي عارفة لو اسمعك تقوليلي أمي جالتلي دي تاني هعمل فيكي ايه؟!… حسك عينك تحكيلها على أي حاجة بتحصل بينا انتي فاهمة؟!
ردت بخوف و هي تضع كفها أمام وجهها متخذة منه درعا واقيا:
ـــ كيف يعني؟!.. أني معملش حاچة واصل من غير مشورة أمي.. لازمن توعيني و تعلمني..
غلى الدم في عروقه أكثر، فكل كلمة تتفوه بها تنم عن جهلها و غبائها ما يثير عصبيته و غضبه، فأخذ يصتك فكيه من الغضب و هو يصرخ بها:
ـــ قسما عظما ان نطقتي معاها بحرف لتكوني طالق يا صافية… انتي فاهمة الكلام اللي انا بقوله ولا اروح اجبلك امك تفهمك؟!
ردت بنبرة باكية:
ـــ مخبراش… مفهماش.
ترك رسغها و جذبها من شعرها لترتفع رأسها لأعلى لااراديا فصرخت بألم ليقول بوعيد:
ـــ لو عايزة ترجعي لأمك في يوم صباحيتك ابقي اعمليها و احكيلها احنا عملنا ايه في ليلة دخلتنا… دي هتبقى ليلة طين على دماغك.
ألقى بوعيده ثم دفعها بعيدا عنه لتسقط على الأرض و هي تبكي، فاسترسل زئيره الغاضب:
ـــ أنا هنا بس اللي تسمعي كلمتي… أنا اللي اقول تعملي ايه و متعمليش ايه…محدش غيري هيعلمك و يوعيكي.. أنا عايزك تمحي أمك دي من قاموس حياتك.. دا لو عايزة تعيشي زي مخاليق ربنا و تبقي بني ادمة… انتي فاهمة ولا أعيد تاني؟!
أخذت تهز رأسها بايجاب و هي تبكي منكسة الرأس و شعرها الطويل يححب عنه وجهها الباكي، فأشفق عليها حمد و شعر بالغضب من نفسه أن قسى عليها لتلك الدرجة، و لكن هي من استفزته لتنقلب ليلتها الأولى إلى نواح و بكاء.
ألقى عليها نظرة أخيرة مترددا أيحملها و يضعها على الفراش أم يتركها ولا يعيرها اهتماما؟!… و لكنه لم يطع قلبه الذي حثه على أخذها بين أحضانه و الاعتذار اليها، فلم يكن ذنبها أنها بريئة و نقية لتحولها أمها الى آلة تحركها كيفما شاءت، ثم ذهب من أمامها تاركا الغرفة صافعا بابها خلفه و اتجه الى غرفة أخرى ليقضي ما تبقى من ليلته بها.
وصل أدهم بشقيقته الى المنزل في ساعة متأخرة من الليل و بمجرد دخولهما اتجه مباشرة الى غرفة ندى، فاستوقفته ريم منادية عليه، فنظر لها باستفهام فقالت بجدية:
ـــ البس الكمامة قبل ما تدخل… و بلاش تنام جنبها.. معلش استحمل الاسبوعين دول كفاية علينا ندى… مش هتكون انت و هي عيانين و نايمين في السرير.
هز رأسه بموافقة و هو يزفر أنفاسه بضيق ثم دلف غرفته بدل ملابسه بسرعة و ارتدى كمامة ثم ذهب لغرفتها مرة أخرى..
دلف الغرفة ليجدها مستغرقة في النوم و لكنها تتنفس بسرعة نوعا ما كأنها تركض، الأمر الذي أقلقه للغاية..
جلس على حافة الفراش بجوارها ثم أخذ يزيح غرتها عن جبينها ليتحسس حرارتها فوجدها طبيعية الى حد ما…
ـــ ندى.. ندى..
همهمت بكلمات غير مفهومة ليبتسم و هو يقول:
ـــ عاملة ايه يا حبيبتي؟!
هزت رأسها و مازالت مغمضة العينين لترد بصوت ناعس:
ـــ الحمد لله.
ـــ طاب بتنهجي كدا ليه؟!
فتحت عينيها و هي مقطبة الجبين و أخذت تتأمله و كأنها تحاول تذكره الى أن انتبهت أخيراً، فابتعدت عنه لآخر الفراش و هي تقول:
ـــ يا أدهم حرام عليك هتتعدي مني..
زم شفتيه بغضب مصطنع:
ـــ هي دي حمد الله ع السلامة اللي بتقوليهالي؟!
تنهدت بضيق ثم قالت بجدية:
ـــ انا طبعاً مش قصدي كدا… بس انا خايفة عليك بجد…يعني ينفع احنا الاتنين نكون تعبانين؟!
جذبها عنوة حتى التصقت به غير مكترثا بكلامها ليقول بنبرة هائمة:
ـــ يا ريت أتعب انا كمان عشان أنام جنبك و مفضلش بعيد عنك كدا… يعني مش كفاية الاسبوعين اللي فاتو؟!.. عايزة تحرميني منك كمان اسبوعين؟!
كانت تستمع اليه و هي تنظر له مشدوهة الملامح… ماذا تعني كلماته تلك اذن؟!…هل تعتبر هذا تصريحا منه عن وقوعه بحبها؟!..
ابتلعت ريقها ثم قالت بنبرة مهزوزة من فرط الارتباك:
ـــ متقولش كدا.. و انا مش هفرح بنومتك جنبي و انت تعبان.
اغمض جفنيه يحاول السيطرة على مشاعره التي تطالبه بتقبيلها و لكنه جذبها الى حضنه لعله يهدأ قليلا بينما ندى كانت تقاومه لألا تصيبه العدوى و لكنه أبى أن يتركها فاستسلمت بقلة حيلة حتى أنها أحست بنبضات قلبه التي كانت تضرب صدره كالمطرقة، و حين أحس بأن اشتياقه لها يزيد ابتعد عنها بغتة ثم قال و هو يبتسم نصف ابتسامة متنهدا بعمق:
ـــ كملي نومك بقى.. تصبحي على خير.
تركها بحالة هائمة سلبت النوم من عينيها و ذهب الى غرفته ثم أخذ حماما باردا و تقلب بفراش حتى نام بعد معاناة.
تمدد حمد بالفراش و هو يشعر بالذنب تجاهها، تقلب بالفراش لمدة طويلة و شيطانه على رأسه يلح عليه بعدم الذهاب اليها، و بعد عدة محاولات غفى أخيرا دون أن يشعر…
استيقظ من غفوته على صوت أذان الفجر فنهض يمسح وجهه من أثر النوم و هو يردد الأذان ثم حسم أمره ليتفقدها و يطمئن عليها بعدما نامت باكية..
فتح باب الغرفة ليجدها نائمة على الأرض بمكانها كما تركها، فأخذ يؤنب نفسه ثم تقدم منها لينحني يحملها بخفة ثم وضعها بمنتصف الفراش و جلس بجوارها..
أعاد خصلات شعرها التي التصقت بوجهها بسبب الدموع ثم أخذ يمسد على شعرها بحنو و هو يتأملها بشغف، فلولا عفويتها الزائدة تلك لما انقلبت تلك الليلة لجحيم هكذا.
انحنى يقبل وجنتها و هو يتمتم بهمس:
ـــ أنا آسف.. حقك عليا.
تنهد بعمق ثم دثرها بغطاء خفيف و نهض خارجا من الغرفة متجها نحو المرحاض ليتوضأ و يصلي الفجر.
عند تمام التاسعة صباحا ارتدى معتصم بنطال چينز و قميص يعلوه چاكت و انتعل حذائه و التقط هاتفه و مفاتيح سيارته ثم صعد الى شقة حمد بالطابق الذي يعلوه و رن جرس الباب عدة مرات حتى فتح له شقيقه و تبدو آثار النوم على وجهه..
ـــ صباحية مباركة يا عريس…
احتضنه و هو يضحك:
ـــ حد يصحي عريس يوم صباحيته الساعة تسعة الصبح يا راجل.
ضحك معتصم ثم ابتعد عنه و هو يقول:
ـــ معلش بقى انا عارف اني رخم..
افسح له حمد لكي يدخل و لكنه رفض قائلا بجدية:
ـــ لا أنا مش داخل..
ـــ ادخل يابني هنتكلم ع الباب كدا؟!… و بعدين لابس و متشيك كدا رايح على فين؟!
ـــ هقولك..
ثم تحولت نبرته الى همس:
ــ بس قولي الاول عملت ايه؟!
رد حمد بعدم فهم:
ـــ عملت ايه في ايه؟!
ـــ انت هتصيع عليا يلا… عملت ايه في ليلة دخلتك ياد انت؟!
رد حمد بسماجة:
ـــ و انت مالك!!.. انا كنت سألتك عملت ايه في ليلة دخلتك؟!
حقا ندم معتصم أن سأله، لو كان يعلم أنه سيذكره بنرمين حتما ما سأله..
ـــ انت دايما كدا بتحب تفكرني بنرمين… عملي الأسود.
ضحك حمد بقهقهة ثم قال:
ـــ انت محستش انها عملك الاسود غير بعد ما عرفت ريم.
هز رأسه بموافقة:
ـــ فعلا يا حمد معاك حق… عمري ما حسيتها عبئ عليا غير بعد ما حبيت ريم…. المهم انا مسافر القاهرة دلوقتي عشان عايز اخلص من حوار نرمين دا في اسرع وقت قبل ما أدهم اخو ريم يسأل عليا.
رد حمد بجدية:
ـــ متقلقش انا مظبط الدنيا و مفهم افراد الأمن انهم ميجيبوش سيرة لأي مخلوق غريب عن جوازك منها و مفهم موظفين الاستقبال ان مدام نرمين بالنسبالنا مجرد شريكة مش أكتر و مأكد عليهم ميدوش أي معلومة لأي بني ادم برا الشركة… يعني لو لا قدر الله عرف عن جوازك حاجة هيكون من طريق بعيد عننا.
هز رأسه عدة مرات و هو يتنهد بقلق:
ـــ ربنا يستر و يعديها على خير.
ربت حمد على كتفه:
ـــ ربنا معاك يا حبيبي.
احتضنه بحب و هو يقول:
ـــ مكنتش عايز اسيبك كدا و انت عريس بس مضطر.
ابتعد عنه و هو يبتسم بود:
ـــ ولا يهمك يا صاحبي.
ـــ مش هوصيك على صافية… طول بالك عليها شوية لحد ما تتأقلم على طباعك.
هز رأسه بشبه ابتسامة دون أن يتحدث بشئ حتى لا يثير ريبة أخيه ثم ودعه معتصم و انصرف نحو سيارته ليستقلها و ينطلق الى القاهرة.
في الطريق قام معتصم بالاتصال بنرمين يخبرها بعودته و طلب منها مقابلته في شقتهما، فتركت ما بيدها من أعمال بالشركة و أخبرت السكرتيرة بتأجيل كافة المواعيد مع العملاء ثم استقلت سيارتها و انطلقت نحو شقتها التي تعيش بها مع معتصم منذ أن تزوجا..
حين وصلت الى الشقة قامت بترتيبها سريعا ثم طلبت غداء فاخر من أحد المطاعم الفاخرة ثم اعتكفت بغرفتها لتشرع في تنظيف بشرتها باستخدام الماسكات و ما الى ذلك ثم قامت بتصفيف شعرها و وضع مساحيق التجميل و الزينة و ارتدت قميص من اللون الأسود شبه عاري تقريبا مظهرا مدى بياض بشرتها.
و حين انتهت ألقت نظرة أخيرة على مظهرها الذي يخطف الأنفاس أمام المرآة ثم أخذت تنظر لنفسها بتباهي و افتخار..
قاربت الساعة على الثانية بعد الظهر و كان الطعام قد وصل نرمين و قامت بتجهيزه على سفرة الطعام و قامت بسكب العصائر الباردة فجعلتها مميزة حقا..
كانت كل حين و آخر تنظر في ساعتها تنتظره على أحر من الجمر، فقد اشتاقت اليه كثيراً..
بعد نصف ساعة انفتح الباب ليطل عليها معتصم، فحين سمعت صوت الباب ركضت اليه و هي تبتسم بسعادة بالغة ثم ألقت بجسدها على جسده تحتضنه باشتياق بالغ متمتمة بهيام:
ــ وحشتني أوي يا معتصم… حاسة اني بقالي سنة مشوفتكش..
بادلها العناق على استحياء ثم أبعدها قليلا عنه و هو يقول بتجهم:
ـــ نرمين أنا تعبان و عايز أغير هدومي دي قبل أي حاجة.
