روايات

رواية زهرة الأصلان الفصل السادس والثلاثون 36 بقلم يسر

رواية زهرة الأصلان الفصل السادس والثلاثون 36 بقلم يسر

رواية زهرة الأصلان البارت السادس والثلاثون

رواية زهرة الأصلان الجزء السادس والثلاثون

زهرة الأصلان
زهرة الأصلان

رواية زهرة الأصلان الحلقة السادسة والثلاثون

فى غرفة زهرة بالمستشفى :
ترك الحج حامد ابنته الغالية راقدة على فراشها شاردة بعالم آخر لا تشعر بشىء و لا حتى بدموعها التى لم تتوقف منذ استفاقتها …. موصيا أخته عليها …. و مشددا على عدم فتح باب غرفتها لأى كان إلا عندما يأتى هو مرة أخرى …. و ما إن خرج من غرفتها حتى استقبله عدد لا بأس به من العيون المترقبة لأى جديد …. و آخرتان متلهفتان لا تعودان إلا لشقيقى زهرة اللذان لم يبارحا مكانهما من أمام غرفة أختهما الصغرى منذ فقدها لوعيها
…. و كم أفتخر الحج حامد بهذا الحب الذى ذرعه بين أبناءه الذكور و ابنته الصغرى زهرة العائلة …. هذا الحب الذى لم تستطع زوجته الحالية أم صابر
محوه …. و كم عز عليه عدم إبلاغ أخويها بإستفاقتها و أشفق عليهم ….
إلا أنه قوى من قلبه فمصلحة أبنته الصغرى حاليا أهم من أى شىء آخر .
كذلك انتفض صابر و طه عندما أبصرا والدهما خارجا من غرفة أختهما الصغرى بعد الفجر على غير عادته …. و لما وجدوه شاردا يتطلع إليهم
– سأله صابر بلهفة أخ كبير و أب لتلك القطة الصغيرة التى أدخلها أبيهم لعالمهم :
خير يا حج ؟! …. عاوز حاجة
أجيبهالك ؟ …. و لا أروح معاك .
– أجاب الحج حامد بإقتصاب :
لاه خليك مطرحك …. أنا رايح
أشيع للدكتور ييجى يشجر على
أختك …. و يشيل الحجنة اللى فى
يدها ألا المحلول اللى متعلج فيها
خلص …. و يشوفها لحسن عمتك
حاسة أنها ضعفت شوية .
” و كان هذا أطول حوار يوجهه
الحج حامد لأبنيه منذ مشاجرته
مع عابد ”
– طه الذى أحس بلين أبيه تجاههم
.. قال بفرح :
طاب خليك أنت يا حج و أنا
هشيعله طوالى .
– الحج حامد بإقتضاب … فها هو يتحقق ما كان يخشاه من علم أبنيه باستيقاظ أختهم :
لأ …. أنا هروح بنفسى …. و بالمرة
أسأله على شوية حاجات خاصة
بحالتها .
– رد صابر بلهفة مقاطعا :
حاجات إيه دى يا حج ؟!
” تململ الحج حامد فى وقفته
و نقل ثقله من قدم إلى أخرى
… غير راغب بإثارة الشكوك ”
– رد الحج حامد بعد وقت طويل نسبيا
و عينيه شاردة لبعيد لا يرغب سوى
بإبعاد أبنته عن هذا العذاب :
أصل …. اااااا …. كلفت حد تبعى
يدور على دكتور متخصص لحالة
زهرة …. و الحمد لله فى واحد
لجيناه …. و كنت هسأل الدكتور
لو ينفع ……..
” و قطع كلامه بنفسه غير راغب
بأى توضيح لأنه لم يستطع
إكمال كذبته الصغيرة ”
و لكن إزداد الأمر سوءا بعد أن وجد الكثير من أزواج العيون تنظر له بحيرة
…. حيرة تلتها الكثير من الأسئلة للتوضيح .
– صابر بلهفة :
فين الدكتور ده يا حج ؟
– طه مقاطعه :
مين اللى أنت سألته أصلا يا
حج ؟
– الحج صابر المنصورى :
استهدوا بالله يا جماعة عشان
نفهم بس …. أيوه الدكتور ده
هيعملها إيه و هيا مش دارية
بحاجة ؟
– قاطع الحج صابر أحد أبنائه :
يعنى أنت جصدك يا عمى
هيفوجها ؟
– قاطع الحديث ابن آخر للحج صابر :
و لا يكشف من الأول عليها
يمكن يكون عندها حاجة و هما هنا
مش عارفين ؟
– و العديد …. و العديد …. و العديد من الأسئلة التى إنهالت عليه .
أغمض الحج حامد عينيه متنهدا فالإفلات من براثن عائلته المحتشدة أمام غرفة ابنته ليس سهلا …. لذا من أجل السرعة حتى لا ينتشر خبر استيقاظ إبنته .
– الحج حامد بهدوء و حزم :
إهدوا يا جماعة أنا لسه هسأله
و لما أعرف حاجة هبلغكوا ….
هملونى بجا عشان ألحج الدكتور .
” و لكنه توقف فجأة محذرا ”
محدش يدخل على عمتكوا و
أختكوا .
ثم تركهم متجها فعلا لمكتب الدكتور المسئول عن حالة زهرة د / ناجى ….
و الذى لحسن حظ صغيرته مناوب فى
المستشفى لهذه الليلة …. و قد أخبره
د/ ناجى بذلك أثناء مروره على حالاته صباحا و التى منهم زهرة بالطبع .
بينما يغرق الكوخ الذى يمكث فيه الأصلان فى الظلام التام فلم تشرق الشمس بعد إلا أن ضوء القمر الساطع كان يعطى بصيص من الإضاءة لا بأس به …. و فى الحقيقة لم يكن هناك الكثير لرؤيته سوى جسد الأصلان الراقد على الفراش الصغير الموجود بالكوخ …. و قد هرب هو الآخر وقتيا من واقعه من خلال النوم دون إرادته بعد أن أنهك جسده بالأعمال المختلفة فيسقط هذا الجسد الفانى صريعا للنوم فى الساعات الأولى من الصباح …. ظنا من صاحبه أن إنهاك نفسه بالعمل بعد أن يمكث أمام المشفى الذى تمكث فيه قطته نهارا سوف يمنحه الراحة ليلا و يقضى على تفكيره بقطته التى أضاعها من يده …. إلا أن ذلك لم يتحقق على عكس ظنونه …. بل بمجرد أن يغلق عينيه حتى تعاد عليه شجون النهار كاملة …. بالإضافة
لصورة قطته و هى نائمة…. أحاديثها له …. ضحكها على شىء ما كان يقوله أسامة أو بوسى …. أو إصرارها على إطعامه بيدها …. ثم الأسوء على الأطلاق لقاءاتهم معا ….
تنهداته و تنهداتها …. آنينها بأسمه ….
قبلاتهم الساخنة …. دموع إثارتها ….
تهدج أنفاسه ….. أصوات نشوته و رضاها …. الشعور بقطته بشكل حميمى للغاية …. لمسها لجسده بشكل يفقده نفسه …. و أخيرا خلاصها و خلاصه بعد أن يكون غمر نفسه فى لذتها و فقد جزء من جليده و وحشيته بها …. فتكون كل مرة بينهما كأول مرة و كم كثرت المرات التى يفقد بها نفسه فيها و يعود هو بعمره و هيبته كالطفل الصغير …. و هذه المرة ليست مختلفة بعد أن انتقل من مرحلة الوعى إلى مرحلة اللاوعى …. فها هو جالس أمام فراشها بالمشفى وحدهما يتأمل قطته الغائبة عن وعيها …. حتى أشفقت عليه أخيرا و فتحت هى الأخرى عينيها
– زهرة …. أنتى صحيتى ؟!!
– حاوطت حبيبته وجهه بكفيها ….
حبيبى وحشتنى أوى …. أصلان ….
أصلااان …. سبتنى ليه حبيبى ؟!
– بكى الأصلان فى اللاوعى من ذنبه
…. مش بأيدى …. مش بأيدى و الله .
– زهرة بحنية …. أصلان وحشتنى
أوى .
– أصلان ببكاء …. و أنتى و الله العظيم
…. سامحينى يا زهرة …. سامحينى .
– أصلان خدنى معاك .
– تعالى يا زهرة …. تعالى و ارحمينى
…. قربت أموت من بعدك عنى .
– زهرة بحنية …. تعالى أصلان ….
متسيبنيش .
– أصلان هدأ قليلا من بكائه …. و وجد
أن صورتها بدأت فى الإختفاء ….
فاستبدل دموعه بصراخ شديد
باسم قطته يريد منها العودة ….
زهرة ….. زهررررة …. زهرة ….
و مازال يصرخ حتى استيقظ من نومه
و عاد لوعيه و قد أيقن من أرهاق أحباله الصوتية و بحة صوته أن صراخه لم يشمل حلمه فقط .
بعد فترة زمنية قربت من الساعة عاد الحج حامد إلى غرفة إبنته زهرة برفقة طبيبها د/ ناجى المضطرب إلى حد ما
…. رافضا أى من العروض التى قدمها أبنيه للدخول مع الطبيب إلى غرفة زهرة و اكتفى بتجاهلهم فقط من أجل هدف معين .
و عندما دخل الطبيب غرفة زهرة وجد فى استقباله السيدة صفية المنصورى و
ملاكا استيقظ أخيرا ممدد على الفراش
و كلتاهما فى حالة بكاء …. من يرى الأم و ابنتها يظن أنهما حزينتان لسبب ما إلا أنه فى الحقيقة إحداهما تبكى على الأخرى …. هذا البكاء الذى لم يمنع الطبيب من ذكر الله و هو يفحص مريضته الصغيرة كذلك لم يمنعه من ملاحظة إمتلاكها لزرقاوين كبيرتين ساحرتين …. و قد طمأن الطبيب الأب و شقيقته على حالة إبنتهما بأنها فى حالة جيدة جسديا إلى حد ما ستتحسن مع الراحة التامة و التغذية السليمة لتعويض جسدها الذى أصابه الضعف …. نتيجة الامتناع عن الطعام و الاعتماد على المحاليل فى تغذيتها
…..كذلك حملها كان له دورا فى القضاء على الجزء المتبقى من صحتها …. بعد أن أوضح لهم الطبيب أن الأجنة الموجودة فى بطنها و التى بالمناسبة يبلغ عددها ثلاثة و ليس إثنان كانت حرفيا تتغذى على صحة الأم فى مقابل نقص الطعام …. كذلك لا بد من تقليل الحركة من أجل أطرافها الخاملة نوعا ما من أثر الغيبوبة و ثقل الحمل بالنسبة لوزن الأم الضعيف حتى تستعيد صحتها .
ألجمت الصدمة الحج حامد و شقيقته
…. ابنتهم الصغيرة ستنجب لهم ثلاثة أطفال صغار …. لذا أمتزجت عند
الأبوين مشاعر الخوف على طفلتهم الصغيرة التى تخطت من عدة أشهر الثمانية عشر عاما بمشاعر الفرحة لهذا الكم من النسخ الصغيرة التى ستشبه إبنته الصغرى عزيزة قلبه …. و تعبيرا عن ذلك أختلط عندهم الضحك بالبكاء
…. أما بالنسبة للقطة الصغيرة كانت مشاعر الفرحة فقط فهى تحمل ثلاثة نسخ صغيرة تدعو الله أن تكون شبيهة بأصلانها حتى تطفىء قليلا من شوقها له …. و لم تعبر عن صدمتها و فرحتها بالأمر سوى بكلمة واحدة
” أصلان ”
و لكنها ظلت حبيسة قلبها و عبرت عنها ببكائها …. فكانت قطته الصغيرة تناديه بقلبها مرارا حتى يأتى …و لم
تعلم أن نداء قلبها وصل للأصلان و أوقظه من نومه …. و لم يخرج زهرة من شرودها إلا سؤال والدها للطبيب
– الحج حامد بجدية :
طاب و العمل يا دكتور ؟!
– د/ ناجى بجدية :
عشان نطلعها من هنا من غير ما
نتعبها أو صحتها تتأثر لازم
تتحرك على كرسى لحد العربية
اللى هتاخدها …. المدام لسه
عضلاتها مسترخية أى مجهود
دلوقتى غلط عليها …. و أنتوا
معاها فى البيت تحاولوا تخلوها
تتحرك شوية شوية .
– تبادل الحج حامد النظرات مع الطبيب :
مش محتاج أشدد عليك يا
دكتور أن محدش ياخد خبر
بشفا الغالية …. الموضوع مش
ناجص تعجيد …. أنا استئمنتك
على السر ده …. محدش ياخد
خبر بالحكاية دى .
– د/ ناجى الذى أشفق على تلك الصغيرة التى زرعت خطأ فى أرض خصبة للثأر :
اطمن يا حج حامد أنا وعدتك
أنى مش هعرف حد أن المدام
صحيت …. بس إسمحلى بس
أخلى ممرضة معاكوا هنا عشان
الحاجة ” قاصدا صفية
المنصورى” بردوا مش هتعرف
تتصرف لوحدها .
– الحج حامد بعصبية :
و لا أى حد أنت هتطلع من هنا
كأن مفيش حاجة حصلت و
خلاص …. تانى يوم هتسمع أنها
مش موجودة …. و أنت طبعا
برة الموضوع .
– د/ناجى :
حاضر …. تمام يا حج … اللى
تشوفه .
– الحج حامد بشدة :
صفية …. ساعدى الغالية تغير
هدومها .
– صفية المنصورى بقلق :
حاضر يا حامد .
خرج الطبيب من غرفة زهرة يليه الحج حامد راسما على وجهه تعبيرات صارمة
بغرض إحباط عائلته الموجودة أمام الغرفة عن وجود أى أمل لإستفاقة زهرة من غيبوبتها …. و هو ما نجح فيه بجدارة من تعبيرات وجوههم .
– الحج صابر :
إيه ؟! …. الدكتور جال إيه يا
حامد ؟!
– الحج حامد بوجه جامد :
أدعولها …. هى بين إيدين ربنا .
– صابر حامد :
يعنى إيه يا حج ؟! …. مفيش أمل
إنها تفوج دلوقتى ؟!
– الحج حامد :
لأ .
– طه حامد :
طاب ما نشوف رأى الدكتور اللى
أنت جولت عليه ده …. يمكن
يجدر يعمل حاجة ؟!
– الحج حامد بجمود :
الدكتور هييجى لسه الأسبوع اللى
جاى …. و عشان كده أنا بجول
ملوش عازة جعدتكم هنا ….
الموضوع لسه مطول …. حتى
روحوا و استريحوا إنهاردة و بكرة
واحد ولا إتنين بس هما اللى ييجوا
…. كل واحد يشوف مصالحوا ….
مش معجول الكل هيجعد هنا و
و حالنا متعطل …. و حريمنا بس
فى بيوتنا لحالهم .
” و بعد أن وجد الجميع ينظر له
بتعحب غير مستجيبين لأمره ”
– الحج حامد بصرامة :
يلا يا صابر الله يرضا عليك …. خد
ولادك و أتوكل أنت …. يلا يا طه
أنت وصابر كمان …. استريحوا
شوية و أبجوا تعالوا العصر …. يلا
يا بنى .
– الحج صابر :
طاب مش هنخلى حد يجعد أدام
الباب و لا حاجة …. لحد من عيلة
جدرى ييجى ؟
– الحج حامد مستلهما أكبر قدر من الصبر للرد على أخيه على الرغم من صحة كلامه و لكنه يريد الخروج بابنته
دون علم أحد :
لأ …. ولاد جدرى محوطين
نفسيهم برجالة تسد عين الشمس
…. و أكيد محدش منهم يجدر
يهوب نواحينا …. و لو لا جدر
الله حد منيهم جه أنا هشيعلكم
طوالى .
– و على الرغم أن قلب الحج صابر لم يطاوعه لترك أخيه و أخته بمفردهما إلا أنه وافق حتى يتخلص من الجمع المحتشد خارج الغرفة معه لسبب ما لا يعلمه و لكنه متأكد أنه يوافق هوا أخيه
لذا قال بطاعة :
اللى تشوفه يا حامد …. هم يا
ولد منك ليه .
– الحج حامد بصرامة :
خد معاك طه يا صابر .
– نظر طه مصدوما لأبيه :
يا حج أنا مش همشى من هنا و
و أهمل أختى لحالها .
– الحج حامد بحدة :
أنا معاها و لا مش مالى عينك .
– طه بسرعة :
لأ يا حج العفو .
– الحج حامد :
يبجى أتوكل يا بنى .
– طه :
طاب وصابر .
– الحج حامد :
خليه معانا و لما تعاود هو يروح .
تنفس صابر الصعداء بعد أن وافق أبيه على تركه مع أخته لعله يلين قلبه قليلا و يوافق على رؤيته لزهرة …. و بعد أن غادر الجميع المشفى …. جلس الحج حامد على أحد المقاعد الفارغة أمام أبنه …. و قال بإقتضاب بعد مضى القليل من الوقت
– الحج حامد بغموض :
صابر ….. أنزل شوف فى لسه حد
تحت و لا لأ .
– صابر الذى ما زال لم يفهم أمر أبيه :
خير يا حج أنا عاوز حاجة ؟!
– الحج حامد :
أنزل أتأكد و بس أن مفيش حد
نعرفه تحت و جدام المستشفى .
أطاع صابر أمر أبيه بعد أن شعر بوجود خطب ما و بعد أن عاد مطمئنا له من عدم وجود أى من أفراد العائلتين فى
محيط المستشفى …. أمره أبيه بالدخول معه لغرفة أخته …. و سرعان ما أنهار صابر أرضا بجانب فراش أخته ما إن رآها مستيقظة …. و على الرغم من كبر سنه إلا أنه إنهال عليها بالعديد و العديد من القبلات فرحا بسلامة أخته …. تركه الحج حامد قليلا حتى يستوعب شفاء أخته …. ثم أمره بصرامة بحملها بعد أن لاحظ صابر إستعدادهم جميعا للرحيل …. أطاع أمر أبيه و حمل أخته الى السيارة التى أشار له الحج حامد عليها …. و انطلقوا جميعا إلى وجهتهم المجهولة …. و فى
الطريق إليها أفضى الحج حامد لأبنه الأكبر ما حدث لأخته و ترتيبه القادم لها و الذى وافقه صابر عليه بشدة بعد أن توعد للأصلان و عائلته …. و لكن الحج حامد فضل تأجيل الحديث عن التعامل مع عائلة الأصلان لرحلة عودته هو و صابر حتى يكونوا بمفردهم .
اليوم التالى للأحداث :
جاء أحد رجال الحج قدرى صباحا يرجو مقابلته على وجه السرعة …. و قد أخبره الرجل بإتصال الممرضة به توصل له خبر إختفاء إبنة حامد المنصورى من المشفى …. و هو ما لا توقعه الحج قدرى …. و إتجهت الأنظار ناحية السيدة نعمة التى صرخت :
يا مرى …. يا مرى …. خدوا
مرتك يا الأصلان …. خدوا
ولادك …. خدوا مرتك يا
الأصلان .
ظلت السيدة نعمة تندب بهذه الكلمات ما إن سمعت الخبر …. و قد كانت فى طريقها لغرفة المكتب حتى تقدم القهوة لضيف الحج قدرى …. و على أثر صراخها ألتف أفراد المنزل حولها بعد أن أمر الحج قدرى رجله بالمغادرة ….
– أسامة الذى جاء من الخارج راكضا :
إيه يمة …. فى إيه ؟!
– محمد الذى نزل من غرفته مسرعا هو الآخر :
خير يا خالتى …. إيه اللى
حصل ؟
– السيدة نعمة التى جلست أرضا بنحيب :
خدوا مرات الأصلان …. خدوا
ولاده …. خدوا مرات الأصلان .
ظلت تردد هذة الكلمات فقط و الحج قدرى جالسا على وراء مكتبه فى وجوم …. و قد وصلت بوسى و سوما
و أسماء و إسراء ملتفين حول السيدة نعمة …. التى ما إن هدأت حتى أوضحت لهم إختفاء زوجة أخيهم من المستشفى .
نزل الخبر صاعقا على أسامة و محمد
…. بينما لم يفهم الأغلب شىء ….
– أسامة :
لازم يا جدى نبلغ أصلان باللى
حصل .
– محمد :
أيوه عشان نلحق نتصرف .
– الحج قدرى بإقتضاب :
لأ …. هملونى الأول أروحلهم لحالى
أفهم …. و بعدين نشوف هنعمل
إيه ؟
– السيدة نعمة و لم تدرك حتى ساعتها ما يدور فى الأجواء :
خلينى يا عمى أروح معاكوا ….
أتكلم معاها يمكن ترضى تيجى
معايا .
– كما تدخلت سوما هى الأخرى :
أيوه و أنا كمان أروح معاها ….
و نخلى بوسى تيجى دى زهرة
بتحبها أوى .
-الحج قدرى و لم يتحرك من مكانه :
أنت لسة مفهمتيش يا نعمة ….
زهرة مش عند أبوها .
– السيدة نعمة باستغراب :
أمال فين ؟!
– الحج قدرى بشرود :
خفوها عننا …. عشان محدش
يوصلها .
– أسامة :
طاب و أصلان ؟
– الجد بشرود :
مش ده السؤال يا أسامة ….
السؤال الصح خفوها عننا ليه ؟ …
إشمعنا دلوجتى …. فهمت يا بنى .
– أسامة :
أكيد طبعا عشان يخدوا تارهم مننا
…. عشان كده بعدوا زهرة .
– محمد :
مين عارف زمانهم دلوقتى
بيفكروا يهجموا علينا طالما
خبوا مرات أخونا .
– أسماء :
يا لهوى ….. طاب و العمل ؟! ….
يعنى إحنا حد ممكن يترصد لنا
…. متخرجش بره يا محمد لحد ما
نحل المشكلة دى .
– الجد بشرود :
لأ …. مش ده قصدهم …. أنتوا
برده لسه مفهمتوش …. إشمعنا
الوقت ده بالذات ؟!!!
– ردت بوسى بعد صمت أمتد من يوم الحادث بغموض :
عشان زهرة صحيت من الغيبوبة .
– الحج قدرى متغاضيا عن شهقات الآخرين و بتواصل بصرى فقط مع بوسى :
جدعة يا بوسى …. فهمتى اللى
أنا بحاول أفهمهلهم من الصبح .
” ثم أكمل ببسمة إنتصار ”
زهرة صحيت من الغيبوبة و أكيد
طبعا حكت لأبوها على اللى سمعته
عشان كده أتحركوا و بعدوها عننا .
– أسامة بحيرة :
طاب ده على كده حلو و لا
وحش ؟!
– الحج قدرى :
الاتنين يا بنى …. حلو إنها فاجت
من غيبوبتها و أكيد حفيدتى برأت
الأصلان من إن هو اللى رماها من
السلم …. و وحش إنهم أكيد
عرفوا حكاية جواز الأصلان على
بنتهم …. و إنه مكنش نيته جد
فى الصلح اللى عملناه و إنه كان
بيخطط لفض الصلح …. و ده
معناه جلسة عرفية جديدة
هنتغلط فيها و يطبق علينا جزا
إن إحنا اللى بدينا بالخراب ….
و كمان كده إدينا عيلة المنصورى
الإذن إنها تاخد حقها منا لأن إحنا
بردوا اللى سبجنا بالشر على
بنتهم …. فهمت و لا لسه ؟!
صمت أهل المنزل جميعا بعد كلام الجد
فهم كما يقولون يخرجون من حفرة ليجدوا أنفسهم ساقطون بآخرى ….
و للحظ السىء الغير متوقع دخل عليهم الأصلان لأول مرة بعد الحادث
من أجل جلب أوراق تخص مصنعه إلا أن وجوه عائلته المكتئبة أستوقفته ….
و على الرغم من إمتناعه عن الحديث أو بالأحرى قلة كلامه إلا أنه سأل الجد عن سبب تجمعهم بهذا الشكل …. الأمر الذى لم يطل حتى إنفجرت والدته بالبكاء و قد قضت عليه ما حدث …..
إلا أنه و لتعجب الجميع لم يقم الأصلان بأى رد فعل على الرغم من ألمه المرتسم على وجهه و انطلق إلى مكتبه يجلب أوراقه …. الأمر الذى تعجب له الجميع و جعل الحج قدرى يذهب لغرفة المكتب للتحدث مع حفيده .
دخل الجد مكتب الأصلان الذى كان يصب إهتمامه على جمع أوراق عمله
الموضوعة على المكتب و التى لم يجد منها شىء نظرا لدموعه المحبوسة بعينيه …. و التى تمنعها هيبته من نزولها …. تقدم الجد تجاه حفيده و ناوله الملف الذى كان أمامه طوال وقت بحثه …. و قد هاله دموع حفيده التى يراها حبيسة عينيه …. تنهد الأصلان يحاول إبعاد الغصة المتجمعة فى حلقه و أخذ الملف من جده و شرع بالخروج و لكن أوقفته جملة جده :
مش هتقول حاجة على اللى
سمعته بره ؟!
– رد أصلان بقوة مزيفة بعد أن حاول جمع شتات نفسه أمام جده :
لأ …. كده أحسن ليها .3
– الحج قدرى بكدر :
هانت عليك زهرة يالأصلان
تسيبها تبعد ؟!
– أغمض أصلان عينيه فى تعبير دال على حسرته :
أيوه ….أنا غلطت فى حقها و دا
جزاتى …. أنا حاسبت نفسى على
غلطتى معاها …. و صدقنى يا
جدى مفيش عقاب ليا أكتر من
أنى أحرم نفسى منها .
و لم ينتظر لسماع رد جده و خرج من البيت بأكمله متجها لكوخه .
بعد مغادرة الأصلان دلفت بوسى إلى المكتب لجدها
– ابتسم الجد قليلا ما إن رآها قائلا لها بعتاب رقيق لائقا بحالتها النفسية السيئة التى لازمتها منذ الحادث :
إيه يا بوسى لساتك زعلانة من
أخوكى الأصلان ؟!
– إمتلأت عينى بوسى بالدموع ثم حركت رأسها للجهتين دلالة على النفى
تزامنا مع نطقها :
لأ .
” تبادلت هى و جدها بسمة خافتة ”
إحنا هنسيبهم كده يا جدى ؟
– ابتسم الجد بخبث لحفيدته :
أنت إيه رأيك ؟!
– ردت له بوسى البسمة باتساع :
أكيد لأ …. دول بيحبوا بعض
أوى يا جدى ….
” و عادت لعبوسها ”
أنت متعرفش كان منظرها إزاى
لما عرفت إنه متجوز واحدة
تانية …. نفسها راح و رجليها
ما شالتهاش …. و وقعت من على
السلم و مقدرتش ألحقها …..
” صمتت لوهلة ثم أكملت ”
أنا …. أنا زعلت أوى من أصلان لما
عمل كده مع زهرة .
– قاطعها جدها بتعجب :
أنت يا بوسى تزعلى من أخوكى
الأصلان عشان خاطر زهرة ؟!
– بوسى بحب :
أنت عارف يا جدى أنا بحب أصلان
أد إيه …. بس …. غصب عنى زعلت
منه لما لقيته بيأذى نفسه بيها ….
أنا مش عارفة دماغه كانت فين
و هو ناوى ينتقم بيها و فى نفس
الوقت روحه فيها …. و زعلت عليها
لما شفتها بتحبه أوى أكتر من روحها
…. أنا عارفة زهرة زمانها مموتة
نفسها من العياط عشان الأصلان
بعيد عنها …. و هو كمان أديه سايب
البيت من ساعة لما راحت
المستشفى و مش راضى يبات فى
جناحهم من بعد ما مشيت ….
حتى وزنه قل …. و وشه كبر ….
و دقنه طولت …. و تحسه فى دنيا
تانية و تايه و هى مكملتش
أسبوعين غايبة …. عاوز تفهمنى إنه
هيقدر يبعد عنها على طول و لا
هى كمان تقدر تعيش من
غيره ………………………………
” قاطع الجد كلام حفيدته الفطنة ”
– الحج قدرى :
جدعة يا بوسى …. أهو ده اللى
بفكر فيه .
– بوسى بحيرة :
إيه ده يا جدى ؟ …. قصدك إيه ؟
– الحج قدرى بمكر لجمع العاشقين :
فتحى مخك و ركزى عشان هعتمد
عليكى الفترة اللى جاية و
خصوصى لما تيجى زهرة .
– بوسى ببلاهة :
إيه ده هى زهرة هترجع تانى ؟!
– الحج قدرى بمكر :
أكيد …. و لا أنتى فكرانى مش
شايف حالة الأصلان اللى بقى
شارد من بعدها و لا حالتها هى
اللى راحت فى دنيا تانية لما عرفت
أنه متجوز غيرها …. أنا أرهنك
بسنين عمرى إنها مزعلتش من
إنه كان عاوز ينتقم منها على أد
ما زعلت إنه متجوز عليها …. اللى
يحصل فيهم كده لما يبعدوا عن
بعض مينفعش أصلا نبعدهم عن
بعض …. عشان كده تسمعينى و
تنفذى لما أقولك .
– بوسى التى رفعت يدها كجندى :
أوامرك ياجدى .
مرت الأيام على رحيل زهرة و عمتها من المستشفى إلى شاليه ملك أبيها على إحدى شواطئ مرسى مطروح …. لا يعلم أحد عنه …. فقد كان المكان المفضل لوالدتها الراحلة …. و لكن أبيها الحج حامد لم يطاوعه قلبه فى التخلص منه ….. و تركه مغلقا منذ وفاتها يمر عليه من وقت إلى آخر يستعيد فيه أنفاسه و يتواصل مع نصفه الآخر الذى سبقه بالرحيل …. كانت زهرة تقضى معظم وقتها جالسة فى شرفة الشاليه المطلة على البحر شاردة …. لم تعد تعى كثيرا لما حولها
حتى عمتها التى جاءت معها …. و كانت السيدة صفية تصر أول مجيئهم على التحدث مع زهرة فى أى موضوع حتى تخرجها من الحالة التى بها …. و لكن أيقنت بعد وقت أن زهرة لا تحتاج إليها للتعافى من جرح قلبها …. و قررت تركها بمفردها تلعق جروحها بنفسها حتى تقرر أخيرا الخروج من قوقعتها و لكن تحت عينيها .
قضت زهرة أيام كثيرة فى البكاء و تحديدا منذ وصولها إلى الشاليه ….
حيث تركت عمتها و أخوها صابر و والدها و إنفجرت ببكاء مرير بعد أن إنفردت بنفسها فى غرفتها …. بعد أن كانت تكبح نفسها أمامهم منذ إستيقاظها من غيبوبتها …. لم تتخيل فى أسوء كوابيسها أن يتمكن الأصلان من الزواج عليها …. و دخلت فى دوامة من الأفكار …. تبدأ ب
متى تعرف إلى غيرها ؟
أكان يشعر بالسأم منها ؟
ألم تكن ترضيه كأمرأة له ؟
ألم يكن يحبها من الأساس ؟
أكانت كل لحظاتهم معا عبارة عن إدعاء
من أجل الإيقاع بها ؟
و غيرها …. و غيرها …. من الكثير من الأفكار تخرج من إحداها تدخل فى الأخرى …. و لكن بعد فترة تحول البكاء المرير إلى صمت مطبق …. و قد ترسخ فى ذهنها فكرة أن الأصلان لم يكن يحبها بل فعل ذلك معها من أجل
جعل ثأره من عائلتها أكثر حلاوة و أشد ألما …. و إن الموضوع ليس هى بشخصها بل سيكون بنفس النمط لو كانت أى واحدة آخرى محلها … نفس طريقة الحب …. نفس طريقة الغرام
…. نفس طريقة الانتقام …. لذا لم تحمله أى ذنب لأذيتها فلم تكن المقصودة بنفسها على أية حال …. كما أن أطفالها كانوا عقبة ضد تنفيذ إنتقامه …. و لو كان بينهم أى تواصل سيكون من أجل أطفال لم يكونوا فى حسبانه …. و مع أنها رسخت تلك الفكرة بعقلها و قلبها إلا أنها تؤلمها بشدة …. ففى النهاية لم ينتقم الأصلان من عائلتها بل انتقم منها …. و لم يكسر
قلب أى أحد إلا قلبها هى بعد أن أحبته
كما لم تحب من قبل …. و لم تكن زهرة تعلم أنها أخطأت فى حسباتها فالأصلان لم ينتقم من أحد إلا من نفسه حينما أبعدها عنه و هو يتنفسها
…. كما حطم قلبه مع قلبها .
و استمرت الأيام أليمة ثقيلة على العاشقين …. تألمت فيها قلبيا و روحيا و جسديا …. حتى ظهر على كليهما المرض و الأرهاق ببعد كليهما عن الآخر
…. و إن كانت تلك الأيام التى مرت على الأصلان و زهرته منذ إفترقا أثبتت شيئا فهو إرتباط كل منهما بالآخر
…. بالنسبة لزهرة التى لم تعد زهرة على الرغم من إزدياد جمالها بعد الحمل كذلك إزدياد وزنها فقد بدأت فى شهرها السادس …. بعد أن زبلت عينيها
و قل كلامها و إعتزلت عن الآخرين ….
و هو ما آثار قلق الحج حامد و عمتها السيدة صفية …. فإبنتهما تقضى على نفسها ببطىء …. و حالتها زادت سوءا و لم تتحسن كما تمنى …. خاصة بعد رؤيتهم لأنهيارها ليلا و سماعهم لصراخها تنادى أصلانها دون وعى أثناء نومها …. و لولا توصية زهرة مرارا على عدم المساس بزوجها أو أحد من عائلته
لكان انتقم لإبنته منهم …. كما شعر بأنها كبلته أيضا عندما أوضحت له مسامحتها لعابد من صميم قلبها و محادثته طالبة منه أن يجمع شمله مع زوجته التى ليس لها ذنب بما حدث لزهرة .
كذلك أصلانها الذى أعتزل منزله و جناحه و قل كلامه و ظهر حزنه جليا للآخريين …. و الغريب فى الأمر عدم تحركه من أجل إعادة زوجته معاقبة لنفسه على خطأه معها فإن كان تخلى عن ثأره بعد أن أحبها أو أجله فكان حريا به أن يتذكر زواجه من أخرى و إنهائه حفاظا على حبهما …. و قد قرر أن يحيى باقى عمره على ذكرياته مع قطته الصغيرة …. التى عاقبته أشد العقاب بتركه خلفها لم يعد يستطع العيش دونها و لا قادرا على مغادرة عالم ليس هى به .
أما عائلة قدرى فقد تفاجأت صبيحة يوم ما بوجود عابد على باب المنزل يستأذن الحج قدرى لمغادرته مع إسراء و العودة للقاهرة من أجل إكمال مسيرة حياتهم …. و بعد حديث مطول بينه و بين الحج قدرى …. كان قد أوضح فيه
عدم معرفته بمكان شقيقته التى حرص أبوه على إخفاء أخبارها عنهم جميعا
…. و أنه لم يتواصل مع شقيقته سوى مرة واحدة حدثته فيها بصوت واهن ولم تجب على أى من تسألاته بل أوصته بنفسه و بإسراء و بالألتفات لحياتهم الزوجية بعيدا عن الخلافات العائلية …. و هو ما فعله و وافق عليه الجد ممتنا لتلك الفتاة التى تحتل مكانة عالية جدا بقلبه و لم تسمح لجرحهم لها أن يعود على إبنتهم بل قامت بحمايتها و عاقبتهم جميعا بمغادرتها دون عودة ….تاركة خلفها أصلان يحتضر .
كما لم يحتاج الأمر لفطنة لكى يدرك الجد عدم رغبة عائلة المنصورى بإيذاء أى من أفراد عائلة قدرى …. لأنهم لو أرادوا ذلك لكانوا فعلوه من بداية استيقاظ زهرة …. كما لم يحتاج الأمر لتأكيد لكى يعلم أن قطة صغيرة هى وراء ذلك .
فى صباح اليوم كان الحج حامد واقفا وسط أرضه الزراعية يتابع سير العمل بها …. و لكنه كثيرا ما يشرد فى حال إبنته الغالية زهرة …. التى تنتقل من سىء إلى أسوء …. و على الرغم من كرهه أن يعترف بذلك و لكنه يعلم أشد العلم أن حال إبنته يسوء يوما عن الآخر بسبب بعدها عن الأصلان …. ذلك الوحش الذى لا يعلم ما فعله ليجذب له ابنته الرقيقة الصغيرة …. فلا هو من عمرها مثلا …. فهما أشبه بأب و ابنته أكثر من زوج و زوجته …. و لا هو شديد الوسامة حتى تعشقه بهذا الشكل
…. فهو أقرب للوجه الشرقى الرجولى
…. كما به ندبة تلتهم جانب وجهه و منتصف جسده و على الرغم من ذلك تكاد إبنته لا تستطيع إلتقاط أنفاسها بعيدا عنه …. كان يظن أنه بإبعادها عنه
سينقذها من مخططه الثأرى و لكنه لم يدرك أنه بفعلته هذه يقتلها ببطىء ….
يدعو الله ليلا و نهارا حتى يلهمه الصواب أو ينقذ تلك الفتاة البريئة مما هى فيه …. و لا يعلم أن الله قد استجاب لدعائه إلا عندما رأى الحج قدرى يقترب منه …. و قد وقف إلى جانبه وسط أرضه الزراعية و كل منهم ينظر إلى جهة مختلفة بعد علمهم أن ما يجمعهما واحد و هو الجمع بين العاشقين الأصلان و زهرته .
– الحج قدرى بجدية :
لساك يا حامد مش عاوز تقول
مخبى الزهرة فين ؟
– الحج حامد بسخرية :
زهرة مين ؟!
– الحج قدرى مسايرا له لمصلحة العاشقين :
زهرة بنتك الغالية .
– الحج حامد بمكر :
و الله اللى أعرفه إن زهرة بنتى
فى بيتك .
– الحج قدرى :
و أنت أخدتها .
– الحج حامد :
أثبت إن أنا خدتها .
– ألتفت الحج قدرى لوالد زهرة يحادثه بجدية بعد أن مل من مراوغته :
ميبجاش مخك صغير يا حامد .
– الحج حامد :
أنا مخى صغر لما جيت عنديك
و لاجيت بنتى غرجانة فى دمها .
– الحج قدرى :
سوء تفاهم يا حامد …. الأصلان لا
يمكن يأذى زهرته .
– الحج حامد بألم و حدة :
جدر يا حج و كسر قلبها و جهرها
… و خان الأمانة و العهد اللى
بينا .
– تنهد الحج قدرى …. و يبدو أن أمامه
طريق طويل لإقناع هذا الرجل صعب المراس :
اسمع يا حامد …. راجل فى سنى
ده مش هيكدب على آخر أيامه
…. أصلان غلط مفيش كلام
و لكن ده كمان جبل ما يجوز
زهرة …. و اللى فات ملناش
صالح بيه …. هو أكنه مش
عايش فى دنيتنا و حاله حال ….
و من غير معرف أكيد هى كمان
عيانة من ساعة لما فاجت ….
البنت اللى أخترتها للأصلان و
حبيتها كنها حفيدتى و أكتر أكيد
مش زينة من بعد الأصلان و هو
كمان أكتر منها .
” و صمت قليلا ثم أكمل ”
يبجى العجل بيجول إيه ؟ ….
بيجول نلم اللى إحنا فرطناه ….
فهمت يا ولدى .
– الحج حامد الذى يعلم صحة كلام الحج قدرى و لكن يقف أمامه حزن إبنته و جرحها منهم … قال بعتاب :
أنت عاوزنى أرجع بنتى تانى ليه ؟!
” و أكمل مقاطعا الحج قدرى الذى
هم بالرد ”
زهرة مش عاوزة ترجع … مع إنها
بتحبه و حزينة و هى بعيد عنه ….
بس برده مش عايزة ترجع …. إبنك
كان عمال يشاور نفسه لما وجيه
ضيج عليه الخناج و طالبه بتنفيذ
وعده إنه يرمى بنتى …. لو كان
بيحبها بجد مكنش فكر حتى .
” و ضرب إصبعه بصدر الحج
قدرى و قال :”
و أنت عارف كده .
– أغلق الحج قدرى عينيه فى حركة دالة على صحة كلام غريمه و قال بصدق :
زهرة بتحب الأصلان لكن مرضتش
ترجع لما الأصلان فكر ياخد تاره
بيها …. و الأصلان كمان بيعشج
بنتك و مرضاش يجيبها من عندك
لما حس إنه غلط فى حجها ….
رضا يحرم نفسه منها و من عياله
جزا ليه على عمله …. و متنساش
يا حامد إن اللى راحت فى التار
مهياش هينة ….
” ثم أقترب من الحج حامد و ضرب
إصبعه بصدره مقلدا حركته …
و قال : ”
و أنت عارف كده .

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية زهرة الأصلان)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى