روايات

رواية في رحالها قلبي الفصل الحادي عشر 11 بقلم آية العربي

رواية في رحالها قلبي الفصل الحادي عشر 11 بقلم آية العربي

رواية في رحالها قلبي البارت الحادي عشر

رواية في رحالها قلبي الجزء الحادي عشر

في رحالها قلبي
في رحالها قلبي

رواية في رحالها قلبي الحلقة الحادية عشر

بسم الله ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
وَلَقَدْ نَعْلَمُ أنّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُون فَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبِكَ وكُن مِنَ السَاجِدِينْ واِعْبُد رَبَّكَ حَتّى يَأْتِيَكَ اليَقِينْ .
اللهم إنا نستودعك أهل غزة وكل فلسطين ، اللهم
كن لهم عونا اللهم إنا لا نملك لغزة وفلسطين إلا الدعاء
الفصل الحادي عشر من رواية في رحالها قلبي
بقلم آية العربي
❈-❈-❈
تظهر المحبة أو العداوة من حولك حينما تتعرض للأذى وهذه إحدى الجوانب الإيجابية له .
تهاوى قلبه وهو يراها تسقط أمامه مرتطمة بقوة في الأرض لتنتشر الأتربة من حولها وتخفيها عن عينيه .
لم يحتمل سقوطها ولا يعلم ما هذا الشعور الموحش الذي هجم عليه ، لذا جن جنونه وقفز من فوق ظهر الحصان الخاص به قبل أن يتوقف ليسرع متعثرًا نحوها مناديًا باسمها حتى وصل إليها ليجدها شبه فاقدة للوعي لذا أسرع يرفعها ويرفع عنها نقابها ليتفحص ملامحها ثم بات يناديها ويربت على وجنتها بقلقٍ بالغ حينما وجد جبينها ينزف :
– سارة ، هيا افتحي عينيكِ أنتِ بخير وأنا معكِ .
تأوه خرجت منها وهى تحاول النهوض بجسدٍ متألمٍ لتفتح عيناها و تجده أمامها بل وجدت نفسها ترتكز عليه ليسرع المسعفين إليها بينما هو زفر براحة حينما طالعته ليقول متسائلًا بقلق :
– أنتِ بخير أليس كذلك ؟ ، ليس هناك ما يؤلمكِ ؟
أومأت له بتيه مما حدث بالرغم من الألم في سائر أنحاء جسدها ورأسها وحاولت التحرك ولكنها صرخت حينما تضخم الألم في ذراعها الأيمن لينهض ويحملها دون نقاش متجهًا بها نحو عربة الإسعاف وخلفه المسعفين الذين يرون أن لا داعي لوجودهم هنا بسببه ..
لا يعلم لمَ شعر بنار الغيرة تحرقه من ظهور وجهها أمام الجميع ولكن كان عليه أن يطمئن عليها ويفحص وجهها لذا حملها ودلف بها سيارة الإسعاف يمددها ليبدأ المسعف في فحصها حيث وجدها تعاني من كسر في الذراع الأيمن لذا تحركت السيارة على الفور تنقلها إلى أقرب مشفى .
جلس يطالعها وهي تحاول أن تتماسك ولكنها تشعر بآلامٍ قوية بينما المسعف يحاول تضميد جبينها النازف .
بعد وقتٍ وصلوا المشفى وترجل سيف أمامها ليسرع إليها المسعفين مجددًا ولكنه اعترض طريقهم يمد له يدها فناولته اليسرى وتحركت معه حينما شعرت أنه يود حملها وهي ليست بحاجة لذلك يكفي أنه حملها منذ قليل .
دلفت معه نحو غرفة الفحص وهو يسندها بحذرٍ حيث تشعر بالدوار ليبدأ الطبيب في فحصها وسماعها عن كيفية ما حدث .
وقف متنهدًا بقوة ينظر لها بعمقٍ حيث كانت تتحدث مع الطبيب وتشرح له الأمر بطريقة بسيطة ولكنها كانت بالنسبة له سحر خاص .
يتأملها ويتأمل شفتيها التي تتحدث بهما وملامحها التي سحرته واستحوذت على قلبه بالرغم من تفضيله للجمال الغربي .
أي لعنةٍ هذه التي وقعت عليه ، هل هو موعود باللعنات لتأتي هذه العنيدة وتفعل بقلبه الأفاعيل .
كانت تلاحظ نظراته عليها ولكنها تتجاهلها بحجة الألم ، لا تعلم لمَ يحدق بها هكذا بعدما تسبب في سقوطها .
ليعود ضميرها يوبخها ويردد عليها أنه ليس السبب وأنها من أخطأت حينما أرادت تحديه ولكن عاد عنادها يجابه ضميرها لتقول في داخلها أنه السبب ، لمَ جاء إلى السباق من الأساس ؟
عادت تتأوه لذا اقترب منها أكثر وتمسك بكتفها يملس عليه وأراد أن يعيد إنزال نقابها ولكن تمنعه حالتها وجرح جبينها لذا بات يزفر بقوة أمام الطبيب .
❈-❈-❈
بعد وقتٍ تجلس في المقعد الأمامي لسيارته التي أتى بها السائق إليه ويجاورها يقود بصمت متجهان نحو الفيلا .
كان يريد أن يقطع هذا الصمت لذا نظر لها حيث تحتضن ذراعها الأيمن الذي تم تجبيره وتميل برأسها مستندة على طرف المقعد ووجهها مغطى بالنقاب من يراها يظنها نائمة ولكنه يعلم أنها تفكر لذا تساءل بترقب :
– هل هناك شيء يؤلمكِ ؟ .
تحمحمت بهدوء وتحدث وهي على وضعها :
– لا أنا بخير ، شكرًا لك .
التفت ينظر أمامه ولا يعلم لمَ أراد إثارة حنقها ، فجوابها عليه هذا ليس كالمعتاد ، لقد اعتاد أن تثور لذا تحدث بنبرة خبيثة وهو يقود :
– لا أعلم لما تركب النساء الخيل ! ، هل رأيتِ نتيجة تهوركِ .
نجح في استفزازها وهي التي تحاول جاهدةً أن تتجنب نقاشه ولكن ما تفوه به جعلها تعتدل في جلستها ويحل عنها الألم والنعاس لتطالعه شزرًا قائلة :
– وهل هو حكرٌ على الرجال فقط ؟
التفت يطالعها بابتسامة نجح في إخفائها وهو يقول بهدوء مبطن بالاستفزاز :
– نعم ، كل شيء فيه سرعة وحركة هو حكرٌ على الرجال فقط ، انظري حولكِ ستجدين أن معظم حوادث الطريق سببها النساء ما بالكِ بسباق الخيول؟.
نزل بنظره لذراعها وتابع ساخرًا :
– ولمَ ننظر للبعيد ها هو ذراعكِ خير دليل .
عاد ينظر أمامه ليخفي تبسمه حيث اغتاظت كثيرًا من حديثه الغير عادل فهو يستهين بقدراتها ولولا وجوده لكانت هي الفائزة بهذا السباق لذا نطقت بنزق :
– سبحان الله ، يأتي على الدنيا طفل صغير لا حول له ولا قوة ليجد نفسه بين يدي أنثى تطعمه وتشربه وتحممه وتهدهده وتعتني بنظافته وتعالجه إن مرض وتعلمه الصواب من الخطأ وكل هذا في آنٍ واحد وتفضله على نفسها وراحتها وتصبح بسببه هشة العظام والأسنان والشعر وتقدم كل هذا بالحب الخالص ليكبر هذا الصغير ويصبح طول الباب ويرزقه الله بحفنة من العضلات تجعله يظن أن كل شيء فيه حركة حكرٌ على الرجال فقط .
طالعها بصمتٍ وتعجب ولكن داخله معجبٌ بها ، سعيدٌ بإغاظتها وإثارة حنقها ، لم يغضب حتى وهي توبخه بينما هي عادت تستند على المقعد حينما شعرت بالدوار ومع ذلك تابعت بنبرة محتدة برغم وهنها :
– قال حكرٌ على الرجال قال ، من يراك يظن أنك اخترعت الذرة وأنا لا أعلم .
كاد أن يضحك ولكنه التزم بثباته وتنفس بقوة ثم فرد نفسه على المقعد يقول بهدوء تام ليصيبها بالحنق أكثر :
– هذا لا يخفي حقيقة أنكِ كنتِ على بعد خطوة من الفوز وبسبب تحديكي لي خسرتي السباق .
داخلها ثائرٌ وتريد أن تخنقه بيدها غيظًا ولكن بدلًا عن ذلك نطقت بنبرة لا تحمل خبثًا :
– لعلمك أنا أمتلك عدة شهادات في الفروسية والتي لا تستطيع أنت امتلاكها ، كان علي يدربني عن كيفية التعامل مع الخيول وكل شيءٍ خاص بها ولهذا أنا واثقة أن ما حدث اليوم مجرد حادث لا ذنب لأحدٍ فيه .
ذكرها لـذلك المدعو علي أثار غيرته بل أشغل النيران فيها ليتخلى عن استمتاعه وتخيل كيف كان يدربها وكيف كانت تتعامل معه وبرغم أنه يعلم تحفظها إلا أنه شعر بالضيق الشديد لذا زفر والتزم الصمت إلى أن وصلا الفيلا .
❈-❈-❈
ليلًا
كانت تستند على الفراش تشعر بالضيق والضجر خاصةً وأنها لم تستطع فعل شيء بسبب تجبير ذراعها .
حتى الصغير لم تستطع حمله جيدًا ولا الاعتناء به لذا أخذته سعاد لتهتم هي به بعدما شعرت أن ابنتها على وشك البكاء من شدة الغيظ .
طرقات على الباب نبهتها لتردف بترقب :
– ادخل .
دلفت نورا تحمل حساءًا لها وتبتسم متقدمةً منها متسائلة وهي تضع الحساء على الكومود بجوارها :
– كيف حالك الآن يا سارة ؟ ، أعدت لكِ الحساء تناوليه ثم تناولي الدواء بعده .
أومأت لها مبتسمة وقالت بامتنان :
– شكرًا لكِ يا نورا أتعبتكِ معي .
هزت نورا رأسها تردف بلطف :
– تعبك راحة يا صانعة ألذ شوكولاتة ، وهيا تعافي سريعًا كي تعودي للعمل فأنا بتُّ مدمنة على تذوقها .
ابتسمت سارة بسعادة وانشرح صدرها من مدح نورا فيما تصنعه لذا تحدثت بوجهٍ بشوش :
– شكرًا لكِ يا نورا حقًا رأيكِ هذا خفف عني الألم .
ابتسمت نورا ثم نظرت للحساء ثم تساءلت بترقب :
– هل تستطيعين تناوله أم أساعدك ؟
لوحت سارة بيدها اليسرى ورأسها تقول برفضٍ هادئ :
– لا لا سلمتي يا نورا سأتعامل معه لا تقلقي .
أومأت لها مبتسمة وغادرت تغلق الباب خلفها بينما التفتت سارة تنظر للطعام ومدت يدها اليسرى تحاول تناوله بحذرٍ .
❈-❈-❈
كانت سعاد في غرفة الصغير تهدهده وتدندن له الأغاني المعروفة حينما دخل سيف ليراه بعد عودته من عمله .
ابتسم لها وهو يتجه يقبل الصغير الذي بدأ النوم يغلبه فرحبت به سعاد فبادلها وقال وهو يحاول أخذ الصغير قائلًا :
– كيف حاله اليوم .
ناولته إياه وقالت وهي تطالعه بحب :
– بخير للغاية ، صحيح أن مزاجه كان معكرًا لأن سارة لم تستطيع حمله وتدليله ولكنه الآن بخير .
شرد مجدّدًا في أمرها وتحدث وهو يتجه بالصغير الذي نام إلى سريره :
– وكيف هي الآن ؟
أومأت سعاد ثم تحدثت بنبرة هادئة مبطنة بالخبث :
– بخير ، ولكنها تشعر بالضجر ، آهٍ منها ابنتي العنيدة ، حاولت مساعدتها في تبديل ملابسها أو إطعامها ولكنها رفضت بشدة ، لا تحب أن يساعدها أحد وأعلم أنها لم تتناول الطعام جيدًا ولكن ماذا أفعل بها .
حن قلبه وتساءل وهو يعتدل بعدما أراح الصغير في فراشه :
– كيف هذا ؟ ، يجب أن تأكل جيدًا حتى تأخذ أدويتها وتتعافى ، الطبيب قال أنها ستعاني من دوارٍ إن لم تأكل جيدًا ويمكن أن يتسبب في سقوطها .
هزت سعاد كتفيها تدعي قلة الحيلة قائلة بمسكنة أمٍ تريد السعادة لابنتها :
– ماذا أفعل معها يا بني ، عنيدة ترفض الظهور بشكلٍ ضعيف .
أومأ سيف وتحدث بنبرة تحمل تحدي وثقة :
– عنيدة على نفسها ، اتركيها لي سيدة سعاد لا تقلقي .
أومأت سعاد تبتسم بهدوء وداخلها تتمنى وتدعو الله أن يلين قلب ابنتها ويعترف بمَ يشعر به تجاه سيف ومن يعلمها أكثر منها؟ .
تركها سيف وتحرك نحو غرفة سارة التي يقف أمامها للمرة الأولى .
دومًا يمر من هنا ولكن لأول مرة سيدخلها لذا تنفس بقوة يدعم رئتيه وطرق الباب ولم ينتظر سماحها له بالدخول بل لف مقبضه ودلف لتجحظ حينما رفعت عيناها ووجدته أمامها وهي تحاول حمل الملعقة بيدها اليسرى وتناول الحساء .
احتقن وجهها غيظًا من رؤيته لها هكذا واقتحامه لغرفتها لذا تحدثت وهي تحاول أن تهدأ بعدما أنزلت الملعقة :
– طرقت الباب مشكورًا أكمل جميلك هذا وانتظر إلى أن أسمح لك ، لا تطرق وتدخل هكذا دون إذنٍ عيب .
أغلق الباب وتقدم منها بخطوات واثقة ثم تحدث بثبات وهو يجلس جوارها على طرف الفراش وعيناه تطالعها بتسلية :
– هذا سيحدث لو دخلت على امرأة غريبة عني وليست زوجتي .
تهاوى قلبها من جملته التي تزامنت مع نظرة عينه الثاقبة عليها وأدركت أنها تجلس أمامه بشعرها ومنامته التي كشفت عن ذراعيها ومقدمة صدرها لتعجز عن الرد فجأة وتتوتر بخجل وتجلى ذلك في وجهها الذي تصبغ بالحمرة ليتابع بنبرة حنونة وعيناه تجول على ملامحها :
– كيف حالك الآن ؟ .
كيف ستغضب عليه الآن وتبصق الكلمات وهو يتحدث بهذه النبرة ؟
كيف يحق لها أن توبخه وهو يطالعها بهذه النظرة ؟
لذا عصف قلبها وشعرت بالخطر وأجابته وهي ترفع يدها اليسرى تعيد بها خصلاتها المتطايرة إلى خلف أذنها كأنها تعاقبها على تطايرها أمامه :
– أنا بخير شكرًا لك .
تحمحم وتعمق فيها وهو يراها أمامه بهذه الرقة والخجل ليتعجب من هذه الأنثى ، تحمل طباعًا تعاكس بعضها .
تخجل وتتورد وتلين وتحمل نبرة همسٍ يكاد أن يسمعها وحينما تغضب تصبح أكثرهن شراسة واندفاع وسلاطة لسان .
نبضات قلبه في حضورها باتت صاخبة تعلن عن حبه لها ، أحبها واليوم اعترف لنفسه بذلك بعدما كان ينكر ، هذا هو الحب الذي ظل يبحث عنه دومًا .
هذه هي المرأة التي نسجها عقله الباطن واستنكرها عقله العملي كرجلٍ أعمالٍ بارد وروتيني .
هذه هي المرأة التي فتح قلبه باب على مصراعيه سامحًا لها بكل ترحاب أن تسكنه وحدها ليوصده تمامًا بعدما دخلت .
زفر بقوة ثم نظر للحساء ومد يده يحمل عنها الصينية ويضعها على ساقيه ثم بدأ يغمس الملعقة به ويرفعه إلى فمها قائلًا بهدوء يحمل صرامة :
– هيا افتحي فمكِ .
صدمة جعلتها تطالعه ببلاهة ويفرغ فاهها دونًا عنها لذا أسرع يدخل الملعقة به قائلًا بابتسامة خبيثة وهو يراها تجحظ وتضطر لمضع الحساء :
– نعم فتاة مطيعة .
كادت أن تثور ليسرع في ملء الملعقة مجددًا وقبل أن تفتح فمها لتوبخه كان يضع بها الحساء تحت دهشتها وهو يومئ مكررًا جملته بطريقة أخرى :
– جيد فتاة رائعة .
زمت شفتيها تمامًا وقررت الصمت فيبدو أنه سيطعمها ما إن تفتح فمها لذا ابتسم حتى ظهرت أسنانه يطالعها بعمق لتجده رجلًا وسيمًا بملامح هادئة جذابة .
هذه ثاني مرة تحدق به وتركز في تفاصيله ، المرة الأولى حينما قبلها في غرفته ولكن الآن تركيزها أعلى قليلًا حيث لا مشاعر خوفٍ منه .
تحولت نظرة الغضب في عينيها إلى نظرة حيرة وهي تتساءل داخلها هل يمكن أن تكون أخطأت في معرفته ؟ هل ظلمته بحكمٍ مسبقٍ أم أنه ممثل بارع ؟
أطرق رأسه يتنفس برضا وسعادة سكنت خمائل قلبه حينما لاحظ تحديقها به ولكنه لم يرد أن يخجلها ويفقد متعة هذه اللحظة لذا تحدث وهو يرفع الملعقة مجددًا قائلًا بنبرة حنونة :
– هيا يا سارة يجب أن تكملي طعامكِ هذا كله حتى تتناولي دوائكِ .
يعاملها كالطفلة ولكنها قررت ألا تغضب لذا تحمحمت وأخيرًا حررت شفتيها تقول بهدوء ينافي نبضاتها العنيفة :
– لقد شبعت ، شكرًا لك .
حدق بها جيدًا ثم تنهد يومئ ووضع الملعقة في الطبق ثم حمل الصينية يضعها على الكومود وعاد إليها يطالعها بعمق قائلًا بتروٍ :
– ما رأيكِ أن نتحدث يا سارة ؟
شعرت بقلبها يقفز إلى حلقها لذا توترت كليًا وتساءلت بتوجس :
– فيمَ ؟
لم يرحم توترها حيث أكمل بنبرة معذبة لم يعد يحتمل :
– أخبركِ حقيقتي ، لم أعد أحتمل تلك النظرة من عينيكِ .
تهاوي قلبها في قدميها بعدما شعرت به يصعد لتتبعثر مشاعرها وتسرع في إخفائها خلف ابتسامة خافتة تقول ساخرة :
– أي حقيقة هل أنت دراكولا مثلًا .
لم يبتسم بل يحدق بها فقط لذا وجدتها مقولة خاطئة في الوقت الخاطئ فأرادت الهرب بأي وسيلة فأسرعت تتملل وتترجل من الجهة المقابلة لتشعر بالدوار يهاجمها ولكنها تحاملت ووقفت لثوانٍ تتمسك برأسها وحينما لاحظت حركته ينوي النهوض والاقتراب منها حتى تحركت تقول وهي تتجه بخطواتٍ متعثرة نحو الحمام :
– أنا ذاهبة إلى الحمام .
دلفت الحمام وأغلقت الباب واتجهت تجلس على حافة حوض الاستحمام وتملس على قلبها ليهدأ ورأسها تهتز برفضٍ تؤكد بلسانها قائلة بخوفٍ وهمس :
– لا يا سارة ، لا يجوز يا سارة إياكِ ، إياكِ والوقوع في حبه .
أما هو فتنهد بضيقٍ حينما لم يستطع البوح بمَ في مكنونه لذا نهض يغادر الغرفة فهي ليست على استعداد لسماعه الآن .
❈-❈-❈
مرت الأيام وبعدما كانت تتجنب رؤيته وتجلس بمفردها باتت تتعمد التواجد مع والدتها ونوحٍ في وجوده حتى لا يستطيع التحدث معها .
ولكنه كان يعاملها بلطفٍ كما لم يعاملها من قبل ، رأت في تصرفاته خوفًا عليها ، رأت لهفة حينما كادت أن تسقط من أعلى الدرج نسبةً لعدم تناولها الغذاء بشكلٍ كافٍ لذا أسرع إليها يسندها ويوبخها بحنانٍ أمام سعاد التي تبتسم وتشجعه بقولها أن ابنتها مهملة .
طوال هذه الأيام ترى وجهًا مختلفًا منه خالف كل ما سمعته عنه .
وجهًا جعلها تود استكشافه من جديد وبرغم ذلك تجد نفسها معذبة بين رغبتها في استكشافه والابتعاد عنه .
توقفت عن صنع الشوكولاتة بشكلٍ مؤقتٍ إلى أن تتعافى وباتت تحاول إشغال وقتها في تعلم وصفات أكثر من خلال كورسات عبر الإنترنت .
كانت تراقب خفية صفحة الخيول الخاصة بعلي لتتابع أخبار رشيدة التي تشتاق لها كثيرًا .
❈-❈-❈
أما هو فكان جالسًا في مكتبه يفكر بها ، استحوذت على قلبه وكيانه وأفكاره ولم تتركه لحظة حتى كاد أن يفقد صفقة هامةً نسبةً لصراع عقله في إيجاد حلٍ معها .
لم يعد يحتمل ، لم يعد يحتمل رؤيتها أمامه وهي في الحقيقة بعيدة عنه كل البعد ، يريد أن يعيش معها ما يشعر به ، باتت كل أمنياته فقط أن تبادله الحب وتتخلى عن عنادها هذا .
صوتًا داخله صرخ به يحثه على التحدث معها بأي شكلٍ كان .
صوتًا يجبره على النهوض الآن والانطلاق إليها وحبسها وعدم تحريرها إلى أن يخرج كل ما في جوفه .
هل تظنه جمادًا ليراها هكذا بهيئتها وملامحها وشموخها وخصلاتها المموجة وضحكاتها التي تتعالى مع صغيره ولا يتأثر ؟ ، هل تظنه قديسًا كي تكون أمامه فاكهته وتحرمه من تذوقها ؟.
تضاعفت طاقته لذا انتشل أغراضه من فوق مكتبه وتحرك يغادر الشركة ويستقل سيارته عائدًا إلى فيلته ، سيتحدث معها ولن يوقفه شيء بعد الآن .
❈-❈-❈
كانت تملأ حوض الاستحمام لتستحم وتشعر بالاسترخاء قليلًا كعادتها كل يومٍ قبل أن يأتي وتضطر لمغادرة غرفتها حتى لا تعطي له فرصة بالاستفراد بها .
انتهت ونهضت تجرد نفسها من ثيابها بصعوبة ولكن بالأخير نجحت لذا انسدلت تتمدد داخله حتى غمرتها المياه بالكامل وأخفتها الرغاوي عدا ذراعها الأيمن الذي أسندته على الحافة وباتت تستمتع بالروائح والمياه من حولها .
أما هو فوصل إلى فيلته يصف السيارة ويترجل منها نحو الداخل بعدما قرر عدم التراجع مهما كانت العواقب .
دلف فوجد نورا تنظف المكان وسعاد تجلس مع الصغير في بهو الفيلا تطعمه بحنانٍ فألقى السلام ثم نظر نحو سعاد وتساءل بثقب :
– أين سارة ؟ ، أريد أن أتحدث معها .
أشارت سعاد برأسها للأعلى تقول بنبرة حماسية وهي تراه يعود مبكرًا :
– في غرفتها يا ابني اصعد لها .
أومأ وتحرك يصعد بالفعل متجهًا إلى غرفتها ، طرق الباب وفتح كالعادة يقتحم الغرفة باحثًا بعينيه عنها فلم يجدها لذا تقدم بخطواتٍ مترقبة نحو باب الحمام ليجده مواربًا ولا إراديًا نظر منه فوجدها تسترخي في حوض الاستحمام مغمضة العينين .
حبس أنفاسه وتجمد جسده لثوانٍ لا يعلم ماذا يفعل ، هل يغادر من حيث أتى ويتركها تستحم وينتظر خروجها ثم التحدث … أو .
تلاعبت الأفكار في رأسه ورسم خطةً سريعة ستجعلها ترضخ لسماعه دون الهروب منه لذا طرق الباب يبتعد عن عينيها فأجفلت تفتح عينيها بتوتر وتخفض نفسها أكثر بين الرغوات متسائلة بتوجس :
– مَن ؟
تحمحم يجيبها بابتسامة تلاعبت بملامحه :
– أنا سيف .
جحظت بصدمة لثوانٍ قبل أن تنطق صارخة :
– إياك أن تدخل .
ومنذ متى وهو يطيعها لذا تقدم يفتح باب الحمام ويدخل يطالعها بثباتٍ ينافي صخب قلبه وأفكاره من هيأتها هكذا قائلًا بحروفٍ ثاقبة :
– يجب أن نتحدث .
شهقت بفزغ وكادت أن تغرق نفسها وهي تقول بترجٍ بعدما أصبحت على وشك البكاء :
– سيف أرجوك أخرج الآن .
لم يرحمها بل تقدم وجلس على الحافة حتى بات على قرب خطيرٍ منها يقول بعيون ثاقبة لا تعرف الاستسلام :
– لن أبرح هذا المكان إلا بعدما أفصح عما بداخلي

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية في رحالها قلبي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى