روايات

رواية زهرة الأصلان الفصل السابع والثلاثون 37 بقلم يسر

رواية زهرة الأصلان الفصل السابع والثلاثون 37 بقلم يسر

رواية زهرة الأصلان البارت السابع والثلاثون

رواية زهرة الأصلان الجزء السابع والثلاثون

زهرة الأصلان
زهرة الأصلان

رواية زهرة الأصلان الحلقة السابعة والثلاثون

استمرت المناقشة بين الحج قدرى و الحج حامد تحتدم حينا و تلين فى حينا آخر …. فالطرفين أعند من بعضهما …. كلا منهما يصر على رأيه المخالف للآخر …. بين رجوع زهرة و الأصلان و لم شمل عائلتهم الصغيرة و
بين إنفصال الزوجين بالودية حتى لا يتأثر زواج آخر و هو زواج عابد و إسراء .
و لم يترك الحج قدرى نده الحج حامد حتى إنتقلوا فى مناقشتهم من مرحلة إصرار كلا منهم على رأيه إلى إصرار كلا منهم على شروطه بعد أن نجح الحج قدرى أخيرا فى إقناع الحج حامد بضرورة جمع الأصلان بزهرته ..
كذلك الإستعداد لإستقبال حفيديه الجديدين على حسب إعتقاده و الذى لم يصححه له الحج حامد .
رضخ الحج حامد لكلام خصمه على أمل تحسن حالة إبنته بالقرب من أصلانها …. و لم يعلم أن إعتقاده خاطىء للغاية …. فما كسر بين العاشقين ليس سهل الإصلاح بمجرد جمع الأجزاء المنكسرة …. و التى لن تكون الشكل الصحيح ثانية بل يتبقى أجزاء صغيرة للغاية تم إهمالها على الرغم من أهميتها …. و ما يكون تم جمعه عبارة عن مسخ مشوه من الصورة الأصلية .1
و هذا ما لم يدركه الحج حامد الوالد الذى يلهث وراء كل طريقة يمكن أن يستعيد بها إبنته زهرة قبل أن يهلكها الأصلان حتى و لو بالأصلان نفسه ….
و على العكس فقد أدرك ذلك الحج قدرى صاحب النظرة العقلانية و الخبرة الطويلة التى إكتسبها بعدد سنين عمره …. فهو ليس حديث العهد حتى يرجع بزهرة و أحفاده بتلك الطريقة السهلة فتكون لقمة سائغة لأحفاده بعد ذلك …. و حتى يتعلم الأصلان عدم التفريط فيهم ثانية حتى و لو تحت بند جلد الذات الذى يغرق به نفسه بعد إقدامه على أذية قطته .
كذلك علمه اليقينى بأن الأمر كله أولا و أخيرا متعلق بكلمة من زهرة …. فإن أختارت الرفض سيهدم كل ما يسعى له
.. فقد راهن الحج قدرى فى تلك المبادرة التى قام بها على رجاحة عقل زهرة …. تلك الفتاة التى يعلم الله وحده مكانتها بقلبه …. فهو عندما أختارها زوجة لحفيده العنيد ذو الطباع الوحشية لم يكن ينظر لجمالها بقدر ما وجدها الوحيدة التى تليق بالأصلان كإمرأته …. و كزوجة كبير العائلة …. من خلال صفات و طباع مغروسة فيها أظهرتها منذ أول يوم دخلت به منزلهم
…. و شجاعة لفت قلبها الصغير مكنتها من مجابهة الأصلان كند …. و قد أثبتت الصغيرة له صحة إختياره يوم بعد يوم …. و لذلك من أجل حبه لتلك الفتاة الصغيرة قام بهذه المحاولة لجمع شمل عائلة الأصلان الصغيرة …. و إن لم يتحقق لا قدر الله ما يصبوا إليه سيحرص بنفسه على فسخ هذا الإرتباط و حماية زهرة و طفليها .
و من أجل هذا طلب من الحج حامد السماح له بمكالمة هاتفية مع زهرة …. من أجل إبداء رأيها و الذى يود سماعه منها شخصيا …. و قد وافق الحج حامد على ذلك إحتراما للرجل كبير السن …. و غادر الحج قدرى إلى منزله
و فى نيته شرب فنجان من القهوة من يد زوجة إبنه السيدة نعمة ثم الإنفراد بنفسه لعمل تلك المكالمة الهاتفية ….
و التى تحتاج منه بذل جهد مضاعف لإقناع زهرة بوجهة نظره و هى
ضرورة جمع شمل أطفال الأصلان بعائلتهم و لو لوقت قصير …. ثم يترك القرار بعدها بيدها …. و فى نيته يرجو مجىء تلك الفتاة لتعلم بنفسها مدى حماقة حبيبها الأصلان فى حبها و تبرئته أمامها حتى و لو كان ذلك آخر ما يقوم به بينهما قبل إنفصالهم …. من أجل إرساء قواعد ثابتة و حياة مستقرة لأطفال حفيده الأكبر الأصلان الذين طال إنتظارهم و ليس لهم ذنبا فى حماقة أب يبدو كالوحش فى عشق أمهم .
و لكن خابت آماله عند دخوله لمنزله ليجد عائلته متجهمة الوجه متجمعة حول شىء ما …. أو بالأصح حول شخص ما …. و الذى كان بالمناسبة إمراءة شابة ثرثارة …. سمراء فى عقدها الثالث …. تمتلك قدرا من الجمال و لكنه أقل مقارنة بالأنوثة التى تظهرها متعمدة أو بالأصح متصنعة ….
و التى لا تصدر عن إمراءة ساذجة بل عن إمرأة ذات خبرة …. فأصبحت تلك السيدة الشابة أشبه بالأفعى أكثر من إمرأة …. و لم يتطابق هذا الوصف فى ذهن الحج قدرى إلا على شخصية واحدة و هى سماح صالح إبنة أخيه
…. و زوجة الأصلان عرفيا .
ألقى الحج قدرى السلام على الجميع بإبتسامة أقل ما يقال عنها أنها تحت
بند ” هم يضحك و هم يبكى ” …. خاصة بعد أن قامت سماح لأول مرة بتقبيل يد عمها الأكبر …. كنوع من الإحترام و الطاعة الجديدين عليها كليا …. الأمر الذى لم يفت رجل بحنكة الحج قدرى …. و قد جلس مع الجميع
يتبادلون بعض الأحاديث الخفيفة حتى
توجه الحج قدرى بالسؤال لإبنة أخيه
– الحج قدرى :
إزيك يا سماح يا بنتى .. نورتينا
” أشرق وجه سماح لظنها بنجاح
مخططها ككنة لبيت الحج قدرى بعد
أن تمت إزاحة تلك الفتاة الصغيرة
زوجة الأصلان من عائلة المنصورى “.
– سماح بتغنج مصطنع :
الحمد لله يا عمى فى أحسن
حال …. و البركة فى سى
الأصلان ربنا يخليه لينا .
” نظر أسامة لبوسى التى قلبت عينيها
على رد سماح .. و رد عليها الآخر
بتعبير أنه يتقىء من التقزز .. و
ضحكت سوما و أسماء .. أما السيدة
نعمة حركت فمها للجانبين كحركة
مصرية شهيرة دلالة على أن الأمر لا
ينال إعجابها ” .
– بينما لم تستطع بوسى أن تتحكم
بلسانها فقالت بسماجة :
هو أنتى لازم تحطى الأصلان
آخر كل جملة ..
” و أكملت بأبتسامة صفراء ”
ناقص بس نقولك بتاكلى إيه
تقولى الأصلان برده .
” ضحك الجميع ثانية على إفحام
بوسى لسماح و تحمحمت السيدة نعمة بعد أن ألقت نظرة قاتلة للبنات بوسى و سوما و أسماء حتى يصمتوا ”
– الحج قدرى بإقتضاب :
و أخوكى وجيه لساته متجوز
البت الصغيرة اللى عندكوا ولا
طلجها و جاب غيرها .
– رد أسامة معلقا بسماجة لا تختلف
كثيرا عن سماجة بوسى :
أكيد جاب غيرها يا جدى .. دا
وجيه بيغير الستات زى ما بيغير
الجزم .
* آسفة على التعبير و لكنه تابع
للحبكة الدرامية *
– ضحكت سماح ضحكة صفراء :
لأ طلجها ..
” و قالت بمغزى ”
كده أحسن يا عمى المفروض
الراجل ياخد واحدة جريبة من
سنه .. و تليج بمجامه .. مش
حتت العيلة الصغيرة اللى كان
واخدها اللى ضحكت عليه
الناس .. و خلتهم يجولوا واخد
واحدة جد بنته .. لا عارفة فى
جواز و لا غيره .
” ما إن أنهت كلامها حتى كادت بوسى
تنقض عليها من أجل تنتيف شعرها
التى تظهر نصفه من حجابها الصغير
جدا جدا لولا منع أسامة و سوما لها ”
– ردت السيدة نعمة بإقتضاب بعد أن علمت بمغزى كلام سماح :
ربنا يهدى .. الله يسامحه بجى
على عمله .
– و علقت بوسى بهجوم :
بس ليه ساب مراته دى حتى
كانت صغيرة تقدر تجيبله
عيل من صلبه .. بدل ما ياخد
واحدة كبيرررة من سنه ..
متقدرش تخلفله زى الكتير
أوى أوى أوى اللى سبئوها .
” بادلت سماح بوسى الإبتسامة
الصفراء و لم ترد .. و ركزت على
هدفها كسيدة لهذا المنزل .. بعد أن
أقسمت سرا أن أول ما ستفعله بعد
زواجها الرسمى من الأصلان هو إلقاء
تلك الصغيرة الثرثارة خارجا ” .
– سماح بحزن زائف :
و الله يا عمى أنى كنت جيالك
عشان الموضوع ده .. وجيه
برده ابن أخوك و الدم عمره ما
يبجى ميه .. و أنت عارف هو
أد إيه بيحب عيلتنا و ميرضاش
الأذية ليها .. دا يا عينى ما
كنش جادر ينام الليل من ساعة
اللى جرا للمرحومة بثينة و
جسم بالله إنه ما هيهداله بال
إلا أما ياخد تارها ..
” ثم رفعت يديها عاليا فى وضع
الدعاء ”
ألف رحمة و نور عليكى يا
بثينة يا حبيبتى .. يا ست البنتة
يا لى رحتى فى عز شبابك و
معرفناش ناخدوا بتارك يا غالية.
” ضرب الحج قدرى بعكازه على الأرض
فى حركة دالة على غضبه من كلام
ابنة أخيه الذى يعلم هدفه جيدا و
هو إثارة النفوس ضد زهرة و خاصة
السيدة نعمة .. فها هى لا تزيد النار
إلا مزيدا من الحطب ” .
– الحج قدرى بإقتضاب :
ملوش عازة الكلام ده يا سماح
.. جولى أنتى غرضك إيه
طوالى .
– سماح بمسكنة زائفة :
أنا جصدى بس يا عمى إن
وجيه أخويا مغلطش .. دا كان
غرضه خير .. دا بدل ما تفرح
إنه خد حجنا من العيلة السو
دى .. و أهى جات من عند ربنا
إنهم جم خدوا بنتهم .. و
خلصنا منيهم .
– السيدة نعمة بحنق من تلك الأفعى التى تسعى لخراب بيت إبنها و تفرقته
عن زهرته :
و أنتى كان حد إشتكالك يا
حبيبتى .. أعدى معوج و
إتكلمى عدل .. تار إيه يا ختى
اللى المحروس أخوكى خده ..
له هو كان الأصلان كبير البلد
متعاجز ياخد بتار أخته و لا
إيه .. لما نبجى نعرف مين اللى
ضرب النار على المرحومة
نبجى ناخد تارنا مش عاجزين
و لا حاجة .
– الحج قدرى بصراخ :
سمااااح .. موضوع التار ملكيش
صالح بيه .. و مرات الأصلان
سيرتها متجيش على بالك
واصل .. فااااهمة ؟
– سماح بوقاحة التى هى طبيعتها :
بجى إكده يا عمى .. بتبدى بنت
المنصورية علينا .. دا بدل ما
تطلجوها من الأصلان و تعلنوا
جوازى منيه .. تفضلوا الغريب
على اللى من لحمكوا و دمكوا .
– أسامة مدافعا عن زوجة أخيه :
آه إحنا عاوزينها و كلنا هنا
منستغناش عن زهرة أبدا .
– بوسى :
و الأصلان كمان روحه فيها
و ميئدرش يستغنى عنها هى
و ولاده .
– سوما بهدوء ردا عن صديقتها زهرة :
أنتى جبتى الكلام ده منين ؟ ..
الأصلان عمره ما يطلق زهرة
أبدا .. هى كلها كام يوم تتحسن
صحتها و تنور بيتها هنا وسطنا .
– السيدة نعمة :
ربنا يسمع منك يا بنتى .. يا
رب يشفيكى و يعافيكى يا
زهرة يا بنتى و تجوملنا ب
السلامة .
” ……….. اللهم آمين ……………
أمن الجميع على دعاء السيدة نعمة
ماعدا سماح التى فشل سعيها فى
تحقيق مرادها .. و لم تجد إلا آخر
حجة تلقيها أمام عمها ” .
– سماح :
طاب و بعدين يا عمى يا كبير
العيلة .. هتيجى عليا و
تظلمنى يعنى أكمنى يتيمة ..
هفضل إكده متجوزة عرفى
زى اللى عاملة عملة .. الناس
برة كلت وشى .. هو أنا يعنى
مش زى الستات .. يبجى ليا
راجل و بيت ………………..
– قاطعت بوسى الغاضبة هرائها :
لا و الله .. ناس مين اللى كلت
وشك ؟! .. هو فى حد أصلا
عارف إنك متحوزة الأصلان
.. و لا أنتى ماشية و ماسكة
مكرفون .. و عمالة تذيعى
أنا مرات الأصلان .. أنا مرات
الأصلان .. هو أى هرى و
خلاص .
” لم يستطع الجميع تمالك أنفسهم من
كلام بوسى و سقطوا فى موجة من
الضحك .. حتى استوقفهم الجد ”
– الحج قدرى ردا على تلك الأفعى إبنة
أخيه الراحل :
عندك حج يا بتى .. أنتى زيك
زى كل الستات لازم يبجالك
راجل و بيت .. عشان كده جلت
لأخوكى يجطع الورجة اللى
معاه .
– انتفضت سماح من مكانها صارخة :
بتجول إيه يا عمى ؟! .. يا
مرى .. أنت عاوز الأصلان
يطلجنى
” ثم زرفعت دموع تماسيح ”
طاب أنا ذنبى إيه تدخلونى
بيناتكم .. و تخدونى بذنب
أخويا .. و لا هو شرفى لعبة
تلعبوا بيها .
– الحج قدرى صارخا :
أنا مجتش عليكى يا بت أخويا
.. الورجة اللى أنتى فرحانة
بيها دى مكتوبة بين الأصلان و
وجيه زى عقد ما بينهم ..ضمان
إن الأصلان ميرجعش عن تاره
مع إنه مش محتاج اللى ماتت
أخته هو مش أخت وجيه ..
يعنى الورجة يا بتى مش
صحيحة .. بدليل إنه عمره ما
شافك و لا إنتى كمان كنتى
تعرفيه .. دا لا فى الشرع و لا
فى الدين .. و حتى لو كل ده
مش عجبك .. الأصلان برده
مش هيرضى يجوزك على زهرة
.. فهمتى .. و نصيحة منى
أنسى الموضوع ده .
– سماح بوقاحة :
يعنى إيه أنسى يا عمى ؟! ..
أنا من حجى أكون هنا .. زى
زى بنت المنصورية .. الست
زهرة بنت اللى جتلوا بث……….
” أخرررررررررررسى ”
و ما كان الصوت الجهورى الخشن إلا ل
الأصلان الذى جاء بعد مكالمة محمد زوج أسماء له يخبره فيها بوجود أخت وجيه صالح فى المنزل .. الأمر الذى جعل أصلان يترك عمله و يتجه مسرعا إلى منزله .. يلوم نفسه للمرة التى لا يعلم عددها على علاقته بوجيه صالح .. متجهم الوجه تنتشر حوله هالة وحشية للغاية أقرب للقتل .. عند ذكر سيرة تلك المرأة أخت وجيه و التى لم يراها سابقا .. و لا يستبشر خيرا من وجودها خاصة بعد أن حرص على فسخ علاقته مع وجيه بعد حادث قطته الصغيرة ..و الذى كان متسببا فيه و لو بشكل غير مباشر .. و هدده بالأذى فى حالة أقترابه من عائلته .. و حرص أخيرا على تمزيق تلك الورقة البائسة بيديه قبل مغادرته من منزله .. و التى قتل بها علاقته مع قطته الصغيرة .
و عند دخوله للمنزل استمع إلى آخر حديث تلك المرأة مما جعله يوقفها بصوته العميق الخشن .. و قد حقق صوت الأصلان النتائج المطلوبة و سبب قشعريرة مرت على طول عمودها الفقرى .. و ألتفتت مرغمة كما الجميع تحت هيمنة الصوت الذى مازال صاحبه عند الباب .. و أتسعت عينيها من شكل صاحب الصوت خاصة بعد أن نادته السيدة نعمة بإسمه متعجبة من مجيئه
.. إلا أنه لم يلتفت إليها بل ظلت عينيه السوداء العميقة و وجهه الوحشى يأسران عيني تلك الأفعى .. ابتسم الأصلان بشر عندما لاحظ تغير نظرات المرأة من إستغراب إلى خوف و إشمئزاز .. ناتجين من الندبة التى خلفها الحريق على منتصف وجهه و عنقه و صدره .. و التى إتضحت جيدا بعد حلق ذقنه .. و ضخامة جسده المفرطة
.. تلك الضخامة التى لم يمنعها فقدانه لوزنه .. و طوله و ملامحه الوحشية ..
فقد تغير ابن عمها كثيرا جدا بل الأصح تحول بعد حادثته مع أخته .. فلم تكن سماح رأته ثانية من بعد الحادثة نظرا لمنع عمها لهم من الإختلاط بعائلته طوال تلك السنوات .. و ياليتها لم تتسرع و تأتى فرحة بزواجها به قبل أن تلقى نظرة على هيئة ذلك الوحش .. و لم تنتبه سماح من شرودها بوجه الأصلان إلا على صوت بوسى الوقح
– بوسى بخبث :
تعالى يا أصلان سلم على
مراتك التانية .
إلا أن مزحتها هذه المرة لم تلطف الجو الثقيل بل صمت الجميع تتوزع نظراتهم بين الأصلان و سماح .. التى بقيت مسمرة بخوف أمام نظرات الأصلان .
– إحمر وجه الأصلان و زادت وحشيته بعد كلام بوسى و تكلم بصوت بارد عميق :
أنا متجوزتش غير زهرة .
ثم حول نظراته إلى سماح التى فزعت ما إن وجه لها حديثه :
و أنتى .. الكلام الماسخ اللى
أنتى قولتيه ده مسمعهوش
تانى .. سيرة المرحومة متجيش
على لسانك لأقطعهولك ..
” ثم أقترب بخطواته قليلا إلى
الداخل و قال بتوعد ”
أما سيرة زهرة فأنتى مش
هتلحقى توعى إنك جيبتيها ..
فاااااهمة .. أخوكى جطع كل
حاجة بينى و بينه .. أمشى أطلعى
برة .. يلاااااااااااااااااا .
و ما إن جاءها الأذن من الأصلان بالمغادرة حتى فرت هاربة إلى منزلها ..
بملامح فزعة لما رأته .. و التى لم يهتم لها الأصلان و لم تؤثر به فقد إعتاد عليها ممن حوله إلا من تلك القطة الصغيرة التى تبسمت ما إن رأته .. و وقعت فى حب عينيه ما إن أبصرتها ..
و عشقت ملامحه التى يراها الجميع حتى هو وحشية .. فكانت تهديها الكثير و الكثير من القبلات يوميا .. حتى أنهى هو كل شىء .. و جرح قطته الصغيرة و جرح نفسه معها .
تنهد الأصلان بحزن تنفيسا منه للهيب الذى إحتل صدره لذكر قطته و انطلق إلى جناحه من أجل إبدال ملابسه .. فى حين استغل الحج قدرى الفرصة و إتجه لمكتبه لمحادثة قطة الأصلان و ترتيب الوضع القادم معها .. و يتبقى فقط موقف الأصلان حفيده من ذلك و الذى لم يلق له بالا .. فهو من ربى حفيده و أعلم بحاله فتمنعه و رفضه ظاهريا يقابله رجاء و توسل داخلى .
دخل الحج قدرى مكتبه و معه بوسى التى طلبت له رقم زهرة .. و أجابته السيدة صفية التى فرحت كثيرا بمبادرة هذا الرجل الوقور فى التدخل
.. و بعد عدة دقائق من تحدثها معه و تبينها أن الحج قدرى له نفس الرأى .. و
طمئنها بحرصه على مصلحة زهرة فى كافة الحالات حتى و لو ضد مصلحتهم جميعا .. إحقاقا للحق و رفعا لثقل أرهق كتفيه و إبراءا لذمته قبل أن تصعد روحه لخالقها .. و بعد أن إطمئنت السيدة صفية خرجت لزهرة المستلقية على كرسيها بشرفة الشاليه
أمام البحر .. مكان جلستها المفضل أغلب اليوم .. و أعطتها الهاتف دون حديث وخرجت .. و قبل أن تجيب زهرة على الهاتف معتقدة أن من يحدثها والدها كالعادة .. وصل صوت الحج قدرى العميق الشبيه بصوت أصلانها إلى أذنها مسببا إهتزاز يدها التى تمسك بالهاتف
– صوت الحج قدرى العميق :
السلام عليكم .. إزيك يا رورو .
لم ترد زهرة على صوت جدها الذى إشتاقت له و لكن بكت بإنهيار .. دلالة على إفتقادها لذلك الرجل الحنون الذى أحسن معاملتها و حمايتها منذ دخولها لمنزله .. بينما فى المقابل تنهد الجد بحزن قائلا فى نفسه :
” الله يسامحك يا الأصلان
.. هانت عليك زهرة ”
– الحج قدرى بعتاب :
هنت عليكى تهملينى يا رورو
.. معدش فى حد من بعدك
بيهتم بدوا الراجل العجوز ولا
جهوته .
– زهرة برقة بعد طول بكاء :
أزيك يا جدى .. و أزى ماما .
– الجد بحنية :
مش كويسين من غيرك يا رورو .
” و صمت برهة ثم أكمل عتابه
بهمس شبيه بهمسها ”
إخواتك هنا أتوحشوكى أوى ..
و نفسهم تاجى بجى .. و أم
أحمد و أبو أحمد و فاطنة
و ورد كمان أتوحشوكى جوى
.. و ……………………………
” قاطع حديث الجد بوسى التى
تشير له برغبتها فى الحديث
مع زهرة .. فقال بسرعة ”
طاب خدى كلمى حبيبتك .
– بوسى ببكاء شبيه بخاصة صديقتها :
أأأ .. ألو .. ألو يا زهرة ..
أنا بوسى .. وحشتينى
خالص .. كفاية بقى تعالى ..
أنا حاولت ألحائك قبل ما تئعى
………………………………..
” ثم إنخرطت فى البكاء عند
تذكرها لسقوط زهرة على
السلم ”
بس ملحئتش .. و فضلت جنبك
و أنتى وائعة .. مسبتكيش يا
زهرة .. و الله أنا …………..
” لم تكمل بوسى حديثها عندما
إختطف الجد الهاتف من
يدها ليجد زهرة تماثلها
فى البكاء و ترد فقط
بقولها :
أنا عارفة ”
– ليقول الجد بحزم لين :
و لما أنتى عارفة يا زهرة مش
عايزة ترجعى لينا ليه ؟
” و لما لم يجد منها رد سوى البكاء ”
– الجد بلين :
يا بتى البيت دا بيتك و بيت
ولادك اللى فى علم الغيب
.. عاوزة تغربيهم و تيتميهم
و أهلهم عايشين .
– و لم يعطى الجد لها فرصة و أكمل بحزم :
المفروض أنتى تبجى هنا
نرعاكى فى وهنك و نساعدك
و منخلكيش تشيلى الهوا .. و
بعد ما تولدى بإذن واحد أحد
أمك و أخواتك هنا يعونوكى
دول توجم و مسئولية .
– أكمل أيضا بحزم حينما واجهه الصمت من الجهة الأخرى :
و دراستك هملتيها خلاص ؟! ..
الواجب تستريحى على أد
جمعتك و بس .. و كمان تعرفى
تهمليهم أهنا و تروحى مع سوما
و بوسى و أنتى مطمنة .
– أكمل الجد بحزم فقط دون اللين حريصا على مصلحة تلك الفتاة البريئة التى تتجه لهلاك نفسها :
متعودتش منيكى على التسرع
يا زهرة .. أهملتى صحتك و
دراستك .. فين عجلك و تفكيرك
.. و حرصك على مصلحة ولادك
جبل منيكى ؟! .. عند أول أزمة
تجعى إكده ؟! .. فين بتى اللى
شالت دار جدرى كله على كتافها
؟! .. اللى أكبر منيكى معرفوش
يعملوها .. و جيتى أنتى مشيتى
البيت زى الجلف .. و كنتى
بصحيح مرت الأص………………
– لام الجد نفسه على تسرعه .. فلم يكن يريد أن يأتى بذكر حفيده فى تلك اللحظة و لكن وقع الخطأ :
المهم .. أنتى عارفة غلوتك
عندى .. عشان إكده كلمتك
و جولتلك رأيى .. و لو كان
همى مصلحته كنت جومت
الدنيا من ساعة ما أبوكى بعدك
عنينا .. و جمعت مجلس عرفى
و جبتك غصب عن الكل إهنا
فى دارى .
– لم ترد زهرة سوى ب :
جدى !!!
– قاطعها الحج قدرى بحزم رغبة فى استقامة حالها :
كلمة واحدة يا بتى .. فاضلك
كام شهر على جومتك
بالسلامة .. هتاجى بيتك إهنا
تجضيهم و تخلصى دراستك
السنادى .. دا واجبى نحيتك
بعد ما دخلتك الدايرة دى
عشان أكون خلصت ذمتى أدام
ربنا جبل ما أجابل وجه كريم ..
بعد الأربعين هخيرك و أنا
بنفسى اللى هخلصك منيه زى
ما ورطك معاه .. إنما جبل إكده
لا يا زهرة .
استمر الحج قدرى فى إقناع زوجة حفيده الأكبر بالرجوع مرة أخرى لمنزل العائلة إلا أنه فى كل مرة يجد منها الرفض القاطع حينا و الصمت حينا آخر
.. و لم يغضب الحج قدرى من ذلك .. بل أعطاها كل الحق فى موقفها .. و لكن إنصافا للحق لابد أن تحظى زهرة فى تلك الفترة على ما تستحقه من رعاية شاملة خاصة و أن السيدة صفية وحدها لا تكفى لرعاية زهرة و طفليها
حسب إعتقاده .. و متابعتها لدراستها كما وعد أبيها قبل زواجها .. و رغبة منه فى معايشة فرحة إستقبال أولاد الأصلان .. و لم يهتم الجد سوى بذلك أما علاقة الزهرة و أصلانها فقد توصل أنه طرف محايد .. و لأجل المحايدة سيضع الأثنين أمام بعضهما دون تدخل منه أو من أى أحد حتى لا يتفاقم الوضع أو تشعر زهرة بأنه يتم الضغط عليها من قبل من حولها .. على الرغم من تأكده من حرص حفيده على البعد عنها حينما يعلم بقدومها .. لإعطائها أكبر قدر من الراحة .
و لعل الكثير من أهل منزل عائلة الحج قدرى لم يلاحظ إختلاف المشكلة
بين زهرة و أصلان هذه المرة عن سابقاتها اللائى جئن تحت بند غيرته المفرطة عليها و شعوره بأنها تستحق من هو فى سنها أو جمالها و هو ما لا يتوافر كليا فى الأصلان .. ففى كل مرة كان يثور هو و تمتص هى .. يعاتب هو و
تتقبل هى .. يحزن و يتقوقع من الفارق الكبير بينهما و تحتوى هى .. فتحل الأمور و تكسب قلبه و يزيد عشقه لها .
و لكن هذه المرة لم تمتص و لم تتقبل و لم تحتوى .. بل إنسحبت بهدوء ناتج عن جرحها الشديد منه .. إنسحبت تاركة ورائها أشلاء رجل من قلب مجروح و روح تئن لبعد نصفها الآخر عنها .. و هو ما أدركه الحج قدرى من أول لحظة فالأصلان حفيده واقع فى الصراع الأبدى بين عادات خاطئة موروثة من زمن و بين عهد جديد يخضع لحكم قلبه و يسوده حياة ملونة بعيدة كل البعد عن لون الدم .. و لم يستبعد الجد أنه أخطأ حينما حاول محاربة تلك العادات الجاهلية خاصة و إن كانت على خطأ لأنه ليس هناك من يؤكد أن من أطلق الرصاص أثناء العركة التى أشتركت فيها معظم العائلات من عائلة المنصورى و أن من أطلق كان يقصد الجرن الخاص بمنزلهم
.. أو يقصد حفيدته بثينة تؤام الأصلان التى كانت موجودة هناك بمحض الصدفة البحتة .. فلو كان تأكد له ذلك لكان أخذ بيده ثأر حفيدته بدلا عن الجميع .. و عندما أدرك الحج قدرى خطأه بإقحام تلك القطة الصغيرة فى حياة الأصلان القاحلة .. كان إلزاما عليه إصلاح ما أفسده بوضع الأمور فى نصابها الصحيح ثم ترك كلا من طرفى المشكلة يختار ما يناسبه حتى و لو كان فى بعدهما .. الأختيار الذى أعطاه لنفسه فقط و سحبه من الباقين حفاظا على العديد من الأرواح البريئة التى كانت من الممكن أن تتأذى بلا أى ذنب
.. لذا فهو أعاد هذا الحق المسلوب لكلا العاشقين .
و وافقت زهرة أخيرا على رأى الجد نظرا لضعف صحتها البالغ مع تقدم شهور الحمل و إرهاق عمتها معها ..
و رأت من الأفضل أن يكون هناك من يعاونها لتنال القليل من الراحة .. و رغبة منها لولادة أبنائها وسط أهلهم ..فمهما كان الخلاف بينها و بين الأصلان لا يستحق الجد و السيدة نعمة حرمانهم من تلك الفرحة التى طال إنتظارها .. و لكن كان كل خوفها أن تعود لتجد أصلانها برفقة الأخرى التى فضلها عليها .. من عائلته البعيدة
كل البعد عن مشاكل الثأر .. أن ترى أصلانها يشغف الأخرى حبا كما كان معها .. أن يكون سعيدا معها بينما تغرق هى نفسها فى رثاء الذات .. لن تتحمل هى أن ترى أخرى إمرأته بدلا منها حتى و لو كان لفظها خارج حياته .. لذا طلبت من الجد إرجاء عودتها لمنزل العائلة حتى يتم إعداد غرفة المخزن الكبيرة الموجودة بجوار المنزل لها .
فتبعد نفسها عن الأصلان الذى أوضح عدم تقبله لها حتى و لو قليلا فى ظل وجود الثأر بين العائلتين .. كذلك عن أهل المنزل فليس هناك داعى لمد أوتار من الأخوة و الصداقة سيتم قطعها لاحقا .. و تقضى الفترة المتبقية من حملها و دراستها براحة حتى يحين وقت مغادرتها .. فهى ليست متعصبة حتى لا تدرك ضعف صحتها الشديد و إعتلال قلبها و كسرة روحها .. و يكفى قلبها السقيم شعورها بوجود أصلانها قريبا منها دون أن تلتصق به كوداع لحياتها معه .
أنهى الحج قدرى مكالمته مع زهرة بالكثير و الكثير من الوصايا للحفاظ على صحتها .. كذلك بوسى التى وعدتها بلقاء قريب جدا و إشرافها بنفسها على ترتيب منزلها الصغير هى و تؤامها .. و خرجا ليجدا التجمع الذى تركاه سابقا كما هو .. ليجلسان مجددا بينهم .
– الحج قدرى :
الأصلان نزل يا ولاد ؟!
– تنهدت السيدة نعمة بحزن :
أيوه .. نزل و خد معاه شوية
حاجات ليه فى شنطة .. بيجول
وراه شغل فى مصر .. و هيغيب
عليه يومين تلاتة إكده .
– الحج قدرى بحماس :
أحسن .
نظر الجميع الجد متعجبين من فرحته بمغادرة الأصلان لأول مرة .. و زاد تعجبهم أكثر بضحكة بوسى و جلوسها بجانب السيدة نعمة لتقبلها و تحتضنها
.. دون أن يعى أحدهم أى شىء .
– السيدة نعمة التى تعجبت من تقبيل بوسى و إحتضانها لها :
إيه يا عمى .. خير فى إيه ..
إنتوا كنتوا فين ؟!
– بوسى بفرحة شديدة لأول مرة تظهر عليها منذ حادثة زهرة :
مش مهم الكلام ده يا مرات
خالى .. المهم إن زهرة راجعة
عندنا .. إحنا لسه مكلمينها .
” إإإإإإإإييييييييييييييييييه ”
– و ما كان هذا الصوت إلا من البقية الموجودة حول بوسى و الجد .
– السيدة نعمة بفرحة :
و النبى يا عمى بتتكلم
بصحيح .. زهرة هترجع
خلاص .
– الحج قدرى بفرحة :
أيوه يا نعمة صدجى .. زهرة
هتيجى هنا .
– أسامة بزهول :
أنا مش مصدء .. أنا إفتكرتها
مش هترجع تانى .. أنت أتكلمت
مع أهلها أمتى يا جدى ؟
– الحج قدرى بملامح جامدة :
أنا أتفجت مع الحج حامد .. و
زهرة مكسرتش كلمتى .
– محمد بفرح :
الحمد لله .. ألف مبروك يا جدى
رجوعها بالسلامة .
– أسماء التى تغيرت جزريا منذ رحيل زهرة :
و هى كانت هتلائى حد زى
الأصلان أخويا .
نظر الجميع باستنكار لأسماء التى بدأت تشعر بالغيرة من زهرة على الرغم من فارق السن بينهما .
– أسماء بحرج :
إيه مالكوا بتبصولى كدا ليه ؟!
.. مش دى الحقيقة .. يعنى
مكنش ليه لازمة الجو بتاع
هروبها من المستشفى .. أديها
رجعت و من غير الأصلان كمان
ما يروحلها .
” أسماااااااااااااااااااااااااااااااءءء ”
– الصوت الجهورى راجع لمحمد الذى لم يرضيه تصرف زوجته و كلامها فى حق زوجة أخيها الأكبر .
– محمد بزهول :
أنتى إتجننتى ؟! .. إيه اللى
حصلك .. أنا مش مصدء إنك
أتغيرتى أوى كده .. أنا مبأتش
عارفك .
– الحج قدرى بحزم :
خلاص يا محمد .. و أنتى
” قاصدا أسماء ” .. أحمدى
ربك إن الأصلان مسمعكيش و
أنتى بتتكلمى كده على مرته
كان و الله جطع خبرك .. و أنا
اللى بجولك هو و كلمتى متنزلش
من بعد ما أجولها .. حسك عينك
تضيجى مرت أخوكى و لا
تجوليلها حاجة تزعلها ساعتها
متستنيش حسابك من حد غيرى.
– السيدة نعمة المصدومة فى أبنتها .. تحاول أن تهدىء الموقف :
أهدى يا عمى .. أكيد أسماء
متؤصدش .. و أنتى يا بنتى
خليكى فى حياتك و جوزك
و ملكيش دعوة بالأصلان و
مراته .
– محمد بغضب من أخلاق زوجته :
أنا طالع أتمشى شوية .
– أسامة بغضب من أخته الهوجاء :
استنى يا محمد أنا جاى معاك .
– محمد بإختناق :
خليك يا أسامة .. أنا عاوز
أخرج لوحدى .
– الحج قدرى بحزم :
أستنى أنت وهو .. محدش
يمشى أنا لسه مخلصتش كلامى.
عاد أسامة و محمد إلى مكانهما ثانية و إنتبه الجميع إلى الجد الذى تحدث بحزم و إقتضاب بعد أن نبهه كلام أسماء لما غفل هو عنه و هى صورة زهرة أمام الجميع .. فلا أحد علم بالجهد الذى بذله لإقناعها و لا بشروطها غيره هو و بوسى .
– الحج قدرى :
طبعا زهرة مرضتش ترجع كده
.. أنا بجالى مدة بتحدتت فيها
مع أبوها الحج حامد و عمتها
.. و فى الآخر جالوا اللى هى
تجول عليه إحنا هنمشيه .. و
كلمت زهرة كتير و هى وافجت
.. زى ما الست أسماء جالت ..
بس اللى أحب أعرفهولك .. إنها
جاية لجل خاطر أمك و خاطرى
” توقف قليلا فى حديثه و نظر
السيدة نعمة التى دمعت
عيناها ”
أيوه يا نعمة .. جالت إنها عارفة
إنك نفسك تراعيها فى حملها و
تشوفى ولادة زهرة .. و تستجبلى
عيال الأصلان على إيدك .
– السيدة نعمة بحب :
يا حبيبتى يا بنتى .. طول
عمرها حاسة بإللى فى قلبى ..
أنا كنت بتئطع و هى بعيد
نفسى تبقى أصاد عينى و هى
حامل و أجهز لولادة عيال
الأصلان .. يااا أنت متعرفش
يا عمى أنا بقالى أد إيه مستنية
اليوم ده .. يا رب تنولهولى .
آمن الجميع على كلام السيدة نعمة .. بينما تبادل الحج قدرى و بوسى النظرات التى تحمل نفس المعنى و هو كيفية إخبار الجميع بالجزء الثانى من الإتفاق بين الحج قدرى و زهرة .
– أسامة الذى لاحظ تبادل النظرات بين
الجد و بوسى :
خير يا جدى .. مالكوا بتبصوا
لبعض كدا ليه ؟!
و كان نتيجة لجملة أسامة أن وجه الجميع نظراتهم للجد ثانية .
– تنهد الحج قدرى نظرا لثقل همه :
أسامة و محمد إتفجوا مع عمال
يوضبوا المخزن الكبير .. و
يجهزوه زى شجة صغيرة .
– محمد بطاعة :
حاضر يا جدى .. من بكرة
العمال يكونوا موجودين .. بس
خير يعنى .. مين اللى هيعد
فى المخزن ؟
– الجد بإعتيادية و كأنه يتحدث عن
أحوال الطقس :
لزهرة .
– السيدة نعمة بحيرة و لم تعى بعد مقصد الجد :
هى زهرة عاوزة تفصل هى و
الأصلان عن البيت ؟!
– سوما بحزن :
هى زعلانة مننا و لا إيه يا
جدى ؟
– أسماء بغيرة حديثة العهد من زهرة :
تلائيها عاوزة تستفرد بأخونا
الكبير بعيد عننا .. و تخليه
ليها .
– أسامة بجدية :
أسكتى يا أسماء .. عشان بعد
كده محدش فينا هيحب
يتكلم معاكى .. إنتى إيه اللى
جرالك ؟! .. ما كنتى زى السمنة
على العسل قبل ما يحصل اللى
حصل .. و لا إستنى أنتى
متغيرة من ساعة الأصلان ما
خدها و سافر قبل الحادثة .
– بوسى بحقد على أسماء :
ما عشان كده تلائيهم زعلوا مع
بعض بعدها .. صحيح العين
فلئت الحجر .
– أسماء بعصبية :
أصدك إيه يا بوسى ؟! .. أنتى
أصدك أنى بغير من زهرة مثلا ؟
– بوسى بهدوء :
أنا مؤلتش .. أنتى اللى قولتى
بنفسك .. و كل واحد عارف
نفسه .
– نظرت السيدة نعمة لأسماء بلوم و امتنعت عن توجيه الحديث لها .. بل
قالت للجميع :
خلاص يا ولاد خلونا نفهم ..
فهمنى يا عمى الله يرضى عليك
لحسن أنا مش فهما حاجة .
– الحج قدرى بعصبية :
هو أنا لاحق أقول حاجة ..
ما أنتوا مش عمللى إعتبار و كل
واحد فيكو ماسك فى خناق
التانى .
– أسامة بصدق :
حقك عليا يا جدى .. أنا غلطان.
– الحج قدرى بلين :
عذرك معاك يا بنى .. غصب
عنك ما أنت بتسمع كلام برده
يفور الدم .
” و كانت نظراته موجهة لأسماء ”
المهم .. زهرة هترجع تعد هنا
مدة الحمل اللى بئيلها بس ..
مش على طول و كمان عشان
كليتها لحد ما تولد و تربعن ..
و طبعا مش هتعد هنا .. طلبت
أنها تعد فى المخزن الكبير لحد
ما تمشى .
– لطمت السيدة نعمة على صدرها :
يا لهوى .. يعنى إيه الكلام ده
يا عمى .. طاب و الأصلان ؟!
– الحج قدرى بنرفزة بعد أن سأم كثرة الحديث فى هذا الموضوع :
جرا إيه يا نعمة .. ما تصحصحى
معايا .. الأصلان ملوش صالح
باللى بئوله .. أنا طلبت من زهرة
أنها تعد هنا .. لجل ما نحضر
ولادتها .. و بعدين هترجع لأهلها
تانى .. مسألة أنها ترجع تانى هى
و الأصلان مش هتحصل .. ريحى
نفسك .. و الأصلان أنا ليا معاه
كلام تانى لما ييجى .. المهم
خلينا فى اللى إحنا فيه اللوقتى
.. توضيب المخزن على أسامة و
محمد فى أسرع وجت لجل ما
تاجى زهرة على طول .. بوسى
و سوما أبجوا أفرشوه على كيفكوا
و متسيبيهمش لوحدهم يا نعمة
خليكى مع البنات .
– السيدة نعمة التى تلاشى القليل من فرحتها :
أمرك يا عمى .
– أسامة :
بعد إذنك يا جدى .. خلى سوما
و بوسى ينزلوا يختاروا العفش
من بكرة .. و على ما ييجى
يكون العمال خلصوا توضيب .
– الحج قدرى بحيرة :
و هما هيلحجوا ؟!
– أسامة بحب لزوجة أخيه و أخته الصغرى :
هما مش هيلحئوا .. بس أنا هشد
عليهم و مش هسيبهم لحد ما
يخلصوا فى أسرع وقت .
– محمد بحب لأخيه الأصلان و بأبتسامة رقيقة متذكرا بها أفعال زوجة أخيه تلك الفتاة الطيبة :
و لو حكمت يا جدى نجيب بدل
الوردية اتنين .. و يشتغل العمال
العمال طول اليوم عشان ينجزوا.
– الحج قدرى فخورا بأحفاده :
الله يرضى عليكم يا ولاد ..
مخيبتوش ظنى .. بشرونى
أن المخزن خلص بسرعة لجل
ما مرت أخوكم تاجى على
طوالى .
– بوسى بمشاكسة لتلطيف الأجواء :
يا سلام يا حج قدرى .. يعنى
أسامة و محمد بس هما اللى
على الحجر .. طاب و أنا و البت
الغلبانة اللى جنبى ؟! .. ملناش
لازمة يعنى .. على فكرة بقى
هما هيئفوا مع العمال بس إنما
إحنا هنختار بنفسنا فرش البيت
يعنى إحنا الأصل .. زى مهندسين
الديكور فى كل حاجة حتى
أجرتهم .
– أسامة معاونا أخته فى مقصدها لتلطيف الأجواء :
يا سلام طاب ما أنا كمان ممكن
أعمل ده لوحدى .. أنتى ناسية
أنى جهزت جناحى أنا و سوما
لوحدى و لا إيه ؟!
خجلت سوما من كلام أسامة .. و سرعان ما أهمل أسامة الأحاديث المتبادلة و جعل كل تركيزه مع إبنة عمه و حبيبته .
– بوسى :
أسامة .. أس أس .. أنت يلا
.. إيه يا جدى ما تشوف
ابن ابنك اللى مش محشم حد
ده .
– أسامة هامسا :
يا رب تموتى يا بوسى و أخلص
منك .
ضحك الجميع على مشاكسات أسامة و بوسى .. ثم انطلق كل منهم نحو عمله
.. ما عدا أسماء التى لم تتقبل السيدة نعمة منها أى حديث و طلبت منها الصعود لغرفتها .. و لم يتبقى مع السيدة نعمة سوى سوما و بوسى .. يتفقون على الترتيبات الخاصة بإستقبال زهرة و رعايتها .. مما جعل السيدة نعمة تتخلى شيئا فشىء عن حزنها و تندمج مع سوما و بوسى فى الحديث .. ثم انصرفت سوما لغرفتها
تستعد للخروج مع بوسى و السيدة نعمة لشراء مستلزمات لمنزل زهرة .
– و ألتفتت بوسى للسيدة نعمة التى ظهر حزنها ثانية بعد مغادرة سوما :
مالك يا مرات خالى ؟! .. مش
قلنا مفيش زعل و نساعد زهرة
لحد ما تولد بالسلامة .
– السيدة نعمة بحزن :
يعنى منتيش عارفة يا بوسى
.. أنا كان نفسى يرجعوا لبعض
تانى .. دا أخوكى من ساعة
اللى جرا و هو فى دنيا تانية
.. و مبيدخلش البيت إلا
عشان يغير هدومه و يمشى .
– بوسى بحنق :
ما كله من إبنك يا خالتى .. ألا
حتى ما راح صالح البت و لا
اتكلم .. كلنا شيفينه رجع زى
الأول بعد موت بثينة و
أوحش كمان بعد ما زهرة
مشيت .. و لا حتى فكر يدافع
عن نفسه أدام زهرة و لا
يفهما موضوع جوازه و لا أى
حاجة .. و سابها تروح بعيد
عننا .1
– السيدة نعمة :
ما هو ده اللى مجننى لا هو
دافع عن نفسه و لا سبنا
نئولها اللى حصل .. و لما جدك
بشرنى برجوع زهرة قلت أكيد
هيا اللى هتلم المشكلة زى كل
مرة و تخدوا بالراحة بس
الظاهر مش المرادى .
– بوسى بجدية :
مش كل المشاكل زهرة اللى
تصبر و تتحمل فيها .. فى
حاجات مينفعش فيها كده يا
خالتى و أنتى عارفة .
– السيدة نعمة بحزن :
عارفة يا بنتى و عذراها .. بس
اللى ما تعرفيهوش يا بوسى
أن الأصلان أتعذب كتير أوى ..
ما توعيش أنتى على يوم ما
قام فى المستشفى و شاف
نفسه فى مراية الحمام عمل
إيه .. و زاد عليها موت أخته
بنفس الطريئة .. الاتنين النار
كلتهم .. واحدة متحملتش و
ربنا رحمها من عذابها لو كانت
عاشت و شافت نفسها محروجة
.. و التانى عاش مع شكله سنين
.. أنتى فاكرة أن الأصلان لما قام
كان ده حاله .. الله أكبر أنتى
مشوفتيش شكل جسمه كان إزاى
حتى عزا أخته معرفش يحضره
.. عمل عمليات كتير عشان يبجى
زى ما أنتى شايفة .. يئدر يطلع
و يشتغل و يشيل حمل البيت بعد
ما جدك تعب .. زهد فى كل حاجة
و دفن نفسه فى الشغل .. حتى ما
بئاش يهتم بعلاجه بعد ما عرف
أنه حتى لو إتعالج مش هيرجع زى
الأول .. عشان كده أنا وجدك
فاهمينه و عارفين كان بيبعد زهرة
ليه و بيبعدها اللوقتى ليه .
– بوسى التى تكتشف هذا الأمر لأول مرة و تتفهم موقف أخيها الأكبر ..
تتحدث بإبتسامة خبيثة :
و أنتى فكرك يا مرات خالى بعد
ما أتعب نفسى و أجهز البيت
بتاع زهرة هسيبها تمشى ..
دا أنتى تبئى متعرفنيش بئا .
– السيدة نعمة بفرح :
بتئولى إيه ؟! .. و النبى يا
بوسى صحيح .
– بوسى بضحك :
صحيح و الله .. دا حتى لو
مخلتهمش يرجعوا لبعض يبقى
عيب فى حئى ..
” ثم إنقلبت تعبيرات وجهها الجدية ”
آه بس أنتى بس إبعدى الغوريلا
بنتك عن طريقنا .
– السيدة نعمة بحزم :
أسماء … أسماء سيبهالى ليا
كلام معاها يعدلها .
– بوسى بنظرة شر :
جدعة يا خالتى .. لحسن محمد
فضله تكة و يرميهالك .
ليلا فى شقة ما خاصة بالأصلان فى
القاهرة :
و التى ذهب إليها لقضاء عدة أيام لازمة للإتفاق على صفقات خاصة بتوسيع إنتاج مصنعه .. و التى تشغل جل وقته نهارا .. أما ليلا فلا يوجد ما يشغله ليجد نفسه فريسة سهلة لأفكاره التى تتمحور حول قطته الصغيرة التى أفتقدها بشدة .. و يتألم فى بعدها .. راضيا عن عقابه بإبعاد قطته عنه .. خوفا منه أن يقدم على أذيتها .. فقد أقتنع إقتناع تام أن ندوبه لم تشفى بعد .. حتى و إن أختفت من على جسده فهى لن تذهب عن قلبه و روحه
.. لذا فضل إبتعاد القطة عنه حتى و لو تعذب أضعافا و آن شوقا و أهلك روحا و حرق قلبا و جسدا لن يأتى بالقطة الصغيرة أبدا .. يكفيه أنه كاد يفقدها فى تبعات إنتقامه .
و لعله يجد لشوقه متنفسا فى أحلامه التى لا تخلو من قطته الصغيرة .. فيشبع روحه الظمأة برؤيتها .. تارة تبكى و تشكى فيحتضنها و يهدأها .. و تارة تضحك و تجرى بعيدا عنه ليلحقها
و يحتضنها و يوزع العديد و العديد من القبلات على وجهها .. و أخرى فى أكثر أحلامه هلاكا تكون بين ذراعيه فى وضع حميمى بينهم تأن و تتأوه من
شوقها تناديه و تطلبه لها .. و يستجيب هو لاهثا فيرضيها و يرضى نفسه التائقة لها .. ليستيقظ من حلمه فاقد لأنفاسه .. لاهثا و متصبب بالعرق .. بعد
ما عاشه و لو جزئيا فى الحلم و يشهد عليه فراشه فى الواقع من دلائل كانت قديما لا ترى بل تذهب لقطته الصغيرة
و أخرى خاصة بها تذهب إليه .
وينتهى هذا النوع من أحلامه بدموع قليلة و حزن كثير حتى يرحمه نومه ..
أو يسطع النهار ليجد نفسه هاربا ثانية إلى عمله .. و ليس له علما بتلك القطة التى هلكت هى الأخرى دونه و تداعى جسدها حزنا و كسر قلبها ألما .. و تعذبت روحها ظنا منها أن أصلانها لا يصبو إليها .. و لا يتلهف لرؤيتها .. فقررت هى أن تأتى إليه تتنفس هواءا
مر هو بجانبه حتى تستمد قوتها قليلا بعد أن تغادره نهائيا .. لعله يجن جنونه من وجودها حوله دون رؤيتها و يتعذب و هى قريبة منه فيذوق مثل ما آذاقها .

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية زهرة الأصلان)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى