رواية الثلاثة يحبونها الفصل التاسع عشر 19 بقلم شاهندة
رواية الثلاثة يحبونها البارت التاسع عشر
رواية الثلاثة يحبونها الجزء التاسع عشر
رواية الثلاثة يحبونها الحلقة التاسعة عشر
دلفت رحمة إلى الحجرة تتأملها بلهفة، فلقد قضت بالمستشفى يومين كاملين، وحقا إشتاقت إلى تلك الحجرة وإشتاقت إلى المنزل بأكمله، بمن فيه، خاصة ذلك الصغير هاشم والتي ما إن دلفت إلى المنزل حتى إتجهت إلى حجرته على الفور لتشبع شوقها إليه، تغمره بالقبلات يقابلها بضحكات مرحبة بها ونداءه الذي تعشقه(را را)، لتقول مابين القبلة والقبلة(قلب رارا وعمرها كله)ليدلف يحيى إلى الحجرة ويبتسم لهذا المشهد، ثم يأخذ منها هاشم، يخبرها أنه سيخلده إلى النوم بينما تأخذ هي حماما تريح به جسدها المتعب، لتوافق على الفور فهي تحتاج فعلا إلى هذا الحمام.
إبتسمت بحنان وهي تتذكر معاملة يحيى لها منذ أن إستيقظت في تلك المستشفى وألقى إعترافه بحبها أمامها، لقد عاد يحيى كما كان بالماضي، هذا المحب المندفع، الشغوف الحنون، يعاملها مجددا كأميرته الصغيرة المدللة، لم يعد يعبس في وجهها أبدا، بل تشمل ملامحه دائما نظرة العشق التي كانت تراها بالماضى، وهاهي دقات قلبها تعلوا عندما تتذكر تلك النظرات التي يرمقها بها، لتضع يدها على خافقها تهدئه قليلا قائلة بهمس:.
إهدى ياقلبى، كل ده من نظرة، أمال لو…
لتنفض رأسها قائلة:
لأ طبعا، إنتى أكيد إتجننتى، نسيتى وعدك لأختك؟، طيب لو كنتى نسيتى وعدك، فنسيتى كمان إنه إتخلى عنك زمان، مش يمكن يتخلى عنك تانى، ويجرح قلبك من جديد، قلبك اللى دلوقتى هيطير من نظرة عشق أو كلمة بحبك اللى قالها، ما هو كمان قالها زمان، وفى أول إختبار لحبكم نساها، وفشل فيه، خليكى عاقلة يارحمة وإوعى تضعفى، عشان في الآخر متندميش.
لتتنهد بضعف وهي تتجه إلى الحمام لتأخذ حماما، ربما يريح جسدها المتعب ولكن روحها المنهكة، ماذا يريحها؟
قالت بشرى بغيظ ما إن دلفت لشقة مجدى:
نفدت منها بنت الأبالسة، إزاي، أنا هتجنن؟
عقد مجدى حاجبيه قائلا:
مين دى؟ونفدت من إيه؟
نظرت إليه بشرى قائلة بحنق:
بقولك إيه يامجدى متجننيش معاك إنت كمان، هيكون مين غيرها؟، ست رحمة طبعا.
إتسعت عينا مجدى بصدمة قائلا:
إنتى عايزة تفهمينى إن رحمة نجت من جرعة السم اللى إديتيهالها؟، مستحيل طبعا.
نظرت إليه قائلة بغيظ يأكل قلبها:.
حظ أبالسة، تقول إيه، من حظها إن واحد وقع الكاس من إيدها فمكملتش كوباية العصير وكمان رجعت شوية، فاللى فضل في معدتها حاجة بسيطة متموتهاش، وأهي راجعة الفيلا النهاردة وكأننا معملناش أي حاجة.
قال مجدى بدهشة:
وعرفتى منين؟
قالت بحقد:
من فتحى.
قال مجدى:
حظ أبالسة فعلا، ليها عمر صحيح.
قالت بشرى بغضب:
لازم أشوفلها حاجة تانية تغورها في ستين داهية، أنا خلاص مش قادرة أستحمل العيشة في الشقة دى وعايزة أرجع بيتى يامجدى.
أمسك مجدى بكتفيها يمسدهم قائلا:
طب إهدى بس، روقى أعصابك وتعالى نشرب كاسين، نظبط بيهم دماغنا ونفكرلها في حاجة تانية.
إبتعدت بشرى عنه وهي تقول بضجر:
مش هينفع أقعد وأشرب، مراد اليومين دول حالته حالة ومتعصب على الآخر، مش عارفة ماله بس، بيتلككلى ع الفاضية والمليانة، أنا عايزة ألحق أرجع البيت قبل ما يرجع.
عقد مجدى حاجبيه وهو يقول بضيق:
والباشا بيرجع إمتى؟
هزت كتفيها قائلة:
ملوش مواعيد، اهو بيطب في أي وقت.
ليرن هاتفها وتشير إليه بالصمت ليدرك مجدى في ضيق أنه مراد، وبشرى تجيب بهدوء:
أيوة يامراد.
إستمعت إليه لثوان قبل أن تقول:
طيب تمام، متقلقش، سلام.
أغلقت الهاتف لينظر إليها مجدى بإستفهام لتعقد حاجبيها قائلة:
ده مراد، بيقولى إن وراه شغل متأخر، وإحتمال يبات في الشركة.
إلتمعت عينا مجدى وهو يجذبها من يدها متجها إلى حجرة النوم قائلا:
وإحنا مستنيين إيه بس؟، تعالى معايا.
قالت بشرى:
إستنى بس يامجدى…
أدخلها مجدى حجرته وأغلق الباب وهو يتطلع إليها بعشق، ليقترب منها يلتصق بها ممررا يده على جسدها ثم يضمها بقوة إليه تلفحها أنفاسه وهو يقول:
مش قادر أستنى، أنا بحبك، بعشقك يابشرى، إسقينى من شهدك بسرعة.
فتحت فمها لتنطق فإذا به يلتقط كلماتها داخل فمه، ينهل من شهدها الذي يسكره، والذي أصبح له إدمانا، لا يريد منه شفاءا، أبدا.
دلف يحيى إلى الحجرة ليتوقف فجأة متجمدا وهو يطالع فاتنته الواقفة أمام الدولاب تقف على أطراف أصابعها تحضر شيئا ما من أعلى الدولاب، بينما تمسك فستانا بيدها الأخرى، تلف جسدها بمنشفة ليظهر كتفيها المرمريتين وساقيها الجميلتين أمامه مجددا، في المرة السابقة إستطاع كبح جماح نفسه عنها أما تلك المرة فوجد نفسه مرغما على الإقتراب ليغلق الباب بهدوء خلفه ويلف المفتاح فيه ليسكره تماما، وسط نظرات رحمة التي تجمدت مكانها يدق قلبها بعنف تلعن غبائها الذي يجعلها تنسى إغلاق الباب جيدا كلما أخذت حماما، كلما تقدم يحيى بإتجاهها بعيونه الغائمة تلك، كلما أدركت رحمة أنها هالكة لا محالة، لتزدرد لعابها قائلة بإضطراب:.
خير يايحيى؟
توقف يحيى أمامها تماما ليمد يده ويأخذ ذلك الفستان من يدها يعلقه بالدولاب، وسط حيرتها ثم يمسك يديها بين يديه ليدق قلبها ويتعالى صوت أنفاسها وهو يقول:
خير ياقلب يحيى،
إزدردت لعابها مجددا وهو يترك يديها، يمرر يديه على طول ذراعيها العاريتين قائلا بصوت تهدج شوقا:
مش آن الأوان يارحمة ننسى اللى فات ونكون لبعض.
كان قد وصل لكتفيها يمسدهم برقة لتشعر رحمة بالذوبان المطلق، لتقول بضعف:
يحيى أنا، وإنت…
قاطعها قائلا بعشق:
أنا وإنتى بنحب بعض، دى حقيقة إحنا الإتنين عارفينها، ومتأكدين منها،
ليمسك بكتفيها يقربها منه حتى لفحتها أنفاسه وهو يقول:
إحنا لازم ننسى كل حاجة تانية ومنفتكرش غير حاجة واحدة وبس، إنتى بتحبينى، وأنا بحبك، صح يارحمة، قولى إنك بتحبينى أد ما أنا بحبك، قوليها.
شعرت رحمة بأنها تفقد كل ذرة مقاومة تمتلكها وهو قريب منها هكذا، يهمس أمام شفتيها بكلمات تدركها وتؤمن بها، تشعر بها في أعماقها، تكاد تستسلم ولكن وعدها لأختها وقف حائلا دون إستسلامها لتطرق بحزن قائلة:
مش هينفع يا يحيى، صدقنى مش هينفع.
ليرفع ذقنها بيده يهمس أمام شفتيها قائلا:.
لأ هينفع، متنكريش إنك بتحبينى، عيونك بتقولها، رعشة جسمك بين إيدية بتقولها، حتى شفايفك بتقولها، شفايفك بتنادينى وأنا مستحيل ملبيش نداها.
لتفتح رحمة شفتيها تعترض على كلماته، ليختطف كلماتها في قبلة أودع بها عشقه يضم جسدها إليه وهو يرفع يده يتخلل خصلات شعرها يضمها إليه أكثر يتعمق بقبلته، لتعلن إستسلامها وتبادله قبلاته، ليحملها دون ان تتفارق الشفاه ويمددها على سريرهما، يبتعد عن شفاهها مرغما لثانية يرغب إعترافا يريح قلبه ليهمس أمام شفتيها قائلا برجاء:
قوليها يارحمة، قوليها وريحى قلبى، نفسى أسمعها من بين شفايفك زي زمان.
لتلبى رجاءه على الفور قائلة بعشق:
بحبك يايحيى، بحبك.
لتلتمع عيناه ويدق قلبه طربا لسماعه كلمات الحب من بين شفتيها ليعود إلى شفتيها يقبلها ويقبلها، يشبع شوقه إليها والذي أضناه سنوات طويلة، طويلة جدا.
دلف مراد إلى تلك الحجرة التي لطالما جمعتهما سويا، هو وشروق، تلك الحجرة التي شهدت لحظات عشقهما، تلك الحجرة التي كان يشعر فيها براحة وسعادة ظللوا حياته لسنوات، والآن إختفوا بإختفائها، توقف أمام المرآه ومرر يده على أدوات زينتها، أمسك زجاجة عطرها ونثر بعضا منه أمامه ثم إقترب يستنشقه بشغف، يغمض عينيه ويتخيلها، تتمثل بالفعل أمامه، يمد يديه ليحتضنها ولكنه يجد فراغا، ليفتح عينيه في ألم ويمرر يده في شعره بعصبية، يلوم نفسه على ضياعها منه، على إكتشافه مشاعره، ولكن بعد فوات الأوان، فقد ضاعت منه ربما للأبد، فلا يعرف لها مكانا آخر ولا عائلة لها فقد كان هو كل عائلتها وخذلها رغم علمه بذلك، هجرته وحتى هاتفها أغلقته بدوره فلا يستطيع حتى محادثتها والتوسل إليها كي تعود إليه، تبا، كم هو مؤلم غياب من نحب.
فتح الدولاب وأحضر منه أحد قمصانها المفضلة لديه، إحتضنه وكأنه يضمها هي، ثم أخذه معه إلى السرير، ليتمدد وهو مازال يضمه إلى صدره، يدرك الآن من هذا الشعور القاتل بالألم في قلبه نتيجة بعد شروق عنه، أنه ربما أحب رحمة يوما ولكنه لم يحبها بقوة كما يعشق تلك الرقيقة التي تزوجها، والتي وبمجرد أن يتخيل الآن بأنها قد تختفى من حياته للأبد، يشعر بأنه يموت، تسحب أنفاسه منه، حرفيا.
نهض يحيى بسرعة وقد إتسعت عيناه بصدمة وهو ينظر إلى بقعة الدماء تلك على الملاءة، ثم يعود بنظراته إلى رحمة التي جذبت الغطاء توارى به جسدها العارى، وهي تطرق برأسها في خجل إمتزج بالحزن، فلقد إستسلمت لعشقها، وهاهي الآن مضطرة أن تنكث بوعدها لراوية، مضطرة لكشف الحقيقة كاملة، لتنتفض على صوت يحيى الذي قال:.
إزاي، فهمينى، أنا هتجنن، إنتى كنتى، طيب واللى حصل وجوازك من هشام، يارحمة فهمينى أبوس إيدك، أنا هتجنن.
نظرت إلى عيونه لثوان تبغى هروبا ولكن ما من مهرب، لتقرر أن تعترف بكل ماحدث بالماضى لتقول بألم:.
الحكاية بدأت من زمان، من اليوم اللى حبيتك فيه وإنت حبيتنى، كنت دايما أقولك هشام بيضايقنى، وكنت دايما باعده عنى، بس جه اليوم اللى طلبت فيه منى الجواز وأنا وافقت، كان هو للأسف سامعنا، وقرر يوقف الجواز ده بأي تمن، حتى لو بفضيحة، خطته كانت إنه يخدرنى بمنوم في عصير ويجيبنى أوضته ويتظاهر بإنى معاه أدامكم بعد ما حد معين يجمعكم، وطبعا خطته نجحت قدر يخدرنى ويجيبنى لحد أوضته ولما فقت، لقيتكم كلكم بتتهمونى بالخطيئة معاه، إنصدمت حاولت أشرح إنى بريئة وإنى مش زي أمى بهيرة اللى خانت أبويا بعد سنة من الجواز وهربت مع السواق، بس بصة واحدة لعنيك خليتنى أسكت، شفت فيهم إنك شايفنى هي، وده صدمنى، خلانى عرفت إنى لوحدى، وعرفت إنى بالنسبة لك ولا حاجة، بالنسبة لكوا كلكم ولا حاجة، أنا بس بنت بهيرة وهفضل طول عمرى بنت بهيرة.
ترقرقت الدموع بعيونها ليجلس يحيى فلم تعد قدماه قادرتان على حمله، لقد كان يشك بأن هذا بالفعل ماحدث ولكن تأكيدها شكه أصابه بطعنة في قلبه، فقط لو كان وثق بها وبحبه لها لأنقذها في هذا اليوم وأنقذ نفسه من كل هذا العذاب الذي مرا به، ليلوم نفسه على ضعفه ويدرك أنه حقا لا يستحقها، ليعقد حاجبيه وهو يدرك أنها تزوجت هشام بعد تلك الليلة البغيضة ومع ذلك هي كانت ماتزال عذراء حتى اليوم، كيف؟
وكأنها قرأت ملامح وجهه وأدركت ما يحيره، لتقول بهمس مرير:
هشام كان مريض يايحيى، كان عاجز جنسيا.
إتسعت عينا يحيى بصدمة لتستطرد قائلة بألم هدج صوتها:
مع الأسف دى الحقيقة، هشام حبنى، بس كان عارف إنه مريض ومرضه ملوش علاج، حبه كان مرضي، مقدرش يشوفنى غير مراته، مقدرش يتخلينى لحد غيره، وخصوصا أخوه، وفضل يعمل ده كله في سبيل إنى أكون ليه لوحده، حتى لو هكون في حياته زوجة بالإسم، المهم مكونش لغيره وبس.
تأمل ملامحها المتألمة بحزن هز كيانه، يعلم أنها ضحية، ضحية لأمها ولجدها ولهشام وله، ضحية للجميع، كم تمنى لو حماها من أن تكون ضحيتهم ولكن ليس كل يتمناه المرء يدركه، تجعد وجهها ألما ليدرك أن القادم أسوأ وهي تقول:.
بكى ليلة فرحنا، إعترفلى، وإعتذرلى، طلب منى أسامحه ووعدنى إنه هيسعدنى، هيحققلى أحلامى، قاللى إن الجواز مش سرير وبس، ولإنى متخيلتش حد غيرك ممكن يلمسنى، رضيت أكمل معاه وأنا مع الأسف، فرحانة من جوايا بعجزه، مش قادرة أتخيل لو مكنش عاجز وقربلى أنا كان ممكن أعمل في نفسى إيه؟مش بعيد كنت إنتحرت، بس هو كان حاسس، كان عارف إنى بحبك وإنك رغم تخليك عنى إلا إن قلبى مقدرش يكرهك، غصب عنى كنت بحلم بيك كل ليلة وفى بعض الأحلام كنت بصحى على عنفه، على قسوة كانت بتظهر فجأة لما بيسمعنى بنادى بإسمك في أحلامى، كنت بعيط، بطلب منه يرحمنى، وإن أحلامى مش بإرادتى، دى حاجة غصب عنى بس كان بيرفض يسمعنى وينتهى بية الأمر في المستشفى بين الحيا والموت، أقعد بالشهور أتعالج، ورغم ألمى بس كنت ببقى مرتاحة منه، كان بيزورنى وفى زياراته كنت بفضل ساكتة لغاية مايمشى وأخلص منه.
كاد يحيى أن يمزق يديه القابض عليهما بقوة غضبا، أين كان وحبيبته تتعرض لكل هذا العذاب على يد أخيه؟أين كان وهي تمر بكل هذا، قسوة وعنف وألم ووجود بالمستشفى مابين الحياة والموت، لقد عانت بما يكفى ولم يكن كعادته بجوارها، ليلعن نفسه الخائنة التي تركتها بلا سند، ويلعن قلبه الذي ظن بها السوء، إستطردت رحمة بحزن:.
كتير فكرت أهرب منه وأرجع على مصر، بس أرجع لمين؟لعيلتى اللى إتخلت عنى وصدقت فية أسوأ شئ ممكن تصدقه في بنتها، العيلة اللى طردتنى ومحدش فيهم سأل علية مرة واحدة، كان حل مستحيل طبعا، فكرت أخلص من حياتى، وأخدت حبوب فعلا، بس حتى دى مسبنيش أعملها ومقدرتش أكملها للآخر، لحقنى وأنقذنى، عشان يعذب فية من تانى، ويضربنى من تانى كل ما يسمعنى بنادى إسمك في أحلامى،.
لتنهار بالبكاء فيسرع يحيى يضمها إلى صدره لتضربه على صدره ترفض ضمته إياها، ضربات متتالية، يدرى أنه يستحق كل ضربة منهم على مافعله بها بالماضى، على سوء ظنه وتخليه عنها، على عدم وجودها بجوارها وهي تعانى كل هذا، فقط لأنها أحبته، ضعفت ضرباتها لتخفت تماما وهي تستكين بين ذراعيه تخفت شهقاتها تدريجيا حتى خفتت بدورها، لتقول بصوت ضعيف:.
فضلت أتعذب لغاية يوم الحادثة، كنا في حفلة، وكنا واقفين بنتكلم مع صحابنا، واحدة فيهم قالتلى إن لون شعرى الجديد مش لايق علية وان الأسود كان أحلى، مش عارفة قالت كدة ليه، غيرة أو يمكن فعلا دى الحقيقة، حقيقى مش عارفة، المهم ان جوزها قال ساعتها إنى مهما كبرت أو غيرت في شكلى هيفضل فية سحر بيجذب الكل لية.
لو كان هذا الرجل أمامه الآن لفتك به، كيف يقول لها تلك الكلمات؟وأمام زوجها، ليجزع وهو يتخيل رد فعل هشام، يتمنى أن تخيب ظنونه، ليضمها بقوة دون أن يشعر وهي تقول:.
شدنى من إيدى أدامهم كلهم، وجرجرنى، إتكعبلت في فستانى ووقعت، راح شاددنى من شعرى موقفنى، حاولوا يخلصونى منه بس هو زعقلهم وقالهم مراتى وأنا حر فيها، فبعدوا عننا، ركبنى العربية وأنا بعيط من ألم رجلى اللى إتلوت لما وقعت وألم كرامتى اللى داس عليها أدام الكل، صرخ فية وطلب منى معيطش، مقدرتش أسكت من الألم، قاللى كلام بشع، عن إنى ساقطة وبشجع الرجالة عشان تقولى كلام حلو وإنه مش مالى عينى ومش قادر يسعدنى وعشان كدة بدور على حد يسعدنى غيره، إستفزنى كلامه وجاب آخرى، طلبت منه الطلاق عشان أخلص من عذابى معاه، قاللى ان الحل الوحيد عشان أخلص منه هو الموت، فتحت باب العربية وكنت هرمى نفسى فعلا بس هو لحقنى وقفل الباب بالقفل الالكترونى، وعينيه لمعت بجنون وقاللى ياهنعيش سوا ياهنموت سوا، لقيته بيزود السرعة ع الآخر، رغم عنى خفت، حاولت أرجعه عن اللى بيعمله بس هو ساعتها أخد القرار، فقد السيطرة على العربية وإتقلبت، وفجأة لقيتنى بطير من إزازها، وبقع على الأرض، وهو جوة العربية، مش قادر يطلع، حاولت أقوم، أحاول أخرجه مقدرتش، لإن رجلى إنكسرت، بصلى بصة أخيرة حسيتها إعتذار منه ورغم كل اللى عمله هزيت راسى إنى مسامحاه، وفجأة العربية إنفجرت أدامى ومحسيتش بحاجة بعدها، ولما فقت كنت في المستشفى وأخوك بيطلب منى أرجع معاه مصر عشان يدفن جثة هشام اللى إتحرقت في الحادثة، طبعا كان مستحيل أرجع في الوقت ده، ساعتها إنت وراوية كنتوا متجوزين وكانت راوية حامل، كنت هعمل إيه وسطكم، مكنتش هقدر أتحمل أعيش بينكم، كان مستحيل أشوفك وياها وقلبى متقيدش فيه النار من غيرتى عليك يايحيى، أنا كنت بتقطع كل يوم وأنا بتخيلك معاها، كنت بموت يايحيى، بموووت.
ضمها يحيى بقوة إلى صدره أكثر، يقول بحنان:
أنا كمان ياقلب يحيى، كنت بموت وأنا بتخيلك معاه، بس الحمد لله ربنا حفظك لية وخلاكى ترجعيلى من تانى.
خرجت رحمة من بين ذراعيه وهي تنظر إليه قائلة بعتاب:
بس أنا مش أول واحدة في حياتك يايحيى، زي ما كنت انت اول واحد فيها.
قال يحيى بعشق وهو يرفع يده يمررها على طول وجنتها الناعمة الرقيقة:
هتصدقينى لو قلتلك إنك أول واحدة وآخر واحدة في حياتى يارحمة.
قالت رحمة في سخرية:.
وراوية دى كانت إيه يايحيى، مجرد زوجة بالإسم، مش هصدقك طبعا، والدليل، هاشم.
قرص وجنتها بخفة قائلا بمزاح:
حبيبتى الغيورة.
أبعدت يده عنها وقد عادت إليها مشاعر الغضب من مزاحه وإستخفافه بغيرتها ليعتدل قائلا بجدية:.
أنا إتجوزت راوية صحيح، بس ده كان عشان خاطر جدى هاشم طلب منى أتجوزها، إنتى عارفة إن راوية اختك كانت اكتر حفيدة بيحبها جدك، يمكن عشان كانت بتشبه جدتك عايدة، أو يمكن لإنها بنت سعاد مرات إبنه الأولانية واللى كان بيحبها جدا، وقهرتها من والدك لما إتجوز والدتك عليها موتتها،
أومأت رحمة برأسها في حزن فهي تعرف كل ذلك ليستطرد يحيى قائلا:.
جدك كان عارف إنها بتحبنى وكان فاكر إن حبها لية ممكن ينسينى حبك، بس كان غلطان، فضلت أحبك حتى بعد ماإتجوزتها، فضل بينى وبينها سد، حاجز، بينى وبينها إنتى، رحمة أختها، كانت حاسة إنى بحب واحدة غيرها وساكتة، إستحملت ومتكلمتش، كان إحساسها إنى جنبها وإسمها على إسمى مكفيها، لحد ما في يوم جدى قاللى إنك في المستشفى عشان وقعتى والبيبى اللى إنتى كنتى حامل فيه نزل، هشام لما كلمه قاله كدة، أكيد كان بيحاول يوصل لينا إن حياتكم طبيعية، أو يوصل لية أنا بالذات الكلام ده، وفعلا، الخبر ده جننى، فكرت، أنا بتعذب في بعدك عنى، وإنتى عايشة حياتك ولا همك، شربت، شربت عشان أنسى بس مقدرتش أنسى، فضلت أشرب وأشرب لغاية مبقتش شايف أدامى ولما رجعت لقيتها مستنيانى، غصب عنى شفتها إنتى، قربتلها على إنها إنتى، فضلت أهمس بإسمك جوايا، وأنا بقولك على كل مشاعرى، لغاية ما حصل اللى حصل وفقت تانى يوم لقيتها جنبى، كانت بتعيط، بتقول كلام غريب على إنها غلطت، وإنى مش هقدر أنسى وإنها لازم تصلح غلطها، حاولت أفهم منها حاجة مقدرتش، سيبتها وسافرت، إحساسى بالذنب ناحيتها كان أكبر من إنى أتحمله، ورجعت لما جدى بلغنى إنها حامل، وعشت معاها بس زي ما كنا قبل الليلة دى، زوجين بالإسم وبس، هي عارفة إنى بحب ومش هقدر أكون لغير حبيبتى، مكتفية بوجودى في حياتها ووجود هاشم، لغاية ما تعبت وبعتتلك، عشان تدخلى حياتى من تانى يارحمة.
أطرقت برأسها قائلة بحزن:
بعتتلى عشان تصلح غلطتها، لإن هشام أقنعها تدينى كوباية العصير بكلام فارغ عن إنى بحبه وإن إنت بتحبها بس عشان أنا وانت قصاد بعض مفكرين ان تعود الطفولة ده حب، لكن لو كل واحد فينا بعد عن التانى هنشوف إن ده مش صح، وهنعرف احنا بنحب مين بجد.
قال يحيى بهدوء:
من كلامك حسيت بكدة، هشام كانت نفسيته مريضة وراوية كانت ساذجة وعرف يضحك عليها ربنا يرحمهم ويغفر لهم.
نظرت رحمة إليه قائلة بإرتياح:
يعنى انت مش زعلان منها يا يحيى؟
تأمل يحيى ملامح رحمة بحنان وهو يدرك أنها تخشى أن يغضب من أختها فيحرم هاشم من ذكراها ليهز رأسه نافيا وعلى شفتيه إرتسمت إبتسامة وهو يقول:
لأ مش زعلان، كفاية إنها عرفت غلطتها وصلحتها قبل ما تموت.
إبتسمت رحمة بسعادة، ثم ما لبثت أن تدراكت كلماته لتتأمل عيناه في فرحة خالصة تغشى عيناها دموع الفرح وهي تقول بنبرات ملهوفة:.
يعنى إنت فضلت لية أنا وبس يايحيى.
إبتسم وهو يمرر يده على وجنتها قائلا بحنان:
زي ما فضلتى لية أنا وبس.
ثم أمسك وجهها بين يديه مستطردا برجاء:
أنا بين إيديكى دلوقتى يارحمة بتمنى تسامحينى ع اللى فات ونبدأ مع بعض صفحة جديدة، بوعدك فيها إن عمرى ما هتخلى عنك تانى وإنى هفضل أحبك لآخر يوم في عمرى وإنى أعوضك عن كل العذاب اللى عشتيه في بعدى، هتقدرى يارحمة، هتقدرى تسامحينى؟
تأملت عيونه بنظرة ظهرت فيها مشاعرها واضحة جلية وهي تقول بعشق:
أنا سامحتك من يوم ما عينك جت في عينى في أول يوم شفتك فيه من تانى يايحيى.
ليبتسم هو في سعادة وهو يتأمل ملامحها قبل أن ينحنى يلثم كل إنش من وجهها وهو يسمعها أحلى كلمات الغزل لتلتقى شفاههم بالنهاية وتكمل معه مقطوعة عشق، آن لها أن تظهر للنور.
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية الثلاثة يحبونها)