رواية وسولت لي نفسي الجزء الثاني الفصل الثلاثون 30 بقلم روان الحاكم
رواية وسولت لي نفسي الجزء الثاني البارت الثلاثون
رواية وسولت لي نفسي الجزء الثاني الجزء الثلاثون
رواية وسولت لي نفسي الجزء الثاني الحلقة الثلاثون
البارت الثلاثون 🌸
رغم صغر مساحة السجود إلا أنها أوسع من الدنيا و مافيها ورغم بعد المسافة بيننا و بين خالقنا إلا أنه أقرب إلينا من حبل الوريد.
وكُلّما حَمدتُ ربّي ، وَجدتُ منه ما يُرضينِي .
______________________________
كان أحمد يقف شاردًا أمام نافذة غرفته ينظر إلى السماءِ وملامحه تكسوها الحزن والإرهاق الشديد لقلة نومه.، فمنذ أن أخبرته سهير بقرارها النهائي في الإنفصال وهو على هذه الحالة ما يقارب من أسبوع.
كيف يتقبل الآن حقيقة الأمر وأنها لم تعد موجودة في حياته وهذا بسبب غبائه وتسرعه!؟ هو يحبها وبشدة حتى أنه يقسم أن ما حدث كان خارجًا عن إرادته.، بل ما نتج عن أفعاله كان نتيجةً صدمته!.
صورتها الملائكية التي رآها بها أول مرة يوم زفاف صديقه لا تزول من عقله، مازال صدى صوتها يتردد داخل أذنه.، يشعر بطيفها حوله في كل مكان.. يفقدتها ويتفقد كل شيء بها.، فبعدما كان يصبر نفسه بأنها مازالت خطبة وسوف يعقد عليها قريبا قد خسرها للابد.
سمع صوت طرق على الباب فلم يجب وهو يعلم هوية الطارق حتى وجدها تدخل إليه بالفعل وهي تقترب منه وهي تقول معاتبة:
“كمان مش عايز ترد عليا؟”
تنهد أحمد بضيق واضح فلا طاقة له بالحديث مع أحد لذا هتف بضجر وهو يقول:
“سيبيني يا أسماء لوحدي شوية لو سمحتِ”
لم تتحرك من مكانها كما أمرها بل أقتربت منه وهي تقول بثبات:
“لأ يا أحمد مش هسيبك لوحدك كفاية اوي لحد كدا انت مش شايف شكلك بقى عامل ازاى؟”
إستدار أحمد صوبها يزفر بملل وهو يمسح على لحيته ثم هتف قائلاً:
“عايزاني اعمل اى يعني يا اسماء بعد ما خسرت البنت الوحيدة اللي حبيتها بعد ما كنت رايح علشان أحدد معاها ميعاد كتب الكتاب؟ خسرت البنت الوحيدة اللي فيها كل المواصفات اللي كان نفسي تكون فيها”
أقتربت منه أسماء حتى وقفت أمامه مباشرًا وهي تقول:
“مش يمكن انت مش بتحبها من الأساس وواهم نفسك بدا؟”
نظر لها أحمد بدهشة فهذا ليس صحيحًا بل هو يحبها وبشدة وإلا لمَ كان وصل إلى تلك الحالة منذ انفصالهما.، بينما تابعت أسماء حديثه وهي تقول:
“مستغرب ليه؟ انت فعلا ملحقتش تحبها يا أحمد انت حبيت الصورة اللي راسمهالها في عقلك.، حبيت الهيئة الخارجية ليها علشان لقيت فيها كل المواصفات اللي كان نفسك فيها.. اول مرة تتعامل مع بنت واديتها كل مشاعرك ونسيت إن دي مجرد خطوبة وممكن في اي وقت تسيبوا بعض..، نسيت إن ممكن مطلعش ملتزمة من جوة زي هيئتها من برة..”
لم تكن تقصد بجملتها الأخيرة سهير بالتحديد بل هي لا تعلم ما حدث سوى أن سهير أخبرت أخيها عن شيء في ماضيها وقص عليها أحمد ما حدث بعدها ورد فعله.، فهو لم يشأ أن يفضحها أمام أخته.
“انت انجرفت ورا مشاعرك يا أحمد.، فضلت محافظ على قلبك ومشاعرك طول السنين دي وللاسف سبت نفسك في الوقت الغلط واتخطيت الحدود اللي ربنا أمرك بيها ونسيت إن الخطبة ماهي إلا وعد بالزواج.، شوفتها بصورة ملاك لدرجة عقلك مستوعبش إنها ممكن تغلط أو إنها غلطت قبل كدا ونسيت إن كلنا بشر وكلنا بنغلط ونسيت برضو إن ربنا غفور رحيم”
“والله العظيم انا مش فارق معايا ماضيها او اللي حصل قبل ما انا ادخل حياتها علشان انا مليش علاقة بيها.، انا بس كنت مصدوم.، مكنتش مصدق إن دا يطلع منها هي بالتحديد.، يمكن لو كانت قالتلي في الاول مكنتش رد فعلي هتكون بالشكل دا..، انا كنت مصدوم علشان كنت حبيتها.، لو هي بس تديني فرصة أثبتلها إني مكنتش أقصد وإن اللي حصل دا مش فارق معايا وربنا هو اللي هيحاسبها مش انا”
نظرت له أسماء بأسى فقد كان يتحدث بحزن شديد ويشعر بألم كبير داخل صدره حتى أكمل حديثه وهو يقول بغصة:
“انا مقتنع إنها مكنتش نصيبي ولا انا نصيبها.، بس طالما احنا الاتنين مش نصيب بعض كان ليه أشوفها من الاول واحبها؟ انا عارف إني غلطت واتجاوزت حدودي بس انا توبت لربنا وكنت رايح أكتب الكتاب علشان مغضبش ربنا مني واحافظ عليها”
“انت غلطت وتوبت لربنا وإن شاء الله غفر لك.، بس حتى لو مكنتش تجاوزت حدودك معاها كنت برضو هتسيبها لأنها مش نصيبك.، اللي حصل دا كان إختبار ليك يا أحمد والاختبار مبيجيش غير في الحاجات اللي بنضعف قدامها.، انت طول عمرك مبتحبش تتعامل مع البنات وبتتجنب وبتتحكم في مشاعرك ومحافظ عليها للبنت اللي هتكون حلالك.، وللاسف لما خطبت خرجت كل المشاعر اللي كنت شايلاها في قلبك للشخص الغلط.، لإن طول ما هي مبقتش مراتك فهي هتفضل الشخص الغلط”
مسح أحمد على وجهه وهو يخرج زفيرًا يحمل بين طياته الكثير من الهموم حتى رفعت أسماء يدها موضعة إياها فوق يده وهي تقول:
“متسبش الشيطان يضحك عليك يا أحمد انت اقوى من كدا.، فوق لنفسك وشوف حياتك واتعلم من اللي حصل معاك وهي مش اول ولا آخر واحدة في الدنيا ولو عايز رايي مكنش هينفع تكملوا مع بعض تاني لإن الثقة اللي بينكم اتهدمت وطالما اتهدمت مش هترجع تاني ف مكنتوش هتعرفوا تكملوا مع بعض.، وحتى بعيدًا عن الثقة مش معنى إن انت كويس وملتزم وهي كمان كويسة وملتزمة تبقوا كويسين مع بعض لأ.، كان وارد جدًا متتفقوش مع بعض ومتقدروش تكملوا ف خليك عارف إن اللي حصل دا خير”
أومأ لها أحمد بشرود حتى رن هاتفه وما إن رأى المتصل حتى تهجم وجهه أكثر ولم يجيل فنظرت له أسماء بتعجب وهي تقول:
“مين اللي بيرن عليك وخلى وشك يتغير كدا”
أبتسم أحمد بسخرية وهو يقول بإستهزاء:
“دا أمير صاحبي بيكلمني علشان اروح أخطب في المسجد النهاردة”
“طب واي فيها ما انت بتخطب بالناس على طول!”
أردفت أسماء في هدوء فنظر إليها أحمد ساخرًا، كيف يخطب بالناس وهو اول الآثمين!؟ بل هو من يريد النصح.، لم يعد الشاب التقي العفيف بل أصبح ملىء بالذنوب والندوب.
أبصرت أسماء ملامحه والحيرة التي تعلو وجهه فعلمت فيما يفكر لذا أبتسمت له وهي تقول:
“مش معنى إنك غلطت مرة يا أحمد يبقى انت وحش، وهو مين فينا اللي مبيغلطش؟ انت كمان أعترفت بغلطك وكنت بتحاول تصلحه وأستغفرت ربنا وبعدين محدش معصوم من الغلط وانت ماشاء الله عليك الناس كلها بتحبك وبيتأثروا بكلامك وربنا جعلك سبب في هداية ناس كتير ف متسبش الشيطان يوهمك باي حاجة علشان يبعدك عن طريق الدعوة في سبيل الله.، انا طول عمري بقول مش عايزة حاجة من الدنيا غير إن ربنا يرزقني بواحد زيك ومازالت عند رأيي.، مش غلطة هي اللي هتيغيرك يا أحمد”
أخذ أحمد نفسًا عميقًا وهو يزفر براحة وقد هدأ كثيرًا بعدما سمع حديث أخته وأعادت له بعض من الثقة داخله مجددًا.
نظر لها ببسمة باهتة وهو يقول بإمتنان:
“شكرًا يا أسماء.. شكرًا إنك مسبتنيش لدماغي وشيطاني”
بادلته البسمة بأخرى مشرقة أنه أستجاب لحديثها وعادت له همته من جديد فردت عليه وهي تهتف بصدق:
“كل الكلام اللي انا قولتله انت عارفه كويس يا أحمد، كل الفكرة إني بفكرك بيه لإن حتى الملتزم بيكون محتاج للنصيحة اللي بينصح الناس بيها علشان كدا ربنا قال { وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ }”
نظر أحمد لأخته بفخر ورضى.. وهذا سبب كفيل لأن يخرجه من حالة الحزن تلك.، ففي الوقت الذي تتسارع فيه الفتيات من اجل الموضة والجرى ورا ملذات الحياة كانت شقيقته غياتها رضى الله فقط لذا أخذ يحمد الله على تلك النعمة وهو يدعو لها بالثبات ثم وقف من مكانه حتى يذهب إلى الخطبة حيث ينتظره من في المسجد.
🌸أستغفر الله العظيم وأتوب إليه🌸
أستيقظ عمر من نومه بحماس شديد وهو لا يصدق نفسه..غدًا سوف يكون عقد قرآنه على ياسمينته وكلما تذكر هذا كلما تسارعت دقات قلبه.. يالله سوف يحظى بها وسوف تكون حلاله.. سوف يرى وجهها كما يحلو له وسوف يحادثها كما يشاء ويتغزل بها.. سوف يجلس معها يتسامر على راحته دون أن يزعجه أحد ولا يتطفل عليه أحد.
يتسآل لو أن ياسمين كانت تتساهل معه كما يفعلن باقى الفتيات إلا من رحم ربي.، هل سيكون بهذه السعادة أيضًا حتى أنه يشعر كما لو فعل إنجازًا أو شيئًا خارقًا لأنه سوف يحظي بيها!.
كان زين محق فيما يفعله معه فكلما إذداد تحكم زين عليها كلما صعب الوصول إليها حتى أنه أصر في نفسه عندما يرزقه الله بفتاة سوف يحافظ عليها جيدًا ولن يفرط فيها بتاتًا ولن يزوجها إلا لمن سيعاني حتى يصل إليها كما فعل هو..
فاق من شروده على صوت حركة حولة فرفع بصره كي يرى مصدر الصوت حتى فتح فاه ببلاهة وكان المشهد كالاتي..
سكر تسير على الأرض وهي تحرك ذيلها بدلال وتدور حول نفسها برقة شديدة لا تتناسب مع كونها قطة!.
وفي الأعلى وعلى الحائط بالتحديد كان فتحي يتحرك يمينًا ويسارًا بطريقة عشوائية حيث ثبته عمر على الحائط عقابًا له فقد حاول معه كثيرًا وكلما أنزله لها كلما قام بضربها بطريقة وحشية أعنف من سابقها حتى كرر أن يربيه بطريقته.
عاد بنظره نحو سُكر المدللة وهي تتمايل بدلال تحاول إغاظة فتحي وكأنها تنتقم بطريقتها على ما فعله معها ومازال عمر لا يصدق ما يراه أمامه.. صدق من قال أن كيدهن عظيم.
“اى يا بت الدلع دا!؟ دا انتِ أغرتيني انا شخصيًا مابالك هو”
قالها عمر بغيظ وهو ينظر إلى ما تفعله من إغراءت ثم رفع بصره نحو فتحي مرة أخرى وهو يقول بشماتة:
“بس تصدق انت يستاهل فعلاً خليك متعلق فوق كدا لحد ما تتربى يا همجي”
أنهى جملته ثم أقترب من سكر كي يحملها والتي ما إن رأته يقترب منها حتى فرت من أمامه هاربة ولكنه كان أسرع منها فالتقطها بين يديه ثم ثبتها جيدًا حتى لا تهرب منه ثم دقق في ملامحها وهو يتنهد براحة فقد زالت آثار الضرب عن وجهها حتى لا تراها ياسمين فقد كان يخترع الحجج في عدم إعادتها حتى تُشفى أولاً ولكن حان الوقت لإعادتها حيث صديقتها مجددًا.
وضعها داخل البوكس الخاص بها بعدما أطعمها ثم أغلقه جيدًا حتى يضمن سلامتها ثم توجه نحو فتحي بخطى شامته حتى أنزله والذي ما إن لامست قدمه الأرض حتى ركض نحو سُكر يحاول فتح البوكس الخاص بها بطريقة هجومية.
قهقه عمر بشدة ثم انحنى يجذبه كي يبعده عنها بعدما رأى الخوف في عينيها وهي تنكمش على ذاتها.
“مفيش فايدة فيك هتفضل حلوف برضو”
تركه عمر ثم ذهب يرتدى ثيابه بحماسِ شديدِ والعالم لا يسع أجنحته من السعادة..
🌸سبحان الله.. الحمد لله… الله أكبر🌸
كانت تقف في المطبخ تحضر الطعام بإنهاك شديد وهي غير قادرة على المواصلة وقد بدأت أعراض الحمل تظهر عليها وتشعر بالتعب.
كانت تحاول جاهدة أن تنجز في إحضار الطعام قبل أن يأتي زوجها الذي ذهب لإحضار عايدة من المشفى بعدما تعافت وبعدما أخبر الجميع بأنها تعرضت لحادث ذهبت على أثره إلى المشفى.
شردت به وهي تسأل نفسها عن سبب تغيره منذ عدة أيام وهي تتذكر آخر شجار بينهما.. لم يكن شجارًا بالمعنى الصحيح ولكنه تغير بعدها.
توقفت عما تفعل وهي تتذكر عندما أخبرته عن إنفصال سهير بأحمد وأن سهير هي نفسها من فعلت بها هذا..، لم يكن غضب زين لأنها أخفت عليه الأمر بل كان غضبه بسبب العلة التي دفعتها لذلك.
قضب زين حاجبيه وهو يقول بتعجب:
“سهير!! مش هي دي نفسها سهير اللي كانت…”
بتر زين جملته ولم يشأ أن يكملها فما حدث كان ماضي ولا يحق له أن يذكر سيرتها بشيء سيء ولكنه إندهش من الأمر وبالتحديد لتغير سهير إلى هذا الحد بل وما ذاد صدمته هو تعمد روان إخفاء الأمر عليه.، هزت روان رأسها بتوتر فسألها زين بهدوء وهو يقول رغم معرفته للاجابة:
“طب وليه خبيتي عليا طالما هي ربنا هداها وتابت؟”
أبتلعت روان ريقها ثم أطرقت رأسها دون أن تجيب حتى كرر عليها زين سؤاله مجددًا فنظرت له بتوتر جلي وهي تقول:
“علشان خوفت متوافقش عليها لصاحبك بسبب اللي عملته زمان.. بس والله يا زين هي اتغيرت ومبقتش زي الأول”
أغمض زين عيناه وهو يحاول أخذ أنفاسه.. هل روان مازالت لاتعلم شخصية زوجها؟ هل تظنه سوف يحاسبها على ما فعلت من ذنوب في الماضي!.
“انتِ شايفاني بالسوء دا يا روان؟ فكرك إني ممكن أعمل كدا علشان ماضي حد انتهى وتاب منه؟ مين انا علشان أحاسبها اصلاً!”
عضت على شفتها بندم وهى ترى ملامحه الغاضبة والسبب أنها ظنت به ظن سيء وليس لإخفائها الأمر بالتحديد.، بينما أكمل زين وهو يقول:
“انا لما اتقدمتلك بصيت لماضيك او حياتك قبل ما أدخلها؟ ولا ركزت على روان الجديدة اللي اتغيرت قدامي!”
نظرت له روان بصدمة حتى هتفت بعدم تصديق وهي تقول:
“انت بتعايرني يا زين؟”
طالعها زين بجهل وعدم إستيعاب لم وصل إليه عقلها..، هو لم يقصد بالطبع بل هو فقط يوضح لها أن ماضي من أمامه لا يهمه بقدر ما إنه يهتم بما وصل إليه.
“متقلبيش الطربيرة عليا يا روان وانتِ عارفة كويس اوي إن دا مش قصدي”
وقفت أمامه وقد أشتعل الغضب بها من حديثه وتبدلت الأدوار حتى أردفت وهي تقول بعصيبة:
“لأ قصدك يا زين.. انت كنت شايفني وحشة للدرجة اوي كدا؟”
زفر زين وهو يمسح على وجهه بضجر.، هو الذي من حقه يغضب الآن ولكنها تستغل الفرص جيدًا حتى أنها لا تعطيه الفرصة للغضب.
لم يجيبها بل حمل مفاتيحه ثم رحل قبل أن يشتد العراك بينهما وتسوء الأمور ثم القى عليها نظرة أخيرة قبل أن يرحل وهو يقول:
“انا خارج لو احتاجتي حاجة ابقى كلميني”
تركها ثم رحل وهو يشعر بالضيق منها.، الا يكفيها أنه يعاني أيضًا ويشعر بالضغط! وبعدما عاد تحدث معها بطريقة جافة غير طريقته الحنونة المعتادة ثم بعدها لم تعد تراه كثيرًا بل كان منشغلاً عنها في شيء يخفيه ولا تعلم ما هيته بعد.
عادت تكمل ما تصنعه حتى تستطيع الإنتهاء قبل أن يأتي وتستعد لعقد قرآن أخيها غدًا والذي على ذكره توسعت بسمتها بشدة وهي تشعر بسعادة بالغة.
🌸أستغفر الله العظيم وأتوب إليه🌸
كانت عايدة تجلس بملل تنتظر زين كي يأخذها من هذا المكان الذي كرهته أكثر من اي شيء آخر.، بل وما ذادها هو زيارة المقدم معاذ لها بعدما علم بأنها هنا وقامت الشرطة بالتحقيق معها ولكنها لم تتحدث بشيء بل كل ما قالته أنها لم ترى شكله بسبب ما كان يضعه على عيناها حتى أنها لا تعلم المكان وما ساعدها أيضًا هو تعاون ذلك الشاب الذي ساعدها والذي لا تتذكر اسمه حتى بالأساس وأنه ضلل المكان الذي وجدها به كما أمرته.
لا أحد يعلم ما يدور في عقلها ولكنها طوال تلك الفترة لم يتوقف عقلها عن التفكير فهي كانت تريح جسدها فقط ليس إلا.، اما عقلها فكان يعمل على أكمل وجه وتنتظر فقط خروجها من هنا.
سمعت طرق على الباب ثم دخل هو بعدها بهيبته الطاغية وعطره الذي أنتشر في الغرفة أو إن صح القول في المشفى بأكملها ومازال محافظًا على بسمته.
دخل وترك خلفه الباب مفتوحًا حتى أنتبهت عايدة لهمهمت الممرضات وهن يتهامسن ويبتسمن له بينما هو لا يعيراهن اي انتباة فعادت عايدة تنظر له كي تقيم اذا كان يستحق تلك المبالغة ام لا وللحق كانت يستحق.
“جيت أطمن عليكِ وأشوفك لآخرة مرة قبل ما تمشي”
تنهدت عايدة دون أن تجيبه كعادتها حتى أنه شعر بأنه يسرق الكلمات منها كي تحادثه ولربما غموضها هذا يجذبه إليها أكثر.
“وشك خف اهو الحمد لله وبقيتي أحسن”
هزت رأسها تؤكد حديثه وهي تنظر لنفسها في المرآة التي تتوسط الحائط وقد كانت بالفعل بحالة أفضل كثيرًا عن سابقها.
“ملامحك الجميلة ظهرت بعد ما خفيتي.، كنتِ جميلة وبقيتي أجمل”
أردف حازم بطريقة لطيفة للغاية جعلت عايدة ترفع رأسها تنظر له بتعجب..، او كان التعجب الأكبر منها هي.، فلأول مرة منذ زمن يعجبها مدح أحدهم بها وهي التي عاشت دون أن تهتم لأحد.. تعلم أنها جميلة وملامحها مميزة كما كانت تخبرها والدتها.. ولكن ما فائدة هذا الجمال وإن كانت مشوهة من الداخل!.
رفعت عايدة رأسها ببطء تنظر إلى عيناه حتى تاهت به تشعر أن تلك العيون ليست بغريبة عنها ولأول مرة منذ أن رأته تدقق النظر به جيدًا… ملامحه جميلة وهادئة عكس عيناه المليئة بالغموض والتي لا تتناسب معه ملامحه البته.
“انا آسف لو كنت بطفل عليكي أو زيارتي تقيلة بس من يوم ما انقذتك وانا حاسس بالمسؤلية ناحيتك وبما إنك خفيتي مش هتشوفي وشي تاني”
لم تبدي عايدة اي ردة فعل بينما هو شعر بشيء غريب داخله.. هل كان ينتظرها أن تخبره أنها سوف تشتاق له وتريد رؤيته مرة أخرى! ما أحلام اليقظة تلك!.
“شكرًا ليك يا حازم على اللي عملته معايا وبعتذر ليك عن طريقتي السخيفة معاك.، عمومًا انا مش بنسى برد الجميل”
أردفت عايدة بهدوء وهي تقوم من مكانها كي تستعد للرحيل بينما هو نظر إليها لبرهه من الوقت حتى هتف بنبرة غريبة عليها تسمعها لأول مرة وهو يقول ببسمة:
“يبقى كدا عليكي ديون كتير تسدديها”
نظرت له عايدة بجهل دون أن تفهم مقصده من الحديث اي ديون تلك التي يتحدث عنها؟ لم تهتم بل أكملت ما تفعله حتى إستئذن هو منها كي يرحل ولم ينس أن يلقى عليها نظرة أخيرة مطولاً قبل أن يرحل.
أتى زين كي يأخذها وهو يحمد الله على سلامتها ثم سار معها للخارج كي يعيدها إلى المنزل وهو يكرر عليها أنه لم يتركها مرة أخرى كي تتصرف من عقلها بل وأنها لم يدعها تكمل عملها بهذا الشكل مجددًا وهي كعادتها لم تجيب تركته يهذي مع نفسه وبالنهاية سوف تفعل ما تراه هي الأنسب لها.
عاد زين إلى المنزل وقد كان الجميع بإستقبالها منهم من يستقبلها بسعادة لأجل عودتها غانمة والبعض الآخر يطالعها بشماتة لم وصل إليه حالها.
صعد زين لأعلى حيث زوجته عندما لم يجدها موجودة بين الحاضرين وقد إستئذن منهم ثم دخل شقته وهو يغلق الباب خلفه بهدوء ثم ظل يناديها ولكنه لم يجدها فعلم أنها بغرفة نومهما.
دخل زين حتى وجدها ممددة جسدها على الفراش ويبدو عليها الإعياء فأقترب منها مهرولاً وهو يقول بخضة:
“مالك يا حبيبي حصل اى؟”
هل قال “حبيبي”! تلك الكلمة الحنونة التي أشتاقت لها بشدة ورغمًا عنها أغرورقت الدموع الدموع بعيناها بسبب إهماله له طوال الفترة الماضية.
“كنت بحضر الأكل وحسيت بالتعب شوية”
نظر لها معاتبًا وهو يقول بلوم:
“طب مستنتيش ليه لما انا اجي وكنت هعمل انا!؟”
“وهو انا بقت أشوفك اصلاً يا زين!؟”
قالتها بحزن كبير بينما هو يقترب يقبل جبينها وهو يقول معتذرًا:
“حقك عليا انا آسف كنت بس مضغوط اليومين دول في كذا حاجة غصب عني”
توقف عن الحديث ثم لاحت على شفتيه بسمة واسعة لم يستطع إخفائها حتى همس وهو يقول:
“بكرة بعد كتب كتاب عمر وياسمين محضرلك مفجأة هتعجبك اوي”
تهللت أساور وجهها حتى شعرت بأن تعبها قد زال عنها فجأة فنهضت من مكانها وهي تقول بحماس:
“بجد يا زين مفجأة اييه؟”
ضحك زين بخفة على حماسها شديد حتى دنى منها يمسكها من خدها قائلاً:
“منا لما أقولك عليها هتبقى مفاجأة ازاي؟”
لوت شفتيها بتذمر وهي لا تطيق صبرًا حتى تعلم ماهية تلك المفآجأة التي حضرها لها بينما هو ضحك مجددًا على ملامحها الحانقة وهو يعلم بأن الفضول يأكلها الآن.
“هروح أجيب الأكل واجي علشان جعان ومرضتش اكل تحت من غيرك”
ذهبت زين كي يأتي بالطعام بينما هي أبتسمت براحة شديدة لأنها عاد بطبيعته معها مجددًا.، ستظل عند قولها بأن زين أفضل شيء حصلت عليه في حياتها على الإطلاق.
وفي الإسفل وبعدما ظل الجميع حول عايدة يطمئنوا عليها تركتهم حتى ترتاح قليلاً فهي لا تريد أن تتحدث مع احد الآن وكلما تحدث إليها أحد كلما ردت بكلماتِ مقتضبة فقط.
كانت تسير ذهابًا وإيابًا وهي لا تستطيع الإنتظار وتود تجربة ما يتبادر في ذهنها منذ مدة فنظرت في ساعتها حتى رأت بأن الوقت مبكرًا لذا خرجت من غرفتها بتسلل متوجة نحو غرفة ياسمين لعلمها بأنها تجلس رفقة عمر الآن في الخارج يستعدان لعقدهما غدًا والذي ما إن علمت حتى أبتسمت داخلها وهي تدعو الله لهما.
دخلت الغرفة بهدوء وخفة حتى لا يشعر بها أحد ثم أخذت تبحث عما تريد ولكنها لم تجده ففتحت خزانة ياسمين الخاصة وهي تلقى نظرة على ثيابها حتى وجدت ما تبحث عنه أخيرًا.
وبإيدِ مرتعشة جذبت هذا الشيء الذي تبحث عنه ثم أخرجته وهي تذهب نحو المرآة ثم قامت بوضعه على رأسها.
نظرت عايدة لنفسها في المرآة والحجاب يزين وجهها… وبداخلها اسى شديد فكيف تكون فتاة مسلمة ولا يوجد حتى حجاب واحد بغرفتها؟ بل تتسلل كالنصوص حتى تحصل على واحد ولا تريد أن يراها أحد!.
كانت تشعر بمشاعر عديدة داخلها… هي أصبحت بعيدة تمامًا عن طريق الهداية حتى أنها أضحت لا تفكر سوى في دنياها فقط.
نزعت الحجاب عن رأسها مجددًا فهي غير جديرة لإرتدائه الآن بل يجب عليها تطهير حياتها ونفسها أولاً وهذا لن يحدث إلا عندما تغلق تلك الدائرة التي دخلت بها رغمًا عنها إلى الأبد.
وغدًا سوف تحصل على إجابات لكل ما تريد وقد اتى عقد قرآن ياسمين في صالحها فهذا سوف يساعدها على التسلل دون أن يشعر بها أحد كي تنهي ما تريد.
سوف تغلق تلك الدائرة وتفتح صفحة جديدة تكون هي بطلتها وبعيدة عن العبث الذي تعيشه الآن..
🌸اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد🌸
مر اليوم سريعًا على الجميع عدا هذا الذي لم ينم طوال الليل وقد هجر النوم أجفانه وكيف ينم واليوم سوف تصبح ياسمنته حلاله!.
أرتدى بذلته الأنيقة ثم أفرغ عطره بكثرة وهو يدندن بسعادة شديدة وما إن أنتهى من تحضير نفسه حتى ذهب إلى قطه فتحي الذي كان يقف يطالعه وكأنه سعيد لسعادته.
دنى منه عمر ثم قام بوضع تلك الببيونة له والتي جلبها له مخصوص كي يكون عريسًا معه كما وعده.
حمله عمر بعدما انتهى ثم سار يضعه في سيارته قبل أن تراه والدته وقد سبق هو وخلفه والده والدته نحو منزل عروسه ..
وعلى أثرها كانت ياسمين في غاية الرقة والإناقة ترتدي فستان باللون الأبيض وفوقه خمارًا ونقابًا من نفس اللون وأعلى رأسها تاج من الورود البيضاء التي جعلتها تبدو كملكة متوجهة.
حركت بصرها نحو قطتها سُكر والتي كانت ترتدي فستانًا أبيضاً أيضًا من نفس لون فستان ياسمين ثم حملتها وهي تقبلها برقة وسعادة شديدة.
“يلا يا ياسمين عمر جه والمأذون مستنى برة”
تعالت دقات قلبها بشدة حتى شعرت بأن الأرض تدور من حولها وبصعوبة شديدة خرجت رفقة روان ومعها قطتها المدللة وما إن خرجت حتى وجدت جميع أصدقائها وعائلتها حتى توسعت بسمتها أكثر عندما رأت حور وتجاورها سهير.
وأمامها يقف عمر يطالعها بسعادة كبيرة وهو يحمل قطه كما تفعل هي وتحمل قطتها فأقترب منها حتي أصبح أمامها مباشرًا ثم هتف بأسعد نبرة على الإطلاق:
“كلها كام دقيقة وهتكوني مراتي يا ياسمين”
🌸سبحان الله وبحمده.. سبحان الله العظيم🌸
خرجت عايدة دون أن يراها أحد ثم تسللت نحو الخارج حيث الجهة التي تريد أن تذهب إليها حتى تعلم الحقيقة كاملة.
وصلت أمام تلك الغابة التي حُفرت جيدًا في عقلها ثم أخرجت نصل السكين من حقيبتها ثم قامت بجرح يدها حتى نزفت منها الكثير من الدماء بغزارة ولكنها لا تهتم للالم التي تشعر به.
أنتظرت الكثير من الوقت حتى رأته يركض نحوها بقوة والتي ما إن وصل عندها حتى انقض عليها بقوة جعلتها تسقطت أرضًا.
قهقهت عايدة بسعادة لأنها تذكرها وكانت تعلم بالفعل أنه لن ينساها.. فكما قالت سابقًا أن الحيوانات أكثر وفاءًا من البشر وبالأخص إن كانوا ذئابًا.
أبعدته عنها عايدة ثم سارت معه نحو الداخل والظلام يحيط بها من كل جانب وهي تسير بكل شموخ دون أن تشعر بذرة خوف واحدة حتى وصلت أخيرًا إلى جهته المنشودة.
سارت بخطى بطيئة وهي تقترب من النهاية حتى وجدته يوليها ظهرها وكأنه كان ينتظرها وما إن أقتربت حتى هتف:
“كنت عارف إنك هترجعي”
وما إن أنهى عبارته وإستدارت إليه حتى وقعت الحقيبة منها بصدمة شديدة ثم توسعت عيناها وهي تقول بعدم تصديق:
“انت!؟”
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية وسولت لي نفسي الجزء الثاني)