رواية أكل الذئب زينب الفصل الرابع عشر 14 بقلم أمل نصر
رواية أكل الذئب زينب البارت الرابع عشر
رواية أكل الذئب زينب الجزء الرابع عشر
رواية أكل الذئب زينب الحلقة الرابعة عشر
كان الوقت مساءًا حينما خرج حامد من جناحه على صوت الجلبة التي كانت تأتيه من الخارج، بصورة على غير المعتاد عليها من الهدوء ، ليفاجأ بعودة الزوجين وتقع عينيه عليها فور ان طل برأسه من الباب، وهي تشكر احد العاملين بالمنزل، وهو يضع الحقائب على الأرض فتقابلت ابصارها بخاصتيه، وقد وقف متجمدا امامها دون ان ينطق ببنت شفاه، لتبادر هي بإلقاء الاعتذار بعدما انتبهت للملابس التي كان يرتديها وهي عبارة عن بنطال بيتي مريح وعليه قميص قطني بنصف اكمام، متخليا عن جلبابه الذي يرتديه في الطبيعي، ويبدو انه كان على وشك الخلود الى النوم.
– معلش لو ازعجناك وطيرنا نومك، بس احنا حالا راجعين من السفر.
تحمحم يجلي حلقه في البداية، ليخرج صوته بتحشرج:
– حمد الله ع السلامة، بس انا مش شايف ضاحي معاكي يعني؟
– انا جيت اها يا عم حامد، كنت بسلم بس ع الرجالة برا.
قالها الاخر وهو يصعد الدرجات حتى وصل الى شقيقه يعانقه عناق رجوليا، ويتبادلا حديثًا وديًا على عجالة:
– يا سيدي الف حمد الله على سلامتك، اهم حاجة بس تكونوا انبسطتوا.
قال الاخيرة متوجهًا نحو زينب التي اطرقت رأسها بصمت، فتكلف ضاحي بالرد بمرح وذراعه التفت حول زوجته التي تشجنت وانكمشت ملامحها باعتراض لم يخفى على الآخر:
– انبسطنا جوي يا واد ابوي، كانت ناقصاك الرحلة دي يا حامد .
– ليه؟ عشان ابجى عزول .
نطق بها المذكور لتجلجل ضحكات ضاحي معلقًا:
– يا راجل بعد الشر عنك ما تبجى عزول، بكرة تتجوز وتروح بعروستك ونبجى لمة.
– اممم
زام بها حامد بسخرية مبطنة، فجاء قول زينب بنزق:
– طب انا تعبانة وعايزة اريح شوية، افتح الباب يا ضاحي.
توجه حامد لشقيقه وقد انتبه لتغيرها على عكس المتوقع والأخبار التي كانت تصل منهما بالوصف في جمال الرحلة:
– افتحلها يا ضاحي خليها تريح، وبعدها تعالى انت عندي حكي براحتك وبالمرة تطلع تسلم على ابوك.
عبس وجه الاخير، ليلتف ويضع المفتاح في مغلق الباب وعيناه مثبتة عليها ، وهي تبادله بتحدي وكأنها الحرب الباردة بين الطرفين ، هذا ما التمسه حامد من مشهدهم، قبل ان يدفع شقيقه الباب للداخل، بعدما تمكن من فتحه، لتسبقه هي في الدخول ، فيسحب الحقائب من خلفها ليدخلها الجناح، ويدلف خلفها.
❈-❈-❈
في اليوم التالي صباحًا
هبط من طابقه على موعده اليومي في الاستيقاظ مبكرًا والذهاب نحو اعماله الكثيرة، فتفاجأ بها تضع الافطار مع باقي عاملات المنزل، ترتدي ملابس الخروج، وتتحدث مع جدته التي اتخذت موقعها على رأس المائدة ، تغازلها كالعادة:
– خلاص يا بت يا حلوة، كفاية تتعبي نفسك في التحضير وتعالى ونسيني اللحظة دي جبل ما تمشي.
– تمشي تروح فين؟
تسائل بها حامد قبل ان يلقي التحية نحوهما، ليأتيه الرد منها بفتور :
– رايحة مدرستي، يعني هكون رايحة فين؟
تتجنب النظر اليه، في رسالة واضحة لغضبها منه قبل سفرها، يعلم انه كان فظا وأحمق فيما فعله معها امام الاغراب، ولكن ماذا كان بيده؟ وقد كان في حالة من الغليان لا يعلم بقدرها غيره، نظرات الرجل الغريب بجرأة لها، وابداء الاعجاب الواضح نحوها دون خجل، ثم لمسات شقيقه المستفزة امامه، كلها امور كانت تثير اعصابه وتدفعه للقيام بفعل مجنون لسحبها من بينهم واخراجها، ليزيد عليه بعد ذلك هو أمر الرحلة المفاجأة، مع نفس الرجل وامرأته.
ولكن كما يظهر الاَن، انها لم تستمتع، او ربما هناك شيئًا ما حدث بينها وبين شقيقه وكأنها خصومه كبيرة.
تنهد يجلي افكاره ، لينضم معهما على مائدة الطعام، كي يتناول فطوره، معلقًا بتلطيف معها:
– معلش يا ست زينب متأخذيناش، بس انا افتكرتك واخدة اجازة طويلة
ردت دون رفع رأسها عن الطعام:
– ما انا جطعتها، كفاية كدة وخليني انتبه للحاجة الوحيدة اللي بحبها.
كان صوتها ضعيفًا في الاخيرة ، ولكنه استطاع تمييز الكلمات جيدا، فلم يعقب وفضل الاستمتاع بتناول الطعام ومتابعة حديثها المسلي مع جدته دون ان
يزعجهما بتدخله، حتى أتى صوت اخيه ، لتعبس ملامحها بضيق واضح:
– صباح الخير يا جماعة.
– صباح النور ع البنور.
تمتمت بها فضيلة ، كما فعل حامد في رد التحية، إلا هي فلم تكلف نفسها حتى بالتمثيل، ليحدجها ضاحي بنظرة مشتعلة موجها الحديث لها:
– انا مسافر مصر اشوف امر البرلمان يا زينب، ارجع الاقيكي صفيتي وهديتي.
قالها وتحرك مغادرا بعدما وضح الخلاف امام الاثنين ، ليرمقها حامد وجدته باستفسار عبرت عنه فضيلة بتساؤلها:
– هو انتوا متعاركين مع بعض يا بت؟ طب لحجتوا امتى؟ ولا هي العين مش سيباكم .
تبسمت لها زينب بمودة وهي تنفض كفيها من الطعام، لتنهض وتقبلها اعلى رأسها قائلة:
– متشغليش انتي نفسك يا جدة، بالعراك ولا من غيره، كله واحد.
قالتها وتحركت مغادرة لوجهتها، ليطالع حامد اثرها، وقد وصله طعم المرار في كلماتها، ولكن كالعادة لا يجب عليه ان يعلق او يتسائل او يتدخل فيما لا يعنيه.
❈-❈-❈
في وقت لاحق
بداخل المدرسة التي اصبحت المكان الاحب لقلبها، حيث تجد ذاتها وزينب التي تعرفها جيدا، بعيدا عن ضاحي وهذا المنزل الكئيب الذي زرعت على غير ارداتها به،
كانت الاَن في غرفة التدريس الخاصة بها وبصديقتها التي تم تعيينها معها، وقد جاء وقت الراحة للطلاب والاساتذة، فكان الحديث الدائر بينهما:
– يعني انتي دلوك غضبانة من اللي اسمه حامد ولا من جوزك؟ عشان افهم بس
جاء رد زينب بقنوط:
– انا مخنوقة من كله، البيت دا كله مش طيجاه، لولا بس جدتي فضيلة هي اللي بتصبرني بحكاويها اللي بتفكرني بالمرحومة جدتي روحية.
عبست نورا بملامح ممتعضة:
– متزعليش مني، بس انتي فجرية يا زينب، يعني الهيلمان دا كله اللي ربنا كرمك بيه، وجوزك اللي كنتي مسمياه الصايع ورفضاه الاول عشان سمعته، دلوك بجي نايب كد الدنيا والناس كلها فرحانة بيه، مش عاجبك، حتى حامد اللي وظفك في اجدع مدرسة في البلد ووظفني انا كمان اكراما لصحوبيتنا برضك حطاه فوق راسك عشان بس موقف بسيط وممكن يعدي.
– هو ايه اللي يعدي يا نورا؟ انه أحرجني جدام الناس الغريبة دا بالنسبالك عادي؟
تفوهت بها زينب ردا لها، لتتابع بعد ذلك مسترسلة:
– ثم كمان حامد ده مش طيب زي ما انتي فاكرة ، لو اجولك اني بخاف منه اكتر من جوزي نفسه يمكن متصدجيهاش دي……..
توقفت برهة ثم تابعت بشرود:
– يمكن انا حكيتلك كتير عن الاحلام اللي كنت بحلمها بعد حادثة مريم ، والديب اللي كنت برسمه في مخي، واحلم بيه، تعرفي بجى ان الصور دي بترجع تاني في خيالي بس كل مرة بشوف عين حامد مش عين الديب.
شهقة عالية خرجت من نورا لتعلق باستهجان:
– حرام عليكي يا زينب، بجى حامد اللي عامل زي بشوات زمان في هيئته وحسنه وجماله، تشبيهه بالديب، طب وربنا حرام عليكي، طب اجولك على فكرة تخلصك منه، جوزيهوني وانا اخليه يلف حوالين نفسه، الا هو ايه اللي مانعه عن الجواز صح؟
– معرفش، بس انا سألت ضاحي عنه جبل كدة، جالي انه طلج مرته الأولى عشان محبهاش.
– يا سلام وافرض يعني محبهاش، يجوم يطلجها، دا باين دماغه لاسعة.
قالتها نورا بفكاهة اضحكت زينب، حتى توقفت فجأة بانتباهها للزيارة الغير متوقعة:
– مختار.
تمتمت بالأسم بعدم تصديق، نحو الذي ولج اليهم بداخل الغرفة، ليتقدم مبادرا نورا بالمصافحة، قبل ان يقترب منها هي الأخرى قائلًا بشوق تنضح به عيناه:
– عاملة ايه يا زينب؟
اومأت بارتباك تبادله المصافحة:
– كويسة والحمد لله.
اطرقت رأسها بعد ذلك بحرج شديد، فهذا اول لقاء يجمعها به منذ زواجها، ولا تدري كيفية التعامل معه الاَن، بعدما كان رفيقها الاول طوال سنوات دراستها ونشأتها معه،
– انا كنت معدي جريب جولت ادخل اطل ع الاستاذة وأسلم عليكم بالمرة.
قالها لفتح حديث معهما، فجاء الرد من نورا التي كانت منتبهة لرد فعل صديقتها:
– فيك الخير يا مختار، بس انت امتى وصلت البلد، انا اعرف انك مسافر بجالك شهور برا البلد .
– انا فعلا بجالي شهور برا البلد، لأني مكنتش طايق الرجعة ليها تاني، بس الصراحة الشوق غلبني ومجدرتش ع البعد اكتر من كدة.
قال كلماته وابصاره لا تحيد عن زينب بصورة كاشفة، زادت من توترها، وجعلت نورا هي الأخرى تقلق، لتلتقط صوت جرس الفسحة المدرسية وكأنه النجدة:
– الفسحة خلصت، ااا احنا يدوبك نحصل حصصنا، مش كدة يا زينب، نشوفك وجت تاني ان شاء الله يا مختار.
سمعت منها الاخيرة لتتناول دفترها وحقيبتها، وشرعت ان تتبعها في المغادرة، ولكن وما ان تحركت خطوتين حتى تفاجأت به يوقفها:
– دجيجة يا زينب، مش هاخد من وجتك كتير.
ابتلعت تنقل بنظرها نحو نورا تبتغي الدعم، وما همت الأخرى بالرد حتى اوقفها بقوله:
– امشي انتي يا نورا انا واد عمتها مش غريب عنها.
امام اصراره اضطرت نورا للذهاب، رغم عدم رغبتها في ترك صديقتها وحدها معه، والتي خرج صوتها بالاعتراض نحوه:
– عايز ايه يا مختار؟ مينفعش ما بينا الكلام اصلا.
تطلع إليها بعتاب قائلًا؛
– ومينفعش ليه يا زينب؟ هتجطعي صلة الدم اللي تجمعنا مثلا؟ ولا هتمحي التاريخ والذكريات اللي ما بينا.
زمت شفتيها بضيق ملحوظ، لتصحح له على الفور مشددة:
– مختااار……، انا لما جولتلك مينفعش كان كلامي واضح، انا ست متجوزة، ودي تكفي اني اجفل على اي موضوع يخصك مهما كان له اهمية عندي، ومدام اتكلمت على تربيتنا سوا ، فدي تفكرك كويس عن أخلاقي اللي عارفها زين .
قالتها وهمت ان تتحرك، ولكنه تهور يمسكها من رسغها معقبا ردا لها:
– عارفها يا زينب، وعارف زين جوي انك مغصوبة على جوازتك بواد الدهشوري، لذلك انا جاي اجولهالك اها، خدي حريتك واطلجي منه، انا لسة مستني ورهن الإشارة .
الى هنا وغلت الدماء برأسها ، فمن كانت تظنه حبيبها في يوم ما، يأتي الاَن ويمحي كل تاريخه الجميل معها، بفعله، هل يظنها بهذه الوضاعة، فمهما كان الخلاف او الكره الذي يجمعها مع زوجها ابدا لن تتدنى بأخلاقها ان تتركه من اجل رجل اخر ، حتى وان كانت رغبتها في الانفصال هي اكبر امانيها.
لتبرق عينيها بالاشتعال، وتنكمش ملامحها برفض واضح، وما ان شرعت بأن تقرعه بحديث قاسي ، حتى تفاجأت بالصوت القوي لطرق العصا الغليظة على الأرض، ف التفت لتفاجأ بهذا الضخم المخيف شقيق زوجها ، يقف بمدخل الغرفة، يزمجر بصوت بث الرعب بقلبها مرددًا بنبرة هادئة، إنما حازمة، تحمل في طياتها التهديد والوعيد:
– شيل يدك عنها لاجطعهالك………، وانتي….. تعالي ورايا .
❈-❈-❈
دلفت لداخل السيارة تنضم معه، ليقودها بغضبه مغادرا بها، دون ان يلتف نحوها، فخرج صوتها بعد فترة طويلة من الصمت:
– على فكرة انااا…….
– مش عايز اسمع حرف،
هتف بها مقاطعا بحدة ليتابع بأمر:
– وفري كل كلامك على ما اوصل بيكي البيت.
تطلعت إليه بحنق، وداخلها اعتراض تام لهذه المعاملة منه، فهو بالأصل ليس زوجها، ولكن ورغم ذلك تقدر غضبه ، فهذا الأحمق ابن عمتها جعلها بالفعل في موضع شك كانت في غنى عنه.
❈-❈-❈
– انا مغلطتش عشان أتعامل بالأسلوب ده، دا غير اني كنت هردله اساسًا.
تفوهت بالكلمات فور ولوجها لغرفة مكتبه، بعدما عاد بها الى المنزل، لتجد فرصتها الاَن في الدفاع عن نفسها بحرية بعيدا عن اعين المتربصين والعاملين، وقد احترقت اعصابها من الانتظار والترقب.
ليلتف اليها الاَن قائلًا بهدوءه المستفز:
– ويا ترى بجى ردك ده كان هيبجى ايه على واد عمتك اللي بيطلب منك تطلجي من جوزك عشان ترجعيله يا زينب؟
باغتها بالسؤال المباشر، لترمش باضطراب لحظي، قبل ان تستدرك لصحة موقفها:
– طبعًا مكنتش هوافج.
– وتكسري بخاطر حبيب الجلب.
– لو سمحت انا مسمحلكش.
هتفت بها بحدة نحوه، وقد فاض بها ومن مراوغته معها وهذا الكلام الذي لا يليق، لتزيد من اشتعال جذوة الغضب بداخله، فلم يشعر بنفسه، حينما امتدت يده تقبض على رسغها، ليهدر بفحيح:
– امال سمحتيلوا هو ليه يمسك يدك وادتيله الفرصة كمان عشان يفتح بحديته البارد معاكي يا زينب؟
شعرت بالرعب من هيئته وضغط قبضته القوي، وكأنه على وشك ان يكسرها، ليخرج صوتها بضعف رغم روح التحدى التي تدعيها:
– انا مسمحتش ولا عمري هسمح، انا بس اتفاجأت، لكني بت اصول وبراعي حق جوزي عليا مهما كان ما بينا من خلاف، ثم انت كمان ملكش انك تحاسبني كدة، لانك مش جوزي .
قالت الأخيرة باستهجان جعله يستفيق لوضعه وصحة قولها، ولكن مراجل الغليل بداخله، يزداد وهيجها، كل ما عاد برأسه مشهد هذا الاحمق، وقربه منها:
– فعلا مش جوزك يا زينب عشان احاسبك، بس انا راجل كبير عيلة ومسؤول اني احاسب اللي يغلط، وواد عمتك غلط في حق اخوي، يبجى يستاهل العقاب.
صاحت بهلع حل بها على الفور، نحو ابن عمتها الأحمق، لا تريد له الأذية من رجل مثل هذا تعلم جيدا مدى قسوته وجبروته، لتترجاه بتوسل:
– لا وغلاوة اعز ما عندك، واد عمتي دا وحيد امه على خمس بنات، هو غلط انا عارفة، بس اقسم بالله ما في حاجة ما بينا، من ساعة ما اتخطبت لضاحي وانا منعت حتى الكلام معاه، رغم اني كنت حاطة في دماغي ان هو نصيبي، لكن دلوك والله لا يمكن يحصل، حتى لو اطلجت من ضاحي، لأني كرهت صنف الرجالة كله.
قالتها بانهيار وصل اليه، حتى اهتز داخله من فرط الخوف عليها، وقد انطلقت في نوبة حارقة من البكاء، قطع نياط قلبه، لما وصلت اليه من ضعف، ليرق فؤاده فيحاول التخفيف عنها:
– خلاص يا زينب، اطلعي شجتك وارتاحي.
مسحت دمعاتها تسأله برجاء:
– طب جولي مش هتأذيه.
ولأول مرة تحدث في تاريخ حامد الدهشوري ، يتراجع عن قرار ياخذه وبكل عزيمة من داخله يريد تنفيذه، ولكنه فعل من أجلها:
– مش هأذيه يا زينب، بس لو كررها ما يلومش الا نفسه…
سهمت بالنظر اليه تريد ان تستشف الصدق بكلماته، ليعود بضجر مؤكدا لها:
– خلاص يا زينب، انا مبجولش كلمة وارجع فيها، اطلعي على شجتك دلوك وسبيني في حالي .
سمعت منه هذه المرة لتذهب من أمامه بالفعل، وتصعد الى جناحها، فتتركه يتلظى بلهيب يحرقه، منذ متى كان بهذا الضعف؟ ولما يحدث له هذا من الاساس؟ لقد تأكد الاَن من صدق ما يشعر به، هذا الشيء الذي ظل يبحث عنه طوال سنوات عمره، يجده الاَن في غير موضعه ولا يصح له من الأساس،
ظل قابعًا في غرفة مكتبه لهذا التفكير المستمر لمدة تجاوزت الساعتين، حنى اصابه الملل، فقرر الصعود الى جناحه وتبديل ملابسه، كي يخرج ويصرف عن رأسه التفكير بمباشرة اعماله،
صعد الدرجات بخطوات مثقلة بالهموم بعد هذا الاكتشاف المرير، متوقعًا بؤس ايامه القادمة ولياليه، فالباب مقابل الباب، والأصوات تصل إليه في بعض الاحيان، تبًا، فليهئ نفسه للأسوء الاَن.
سقط قلبه حينما وقعت عينيه على الجسد المكوم خارج جناح شقيقه، والباب المفتوح على مصراعيه، وكأنها:
– وه ، ايه اللي حصلك؟
تمتم بها بهلع، ليركض اليها شاعرا بتوقف قلبه عن النبض.
– زينب.
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أكل الذئب زينب)