روايات

رواية مهمة زواج الفصل الثاني 2 بقلم دعاء فؤاد

رواية مهمة زواج الفصل الثاني 2 بقلم دعاء فؤاد

رواية مهمة زواج الجزء الثاني

رواية مهمة زواج البارت الثاني

مهمة زواج
مهمة زواج

رواية مهمة زواج الحلقة الثانية

في تلك الأثناء تماما تحديدا في الولايات المتحدة بمدينة نيويورك.
يجلس رجل خمسيني، في شرفة شقته ينظر إلى السماء و العبرات تتساقط من عينيه و هو يحدث نفسه بحزن بالغ و كأنه ينعي فقيد:
ـــ كان نفسي أسلمك بإيدي لعريسك يا ندى… كان نفسي أشوف فرحتك بفستانك و انتي جنب عريسك.. كان نفسي أشوف لمعة عنيكي اللي بشوفها لما كنت بجيب سيرته او أكلمك عنه… سامحيني يا بنتي إني كنت السبب في إن ليلة فرحك تكون بالشكل دا و بالطريقة دي و أنا مش معاكي… بس عزائي الوحيد إن سيبتك بين ايدين راجل هيعرف يحافظ عليكي و يحميكي من أعدائه و أعدائي… الراجل اللي انتي طول عمرك كنتي بتحبيه و بتتمنيه.
أخذ يكفكف عبراته الساخنة بيديه ثم أراح ظهره للخلف يتذكر ما حدث منذ ستة أيام تقريباً….
فلاش باك…..
ـــ ألو… سامي.. الحقني يا سامي أنا في مصيبة..
تحدث بهلع مع صديقه و زميله في العمل عبر الهاتف فأتاه رد الآخر من بلده الحبيبة مصر:
ـــ في ايه يا أنور قلقتني.
ـــ المافيا رجعو ينخوروا ورايا تاني و شاكين إني ورا الصفقة الأخيرة بتاعتهم اللي باظت بس مش متأكدين… و بيبعتولي رسايل تهديد بالاغتيال يا سامي.. انت متخيل؟!.. هعيش أنا و بنتي نفس المأساة تاني… مش كفاية سمية راحت مني… هستنى كمان لما ندى تروح ولا لما يقتلوني أنا و أسيبها هي تواجه العصابة دي لواحدها؟!
هوى قلب اللواء سامي في قدميه ثم قال بقلق:
ـــ اهدى.. اهدى يا أنور… مفيش قدامنا غير إنك تجيب ندى و ترجع على مصر.. احنا هنقدر نحميك.
ـــ يبقى انت كدا بتحكم علينا بالموت… انت عارف كويس اوي إنهم مراقبيني و عايزيني أفضل تحت عنيهم عشان يضمنو إني مش هأذيهم بالمعلومات اللي عندي… و اللحظة اللي هيعرفوا فيها إني هرجع هيكونو موتوني قبلها.
أخذ سامي يتنفس بعنف فهو يشعر الآن بالعحز التام، و أخذ يردد بهلع:
ـــ انت عندك حل تاني يا أنور؟!
سكت أنور يزدرد لعابه بصعوبة إلى أن قال:
ـــ أنا مش خايف على نفسي.. أنا كل خوفي على ندى.. ندى مش قد العصابة دي… لو موتوني مش مهم.. إنما ندى… لأ.. ندى لازم أحميها منهم لو على حساب نفسي.
رد سامي بقلة حيلة:
ـــ ابعتلنا ندى يا أنور… احنا هنعرف نحميها كويس.
ـــ أبعتهالك بصفتك ايه يا سامي؟!.. و هتعيش معاك ازاي و انت اصلا كل ولادك متجوزين و عايش لواحدك في البيت.
ـــ عيب عليك يا أنور… ندى دي بنتي.
ـــ لا بنتي مش هتقبل بالوضع دا أنا متأكد… أمها الله يرحمها مربيها على مبادئ و أخلاق الدين و محفظاها كتاب الله قبل ما تستشهد.
ـــ طاب قولي انت نعمل ايه… اللي تقول عليه هعمله يا أنور… دا أقل حاجة نقدر نقدمهالك بعد كل اللي ضحيت بيه في سبيل البلد.
ـــ اسمعني كويس… من آخر رسالة وصلتني منهم و أنا مبطلتش تفكير في مصير ندى… و ملاقيتش غير حل واحد هو اللي هينقذ بنتي من بين ايديهم.
ـــ أنا معاك و هنفذ اللي تقول عليه بدون نقاش.
ـــ مفيش قدامي غير إني أجوزها لأدهم برهام.
ـــ أدهم؟!… اشمعنى أدهم؟!
ـــ لأن أدهم له تار بايت معاهم.. مانت عارف انهم هما اللي اغتالو العميد برهام بيه الكيلاني الله يرحمه.. و أدهم مش سايبهم و بينخور وراهم… و هما مرعوبين منه و بيحاولو يبعدو صفقاتهم عن مصر بأي طريقة عشان ميقعوش تحت رحمته… و ندى لو اتكتبت على اسمه استحالة يفكرو يأذوها… لأن لو دا حصل… التار هيكون تارين و أدهم مش هيعديهالهم و هما عارفين كدا…. أدهم الراجل الوحيد اللي هأتمنو على ندى.
اقتنع اللواء سامي بحديث زميله و صديقه أنور و أجابه بلا تردد:
ـــ علم و ينفذ يا سيادة اللوا.
ابتسم أنور بارتياح ثم قال بجدية:
ـــ أنا هسيبلك انت المهمة دي يا سيادة اللوا.. بس يا ريت في أسرع وقت… مفيش قدامي وقت كتير… احنا في خطر لا تتخيله.
ـــ متقلقش يا أنور…خلال أقل من أسبوع ان شاء الله ندى هتكون موجوده في مصر و هي حرم الرائد أدهم برهام الكيلاني.
مازلنا في أحداث ما قبل ستة أيام من الوقت الحالي……….
أغلق اللواء سامي الهاتف مع صديقه، ثم جلس مليا يفكر كيف سيفاتح أدهم في ذلك الأمر، خاصة و أنه لم يكد يمر شهرا واحدا على خطبته من أخرى.
و لكن ليس أمامه سوى أن يوافق أدهم على الزواج بندى و لو اضطر إلى إجباره على هذه الزيجة.
رفع سماعة هاتف مكتبه متحدثا بلهجة رسمية:
ــ ابعتلي أدهم بيه يابني.
و ما هي إلا دقائق حتى كان أدهم جالسا قبالته ببدلته البيضاء الرسمية بعدما قام بأداء التحية العسكرية.
بدا التوتر على ملامح اللواء سامي و راح يبحث عن الكلمات المناسبة ليبدأ بها حديثه، فاستشف أدهم بفطنته أن الخطب جلل، فتنحنح قائلا بترقب:
ـــ مهمة جديدة دي ولا إيه يا سامي باشا؟!
نظر له بتمعن ثم قال بجدية:
ـــ اعتبرها مهمة جديدة.
ضيق عينيه بعدم فهم متسائلا:
ـــ قصد حضرتك ايه يافندم؟!
أخذ نفسا عميقا ثم قال بنبرة حادة و كأن الحديث غير قابل للنقاش:
ـــ سيادة اللوا أنور باشا عبد الحميد حياته هو و بنته في خطر في أمريكا… و المافيا بتبعتله تهديدات بالاغتيال.
غامت عيني أدهم بغضب جامح، فقد ذكره ذلك الأمر بحادث اغتيال والده على يد تلك العصابة الغاشمة، و بدأت عروق رقبته في البروز من فرط الغضب، و هذا ما أراده تماما اللواء سامي.
استرسل اللواء حديثه بمزيد من الضغط العصبي:
ـــ الراجل اتصل بيا و بيستنجد بينا عشان ننقذ بنته بأقصى سرعة.
رد أدهم باقتضاب:
ـــ و المطلوب؟!
نظر له اللواء نظرة مطولة ثم قال:
ـــ انت عارف إن دي نفس العصابة اللي اغتالت والدك برهام باشا الله يرحمه؟!
رد و هو يتنفس بسرعة قائلا باقتضاب:
ـــ عارف يافندم…و ان شاء الله آخرتهم هتكون على إيدي و حق أبويا هيرجع لو فيها موتي.
ـــ و احنا معاك و في ضهرك طبعا يا أدهم… والدك الله يرحمه كان قيمة كبيرة جدا في العمليات الخاصة… و احنا خسرنا كتييير جدا بعد وفاته.
قاطعه أدهم مصححا:
ـــ استشهاده يافندم.
أومأ سامي و هو يقول بتأثر:
ـــ نحسبه كذلك و لا نزكيه على الله…. نرجع لموضوعنا.. أنور باشا كان صديق والدك الأنتيم و انت عارف كدا و أفضاله على العمليات متقلش أبداً عن أفضال والدك رحمة الله عليه… عشان كدا واجب علينا نردله شوية من جمايله علينا و أقل حاجة اننا نحمي بنته من شر المافيا دي.
رد أدهم بجدية:
ـــ و أنا تحت أمرك يافندم و تقدر حضرتك تعتمد عليا… بس فهمني ايه المطلوب مني بالظبط.
ازدرد سامي لعابه بتوتر ثم ألقى بقذيفته:
ـــ مفيش قدامنا حل غير إنك تتجوزها..
انفرج ثغر أدهم ليعترض إلا أنه استوقفه بإشارة من يديه أن انتظر و استرسل قائلا:
ـــ عارف إن المهمة صعبة و تكاد تكون مستحيلة لأنك خاطب و بتحب خطيبتك.. بس صدقني كل الطرق مقفولة و دا الطريق الوحيد اللي فيه المخرج.. أنور مينفعش يرجع ببنته لانهم هيقتلوه قبل ما يوصل المطار…و ف نفس الوقت البنت لو رجعت لوحدها لازم تعيش تحت حماية حد يقدر يحميها بجد منهم.
هب أدهم من مقعده بانفعال صائحا:
ـــ و هي الداخلية كلها بجلالة قدرها مفيش فيها ظابط يقدر يحميها غيري.
هب سامي بانفعال أشد مزمجرا به:
ـــ متنساش نفسك يا حضرة الظابط و الزم حدودك و انت بتتكلم مع رئيسك..
أطرق أدهم رأسه بخذي قائلا:
ـــ آسف يافندم مقصدش طبعاً.
رمقه شرذا ثم أمره بحدة:
ـــ اتفضل اقعد يا بيه.
انصاع لأمره ثم جلس على مضض، فحاول اللواء أن يعيد ضبط انفعالاته مرة أخرى بعدما عاد لوضع الجلوس ثم قال بنبرة أقل حدة:
ـــ أدهم العصابة عملالك ألف حساب عشان التار اللي بينك و بينهم.. و انت الوحيد اللي هيتجنبوك حتى لو كارت ندى بنت أنور باشا معاك انت.. ساعتها هيكون كارت محروق بالنسبالهم.
رد أدهم بملامح متجهمة:
ـــ أنا عندي استعداد أستقبلها في بيتي و تعيش مع أمي و أختي الصغيرة و محدش هيقدر يدوسلها على طرف… بس من غير جواز.
رد عليه اللواء بعقلانية:
ـــ ان كنت انت هتقبل بالوضع دا فهي لأ…البنت متدينة و عارفة إنها مينفعش تعيش مع ناس مفيش بينها و بينهم علاقة شرعية… دا غير ان دا برضو مش أمان بالنسبالها… احنا عايزين ندى تكون حرم الرائد أدهم برهام عشان محدش يفكر يهوب ناحيتها.
ـــ يافندم…
قاطعه سامي بحزم:
ـــ خلاص يا أدهم وقتك خلص… و تقدر تروح البيت من دلوقتى لو حابب عشان تهيئ نفسك للمهمة دي… ندى أنور عبدالحميد هدف من ضمن الأهداف اللي بنكلفك بحمايتها و الموضوع منتهي و غير قابل للنقاش لو حابب تحافظ على مكانتك في العمليات الخاصة.
نهض أدهم و شرارات الغضب و السخط تنشب بمقلتيه ثم قال :
ـــ حضرتك بتحطني في خانة اليك؟!….تمام يا سيادة اللوا.
ثم انصرف مغادرا بعصبية مفرطة و هو يشعر أن أيامه القادمة ستكون ملطخة بالسواد، فإن وافق على ما يريده رئيسه فسيفقد حبيبته التى رسم مستقبله معها و لا يدري بعد كيف ستكون حياته مع تلك الدخيلة، و إن رفض فحتما لن يمررها له اللواء سامي و سيفى بوعيده و يقوم بنقله لمكان نائي بعيدا عن شغفه الأساسي و ثأره المرتقب في العمليات الخاصة.
بمجرد أن غادر أدهم، التقط اللواء سامي هاتفه من درج مكتبه ليطرق على الحديد و هو ساخن و يقوم بالاتصال بالسيدة تيسير والدة أدهم..
ـــ ألو.. تيسير هانم ازي حضرتك يافندم.
أخذ يقص عليها كل ما حدث بداية من اتصال اللواء أنور به إلى جلسته المنتهية منذ لحظات مع أدهم، و بعدما انتهى قال بكياسة:
ـــ حضرتك عارفة ندى كويس و يعتبر انتي اللي مربياها مع سمية هانم الله يرحمها و طبعا مش هيخفى عليا موضوع عدم ارتياحك لخطيبة أدهم و رفضك ليها… فأنا شايف إن ندى أكتر حد مناسب جدا ليه.. و في نفس الوقت رد الجميل لأنور باشا و سمية هانم الله يرحمها.
التمعت عيني تيسير بالدموع و هي تتخيل حال تلك المسكينة التي فقدت أمها منذ نعومة أظافرها، و ها هي الآن عُرضة لفقدان أبيها أيضا، و قالت بنبرة متألمة:
ـــ كلامك كله مظبوط يا سامي بيه… ندى دي بنتي التالتة و مبتروحش من بالي أبداً.. و متربية أحسن تربية و شتان بينها و بين اللي اسمها دارين دي.. أنا أصلا مش عارفه أدهم وقع فيها ازاي دي.. رغم انها من نفس مستوانا الاجتماعى بس تربيتها و أخلاقها غيرنا خالص.
ابتسم سامي بارتياح متسائلا:
ــ يعني أعتمد عليكي يا هانم في اقناع أدهم؟!
اتسعت ابتسامتها مرددة:
ـــ ان شاء الله يا باشا.. دي كانت أمنيتي إنهم يكونو لبعض من قبل وفاة سمية الله يرحمها و الحمدلله إن ربنا قدر و سهل الأمور.
ــ تمام… أنا أصلا هددته إنه لو معملش المطلوب منه ينسى منصبه في العمليات الخاصة.
ضحكت السيدة تيسير بشدة ثم قالت:
ـــ و الله كأننا بنسايس طفل صغير يا سامي بيه.. ربنا يهديه و يقدرني على المهمة الصعبة دي.
ـــ ان شاء الله يا هانم… أنا كنت متأكد إنك هترحبي بجوازه من ندى عشان كدا كلمت حضرتك.
ـــ ربنا يقدم اللي فيه الخير سامي باشا.
ـــ و نعم بالله يا هانم… في رعاية الله.
أغلقت السيدة تيسير الهاتف و هي تتنهد بقلق، لقد اشتاقت لتلك الصغيرة التي كانت تعشقها و تأثرت كثيرا لرحيلها، فرغم أن أدهم لم يلتفت إليها يوما و لا حتى يتذكر ملامحها، إلا أنها تمنتها له كثيراً في دعائها و صلواتها و ها قد حان لدعائها أن يُستجاب.
أما على الجهة الأخرى…
كان أنور متوترا للغاية لا يدري من أين يبدأ الحديث مع ابنته، يعلم جيدا أنها سوف تفرح بخبر زواجها من أدهم و لكن ليس بهذه الطريقة الغريبة.
طرق باب غرفتها فأذنت له بالدخول و من ثم فتح الباب فوجدها تغلق مصحفها بعدما أتمت حفظ الآيات التي كانت ترتلها اليوم، فابتسم بفخر على هدية زوجته له، فلولاها ما كانت ندى على تلك الشاكلة، فهذا كله حصاد ما زرعته أمها فيها.
جلس بجوارها بالفراش ثم قبل رأسها قائلا:
ـــ ربنا يباركلي فيكي يا حبيبتي و يثبتك.
ردت له البسمة متمتمة:
ـــ و يباركلي فيك يا حبيبي و يخليك ليا.
أخذ يمسد على رأسها قليلا ثم بدأ حديثه بجدية:
ـــ ندى انتي طبعا عارفه إن شغلي و عصابة المافيا اللي كنت مكلف بمراقبتها هما السبب في موت والدتك الله يرحمها و ان أنا و انتي ربنا نجانا من الحادثة المدبرة بأعجوبة… و الحقيقه إن…. إن نفس الكرة بتتعاد تاني اليومين دول و بتجيلي تهديدات من نفس العصابة.. و أنا معنديش استعداد أخسرك انتي كمان يا قلبي.. انتي مالكيش ذنب في كل دا و…
أخذت دموعها في الهطول بغزارة و هي تسمع مأساة جديدة لم يكد يستفيقا من مثلها، و قاطعته قائلة بهلع:
ـــ يعني ايه يا بابا.. انت كمان هتسيبني؟!.. مش كفاية ماما… انت كمان.. انت كمان..
أخذت تردد تلك الكلمات بطريقة هيستيرية، بينما أبوها قام باحتضانها بشدة يحتوي نوبة بكائها الحاد و هو يربت على ظهرها و يقول:
ـــ لا يا ندى مش هسيبك يا حبيبتي… أنا بس خايف عليكي انتي اللي تتأذي و تسيبيني.. عشان كدا اتكلمت مع القيادة في مصر و هما اتصرفوا و لاقولنا حل للأزمة دي.
رفعت رأسها لتناظره بأمل قائلة:
ـــ حل ايه يا بابا طمني.
ـــ انتي فاكرة طبعا أدهم برهام ابن أونكل برهام و طنط تيسير… ما انا دايما بحكيلك عنه و عن شطارته و انه دايما بيفكرني بنفسي أيام ما كنت في سنه..
هزت رأسها بالإيجاب بعدما استطاع أن يسرق انتباهها بسيرته، فاسترسل قائلا بكذب:
ـــ هو كلم اللوا سامي صديقي و طلبك للجواز عشان يقدر يحميكي و تعيشي معاهم في البيت بصفتك زوجته و بكدا هتبعدى عن مصدر الخطر اللي بيهددنا هنا في نيويورك و في نفس الوقت هتعيشي في مصر وسط ناس بتحبك.. هتعيشي معززة مكرمة و مرفوعة الراس.
رفعت رأسها تناظره بعيون ملتمعة ببريق الأمل و هي تقول:
ـــ هو في كدا يا بابا؟!.. هيتجوزني عشان عايز يحميني بس؟!
حمحم و هو يزدرد لعابه بصعوبة ثم استرسل بكذب:
ـــ لا طبعاً يا حبيبتي… أدهم معجب بيكي من زمان و لما عرف أنك لازم ترجعي مصر طلبك للجواز فورا… هو كان مستني الفرصة دي من زمان.. و منها تكوني في حمايته.
ظهر شبح ابتسامة خجلى على ثغرها سرعان ما أخفتها و هي تقول:
ـــ حضرتك متأكد يا بابا؟!…أنا مستحيل أفرض نفسي على حد.
أسرع قائلا:
ـــ لا يا حبيبتي لا سمح الله… دا انتي تاج على راسي و استحالة أحطك في الموقف دا..
بعد الكثير من الحديث و التعهد بالعودة إليها في مصر حين تستقر الأمور، وافقت ندى على مضض، فشطر قلبها سعيد بزواجها ممن عشقته، و الشطر الثاني يخشى فراق أبيها و عدم رؤيته مرة أخرى.
بينما أنور انفطر قلبه عليها و تمزقت نياطه لكذبه و خداعه الغاشم لها، و لكن انكسار خاطرها فيما بعد أهون عليه من فقدانها للأبد، فلا بد و أن أدهم سيجبر ما سينكسر و سيحميها بكل ما أوتي من قوة طالما أنهت أصبحت تحمل إسمه.
عاد أدهم لمكتبه و أذنيه تطلقان نيران من الغضب و ارتمى على أقرب كرسي بإهمال و عشرات الأفكار تكاد تعصف برأسه، بعد قليل انفتح الباب دون استئذان ليدخل اليه صديقه المقرب و زميله” آسر سعيد ” ليرمقه باستنكار هاتفا به:
ــ مش تخبط يا حيوان قبل ما تدخل… ايه داخل زريبة.
جلس آسر قبالته ببرود متجاهلا توبيخه فيبدو أنه معتاد على ذلك ثم قال ببرود:
ـــ مالك يا باشا؟!.. شكل أمك غلط ليه؟!
ـــ ملكش دعوة بأمي يلا و خليك في حالك.
تجاهل توبيخه للمرة الثانية ثم قال ساخرا:
ـــ ايه يا روميو؟!.. العروسة مزعلاك ولا ايه؟!
لوى شفتيه لجانب فمه بتهكم مرير ثم قال بنبرة مهمومة:
ـــ عروسة؟!… العروسة خلاص بح.
اتسعت عيني آسر بصدمة مصطنعة و هو يقول:
ـــ العروسة بح؟!… انت بتهزر.
رمقه أدهم بنظرة حارقة هاتفا به بحدة:
ـــ انت هتستعبط يلا!.. فاكرني مش فاهم ان سامي بيه اللي بعتك ليا عشان تقنعني؟!
رمقه ببسمة واثقة و هو يقول:
ـــ حلو… قصرت عليا الطريق يا برهام يا صغير.
نظر أدهم له من جانب عينه ثم عاد لينظر أمامه مسترسلا بضيق:
ـــ نقطني بسكاتك يا آسر مش عايز اسمع أي حاجة.
ضحك آسر و هو يقول:
ــــ أخيرا احترمتني و نادتني باسمي..
مال عليه و هو يقول بغيظ:
ـــ تصدق يلا انت اللي زيك مايليقش عليه الاحترام.
أخذ آسر يهز رأسه بالنفي و هو يقول باشمئزاز:
ــــ أنا مش عارف ايه اللي مصبرني على تقل دمك يا أخي.
وضع هاتفه على مكتب صديقه ثم نهض من كرسيه متجها الى ذلك الركن الصغير الذي يحوي مستلزمات صنع الشاي و القهوة ثم شرع في اعداد كوبين من الشاي و هو يقول بمرح:
ـــ بزمتك يا دومي هتلاقي صاحب جدع يدلعك و يعملك شاي زيي فين.
التوى فمه بسخرية مجيبا:
ـــ مستغنيين عن خدماتك ياخويا..
لم يكد يرد آسر حتى صدح رنين هاتفه فسأله آسر:
ـــ مين اللي بيتصل؟!
نظر أدهم في شاشة الهاتف ليقول بتهكم:
ـــ قلبك.
أخذ آسر لحظات حتى استوعب هوية المتصل ثم قال بضيق:
ـــ أبو تقل دمك يلا…هات..
ناوله أدهم الهاتف و هو يضحك فقال آسر و هو يصب الشاي بالكوب:
ــــ خود ياخويا اطفح بالسم الهاري…و هسيبك بقى مع أفكارك السودة و اروح أكلم قلبي.
أخذ منه كوب الشاي بحذر ثم اتجه آسر مغادرا فقذفه أدهم بأحد أقلامه مرددا بغيظ:
ـــ غور ياض مشوفش وشك هنا تاني.
ضحك آسر و هو يغلق الباب، فأدهم هو الشخص الوحيد الذي يتقبل منه أي كلام و مزاح، فهو بالنسبة له أخوه الذي لم تنجبه أمه و يحبه و يخاف عليه و كأنه قطعة منه.
حين عاد إلى مكتبه أعاد آسر الاتصال بحبيبته و خطيبته و المسجلة على هاتفه بإسم “قلبي”..
ـــ صباح الورد يا قلبي… مال صوتك حاجة حصلت ولا ايه؟!
ـــ مودة تعبت امبارح باليل و أنا بايتة معاها في المستشفى… قولت اعرفك عشان متزعلش.
ـــ تعبت تاني؟!
ردت بمرارة:
ـــ قول عاشر يا آسر.
زم شفتيه بأسف بالغ و هو يقول:
ـــ معلش يا حبيبتي ربنا يشفيها يا رب.
تنهدت بحرقة و هي تقول:
ـــ يا رب يا آسر.
ـــ خلاص هعدي عليكو بعد الشغل أطمن عليها..
ـــ لا يا حبيبي متتعبش نفسك.
ـــ تعبك راحة يا قلبي… أومال عمو محمد فين؟!
ـــ بابا لسة ماشي من شوية راح على الشركة يشوف أشغاله و هيرجعلنا بعد ما يخلص.
ـــ تمام يا حبيبتي سلميلي على مودة لحد ما أجيلكم… سلام.
أغلق الهاتف و هو يتنهد بحزن على حال تلك الفتاة ذات القلب الأطيب على الإطلاق و الأضعف على أن يبقيها على قيد الحياة… إنها مودة الشقيقة الكبرى لخطيبته”ميريهان”.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية مهمة زواج)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى