رواية زهرة الأصلان الفصل الأربعون 40 بقلم يسر
رواية زهرة الأصلان البارت الأربعون
رواية زهرة الأصلان الجزء الأربعون
رواية زهرة الأصلان الحلقة الأربعون
بمجرد أن غادر أحمد صابر منزل عمته زهرة حتى انفجر ضحكا على فتاته ..
و بمجرد أن هدأت موجة ضحكه حتى لمعت عينيه كدلالة على إزدياد أعجابه بتلك الوقحة الجريئة الجميلة .. ليغادر إلى منزله و فى نيته المداومة على زيارة عمته الصغرى ليحظى بالمزيد من تلك اللقاءات الظريفة .. فأحمد صابر يعد أول أحفاد الحج حامد و الذى يكبر عمته الصغرى بثلاث سنوات .. مما جعله نصب أعين أبيه و جده ليكون الذراع الأيمن لكل منهما .. فعمه” طه” بطبيعته طيب القلب متهور قليلا و “عابد” أبعد نفسه عن ذلك المجال منذ صغره و صب أهتمامه على دراسته .. ليكون الأعتماد التام
على صابر الأبن البكرى للحج حامد صاحب الشخصية الصارمة و القلب الحنون و الذى أسرع أبوه بتزويجه فى سن صغير مقارنة بأخويه طه و عابد .. لتتشكل شخصيته الجادة الصارمة بعد أن أبعدته ظروفه عن كل لهو يتمتع به من هم فى ذلك السن الصغير .. و قد أورثها من بعده لأبنه الأكبر أحمد الذى بدوره أستبعد كذلك عن أى شىء يلهوه عن عمله مع أبيه و جده .. لتتشكل شخصيته الجادة و الصارمة هو الآخر من سن صغير دونا عن أبناء عمه طه التؤام حسن و حسين
.. فلم يكن لبطل بوسى الملاكم أى علاقات خارج إطار عمله و أقاربه .. كما لم ينخرط مع أقاربه المماثلون له سنا نظرا لعدم توافر الوقت لذلك .. ماعدا عمته التى تصغره بثلاث سنوات و التى تشكلت علاقتهم من خلال زيارات والده المحب لها منذ صغرها لتتشكل رويدا رويدا أوتار من المحبة و الصداقة و الأخوة بينهما عوضا عن علاقة العمة بأبن أخيها .. لتأتى بوسى بخفة ظلها و شقاوتها تحدث زلزالا داخل تلك الشخصية المنغلقة على نفسها لتجعله مهتما بمراقبة كل ما يبدر عنها دون قدرة على منع نفسه .. كما أهدته أول إبتسامة كذلك أول ضحكة من قلبه و التى ظلت معه طالما طغت تلك الفتاة على تفكيره .. و هو ما حدث ليجد أحمد نفسه شخصا آخر لين الطباع غريب عما كان عليه .. لدرجة أنه ظل يوما كاملا يحدث جدته صفية المنصورى عن ملاحظته لضعف صحة عمته و أنه يريد منها أن تصنع له بعض الأصناف اللذيذة ليهديها لها .. و لم تنتبه صفية المنصورى لطلب حفيدها الغريب كليا عن شخصيته بعد أن أستغل جانبها الضعيف و هو عمته زهرة ربيبتها .. لتسهر طوال الليل تعد الكثير و الكثير من الوجبات المغذية لزهرة .. و يتمكن حفيدها من جعلها ذريعة لذهابه المتكرر لعمته لعله يرى تلك الشقية من جديد .
بعد أن حصل محمد على قسطا من الراحة بمنزل والدته .. و قد أعياه الجوع فلم يتناول طعامه من فترة طويلة تجاوزت اليوم و نصف .. ليتأفف حينما أنتبه لخلو المنزل من أى طعام كذلك عدم وجود ملابس له .. ليكتفى بغسل وجهه و يخرج لشراء بعض الملابس و الطعام فلا توجد لديه رغبة للعودة لمنزل الحج قدرى .. و بعد أن تأكد أنه على الأقل معه مال أتجه للخارج ليفاجأ بأخيه الأكبر أصلان جالسا على أحد المصاطب المبنية بالحديقة و مطرقا رأسه فى شرود .. ليعلم محمد من الهالة التى تحيط أخيه بأن شىء ما قد حدث و هذا الشيء ليس جيد .. سار محمد ليقف أمام أخيه الذى لم ينتبه له على الرغم من وقوفه أمامه
– محمد بلين بسبب حالة الأصلان :
أصلااان .. أنت كويس ؟! ..
أصلااان .. أصلااان .
و لما وجد محمد أن أصلان ينظر له فقط دون إبداء أى إستجابة كما يتضح الإرهاق الشديد عليه و تهدلت ملابسه
.. و على ملامحه تظهر الحيرة .. ليمتنع
عن محاولة الحديث إليه و الذى لا يجدى فى حالة أخيه الأكبر ..
– محمد بجدية :
طاب قوم معايا .
ليأخذ بيد أخيه الأكبر و يدخله المنزل
ليجعله يستريح قليلا على فراشه و يكتفى بإطفاء الإضاءة و إغلاق باب
الغرفة عليه .. و يتجه هو إلى الخارج يجلب ما يحتاج إليه من أغراض له و لأخيه الأصلان .. و قد نسى كليا إخبار منزل جده بوجود الأصلان عنده .. لينتهى أخيرا هذا اليوم الملئ بالأحداث بسقوط أبطاله فى نوم عميق هربا من واقعهم المؤلم .
ليأتى الصباح محملا بالحدث الأساسى و هو خروج الأصلان من المنزل و عدم عودته ليلا إليه .. لتكتشف السيدة نعمة ذلك حينما ذهبت لإيقاظه صباحا بعد أن تأخر على ميعاد إستيقاظه اليومى
.. لتفاجأ بأبنها الأكبر غير موجود بغرفته كذلك لم تراه لإستيقاظها هى و الجد فجرا مما يعنى أنه لم يبت ليلته بالمنزل .. لتهرع إلى غرفة إبنها أسامة تطرق على بابه حتى فتح بعد فترة قصيرة تتضح على وجهه علامات النوم
و لم يكن إستفاق كليا .. لتسأله عن أخيه .. ليقلق أسامة على أخيه و يحاول الإتصال به إلا أنه وجد فى المقابل عدة مكالمات فائتة من محمد
.. و يصدح هاتفه بإتصال جديد من محمد ليرد عليه و يتنفس الصعداء حينما طمئنه ابن خالته عن أخيه الأكبر
.. أغلق أسامة هاتفه و نزل إلى جده و السيدة نعمة يطمئنهم على الأصلان
– السيدة نعمة بحنق :
و هو راح عند محمد بالليل
ليه ؟! .. ما كان يستنى للصبح .
– الحج قدرى بشرود :
سيبى إبنك براحته يا نعمة هو
مش صغير .. و لا هو راح و
منعرفش عنه حاجة دا عند ابن
خالته مش حد غريب .
– السيدة نعمة بحنق :
ما أنت أعدت تقولى سبيهم
لحد ما عمالين يتسرسبوا بعيد
عنى واحد ورا التانى .. و بعدين
معاهم كل واحد فيهم زعلان مع
مراته و سايبلى البيت لحد ما
فضا عليا .
– أسامة مستنكرا :
شكرا يمة .. أول مرة أعرف
إنى مليش عازة عندك .. أنتى
مش واخدة بالك منى و لا إيه ؟
لتنظر له السيدة نعمة شذرا و لم ترد عليه كدلالة على موافقتها على حديثه
” صباح الخير ”
– لم يكن الصوت الخافت سوى لأسماء التى قررت أخيرا الخروج من
غرفتها
ليجيب الجد و السيدة نعمة تحيتها بخفوت أو ما يسمونه ب ” من تحت
الضرس ” بينما حدجها أسامة بنظرة ماكرة ليقول :
هل هلالك .. إيه خير قررتى أخيرا
تنزلى من مملكتك ؟! .. مش تعدى
تساعدى أمك و تسألى على إبنك
و لا خلاص أخدتى على الأعدة ؟
و إنك متعمليش حاجة ؟!
– لتحدج أسماء أمها و جدها بنظرة جانبية لتجدهم واجمين و صامتين
دلالة على موافقتهم على حديثه :
ما البيت مليان ناس .. هى يعنى
جت عليا أنا ؟!
– السيدة نعمة بإستنكار لحديث أبنتها :
إن شالله يكون فيه ميت واحد
برده تقومى من الصبح و
تشوفى أمور بيتك .
– أسماء ببرود :
و هو فين بيتى ده ؟!
– الجد الذى فهم من نبرة حديث حفيدته عدم تنازلها عن موقفها .. ليرد
ببرود مماثل لبرودها :
عندها حق يا نعمة .. بيتها مطرح
ما جوزها يعد .. مش سايبة
جوزها و مش عارفة هو فين
و آعدة هنا على قلبها مراوح .
كانت أسماء فى العادة تعلم حرص الجد على أن يشعر الجميع أن منزله هو منزلهم .. و لكن يبدو أن تلك النقطة لم تعد تؤثر فى جدها الذى يفهم عليها و يعلم بتفكير حفيدته .. ليصفع رده أسماء على وجهها
– أسماء بصدمة :
يعنى إيه يا جدى ؟! .. قصدك إن
البيت ده مش بيتى .
– الجد ببرود و هو يرتشف الشاى :
لأ يا بنتى .. البيت دا بيتى أنا
.. بيت الحج قدرى مش بيت
الحجة أسماء .. يعنى أنا إللى
أقول مين يعد و مين يمشى
.. مش حتة العيلة بنت إمبارح
هيا اللى تقول .
لتصفع أسماء ثانية من رد جدها الذى ألجمها .. بينما لم تحرك أمها ساكنا دليلا على موافقتها على ما أنتهجه الجد مع إبنتها .. و أنسحب أسامة ناويا الذهاب
لأخيه الأكبر و ابن خالته .
– لتقول السيدة نعمة مؤنبة إبنتها التى
خيبت ظنها .. لتكبر تلك الإبنة
مختلفة الصفات عن أمها بعيدة كل
البعد عنها :
هان عليكى ابن خالتك تطرديه
بره البيت .. يا ميلة بختى فيكى .
– أسماء بخجل و مكابرة :
أنا مقولتش ليه يمشى .. هو
إللى أتقمص و مشى و خلى
شكلى وحش أدامكوا .
– الجد بتأنيب لحفيدته :
يعنى كل اللى همك فى الحكاية
كلها شكلك أدامنا .. لكن جوزك
مش فارق معاكى بحاجة .
– لم تستطع أسماء الرد لتتلعثم :
أنا .. أنا .. مقصدتش كده .
– ليقول الجد بخيبة :
أمال جصدك إيه يا بنتى ؟! ..
روحى لحالك شوفى كنتى
عاوزة تعملى إيه .
لتنسحب أسماء فى صمت صاعدة إلى غرفتها ثانية يتكللها الخجل مما إقترفت يديها .
لينزل مقابلا لها على السلم رائد الذى خرج أخيرا من غرفته التى هرب إليها من اليوم السابق بعد أن أخجله أسامة و فضح أفعاله أمام جده .. ليجد الجد و السيدة نعمة جالسين يرتشفان الشاى
.. و تستقبله السيدة نعمة بالترحاب و تطلب من أحد الفتيات بالمطبخ تحضير الفطار له و تذهب معها تتابع شئون المنزل مع أم أحمد لتترك الجد و حفيده بمفردهما .. يحمحم رائد و يصبح على جده ليصوب عليه الجد نظراته الثاقبة دون أن يعير تحيته أى إهتمام .. و تستمر النظرات الثاقبة من الجد مقابل نظيرتها المضطربة من رائد
ليستسلم رائد فى النهاية و يغادر خجلا من جده بعد أن أوضحت النظرات المتبادلة بينهم كل ما يمكن أن يقال فى ذلك المقام .
فى منزل الحج حامد المنصورى تجلس السيدة صفية المنصورى مع أخيها الحج حامد سوية فى غرفة الإستقبال المعدة بمنزله من أجل إستقبال ضيوفه أو العائلة لخوض النقاشات و حل النزاعات و غيرها .. بحيث تكون بعيدة عن أهل منزله لإعطائهم الخصوصية ..
و تتميز تلك الغرفة بإتساعها فى مقابل باقى غرف المنزل .. و وجود باب خارجى لها مميز يطل على حديقة المنزل الخارجية يسمح للوافدين بالدخول و الخروج منها دون المس بحرمة أهل المنزل .. كما يوجد لها باب داخلى يصلها بداخل المنزل .. لتدخل عليهم بغتة زوجته أم صابر بغير إستئذان مقاطعة حديثه مع أخته بفظاظة من أجل لا شىء بعد أن يأست من معرفة فحوى الحديث الخاص بين زوجها و أخته التى سكنت منزلها دون موافقتها .. ليحدجها زوجها بنظرة نارية لعلمه بأساليبها جعلتها تخرج مرة أخرى متأففة .. ليقابلها حفيدها الأكبر أحمد صابر و الذى كان يريد هو الآخر تخطى جدته و الإنضمام لجده و جدته صفية لولا أن منعته يد أمسكت بذراعه لم تكن إلا لجدته أم صابر
– أم صابر بتطفل :
فى إيه يا ولا ؟! .. جدك و اخد
أخته و نازلين بسبسة فى
الجاعة ليه ؟! .. بنت الخوجاية
أطلجت .
– أحمد صابر ببرود نابع من طبيعة
شخصيته الجادة و لعلمه بكره جدته
لعمته الصغرى و جدته صفية :
معرفش .
– أم صابر بحدة و صوت منخفض :
يعنى عاوز تفهمنى إن جدك
باعتلك تعد معاه هو و أخته
و متعرفش رايدك فى إيه ؟!
– أحمد صابر :
لأ يا ستى ماقليش حاجة .
– أم صابر بحدة :
كداب .. طول عمرك فى صف
بنت جدك .
لم يرد أحمد صابر و لكن بهدوء و بغتة
عن الكل فتح الباب ليلتفت الحج حامد و أخته إلى الباب الذى فتح دون إستئذان ليجدا فى المقابل أحمد صابر مع جدته أم صابر الممسكة بذراعه بقسوة نابعة من قسوة قلبها و لم تبعد يديها عنه بعد أن فتح حفيدها الباب فجأة .. ليرفع الحج حامد حاجبيه من المنظر و تكتم السيدة صفية ضحكها على زوجة أخيها المتصابية
– أحمد صابر ببرود :
كنت عاوزنى فى إيه يا جدى
ستى عاوزة تعرف .
لتشهق أم صابر من أفعال حفيدها الغشيم أو القطر كما تلقبه و تضحك
السيدة صفية و يبتسم الحج حامد من الموقف و يقول بفكاهة إغاظة لتلك السيدة التى مازالت تناقر الموتى
– الحج حامد :
مفيش .. أتوحشتك و جولت
تاجى تعد معانا أنا و جدتك
صفية .
ليدخل أحمد و يجلس غير مهتم بجدته أم صابر التى كادت تجلط من أسلوبه
– أم صابر بغيظ :
أتوحشته و هو معاك على طول
.. أممممم طاب
مدام كده بجا آجى آعد أنا
كمان .. و لا أنا مليش نفس .
لتدخل بفظاظة لتجلس و يتنهد زوجها من أفعالها موجها حديثه لأحمد
– الحج حامد :
بعد ما تشرب الشاى يا ولدى ..
وصل جدتك صفية لعمتك زهرة
.. رايدة تجضى اليوم عندها .
ليفقد قلب أحمد خفقة من خفقاته .. فحديث جده يعنى لقاء آخر له مع تلك
المشاغبة .. ليبتسم بإتساع موافقة .. فسره جده لتعلق حفيده الجاد بعمته الرقيقة زهرة و لا يعلم أن قلب الحفيد الجاد بدأ يلين شيئا فشئ لفتاة شقية .
– السيدة صفية بحنين :
و أنت مش هتاجى يا حامد تطل
على زهرة ؟!
– الحج حامد بإبتسامة واسعة و حب :
معلوم .. هخلص أشغالى و
أحصلك .
و ينطلق أحمد مع جدته الصفية و التى أعدت كما آخر من الأكلات التى تحبها إبنتها و أغراض كثيرة كانت قد أشترتها
لها .
إستيقظت بوسى صباحا لتجد نفسها نائمة على بطنها على الأريكة يحاوطها بعض شرائح البطاطس .. و تستغرق عدة دقائق حتى تتذكر موقفها أمس مع ملاكمها .. و تبتسم باتساع على هذا الملاكم الذى يبدو من المواقف القليلة التى جمعتهما أنه كما يقولون خام ليس له تجارب .. و تقول تلك الشقية فى نفسها
– بوسى بخفوت :
بس على مين ؟! .. و الله
لجيبوا على بوزوا .
و تنهض بكل نشاط من على أريكتها لتجد سوما هى الأخرى نائمة على الأريكة المقابلة لها .. لتتذكر كيف كانت سببا فى إحراجها أمام ملاكمها لتلكمها على معدتها بشدة ثم تسرع بالهرب إلى الحمام بعد أن أطربت أذنيها بصوت تألم سوما من قبضتها و توعدها لها ..
بعد أن أغتسلت الفتاتان و إطمأنتا على زهرة التى كانت غارقة فى نوم
عميق
لتتركها و تخرجان من المنزل بهدوء .
و تقابلت الفتاتان فى الحديقة الأمامية مع رائد الذى خرج هاربا من نظرات جده ليصطدم بسوما و بوسى التى لم يفوتها هى الأخرى تصرفات رائد
– بوسى بسماجة :
ريرى .. رايح فين ؟!
– رائد الذى أحمر وجهه غضبا من ذلك اللقب الذى أطلقته عليه عمته سعاد :
قولتلك مابحبش الاسم ده .
– بوسى بنفس السماجة إنتقاما لأخيها الأصلان :
ليه كده بس يا ريرى ؟! .. مالك
خارج مستعجل ليه ؟!
– رائد بنرفزة :
أمشى من وشى يا بوسى .. ورايا
محاضرة و أتأخرت عليها .
– بوسى بفهم :
أمممممم .. طاب و لما أنت وراك
محاضرة الصبح بدرى كده جيت
ليه معانا إمبارح و ماشى ورانا
بعربيتك .. حسستنا إن إحنا فى
فيلم أكشن و جو مطاردة
سيارات .
– رائد بعصبية من غبائه فقد كشف مشاعره للجميع بسبب تهوره :
بوسى ماتعصبينيش .. أنا
روحى فى مناخيرى و م………..
– صوت لشخص آخر يقف وراء رائد و
وضع يده على كتفه بغرض ندائه و
الألتفات له :
لو سمحت .
ليلتفت رائد مقابلا مناديه الذى لم يكن سوى أحمد صابر و بعده بمسافة جدته صفية المنصورى اللذان جاءا بهدف زيارة زهرة فى الصباح الباكر ليجدا شخصا ما يصرخ فى تلك الفتاة الشقية ليتحرك أحمد مسرعا فى إتجاههم مزامنة مع طلب جدته بتحرى الأمر خوفا من أن يكون هذا الشخص يؤذيها
.. و عندما ألتفت له رائد اندفع أحمد و لكمه بتهور .. أدت إلى سقوط رائد أرضا و صراخ الحجة صفية و سوما و صمت بوسى بعد أن إحمر وجهها بالكامل .. فبينما رائد سقط متألما من لكمة هذا الشخص ذو البنية الجسدية الضخمة و تصرخ سوما و الحجة صفية كان أحمد لا يعير كل ذلك أدنى إهتمام و ينظر فقط لتلك الشقية التى لم تعير أيضا ما حدث أدنى إهتمام و تبادلت مع ملاكمها النظرات .. مما أدى لإحمرار وجهها خجلا .
فى حين خرج الحج قدرى و السيدة نعمة مسرعين بعد أن ميزا صراخ سوما
و إمرأة أخرى .. ليجدا رائد ملقى أرضا و قد نزفت أنفه كما لا بأس به من الدماء و قد غطاها بمنديل .. بينما بجانبهم بوسى تنظر لشخص آخر و لم
تنتبه على وصول جدها .. الذى تجاهل هو الآخر رائد الملقى أرضا و وصل بخطواته إلى حفيدته الأخرى المتجمدة أمام رجل ذو بنية ضخمة أتضح فيما بعد أنه حفيد الحج حامد المنصورى
.. لتتكون فكرة عامة فى ذهن الجد عن إحتمالية ما حدث و الذى للغرابة أعجبه للغاية و رحب به .. فقد وجد حفيدته الشقية أخيرا كالقطة الخاضعة فى حضرة هذا الرجل الضخم .. ليحمحم الحج قدرى جاذبا إنتباه الجميع و طلب منهم الدخول لمنزله .. لتتحرك سوما و السيدة نعمة بصحبة السيدة صفية المنصورى .. بينما دخل الجد بصحبة رائد تاركا مسافة ليدخل بعده أحمد و بوسى .. لم يتحرك أحمد و لم تتحرك بوسى و أستمرت النظرات المتبادلة بينهما نظرات ذهول من بوسى بعد أن أدركت أن الملاكم الجاد بالفعل يكن لها مشاعر و نظرات خوف من الآخر على فتاته الشقية كذلك نظرات غضب طغت على نظراته الخائفة فلا ينكر أحمد أن وسامة الشخص الذى كان يصرخ بفتاته كانت سببا أساسيا فى تهوره و رغبته بلكمه بعد أن كان ينتوى إبعاده عنها دون إعتداء و لكن بعد أن ألتفت له رائد غير أحمد رأيه و لكمه خوفا من أن تكون تلك الشقية تكن له المشاعر .. لينظر فى عينيها وقتا يحاول تبين إذا ما ظهر عليها أى مشاعر خوف منه أو على الآخر الملقى أرضا .. و لكنه لم يجد شيئا .. و بعد أن سمعت بوسى نداء جدها من أعلى السلم الرئيسى للمنزل و الذى شاهد تلك النظرات و تأكد من فكرته .. تحركت بوسى بنية الدخول ليوقفها ثانية حديث أحمد معها لأول مرة قرب باب المنزل
– أحمد بصوت خرج مضطربا من خوفه
:
بتحبيه ؟!
لتبتسم بوسى على ذلك الملاكم الجاد أو كما يقولون الغشيم فمهما كانت المواقف التى جمعت بينهم لا تعطيه الحق فى سؤالها .. كذلك حتى و لو كان له الحق لا يجب أن يبدأ حديثه معها بهذا السؤال .. لتتركه بوسى و تدخل بعد أن أعطته لا خافتة .. أثلجت قلب ذو البنية الضخمة و رسمت على وجهه إبتسامة خفيفة جدا تكاد لا ترى
و يدخل بعدها .. مناقضا شخصيته فإعتذر أولا للحج قدرى موضحا حقيقة ما حدث و الذى سبق أن أوضحته من قبله جدته صفية و بوسى .. كذلك وجد نفسه يعتذر لرائد بعد أن خرج من الحمام و نظف نفسه .. ففى الأخير ليس لديه مانع لذلك طالما فتاته الشقية لا تحبه .. ليغير الجد الموضوع بعد أن طلب من فاطمة إحضار أكواب الشاى للجميع ماعدا رائد الذى غادر .
جلس محمد على إحدى المقاعد الحديدية المنتشرة بحديقة منزله .. و قد شعر أخيرا بالإنتعاش بعد أن تحمم و أبدل ملابسه بأخرى جديدة أشتراها اليوم السابق يرتشف من كوب الشاى الخاص به و الذى جلبه أيضا مع العديد من أصناف الطعام ..ليدخل أسامة على ابن خالته خائفا .. ألقى عليه السلام و عينيه تبحث عن أخيه الأكبر .. ليجيبه محمد مباشرة بعد أن أشار له بالجلوس
– محمد بهدوء :
أعد أخوك نايم جوه .
– أسامة بقلق :
هو كويس يعنى يا محمد ؟!..
إيه اللى جابه ؟! .. حصل له
حاجة ؟!
– محمد مقدرا قلق أسامة :
متقلقش هو بخير .. كان شكله
متغير إمبارح شوية و دخلته
ينام .. متكلمش و لا كلمة ..
بس شقرت عليه الصبح كان
نايم .
لم يطمئن أسامة من كلام محمد .. و لما لاحظ محمد التعبيرات القلقة على أسامة سأله
– محمد بقلق على أخيه الأكبر :
هو فى حاجة حصلت إمبارح ؟!
– أسامة متنهدا :
يوه متعدش .
لم تشفى إجابة أسامة المبهمة فضول محمد و قلقه على أخيه الأصلان ليقول له أسامة بفكاهة
– أسامة :
طاب تعالى أعملى كوباية شاى
و أنا أحكيلك .
ليقص عليه أسامة ماحدث بداية من لقاء زهرة مع سماح صالح حتى تقاتل الأصلان مع رائد و جلوس الأصلان على باب زوجته .
– يتنهد محمد :
لا حول و لا قوة إلا بالله .. دول
لو معملوهم عمل مش هيحصلهم
كده .
– أسامة :
لما زهرة رجعت .. قولت كلهم يوم
و لا اتنين و هى و الأصلان
يتصالحوا .. بس شكلها كده
أتعقدت .
– محمد بضيق :
و لا رائد ده كمان نزل من نظرى
أوى .. أنا الشهادة لله ماكنتش
بطيقه الأول دلوقتى الحمد
لله بكرهه .
لم يرد أسامة على محمد .. ليرفع محمد نظره لأخيه يجده يحدجه بنظرة يعرف محمد معناها جيدا .
– محمد متهربا :
إيه ؟! … فى إيه ؟!
– أسامة قارصا محمد من وجنته بمشاكسة :
يا حمادة .. عليا برده .. طاب
و أنت ؟! .. هتفضلى غضبانة
عند أهلك كده كتير ؟!
– أبعد محمد يد أسامة التى آلمته عنه بحنق :
إيه غضبانة دى ؟! .. أنا مش
غضبان .. أنا بس واخد موقف .
– أسامة بسخرية :
واخد موقف .. و الله .. طاب
ما تقولنا إيه الموقف ده ؟! ..
عشان نقف معاك فيه ؟!
– محمد بغيظ :
دا أنت بتستظرف ؟!
– أسامة بجدية :
أنت اللى بتهزر .. لما شحط………..
– قاطعه محمد بإنفعال :
إيه شحط دى ؟!
– ليصرخ أسامة فى وجه محمد غير عابئا بصوته العالى الذى أيقظ أخيه الأصلان :
بس أخرس .. أيوه شحط .. لما
شحط طويل عريض زيك يغضب
و يسيب البيت أسميه إيه ؟! ..
رد يا أبو موقف .. خلينى أفهم
موقفك عشان أقف معاك و
و نخلص .
و لما بدأ محمد فى كلامه قاطعه أسامة مجددا ليقول
– أسامة رافعا إصبعه فى وجه محمد يحذره بنبرة بطيئة مليئة بالتهديد :
خلى بالك .. أنا بحذرك .. و قد
أعذر من أنذر .. مش هاسمحلك
تطلج أختى .. أبنك البقرة بودة
محدش هيربيها غيرك .
-محمد بغضب :
ما تقولش على إبنى بقرة .. أما
نشوف خلفتك أنت و الست سوما ؟
– أسامة بتقرير :
مش محتاجة ذكاء ! .. السمبوسة
هتخلف سمبوسة زيها .. دا قدرى
و أنا رضيت بيه .. زى ما أنت
كمان بودة و أختى الهبلة قدرك
و لازم ترضى بيهم .
– محمد بكبرياء زائف ضاربا بيده الطاولة التى يجلس حولها هو و أسامة :
أنا ماقولتش إن أنا مش راضى
.. بس لازم يكون فى عقاب ..
مش هأسمح إن الموضوع ده
يمر بالساهل .
– أسامة بإنتصار و فرحة مبالغ بها :
حلووووو أوى كده .. طمنى
هاه هتضربها؟ .. هتتجوز عليها ؟
.. هتاخد بودة و تسيب البيت ليها
؟ فتمشى هى و تروح وراك ؟! ..
هتخليها……………………………..
– صرخ محمد بصدمة من كلام أسامة :
بااااااااااااااااااااااس ..
يخربيتك .. أنت متأكد أن أسماء
أختك ؟! .. إيه يا بنى الشر اللى
جواك ده ؟! .. كنت مخبيه فين ؟!
– أسامة بمشاكسة :
فى جيبى .. “ثم تحدث بجدية ”
أسمعنى هقولك إيه .. و تنفذه من
سكات عشان تتلموا فى بيت واحد
و نخلص .. ماشى ؟!
– محمد بكبرياء زائف :
أفكر الأول ..
” ثم غير كلامه مسرعا عندما تألم
من قبضة أسامة التى توجهت
لبطنه ”
ماشى .
و فى أثناء إعداد أسامة و محمد للخطة الإستراتيجية التى سوف يتحركون الأيام القادمة على أساسها انسحب الأصلان بهدوء مبتسما بخفة على أفعال أخويه ليعود إلى منزله بعد أن قضى ليلته خارج المنزل ليبتعد عن الجو المشحون بالمنزل .
و فى تلك الأثناء انتقل أحمد صابر و الحاجة صفية إلى بيت زهرة من أجل قضاء اليوم مع ربيبتها كما أنتوت .. و قد أصطحبتهم السيدة نعمة إلى هناك لرؤية زهرة و الإطمئنان على صحتها
.. و التى كانت إستيقظت من نومها لتشعر بتحسن بسيط جسديا و لكن مازالت تتألم نفسيا .. لتدخل عليها والدة أصلانها و عمتها تشغلانها قليلا عما تشعر به .. إلا أن قطة الأصلان مازالت تتألم ليطغى الألم على رغبتها بالكلام فتصمت .. و يطغى على فرحها ليظهر الحزن و يتشكل العبوس على وجهها .. و يطغى على رغبتها بمجالسة آخرين يشغلونها عن التفكير بأصلانها فتنعزل عنهم .. و تخرج من منزلها بمفردها تسير ببطئ و ثقل بسبب حملها لتجلس بالحديقة الأمامية للمنزل وحدها .. حيث تركها الآخرون بعد أن استشعروا رغبتها فى ذلك .
بينما يسير الأصلان فى طريقه إلى منزله و لا يشغل باله إلا قطته حبيبته
تلك الصغيرة الماكرة التى لم تترك جزء بجسده إلا و لمسته بيديها الصغيرتين
جعلته يعتاد على لمساتها لدرجة أوصلته للجنون ببعدها عنه .
قضت معه ليالى أوصلته فيها للسماء لتتركه بعدها يقضى أياما تعيسة فارغة
يعود فيها يصطدم بالأرض الصلبة لتؤلمه بشدة .
يفكر و يفكر و يفكر بها بجنون .. جنون قاده لسؤال .. ألا تستطيع أن تعود له ليلة واحدة تقضيها معه توصله فيها للسماء و تجعله يأن فيها بشغف و يحتفظ بها كذكرى فى قلبه يلجأ إليها كلما أهلكه شوقه و أحتضرت روحه و سقم جسده .
يريدها بكل ما تحمله الكلمة من معنى
لا ينفك عن التفكير بقطته .. من حقه التفكير بها بكل وقت و أى طريقة ترضيه و تشبع شوقه و لو قليلا ..
فتارة يراها بالمطبخ و أخرى تضحك هى و سوما و بوسى .. و مع جده تناوله أدويته تلعب مع بودة تلهو فى الحديقة و تتحدث مع أبو أحمد تتحدث مع أمه .. تستقبله من عمله .. تخاصمه لبعده عنها .. تبكى لشوقها له
تأن بمتعة من لمساته .. تتنهد من همساته لها .. ليجد نفسه رجلا مختلف كليا عما إعتاد عليه .. من أين أتى بكل هذا الغزل ؟ .. من أين جاءت ألفاظه الفاحشة ؟ .. من أين جاءت أفعاله المجنونة معها ؟ .. من أين جاء شغفه بها ؟
و إنهالت الأسئلة على الأصلان حتى وصل إلى حديقة منزله ليراها .. و يتخطى قلبه نبضة .. زهرته جالسة بالقرب من مجموعة من الزهور التى بهتت بجانب قطته .. و أتجه بخطواته إليها .. ليجلس بجانبها .. و شعرت هى به و لم تأتها القدرة على مواجهته .. ليفهم هو عليها .. فحبيبته تبتعد عنه .. ليقترب هو أكثر و يضع قطته على قدميه التى وسعها بشكل مريح لتكون القطة جالسة بحضنه هادئة .. و أحاطها أصلانها بذراعه فى حميمية مهلكة معبرة عن مشاعره تجاهها .. كما أخفت هى نفسها بين ذراعيه كقطة باحثة
عن الأمان الذى طالما وفره له .. و كما أجبرتها مشاعرها المرهفة تجاهه .. لتخفى وجهها تلقائيا بصدره .. و توخزه ضربات قلبه التى وصلت لحد الصخب
.. خانه لسانه فوجد نفسه لا يستطيع نطق ما وطن نفسه عليه .. و ينبض قلبها بعنفوان بعد أن شعرت بما سيأتى بينهما لاحقا .. حاول الأصلان قدر الإمكان إبعاد بصره عنها حتى يستطيع التحدث .
ليتحدث بعدها بنبرة هادئة و لكنها مليئة بالشجن
” لسه مخصمانى يا زهرة ؟! ”
لتكون تلك المرة من المرات القليلة التى سمعت فيها إسمها على لسانه بعد أن إعتادت منه التحبب و دلالها بقوله
” رورو ” من أول يوم قضته معه .. لم تجد زهرة فى نفسها القدرة على الحديث .. و الغريب أيضا أنها حتى لم ترغب فى الحديث لتجد نفسها ترغب فى قضاء فترة و لو عدة دقائق مع أصلانها بسلام قبل أن يبتعدا .. و عند هذه الفكرة بدأ قلبها ينبض بعنفوان و تدمع عينيها .. كما دمعت عيناه حينما وصلته إجابتها على سؤاله عن خصامهما بصمتها .. ليضمها الأصلان أكثر بهيام نابع عن معرفته بفراقه لها ..
و يسير بأنفه على طول عنقها يستنشق رائحتها ببطئ ثم يبتعد قليلا ليضع رأسها على كتفه و تستغل زهرة وضعها فى استنشاق رائحته .. حتى أكمل بهدوء و هو يسير بيديه على ظهرها
– الأصلان بشجن :
أنا وصيت على حاجات كتير ل
ولادنا .. هتوصل كمان كام يوم
أتفرجى عليها و اللى ناجص
إنزلى هاتيه بنفسك مع أمى و
البنات .. … .. … .. … .. … ..
-لينقبض قلب زهرة و تبكى بهدوء و يكمل أصلانها :
لما عرفت بحملك كنت عاوز
أهاديكى بحاجة منى .. على ذوقى
.. هتوصلك فى علبة مع حاجة
الولاد .. … .. … .. … خديها يا
زهرة .. … .. … .. إعتبريه آخر
طلب أطلبه منك .. … .. … خليها
معاكى ذكرى منى .. و مش عاوز
حاجة تانى .. … .. … .. … .. …
ليرخى الأصلان ذراعيه عن قطته و يرفعها برقة و يضعها بجانبه .. ثم
يقبل يديها التى تحتفظ بهما و يتركها و يغادر بهدوء ذاهبا إلى منزله .. ليستيقظ المنزل بأكمله فى اليوم التالى على خبر سفر الأصلان .
غادر الأصلان منزله متنقلا بين المحافظات بغرض تخليص أعماله المتعددة .. و قد جمع كما لا يستهان به من العمل للقيام به يكفيهم لعدة شهور
.. فضل القيام به وحده دون الإستعانة بأحد آخر يتبادل معه أو حتى يساعده
.. لتزيد فى المقابل عدد أيام سفره كما أراد هو لإلهاء نفسه عن ألمه .. ليفضل وحدته ليخلو سفره من رفيق يفرض عليه إظهار إنفعالات معينة لإخفاء مشاعره المتألمة ليبتعد عن زهرة نهائيا .
و فى المقابل أستقبلت زهرة الخبر بصمت و فضلت إخفاء مشاعرها أيضا نظرا لإحاطتها بكم لا بأس به من الأشخاص الملازمين لها .. و تفقدت الأشياء الكثيرة التى إشتراها الأصلان لأطفالهما بدموعها .. و التى تساقطت رغما عنها حزنا فمن المفترض أن تقوم هى و أصلانها بشراء تلك الأشياء معا ..
و أبقت على العلبة الحمراء جانبا تحتفظ بها لفتحها فى وقت آخر تكون بمفردها فيه .. خوفا منها أن تفشل فى الحفاظ على التعبيرات الصامتة و الفارغة المرسومة على وجهها أمام السيدة نعمة التى كانت تتفقد معها الحاجيات .. و قد أدركت السيدة نعمة ما فى نفس شبيهتها و زوجة إبنها الأكبر .. لتقترح على تلك الصغيرة الخروج معا لشراء ما نقص من المستلزمات الضرورية إستعدادا لولادتها .
و قد وافقتها زهرة بعد أن شعرت بالإختناق الشديد و رغبت فى تغيير الجو المحيط بها . كما أرادت السيدة نعمة لتذهبان معا فقط برفقة السائق دون وجود أحد آخر يشارك الأم و زوجة إبنها بهذا الموقف .. و لم تتوقف السيدة نعمة عن إلقاء كلماتها الحنونة المدعمة لزهرة لتثبت لها أنها بمثابة أم ثانية لها بعد السيدة صفية .. كذلك لم تترك جانب زوجة إبنها أثناء تسوقهما
فتارة تربت على كتفها .. و تارة آخرى تمسك بيديها برفق .. و ثالثة تمسح على ظهرها بحنية .. كل ذلك مع بسمة حانية موجهة لزوجة إبنها الأكبر لم تفارق وجهها أبدا .. فكلتاهما تتشاركان فى تلك اللحظة مشاعر نقية للغاية خاصة بأمومتهما .
أمر أسامة كرئيس منتدب لعصابة
” خدونا خطفونا حمونا بالليفة و
الصابونة ” بدلا من الرئيس الأعلى للعصابة المعلم بودة الذى أقصى عن هذا الإجتماع بإجماع كافة أصوات أفراد العصابة .. نظرا لأن الهدف من الإجتماع يمسه شخصيا لتعلق موضوعه بإجماع والديه عصافير الحب ” محمد و أسماء ” سويا .. و لأن عصافير الحب أساسا من أفراد العصابة تم إقصائهم بالإجماع أيضا و إنضمام عضوين جديدين و هما السيدة نعمة و أم أحمد .. و تم إعلام الجميع بمكان الإجتماع و الذى كان المطبخ بعد أن قامت أم أحمد بإرسال فاطمة و ورد للإعتناء بزهرة و سد غياب سوما و بوسى .. ليجتمع الباقين يحمل كل منهم كوبا من الشاى جالسين على مقاعد بلاستيكية متفرقة بأنحاء المطبخ الواسع ماعدا أسامة الذى يتحرك مجيئا و ذهابا بينهم .
– حمحم أسامة و نفخ صدره فرحة بتعيينه رئيسا للعصابة :
أولا إثبات حضور أعضاء العصابة
.. السوبر إس .
– سوما برقة :
حاضر .
– أسامة :
الدراع اليمين .. الأخ بوسى
– بوسى :
حاضر .
– أسامة :
الأعضاء المنتدبين الجدد .
– و لما لم يرد أحد قال أسامة بحنق :
أرفعى إيدك يمة أنتى و خالتى .
– لتقول أم أحمد بطاعة مرفقة قولها
برفع يدها :
حاضر يا بنى أهوه .
– لينظر أسامة بحنق لوالدته التى
تشرب من كوب الشاى الخاص بها
ليقول بصوت عالى :
يمة أرفعى إيديك و خلصينا
عاوزين نبدأ الإجتماع .
– لتصرخ السيدة نعمة بحدة :
بتزعق فى مين يا ولا ؟!
– أسامة بإنكماش :
مفيش يمة .. مترفعيش إيدك
أنتى تؤمرى .. “ثم همس لنفسه ”
كلها إجتماع كمان و أطردك برة
بنفسى .
– أسامة جالسا بين أمه و خالته أم أحمد :
تانى حاجة .. أحب أشكر أمى
و………………………………………
– السيدة نعمة تجز على أسنانها :
خلص يا ولا ورانا طبخ .
– أسامة محبطا :
حاضر يمة .. أنى آسف .. طبعا
أنتوا عارفين إحنا متجمعين ليه ؟!
ترفع أم أحمد يديها سريعا تريد الإجابة على سؤال أسامة .. فى حين نظرت لها كل من سوما و بوسى بإحباط و يأس .
– أسامة بنفس إنطباع الإحباط و اليأس
:
لأ يا خالتى .. ده مش سؤال ..
دى جملة كده بنبدأ بيها الكلام
.. لما أسأل هبقى أخليكى تجاوبى .
– أسامة مستكملا حديثه :
طبعا يا بناتى يا حلوين .. أنا كان
عندى أمل نرجع المزغودة أسماء
لمحمد .. بس من خلال الموقف
البسيط اللى حصل من خالتى
دلوقتى فأنا الحمد لله يأست .. بس
مفيش مانع من المحاولة عشان
خاطر بودة .. لازم نمشيه من البيت
.. أنا مش هخلف عيالى و الكائن ده
موجود فى البيت و على قيد
الحياة .
.
.
.
.
– أسامة :
بنتك غلطانة يا نعمة .. و بتكابر
لحد ما هتخرب بيتها بأيدها .
– السيدة نعمة :
طاب و بعدين ياواد .. هنعمل
إيه مع الموكوسة دى ؟!
– أسامة بجدية :
حتى مش عارفة تصلح إللى
عملته و تراضى جوزها .
-سوما :
و زهرة يا عينى فهمت برده إن
أسماء مش بتكلمها .. و كل ما
تيجى سيرتها وشها يتغير و
تسكت .
– السيدة نعمة بفزع :
يا لهوى .. قولى لزهرة أى حاجة
يا سوما .. عشان ما تأخدش على
خاطرها .. هى ملهاش ذنب يا
حبة عينى .
– أم أحمد بهدوء :
ما هيا سوما هتقولها إيه برده ؟!
.. الموضوع باين أوى يا حجة ..
لو تخدى بكلامى .. أحسن حاجة
أتكلمى أنتى مع زهرة بصراحة و
راضيها بكلمتين .. و البت قلبها
أبيض و هتسكت .
– لتنظر السيدة نعمة لرفيقة عمرها أم
أحمد :
فكرك كده ؟!
– أسامة :
كلام خالتى صح يمة .. زهرة
مش غبية و أكيد خدت بالها ..
أبقى أتكلمى معاها لوحدكوا ..
المهم دلوقتى الغلبان ابن أختك
اللى متبهدل معانا .. بسبب بنتك
الحيزبونة دى .
– السيدة نعمة ببكاء :
آه و النبى يا بنى عندك حق .. يا
حبيبى يا محمد………………..
– بوسى :
إستنى يا مرات خالى .. هنعمل
إيه يا أسامة ؟!
ليروى عليهم أسامة فكرته و يتفق مع كل الأعضاء على أدوارهم و وقت التنفيذ .
تجلس أسماء فى جناحها على أريكة مريحة .. موجهة عينيها للحائط و مثبتة نظرها على نقطة معينة .. شاردة فى ما حدث بينها و بين زوجها محمد .. لا تصدق أنه تركها .. لا تصدق أنه لم يطرق أحدا باب غرفتها لمراضاتها .. أو لنصحها و التفاهم معها كما إعتادت .. يدور فى ذهنها أفكارا سوداوية للغاية .. أأصبح محمد لا يحبها ؟! .. أهى إمرأة سيئة لدرجة أن يترك منزلها و يغادر ؟! .. ما المميز بزوجة أخيها عنها ؟! .. لدرجة أن زوجها يعجب بتصرفاتها .. أيريدها أن تتصرف كتلك الحمقاء الصغيرة ؟! .. و التى ترضى بأخطاء زوجها .. أيريدها أن ترهق نفسها و تضحى بصحتها من أجله ؟! .. ما الذى سيعود عليها هى إن تأثرت صحتها و مرضت ؟! .. سيتركها و يبحث عن أخرى .. أيعيبون عليها تفضيلها لصحتها ؟! .. أيعيبون عليها عدم تحملها إحتياجات زوجها و طفلها ؟! .. و ما العيب بذلك طالما هناك من يساعدها ؟! ليس كتضحية من أحد و لكنه عملهم
.. لذا ما الضرر من ذلك .. أيجب أن تقتدى بالحمقاء الصغيرة و تستعرض تضحياتها حتى تنال رضاهم………….
و فى أثناء تضارب تلك الأفكار المتلاحقة فى عقل أسماء .. تسارعت خطوات خفيفة لا صوت لها لسوما و بوسى و أسامة و تتمركز أمام الغرفة
المجاورة لجناح أسماء و التى لم تكن سوى لبوسى و سوما .
– سوما بصوت ذو نغمة عادية لا
مرتفعة و لا منخفضة :
أنتى بتقولى إيه يا بوسى ؟! ..
معقول محمد يعمل كده ؟!
– لترد بوسى بعد فترة بتلقائية :
آه و الله أنا سمعت أسامة بيحكى
لمرات خالى أنه خلاص جاب
عفش جديد لبيته .. و ناوى يعد
هناك على طول .
– لتشهق سوما بدرامية :
طاب و أسماء ؟ .. مش هنقول
لها ؟! .
– لترد بوسى بنفس البرود :
هنقولها إيه أنتى كمان ؟! .. بقولك
أسامة بيقول أنه منشف دماغه
خالص المرة دى .. و شكله كده
مش عاوز أسماء .. دا حتى ما
سألهوش عليها .. و شكله مبسوط
و لا فى دماغه حاجة خالص ..
تحسيه ما صدق طلع من هنا ..
و وشه منور و جايب واحدة جنبهم
تساعد فى التنضيف و بتطبخ له
.
. و كمان بيقول حلوة أوى .
لتختفى بعدها الأصوات تدريجيا داخل غرفة سوما .. بينما وضعت أسماء يدها على فمها من الصدمة .. و ينتظر أعضاء عصابة “خدونا خطفونا حمونا بالليفة و الصابونة ” عدة أيام أخرى
لتنفيذ المرحلة الجديدة من الخطة .
بالنسبة لزهرة .. بمرور الأيام أصبحت حياتها مختلفة .. فهيئة الأصلان كانت أول ما تقابله فى مخيلتها عند إستيقاظها كل صباح و آخر ما تنام عليه .. و فقدت رغبتها فى كل شىء .. لتجد نفسها جالسة بإستمرار أمام نافذة منزلها الصغير المطلة على الحديقة الأمامية لمنزل العائلة .. تراقب عينيها كل زائرى المنزل .. تجفل حينما تستقبل أذنيها صوت هدير سيارة تدخل البوابة الرئيسية للمنزل ليخيب أملها فى النهاية أن يكون هو .. شاردة فيما يخصه هو فقط و يبقى فكرها محتجزا فى اللحظات التى قضاها معها .. فالأصلان هو الأول فى حياتها .. لتشعر بالألم يعصف بقلبها ظنا منها أنها لم تؤثر به أو إنه لم يشعر بالمثل تجاهها .
مرت الأيام و أصبح فكر أسماء مشغولا بزوجها اللعين محمد الذى لم يعد عصفورا بجانبها بل أصبح حداية أو أى طائر جارح آخر .. لا يهم طالما تركها و أصبح مشغولا بأخرى .. لتقطع أفكارها طرقات هادئة على باب جناحها لم تكن إلا لوالدتها السيدة نعمة
– السيدة نعمة بمسكنة زائفة :
العواف يا بنتى .. عاملة إيه
دلوقتى يا حبيبتى ؟!
– لترفع أسماء حاجبها تعجبا من لين
أمها المفاجأ تجاهها :
الحمد لله يا ماما .. كويسة ..
هعمل إيه يعنى ؟! .. أدينى آعدة
أهوه .
– لتربت السيدة نعمة على كتفها ببطئ
و حنان و تقول بلهجة حانية :
بقولك إيه يا سمسم .. ما تسيبك
من الأعدة دى و تعالى أعدى معايا
نشرب فنجانين قهوة .. لحسن
أعدتك لوحدك وحشة عليكى يا
نضرى .
– أسماء التى ظنت خطأ أن والدتها
لانت تجاهها و وافقتها على أفعالها
كما إعتادت .. لتقول بفرحة داخلية
أتت من ظنها بعودة عهدها الذهبى
من جديد :
حاضر يا مامتى .. يلا بينا ..
هعمل أحلى فنجان قهوة .
– السيدة نعمة التى مدت ذراعها لإبنتها
لتعينها على السير :
خدى بإيدى يا بنتى لحسن
ضهرى واجعنى من إمبارح .
لتنزل أسماء و والدتها السلم الداخلى للمنزل .. و عند إقترابهما من مدخل المطبخ جاء صوت الجد مناديا على زوجة إبنه الأكبر السيدة نعمة .. لتترك السيدة نعمة أسماء لتلبية طلب الجد الجالس فى غرفة مكتبه بعد أن طلبت من أسماء إعداد القهوة لها و تأتى بها
فى غرفة المكتب .
و توافق أسماء أمها و تتجه هى للمطبخ من أجل إعداد القهوة ليوقفها عند مدخله سماعها لحوار دائر بين أسامة و سوما و بوسى داخل المطبخ
– أسامة بحالمية :
و فجأة و أنا واقف مع محمد
مستنيين العمال ينزلوا العفش
الجديد .. لقيت داخل علينا من
باب البيت ملاك نازل من السما ..
حول المغارة اللى كنا آعدين فيها
لجنة .
– بوسى بتعجب :
ملاك إيه يا بنى أنت ؟!
– أسامة بنفس النبرة الحالمة :
صفاااااء .. صفاء بنت الست خيرية
اللى بيتها جار بيت خالتى الله
يرحمها .
– سوما بتعجب :
صفاء ؟!!!!!!
– أسامة بتأكيد :
فاكرة البت الصغيرة اللى كانت
بتلعب معانا لما نروح عند خالتى
و إحنا صغيريين .. اللى كنت
بضربها على طول دى .
– سوما بتذكر :
آه .. البنت اللى دايما كانت تعيط
لما ما نرضاش نلعب معاها ..
ما كناش بنحبها إحنا خالص .
– أسامة بإبتسامة واسعة :
دا كان زمان .. دلوقتى كبرت و
بجت عروسة زى الجمر .. حتى
محمد معرفهاش لما شافها زيى
.. و هى اللى فكرتنا .. كان
شكلنا وحش جوى لما فكرتنا
إننا كنا بنضربها زمان .. جت كسر
إيدينا .
– بوسى :
و أنتوا شفتوها و أتكلمتوا
معاها كمان ؟!
– أسامة :
أمال إيه ؟! .. دى يوماتى عند
محمد مع أمها .. جيبين ليه
الفطار و الغدا و العشا .. و كمان
بيحلفوا عليه عشان العصير و
الحلو من اللى قلبك يحبه ..
الواد عايش ملك زمانه .. و أنا
أقول مبيتصلش ليه ؟! ..
أتاريه ناسينا خالص .
علقت أنفاس أسماء بصدرها .. و رمشت عدة مرات تعالج ما سمعته .
– أسامة مكملا :
أنا رايح أسهر مع محمد كمان
شوية .. أكيد هالجيها هناك ..
لحسن هى لسه مكملتش ترتيب
العفش الجديد فى البيت .. بس
الصراحة زوجها تحفة .. خلت
البيت ولا السراية .
– سوما :
أنا خايفة البت دى تعرف إن
أسماء و محمد متخاصمين .
– بوسى بتقرير :
شكلها عارفة يا سوما .. ما
الموضوع باين أوى .. أمال آعد
لوحده فى البيت بيعمل إيه ؟!
تقبض أسماء على كفيها بشدة و لم تتمكن من النطق .. و عقلها مازال لم يستوعب ذلك الكم من الأحداث .
– سوما بنفى :
أنا مش قلقانة على فكرة .. محمد
مؤدب و مالوش فى الكلام ده .
– أسامة :
الزن على الودان أمر من السحر
البت شكلها معجبة أوى بجوز
أختك .. و قابلة بالوضع كمان ..
و أمها شغالة تبعتله كل شوية من
كل صنف حاجة و تقولنا عمايل
صفاء .
– لطمت سوما على صدرها بهلع :
يا لهوى .. طاب و بعدين ؟!
– أسامة مستكملا حديثه :
دا أنتوا كمان ما شفتوش البت
بتبصله إزاى .. عنيها بتطلع قلوب .
– بوسى :
طاب و محمد رد فعله إيه ؟!
– أسامة :
الأول كان بيدايج منها حسب ما
تعود .. و بعد حبة لما لاقها مؤدبة
و قمورة بدأ يتقبلها و يتكلم معاها.
– سوما بنفى :
لأ .. لأ .. يا أسامة .. محمد بيحب
أسماء .
– أسامة :
دا كان زمان .. أختك من عمايلها
طفشته .. و البت عمالة تتنطط
أدمه كل شوية بجلابية شكل ..
محمد برده راجل و لوحده .. و لو
حتى ما حبهاش أكيد مع الوقت
هيلين .. أمال أنا واخد بعضى و
رايح كل شوية هناك ليه ؟!
– سوما التى تركت الخطة الأصلية و
غلبتها غيرتها :
لييييييييه ؟!
– أسامة بحنية زائفة :
بحافظ على بيت أختى حبيبتى
.. ربنا يعين أنا بتعب و الله .
– سوما بزمجرة :
أمممممممممممممم .
– ليتهرب أسامة منها و ينهض سريعا :
طاب أسيبكوا و أروح أنا أشوف
محمد أخويا حبيبى .. ما
سيبهوش لوحده لأحسن الساحرة
الشريرة الجميلة أوى تخطفه .
لكن سبقته أسماء و سارعت بالإختباء
.. حتى غادر أخوها الأصغر ثم صعدت إلى غرفتها .. لتغلق عليها باب جناحها
و تجلس ورائه على الأرض مصدومة مما سمعت .. فهى على وشك فقدان زوجها .. لتشعر بالدوار الشديد على الرغم من جلوسها أرضا .
فى إحدى الشقق المعروضة للإيجار بإحدى المحافظات الساحلية .. يجلس الأصلان فى بقعة مظلمة .. حوله هالة داكنة .. لا ينيرها من حين إلى آخر سوى إشعال السيجارة بقداحته .. يشعر بفراغ مخيف لم يسبق أن شعر به قبلا
.. و على عكس المتوقع لم يكن منفعلا مع عامليه .. و لم يبدى ردود أفعال على التعليقات الخاصة بالعمل أو أى من المباركات التى تأتى له بكثرة لنجاح صفقاته .. و قد لجأ للتدخين بكثرة يشغل به حيز كبير من الفراغ لديه ..
فالأصلان لم يهتز عاطفيا بهذا الشكل منذ أن فقد تؤامه بثينة .. ليشعر بالألم يعصف بصدره حينما فاض قلبه من حبه لتلك القطة التى لم تكمل التاسعة عشر من عمرها .. ليشعر بالألم مجددا بشدة أكبر ظنا منه أنه لم يترك أثرا كافيا بها .
ليشعر سيجارة آخرى بتعبير فارغ على وجهه .. فمنذ سفره لم تستسلم عينيه للنوم قبل أن يتذكر كل مواقفهم التى جمعتهما معا حتى يتأخر به الوقت و يرحمه نومه من أفكاره .. متى أحبها كل هذا الحب ؟! و لماذا أحبها بهذا العمق لتصبح مغادرتها موجعة لهذا الحد ؟! .. ليغادر عينيه القليل من الدموع .. القليل فقط .. الذى سرعان ما جف على وجنتيه .. و لكن ترك عينيه محمرة بشراسة دلالة على حزنه و ألمه على ما أضاعه .
أصبحت زهرة طريحة الفراش بشكل دائم بعد أن تعدى حملها منتصف الشهر السابع .. و أكدت د/ منال على ضرورة ملازمتها للفراش حرصا على صحتها ..
و تتبادل سوما و بوسى فى المكوث معها بجانب عمتها السيدة صفية .. و التى أقامت مع زهرة تشرف على رعايتها .. مع وجود السيدة نعمة و أم أحمد .. لم تفتقد زهرة للرعاية بل تلقت منها أحسن ما يكون و ساعد فى ذلك كثرة المحيطين بها .. و لكنها أفتقدت لشىء واحد .. شخص واحد ..
أصلانها .
كان الملاكم طويل القامة ضخم الجثة واقفا أمام باب منزل عمته الصغرى زهرة .. و التى علم منها بالصدفة البحتة المقصودة أن بوسى تقيم معها اليوم لرعايتها بجانب جدته السيدة صفية .. و كان متردد إلى حد كبير يخشى الندم أو الحرج فيما سيقدم عليه .. استجمع أحمد صابر قواه ليضغط على الجرس ونفض من عقله تفكيره السودوى .. ليفتح الباب لحسن حظه فتاته الجريئة بوسى .. تقابله بأعين حائرة فشلت فى إخفاء فرحتها بمقابلته
– بوسى دون وعى :
أحمد .
– تنحنح أحمد ليضفى على صوته الخشونة إلا أنه خرج لينا :
أنا جيت هنا إمبارح .. بس ما
دخلتش …. كنت عاوز ….. عاوز
أقولك حاجة .
” ليصمت قليلا .. ثم يتحرك أمام
بوسى الحائرة مجيئا و ذهابا ..
ليقول بحدة و إندفاع ”
أنا مش بتاع الكلام ده .
– بوسى بمفاجأة و حيرة .. تصرخ فى
وجهه :
كلام إيه ؟!
– أحمد مندفعا بحديثه .. لا يواجه
بوسى بل مستمرا فى سيره مجيئا و
ذهابا .. و كأنه يجد صعوبة فى التعبير
عن مشاعره :
ال …. أأنا ….. أنا … حلمت بيكى
…. مش عارف أركز فى شغلى ….
و … و ….. و كل شوية عاوز
آجيلكوا …. آجيلك …. آجى لعمتى
… لحد ما بقى شكلى وحش جدا
أدام جدى .. ما هو مش معقول كل
شوية أقول أنا عاوز أروح لعمتى
زى العيل الصغير .
ليتوقف أحمد فجأة و ينظر إليها بلين و يكمل حديثه .
– أحمد و فى عينيه لمعة جميلة :
ضحكتك بتفرحنى …. متحبيش
حد …. لو حبيتى حد هضربهولك
زى قريبك البارد اللى كان عمال
يجعر ده .
– بوسى بحنق من ملاكمها العنيد ضخم
الجثة :
قولتلك مش بحبه .
– ليصرخ أحمد بها :
و أنا كنت أعرف منين ؟! ……….
عموما عشان متلخبطش بعد كده
متكلميش حد خالص … أنا مش
هأعد أضرب فى خلق الله بسببك .
– بوسى بحنق متناسية اللحظة
الغرامية بينهما :
هو فى حد يضرب حد من غير
سبب كده ؟!
– أحمد مبادلا إياها نفس الحنق و
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية زهرة الأصلان)