رواية ضروب العشق الفصل الخامس والأربعون 45 بقلم ندى محمود توفيق
رواية ضروب العشق البارت الخامس والأربعون
رواية ضروب العشق الجزء الخامس والأربعون
رواية ضروب العشق الحلقة الخامسة والأربعون
_ الخاتمة _
ضيق عيناه ببعض الدهشة والألم ثم أجابها بلهجة تحمل التعجب :
_ وهو دلوقتي مش هتقفي جنبي يعني مع إني في أشد وقت أنا محتاجك فيه جنبي وتقوليلي أنا معاك ولا إيه ؟!
بقت تحملق به للحظات وجيزة ، ترغب بالرد عليه ولكن نفسها الساخطة تمنعها ، لا تزال منزعجة وتحتاج لبعض الوقت لتترك عقلها وقلبها يتخذوا القرار الصحيح دون تسرع .
سحبت ذراعها من بين قبضته وغادرت الغرفة لتتركه يقف ووجهه يعطي علامات استفهام وتعجب ، لا يدري أهذا يعتبر ردًا على سؤاله بالإيجاب ؟ .. أم أن هذا لا يعني شيء سوى أنها رفضت الإجابة ؟! .
***
في مساء ذلك اليوم …
انتهت من تحضير كأس الشاي له وسارت به باتجاه الصالون حيث يجلس أمام التلفاز يشاهد أحد برامج كرة القدم ، وقفت أمامه ومدت يدها له بالكأس فتناوله منها وهمس بابتسامة صافية :
_ شكرًا
ثم عاد بنظره للتلفاز مرة أخرى ، لتتنهد هي بعمق وعبوس وتجلس بجواره على الأريكة متمتمة بصوت رقيق :
_ حسن
أجاب عليها باختصار دون أن يبعد نظره عن شاشة التلفاز :
_ نعم
يسر بصوت مختنق :
_ هو إنت اتكلمت مع علاء وبابا تاني ؟!
استعجب سؤالها والأكثر من السؤال هو نبرتها ، فالتقط جهاز التحكم واخفض الصوت تمامًا ثم وضع الكأس على سطح الطاولة الصغيرة والقصيرة أمامه ، ليتلفت لها برأسه ويقول بحيرة :
_ لا يايسر .. اتكلمت مع عمي يوم لما حكيتلك وبعدها كلمت علاء وإنتي عارفة اللي حصل ، وهحاول تاني اصلح اللي حصل .. بس اصلًا كان متوقع إنهم ميسامحونيش من أول مرة وهما عندهم حق من الأرض للسما لو رفضوا اعتذاري وصدقوا ندمي ، لأن أنا لو مكانهم كنت هعمل كدا
اقتربت منه في جلستها ورفعت كفها لوجنته تملس بإبهامها في رقة على جانب ثغره هامسة في أعين حزينة وراجية :
_ خليني أنا اكلمهم ياحبيبي وافهمهم يمكن الوضع يتحسن بينكم ، مش حابة اشوفكم كدا وبسببي أنا
أبعد يدها عن وجهه في غضب وهتف بصوت أجشَّ وصارم :
_ لا يايسر ملكيش دعوة ومتتدخليش في حاجة ، ثم أني قولتلك قبل كدا إنتي ملكيش ذنب أنا اللي غلطان من البداية
يسر بانفعال بسيط وعينان تهيمان بالدموع :
_ إنت غلطان فعلًا .. بس أنا السبب في كل ده من البداية ، أنا اللي كنت بحبك وكنت عايز اوصلك بأي طريقة ومفكرتش في النتائج هتكون إزاي واتصرفت بغباء ، لو مكنتش هددتك بصورك وتسجيلاتك مكنتش هتعمل كل ده ومكنتش هتتجوزني ، ودلوقتي أنت بتتحمل غلطك وغلطي
انحنى عليها واحتضن وجهها بين كفيه يجيبها بنظرات ثابتة في عيناها :
_ يعني إنتي ندمانه على اللي عملتيه عشاني !!
انهمرت دموعها وانزلت كفيه من على وجهها لتبتعد عنه قليلًا في جلستها وتشيح بنظرها عنه مغمغمة بصوت مبحوح ونادم :
_ مش عشانك يا حسن ، أنا ندمانة على اللي عملته في نفسي وفيك .. كنت متوقعة إني لما أعمل كدا هجذب انتباهك ويمكن تحبني بس كانت النتيجة اسوء مما توقعت ، بداية بكذبتنا على اهلي وأهلك ومن بعدها جوازنا وإن أنا اللي كنت بعاني كله ده ، واللي حصل بينا من بداية الليلة إياها حتى طلاقنا واللي اتعرضناله .. كل ده أنا كنت السبب فيه ، كنت عايزاك تحبني بالغصب ومبصيتش على أي حاجة تاني مفكرتش فيك أو في بابا وعلاء وماما لما يعرفوا أو حتى مرات عمي واخواتك ..
الحقيقة هي إنك مكنتش أناني وحدك ، أنا كنت أنانية أكتر منك ومكنتش بفكر غير في نفسي !
ابتسم بساحرية وعشق وهو يتألمها ، يقسم بينه وبين نفسه أنه لم يكن هناك أغبي منه في هذه الحكاية ، هو الأحمق الوحيد لأنه لم يدرك قيمة الألماسة التي اهديت إليه إلا بعدما كان على وشك فقدها !! .
اختلس المسافة التي صنعتها بينهم وقرب شفتيه منها يطبع قبلة على جبهتها هامسًا بغرام شبه مداعبًا بعدما استند بجبهته على خاصتها :
_ بس إنتي طلعتي بفايدة في الآخر وقدرتي توصلي لهدفك السامي وهو قلبي ، وللأسف مقدرش أنكر إني معاكي بحس أن مفيش ست في الوجود كله ، تقدر تملى عيني ولا تسعدني غيرك
اجهشت باكية تجيبه بأسي :
_ إنت حبيتني فعلًا بس بعد إيه ياحسن ، كان نفسي نجتمع مع بعض في ظروف أفضل من كدا ، نبدأ حياتنا كأي أتنين طبيعين بيتجوزا من غير كذب وخداع ، مش عايزاك تخسر عمك بسببي
تراجع برأسه للخلف يرمقها بأعين تحمل الريبة والحيرة من كلامها ، ثم قال باسمًا بنفاذ صبر :
_ لا بجد أنا ربنا يعيني على هرموناتك دي لغاية ما تولدي والله .. أصل إنتي مش طبيعية
يسر بعصبية :
_ متفضلش كل شوية تقولي هرموناتي ، أنا بتكلم بجد !!
_ لا إنتي جاية تنكدي عليا يايسر .. معرفش إيه اللي جاب موضوع ابوكي واخوكي لموضوعنا احنا، لا وفتحتي في العياط زي الحنفية .. في إيه أنا بني آدم وبيتنكد عليا والله العظيم يايسر زي بقية الرجالة ، ليه النكد ده ياحبيبتي !! ، وعمل اقولك في كلام حلو وابوس فيكي وإني بحبك وشوية وهبوسك من بوقك عشان تفرفشي وإنتي أبدًا ولو لازم انكد علي اهلك ياحسن ، مكنش عيل ده اللي منكد على اللي جابونا من قبل ما ياجي !
تمكن بالأخير من اضحاكها حيث اطلقت ضحكة أنوثية مرتفعة وجففت دموعها بأناملها ثم التصقت به وهمست بعبث :
_ أنا مش عارفة مالي ياسنسن والله ، بتجيلي لحظات كدا وبفضل اعيط من غير سبب استحملني ياحبيبي معلش
لوى فمه باختناق وهدر مغلوب على أمره :
_ ما أنا مستحملك أهو .. هنعمل إيه بقى نصيبنا ، يلا ربنا يقوينا
عادت تفتح الموضوع من جديد وقالت بإلحاح :
_ طيب مش هتخليني اتكلم معاهم برضوا واقولهم كل حاجة .. أنا حتى لو زعلوا مني هفضل بنتهم ياحسن ومش هيفضلوا زعلانين مني كتير يعني ، لكن إنت غير
مسح على وجهه متأففًا بسخط حقيقي هذه المرة ، ثم زغرها بنظرة مميتة وهو يشير بسبابته في عصبية :
_ تاني !!!
اعتدلت في جلستها وقالت بتذمر وخنق بعدما ابدى لها عن بشائر انفجاره :
_ خلاص أهو مش هتكلم نهائي
اطلق زفيرًا حارًا بعدم حيلة ثم التقط جهاز التحكم الخاص بالتلفاز ورفع مستوى الصوت من جديد ليعود ويستكمل برنامجه وكذلك كوب الشاي !! .
***
دقت الساعة الثانية عشر بعد منتصف الليل ، قد أتم التاسع والعشرون من عمره ، لكنه ليس معها ليحتفلوا كما أعتادوا ، غاب ولم يعد وفي لحظة فارقهم ومن بعده أمها لحقت به ، لم تحتمل فراق وحيدها فذهبت له وتركتها هي تتخبط بين طيات الألم والفراق ، فبقت بلا حيلة وتبعثرت شتاتها .. ولولا أن رحمة ربها عليها عظيمة لكانت الآن بين حبات التراب أسفل الأرض ، أو أنها تسير بلا مأوي كالطائر الذي فقد عشه .
انقذها من ظلمات الحزن وضمها لكنفه ، ليصبح الأخ والأب والزوج والحبيب ، تكفل بجميع أدوار العائلة .. حين يستدعي الموقف أن يكون الأخ الحنون يجسد الدور بمهارة ، وعندما يتوجب عليه أن يكون بحب الأب لابنته لا يقصر في أفعاله ، أيضًا لا شك في أنه الزوج المثالي ، يعرف جيدًا متى يغضب ومتى يكون السند والحصن التي تحتمي خلفه ، وفوق كل هذا هو أجمل عاشق رأته في حياتها ! .
تجلس بغرفة مكتبه على الأريكة المقابلة للحائط الذي تملأه صورته هو وأخيها ، وعيناها ثابته على وجه أخيها تتأمله فقط دون أي ردة فعل ، فقط تنظر لصورته كالصنم الذي وضع في مكان وعيناه لا تتحرك عن الشيء الذي وضع أمامه .
فتح الباب ببطء شديد ووقف للحظات يحدج في وضعها الغريب ، في العادة عندما يجدها تجلس بهذه الغرفة تكون غارقة في بكائها بسبب الصورة ، لكن هذه المرة هي ساكنة بشكل عجيب !! .. تحرك نحوها وجلس بجوارها ثم مد يده يعبث بأنامله في خصلات شعرها ويهمس بحنو :
_ شفق !
تمتمت بصوت مريب دون أن تحرك نظرها سنتي واحد عن الصور :
_ النهردا عيد ميلاد سيف
توقف عن العبث بشعرها ونقل نظره إلى الحائط يحملق في الصورة بشجن لفترة وجيزة ثم عاد بنظره لها وهمهم بأسى :
_ ربنا يرحمه ياحبيبتي
استكملت حديثها بنفس وضعيتها ونفس لهجتها كأنها داخل عالم خاص بها :
_ زي دلوقتي كل سنة بنكون بنحتفل أنا وماما بعيد ميلاده .. مكنتش بعرف أعمل تورتة حلوة أوي فكانت ماما هي اللي بتعملها ليه ، وكنت أنا بزين البيت وكنا بنعملها ليه مفاجأة قبل ما يرجع من الشغل بليل ، وكل مرة بيتفاجيء بسبب إنه كان بينسي يوم عيد ميلاده أصلًا .. بس خلاص بقى مبقيش موجود لا هو ولا ماما ، معدتش هسمع صوتهم تاني ولا هشوفهم ، مفيش بهدلة ماما ليا وخناقنا أنا وهي على اتفه الأسباب ، أنا لغاية دلوقتي مش مصدقة إنهم سابوني وأحيانا كتير ببقى منتظرة إني اروح بيتنا والاقي ماما موجودة فيه وبليل يرجع سيف من الشغل ، أو بفضل أبص على التلفون مستنية رقمها يرن عليا عشان تتطمن عليا زي ما اتعودت
صمتت لثلاث ثواني بالضبط ثم استرسلت حديثها باسمة بألم :
_ كانت بتحبك بشكل مش معقول .. لدرجة إنها كانت بتدعيلي وتقولي ربنا يكرمك براجل زي كرم ، وأتضح أن مفيش من كرم أتنين فخدته هو ذات نفسه !! .. تعرف كانت هتفرح أوي بجوازنا لو كانت عايشة
استقرت في عيناه نظرة مشفقة وشجينة على أميرة قلبه ، يستطيع رؤية الوجع والمرار في عيناها ، ويلمس الضعف والانكسار في نبرتها .. لذلك فهم أن مهما قال من كلام لن يفيد بشيء ، هي فقط بحاجة للشعور بالدفء والحنان ، تحتاج دومًا للأحتواء ، هي في أمس الحاجة لعناق دافيء منه الآن .
لف ذراعه حول كتفيها وضمها لصدره وهو يلثم شعرها بقبلات متتالية ويهمس بالقرب من أذنها في صوت يملك سحرًا خاصًا :
_ عيطي ومتكتميش جواكي ياشفق
مالت شفتيها قليلًا معبرة عن إبتسامة منطفئة ، ثم ابتعدت عنه وهمست بثبات :
_ أنا كويسة متخفش .. هما وحشوني بس وكنت بسترجع الذكريات
كرم بنظرة شك وإهتمام :
_ أكـــيــد ؟!
هزت بالإيجاب ثم بسطت ذراعيها على الجانب وارتمت عليه تعانقه وتلف كلتا ذراعيها حول رقبته متمتمة برقة :
_ بس أنا محتاجة ده فعلًا .. إنت عيلتي اللي بلجأ ليها في كل أوقاتي
لف هو الآخر ذراعيه حولها يدمجها بين أضلعه أكثر ودفن وجهه بين تجويف رقبتها يلثمها بعمق وحميمية هامسًا :
_ وأنا بعشقك
***
أطفأت جميع الانوار الزائدة في المنزل وذهبت إلى غرفتهم ، فوجدت الفراش فارغ منه .. عقدت حاجبيها باستغراب ثم اسرعت إلى الحمام ووضعت أذنها على الباب تترقب لأي صوت يصدر من الداخل يدل على أنه بالحمام ولكن لا يوجد ! ، امسكت بالمقبض وأدراته لتدفع الباب للداخل وهي تدور بنظرها في أرجاء الحمام ، فيجول برأسها سؤال واحد في هذه اللحظة وهو ” أين ذهب ؟! ” .
اسرعت من الغرفة إلى الصالة وكانت على وشك أن تصيح منادية عليه لكنها تسمرت مكانها حين فتحت الضوء فرأته نائم على الأريكة ، بقت مكانها تمعن فيه النظر ، بأصبعه المسبحة الالكترونية وكتاب القرآن الكريم على المنضدة الصغيرة أمام الأريكة وعلى الجانب الآخر سجادة الصلاة لا تزال على الأرض ، يبدو أنه كان يقضى بعض الوقت في العبادة بعد أداة صلاته وبينما هو يُسبح ويذكر الله غلبه النوم ! .. فلمعت عيناها بوميض العشق النقي .
سبحان الذي يهدي عباده ويحول العبد العاصي إلى آخر صالح ، يعرف قواعد دينه ويحفظ شرائعه عن ظهر قلب ، سبحان الله .. الرحيم والغفور الذي أحن على العبد من أمه ، ويهدي من يشاء بغير حساب .
ابتسمت بحب ثم مدت أناملها إلى الضوء واغلقته من جديد ثم سارت في الظلام باتجاهه ووقفت أمامه للحظات تحدق به ، بالأخير جلست على حافة الأريكة وتمددت بجسدها بجانبه ، تدمج نفسها معه في هذه المساحة الصغيرة وتدفن وجهها بين ثنايا صدره وتلف ذراعها حول خصره معانقة إياه ، فتح عيناه شبه مزعورًا عندما احس بشيء التصق به .. لكن صابته الدهشة بعدما وجدها هي فظل يحملق بها مدهوشًا وهمس :
_ ملاذ !!
زادت من حميمية عناقها له ولم تجيب عليه إلا عندما وجدته سيستكمل كلامه فرفعت رأسها عن صدره وكتمت على شفتيه بسبابتها تمنعه من استرسال حديثه هامسة بعيناه تنضج بالعشق ورغم الظلام إلا أنه رأى القليل من هذه النظرات ولمسها في نبرتها :
_ أنا عايزاك بس تضمني لحضنك الليلة دي .. إنت وحشتني أوي !
وختمت كلامها بقبلتها الرقيقة على جانب ثغره ، كانت قبلة كنسائم الربيع الجميلة التي تمر بلحظة فتترك أثرًا في النفس والجسد يبعث الراحة والسعادة .
مالت شفتيه للجانب في ابتسامة مغرمة وفرحة ليميل بوجهه عليها ينل منها من القبلات ما استطاع ويتمتم :
_ وإنتي كمان وحشتيني أوي
ملاذ في رقة وثغر مبتسم :
_ بكرا هتحكيلي كل حاجة حصلت بالتفصيل .. قعدت ليه في بلجيكا ودبــلــتــك فين وحصل إيه بينك وبين إسلام لما قولتله ؟ ، كل ده عايزة أعرفه .. بس مش دلوقتي ؛ لأن دلوقتي أنا من عايزة أي حاجة تعكر جمال لحظتنا ولا جمال حضنك اللي اشتقتله
ضحك وقال مشاكسًا :
_ إنتي لحقتي تلاحظي أن الدبلة مش موجودة !!!
_ طبعًا لاحظت .. إنت أساسًا مكنتش بتقلعها من إيدك ومن ساعة ما رجعت من السفر وأنا مش شيفاها في إيدك ومش بتلبسها !!
حك ارنبة أنفه بأنفها هامسًا في حنو :
_ هفهمك كل حاجة بس زي ما قولتي الصبح مش دلوقتي
ابتسمت باستحياء من لمساته ونظراته واخفضت رأسها مرة أخرى إلى صدره ، فيهمس هو بضيق :
_ طيب إيه مش يلا بينا على سريرنا جوا .. مش معقول هننام على الكنبة اللي متر في متر دي يعني
_ لا لا أنا مرتاحة كدا ومبسوطة ، إنت مش مرتاح ولا إيه ؟!
_ لا مرتاح ، أنا قصدي عليكي إنتي !
وجدها تلتصق به أكثر وتهمهم بصوت يبدو عليه الراحة من هذا الوضع وكأن دفء جسدهم معًا بسبب التصاقهم يشعرها بالتلذذ :
_ أنا تمام متقلقش
اطلق قهقة رجولية شبه مرتفعة وقال مغلوبًا على أمره :
_ طيب تعالي ادخلي من جوا لتقعي ، احنا مش ناقصين
وقفت وخرج هو للحافة وترك لها النصف الداخلي فارغ فوثبت من فوقه وتمددت لتصبح محاصرة بين جسده الذي يضمها ويحتويها بكل حب وظهر الأريكة الدافيء أيضًا فتغمض عيناها باسترخاء وتترك نفسها لتغرق في النوم بأقل من دقيقتين !!! .
***
مع إشراقة شمس يوم جديد يحمل الكثير والكثير ……
داخل منزل طاهر العمايري ، فتح علاء باب الغرفة ودخل ليجد أمه تجلس مع زوجته وبيدها صينية الطعام ، ومعالم وجه كل منهم غرببة وتعطي طاقة سلبية .. فيسأل بحيرة :
_ في إيه ؟!
هتفت ميار بنفاذ صبر وقلة حيلة :
_ ياعلاء اتكلم معاها أبوس إيدك واقنعها مصممة تخليني اقعد معاها هنا شهور الحمل كلها ودي المرة التالتة اللي تجبلي الأكل من الصبح وبتغصبني أكل
كان يظن أن الأمر جادًا لكن بعد ما سمعه اطمأنت نفسه وضحك ليجيبها وهو ينزع وشاحه عنه :
_ في دي أنا مقدرش اساعدك ياحبيبتي والله .. أصلًا دي فرصة جات لماما عشان تخلينا قاعدين معاها يعني للأسف مش هنعرف نرجع بيتنا ، إنتي مشوفتهاش عملت إيه لما عرفت إمبارح إنك حامل ، حلفت عليا أجيبك وآجي فورًا
صاحت به أمه مغتاظة :
_ إنت اسكت خالص مسمعش صوتك ياواد
ضم كل من سبابته وأبهمامه على بعضهم وسحبهم على شفتيه مغلقًا فمه ممتثلًا لأوامرها الصارمة التي القتها عليه للتو ، واكتفي بالمشاهدة والابتسام وهو يقعد ذراعيه أمام صدره .. لتعود أمه بنظراتها المشتعلة إلى ميار وتهتف بغضب :
_ وبعدين فيها إيه يعني ماتقعدوا معانا ، ولا إنتي بقى مش عايزة تقعدي معايا ياست ميار !!
ميار بلطف ونعومة :
_ مين اللي قال كدا ياماما .. والله بالعكس عايزة أقعد معاكي بس أنا عارفة إني لو قعدت معاكي مش هترتاحي وهتفضلي بتلفي على رجلك وأنا مش عايزة اتعبك ، عشان كدا عايزة ارجع البيت
زمت شفتيها بحزن وقالت بوجه عابس تستخدم أسلوب خاص لتستعطفها وتؤثر به عليها :
_ اخص عليكي ياميار ، ده بدل ما تقوليلي هقعد معاكي واونسك ياماما بدل ما أنتي قاعدة وحدك ، ده حتى عمك بياخد اليوم كله في الشغل وأنا بفضل في البيت العريض ده كله وحدي زي قرد قطع !
اطالت ميار النظر فيها ثم خطفت نظرة سريعة على زوجها الذي يقف ويتابع بصمت لتعود وتقول بحب وحنو :
_ خلاص متزعليش هنقعد معاكي بس بالله عليكي متتعبي نفسك وتفضلي طالعة نازلة كل شوية ، مرة بأكل ومرة عصير ومرة فواكه ومرة معرفش إيه !
اختفي العبوس من على محياها وتهللت أساريرها لتهتف بحماس :
_ حاضر بس كلي الأكل اللي جبتهولك ده يلا
تأففت بصوت عالي ونظرت إلى علاء تهتف بتذمر وخنق :
_ اووووف بص ياعلاء ، عايزاني أكل بالغصب
صفعتها على ذراعها في عنف بسيط لتضم ميار بذراعها فورًا وتصدر تأوها متألمًا من أثر الصفعة التي تلقتها منها ، وتهتف زوجة عمها بضجر من عنادها :
_ بلاش عند يابت .. متبقيش هبلة هو الأكل ده ليا !! ، ماهو لازم تتغذي يا ناصحة
ميار بغيظ وتمرد على تعليماتها :
_ في فرق بين إني اتغذى وإني اتكبس .. إنتي من إمبارح بتكبسي فيا بالأكل حرام عليكي ياماما
لم تتمالك نفسها وانفجرت ضاحكة على كلماتها لكن سرعان ما تمالكت الموقف وعادت لحزمها وهي تقف وتقول بتحذير :
_ طيب أنا همشي ونص ساعة وهرجعلك لو لقيت الأكل زي ما هو إنتي حرة ياميار !
ثم اندفعت إلى الخارج وأثناء مرورها من جانب أبنها هتفت بحدة :
_ خليها تاكل
اشار بسبابته إلى عينيه وهو يبتسم وبمجرد رحيلها بدأ في فك ازرار قميصه عنه وقال وهو ينظر لها بشيء من الحزم المماثل لأمه محاولًا إخفاء ابتسامته :
_ كُلي يلا احسلك ، أظن سمعتي الأوامر عشان لو رجعت ولقتك مكلتيش مش هيحصل كويس صدقيني .. دي أمي وأنا حافظها ، طالما قالت إنتي حرة يبقى هتحصل كوراث لو معملتيش اللي هي عايزاه
اصدرت زفيرًا حارًا بعدم حيلة ورمقته بنظرة نارية قبل أن تُقبل على الطعام وتبدأ في الأكل ثم تهتف شبه راجية :
_ طيب ماتيجي تاكل معايا ياعلاء وتساعدني ابوس إيدك
خرجت منه ضحكة رجولية جلجلت الغرفة ثم أجابها برفض متعمد وبرود :
_ مش جعان ، ويلا كُلي من غير كلام كتير عشان وقتك بيمر والنص ساعة قربت تخلص
تنهدت بيأس واكملت طعامها بعدما لم تجد طريقة للهروب من تعليمات زوجة عمها الصارمة !! .
***
داخل غرفة المدير العام لشركة عائلة العمايري ( زين ) .. بينما كان جالسًا على مقعده أمام المكتب ويطّلع على بعض الأوراق الخاص بالعمل ، قطع تركيزه صوت طرق الباب ليجيب وعينه لا تزال على الورق يحاول لملمة شتات تركيزه :
_ ادخل
انفتح الباب وظهر من خلفه إسلام الذي دخل وأغلقه خلفه ، فيرفع زين نظره بعدم توقع أبدًا أن الطارق سيكون هو ، حيث بمجرد ما وقعت عيناه عليه هتف بدهشة :
_ إسلام !!
استقام واقفًا وهو يرحب به بابتسامة عذبة ولكن محرجة :
_ أهلا وسهلًا ، اتفضل اقعد
سار إسلام بتاجه مكتبه ثم جلس على المقعد المقابل له وتنهد بعمق قبل أن يهتف مبتسمًا :
_ أنا جاي اتكلم معاك شوية
ضيق زين عيناه بريبة وفضول بنفس اللحظة ، هو أساسًا مندهش من زيارته غير المتوقعة ، وكان ينوي أن يحاول التحدث معه مرة ثانية ويصلح الخلاف الذي حدث بينهم بسبب الحادث ، وكان يظنه غاضب منه حتى الآن ولا يريد رؤيته !! .
أنتصب إسلام في جلسته وأخرج زفيرًا حارًا وطويل ثم رسم الابتسامة الصافية والنقية على شفتيه قبل أن يستكمل حديثه كالآتي :
_ أنا جايلك عشان أقولك أن اطمن أنا مش شايل منك ولا مضايق ولا أي حاجة ، يمكن لما قولتلي في بلجيكا وقتها اتعصبت لأن كانت صدمة الصراحة ومتخيلتش أبدًا إنك تكون إنت صاحب العربية دي وأن إنت اللي كنت سايقها ، بس بعدين لما فكرت في كلامك واللي حكتهولي حسيت إن إنت كمان كنت ضحية في اللي حصلك واللي وصلك للحالة دي ، وفي الأول والأخير ده قضاء وقدر وكان مكتوبلي يحصل معايا كدا .. الحمدلله على كل شيء ، ومش هنسي كمان إنك زي ماكنت السبب في اللي حصل إنك كنت سبب بعد ربنا في ارجع امشي تاني على رجلي ، بس كان المفروض تقولي يازين من قبل العملية ومن أول ماعرفت
أجاب زين بيأس :
_ لو كنت قولتلك قبل ما تعمل العملية كنت هترفض مساعدتي ومش هتعملها ، عشان كدا استنيت بعد ماتمت الحمدلله وقولتلك
إسلام ضاحكًا بخفة :
_ أنا من الأساس كنت رافض مساعدتك أصلًا وقولتلك إن المبلغ اللي هتدفعه هسددهولك ، ومازالت عند كلامي
تمتم زين برزانة ووجه مهموم :
_ كنت ممكن اخدها منك لو مكنتش أنا السبب في وضعك ، بس صدقني مش هقدر أخدها .. اعتبرها جزء من واجبي اللي معملتهوش لما خبطتك بالعربية
فهم مقصده جيدًا فز رأسه بإماءة بسيطة متفهمًا شعوره بالذنب ، ليقول مداعبًا وهو يبتسم :
_ خلاص اللي فات مات وأنا هعتبر إني معرفتش حاجة وهنسي الموضوع نهائي وإنت كمان انساه وكأن محصلش حاجة
أجابه متنهدًا بعبوس وأسى :
_ هحاول انسي مع إن الموضوع مش بأيدي ولأني مش بحمل نفسي الذنب في اللي حصلك إنت بس ، لا ده في حجات كتير تاني غيرك .. كنت شبه سبب فيها للأسف
استقام إسلام واقفًا والتقط سماعة الهاتف الأرضي المتصل بالسكرتيرة خارجًا وهو يهدر بجدية واهتمام :
_ طيب بقولك إيه ما تسيب الشغل ده شوية وهنقعد نتكلم واحنا بنشرب كوبايتين قهوة وتحكيلي الحجات دي على رواق يامعلم
لم يجيبه واكتفى بالابتسام المرير مستسلمًا للأمر الواقع ، ليضع إسلام السماعة على أذنه ويطلب القهوة لكلاهما !!! …….
***
تجلس على الأريكة أمام شاشة التلفاز وبيدها صحن ممتليء بالفشار ، كلما تلقي بواحدة في فمها تضع يدها في الصحن وتلتقط بالأخرى لتلقيها خلفها أيضًا ، وعينيها تارة على التلفاز وتارة على ساعة الحائط التي فوقه تتفقد الساعة التي تجاوزت الحادية عشر قبل منتصف الليل ولم يُعد حتى الآن !! .
وأخيرًا وصل .. انفتح الباب ودخل ثم بدأ في نزع حذائه عنه رامقًا إياها بطرف نظره وهو يهمس :
_ السلام عليكم
تركت الصحن من يدها وهبت واقفة لتتحرك نحوهه وهي تسأله بحيرة :
_ عليكم السلام .. ليه اتأخرت كدا يازين ؟!
_ إسلام كان معايا الصبح وبعد ما مشي كملت الشغل اللي ورايا عشان كدا اتأخرت
رفعت حاجبيها بصدمة من رده لتهتف بقلق :
_ كان معاك ليه .. اقصد يعني قالك إيه ؟!!
انتهي من نزع حذائه وسار نحو غرفتهم وهي تلحق به مسرعة لتصغي إليه وهو يجيب عليها ببساطة :
_ ولا حاجة جه واتكلمنا شوية وقالي إنه مش مضايق مني وخلاص اللي فات عدي وخلص
انفرجت شفتاها لتكشف عن ضحكة صامتة وهي تجيبه بفرحة :
_ بجد !! ، والله مكنتش متوقعة أبدًا إنه إسلام هينسى بسهولة كدا ويصفالك تاني بالسرعة دي ، بس ده دليل إنك بيعزك فعلًا زي ما كان بيقولي
حدجها باستغراب وأعاد عليها آخر كلماتها بعدم فهم :
_ بيقولك ؟!!
_ أيوة كان دايمًا بيقولي إنه بيعتبرك أخ وصديق
ابتسم بعذوبة وقال بلطف وهو يفك أزار قميصه :
_ الشغل كان ليه الفضل في أنه يكوّن صداقة ما بينا ، الحمدلله أنا حسيت بأن هم وانزاح من على قلبي لما جه وقالي الكلام ده
رفعت كفها وملست على ذقنه بأناملها هامسة في حنو وسعادة :
_ الحمدلله ياحبيبي إنه مبقيش في زعل ولا خصام بينكم وربنا يبعد المشاكل عننا
_ آمــيـــن .. أنا هدخل أخد دش سريع
_ طيب تحب احضرلك العشا لغاية ما تطلع
غمغم وهو يسير باتجاه الحمام :
_ لا مش جعان
ظلت بالغرفة ساكنة على الفراش في انتظار خروجه حتى تطرح عليه نفس السؤال الذي يثير فضولها منذ عودته وبالأخص بعد الذي رأته في خزانته ! .
دقائق معدودة وخرج من الحمام فاستقامت واقفة واقتربت منه لتقف أمامه تعتري طريقه بوجه جامد وسرعان ماتحول للرقة وهي ترفع كلتا ذراعيها وتلفهم حول رقبته متمتمة بدلال :
_ مش هتقولي برضوا دبلتك فين ؟
زين ضاحكًا :
_ إنتي مش بتنسي خالص !!
هزت رأسها بالنفي مع ابتسامة عريضة وقالت بتصنع البراءة :
_ أصل أنا شوفت حاجة كدا في دولابك والفضول هيقتلني وأعرف جايبها ليه
اجابها بدهشة بسيطة ونظرة قوية :
_ إنتي بتفتشي في دولابي ياملاذ !!
هتفت فورًا تنفي إجابته بلطافة وعفوية مزيفين :
_ لا والله أبدًا .. ده أنا كنت برتب هدومك بس ولقيته بالصدفة
ازاحها من طريقه ليمر وهتف بضيق مصتنع :
_ واقولك ليه بقى ما خلاص سيادتك عرفتي وبوظتي المفاجأة !
زمت شفتيها للأمام وقالت بعبث طفولي :
_ لا مبظتش ولا حاجة أنا أصلًا معرفتش حاجة فقول وأنا هندهش متخفش يعني اطمن
سط سمعها صوت كركرته الرجولية لتبتسم بتلقائية على ضحكه ، ثم تراه يتجه نحو الخزانة ويفتحها ليمد يده بمكان معين أسفل الملابس ويخرج نفس العلبتين الصغيرتين .
استدار لها بجسده كاملًا واقترب بخطواته منها حتى وقف مباشرة أمامها وتمتم بخفوت جميل :
_ الدبلة بتاعت جوازنا أنا حرقتها
رأى علامات الذهول على محياها التي امتزجت بعدم الاستيعاب والفهم ، ليستكمل كلامه في لهجة دافئة وعاطفية :
_ حرقتها ليه ! .. لأني عايز نبدأ بداية جديدة تمامًا من غير أي كذب أو أي أسرار ، والدبلة دي بدأنا بيها حياتنا وللأسف كل واحد فينا كان مخبي عن التاني أسرار ، لكن دلوقتي هنفتح صفحة جديدة تمامًا وإن شاء الله ربنا هيباركلنا في حياتنا وذريتنا ..
هاتي إيدك
مدت كفها له وهي تحدجه بعينان لامعة ووجه مشرق بالابتسامة الساحرة ، رأته يمسك بخاتم زواجهم الذي في أصبعها ويخرجه ثم يلقيه على الأرض ، ويفتح العلبة ليخرج منه خاتم رائع وراقي جدًا يليق بذوقه الفخم ، ثم وضعه في نفس الأصبع الذي أخرج منه الخاتم لتهتف هي بفرحة بما يفعله من أجلهم وأجلها :
_ جميل أوي يازينو .. ربنا يخليك ليا وميبعدناش عن بعض أبدًا
جذبها لأحضانه متمتمًا بحب :
_ اللهم امين ياقلب زينو
تعلقت برقبته وخرج همسها مستحي قليلًا حاملًا الحماس والسعادة الغامرة :
_ وإنت كمان ليك عندي مفاجأة هتفرحك أوي
ارتحت عضلات يده على ظهرها بعدما عقد حاجبيه بتساءل عن هذه المفاجأة ، ابتعدت قليلًا عنه واطالت النظر فيه وهي تبتسم باستحياء يذيب القلب ، فجعله يمعن النظر فيها وفي استحيائها متعجبًا .. وأخيرًا بعد تقريبٌا دقيقة من التحديق فيها فهم نظراتها ففغر فمه بصدمة واستطرد بعدم تصديق :
_ اوعي تقولي إنه اللي في بالي ؟!
هزت رأسها بالإيجاب تؤكد له شكوكه فسرعان ما ارتفعت الضحكة لشفتيه واضاءت عيناه ببريق مذهل ، تستحوذ عليه حالة من الفرحة الغامرة التي ايقظت بداخله طاقة حماسية رهيبة ، حيث عاد يجذبها إلى صدره من جديد ولكن بقوة أكثر من السابقة هاتفًا بسعادة :
_ تعالي ، إنتي بعدتي عني ليه ، اللهم لك الحمد والشكر يارب .. ربنا يجعله من ذريتنا الصالحة يارب ويتمم حملك على خير ياحبيبتي
_ امين يارب
ظلت بين ذراعيه للحظات طويلة وهي تستمتع بدفء صدره الذي يدخل السكينة والراحة على قلبها .. هو رفيق دربها ، رغم أنهم تخطوا العديد من العواقب التي هددت بهدم عشهم وإنهاء حبهم ولكنهم تمسكوا بضرب العشق المميز الذي جمعهم وهو ( الإخلاص ) .
***
بعد مرور ثلاثة أسابيع ……
مر حتى الآن خمس دقائق ولم تخرج من بالحمام بعد ، وكرم بالخارج يجلس على الأريكة ينتظرها على أحر من الجمر ويدعو الله بأن شكوكهم تكون صحيحة وأنه سيرزق بطفل قريبًا .
لحظات مرت والساعات وهو بانتظارها حتى خرجت أخيرًا فهب واقفًا وهرول نحوها يسألها بتلهف :
_ حمل مش كدا ؟!
بقت تحملق به في أعين عابسة وعلامات وجه جامدة لا تظهر أبدًا أنها تحمل له بشرى سارة ، مما تسببت بعبوسه هو أيضًا بعدما ظن أن النتيجة كانت سلبية ، لكنه قطب حاجبيه بتعجب حين وجدها تلقي نظرة على اختبار الحمل وتعود بعيناها له وتطلق على شفتيها الابتسامة العريضة وتهتف بفرحة تؤكد سؤاله :
_ أيوة حمل
لم يكن حاله أفضل منها بل وكأنه حلق في السماء عاليًا بعد هذا الخبر ، لطالما كان ينتظر الطفل ويتمني أن يرزق به في أقرب وقت وربه أستجاب لدعوته الآن .
أغار عليها يلثم كل أنش في وجهها ويلتقط كفيها ليطبع على ظاهرهم قبلات متعددة وعميقة ثم جذبها لصدره وهو مستمر في تقبيلها وكأنه لم يجد سبيل للتعبير عن فرحته سوى بتقبيلها ، أصدرت هي ضحكة أنوثية مرتفعة وقالت من بين ضحكها :
_ براحة ياكرم اهدى في إيه ! ، خلينا نتأكد من الدكتور الأول برضوا
تقوس وجهه بيأس وهتف متعجبًا :
_ ليه هو الاختبار ده مش بيدي نتيجة أكيدة يعني ولا إيه ؟!
زمن شفتيها وقالت بنبرة عابثة :
_ اعتقد أيوة .. بس في الغالب بيكون صح ، يعني استعد عشان قريب أوي هتكون أحلى وأحن بابا في الدنيا ياكوكو
_ لا أنا فرحان أوي بجد .. تعالي أما ابوسك تاني
أمسك بوجهها وانحنى عليها يقبل وجنتها بقوة أو بالمعنى الأدق يتلهمها ، فتهتف هي ضاحكة بصوت مرتفع :
_ كفاااااية ياكرم حرام عليك ، خدي ورم
أجابها وهو يبادلها الضحك :
_ لا عودي نفسك عشان من النهاردة هتاخديلك كل يوم عشرة عشرين بوسة زي دول
_ دي مكافأة نهاية الخدمة يعني ولا إيه ؟!
قالتها بضحك ليهتف هو بنظرات مستنكرة ردها ويجيبها بمكر :
_ نهاية إيه !! .. الخدمة دي مطولة أوي لسا ، معانا العمر كله يا أميرتي إن شاء الله !
رفعت نفسها لمستواه وطبعت قبلة رقيقة على وجنته وهي تحدجه بابتسامتها البريئة كوجهها تمامًا ! ، القدر جمعهم معًا وربطهم ببعضهم البعض لينشأ بينهم أفضل ضروب العشق بين العُشاق على الإطلاق .
***
في المساء ، بتمام الساعة السابعة مساءًا …..
كان يقف أمام المرآة ويجهز نفسه للخروج ، لم ينتبه لتلك التي تسربت ووقفت خلفه مباشرة وهمست بصوت يشبه فحيح الأفعى به لهجة غريبة :
_ رايح فين ياحسن دلوقتي ؟!
التفت لها برأسه وقال ساخرًا من سؤالها :
_ رايح اتجوز تحبي تاجي تحضري الفرح
ابتسمت على رده السخيف وقالت تستكمل مزحته :
_ وماله اروح ، مروحش ليه
ضحك بصمت في نفاذ صبر ثم عاد برأسه المرآة وأكمل تجهيزه بينما هي فتحدثت بجدية هذه المرة وفضول امتزج بالاستغراب :
_ لا بجد رايح فين ؟!!
_ رايح عند ماما .. هنتعشي معاها ونقعد شوية أنا وكرم وزين هناك
هزت رأسها بإماءة بسيطة بعدما عرفت سبب خروجه وقالت بحنو :
_ طيب متتأخرش عليا هااا
حسن بابتسامة محبة ودافئة :
_ حاضر مش متأخر إن شاء الله
استدارت وهمت بالانصراف لكن أحست بألم بسيط اجتاحها في بطنها ، فوقفت وانحنت بظهرها للأمام قليلًا مستندة على الحائط بكف والآخر تضعه على بطنها ، التفت ناحيتها بجسده كاملًا وامسك بها فورًا هاتفًا بخوف :
_ في إيه يايسر مالك ؟
تلاشت علامات الألم من على محياها تدريجيًا وظهرت على شفتيها ابتسامة سعيدة ، بعدما أدركت أنها حركة طفلها الأولى .. ضيق هو عيناه بحيرة لتنظر له بعينان لامعة ووجه مشرق ثم تلتقط كفه وتضعه على بطنها خصيصًا فوق المنطقة التي تشعر بحركته فيها .
شعوره بتلك اللحظة لا يمكن وصفه ، فقط أحس بأن قلبه ينبض بقوة .. والإبتسامة تعلو لشفتيه تدريجيًا دون أن يشعر بها ، فقد زاد احساس الأبوة في أعماقه وأصبح يتحرق شوقًا لرؤية طفله .
ظل واضعًا كفه وهو يحدق على بطنها بعين تطلق شعاع مبهج إلى أن توقف الطفل عن الحركة ، فرفع نظره ليثبته على زوجته التي كانت في عيناها لمعة أشبه بدموع ، انحنى عليها وخطف قبلة عميقة ثم جذبها إلى صدره متمتمًا بصوت مبحوح ونادم :
_ أنا لو فضلت اشكرك طول حياتي مش هيكفي ، شكرًا لأنك حافظتي على ابننا ولأنك معملتيش اللي طلبته ، قد أيه أنا كنت غبي ، وكنت عايز أحرم نفسي من أجمل شعور في الدنيا ، أنا دلوقتي بس حسيت قد إيه أنا مستني ابني عشان اشوفه واشيله في حضني واشم ريحته ، لو أنا دلوقتي مبسوط وابننا بخير فإنتي السبب في ده .. شكرًا يايسر ، شكرًا
انهمرت دموعها على وجنتيها وهمهمت بصوت يغلبه البكاء ونبرة عاشقة :
_ زي ما أنا مقدرتش أذيك رغم كل اللي حصل بينا واللي عملته معايا ، مقدرتش كمان أذي القطعة اللي جوايا منك ، حسيت إني لو أذيته كأني بأذيك أنت ، عشان كدا مقدرتش أنزله !
ابتعد خطوة للخلف عنها واحتضن وجهها بين كفيه ثم استند بجبهته عليها وخرج صوته به بحة متألمة وعيناه على وشك أن تذرف الدموع :
_ سامحيني يايسر
رفعت شفتيها إلى عيناه وقبلت جفونه هامسة بغرام :
_ مسمحاك ياحبيبي .. مسمحاك لأن بنسبالي كل ده ماضي وأهم شيء هو إنك معايا دلوقتي وأي حاجة تاني متهمنيش
ليس هناك كلمات ستتمكن من التعبير عن شعوره ، ومهما قال فهو قليل عليها ، فقط انصاع خلف قلبه ودوافعه ليأخذها معه في رحلة قصيرة جدًا من عشقهم ، مستخدمًا الفعل في الرد بدلًا من الكلام !! …….
***
داخل منزل محمد العمايري …..
كان كل من زين وكرم يجلسون بالصالون ويحتسون المشروب الدافئ الذي أعدته لهم والدتهم ويتبادلون الأحاديث ، انضمت إليهم هدى ومن بعدها رفيف التي سألت باستغراب :
_ هو حسن مش جاي ولا إيه ؟
أجابها زين بنبرة عادية :
_ اتصلنا بيه وقال جاي في الطريق
نهضت هدى من مقعدها وذهبت لتجلس بجوار زين خامسة بنبرة مهتمة :
_ طمني ملاذ عاملة إيه .. مش قولتي إنها تعبت أوي من يومين بسبب الحمل ؟
ابتسم لها بعذوبة وتمتم :
_كويسة الحمدلله ياماما ، روحنا للدكتور وطمنا وقال مفيش حاجة الحمدلله هو شوية إجهاد بس وقالها ترتاح في السرير .. ومن وقتها خليتها تروح تقعد عند مامتها لغاية ما الجنين يثبت وتبقى كويسة
_ وإنت قاعد وحدك في البيت
هز رأسها بالإيجاب في نظرات متهربة من ردها القادم والذي يتوقعه حيث بالفعل هتفت معاتبة إياه بغضب :
_ اخص عليك يازين يعني طالما مراتك مش قاعدة في البيت متجيش تقعد معانا ليه
غمغم محاولًا التبرير عن نفسه :
_ مش هتفرق ياماما هنا بيتي وهناك بيتي برضوا
هدى بغضب وضيق :
_ ما أنت عارف إنك واحشني إنت وأخواتك ومن وقت ما اتجوزتوا والبيت فضي عليا أنا وأختك .. وحتي هي كلها كام شهر وتمشي كمان
غمز لها كرم بخبث وهو يضحك بساحرية متمتمًا :
_ إيه رأيك أجي أنا وأقعد معاكي يادودو
اشرق وجهها بفرحة غامرة وهي تسأله بسعادة تتأكد مما قاله :
_ يعني هتجيب شفق وتاجوا تقعدوا معايا ؟!!
أماء بالإيجاب فلمعت عيناها بالفرحة ونظرت لزين لتضربه على كتفه وهي تلوى فمها بسخرية وتقول موجهة حديثها له وعيناها ثابتة على كرم :
_ ابني حبيبي اللي دائما جابر بخاطري ومفرحني مش زي ناس
فغر زين فمه منذهلًا لينقل نظره بينهم جميعًا ويهتف بضحكة مستنكرة ناظرًا لها :
_ إيه ده مرة واحدة كدا
ثم نقل عيناه إلى أخيه ليقول ضاحكًا وهو يهنئه :
_ حلال عليك ياعم
انطلقت منهم جميعًا ضحكة عالية ليقتحم عليهم جلستهم حسن الذي فتح الباب ودخل ثم قال باسمًا وهو يجول بنظره بينهم :
_ السلام عليكم
رد الجميع السلام ثم هتف زين مشاكسًا وهو يضحك :
_ تعالي تعالي ، فاتك نص عمرك كان في جدال بينا وبين الست الوالدة وكرم باشا كسب رضاها في الآخر
اغلق الباب وسار نحوهم يكمل مزاح أخيه الأكبر ضاحكًا :
_ وإيه الجديد يعني .. ماهو دايمًا كدا من صغرنا بيعرف يكسب رضاها بالحركات بتاعته المعروفة
هتف كرم وهو يضحك يشاركهم الضحك :
_ والله مش مشكلتي إذا كنتوا لغاية دلوقتي مش عارفين تفهموا امكم كويس
جلس حسن بجواره واستند يساعده على كتفه هامسًا بابتسامة عريضة :
_ طاب ماتفهمنا إنت يامعلم ، يمكن نعرف نعمل زيك
همس كرم لحسن بصوت غير مسموع وهو يضحك :
_ مش دلوقتي لتطردنا كلنا ، خلينا نمشي ليلتنا على خير ونتعشي بدل ما نروح جعانين
انفجر حسن ضاحكًا بقوة وهز سبابته مؤكدًا على ما قاله أخيه وتمتم بتأييد لرأيه :
_ لا في دي عندك حق .. ده أنا جاي مخصوص عشان العشا
هدى بعينان تحمل علامات الاستفهام وبلهجة حازمة :
_ بتتوشوشو في إيه ياواد إنت وهو ؟!
قال كرم مسرعًا مبتسمًا بلطافة :
_ ولا حاجة ياست الكل ده كان بيسألني هتعمليلنا إيه في العشا لأحسن أكلك وحشنا أوي ومن بدري مكلناش أكل حلو زي أكلك
_ ياسلام .. ما كل واحد فيكم معاه مراته وماشاء الله على أكل كل واحدة فيهم
_ إنتي الأصل ، وبعدين هو في أكل يُعلى على أكلك برضوا يادودو !!
حرك زين بسبابته في شكل دائري هادرًا بضحكة بسيطة :
_ أيوة استمر استمر عشان نتعشي عشوة حلوة كدا بسببك
تشدقت رفيف بضحكة عالية تشارك إخوتها في الضحك :
_ بيثبتوكي ياماما وإنتي سكتالهم
أجابت عليه هدى وهي تبتسم بلؤم :
_سبيهم سبيهم في الآخر هيتعشوا جبنة وبيض
صاح حسن مصدومًا :
_ نعم .. لا احنا متفقناش على كدا ياست الكل ، احنا جايين نتعشى عشا معتبر مش نواشف
هتفت هدى صائحة بغضب مزيف كاتمة ابتسامتها :
_ يعني إنتوا جايين عشان تتعشوا مش تقعدوا معايا .. طيب قوموا يلا كدا كل واحد يروح على بيته
تكزه كرم في كتفه بقوة هامسًا بعيظ :
_ يابني قولتلك هنطرد .. عاجبك كدا ،اسكت خالص متتكلمش إنت
تدخل زين ليهدر بنعومة وحب مستخدمًا أسلوبًا خاصًا وجديدًا عليه :
_ ونهون عليكي برضوا ! .. بعدين ملكيش دعوة بحسن هو مفجوع علطول كدا ، وأي حاجة هتعمليها هتبقى زي العسل يكفي إنها من إيدك
همس كرم لحسن ضاحكًا :
_ شوفت أهو طلع اذكي منك واتعلم بسرعة !
_ ياعم اسكت بقى بلا اتعلم بلا نيلة أنا جعان بجد !!
انفجر الجميع ضاحكًا بعد رده فيما عدا هو الذي كان ينقل نظره بينهم واحدًا واحدًا وهو يبتسم فقط …..
***
مع مرور الأيام والشهور التي تقريبًا وصلت لخمسة أشهر .. اليوم تحتفل العائلة بحفل زفافها ابنتها الصغرى ، تستحوذ على الجميع طاقة إيجابية وسعادة غامرة .
ملتفة العائلة بأكملها حول طاولة ضخمة وكبيرة داخل قاعة الزفاف ويتابعون الحفل تارة يتحدثون ويداعب كل منهم الآخر بمزحات فيتبادلوا الضحك .
أما رفيف فكانت تجلس بجوار زوجها وتجول بنظرها بين الكل ، مما زاد من توترها فالجميع يحدقون بهم وبالأخص هي ، سمعت همس إسلام في أذنها وهو يسألها بقلق بعدما رأى ملامح وجهها المنكمشة :
_ رفيف مالك ياحبيبتي ؟!
نظرت له وقالت بابتسامة مرتبكة وخجلة :
_ مفيش ..اتكسفت واتوترت شوية بس ، أصل الكل بيبص عليا وأنا مبحبش أكون محل أنظار الناس بتوتر
رأت في عيناه نظرة جريئة تراها لأول مرة وهو يغمز بلؤم متمتمًا :
_ تحبي نروح بيتنا ونسيبهم هما مع نفسهم
اتسع بؤبؤي عيناها ورمقته باضطراب أشد من السابق ، فكان ردها بهز رأسها بالنفي دون إن تتفوه ببنت شفة ، مما جعله يضحك بصوت عالٍ لكنه لم يسمعه أحد سواها بسبب الموسيقى الصاخبة ، انحنى على أذنها مرة أخرى وهدر بنبرة ملحة :
_ على فكرة أنا مش بهزر .. أنا فعلًا عايز نمشي زهقت ومش قادر استني اللحظة اللي نكون فيها وحدينا
أجفلت نظرها أرضًا وهي تبتسم باستحياء وتقول بارتباك :
_ عيب كدا والله يا إسلام واحنا قدام الكل !!
انتصب في جلسته وغمز لها بطرف عينه هامسًا بابتسامة اخجلتها أكثر :
_ لسا العيب جاي في الطريق
بينما على طاولة العائلة تمتمت هدى بعينان دامعة :
_ ماشاء الله عليهم .. ياحبيبتي ربنا يسعدهم يارب
ردت عليها ملاذ التي كانت بالقرب منها وسمعتها جيدًا :
_ آمــيــن ياطنط
مال زين على زوجته وهمس في أذنها بصوت غليظ وعيناه معلقة على إسلام :
_ أخوكي مش عايز يتلم قدامنا شكلي هقوم اظبطه كويس
كركرت بقوة وهمست في أذنه بدورها وهي تضحك :
_ إنت غيران على اختك ولا إيه !!
رمقها بنظرة ثاقبة ومريبة دون إن يجيب مما أكد لها كلامها فمدت يدها من أسفل الطاولة وامسكت بكفه وهي تتمتم بضحك :
_ شكلك بيبقى فظيع وإنت غيران
حدجها مستنكرًا ولكن سرعان ما ارتفعت الابتسامة لشفتيه .
على الناحية الأخرى من الطاولة هتفت يسر بخنق :
_ الدنيا حر أوى ياحسن
تمام بمداعبة ساخرًا منها :
_ لازم تحسي الدنيا حر ما إنتي بقيتي شبه الكورة الكفر
شهقت بصدمة وقرصته في ذراعه دون أن يلاحظ أحد وهتفت جازة على أسنانها متوعدة له :
_ ماشي ياحسن لما نروح البيت هوريك الكورة الكفر دي هتعمل إيه .. ده بدل ما تقولي ربنا يقويكي ياحبيبتي لغاية يوم الولادة بتتريق عليا !!
التقطت كفها ومال على أذنها يهمس بحب ودفء :
_ ربنا يقويكي ياروحي ويقومك بالسلامة ، وسيادة الباشا اللي تعبني أنا شخصيًا معاكي ياجي بصحة وسلامة هو كمان
تمكن من امتصاص غضبها في لحظة حيث اسعدتها الكلمات وجاهدت في إخفاء ابتسامتها مجيبة عليه بقسمات مستحية :
_ آمــيـــن
علقت شفق عيناها عليه وهي تتأمل وسامته بإعجاب ، لا تزال الذكرى عالقة بذهنها عندما رأته بهذه الملابس أول مرة ، كانت في حفل زفاف حسن ، وتتذكر جيدًا عندما بًهرت به وبوسامته في ذلك الوقت .. والآن هو يبهرها أكثر من السابق .
انتبه هو لها فانحرف بنظره ناحيته وغضن حاجبيها يسألها بحيرة :
_ في إيه ؟!
تمتمت في صوت خافت لم يسمعه سواه :
_ البالطو ده شكله جميل أوى عليك
_ يعني بتبصي عليا عشان كدا !!
هزت رأسها بالنفي ثم اقتربت من أذنه وهمست برقة وعاطفة جيٌَاشة :
_ تؤتؤ .. أصل أول مرة شوفتك بالطقم ده كان في فرح حسن ووقتها كنت ببصلك كدا برضوا وفي كل مرة بشوفك بيه بتبهرني ، يا إما إنت اللي بتحلو يإما أنا اللي بتحلو في عيني أكتر مع الأيام
قهقه بخفة وهمس بعشق جارف غامزًا بعيناه لها دون أن يلاحظهم أحد :
_ عيون حبيبتي اللي حلوة عشان كدا بتشوفني حلو
اقترب منهم المصور الخاص في الزفاف ووقف أمام طاولتهم يطلب منهم أن يأخذوا وضعية مناسبة حتى يلتقط لهم صورة عائلية للذكرى ، نهضوا جميعهم وجعلوا هدى تجلس في النص وحاوطها من الجانبين كل من كرم وزين وجلس بجوار كل واحد منهم زوجته بينما يسر وحسن فوقفوا خلف هدى ، ليلتقط لهم المصور صورة على هذا الوضع العائلي الدافيء .
ضروب العشق لا تنحصر فقط بين العُشاق ، هناك عشق الابن لأمه ، والأم لأبنها .. وعلاقة الأب وأبنه ، وحب الجار لجاره ، والعلاقة بين الأخوة التي كلها محبة ودفء ، والحب بين الأصدقاء ، الخ الخ ، فحياتنا كلها قائمة على الحب وبدونه لا نستطيع العيش ..وأخيرًا هناك أسمى علاقة وأسمى حب وهو علاقة العبد بربه .
_ تـمـت الحمدلله _
تمت
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ضروب العشق)