روايات

رواية أمنيات أضاعها الهوى الفصل السادس والعشرون 26 بقلم أسما السيد

رواية أمنيات أضاعها الهوى الفصل السادس والعشرون 26 بقلم أسما السيد

رواية أمنيات أضاعها الهوى البارت السادس والعشرون

رواية أمنيات أضاعها الهوى الجزء السادس والعشرون

رواية أمنيات أضاعها الهوى
رواية أمنيات أضاعها الهوى

رواية أمنيات أضاعها الهوى الحلقة السادسة والعشرون

الأمر كان جللًا من البداية. حدث مؤلم لم أستطع تقبله. أن تودع حلمًا وتبدأ بتأسيس آخر مشابه للواقع الحالي، وتكتب بيدك نهاية حلمك الأول إنة
لبمثابةِ حريق داخلي. أن تدفن بيدك حلمًا سهرت ليالٍ طوال بتأسيس بِنايته بنفسٍ راضية سعيدة؛ ليأتي العالم يظنه خيالي لا يمت للواقع بصلة فتُحطمه بيدك إنه لمؤلم جدًا. يحطموك كما يحطمون الحِجَار بلا شفقة، يَقذفونك بتهمٍ مبغضة لا أساس لها من الصحة حينها ستعلم أنك انتقلت لمرحلة من البؤس لا رجوع فيها لما فات حتى أنك لا تملك رفاهية البكاء؛ لتخفف عما بداخلك..
حينها فقط ستعلم أن كل ما يحدث لنا لا ينتمي لأحلامنا بصلة إنما هو واقع مرير يدفن فيه الأحلام والأمنيات بل ستتعلم بعدها كيف تدفن كل ما تصبو إليه بداخلك جيدًا، وستوقن أننا نعيش ببلاد تقتل الروح والحلم ولا عزاء فيها على ما مضى.

ستعلم جيدًا أن الألم الحقيقي هو تلك الحقائق التي اخفيناها حتى عن أنفسنا مخافةً من التمني والحنين وشفقة النفس المؤلمة….!
مع الكثير من الأوجاع والجراح ستعلم أنك إن رفعت يدك لغير الله من بشرٍ وآلهة لن تنفعك إلا يدًا في جوف الليل رفعتها تنهيها بيقين..آمين لكل رغبة بداخلك.
(وأن لا ترتفع أيادينا لغيرك برجاء يفنينا.. آمينا)

غريب أمر قلبها هذا! لما لا يكرهه بعد كل ذلك الخداع منه؟! لما لا تستطيع أن تغفو إلا عندما تطمئن عليه.
انتصف الليل هنا عليها مجددًا داخل المشفى التي نُقل إليها، استطاع الأطباء إنقاذه واستقر وضعه لكنه دخل بغيبوبه بإرادته.
سالت دموعها بصمت كما كل ليلة. تشعر بشعور مرهق، مزيج من الألم والندم والخوف والوحدة.
رفضت تفسيرات منذر لها جميعًا تريد تفسير منه هو؟
سَتنتظره ولو مر العمر، أم قصرت غيبوبته ستظل بانتظاره للأبد.
اقتربت منه حتى التصق كرسيها بفراشةِ، يدها امتدت لشَعره الكثيف تتغلغلهُ بأصابعها كما يحب.
رغم صدمتها به لم تستطع أن تقسو عليه وكيف تقسو وهو يختارها مره بعد مره، ويفضلها عليهِ بذات اللحظة التي حكم عليها شقيقها، واتهامها لها بالعهر. لم تستغرب أبدًا موقف شقيقها وأمها لطالما نعتوها بذات الاسم، وهي تنام على فراشهم كل ليلة. الغريب بالأمر أنها لم تكترث بكل هذا هى فقط تكترث به.
همست : بيجاد عد لي.
فكرة أنه قد يفارقها، ولن يكون بجوارها تقتلها حتى لو كان قاتلًا هي تريده حي ..يتنفس.
_ عد لي ابقي بجانبي حتى لو كنت أسوء رجل على الأرض فقط كن بجواري احتاج اليك َ.
تناقضات مبغضه ما تعيش بها، وهي تسأل نفسها مرارًا كلما تذكرت ما قرأته ماذا يختلف عن والده، وظافر وكل من آذوها لتَتمسك به ؟! لِيجيبها قلبها اللعين أنا قد عشقت.
بكت بكت بحرقة، وهي تدفن راسها بصدره. للان لم تصدق حرف مما قرأت تخبره برجاء أن يستفيق ويكذب عليها، وهي ستصدقه وينتهي الأمر.
الحقيقة أن الأمر بالبعد والغياب مختلف وبالقرب والمواجهه أيضًا مختلف كلاهما وجهان لحقيقةٍ قد تسعد القلب أو ربما تدميها وتصفع وجهها بلا رحمه لكنها بالنهاية تريده حي.
استقامت وبسطت سجادتها؛ لتقيم الليل باكيه بتضرع وتنهيها بدعاء ورجاء وأمنيه طال انتظارها بأن يفتح عينيه.
طوت سجادتها بعدما أنهت صلاتها. بالسراء والضراء تلجأ إليه وما لها غير الله من ملجأ ونصير.
تشكي له حالها، وخذلانها من البشر، وصدماتها المتكررة بهم. عيناها مازالت تذرف دموع الألم والوجع، لا تعلم صدقًا ماذا فعلت ليكن نصيبها من أَحبتها كل هذا الألم والوجع؟
جلست بجواره مجددًا، وتبدأ ككل ليلة لهما معا ترتِل ما تيسر من القرآن حتى تغفو على مقعدها بجانبه.
________
احتضنته والدته باكية تدعو على من تسبب بمصاب ابنها الوحيد فكرها كله انصب به، ونست تمامًا أمر ابنتيها كالعادة
_ الله ينتقم منك يا ابن فتنه.
_ فقط اخرج من هنا وأريكِ مقامه الحقيقي أقسم لاقتله بيداي.
_ أن شاء الله يا ولدي تخرج من هنا سالمًا فقط ليستفيق زوج شقيقتك، واذهب بنفسي أتوسل إليه ليعفو عنك بالنهاية أنت لم تكن تقصده.
_ ابنتك شهدت ضدي يا أمي.
_ الله يحرق قلبها يا بني.
صرخت زوجته بها وقد فاض الكيل بها حقًا:
_ أنتِ الي أين تريدين أن تجعليه يصل بعد اتقي الله نحن لدينا طفل قادم بالطريق. لم ننتهي من قضية لتُحرضيه على الأخرى .
_ اخرسي يا دِينا .
هدر محمود بجنون بها. انتبه له زوار المساجين من خلفه قبل أن يقترب إليه أحد الحراس يحذره من الصوت وإلا منعوه من الزيارة بعد الآن.
_ لا لن أخرس والدتك شر، وتحَرضك على الشر .
_ أنا يا قليلة الحيا!
_ لست قليلة الحياء أنا احافظ على زوجي كما أن ربى لم تدلي بشهادتها بعد ثم أي شهادة ستدلي بها قد تنفعك يا محمود أنت أضعت َ نفسك بغبائك، وتهورك لقد أمسك الأمن بك بمسرح الجريمة. زوج شقيقتك بسببك بين الحياة والموت. اسمع انت وهي إن كنت ستظل هكذا انا سَأحرر نفسي منك.
_ هل وصل بكِ الأمر لذلك؟
_ نعم يا محمود أنا لن اضيع عمري مع رجل متهور مثلك بالنهاية من لا خير فيه لأهله لن يكون فيه خيرا لي
استقامت، وتركته بعدما ألقت عليه نظرة عتاب. دارت حربا ضروس بعَقله حتى أنه استقام ليّدلف لسجنه مجددًا ولم يلتفت لنداءات والدته عليه.
حرب بين الصدق والكذب، وبين ما فات وما هو آتٍ ليخرج بالنهاية بحقيقة مفرغة من الرياء أنه أخطأ بكل شيء.
______
(مُد لي يَدكِ، نُخَيط جِراحُ الأيّامِ معًا، ولا تستسلم للفراق الأبدي.)
ليلة أخري بنفس الروتين تجلس بجواره، تصلي، تتصرع لله وتبكي وتتوسلهُ أن يعيده لها، وتجلس بجواره ترتل القرآن بصوتها العذب وتغفو.
_ ربى.
يديه امتدت تتحسس رأسها بحنو بعدما استمع لترتيلها بين صحوته و غفوته، وكأنه بحرب لِيستفيق من نومته الاضطرارية هذه. ذكرى ما مضى، وما حدث معهم عاد جميعًا لعقله. الذكريات تندفع كالشلال له. واحدة تلو الأخرى حتى أتت آخر لحظه بينهم، وهو يسقط بين ذراعيها بعد إصابته. حتى سبب خلافهما تذكره.
تململت قليلًا قبل أن تنتبه ليديهِ التي تتحسس رأسها بحنو انتفضت من مكانها؛ لتتفاجيء بعينيه التي تنظر لها بحب، همس:
_ ربى، فبكت بحرقةٍ؛ ليفتح لها ذراعيه لتسرع، وتخفي وجهها بعنقه، وهي لا تصدق أن الله أعاده إليها.
_ بيجاد أنت حي أخيرًا الحمد والشكر لك يا رب
همس بحنو:
_ هل كنت على وشك الموت؟
_ بل كدت تموت بسببي.
_ انا عمري كله فداءً لك يا ربى فقط لتكوني أنتِ بخير.
طالت نظراتهما حتى تذكرت أمر الطبيب التي سمح لها بالمكوث معه بعد ضغط ليلًا فقط لِتهرول إليه، وتخبره أن فاق من غيبوبته.
هتف بها :
_ ربى.
_ قادمة انتظر .
بعد ساعة كانت الغرفه خلت من كل شيء إلا هما ونظرات العينين، وأسئلة حائره جدًا لا إجابة عليها إلا منه.
كانت تقف بالزاويه تنظر إليه، وقد حل محل فرحة اللقاء شيء من التوتر والخوف.
كان يرى صراعها داخل عينيها؛ ليقرر إنهاء الأمر بأسرع وقت.
أجلي حنجرته المتعبه، وهتف بشيء من الهمس، وهو يشير بيده لتجَاوره.
_ اقتربي مني يا ربى، ألم تشتاقي إليّ كما اشتقت إليكِ
اقتربت بصمت وهمت أن تجلس على مقعدها؛ ليمسك بيدها بضعف، ويسحبها لتجاوره مردفًا:
_ ابقي بجواري ولو قليلاً، ودعي أصابعك تتغلغل شعر رأسي احتاج هذا الشيء جدًا.
فعلت كما رغب؛ ليهتف بعد دقائق :
_ رضيت بزواجي من ابنة عمي كان زواجًا تقليديًا بحت، لم أكن أعلم بعشقها لأخي لكني كنت أعلم بعشق نيره لي. حاولت أن أجمع بين اخي ونوار زوجتي قبل الزواج حينما علمت الأمر لكن أخي بايرام رفض كليًا؛ لأنه لا يحبها، كانت نوار شخصيه محبوبه بيننا هادئه، وكانت نيرة كتلة خبث وشر تشبه أبي تمامًا! لذلك حينما خيرني الجد اخترت نوار ورفضت نيره. قوانين العائلة صارمة الإبنة لابن عمها والعكس لا مجال لخلْط الأنساب حتى لا تخرج الثروة للغريب. قانون وضعه الأجداد لا دخل لنا به لكن نيره كانت خبيثة لم أكن أعلم أنها قد تفعل بشقيقتها ذلك الأمر. دفعت شقيقتها للإدمان، وحينما اكتشفت الأمر احتجزتها بالمصحه لكنها لم تتعافي ولم تتقبل الأمر. حاولت قتل نفسها مرارًا؛ لذا جلبتها للقصر حينها اكتشفنا حملها. واحتمالية طفل معاق أو مشوهًاكان كبيرًا لكني لم أفقد الأمل كنت أظن أنها تتعافى لكن شقيقتها كانت تعطيها المخدرات من وراء الكل إلى أن أصبحت مسخًا وبيوم نفذت جرعتها ولم تعطيها نيره جرعتها المعتادة ليومين. أرادت موتها بالبطيء لكن نوار خرجت مهرولة من القصر لمحتها أنا، وأسرعت خلفها كانت على وشك الاصطدام بسيارة ما. لحقت بها لانقذها وصار الحادث وفقدت قدمي، وفقدتها هي، واستطاعو إنقاذ عدي. بعد موتها لم تنتهي الحكايه نيرة صارت تخطط وتنفذ حتى أنا لم اسلم منها ومن خططها. كنت بالبداية أشك أنها هي من فعلت بشقيقتها ذلك إلى أن تأكدت..
_ وكيف تأكدت؟
_ من ماجد ذلك التي قرأت رسالته.
_ لذا خططت للانتقام.
_ كان عاشقًا لنوار. بالنهاية قد بدأ انتقامه من نيره بالفعل. استطاع بعد تعافيه من الإدمان أن يجعلها مدمنة، واستطاع معرفة كل شيء منها حتى أنها من توسطت له ليعمل مع والدي. والدي الذي كان شريكًا بالأمر، وبكل شيء خططت له .
_ أمر موت زوجتك؟
_ نعم
_ يا الهي كيف استطاع؟
_ من أجل مصلحته نيره كانت جزءًا من ألاعيبهِ كانت على دراية بكل شيء، وكان يخشي أن تُفضح أمره للجد؛ لذا ساعدها على قتل نوار، وهو من دبر أمر الحادث بعد خروجها لكنه لم يحسب حساب أن أتدخل بالأمر.
_ يا الهي أكمل.
كانت قد ابتعدت عنه، نظر لها بنظرة رجاء مردفًا:
_ احتضنيني أولا لست بخير.
_ لا تكن متطلب فلم أسامحك بعد.
_ ربى لُطفًا.
_ حسنا تعال.
كان يشعر بأنها ليست على ما يرام، وان الفراق آتٍ لا محال.
_ اتفقت معه على الإنتقام لزوجتي، ولي لكنه لم يخبرني بأمر أمي أقسم لم أكن أعلم.
_ ولو كنت علمت؟!.
_ لا أعلم لكن الأمر يخص شرفي يا ربى.
_ وماذا عني؟
_ حكايتك سارت بحكم القدر لأقع أنا عاشقًا لكِ.
_ انت لم توضح شيء.
_ لانك تعلمين كل شيء .
_ بيجاد!
_ الأمر صعبًا عليً تفهمي الأمر.
_ ولما أنا لا أفهم شيء.
زفر بحنق قبل أن يجيبها بصوت متألم:
_ والدي رجل سادي يا ربى وقواد كنت قد اكتشفت ذلك قبل سنوات طوال. رأيته بوضع مخزي مقرف.
_ يا الهي.
وضعت يدها على فمها من شدة الخجل؛ ليكمل بيجاد بلا اهتمام:
_ أخبرني ماجد بجنونه بكِ، وأخبرني ما يخطط له طلبت منه معرفة كل شيء يخصك لكني لم أكن رأيت صورتك بعد. قررت الصمت والانتظار والتدخل بالوقت المناسب لكني صدقًا لم أتوقع ضجتك الإعلامية
_ كنت تعلم مكان طفلي وأمر خطفه ؟
_ لست بهذا السوء. لم أكن أعلم لقد أخفي الأمر حتى عن ماجد لكني كنت على دراية بتلك الرسائل التي تصلك منه، وأنه يفعل ذلك من أجل ..
صمت ففهمت ..
_ يا الهي بمن وقعت أنا ؟
_ ربى لا تظلميني!
_ كنت تستطيع إنهاء الأمر بلا زواج بالتأكيد.
_ كنت أستطيع لكني عشقت.
_ لا تضحك علي.
_ احببتك منذ النظرة الأولي.
_ بيجاد؟
_ أعشقك أقسم لكِ.
_ لكن!
_ ماذا تريدين يا ربى لتسامحيني؟!
__________
_ أنتِ جُننت بالتأكيد أي فراق ما تبغينه بعد؟
صرختا أثير وهبه بها بذات الوقت بربى التي انزوت على نفسها منذ اطمأنت على بيجاد، وخرج بالفعل من المشفى، وأخبرته أنها بحاجة للتفكير بالقادم لبعض الوقت.
_ لا تضغطوا علي.
_ أنتِ ظالمة يا ربي.
_ حتي انتَ يا رامي!
_ لأنكِ لم تُقدري عشق بيجاد بعد، لقد تخلى عن انتقامه من شقيقك، ولم يوشي به من أجلك أنتِ.
حتى طفلة بعد قرارك لم يأمن أحد عليه غيرك.
كانت تعلم كل ذلك، وتعلم أن والدتها ما أن علمت بأن بيجاد فاق من غيبوبته ذهبت إليه، وتوسلتهُ ألا يتهم ابنها؛ ليخبرها أنه سيفعل من أجل زوجته لا من أجلها هي، لتهم بالرحيل بعدها، ولم تكلف نفسها عناء أن تلتفت إليها ، بل اكتفت بنظره ساخطه كارهه لها، وهي تخبرها أمام زوجها بكل كُره( انظري ماذا فعل بأخيكِ ابن فتنة التي كنتِ تتحديني من أجله، الله ينتقم منه ومن تسبب بسجن ابني ليوم واحد) حينها خانتها دموعها، وشعرت بالخزي من كلماتها لتَتلقفها ذراعيه أمام والدتها التي ألقَت عليها نظرة حانقَة، ورحلت.
لم تشعر بالخزي منه يوم قدر خزيها من فعلة والدتها لكنه كما العادة أجاد احتوائها، لذا هي بحاجة لبعض الوقت لتنسى كل خذلانها من الجميع.
______
بعد شهر:
تلاقيا معًا محمود وابن فتنة أخيرًا بمقهى البلدة بعدما خرج من السجن قبل أيام. كان عمار يجلس يمثل الفرحة جيدًا بعدما قام بتوزيع بطاقات عُرسه على ابنة خالتة الذي سيقام ليلة غد.
عيناه تلمع بالشماته، ولم ينسى دعوة إبن عمه على كل حالٍ.
استقام عمار، واقترب من محمود يعطيه بطاقة عرسه الفاخرة، ليضحك محمود بخفوت على الحقد الذي يطل من عينيه، ويأخذها منه، ويحتضنه مردفًا:
_ مبارك يا ابن العم.
الغيظ تملك من عمار؛ لأنه لم يستطع استفزازه ليخرج بطاقتين، ويعطيهم له مردفًا:
_ واحدة لربى، وأخري لريم.
لتمتد يد محمود أيضًا، لتأخذها منه مردفًا:
_ سنحضر جميعًا بالتأكيد أليس الفرح بقاعة
نظر للبطاقة، وهَتف بنبرة مبهمة:
_ بقاعة الفورسيزون بالقاهرة، سنأتي بالتأكيد سأخبر ربى ونأتي.
سيجن عمار أنه يتحدث عن ربى كما لم يكن هناك شيئًا بينهم، لقد فعل كل ذلك لِيثير غضبها وندمها عليه، ويشعرهَا بمَدى رخصها. لقد آثر السكن بالقاهرة بجوارها حتى يجعلها تتجرع الندم كلما رأته.
باليوم التالي وقف عمار غارقًا بفكرة يلتفت كل دقيقة ينظر على مدخل القاعة. عقلة توقف تمامًا عن التفكير إلا باحتمالية حضورها. لم يلتفت لحظه لتلك التي تجلس بجانبه بحسرةٍ بعدما أخطأ باسمها للمرة الخامسة منذ دلفوا القاعة، وناداها ربى.
هتفت: عمار
_ نعم يا ربى.
_ لست ربى أنا نهله زوجتك.
________
لن أذهب معك بالتأكيد.
_ هذا آخر طلب أطلبه منك يا حبيبتي، وبعدها سأختفي كما تريدين.
ستجن ومتْعبه، وبها شيء غير طبيعي، تريده وتنهره.
تناقضات كريهة بشخصيتها باتت عليها بالآونه الأخيره
تود لو تصفعه، وتخبره أي رحيل تبغاه بعيدًا عني!
وتعود؛ لتحضنهُ تنشد الراحة بين ذراعيه.
الآن أي مناسبة يريدها أن تحضرها معه!
كادت تبكي حينما خرج من الغرفة بعدما دلفت الخادمة، ومعها صندوقًا كبيرًا؛ لترتدي ما به.
أغمضت عينيها، وهمست تنشد الصبر من الخالق، لتستسلم بالأخير، وترتدي ما به، لتتفاجئ من جماله كأنه فصل من أجلها
اتسعت عيناها بانبهار، كان فستانًا بلون الكشمير يناسب حجابها تمامًا لم يشف ولم يصف، وحجاب بذات اللون، لتقترب الخادمة، وتعاونها بأمر زينة وجهها؛ لتصبح مذهلة بحق.
ما أن خرجت من غرفتها صُدم بها، وبجمالها الذي خطفه من النظرة الأولى.
اقترب منها، ورفع كف يدها، وأخرج من جيب سترته خاتمًا من الألماس الحر، وألبسها إياه، ومال مقبلًا يدها بحنو، ليهمس بالقرب من أذنها:
_ مذهلة.
بعد ساعة اتسعت عيناها ما أن انتبهت أين هما؟
عينا عمار التي تعامدت عليها أربكتها قبل أن يقترب محمود يهمس بأذن الدي جي، ليصمت ويعم السكون القاعة، ويقترب منهما هاتفًا بفرحة ، وفخر وبجواره والدتهما:
_ أعرفكم بزوج شقيقتي ربى الدكتور بيجاد فريد الزيني.
ليهوي قلب عمار أرضًا، ويعي ما اقترف مجددًا.
اقترب بيجاد من عمار؛ ليسلم عليه قبل أن يميل ويهمس بأذنه:
_وقعت مع الشخص الخطأ تمامًا، وكما جعلت زوجتي علكة بفمك،وبفم أهل البلدة أنتَ وذاك النجس طليقها سأجعلك الآن مثل ما فعلت بل أسوء.
_ ماذا تقصد؟ هل تهددني؟!
قبل أن يكمل عمار حديثه كانت الشرطة تحاوط عمار الذي هتف بوجة شاحب:
_ ماذا يحدث؟
_ أنتَ عمار راشد.
_ نعم أنا.
_ هيا خذوه.
صرخت والدته، وارتفع صراخها ما أن وضع الشرطي الأساور الحديديه، ويجره من خلفه.
_ انا لم أفعل شيء.
_ سنعلم بالتأكيد.
_ أخبرني ماذا فعل ولدي؟
هكذا هتف والده ليجيبه الضابط، وهو يأخذه معه:
_ ابنك تاجر عملة يا حاج وتاجر خطر جدًا
بعد ساعة أخرى بسيارتهم بعدما انقلب الفرح لمأتم بعد أن سقطت زوجة عمها من الصدمة مغشيًا عليها، كانت تصرخ به:
_ لما فعلت أنت ستجنني؟ ألم تنتهي من ذلك الأمر، وانتقامك اللعين!
_ لم أنتقم منه بعد.
_ بيجاد أتوسل اليك.
_ تتوسلينني من أجله، بئسًا لكِ اهبطي يا ربى، واغربي عن وجهي.
_ بيجاد!
_ قلت اهبطي .
جُن تمامًا، واشتعلت غيرته لتخرج غير مكترثةً به! ليبدأ بسباب كل شيء، وينتهي الأمر بإلقاء السباب واللعنات لبعضهما البعض.
اندفعت تجاه شقتها، ولم تلتفت لنداء أثير وهبه اللتان شاهدوهمَا بأعين متسعه، هتف عز بصدمةٍ الذي كان يشاهد هو وعدي أيضًا معهما:
_ ماذا حدث مجددًا؟ الن ينتهي خصامهما أبدًا؟!
انفجروا جميعًا بالضحك قبل أن يهتف رامي بقلة حيلة:
_ له الجنة ابن الزيني والله وأنا كمثل.
هتفت هبة بوعيد:
_ رامي.
_ ياقلبه.
_____
بعد شهر آخر، لم تعد قادرة على إخفاء الأمر. كل يوم يمر يزداد معه أعراض الحمل التي تخفيه عن الجميع إلا عن أعين الخادمة التي بدأت تشك بأمر غثيانها الدائم وكبر حجم بطنها.
انتهت من تقيؤها، وجلست علي أرضية الحمام بتعب، دلف طفليها يحتضنُوها خائفون عليها لتُطمئنهم بهمس:
_ أنا بخير فقط برد بمعدتي لا تخبرا والدكما، وإلا حزنت منكما.
كما كل يوم نفس الحديث، فيصمُتوا خوفًا عليها.
لم يعد بيجاد بقادر على الهروب أكثر، سأم كل شيء
هرب عند شقيقه لأسابيع حتى لا يحن لها ويذهب مهرولًا لأحضانها؛ ليعود هائمًا بعد ثلاث أسابيع غير قادرًا على الفراق أكثر ليذهب كبرياؤه للجحيم.
انتصف الليل، واشتعل الحنين بقلبه لها، ولم يشعر بنفسه إلا وهو أمام غرفتها الفارغة منها، أصابه القلق؛ لتظهر الخادمة له من العدم، وتشير له على مكانها، ولم يكن غير الحمام التي تتقيأ به، وتبدأ بقص كل شيء عن تعبها الدائم له وشكلها بالأمر
أسرع حيث هي، ليتفاجأ بهيئتها الشاحبة، هتف بخوف عليها:
_ ربى.
_ بيجاد أنت.
اقترب يلِحاوطها من الخلف حيث كانت تستند على الحوض بتعب، رفع يديه يتحسس وجهها الشاحب المتعرق بشدة ليصاب بالهلع عليها:
_ يا الهي جسدك كالثلج اللعنة على عنادك يا ربى، إلى متى تريدين أن تخفي عني الأمر بعد؟
زفرت بغيظ، وهمست:
_ الخادمة اللعينة، لن تبقى معي بعد اليوم.
ألقت بثقل جسدها الذي خف جدًا إلا من انتفاخ بطنها عليه، لِيحاوطها بتملك، يدفن رأسه بعنقها يقبله بعشق، بينما تسللت يده لِتتحسس بطنها بسعادة حقيقية:
_ اََاخبروكِ أني بائع خضار يا ربى أم طبيب؟!
_ يا لغرورك يا بيجاد.
_ يا لسعادتي يا ربى .
_ لا تتأمل لن أعود لك.
_ ستعودين رغمًا عن أنفك لست حرة بعد الآن.
_ بئسًا لك.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أمنيات أضاعها الهوى)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى