روايات

رواية مهمة زواج الفصل الرابع 4 بقلم دعاء فؤاد

رواية مهمة زواج الفصل الرابع 4 بقلم دعاء فؤاد

رواية مهمة زواج الجزء الرابع

رواية مهمة زواج البارت الرابع

مهمة زواج
مهمة زواج

رواية مهمة زواج الحلقة الرابعة

عودة إلى الوقت الحالي…
حيث حفل الزفاف البسيط المقام على متن باخرة نيلية..
انتهى الحفل على خير رغم غضب أسرته من جفائه الظاهر و اللامبالاة التي تحلى بها.
استقل أدهم سيارته بعروسه إلى منزله الكبير المكون من طابقين و أمامه حديقة صغيرة و جراچ للسيارات.
كان من ضمن شروط موافقتة على الزواج بندى هو اقامته بشقة والدته التي يقيم بها حاليا، ناويا في قرارة نفسه أن شقته و الذي كان يقوم بتجهيزها لن تدخلها عروس أخرى سوى “دارين” و لو بعد حين، و قد وافقت السيدة تيسير بل و استحسنت ذلك الأمر حتى تقوم بتوجيهه في تعامله مع ندى دائما، فهي تعلم أنه طالما تزوجها رغما عنه فسوف يكون فظا معها حتى و إن لم يقصد ذلك، و لكنها قررت أن تتركهما لثلاثة أيام و تقيم عند روان ابنتها حتى يخلو لهما الجو في تلك الأيام القلائل.
بعد عدة دقائق كانت ندى تخطو بقدميها إلى داخل الشقة الواسعة بقلب وجل و أطراف مرتعشة، تتمنى أن تمر الليلة على خير ما يرام.
أغلق أدهم باب الشقة في حين تقف ندى أمامه مولية ظهرها ناحيته، فأخذ نفسا عميقا، و حاول رسم ابتسامة صافية على شفتيه، فكسر الخواطر ليس من شيمه، ثم تقدم حتى أصبح خلفها تماما تستطيع سماع أنفاسه الهادئة، فتجرأ و قام بإحاطة خصرها بيديه الأمر الذي أصابها بالقشعريرة، و قام بإدارة جسدها نحوه لتصبح بمواجهته، لتقابل هي تلك الابتسامة الساحرة التي أذابتها بينما هو اتسعت ابتسامته حين رأى خجلها ظاهرا في اشتعال وجنتيها بحمرة جميلة زادت ملامحها الطفولية براءة و جاذبية.
ـــ مبروك يا ندى.
ابتسمت بخجل و هي مطرقة الرأس قائلة:
ـــ الله يبارك فيك يا أدهم.
ترك خصرها ثم أمسك يدها و سار بها بإتجاه إحدى الغرف و قام بفتحها و دلفا إليها سويا ثم قال لها بنبرة جادة:
ـــ دي قوضتنا يا رب تعجبك… روان هي اللي اختارت كل حاجة فيها على ذوقها.
أخذت تدور بعينيها في أنحاء الغرفة بإعجاب واضح، فقد كانت رقيقة للغاية، مطلية باللون الوردي الزاهي و أثاثها من اللون الأبيض و ستائر من الشيفون في منتهى الرقة.
ـــ ذوقها جميل أوي.. تسلم ايديها.
أومأ برأسه موافقا ثم قال:
ــــ أنا هسيبك تغيري براحتك و هروح أغير هدومي في قوضتي.
رددت باستنكار:
ــــ قوضتك؟!
ازدرد لعابه بتوتر قائلا بمراوغة:
ـــ اه ماهي دي قوضة روان قبل ما تتجوز أصلا و هي جهزتها لينا احنا الاتنين… انما أنا ليا قوضة هناك في الناحية التانية من الشقة و فيها هدوم ليا و كل متعلقاتي الشخصية.
تجهم وجهها بضيق بالغ، فمرة أخرى يجعلها تخشى من فكرة لطالما أنكرها قلبها بشدة و تهرب منها.
هزت رأسها دون أن تنطق، فالصدمة جعلتها غير قادرة على الرد.
ـــ في هنا حمام صغير عشان تكوني براحتك… عن إذنك.
بمجرّد أن خرج و أغلق الباب، هوت بجسدها على حافة الفراش و الصدمة قد احتلت جسدها بالكامل، ثم ما لبثت أن انخرطت في بكاء مرير حاولت كتمانه حتى لا يسمعها، فيبدو أن أباها قد خدعها، فمن الواضح أن أدهم مجبور على تلك الزيجة، و أنها غير مرحب بها في حياته، فليس هذا بسلوك عريس انتظر عروسه و تلهف للقائها.
بعد فترة من البكاء و الرثاء لقلبها الملتاع، قررت أن تتعامل معه على أساس أنها أيضا مجبرة على الزواج منه مثله تماما، فيكفيها صدمات و بعثرة لكرامتها إلى هذا الحد.
خلعت فستانها و ألقت به بعنف على أرضية الغرفة، و التقطت ملابسها و دخلت المرحاض المرفق بالغرفة و قامت بالاغتسال و توضأت و ارتدت بيچامة صيفية ثم ارتدت فوقها اسدال الصلاة، و قامت بتشغيل بوصلة هاتفها للتعرف على اتجاه القبلة ثم شرعت في الصلاة تتصبر بها على ما أصابها من خذلان و هوان.
أما أدهم قام بالاغتسال و تبديل ملابسه لـ تي شيرت و بنطال منزلي و صلى ما فاته من فروض ثم وقف بشرفة غرفته يتنفس هواءا عليلا لعله يلملم شتات نفسه.
أخذ يدور بالغرفة ذهابا و إيابا، غير قادر على أخذ الخطوة التالية مع من هي من المفترض أن تكون زوجته، حتى أعياه التفكير، فاضطر لأن يحادث آسر عبر الهاتف لعله يساعده أو يحصل منه على نصيحة…
ـــ ألو.. آسر
……
اسمعني يا زفت للآخر
……
مش قادر اخد الخطوة
…..
حاسس إنها غريبة عني
……
ازاي عايزني أقرب من بنت لا كنت شوفتها ولا اعرفها و مطلوب مني أحبها بين يوم و ليلة
……
أنا مش ساحر يا آسر
…….
مش قادر
……
مش قادر
………
مش عايز أكسر بخاطرها و في نفس الوقت حاسس إني هكسرها أكتر لو قربت منها غصب عني لأنها أكيد هتحس و هتفهم
…….
خلاص اقفل مش عايز منك مساعدة
لم ينتظر رده و أغلق الهاتف سريعا، فقد كان كل كلام آسر اتهامات و هجوم على أدهم.
بعد وقت ليس بطويل قرر الذهاب إليها و ليترك الأمور تسير كما هو مُقدر لها أن تسير.
قام بطرق باب غرفتها ففتحت له لتطل عليه بإسدال الصلاة، فتنحنح قائلا بتوتر:
ـــ يلا عشان نتعشا؟!
أومأت له بإيجاب، فاسترسل قائلا:
ـــ الشغالة جهزت الأكل على السفرة و مشيت.. تعالي ناكل قبل ما الأكل يبرد.
ــ ماشي يلا.
ناظرها بدهشة قائلا:
ـــ هتاكلي بإسدال الصلاة؟!
ردت بابتسامة صفراء لم تتخطى شفتيها:
ـــ عندك مشكلة؟!
ـــ لا أبداً براحتك.
سبقها إلى طاولة الطعام و سارت خلفه، فأجلسها إلى الطاولة و جلس قبالتها و شرعا في تناول الطعام في صمت تام، صمت بليغ جعلها تتأكد من أنه بالفعل لا يحبها و لا تَتوق و لو للحظة للقائها كما زعم أبوها.
أنهت طعامها سريعا، فقام بدوره بإنهاء طعامه ثم نهضت لتلملم الأطباق و تذهب بها إلى المطبخ حيث أشار لها.
عادت من المطبخ و توجهت مباشرة إلى غرفتها، فتفاجئت به يجلس على حافة الفراش ينتظرها و تبدو على ملامحه علامات التوتر ، فقد كان شعره الطويل أشعث من كثرة تخليل أصابعه بخصلاته كناية عن توتره، و عينيه تدوران في أنحاء الغرفة سواها، كما أنه كان جالسا و ظهره مائلا للأمام مستندا بذراعيه إلى ركبتيه و هو يتنفس بوتيرة سريعة.
حين دخلت بقي على وضعه فقط رفع عينيه لينظر اليها نظرة خاوية من أي مشاعر، نظرة فهمتها جيدا، ثم حاد بناظريه بعيدا عنها.
ـــ أدهم…انت مكبر الحكاية كدا ليه… خلاص مهمتك خلصت و تقدر دلوقتي تروح تنام في قوضتك.
عقد ما بين حاجبيه باستغراب، ثم نهض ليقف أمامها بقامته الطويلة بالنسبة لقامتها القصيرة متسائلا بدهشة:
ـــ قصدك ايه بالظبط.
ردت بنبرة موجعة حاولت جعلها عادية:
ـــ أقصد إن خلاص التمثيلية خلصت… واضح انك وافقت على الجوازة دي و انت مضطر… زيي بالظبط..
راح ينظر إليها بعدم تصديق، لقد أتى الفرج من حيث لا يتوقع، لا تدري أنها بكلماتها تلك أزاحت عن كاهله حملا ثقيلا، و جعلت مهمته معها أكثر سهولة.
ـــ ندى إنتي بنوتة جميلة و أي شاب يتمناكي.. كل الحكاية ان مكانش في وقت نتعرف على بعض و نقرب لبعض عشان الجوازة دي تتم زي أي جوازة.
ـــ مفيش داعي تقول أي مبررات يا أدهم… أنا فاهمة كل حاجة كويس أوي… و أنا مش زعلانة منك.. بالعكس أنا ممتنة ليك إنك نفذت رغبة بابا واتعهدت بحمايتي و خليته مطمن عليا…. هنضطر نستحمل بعض فترة كدا لحد ما الأمور تهدى و بابا يطمن عليا و بعد كدا كل واحد يشوف طريقه.
أغمض عينيه بارتياح كبير، الأمر الذي جعلها تحدث نفسها قائلة:” يا يا أدهم.. للدرجادي أنا كنت هم تقيل على قلبك”.
اغرورقت عيناها بالعبرات و لكنها أخفضتهما سريعا للأسفل و هي تقول:
ـــ ممكن تخرج عشان تعبانة و عايزة أنام.
أومأ بإيجاب ثم مر من جانبها و هو يقول:
ـــ قوضتي قصاد قوضتك في الجهة التانية لو احتاجتي حاجة تعاليلي في أي وقت.. يا ريت متتكسفيش مني… تصبحي على خير.
أومأت برأسها دون أن تنطق أو حتى ترفع عينيها إليه، فقد اختنق صوتها بالبكاء، و في الأخير أطلقت لدموعها العنان حين سمعت صوت الباب ينغلق.
بينما أدهم تمدد بفراشه بأريحية بعدما أحس بأنه أصبح حرا و كأنها كانت تقيده من رقبته، و أخذ يفكر بدارين و كيف هي الآن و كيف ستكون خطته التالية تجاهها…
فكر أيضا في موقف والدته إن علمت بما حدث الليلة بعد عودتها من منزل روان شقيقته، حتما لن تمررها له مرور الكرام، ربما تتأزم حالتها الصحية أيضا، فهو يعلم جيدا مكانة ندى لديها و أنها لن تقبل بتاتا البتة بذلك الوضع… لذلك أقر أن يتفق مع ندى على إخفاء ذلك الأمر عن أمه لحين إشعار آخر.
نام كل منهما في غرفته، و حين أذن الفجر، نهضت ندى لتؤدي صلاتها، و بعدما انتهت أحست أن حلقها قد جف، فخرجت من غرفتها و هي مرتدية إسدال الصلاة و لكن شعرها مكشوف و طرحتها متدلية على كتفيها.
سارت باتجاه المطبخ ثم دخلته و قامت بملئ كوب ماء من المبرد و شربته و حين همت بإعادته لمكانه تفاجئت بأدهم يدخل من باب المطبخ بملامح ناعسة و شعر أشعث و وجهه مُحمر من أثر النوم، فوضعت الكوب سريعا على المنضدة ثم قامت بلف طرحتها لتغطي شعرها بالكامل باضطراب، الأمر الذي أثار دهشة أدهم للغاية، و راح يحدثها بنبرة متحشرجة و هو مقطوب الجبين:
ـــ انتي بتغطي شعرك مني ليه؟!.. دا أنا جوزك برضو.
ابتسمت بسخرية ثم ربعت يديها أمام صدرها و هي تقول:
ـــ بعد الكلام اللي قولناه امبارح مبقتش جوزي ولا أنا مراتك.
رفع حاجبيه متسائلا:
ـــ بمعنى؟!
تنهدت بألم حاولت إخفائه ثم قالت بجدية:
ـــ عقد الجواز كان هيكون صحيح لو مفيش فيه الشرط اللي اتفقنا عليه امبارح.
ـــ شرط ايه مش فاهم.
ـــ احنا اتفقنا اننا هنستحمل بعض فترة معينة و بعدين ننفصل و دا معناه إن العقد مؤقت و الشرط دا أبطل عقد الزواج… و أنا دلوقتي مش مراتك و ميحقش ليك أي حقوق من حقوق الزوجة على زوجها.
أخذ يحاول استيعاب ما تقوله بتمعن ثم ما لبث أن سألها بتعجب:
ـــ انتي متأكدة من الكلام دا؟!.. انتي أصلا جايبة المعلومات دي منين؟!
أجابته بثقة:
ـــ أنا عندي مكتبة معظمها من كتب الشريعة و الفقه و دايما بقرأ فيها و عندي حصيلة معلومات كبيرة و أي حاجةبتقف قصادي برجع للكتب دي.
ناظرها بإعجاب واضح جعله يشعر كم هي رائعة بالنسبة لمثيلاتها من الفتيات، ثم تنحنح متسائلا بترقب:
ـــ ماشي بس العقد اتكتب بموافقتك و بعلمك… أنا متجوزتكيش من وراكي..و في شهود و إشهار و كل الشروط مظبوطة.
ـــ أدهم افهم… انا قولت العقد صحيح لو مكناش وقفناه على شرط..
أومأ متفهما، ثم ربع يديه أمام صدره و هو يقول متنهدا بعمق:
ـــ لحد امتى يا ندى؟!…واضح ان الوضع دا هيستمر كتير و مش هنقدر نخبي على الناس اللي حوالينا فترة طويلة…مش عارف أصلا ماما هتتقبل الوضع دا ازاي؟!
تشدقت ملامحها بقهر هاتفة به بحدة:
ـــ و الله بقى دي مشكلتك انت… و انت المسؤل تحلها.. أنا بالنسبالي اضطريت أقبل بالأمر الواقع و كنت هكمل في الجواز منك عادي على أساس إنك متجوزني بإرادتك…بس كويس إن الحال من بعضه.
رد عليها بحدة:
ـــ انتي تقصدي ايه بالظبط؟!… انتي تطولي أصلا تتجوزي واحد زيي؟!
ـــ الحمد لله مبطولش…
قالت كلمتها بسخرية ثم مرت من جانبه لتتركه منصدما من ردها و هي تتمتم بغضب (واحد مغرور)… ثم ما لبث أن ضحك رغما عنه حين فهم كلمتها و مقصدها من فارق الطول بينهما، فتوقفت عند باب المطبخ و عادت تنظر اليه و هو موليها ظهره و كأنها تذكرت شيئا لتوها لتقول:
ـــ و آه على فكرة….لو كنت اعرف ان دي نيتك في الجواز مني مكنتش سمحتلك تلمسني ولا تمسك ايدي و لا ترقص معايا.. ربنا يسامحنا و يغفرلنا بقى.
أنهت كلماتها ثم تقدمت من الباب لتغادر و لكنها عادت مرة ثالثة لتقول بنبرة جامدة:
ـــ متنساش تصلي الفجر… كلها دقايق و وقت الشروق هيدخل و هيفوتك الفجر.
التفت إليها لينظر لها بحدة قائلا:
ـــ والله مش محتاججك تفكريني… انتي فاكرة محدش بيصلي الفجر حاضر غيرك ولا إيه؟
ابتسمت بانتصار أن استطاعت استفزازه لعلها تثأر و لو قليلا لكرامتها، ثم تركته يهمهم بضيق و اتجهت لغرفتها و أغلقتها عليها جيدا و قررت أن تنعم بنوم هانئ و تنسى ما لاقت من أحداث مؤسفة تلك الليلة.
في صباح يوم جديد في إحدى قرى محافظة سوهاج….
ترجل من سيارته حديثة الطراز بطوله الفاره و جسده الرياضي عريض المنكبين و لون بشرته البرونزية من أثر حرارة الشمس الحارقة و لحيته المهذبة النامية، و عينيه العسليتين الثاقبتين مرتديا بنطال جينز أسود و قميص سماوي كاچوال يعلوه بليزر كاچوال أسود من الشمواه و نظارة شمس قيمة، ثم ترك السيارة للخفير النحيل ليقوم بتنظيفها، و اتجه إلى مضيفة المنزل حيث تجلس أمه، تلك السيدة المسنة التي تتشح بالسواد منذ وفاة زوجها ذات ملامح مصرية أصيلة يشبهها ولدها البكري معتصم كثيرا، لذلك هو حسن الخلقة جميل الملامح مثلها تماما.
انحنى معتصم ليلثم يدها باحترام، فقامت بدورها بمبقابلته ببسمة واسعة و هي تقول:
ـــ حمد الله على سلامتك يا ولدي.
ـــ الله يسلمك يا حاچة… كيفك و كيف صحتك اكده.
ـــ بخير طول مانت بخير يا وليدي….عملت ايه مع الناس اللي كنت رايحلهم في مَصِر.
جلس بجوارها ثم قال بجدية:
ـــ كل خير يا أمايا… الحمد لله مضينا عجد(عقد) الشراكة و المصنع بجى مصنعين و عينت هشام چوز أختي رئيس مچلس الإدارة و حَمَد أخوي امعاه طبعا، أهو يتعلم منيه الشغل… انتي خابراه هشام واعر اف شغل الإداريات و قمان مش هلاجي حد أحسن منيه يدير الشركة و أني اهنيه في البلد.
مسدت على كتفه بحنو و هي تقول بنبرة عاتبة:
ـــ جولتلك يا ولدي خليك اهناك ف مصر حدا شركاتك و مصانعك و احمل هم مالك و أني اهنيه مرتاحة و عايشة في خير أبوك الله يرحمه… مش طالبة حاچة من الدنيا واصل غير اني أسمع عنك انت و خواتك خير.. بدل البهدلة كل شوية بين اهنيه و اهناك.. المسافة طويلة و أني بجلج عليك طول ما انت سايج و مسافر.
انحنى ليقبل رأسها ثم قال بنبرة حانية:
ـــ مجدرش أسيبك يا أماي…ميعديش يومي من غير مااصطبح بالجمر اللي جاعد جدامي ده… إلا بجى لو ناوية تيچي تعيشي معايا اهناك.
ردت بسرعة و بنفي قاطع:
ـــ لاه… البلد و الدار دياتي روحي فيهم… مش راح أفارجهم واصل لحد ما اندفن في تربتي.
قبض على كفيها و هو يقول:
ـــ بَعيد الشر عنيكي يا جمري…دا انتي نوارة البلد كلاتها..
غيرت مجرى الحديث و هي تقول بضيق نوعا ما:
ــ روح… روح غير خلجاتك على ما البت نعمة تچهزلك الفطور… أني هستناك نفطروا سوا.
ـــ حاضر يا أمايا… ربع ساعة بالكَتير و أدّلي أفطر امعاكي.
غادر معتصم مجلس والدته متجها إلى غرفته و هو نادما على ما تفوه به من حديث تكرهه والدته دائما و أبداً، ليأخذ حماما باردا ثم يبدل ملابسه إلى الجلباب الصعيدي المعروف، ثم يعود لأمه مرة أخرى بهيئته الصعيدية التي دائما تفضلها و تحب أن تراه بها.
ما كاد معتصم يدس قطعة الفطير المشلتت في طبق العسل حتى أتاه صوت أحدهم يكتسح المضيفة و من خلفه خفيره النحيل سمعان يصيح به و يحذره من الدخول بدون استئذان، بينما الآخر لم يبالي له، فقد كان في أقصى درجات غضبه، و حين أصبح ماثلا أمام كبير البلدة “معتصم البدري” أخذ يلوح بيده بانفعال بالغ:
ـــ بجى اكده يا كبيرنا… حتت بت مصراوية متسواشي في سوج الحريم بصلة تجولي أني يا چاهل يا متخلف؟!…و الله يا كبير لولا إنها حرمة لكنت جتلتها و رميتها لكلاب السكك ينهشو بلحمها.
وقف معتصم أمامه و الغضب قد تجلى بملامحه الحادة و هتف بالماثل أمامه بترقب:
ـــ إوعاك اتكون بتتحدت عن ضاكتورة الوحدة اللي لسة چاية من مصر مبجلهاش يامين؟!
ـــ هي بعينها يا مِعتِصم بيه.
أخذ يصتك فكيه من الغيظ و هو يتمتم بغضب جامح:
ـــ واه يا بت الفرطوس… بجى حتت مفعوصة زييكي تخلي كل يوم رچالة بشنبات يچروا يشتكو منيكي!!… أومال لو جعدتي شهر قمان عاد هتعملي فينا ايه أكتر من اكده؟!
هتف بصوت رج أنحاء المنزل…
ـــ سمعااااان… تروح للبت دي الوحدة و تچيبهالي دلوق… مفهوووم.
أخذ يرتجف و هو يقول باهتزاز:
ـــ ما… مفهوم يا كبير.
كانت الحاجة أم معتصم تتابع ما يحدث باستنكار شديد، و طلبت من ولدها أن يقوم بردع تلك الفتاة الطائشة و التي تخطت حدودها مع رجال القرية، فعاد لمجلسه مرة أخرى و هو يتوعد لها.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية مهمة زواج)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى