رواية وسولت لي نفسي الجزء الثاني الفصل الحادي والثلاثون 31 بقلم روان الحاكم
رواية وسولت لي نفسي الجزء الثاني البارت الحادي والثلاثون
رواية وسولت لي نفسي الجزء الثاني الجزء الحادي والثلاثون
رواية وسولت لي نفسي الجزء الثاني الحلقة الحادية والثلاثون
تُمتَحنُ المرأة المُسلِمة في دينها يَومَ زَفافِها.
“بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير”
نطقها المأذون بعدما أنتهى من مراسم العقد وما أن تفوه حتى نهض عمر من مكانه نحوها وهو يجذبها لأحضانه بقوة وقد تناسى كل من كان يقف حوله ولم يعد يهمه شيء سوى أنها أصبحت زوجته وحلاله الآن حتى أنه شعر بأن العالم لا يسع أجنحته من السعادة الآن.
اما ياسمين فقد كانت تشعر بالخجل الشديد ولم تتوقع ما فعله عمر قط بل هو أحتضنها على حين غرة ورغم سعادتها الشديدة إلا أن هذا أزعجها وهو يحتضنها هكذا أمام الجميع حتى ولو كانت زوجته لذا حاولت الإبتعاد عنه بحياءِ ولكنه أبى أن يتركها بل ظل متشبثًا بها وكأنها سوف تهرب.
بينما وقف زين من مكانه بغضب عارم يتجه نحو عمر وقبل أن يتحرك من مكانه أمسكت به روان وهي تقول بخضة:
“اهدى يا زين رايح فين”
“انتِ مش شايفة البيه أخوكي بيعمل اى؟”
أبتلعت روان ريقها وهي ترى عمر يحتضن ياسمين ولم يكتفي بهذا بل رفعها وهو يدور بها تحت صيحات وحماس الجميع مما جعل زين يشتد غضبًا لولا روان التي منعته الذهاب وهي تقول محاولة تهدئته:
“معلش يازين هو بس علشان فرحان وبعدين مهي بقت مراته خلاص”
زفر زين بحنق وهو يستغفر محاولاً التحكم في غضبه وقد كان يشتغل غيرةً على أخته وبالأخص عندما أحتضنها عمر أمام الجميع فهتف والغيظ يمليء قلبه قائلاً:
“وهي علشان مراته يقوم يحضنها بالشكل دا قدام الناس؟”
“مفهاش حاجة يعني يا زين ما الكل بيعمل كدا وبعدين هو علشان فرحان متنكدش عليه بقى”
أردفت روان بتوتر وهي مازالت ممسكة وقبل أن يجيب سمع صوت زغاريد يأتي من الداخل عند النساء أثناء وجود الرجال بالخارج مما جعله يمسح على رأسه بقوة وأبتلعت روان ريقها بخوف حقيقي هذه المرة من غضبه.
جز زين على أسنانه وهو يقول بنفاذ صبر:
“أدخلي قوليلهم محدش يعمل صوت لحد ما الرجالة تخرج وبعدين يبقى يعملوا اللي هم عايزينه”
أومأت له روان على إمتعاض بسبب تحكمه الذائد وغيرته المبالغ فيها وبالأخص في تلك المناسبة ورغم ضيقها إلا أنها ذهبت للداخل تفعل ما أخبرها به وهي تأكد عليهن بالا يصدرن تلك الأصوات مجددًا.
ذهب زين نحوهما وهو ينظر إلى عمر بغيظ وغيرة فشل في إخفائها بينما عمر ما إن رأى نظراته حتى إبتسم له بإستفزاز واضح مما ذاد من غيظ زين.
حاولت ياسمين الإبتعاد عن عمر ما إن رأت أخيها ولكنه التصق بها أكثر وهو يضع يده حول كتفها بتملك وكأنه يرسل رسائل إلى زين بأنها أصبحت ملكه الآن ولم يعد يهمه شيء.
ضرب زين على كتفه بحدة قليلة وهو يقول بغيظ:
“مبارك يا عمر”
قهقه عمر بشدة وهو يرى زين يكاد يشتعل من غيرته ثم أقترب منه يحتضنه وهو يقول بسعادة:
“الله يبارك فيك يا خال العيال”
أبتعد عنه زين ثم احتضن ياسمين وقد تبسم أخيرًا وهو يرى سعادتها وهذا ما يهمه فلا يريد شيء سوى سعادتها فقط بينما أدمعت عيني ياسمين رغمًا عنها وهي داخل أحضان أخيها حتى جذبها عمر عن زين وهو يقول بحنق:
“ماخلاص ياحبيبي بقى هي سهراية”
أبعدها عمر عنه عنوة وهو يتمسك بها جيدًا في الوقت الذي عادت فيه روان وهي تكاد تطير من سعادتها لأجل أخيها وهي تهتف بفرحة:
“مبااارك يا عرييس”
تقدمت نحوه وكادت تحتضنه حتى نظر زين إلى عمر بتحذير ووعيد من أن يقترب منها وما إن رأى عمر نظراته حتى دفع روان عنه بقوة كادت تسقطها لولا يد زين التي الحقت بها.، ولم يكن فعلته خوفًا من زين او ما شابه، بل لا يريد أن يوجع رأسه بسبب غيرة زين في هذا اليوم بالتحديد ويخرب سعادته.
طالعته روان بصدمة من فعلته بينما نظر له زين شرزًا وهو يساندها قائلاً بغضب:
“انت يلا متخلف”
“اعمل هو لا كدا عاجب ولا كدا عاجب!؟”
“وهو انت معندكش وسط خالص يا تحضنها يا توقعها”
“والله هو دا اللي عندي وبعدين مراتك عندك اهي زي القرد ومفهاش حاجة ودلوقتي فكك مني بقى علشان عايز مراتي في كلمتين.. يلا يا ياسميتني”
تفوه عمر بإستفزاز شديد ثم سحب ياسمين من امامهم وهو يتوجه بها نحو الشرفة تحت نظرات زين المندهشة والتي لم يعطى له حتى فرصة للرد وما إن أستوعب الأمر حتى أسودت نظراته بشدة وهم ليلحق بهما ولكن اوقفته روان وهي تقول:
“أعقل يا زين وبلاش جنان”
أبعد زين يدها وهو يقول بغضبِ عارم:
“لأ عمر ذودها اوي كدا”
“ذودها اي يا زين انت ليه مش مقتنع إنها بقت مراته وبعدين دا هيقعد معاها شوية في البلكونة قدام الكل ياريت تركز مع الضيوف اللي جايين وتسيبهم وبعدين ما احنا لما كتبنا الكتاب عملنا أكتر من كدا”
زفر زين بحنق شديد وهو يمسح على لحيته ويشعر بالضيق والغضب من عمر ومازال لا يتقبل فكرة أنها أصبحت زوجة هذا المختل.، بل ربما يحتاج هذا سنينًا حتى يستوعب.
“على الأقل محضنتكيش قدام الناس ولا عملت اللي عمر بيعمله دلوقتي”
أردف زين بتبرير بينما نظرت له روان بتعجب ولا تفهم سبب تصرفاته العجيبة تلك.، أين زين العاقل والهادئ والذي يحسب كل شيء قبل فعله!.
“زين انت بتعمل كدا علشان مش حابب عمر لياسمين صح؟ لو مكنتش عايز عمر من الاول مكنتش وافقت عليه بس طالما وافقت يبقى مينفعش تتصرف معاه كدا ولازم تستوعب إنها بقت مراته دلوقتي.، هو احترمك وفضل محافظ على كل ضوابط الخطوبة ومتخطاش حدوده فلو سمحت بلاش تتعامل معاه كدا علشان مياخدش فكرة غلط ويشوفنا معقدين.، الاول تبريرك إنه كان لسه خطيبها لكن لدوقتي بقى جوزها على سنة الله ورسوله ف ملكش حِجة علشان كدا حاول تتحكم في غيرتك أكتر من كدا”
أنتهت حديثها ثم رحلت بهدوء كي ترى الفتيات بينما وقف زين وقد شعر بأنه يبالغ بالفعل ولكن هذا رغمًا عنه فمن تتحدث عنها هي أخته الذي ظل طوال الوقت يحافظ عليها من الجميع فكيف يتقبل الآن فكرة أن أحدهم أمتكلها وأصبح له الحق عليها!.
وفي الشرفة وعند ياسمين كانت تجلس وهي تشعر بالخجل الشديد حتى أن وجهها أصبح منصهرًا وقد حمدت الله على النقاب الذي يخفى وجهها عنها الآن بينما عمر هتف بسعادة بالغة وهو يقول:
“انا مش مصدق نفسي يا ياسمين قوليلي إني مش بحلم صح”
أبتسمت ياسمين برقة وهي تنفي برأسها ثم هتفت بسعادة مماثلة له قائلة:
“لأ مش بتحلم يا عمر.. احنا كتبنا الكتاب بجد”
“هاين عليا اقوم أحضنك تاني بس خايف أخوكي ييجي يعملي فضيحة هنا”
ضحكت ياسمين بشدة وهي تضع يدها على وجهها وتتخيل رد فعل أخيها ثم رفعت رأسها نحو عمر وهي تقول:
“معلش يا عمر متزعلش منه هو ميقصدش وأرجوك بلاش تستفزه علشان انت عارف غيرة زين”
صاح عمر بها وقد نفذ صبره من هذا الزين ليقول بضجر:
“انا مش هعمل حاجه غير إني أستفزه وأرد فيه اللي عمله فيا مش قادر أقولك انا مستنى اللحظة دي بقالي اد اي”
“طب ولو قولتلك علشان خاطري انا؟”
نظرت له ياسمين بإستعطاف لأنها تعلم عناد عمر جيدًا وأيضًا تعلم غيرة أخيها ولا تريد أن يشتبكا مع بعضهما البعض.، بينما عمر وتحت نظراتها المترجية أستسلم لها وهو يقول غامزًا:
“علشان خاطرك انا ممكن أعمل اي حاجة”
أطرقت ياسمين رأسها أرضًا بخجل بينما أقترب عمر بظهره ناحية الشرفة كي لا يراها أحد ثم مد أنامله يزيل جزء من نقابها وهو يجثو على ركبتيه كي يرى وجهها الذي أشتاق له بشدة أسفل النقاب، بينما هي تكاد تموت من كثرة خجلها وضربات قلبها تتسارع بشدة.
نظر لها عمر وهو يتأمل ملامحها ثم عاد مكانه بصعوبة بالغة قبل أن يراها أحد وفي هذا الوقت شعر بأنه يتملك الدنيا وما بها.. نعم صبر رغمًا عنه ولكنه بالأخير حصل عليها حتى ظن بأنها أثمن شيء حصل عليه على الإطلاق.
رفع عمر يده كي يمسك يدها وقبل أن يفعل أبتعد قليلا إلى الوراء عندما أنتفضت ياسمين من مكانها وهي تقول بهلع:
“فين سُكر.. انا ازاي نسيت وسيبتها كل دا”
هرولت ياسمين نحو الداخل تبحث عنها في وسط هذا الحشد من الناس بينما نظر عمر حوله يبحث عن فتحي فلم يجده مما جعله يشعر بالرعب وعلم أنه بالتاكيد أصابها بسوء.
لحق عمر بها وهو يسب فتحي بسره قائلاً:
“عملها ابن ال###”
🌸أستغفر الله العظيم وأتوب إليه🌸
يقول ليّ الجميع
أن الوقت كفيلٌ بِمُداواةِ ما يعجز الطِب عنهُ ولٰكن ماذا عن وجعٍ كُلّما مرّ عليه الوقت إشتدّ على صاحِبه.؟!
وقعت الحقيبة من يدها مصدرة صوتاً صخب جعلها تتراجع إلى الوراء بخطى بطيئة وهي لا وتعي ما يحدث حولها بل وكأنها إنعزلت عن العالم للحظات.
وشيء واحد يتردد داخل أذنها كيف! كيف يكون هذا الشخص المثالي هو نفسه من فعل بها هذا! كيف يكون منقذها هو نفس الشخص الذي أذها!.
“حا.. حازم!”
نبتت عايدة بتسآل وكأنها تسأله إن كان هو بالفعل ام لا بينما هو تقدم منها بقامته الطويلة وهو يسير بثبات حتى وقف أمامها مباشرًا وهو ينظر إلى ملامحها بقوة وعيناها التي بزر جمالها بعدما تسلط الضوء عليها مما جعله يهتف وهو يقول بشرود:
“انا قولتلك قبل كدا إن عنيكي بيسحروني؟”
أنتبهت لحديثه وكأنها للتو فاقت من صدمتها.. أستشاطت عايدة غضبًا وهي تحاول ربط جميع مع حدث معها به وقد لفت إنتباها قناع الوجة الموضوع أعلى الطاولة حتى دققت النظر به… إنه نفس الوجة التي رأته بها آخر مرة.. هذا يعني أن من رأته لم يكن القناص بحق.. بل النقاص هو من يقف أمامها الآن.. وهو أيضًا من انقذها مما فعله به.
“انت كنت بتلعب بيا؟ منين بتخطفني وأكتر من مرة كنت هموت ومنين بتنقذني؟ وعلشان اي اصلاً بتعمل كل دا”
أردفت عايدة بعصيبة وقد نست كل ما تعلمته من طرق التحكم بالذات بينما هو ظل محافظًا على هدوئه ثم أردف قائلاً:
“انا مخفطتكيش اللي حصل دا كان يدوب تدريب ليكي مش أكتر علشان اختبر قوة تحملك”
“ومين اللي أدالك الحق تعمل كدا ومين انت علشان تقرر تدربني او لأ؟”
أجابته عايدة بصوتِ عالِ ومازال الغضب يعترتها بشدة بينما هو نظر في عيناها بقوة وهو يقول:
” مش لازم أختبر قوة تحمل البنت اللي هيرتبط اسمها بإسم القناص؟ ”
تجهمت ملامح وجهها وهي تنظر له بصدمة وجهل عما يتحدث.، كيف سيربط اسمه بأسمها وهي لم تره سوى لأول مرة عندما أنقذها!؟.
كان يتابع نظراتها وملامحها المصدومة وهو يعلم ما تفكر به ثم دار حولها وقد بدأ يسرد لها الأمر:
“من حوالي عشرين سنة كان أول يوم تدريب ليا مع والدي الله يرحمه في الشركة وكان بدأ يعرفني على الشغل علشان أكمل بعده وكنت وقتها عندي عشرين سنة ومكنتش حابب أشتغل في الشغل بتاعه وعايز أكمل في الكلية اللي بحبها وبروح التدريب غضب عني علشان بس أرضيه وفي يوم قابلت بنت صغيرة هناك شعرها طول وعنيها خضرا بتخانق في ولد من سنها تقريبًا علشان عاكسها.. لفتت إنتباهي.. كانت مميزة عن كل البنات اللي شوفتها في حياتي معرفش اي اللي خلاني فضلت أتابع الموقف وانا ببتسم على جرأتها وشجاعتها وهي واقفة تخانق بعدين مشيت من غير ما اهتم لكن هي مسبتنيش في حالي بقيت أشوفها كل يوم واكتشفت إنها بتيجي الشغل هنا مع والدها وبقيت كل ما اشوفها افضل مركز معاها ومش عارف ازاي طفلة قدرت تشد إنتباهي بالشكل دا ولمدة سنة كاملة”
توقف عن الحديث وهو يعود بذاكرته إلى الوراء ويتذكر ما حدث وعلى وجهه أرتسمت بسمة بحنين لها بينما هي تنصت له جيدًا وتشعر بشعور غريب يغمرها.، عادت تنظر له بعدما أكمل وهو يقول:
“بعد سنة والدها ساب الشغل وهي مبقتش تيجي بس فضلت أتابعها من بعيد لبعيد وأشوفها كل يوم وهي بتكبر قدامي من غير ما افكر لمرة واحدة إني أظهر قدامها.. كانت بتحب ابن عمها بس هو مكنش بيحبها او بيكابر إنه بيحبها.. قصة حب أتكتبلها الفشل من قبل ما تبدأ.، كبرت العيلة الصغيرة ودخلت جامعة وانا لسه متابع تفاصيلها لحد ما قرر والدي إنه يسفرني علشان أكمل الشغل برة ومكنش ينفع أرفض.، فضلت اول سنة هناك متابع أخبارها وبتوصلي اول باول بس مع الشغل إنشغلت عنها ومبقتش عارف عنها حاجة وبقت مركز في الشغل وبس لحد ما خلصت المدة ورجعت مصر تاني واول حاجة عملتها هي إني أدور عليها بس كان فات الآوان ملقتش ليها اي اثر.. دورت عليها كتير مكنتش موجودة لحد ما عرفت إنها اتخطفت واللي خطفوها عصابة بس للاسف عرفت متاخر اوي، اليوم اللي عرفت مكانها فيه كان نفس اليوم اللي هم دبحوها فيه”
أسودت نظراته وتعالت وتيرة أنفاسه.، بينما هي مازالت منصتة دون أن تبدي اي ردة فعل فقط تتابع ما يقول بهدوء مريب حتى أكمل مجددًا وهو يقول:
“رموها في الصحرا بعد ما فكروها ماتت وهم بالفعل موتوها.. روحت أنقذتها على آخر لحظة وودتها المستشفى، كانت فاقدة لكل معاني الحياة بعد اللي عملوه فيها وبدأت انا أجهز علشان انتقم منهم وبدأت بشخصية القناص علشان اقدر اوصلهم وبقى ليا اسم في عالم الإجرام من غير ما حد يعرف هويتي.. بس منتقمتش منهم انا استنيتها لحد ما تفوق علشان هي اللي تجيب حقها بنفسها لإنها طول ما مجبتش حقها مش هتقدر تبص لنفسها في المراية وإلا كنت انا بنفسي اللي هخلص عليها لو معملتش كدا”
توقف عن الدوران وجسده يتهز بقوة دون أن يستطيع السيطرة عليه من شدة إنفعاله كلما تذكر ما حدث بينما هي رفعت عيناها والتي كانت حمراء بشدة وهي تقول نبرة مميتة:
“فقامت هي علشان تنتقم منهم بس طبعًا هو اللي كان بيقدملها المعلومات من غير ما تعرف علشان تفتكر إن هي اللي انتقمت منهم وجابت حقها والحقيقة إنها لا جابت حقها ولا حاجة هي بس كانت بتضحك على نفسها”
قالت جملتها الأخيرة بسخرية بينما هو نظر إليها وإلى الحزن الواضح على وجهها حتى وضع يده على كتفها بحدة وهو يهتف:
“انتِ أقوى حد انا شوفته في حياتي يا عايدة”
تكورت الدموع في عيناها رغمًا عنها عندما نعتها بالقوية.. لم تستطع حبس دموعها فتساقطت بغزارة دون إرادة منها.، وقد سمحت لانفسها لأول مرة أن تبكي أمام أحد… وكأن كل ما حدث معها يعاد إليها من جديد ومر شريط حياتها امام عيناها الآن.. عن اي قوة يتحدث هو!؟.
وضعت يدها على فمها عندما فشلت في السيطرة على بكائها حتى تحول لشهقات وقد شعرت بضعفها الآن وأنها لم تكن يومًا قوية.. بل ما بدخلها لم يكن سوى تراكمات.
🌸أستغفر الله العظيم وأتوب إليه🌸
توقف عمر عن السير عندما أبصر فتحي يقف بالقرب من سُكر دون أن يفعل لها شيئًا حتى تهللت أساور وجهه وهو يزفر براحة قائلاً إلى ياسمين التي كانت تشعر بالقلق:
“مش قولتلك هتلاقي فتحي مخلى باله منها متقلقيش عليها طول ما هو موجود لإنه مش هخيلي حد يقربلها عل…..”
بتر عمر جملته عندما وجد فتحي ينقض على سكر التي ركضت مسرعة نحو ياسمين بينما أسرع عمر نحوه قبل أن يتهور ويضربها مجددًا وهو يقول:
“علشان هو اللي هيقوم بالواجب”
دنى عمر من فتحي ثم هتف بغيظ وهو يقول بصوت منخفض لم يصل إلى مسامعها:
“إن ما ربيتك لما نروح البيت يا تربية الشوارع”
أحتضنت ياسمين قطتها وهي تمسد على شعرها برفق شديد وهي تحمد الله أنها بخير بينما فتحي يحاول التملص من بين يدي عمر كي يذهب نحوها مجددًا..
“تعالى يا عمر علشان الشباب بيسألوا عليك”
أردف زين وهو يقترب من عمر يأخذه معه نحو الأعلى حيث الرجال بينما زفر عمر بإنزعاج ولا يريد أن يترك ياسمين فمازال لم يمكث معها كثيرًا بعد.
وعندما أبصر زين تردده هتف بغيظ مكتوم وهو يقول:
“تعالى روحلهم الاول وبعدين ابقى ارجع اقعد معاها تاني هي مش هتطير”
أوما له عمر ثم سار معه على أمتعاض وقد اتت روان تأخذ ياسمين هي الأخرى وما إن رأها زين حتى توقف عن السير وهو يجذبها برفق هامسًا في أذنها:
“حضري نفسك للمفاجأة اللي عاملهالك”
تركها زين وهو يحاول كبح ضحكاته وهو يعلم جيدًا أنها لن تطيق الإنتظار ثم جذبت هي ياسمين نحو الفتيات.
قاموا بإشغال الإنشودات الإسلامية بالدُف والتي إختارتها ياسمين بعناية شديدة كي تضفي بهجة في المكان.
نزع الجميع أنقابتهن فقد كان المنزل مغلق بعدما أصبح خالي من جميع الرجال ثم أخذت ياسمين تتراقص بسعادة شديدة وحولها الفتيات يشاركنها الرقص حتى أنتبهت ياسمين إلى چنة التي تقف على بعد منها وهي تبتسم فقط دون أن تشاركهن بشيء.
أقتربت منها ياسمين ثم جذبتها رغمًا عنها وهي تمسك بيدها تحثها على التمايل معها حتى أندمجت معها چنة بالفعل وقد تناست أحزانها قليلاً.
ظلت تلك الفقرة ممتدة حتى ذهبت ياسمين نحو مشغل الصوت توقف الإنشودات مما تعجبن الفتيات بينما هي هتفت موضحة:
“سيبكم من الحاجات دي.. هشغلكم حاجة جديدة وفريدة من نوعها وكلنا بنحبها”
تحمسن الفتيات بشدة وما إن أنهت ياسمين حديثها حتى قامت بتشغل الاغنية والتي صاح الجميع بشدة وأخذن يضحكن بقوة على تلك الاغنية ثم قاموا بالتردد خلفها:
قال جحا في ذات نهار .. إني ليس لدي حمار..
وسأذهب للسوق اليوم .. أبتاعه وأزيح الهم..
قابله رجل في الدرب ..وقال إلى أين ستذهب..
قال سأذهب أتسوق .. واختار حمار ينهق..
قال له قل في الأول .. إن شاء الله لتفعل..
قال جحا للرجل لماذا .. كيسي ممتلئ يا هذا..
والسوق قريب مني .. دعني أمضي ابعد عني..
ومضى يتمختر فرحًا .. وهو يجرب كلما حاااه..
بعد قليلٍ عاد وحيدًا .. مهموم الأفكار شريدًا ..
قابله الرجل المزعوم .. قال له مالك مهموم..
قال جحا إن شاء الله .. سرق اللص الكيس وتاه..
أهيء أهيء أهي أهيء.
وما إن انتهت الأغنية حتى انفجرن جميعًا بالضحك وقد أسعدتهم حقًا وعادوا إلى الوراء حيث الزمن الجميل
بينما أوقفت ياسمين المشغل هذه المرة بعدما شعرت بالإرهاق ثم توقفت وهي تأخذ أنفاسها بشدة:
“كنت مجهزة كلام كتير أقوله في اليوم دا بالذات عن الطاعات والعبادات.. مش حابة يكون ذكرى ليا انا وبس لأ حابة إنه يسيب أثر طيب في كل حد موجود معانا هنا النهاردة… بس طبعًا كل الكلام اللي جوايا تلاشى في وجود حور لأنها الأجدر مني وكمان هي اللي انا بتعلم منها ف انا هخليها هي تتكلم نيابة عني في اليوم دا”
أنتهت ياسمين حديثها وهي تنظر إلى حور حتى صارت جميع الأنظار عليها مما جعلها تضع يدها على وجهها وهي تهتف بخجل مصطنع:
“لأ متبصوليش كدا انا بؤحرج.. فين جوزي ييجي ياخدني من هنا”
قهقهن الفتيات على مزاحها بينما حور كانت تشعر بالسعادة حقًا لأجل ياسمين ولأجل أن رزقها الله نعمة الزواج والسكينة وتدعو الله أن يجعل هذا الزواج حجة لها يوم القيامة لا عليها ثم سمت الله داخلها وشرعت في الحديث:
“السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اولاً ورزقكم الله بأحب الرجال إليكن جميعًا يارب العالمين.. حقيقي انا بكون فرحانة جدًا بكل بنوتة بتتزوج وتحاول ترضي الله بدون ما تبدأ حياتها بذنوب بل كل همها رضى ربنا سبحانه وتعالى عليها في وقت البنات مبتفكرش غير إن دي ليلة في العمر ومش هتتكرر.. علقها مبيتصورش إنها ممكن تكون آخر ليلة ليها وكلنا بنشوف كتير بنات يتوفاها الله بعد فرحها على طول وفيه اللي بتتوفى في الفرح وكلنا بنشوف دا.. وغير كدا ليه نبدا حياة جديدة بذنوب ومعاصي وأشياء كثيرة لا ترضي الله؟ ليه نقابل نعم ربنا علينا بالمعاصي؟ الزواج نعمة كبيرة من عند ربنا وفيه بنات غيرنا كتير غير متزوجات ولم يأت نصيبهم بعد… ف انتوا بدل ما تحمدوا ربنا على نعمه تقوموا تعصوه!؟ هو احنا ليه دايمًا بنربط السعادة بالمعصية؟ ما احنا اهو قدرنا نفرح وننبسط من غير ما نغضب ربنا.. دا كمان أختنا ياسمين جزاها الله كل خير هتاخد أجر إن نيتها تشجع البنات على الأفراح الإسلامية وكل بنات هتاخد الخطوة دي وتعمل فعلاً فرحها إسلامي ربنا هيجعل دا في ميزان حسنات ياسمين… وكل واحدة فيكم هتعمل فرحها إسلامي هتاخد أجر كل بنت هتقلدها وتعمل زيها.. كمان انكم تحاولوا تنشروا البهجة وتظهروا إن المنتقبات مش متشددات بل بيضحكوا ويهزورا وبيعيشوا حياتهم كمان هتؤجروا على دا.. دينا جميل اووي يابنات ومش بيأمرنا غير بالصالح والخير لينا وربنا سبحانه وتعالى منزل عند عبادتنا..
ليه تروحوا تدفعوا الاف الجنيهات في ليلة كلها ذنوب ومعاصي ما ممكن تعملوا بالفلوس دي عمرة وتبدأوا حياتكم بدون ذنوب ومعاصي.. ودا ميمنعش انكم تلبسوا فستان وتفرحوا وتنبسطوا وتعملوا حتى لو زفة صغيرة في البيت لإن اليوم دا مش هيتكرر في العمر.. ولو زوجك حاله ميسور مفيش ما يمنع إنكم تعملوا فرح اسلامي منفصل بدون إختلاط ومن غير اغاني.. الشاهد من كلامي إننا منعلقش سعادتنا بالذنوب والمعاصي لأ نبتغى رضى ربنا الاول وصدقوني والله ربنا ليراضينا وهنقدر نفرح وننبسط بطاعة الله”
أنهت حور حديثها وقد كان الجميع يستمع إليها ومنهن من عزمت على الا يكون زفافها مختلط وبه أغاني بل قررت أن ترضي الله أولاً.. بينما أقتريت إحداهن من حور وهي تقول بصدق:
“انتِ جميلة اوي ماشاء الله طول ما بتتكلمي مش عارفه أركز مع كلامك من كُتر منا انا مركزة مع ملامحك”
أحمر وجه حور خجلاً وهي تضع يدها على وچنتيها بحياءِ ثم هتفت بمرح:
“يجماعه بقى قولتلكم بؤحرج.. روحي يا شيخة الله يسترك”
ضحكت الفتاة بصخب على مزاحها بينما فتاة أخرى أردفت قائلة:
“ماشاء الله مفكيش غلطة… انا لو ولد كنت أتجوزتك”
طالعتها حور بريبة مصطنعة ثم شددت على ثيابها وهي تقول:
“لأ انا كدا هبتدي أقلق على نفسي.. فين جوزي ييجي ياخدني”
قهقهن الجميع عليها بينما قامت حور بتغيير مجرى الحديث ولم تحبذ أن يمدحها أحد أكثر من هذا وبالأخص أن اليوم هو عقد ياسمين وهي العروس والأحق بالمدح وليس هي لذا لم تكن تريد أن تنزع نقابها كي لا تلفت الأنظار عليها لأنها تعلم بأن ملامحها فاتنة بحق لولا إصرار ياسمين عليها كي تكون على راحتها فلم تشأ أن ترفض طلبها..
عاد الفيتات يكملن رقصهن مجددًا حتى رأت روان ياسمين وأنها بدأت تشعر بالإرهاق في الوقت الذي وجدت به رسايل عديدة على هاتفها فاقتربت من ياسمين بتوتر تأخذها من بينهن وهي تقول:
“ياسمين انتِ مكلتيش حاجة طول اليوم تعالى اطلعي استريحي شوية”
“مينفعش يا روان اطلع واسيب البنات”
أجابتها ياسمين بتعقل رغم تعبها بالفعل حتى كادت تسقط بينما أصرت عليها روان بإلحاح وهي تقول:
“يا ياسمين انتِ مش شايفة شكلك عامل ازاي؟ يابنتي مكلتيش طول اليوم تعالي معايا بس شوية وارجعي تاني”
جذبتها روان معها حيث شقتها دون أن تعطيها فرصة للرد تحت إعتراض ياسمين الشديد وتعجبها من إصرار روان.
دلفت ياسمين مع روان الشقة والتي كانت مزينة بعناية ثم تقدمت نحو الداخل حتى وجدت مائدة كبيرة من الطعام على الطاولة من جميع الأصناف وأشهى المأكولات مما جعل ياسمين تستدير صوب روان وهي تقول بدهشة:
“انتِ اللي جهزتي كل دا؟”
هزت روان رأسها بالنفي في الوقت الذي خرج فيه عمر من إحدى الغرف وهو يقول:
“وهي دي بتعرف تعمل حاجه.. انا اللي مجهز طبعًا”
أنتفضت ياسمين خلفها بخضة على أثر الصوت وهي تستدير صوب عمر قائلة:
“عمر! انت بتعمل اى هنا؟”
اقترب عمر منها حتى أصبح أمامها وهو يقول:
“عارف إنك جعانة وهتموتي من الجوع ومهنش عليا اسيبك جعانة.. وانا كمان واقع من الجوع.، تعالي يلا كلي وسيبك من الدوشة دي”
نظرت له ياسمين بتردد بينما شدها عمر حتى اجلسها على الطاولة بينما نظرت له روان بغيظ بعدما أصر عليها أن تجلب ياسمين فإن علم زين بالأمر لن يمرر الأمر مرور الكرام وسوف يغضب عليها هي أولاً.
“بردت كدا يا اخويا؟”
أردفت روان بغيظ شديد بينما هز عمر رأسه بإستفزاز ثم حرك بصره صوب ياسمين قائلاً:
“يلا كلي يا ياسمين”
أومأت ياسمين بتوتر شديد بعدما نزع عنها عمر النقاب ثم دلفت روان نحو الداخل تفعل شيء ما بينما ياسمين نظرت له عمر وهي تقول:
“بس يا عمر كدا ما ينفعش انا مقولتش لزين إني معاك هنا ولو عرف هيتعصب”
زفر عمر بحنق من هذا الزين الذي حتى يخرب عليه حتى وهو ليس موجودًا ثم هتف وهو يقول:
“ياحبيبتي وزين اي اللي هيعرفه دلوقتي؟ وبعدين احنا مش بنعمل حاجة غلط انتِ بقيتي مراتي ويادوب هناكل وننزل وزين اصلاً ميقدرش يعمل حاجة ولا هو فارق معايا وطول ما انتِ معايا مش عايزاك تخافي من حاجة”
انهى عمر عبارته وهو يمسك يدها يطمئنها ولكنه انتفض من مكانه فجأة عندما سمع صوت يطرق على الباب من الخارج فنظرت له ياسمين برعب شديد كما ابتلع عمر ريقه هو الاخر.
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية وسولت لي نفسي الجزء الثاني)
,,,
..
,,
…
,