روايات

رواية مهمة زواج الفصل السادس 6 بقلم دعاء فؤاد

رواية مهمة زواج الفصل السادس 6 بقلم دعاء فؤاد

رواية مهمة زواج الجزء السادس

رواية مهمة زواج البارت السادس

مهمة زواج
مهمة زواج

رواية مهمة زواج الحلقة السادسة

عودة من جديد الى القاهرة
في شقة أدهم….
تململت بفراشها حين تسلل الى أذنيها صوت أذان الظهر، ففتحت عينيها ببطئ و هي تحاول تذكر أين و متى هي الآن، فقد انتابتها حالة من فقدان الذاكرة استمر معها لثوان معدودة إلى أن تذكرت أخيرا آخر ما حدث بينها و بين أدهم.
نهضت لتجلس بالفراش و هي تردد أذكار الاستيقاظ ثم ما لبثت أن تنهدت بحيرة، فلا تدري بما عليها أن تشعر الآن!.. أتشعر بالسعادة أن أصبح مالك قلبها أمامها و بين يديها؟!.. و لما لا و هي التي لطالما حلمت فقط بالجلوس معه و لو لدقائق..
أم تشعر بخيبة الأمل و الخذلان؟!..فحبيبها لا يهتم لشأنها و لا يشعر بها من الأساس.. تزوجها فقط كتأدية واجب لا أكثر.
استعاذت بالله من الشيطان الرجيم ثم تركت الفراش و اتجهت للمرحاض لتتوضأ لصلاة الظهر.
انتهت من الصلاة ثم شرعت في ترتيب الغرفة و قامت بوضع ملابسها في الخزانة، و حين فتحت احدى درفها تفاجأت بملابس له بداخلها، فابتسمت بتهكم مرير ثم تركت درفته الخاصة بملابسه كما هي و استكملت ترتيب ملابسها، و قد خصصت رفا لتحتفظ به بكتبها الخاصة بالفقه و الشريعة و بعض الكتب الأخرى.
أخيرا انتهت ثم ألقت نظرة رضا الى الغرفة، ثم قررت الخروج إلى المطبخ لتعد الإفطار.
ارتدت اسدالها و توجهت للمطبخ، فوجدت وفاء الخادمة تعد الطعام، فتنحنحت حتى انتبهت لها لتقول وفاء:
ـــ صباحية مباركة يا ندى هانم… الست تيسير هانم بعتتني عشان أحضرلكو الفطار.. ثواني هرصه ع السفرة و أمشي علطول.
أومأت برأسها و هي تبادلها بسمة باهتة ثم استدارت لتخرج إلا أنها اصطدمت بصدر أدهم، فقامت رغما عنها بالاستناد على صدره بكفيها، فقام هو بإحاطة خصرها بيديه لكي لا تسقط، فتوترت ندى للغاية و حاولت أن تبتعد عنه إلا أن يدي أدهم طوقتها بقوة منعتها من الحركة فنظرت له بغضب، و لكنه أشار بحاجبيه إلى الخادمة، و لكنها أصرت على الابتعاد عنه، فلمساته تجعلها تشعر و كأنها ترتكب إثما.
قامت بفك يديه المتشبثة بها ثم قالت بنبرة تحذيرية:
ـــ أنا هستناك على السفرة.
أمسك كفها عنوة و هو يقول و يدفعها أمامه بلطف:
ـــ تعالي بس عايزك.
صدرت ضحكة مكتومة من الخادمة فقد فهمت شيئا ما جعل وجنتي ندى تتوردان خجلا، فرمقته ندى بنظرة تحذيرية، فضحك و قال لها بهمس و هو يخرج بها من المطبخ:
ـــ أنا غرضي شريف على فكرة…هي اللي دماغها شمال.
بمجرد أن ابتعدت عن ناظري الخادمة نفضت يدها من يده و تركته و ذهبت لغرفتها بخطوات غاضبة أشبه بالركض، بينما أدهم لحق بها و دخل خلفها ثم أغلق عليهما الباب.
هبت به بانفعال:
ـــ انت كمان بتقفل علينا الباب؟!
صاح بها بعصبية:
ـــ اهدي شوية بقى… كلها خمس دقايق و تمشي.
أخذ صدرها يعلو و يهبط بانفعال بالغ، فاسترسل بنفس نبرته المتعصبة:
ـــ و بعدين انتي هتفضلي لابسة الاسدال دا كدا علطول؟!…لو حد لاحظ على فكرة هنبقى مكشوفين اوي.
ردت بانزعاج:
ـــ أنا مش هقعد معاك في بيت واحد بلبس مكشوف و لا هقعد من غير طرحة…مكشوفين بقى مش مكشوفين دي مشكلتك انت مش مشكلتي.
سار نحوها حتى أصبح بمواجهتها و هتف بحدة:
ـــ انتي بتعانديني يعني ولا انتي ايه بالظبط.
ـــ مش بعاندك….أنا بعمل اللي يبرأني قدام ربنا.. كون انك مش حاسس إن دا غلط فانت حر… انما أنا لأ يا أدهم بيه.
ـــ انتي كدا هتتعبيني معاكي..
أشاحت بيدها بدون اهتمام و هي تقول:
ـــ اتفضل بقى اخرج من هنا… كفاية كدا.
نظر لها بغيظ ثم تركها و خرج من الغرفة صافعا الباب خلفه و كل ما يشغله أنه كيف سيستمر معها على هذه الشاكلة أمام أمه و بقية أفراد أسرته… لابد و أن يجد لها حلا قبل قدوم والدته.
بينما ندى نزعت غطاء رأسها بعصبية و هي تبكي بحسرة على حالها، تحبه و تتمنى قربه، تود لو ترتمي بين أحضانه و لكنها لا تستطيع أن تستمتع بقربه طالما أنه ليس حلالا.
ماذا تفعل و كيف تتصرف!.. كيف ستستمر معه هكذا و إلى متى؟..حتى و إن أنهى زواجه بها كيف ستواجه صدمتها؟.. ليتها لم تُطع أباها.. و لكنها وافقت على أساس أنه طلبها للزواج بكامل إرادته و ليس تحت ضغط، حتما لو تعلم بنيته ما وافقت من الأساس مهما كانت قدر عشقها له.
انتهيا من الإفطار كعادتهما في صمت مطبق، ثم قامت بإعادة الأطباق إلى المطبخ و قامت بتنظيفها، و ما كادت تسير إلى غرفتها حتى استوقفها أدهم هاتفا بها:
ـــ استني يا ندى… احنا لازم نتكلم و نحط حد للموضوع دا.
سارت نحوه بقلب مضطرب، فأكثر ما تخشاه أن يُنهي زواجهما الذي لم يبدأ بعد.
جلسا في احدى أركان الصالة الواسعة حيث يوجد الصالون كأرض محايدة ثم استطرد حديثه قائلا:
ـــ اللي انتي عايزاه هعملهولك…عايزة جوازنا يبقى رسمي أنا موافق… عايزاه مؤقت برضو أنا موافق.
صدمتها كلماته، فقد وضعها في موقف لا تحسد عليه، لم تتوقع أن يبدأ حديثه بهذه الطريقة من فرض الخيارات و كأنها في امتحان، بما يتعين عليها أن تجيبه الآن، فإن اختارت أولهما…
عند هذا الحد و ثارت خلاياها العصبية بطريقة مفرطة، جعلتها تتحدث بغضب مكتوم:
ـــ بالله عليك دا سؤال تسأله ليا… يعني أنا مش عارفه انت بتفكر ازاي..انت بتتكلم كأنك بتقولي اختاري إن جوازنا يبقى مؤقت…ماهو مستحيل هقولك و النبي عشان خاطري خليه رسمي.
كور قبضتيه بعصبية ثم قال و هو يكظم غيظه:
ـــ لا بقى انتي اللي صعبة في التعامل… انا مبقتش عارف أتعامل معاكي ازاي.
ـــ ولا عمرك هتعرف.. اللي انت شايفه صح اعمله..
تنهد بحيرة، فحقا هو غير قادر على حسم ذلك الأمر، ينتظر منها هي الحل الأمثل و لكنها أيضا تراوغه.
سكتت مليا ثم قالت بأسى بنبرة طفولية بحتة:
ـــ أنا بتمنى لو ارجع لبابا تاني.. حاسة بغربة فظيعة من غيره.. لو قدرت ترجعني يبقى انت عملت معايا معروف مش هنساهولك أبداً.
نظر لها بإشفاق ثم قال بهدوء:
ـــ صدقيني يا ندى لو ينفع مش هتأخر أبداً…بس حياتك في خطر و انتي أمانة عندي مينفعش أفرط فيها.
اغرورقت عيناها بالعبرات ثم أخفضت رأسها و هي تقول بصوت مختنق بالبكاء:
ـــ أمانة أه فعلاً..
ازداد إشفاقه عليها رغم جموده الظاهر ناحيتها، و اقترب منها في المقعد حتى أصبح لا تفصلهما سوى عدة سنتيمترات ثم التقط منديل من علبة المناديل و قام بتمريره على عينيها و هو يقول بحزن:
ـــ أنا مقدر اللي انتي فيه، عشان كدا عايز أعملك اللي انتي عايزاه و اللي تحبيه.. مش عايز أفرض عليكي وضع انتي مش حباه.
أنزل يده عن عينيها، بينما هي كانت ساكنة تماما مستسلمة على عكس عادتها معه، الشيئ الذي أثار دهشته و لكنه لم يُعقب حتى لا يثير حنقها مرة أخرى، كانت تشعر أنها ضعيفة.. ضعيفة لأقصى درجة.. تود لو كان بإمكانه أن يحتويها بين ذراعيه لعلها تطمئن قليلا.. ربما يهدأ قلبها مليا… لعلها تستعيد شتات نفسها.
بدون وعي منها و كأنها كانت مغيبة قالت بصوت مبحوح:
ـــ ممكن تاخدني في حضنك؟!
أصابته صدمة كبيرة لثوانٍ و كأن التي أمامه ليست ندى، و كأنها قد أصابها فصام في الشخصية، و لكن صدمته لم تدُم طويلا، فقد كان مُشفقا على حالتها الرثة هذه، ظن أن ذلك نبع من حاجتها لأبيها و افتقادها له، فاقترب منها أكثر و دون أن ينطق قام بجذبها من كتفيها لتستقر على صدره ثم لف ذراعيه حول خصرها و استند بذقنه الى كتفها، بينما هي قامت بلف ذراعيها بضعف حوله، ثم بدأت شهقاتها تعلو شيئا فشيئ حتى اهتز جسدها بالكامل بين ذراعيه من فرط البكاء، فشدد من قبضته على خصرها و ضمها إليه أكثر ربما يهدأ بكائها قليلا..
ظلا على هذا الوضع لدقائق.. لا يتكلم.. فقط ترك العنان لها لكي تُفرغ كل ما يحوية صدرها من هموم و أحزان لتلقي بها على صدره الذي تستقر عليه الآن.
ابتعدت ندى و تركت حضنه و هي تجفف عبراتها و لم تقوى على النظر إليه بل نهضت سريعا إلى غرفتها تاركةً إياه ينظر في أثرها بحالة من التيه و التخبط، فقد استطاعت إثارة شيئا ما بقلبه أحب قربها، و لكنه نفض ذلك عن رأسه مقنعا ذاته أنه فقط مشفقا عليها و على ما يحدث لها.
حين انتبهت لوضعها و هي بين ذراعيه، ابتعدت عنه ثم ركضت إلى غرفتها و هي في حالة من الندم ترثى لها.
أغلقت على نفسها الباب ثم جلست أمام المرآة لتتأمل وجهها الباكي و هي تحدث نفسها بذهول:
ـــ ايه اللي انا عملته دا!!.. إزاي سيبت نفسي للشيطان كدا!..أنا امتى بقيت جريئة و وقحة كدا!…لا أنا مينفعش أعيش معاه لوحدنا…. مينفعش..
قالت كلمتها الأخيرة و هي تبكي ندما و الشعور بالذنب يكاد يقتلها.
دلفت لتتوضأ ثم جلست بفراشها تستغفر الله كثيراً، و بعد الكثير من التفكير قررت أن تلفظه من قلبها ثم تغلقه بسلاسل من حديد حتى لا يتكرر مثل هذا الأمر مرة أخرى لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا.
أما على الجهة الأخرى..
جلس أدهم بشرفة غرفته المطلة على حديقة صغيرة.. مازال يشغله ما صدر من ندى منذ قليل.. يسأل نفسه ترى ما الذي دفعها لفعل هذا؟!.. هل تحبه؟!.. و لكنه عاد ليسخر من نفسه أن فكر في ذلك.. فمن المستحيل أن تحبه بين ليلة و ضحاها، فهما لم يتقابلا منذ عشر سنوات منذ كانت طفلة، فمتى أحبته إذن.. هو حتى لا يذكر أن تحدث معها و لو مرة حين كانت عائلته مرتبطة بعائلتها، فقد كان منشغلا في دراسته في كلية الشرطة.
و لكن أكثر ما شغل باله هو استجابته الفورية لها و عدم التفكير كثيرا و كأن جسده كان متحفزا للانجذاب إليها، متى أصبح رومانسي هكذا.. فالرومانسية لم تعرف طريقا لشخصيته يوما، فلم يطلق عليه محمود لقب “قفل” من فراغ.
ضحك بسخرية من نفسه و هو يهز رأسه يمينا و يسارا ثم استنشق الهواء العليل ببطئ و زفره على مهل ثم حدث نفسه بصوت مسموع:
ـــ أنا شاغل نفسي ليه.. الموضوع مش مستاهل التفكير دا كله..
رن هاتفه برقم أمه فابتسم بسخرية، فحتما تتصل به لكي تطمئن عليهما و بالطبع لن تتوانى عن سرد النصائح و التنبيهات..
ـــ ألو.. و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. الحمد لله يا حبيبتي بخير.
ـــ ها يا حبيبي كله تمام؟!
ازدرد لعابه بتوتر مردفا:
ـــ احم.. اه.. اه كله تمام يا أمي.
ـــ و ندى عاملة ايه.. اوعى تكون زعلتها ولا قولتلها كلمة ملهاش لازمة.. أنا عارفاك.
ـــ لا يا ماما متقلقيش.. كله تمام.
ـــ مش هوصيك على ندى يا أدهم.. البنت صعبانة عليا أوي.. عشان خاطري يابني راعي مشاعرها شوية.
ـــ حاضر يا ماما ندى في عنيا.
ـــ طاب اديهالي أصبح عليها و أباركلها.
تحرك بؤبؤي عينيه بتوتر ثم أردف بكذب:
ـــ هي في الحمام يا أمي لما تخرج هخليها تكلمك.
ـــ ماشي يا حبيبي.. ابقى سلملي عليها.. هبعتلكو وفاء تطبخ الغدا بعد شوية.
بدون تفكير قال لها بتلقائية:
ـــ لا يا ماما متخليهاش تيجي… هنطلب دليفري و خلاص.
ضحكت و هي تقول:
ـــ عايز الجو يخلالك… امممم… طيب يا عريس و ماله.
تعجب من ظنها، و لكنه في ذات الوقت اندهش من حاله أن طلب منها ذلك ثم قال مغيرا مجرى الحديث:
ـــ روان و حودة عاملين ايه… سلميلي عليهم كتير..
ـــ حاضر يا حبيبي.. سلملي على ندى.. في رعاية الله.
ـــ حاضر يا ماما مع السلامه.
أما عند ندى..
حين فرغت من حفظ وردها اليومي التقطت هاتفها لتحدث أباها، فقد افتقدته كثيرا رغم أنه كان معها عبر الهاتف في مكالمة فيديو أثناء حفل زفافها أمس.
في حين أن أباها كان يحترق قلقا من أن يخيب أدهم أمله فيه، و ينكشف خداعه لها أمامه، كان يخشى أن يحدثها حتى لا يسمع منها كلمة لوم أو عتاب و هو لا ينقصه، فيكيفه نيران بعدها عنه المشتعلة بكيانه كله.
اتصلت به و انتظرت قليلا ليأتيها صوته المتلهف:
ـــ ندى حبيبتي.. عاملة ايه يا قلبي.. وحشتيني وحشتيني وحشتيني اوى.
ابتسمت بحب و هي تقول بتأثر:
ـــ و انت كمان يا بابا وحشتنى اوى اوى.. مش عارفه انا هعيش هنا من غيرك ازاي.
ـــ أنا آسف يا حبيبتي اني بعدتك عني بس و الله دا من كتر خوفي عليكي.. بس اللي مطمني انك عايشة مع ناس بتحبك و طنط تيسير بتعتبرك بنتها.
اغرورقت عيناها بالعبرات ثم أردفت بنبرة شبه باكية:
ـــ بس أدهم مش بيحبني يا بابا زي ما كنت مفهمني.
انخلع قلبه حسرة عليها ثم سألها بترقب:
ـــ هو قالك كدا؟!
ـــ لا أنا فهمت من تصرفاته… بيتعامل معايا كأني واحدة غريبة عنه..
تنهد بأسى ثم قال:
ـــ سامحيني يا ندى… كان لازم أخليكي توافقي على جوازك من أدهم بأي طريقة وعشان ابعدك عن الخطر.
ــــ تقوم تكسر قلبي يا بابا؟!
رد بنبرة معذبة:
ـــ يعني قلبك يتجرح ولا تروحي مني خالص و أموت بحسرتي عليكي.. مش كفاية عليا موت أمك؟!
أخذت شهقاتها تعلو شيئا فشيئ، فاستطرد بنبرة حانية:
ـــ أدهم انتي هتعرفي تخليه يحبك يا ندى و أنا متأكد من كدا…هو مين بس يابنتي اللي يعرفك و ميحبكيش!
ــــ حضرتك بتقول كدا عشان انا بنتك بس.
ـــ لا أنا متأكد من كلامي.. انتي ليكي سحر خاص على كل اللي حواليكي…محبة الناس ليكي نابعة من محبة ربنا.. و انتي ما شاء الله عليكي يا بنتي بتخافي ربنا و بتتقيه في كل حركاتك و سكناتك.
ـــ حضرتك بتقول كدا عشان تصبرني..
ـــ لا يا حبيبتي بقول كدا بقناعة… و جرح قلبك مسير الأيام تداويه و أدهم قريب أوي هيحبك بجنون بس انتي خلى أملك في الله كبير و في نفس الوقت احفظي كرامتك.. لأنها هي أغلى حاجة تملكيها.
هزت رأسها بايجاب و هي تقول:
ـــ حاضر يا بابا… حضرتك متعرفش كلامك دا ريحني قد ايه.
ابتسم بارتياح و هو يقول:
ـــ احنا صحاب يا ندى.. و أي حاجة تزعلك كلميني علطول و فضفضي معايا.. بكرة لما الدراسة تبدأ و تختلطي بالناس هتتعرفي على أصحاب جداد و هتلاقي نفسك معاهم و الحياة هتبقى أحلى يا بنتي ان شاء الله.
ابتسمت بأمل و هي تقول:
ـــ إن شاء الله يا بابا.
ـــ وصلي سلامي لأدهم يا حبيبتي.
ـــ الله يسلمك يا حبيبي.. لا إله إلا الله
ـــ محمد رسول الله.
أرخى أنور جسده بفراشه و هو يحدث نفسه بحزن:
ـــ ليه كدا يا أدهم؟!….دا انت لو لفيت الدنيا كلها مش هتلاقي زوجة زي ندا في تدينها و جمالها و أخلاقها… ربنا يهديك و ينور بصيرتك.
في محافظة سوهاج
كان جالسا بالمضيفة الملحقة بالدوار حيث كان يناقش إحدى العائلات في مسألة تخص الثأر و ما يتبعه من خراب في محاولة جادة منه لكي يجعلهم يتنازلون عن هذه الفكرة المدمرة ليقوم بدوره الهام كونه كبيرا لبلدته و حلال العقد.
ـــ راچع نفسك يا حاچ صالح… لو جتلت ولده اليوم هيجتل ولدك عشية و هنفضلوا في الدوامة دي و مش راح نخلصو منها واصل… و الشباب اللي كيف الورد هو اللي بيدفع التمن.
رد الآخر بغلظة:
ـــ لو ماخدتش بتار أبوي هتچرس في البلد كلاتها يا كبيرنا و انت خابر زين.
ـــ مالكش صالح بالبلد… أني هانا الكبير و البلد كلاتها عارفة إن مفيش كلمة بعد كلمتي… و أنا جولت هننهي التار ده للأبد… فوزي الچيار صبيحة الچمعة جدام البلد كلاتها هيجدملك كفنه على يده و انت هتجبله و نجفلو على السيرة دي و اكده خلص الكلام.
ــــ بس يا كبيرنا..
قاطعه معتصم باشارة من كفه حين رن هاتفه برقم ما فأخرجه من جيب جلبابه ليسود وجهه بغضب جامح حين رأى هوية المتصل ثم أعاده مرة أخرى لجيبه ثم تحدث بصوت مجلجل غير قابل للنقاش:
ـــ مبسش يا حاچ صالح أني جولت هننهي التار يعني هننهيه… خدوا واچبكم انتو مش أغراب.. عن إذنكم..
قالها ثم هب واقفا من أمام الحضور ليغادر المضيفة و يتجه مباشرة إلى داخل الدوار قاصدا غرفته بالدور العلوي.
بمجرّد أن دلف غرفته نزع عنه جلبابه بعصبية ثم التقط هاتفه و أعاد الاتصال بالرقم المتصل ثم وضع الهاتف على أذنه و حين أتاه صوت الطرف الآخر قال بغضب جامح:
ـــ هو أنا مش قولت متتصليش بيا أبدا طول ما أنا في البلد… انا كلامي مبيتسمعش ليه… انتي كدا جبتي آخرك معايا و بنظامك دا استحالة نكمل مع بعض.
ردت بخوف:
ــــ أنا اتصلت عشان..
قاطعها بانفعال بالغ:
ـــ مهما كانت الاسباب.. لو بتموتي حتى متتصليش بيا.. قولتلك ميت مرة ابعتيلي رسالة ع الواتس و لما اكون لوحدي هكلمك… انما اللي انتي بتعمليه دا مينفعش يا نيرمين.
ردت بصوت باكي:
ـــ خلاص يا معتصم أنا آسفة مش هتتكرر تاني… أنا بس اعتبرت نفسي مراتك بجد و حبيت أطمن عليك.
زفر بضيق فتلك الحركات الغبية لا تمل من فعلها أبداً ثم قال بجدية:
ـــ نيرمين احنا متفقين من الأول ان جوازنا منفعة متبادلة و مفيش مجال للحب بينا و انتي وافقتي… و كنتي ماشية ع الاتفاق كويس… مش عارف ايه اللي قلب أحوالك كدا و بقيتي تقلقي عليا و شغل الأفلام دا.
قال عبارته الأخيرة بحدة و انفعال فأجابت بلهفة:
ــــ عشان حبيتك يا معتصم… اه في الأول كنت معجبة بيك كزوج و كرجل أعمال ناجح و أقنعتك بعرضي…بس معرفش ازاي من غير ما أحس لقيت نفسي مش قادرة استغنى عنك و بقيت بتوحشني لما بتسافر بلدك.. هو دا غلط إني أحبك؟!
ــــ أيوة غلط… غلط يا نيرمين… و بعدين الموضوع دا مينفعش نتكلم فيه في التليفون… لما نتقابل نكمل كلامنا… سلام.
ثم أغلق الهاتف و ألقى به على الفراش و هو يزفر بعنف، فليس هذا ما كان ينقصه…

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية مهمة زواج)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى