رواية مهمة زواج الفصل العشرون 20 بقلم دعاء فؤاد
رواية مهمة زواج الجزء العشرون
رواية مهمة زواج البارت العشرون
رواية مهمة زواج الحلقة العشرون
انتهى معتصم لتوه من أحد جلسات الصلح بين عائلتين متخاصمتين ثم خرج من المضيفة بعدما انفضت الجلسة قاصدا مجلس أمه المعتاد بالدوار..
انحنى يقبل ظهر يدها ثم جلس بجوارها متنهدا بتعب، فربتت أمه على فخذه باشفاق:
ـــ تَعَبت يا ولدي اني خابرة.. ربنا يچعله في ميزان حسناتك يا حبة جلبي.
ابتسم بحب و هو يقول:
ـــ اللهمَّ آمين.. ايوة اكده اني ماريدش غير دعوتك الزينة و رضاكي عليا يا امايا..
ـــ راضية عليك يا وليدي و دعيالك من كل جلبي.
قبل يدها مرة أخرى ثم أجلى حنجرته ليقول بتردد:
ـــ أني يا مايا كنت ناوي أتحدت امعاكي ف موضوع اكده مخابرش هيفرحك ولا…
ـــ جول يا ولدي و الله بدي افرح..
ابتلع ريقه بصعوبة ثم قال:
ـــ أني طلبت الضاكتورة ريم للچواز جبل(قبل) ما تعاود لمصر.
سكتت بصدمة لبرهة تحاول استيعاب ما تفوه به ولدها البكري ثم أطرقت رأسها بحزن لتقول بملامح متجهمة:
ـــ عتلهيك المصراوية عنيننا كيف ما اتلهيت اف شركتك اللي اف مصر و بجينا نشوفك كيف الرَّحالة.
رد عليها بلهفة:
ـــ لاه يا امايا لا عشت ولا كنت…ان حوصل نصيب و اتچوزتها مش هبَعِّد عنيكي واصل.. هنعيش وياكي في الدوار و هاخدها في الكام يوم اللي هشتغل فيهم في مصر.. يعني هتروح و تاچي امعايا.
نظرت له بحيرة ثم تحدثت باستنكار:
ـــ يعني بنتة البلد كلاتها خَلَصوا يا ولدي؟!
شدد من قبضته على يدها و هو يقول بنبرة هائمة:
ـــ هي اللي الجلب دجلها يا امايا.. هي اللي خلتني أفَكِّر في الچواز بعد ما كنت معفكرش فيه واصل.
أخذت تهز رأسها من اليمين لليسار و هي تقول بجدية:
ــــ أني خابرة ان البنتة زينة.. چمال.. و أدب….. و نسبها يشرف…. بس كان بدي نسلك يبجى صَعيدي أبا عن چد كيف ما بوك الله يرحمه كان بيحلم و بيتمنى يا ولدي…. لأچل ولدك ما يبجى الكبير من بعدك.
رد عليها بجدية:
ـــ و اني مناويش اخلع چلبابي الصَعيدي مهما حوصل.. و كيف ما ابويا رباني راح اربي ولدي.. و وعد يامايا ولدي هيعيش و يكبر في بلدي و هيبجى كبيرها من بعدي باذن الله.
سكتت و مازالت ملامحها واجمة، فهي غير قادرة على اعطائه موافقة قاطعة من قلبها، لم يكن هذا ما تمنته ولا ما انتظرته منه… رغم حبها الكبير لـ ريم كشخص و لكنها لم تريدها كزوجة أبدا لولدها البكري و كبير العائلة..
ـــ طَوَّل سكوتك يامايا…
ردت بحزن و هي تتحاشى النظر اليه:
ـــ اعمل اللي فيه الصالح و اللي يسعدك.. اني بدي تكون مرتاح و فرحان.
حانت منه شبه ابتسامة و قام بتقبيل يدها بامتنان، يعلم جيدا انها غير راضية تماما عن ذلك الأمر، و لكنها ما هي الا لحظات و ستمضي… ثم ستبارك زواجه بالتأكيد..
ـــ ربنا يخليكي لينا يامايا و ما يحرمنا من حنيتك علينا واصل… أني كلمت اخوها و عزمتهم على فرح حمد لاچل ما نتعرفوا على بعض و بعدين هيبلغني جراره بعد اكده..
هزت رأسها بموافقة و هي تقول بقلة حيلة:
ـــ يشرفوا يا ولدي.
قبل مقدمة رأسها و هو يقول بتوسل:
ـــ ادعيلي يامايا..
نظرت له بتمعن مندهشة من قلقه خشية عدم موافقة أخيها، ألهذا الحد يحبها؟!.. أهذا معتصم ولدها القوي الذي لا يخشى من شيئ بل يخشاه الناس؟!.. متى أصبح ضعيفا هكذا؟!.. و لكنها دعت له على أية حال:
ـــ ربنا يريح جلبك يا معتصم و ينولك اللي في بالك يا ضي عيني.
احتضنها بشدة و هو يمني نفسه بأن يستجيب الله دعائها عاجلا غير آجل…
مرت عدة أيام كانت ثقيلة على المحبين… فالأيام لازالت تفرقهم و القلوب ملتاعة من بعد المسافات…
لم ينفك أدهم عن مهاتفة ندى و لكن كان الأمر صعبا للغاية… فالشبكة سيئة و حين يتمكن من الاتصال بها بالكاد يسمع منها كلمة ألو ثم ينقطع بعدها الاتصال…
ذهب الى كل مكان لعل الهاتف يلتقط الشبكة.. بعيدا في الصحراء.. أعلى مبنى العمل.. أعلى مبنى الاستراحة السكنية.. لم يترك مكان الا و ذهب له حتى كاد أن يُجن و آسر يراقبه باندهاش.
مساءا دلف غرفة الاستراحة التي يتشاركها مع صديقه و هو يتأفف و يركل الباب بعصبية و الهاتف بيده، فنظر له آسر باستنكار و كان حينها متمددا بالفراش ثم قال مندهشا:
ـــ مالك يا أدهم بتشاكل دبان وشك ليه؟!
ذهب و جلس بالفراش المقابل ثم قال بانفعال و هو ينظر للهاتف:
ـــ مش لاقي شبكة في اي مكان… لا عارف أكلم ماما و لا ندى و لا حتى رسايل الواتس بتوصلهم… انا قرفت..
رفع حاجبيه بتعجب و هو يبتسم نصف ابتسامه ثم سأله بتوجس:
ـــ ايه الجديد؟!.. ما انا و انت عارفين الكلام دا كويس.. اول مرة اشوفك متعصب بسبب الشبكة في الكام مرة اللي جينا فيهم هنا..
نظر له أدهم و هو يتنهد بعمق و مازالت ملامحه عابسة، فاسترسل آسر بنبرة متهكمة:
ـــ الأدوار اتبدلت يا أدهم.. زمان كنت انا اللي بتعصب و بنفخ بسبب الشبكة لأني مكنتش عارف أكلم ميري و لا قادر أطمنها عليا لما بتكون قلقانة ولا عارف اكلمها لما بتوحشني… و انت كنت بتتفرج عليا و انت في منتهى البرود لدرجة اني مكنتش مصدق أبداً ان انت ممكن في يوم من الايام تحب زي ما انا حبيت..
أطرق أدهم رأسه و هو شاردا في حديث صديقه، فاسترسل آسر بنفس النبرة:
ـــ دلوقتي بقيت انا اللي بتفرج عليك ببرود و انت اللي شايط من الشبكة..
قالها ثم ضحك بمرارة و لكن أدهم يستمع ولا يعقب على كلامه و كأنه يتمعن به و يديره برأسه، فاسترسل آسر بنبرة جادة بها لمحة من الشجن:
ـــ انت وقعت في حبها يا أدهم.. اعترف لنفسك بكدا.. واضح أوي من عصبيتك قدامي دلوقتي… بس تصدق كنت فاكرك حجر و قفل زي ما محمود دايما بيقول عليك… بس شايف في عنيك حنين و رومانسية مكنتش متوقعها منك أبداً..
أخذ نفسا عميقا و زفره ببطئ ثم قال و هو ينظر أمامه في اللاشيئ:
ـــ الراجل اللي مش رومانسي هو اللي قلبه مدقش لبنت… و لا عمره حب ولا عرف يعني ايه حب..عشان كدا كنتو كلكم فاكرني قفل… انما بمجرد ما القلب يدق لحبيبه بيلاقي نفسه اتحول تلقائيا لشخص تاني مع حبيبه بس.. مبيعرفش يقسى عليه لو قسي على الدنيا كلها.. الحب بيلين القلب الحجر يا آسر.. بيغير نظرة صاحبه لحاجات كتير.. أي نعم أحيانا مراية الحب عامية.. بس أحلى عمى ممكن يصيبك بالذات لو كان حبيبك يستحق.
ابتسم آسر مشدوها ناظرا اليه باندهاش ثم قال بنبرة مفتخرة:
ـــ لا والله انا مش مصدق انك أدهم صاحبي..دا انت عشرة ١٢ سنة يلا.. اول مرة اشوفك بتقول حكم و أشعار يخربيتك..
ضحك أدهم بملئ فمه و هو يقول:
ـــ يخربيت الحب و سنينه يا صاحبي..مكنتش اعرف ان الحب بهدلة..
أخذا يضحكان و يتمازحان إلى أن تناسى شغفه للتحدث إليها و لو مؤقتا.
لم يكن حال ندى بأفضل من أدهم… فطيلة الوقت الهاتف في يدها لا يفارقها.. ترسل له عشرات الرسائل عبر الواتساب ولكن لا يصله أيا منها حتى كاد عقلها أن يطير… لقد اشتاقت اليه.. يكاد قلبها ينخلع من مكانه من شدة قلقها عليه… فقط لو يطمئنها بجملة تطفئ نيران الوساوس المنضرمة برأسها.. و لكنها تعود و تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم و تدعو الله له أن يحفظه و يعود اليها سالما..
استدعت السيدة أم معتصم صافية خطيبة ابنها لكي تجالسها قليلا حتى تعتاد الأجواء بالدوار و تشعرها بالاهتمام بدلا من ولدها الذي و كأنه نسي أن له خطيبة..
ـــ نورتي الدار يا غالية…
ـــ منورة باهلها يا خالة..
قالتها بخفوت و هي مطأطأة الرأس من فرط انطوائها و عدم اعتيادها على مخالطة الناس و مخاطبتهم، الأمر الذي جعل القلق ينتاب حماتها… فهل حمد ولدها اللبق سيتحمل طباعها الصامتة أو بالأحرى الباردة تلك؟!
ـــ تشربي امعايا الشاي يا مرت ولدي يا زينة انتي؟!
قالتها و هي تتودد اليها لعلها تتقرب منها و تفتح لها قلبها، فنهضت صافية بسرعة تسير باتجاه المطبخ، فنظرت لها السيدة باندهاش متمتمة:
ـــ على فين يا بتي؟!
ـــ هدلى اعلج ع الشاي يا خالة..
ـــ تعالي يا بتي اني هنادم على نعمة تعلج عليه..
ـــ لاه أمي جالتلي لازمن اولف ع الدار كانها داري..
سكتت السيدة مصدومة من قولها، و لكن ما لبثت أن ابتسمت ابتسامة مصطنعة و هي تقول:
ـــ بكرة تولفي لما تزهجي.. تعالي بس اجعدي چاري اهنيه..
عادت اليها بانصياع ثم جلست بجوارها من جديد، فتحدثت السيدة مغيرة مجرى الحديث:
ـــ جوليلي بجى.. حمد عامل ايه امعاكي و انتي قمان؟!
جعدت ما بين حاجبيها بعدم فهم:
ـــ كيف يعني؟!
تنهدت السيدة بنفاذ صبر ثم قالت:
ـــ يعني يابتي بيكلمك في التلفون و بتكلميه و..
قاطعتها بقولها:
ـــ أني مشايلاش تلفون.
ـــ باه.. كيف؟!.. يعني حمد لما بده يطمن عليكي بيكلمك كيف؟!
ـــ معيكلمنيش واصل… أمي جالتلي لازمن عريسك يشتريلك تلفون.. بس هو معملش اكده.. و اني معشوفهوشي من يوم الشبكة.
في تلك اللحظة دلف اليهما معتصم و قد سمع كلام صافية الأخير فحمحم ثم ألقى عليهما السلام و وقف قبالتها قائلا بنبرة كاذبة:
ـــ متأخذنيش يا صافية.. حمد كان موصيني اشتريلك تلفون بس اني اتلهيت و نسيت… بس ان شاء الله اخر النهار هبعتلك سمعان و معاه واحد چديد بالخط بتاعه قمان.
سكتت قليلا لا تدري كيف عليها أن تشكره، ثم قالت بخجل:
ـــ بس اني مخبراش هستعمله كيف.. ابويا محرم علينا التلفونات و معرفاشي فيهم حاچة واصل.
تمتم معتصم مع نفسه بصوت خافت لم يصل اليها:
ـــ يا وجعة مربربة!!
و لكنه عاد يقول بجدية:
ـــ اني هسچلك عليه رقم حمد و هعلمك كيف تفتحي عليه لما يرن عليكي.. و بعد اكده لما حمد يعاود من مصر يعلمك كيف ما بدك كل حاچة فيه.
ابتسمت بسعادة ابتسامة أنارت وجهها الجميل و أظهرت غمازتها اليمنى.
تركهما معتصم و اتجه الى غرفته يضرب الأرض بقدميه من الغضب و هو يسب أخاه بخفوت، فكيف له أن يترك خطيبته هكذا دون أن يفكر في طريقة للتواصل معها… مر أكثر من خمسة أيام منذ أن خطبها… ألم يخطر بباله أن يحدثها حتى و لو لمرة واحدة… أفٍ لك يا حمد..
بمجرّد أن دلف غرفته قام بالاتصال به فورا و بعد عدة ثوان أتاه صوته يرد عليه فتحدث بنبرة جافة:
ـــ انت بتكلم صافية يا حمد؟!
سكت حمد مستغربا سؤاله ثم سأله ببرود:
ـــ و ايه مناسبة السؤال المفاجئ دا؟!.. هي اشتكتلك؟!
لوى فمه ببسمة ساخرة ثم قال بحدة:
ـــ هي دي بتعرف تشتكي!… ياريتها تشتكي زي البنات يمكن كنت عملتلها قيمة أكتر من كدا.
اغمض حمد عينيه يكظم غيظه من أسلوب أخيه الساخر ثم رد بانفعال طفيف:
ـــ في ايه يا معتصم؟!.. ايه اللي حصل لدا كله؟!
صاح فيه بغضب:
ـــ في ان انت معندكش دم… كلها كام يوم و هتبقى مراتك و هيتقفل عليكم باب واحد و سيادتك منفضلها و مبتحاولش حتى تقرب منها… هتلاقي فين في أدبها و جمالها.. دا كفاية انها خام متعرفش يعني ايه لوع… صافية و هي صافية فعلاً..
تنهد حمد بنفاذ صبر ثم رد ببرود:
ـــ خلصت؟!
استشاط معتصم منه غيظا و صاح بعصبية:
ـــ انت بارد كدا ليه ياد انت؟!
رد بانفعال:
ـــ أنا خايف اتكلم معاها تسد نفسي منها اكتر ماهي مسدودة.. مبتعرفش تقول كلمتين على بعض من دماغها.. عشان كدا قولت خليني بعيد احسن لحد ما ربنا يسهل و نتجوز و ابقى اشوف حل لموضوع كلامها دا… مش عايز أنكد على نفسي من دلوقتي يا اخى.
زفر معتصم أنفاسه بضيق بالغ ثم أخذ يتمتم:
ـــ ربنا يهديك يا حمد.. ربنا يهديك.
تحدث حمد مغيرا مجرى الحديث:
ـــ أمي عاملة ايه؟
ـــ أمي زينة الحمد لله… هي اللي بعتت لصافية قعدت معاها شوية و الكلام جاب بعضه و قالتها ان مش معاها تليفون… المهم هبعت سمعان يشتري واحد دلوقتي مع الخط و هبعتلك رقمها و هسجل رقمك عندها.. و يا ريت يعني بمجرد ما يوصلك الرقم تكلمها.
ابتسم حمد بامتنان لذلك الأخ الذي لا يتوانى أبداً عن التفكير في كل أفراد عائلته ثم قال:
ـــ ماشي يا معتصم… تعبتك معايا.
ـــ يا سيدي اتعبني انت بس و مالكش دعوة.
ضحك حمد فاسترسل معتصم بهدوء:
ـــ حمد
ـــ اممم
ـــ أنا طلبت ريم للجواز يوم ما رجعت القاهرة.. و كلمت اخوها و عزمته على فرحك عشان نتعرف على بعض.
اتسعت عيني حمد بصدمة و هو يتمم:
ـــ انت.. انت بتقول ايه؟!.. و نرمين؟!.. نرمين و ريم مع بعض؟!.. طاب ازاي؟!
اعتصر معتصم جفنيه بضيق ثم فتحهما قائلا و هو يصتك فكيه:
ـــ الله يخليك يا حمد كفاية اللي سمعته من عيشة… انا عارف كل اللي انت عايز تقوله و فكرت في كل حاجة انت فكرت فيها دلوقتي.. بس انا بعون الله هحل كل حاجة.. هتتحل.. هتتحل يا حمد متقلقش.
ـــ أنا قلقان عليك انت… حلها صعب اوي يا معتصم دا ان مكانش مستحيل.
زفر أنفاسه بعنف و هو يقول بنفاذ صبر:
ـــ خلاص يا حمد اخوك مش شوية و انت عارف كدا كويس.. انا عايزك معايا و ف ضهري مش عايزك تكسر مجاديفي..
تنهد حمد بقلة حيلة:
ـــ معاك يا صاحبي مش هسيبك طالما سعادتك هتكون معاها.. انا من الاول و انا حاسس انك غرقان لشوشتك في حبها بس انت مكنتش مبين… بس يا ترى هي كمان بتحبك؟!
رد بنبرة ضائعة بعدما أسند رأسه على الوسادة:
ـــ مش عارف… لا قولتلها ولا قالتلي.
رفع حاجبيه باستنكار:
ـــ نعم؟!.. اومال هي وافقت على اي اساس؟!
رفع كتفيه لأعلى:
ـــ عادي.. هو احنا لازم نقعد نحب في بعض و نتصاحب و نتقابل!.. انا راجل ضغري دخلت البيت من بابه علطول.. و أظن هي احترمت الحتة دي فيا.. بس أكيد برضو في اعجاب حسيته منها… بس حب مش متأكد.
ابتسم حمد بحالمية ثم قال:
ـــ بس انا بقى متأكد..
ـــ هي قالتلك؟!
ضحك بملئ فمه ثم قال:
ـــ هو انا مش عارف عصوم اخويا… أي بنت تعرفه لازم تحبه.. و لا انت نسيت ولا ايه؟!
ابتسم معتصم بسخرية ثم قال:
ـــ هو انا حلو اوي كدا؟!
ـــ انت مش حاسس بنفسك يابني؟!.. ماهي حلاوتك دي اللي خلت نرمين ضحت بنص املاكها عشان بس توافق انك تتجوزها لحد ما أدمنتك و مبقتش عارفة تستغنى عنك.
حين أتى بذكر نرمين أصابه ضيقا بالغا و كأن جبل هال على صدره، تلك الخطيئة التي ستلازمه طيلة العمر:
ـــ أوف.. مابلاش السيرة دي بقى دلوقتي..
ضحك حمد ثم قال بمواساة:
ـــ ربنا معاك يا صاحبي و يتم مرادك على خير..
ـــ يا رب يا حمد… يا رب.
كانت ريم قد قدمت طلب نقل لأقرب مشفى لسكنها، و بفضل مكانة والدها و معارف شقيقها تمت الموافقة بدون تعقيدات، و هاهو اليوم أول يوم لها بمشفاها الجديد
كانت تقوم بعملها في قسم الاستقبال، حيث تقوم بالكشف على سيدة تعاني من مغص شديد بالبطن و بعد اجراء الكشف الدقيق عليها قالت:
ـــ انا شاكة ان المغص دا بسبب الزايدة…. هشوف مين هنا تخصص جراحة يكشف عليكي..
تركتها ثم خرجت من غرفة الكشف لتسأل احداهن:
ـــ لو سمحتي مين معانا جراحة النهارده؟
أشارت لها الفتاة حيث أحد الغرف لتقول:
ـــ الدكتور خالد هتلاقيه قاعد في القوضة دي..
شكرتها ثم ذهبت الى حيث أشارت ثم طرقت الباب و دخلت لتجد شابا وسيما يرتدي نظارة طبية متوسط الطول شعره أسود قصير و نحيلا نوعا ما، وقف بمجرّد أن رآها و هو يقول بذهول:
ـــ ريم؟!… معقول؟!
اتسعت بسمتها لتتقدم اليه و هي تقول بدهشة:
ـــ ايه دا انت شغال هنا يا خالد؟!
مد يده اليها ليسلم عليها فبادلته التحية و سحبت يدها فورا من كفه، فقال بسرور بالغ:
ـــ ايوة بقالي سنتين… انتي هنا من امتى؟!
ـــ النهاردة أول يوم ليا.
ـــ بجد؟!.. يعني هنشوف بعض علطول.
ضحكت و هي تقول:
ـــ اه هزهقك مني… و بالمناسبة دي بقى معايا حالة اشتباه زايدة في غرفة السيدات ممكن تكشف عليها؟!
أجابها مبتسما:
ـــ طبعاً انتي تؤمري..
ـــ شكرا يا خالد… هروح بقى أشرب قهوة عشان انا خلاص فصلت..
كادت أن تنصرف من امامه و لكنه استوقفها يسألها بتردد:
ـــ ممكن تستنيني هنا هخلص و اعزمك على القهوة نشربها سوا بمناسبة ان دا اول يوم ليكي معانا..
سكتت مليا تفكر ثم أومأت بابتسامة سلبت أنفاسه، فغادر من أمامها على الفور قبل أن يتجرأ و يفعل بها ما لا يحمد عقباه.. فهذه ريم تلك الفتاة التي لطالما حلم باقتران اسمها باسمه و لكن دائما كانت الظروف ضده، كما أنها لم تشعر به أبداً و تتعامل معه من باب الزمالة لا أكثر… و لكن ربما قد أعادها القدر إليه مرة أخرى لتتحقق أمنيته.. فهو لا يرى من البنات سواها و لم يستطع الارتباط بغيرها من شدة تعلقه بها.
مرت أيام أخر و ريم منتظمة في عملها و تلتقي بخالد أغلب الأيام و هو لم يترك فرصة الا و يتقرب منها و يحاول اختلاق المواضيع ليتحدث اليها أطول فترة ممكنة و ريم تتعامل معه بحسن نية و لم تشك بمحاولات تقربه منها.. تظنه أنه زميلا عزيزا يقف بجانبها في مكان جديد عليها ولا تعرف به أحدا سواه…..
اشتاق اليها معتصم كثيرا… كل ليلة يمسك بالهاتف يريد الاتصال بها و سماع صوتها الرقيق الذي يذهبه عقله و لكن في كل مرة يتراجع… يريد أن يحصل على موافقة أخيها أولاً ثم بعد ذلك لن يتوانى عن اغداقها بوافر عشقه..
بقي يومان على عودة أدهم من الانتداب اللعين.. فحتى تلك اللحظة لم تتمكن ندى من محادثته سوى مرتين و كانت مدة المكالمة لا تتجاوز الدقيقة او الدقيقتان ثم ينقطع بعدها الاتصال..
استيقظت ندى صباح ذلك اليوم باعياء شديد فاقدة شغفها في كل شيئ لا تدري أمن غيابه عنها تلك المدة و انشغالها به أم لشيئ آخر..
بقيت في غرفتها طوال اليوم ولم تستطع الخروج منها من شدة الاعياء الأمر الذي أقلق السيدة تيسير للغاية…
و حين عادت ريم من عملها وجدت أمها تجلس مهمومة بمنتصف الصالة فأقبلت عليها بعدما ألقت التحية ثم جلست قبالتها تسألها بقلق:
ـــ مالك يا ماما قاعدة زعلانه كدا ليه؟!.. أدهم حصله حاجة؟!
ربتت على رأسها و هي تقول:
ـــ لا يا حبيبتي أدهم بخير الحمد لله.. جاي بكرة ان شاء الله.
ـــ طاب الحمد لله.. اومال مالك؟!
تنهدت بحزن ثم قالت:
ـــ ندى مخرجتش من قوضتها خالص النهارده و كل ما ادخل اشوفها الاقيها نايمة.. يادوب تصحي تقولي انا كويسة و ترجع تنام تاني.. مش عارفه مالها.. خايفة تكون تعبانة و مش عايزة تقلقنا..
سكتت ريم مليا تفكر ثم قالت:
ـــ ما يمكن حامل يا ماما.. ماهو الحمل برضو بيخلي الست همدانة و عايزة تنام علطول..
أضاء وجه تيسير بسعادة بالغة و هي تقول:
ـــ بجد يا ريم؟!..ازاي مخطرش الموضوع دا على بالي.. ايوة فعلا هي همدانة خالص و وشها اصفر.. بس معقول هتخبي علينا؟!
ـــ ما يمكن متعرفش او مخطرش في بالها زيك كدا برضو..
ـــ أيوة صح… ياااه أخيرا يا أدهم.. دا هيفرح أوي لما يعرف..
نهضت ريم ثم سارت باتجاه غرفتها و هي تقول:
ـــ هدخل بس اخد شاور ع السريع و اغير هدومي و بعدين هكشف عليها بنفسي…
ضحكت أمها و هي تقول:
ـــ طبعاً.. في بيتنا دكتورة.
ثم تنهدت بسرور:
ـــ يا رب يطلع كلامك صحيح يا ريم… يا رب.
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية مهمة زواج)