نظرت له بصدمة لوهلة لكن سرعان ما ابتسمت و هي تأخذ بيده نحو غرفة النوم و هي تقول:
ـــ أنا اسفة يا حبيبي من كتر ما انت واحشني مقدرتش استنى.
دلفا الغرفة سويا ثم قامت بمساعدته في خلع الچاكيت ثم وقفت في مواجهته تفك أزرار قميصه واحدا تلو الآخر حتى بدا لها صدره العضلي العريض فأخذت تبتلع ريقها و هي تتحسس بشرة صدره، فتنهد معتصم بضيق…. هو لا يريد ما تريده هي الآن…
قبض على كفيها يقيد حركتهما لينزلهما الى جانبيها ثم قال ببرود:
ـــ أنا هغير لوحدي..
نظرت له و هي تصتك فكيها من الغيظ و لكنها تجاوزت ذلك و جلست بحافة الفراش تراقبه و هو يبدل ملابسه حتى انتهى..
انتبه لتوه الى ذلك القميص الفاضح التي ترتديه و الى زينتها و قصة شعرها فابتسم بسخرية من تلك المرحلة التي وصل اليها… فقد كان سابقا يشعر بالزهو حين تتزين له و تهتم به، انما الآن لا يعنيه كل ما تفعله من أجله و لو افترشت له الأرض حريرا..
ارتدى لتوه بنطال قطني رصاصي و تيشيرت أبيض ضيق أظهر عضلات جزعه العلوي و كانت نرمين تتأمله بحب و انبهار.
نهضت لتقف خلفه و هو يمشط شعره أمام المرآة ثم احتضنته من الخلف و هي تتنفس رائحة شعره فقد كان طولها يصل لطوله تقريباً..
ـــ ايه يا عصوم.. مالك؟!.. متغير عن كل مرة ليه؟!.. مش دا عصوم اللي انا عارفاه.
كان يستمع اليها و هو ينظر لوجهها عبر المرآة و ملامحه متجهمة بضيق، ففك عقدة يديها من حول خصره ثم استدار لها و هو يقول بنفاذ صبر:
ـــ عايزة ايه يا نرمين؟!
ردت بنبرة هائمة و هي تكاد تلتهمة بعينيها:
ـــ عايزاك يا حبيبي…
أخذ يتنفس بعنف و هو بين نارين… يريد انهاء ارتباطه بها و في ذات الوقت يريد تلبية رغبتها به لآخر مرة قبل أن ينفصل عنها لعله يتخلص من شعوره بالذنب تجاهها، فليس ذنبها أن أحب غيرها كما أنها لم تقصر معه كزوجة قط.
حسم أمره بتلبية رغبتها و لتكن المرة الأخيرة ثم يتحدث معها في أمر الانفصال بعد ذلك، فقبض على خصرها يضمها إليه ثم انقض عليها يقبلها فتعلقت بعنقه و سحبته الى الفراش لترتمي عليه و هو فوقها حتى اندمجا سويا لوقت لم يشعر خلاله سوى بشعور الخيانة لحبيبته و كأنه يفعل جُرما مُحرما.
في تلك الأثناء تماما دلف آسر غرفة مكتب أدهم بمبنى العمليات الخاصة و بيده ملف ثم جلس قبالته فتحدث بفخر واضعا الملف أمامه على المكتب:
ـــ اتفضل يا باشا جبتلك كل اللي طلبته و في وقت قياسي… رغم ان العيال بتوع شركته متوصيين ميطلعوش معلومة براها بس الرجالة ظبطوهم.
تتطلع للملف ثم أعطاه لصديقه مرة أخرى:
ـــ خود اقرالي اللي فيه و هات الخلاصة… ماليش خلق للقراية.
فتح آسر الملف ثم وضع ساقا فوق الأخرى و هو يقول:
ـــ انا أصلا قريته كله قبل ما اجيبهولك… اسمع يا سيدي… معتصم حمدان البدري ٣٢ سنة خريج كلية اقتصاد و علوم سياسية.. الأخ الأكبر عنده أخت اصغر منه متجوزة و مقيمة في القاهرة مع جوزها.. جوزها اسمه هشام و عضو في مجلس ادارة الشركة اللي صاحبها و مديرها معتصم….معتصم البدري متجوز من…
انتفض أدهم من مكانه حين سمع تلك الكلمة ليصيح بزمجرة:
ـــ متـ ايه ياخويا؟!
نظر له آسر بدهشة قائلا:
ـــ متجوز يا أدهم ايه الغريب في كدا؟!
ثم ضيق جفنيه بشك يسأله:
ـــ انت تعرفه منين و بتسأل عليه ليه؟!
عاد أدهم ليجلس بمكانه و قد زادت وتيرة تنفسه من فرط الغضب ثم حث آسر على اكمال ما بدأه:
ـــ كمل يا آسر و بعدين هعرفك كل حاجة..
استرسل آسر بنبرة هادئة:
ـــ متجوز من واحدة اسمها نرمين الانصاري بنت رجل أعمال و صاحب مجموعة شركات الانصاري للمعمار و أرملة رجل الأعمال المعروف عادل الزهار الله يرحمه بقى.
هز ادهم رأسه بعصبية و هو يقول بغضب مكتوم:
ـــ و متجوز أرملة كمان؟!
رد آسر و هو يضحك:
ـــ أومال لما تعرف التقيلة بقى..
انتبهت كامل حواسه ليقول آسر:
ـــ نرمين أكبر من معتصم بعشر سنين… يعني عندها ٤٢ سنة حاليا و معتصم متجوزها من حوالي خمس سنين… يعني تقريباً كان لسة عنده ٢٧ سنة بس لما اتجوزها.
رد أدهم و هو يحاول السيطرة على أعصابه:
ـــ طاب معرفتش ايه اللي لم االشامي ع المغربي؟!
ـــ عيب عليك يا باشا… عرفت طبعاً..
رد بانفعال:
ـــ ماتقول علطول يا آسر أعصابي مش مستحملة..
رمقه باستنكار ثم استرسل بجدية:
ـــ اللي عرفته بس مش متأكد اذا كان الكلام دا صحيح ولا لأ ان نرمين اتعرفت عليه في مؤتمر لرجال الاعمال و كان ساعتها لسة بيبتدي مشواره في البيزنس، اتكلمت معاه عجبها عرضت عليه الجواز مقابل انها تموله شركته و تكبرهاله…
هز ادهم رأسه بتفهم و هو يقول:
ـــ و طبعاً البيه وافق يتجوز ست اكبر منه بعشر سنين عشان يكبر على قفاها…
قاطعه آسر:
ـــ خاصة كمان انها عقيم و مبتخلفش..
ـــ يعني جوازة مش هتكلفه حاجة… فلوس و مفيش لا مسؤلية ولا عيال ولا وجع دماغ و طبعاً شايف مزاجه معاها و هو مش قلقان من حاجة..
رد آسر بسخرية:
ـــ و الله يا جوازة زي دي يا بلاش…بس البت فورتيكة يا أدهم لو شوفتها مش هتصدق انها معدية الاربعين… هضبة…
ـــ و انت شوفتها فين يلا؟!
ـــ المخبر صورهالي و هي داخلة الشركة و بعتلي الصورة ع الواتس..
ـــ مش عارف ليه شامم ريحة شُبهة في الجوازة دي!..
ـــ قصدك ايه؟!
ـــ يعني ست أرملة و مبتخلفش تلف على حتة عيل شكله حلو و جسمه رياضي و بتاع..ط لا و كمان تدفعله.. عشان ايه؟!
ـــ عشان مزاجها طبعاً..
ـــ يعني من الآخر كدا جواز متعة… و اللي يزهق من التاني يسيبه.
أومأ آسر بتأييد:
ـــ طبعاً و سيادته مسيره هيزهق و يدور على غيرها.. على الأقل عشان يستقر و يعمل أسرة و أولاد…
أخذ أدهم يصتك فكيه و يشدد من قبضة يده من شدة غضبه و غيظه، فاسترسل آسر و كأنه تذكر شيئا:
ـــ اه نسيت اقولك انه صعيدي اصله من سوهاج و مقضيها بين هنا و هناك….و والدته متعرفش بموضوع جوازه من الست دي.
رفع حاجبيه بتفاجؤ ليقول بانفعال:
ـــ كماان!… دا كدا الحساب تقل أوي.
قطب جبينه متسائلا باستغراب:
ـــ ايه حكايتك مع الواد دا يا أدهم؟!
نظر في اللاشئ بشرود لبرهة ثم عاد ينظر لصاحبه و هو يقول:
ـــ هقولك…………
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية مهمة زواج)