روايات

رواية قلوب حائرة الفصل الحادي والخمسون 51 بقلم روز أمين

رواية قلوب حائرة الفصل الحادي والخمسون 51 بقلم روز أمين

رواية قلوب حائرة البارت الحادي والخمسون

رواية قلوب حائرة الجزء الحادي والخمسون

رواية قلوب حائرة
رواية قلوب حائرة

رواية قلوب حائرة الحلقة الحادية والخمسون

إرتجف جـ.ـسد ذاك الواقف خلفها وهو يستمع إلي حوارها ذاك الذي نزل علي قلبه كمادة كـ.ـاوية أحـ.ـرقته وجعلتهُ يصرخ متـ.ـألماً،شعور بالغيرة والألم والمرارة تملكوا منه وسيطروا علي كل ذرة بجـ.ـسده حتي باتت جميع عروقهُ تنتـ.ـفض غضباً وغيرة لو خرجت منه لأشعـ.ـلت كل ما حوله وحولتهُ إلى لهيب
نظر عليها وهي تنتحب وتشهق بشدة على رجُـ.ـلها وحبيبها السابق،كّم أَحَـ.ـسَّ حينها بالمهَانة والأسّى والوجـ.ـع،إن أسوء ما يشعُر به الْمَرْءُ على الإطلاق هو تمزق الروح بفضل الغَيْرَة على المحبوب،كّم أن مذَاقها مُرّاً كَالحَنْظَلِ
إبتلع لعابهُ التى صَار مذاقهُ كَالعَلْقَمِ، بصعوبة تمالك من حالهْ وتحمحم منضفاً حنجرتهُ كي ينتبه الجميع له،شعرت بعالمها ينهار من تحـ.ـتها خشيةً من يكون إستمع لكلماتها تلكْ،إرتبك داخلها وسريعاً جففت دموعها لكي لا يراها ويحزن داخلهُ وتقـ.ـتلهُ غيرته الشديدة عليها،تعلم جيداً أنهُ يُحبها بل ويعشقُ جُل ما بها،لكنهُ فى الغيرة يتصرفُ بجنون
أخرجت سريعاً نظارتها الشمسية وارتدتها كي لا يُلاحظ إحمرار عيناها جراء دموعها،رأها “مروان” وشعر بالغضـ.ـب وانقبـ.ـاضة بداخل قلبه
هرول أنس إليه وهتف بنبرة حماسية وهو يقترب من ذاك الذي حملهُ وأسكنهُ داخل أحضـ.ـانه:
-باااابي
إستدارت ثُريا خلفها ونظرت إليه وتحدثت بخفوت وصوتٍ يبدوا عليه التأثُر:
-تعالي يا “ياسين”،واقف بعيد كدة ليه يا حبيبي؟!
تحمحم كي يُنظف حنجرتهُ وتحدث بنبرة جادة لملامح وجه مُكفهرة إرتسمت رُغماً عنه:
-مش عاوز أزعجكم يا أمي،أنا خلصت الإجتماع بدرى وجيت علشان أطمن علي أمانكم وأرجعكم البيت بنفسي
وأكمل وهو ينظر بحِـ.ـدة إلي تلك التي تواليه ظهـ.ـرها وهي منكمشة علي حالها دون النظر إليه حتي لا يري إحمرار أنفها:
-أنا هستناكم في العربية علي ما تخلصوا زيارتكم
هلل الصغير قائلاً:
-أنا هاجي معاك يا بابي
قال كلماته وانسحب حاملاً الصغير وأستقل سيارته الواقفة بعيداً، جلس بمقعده أمام مقود القيادة ثم نظر عليها وحسرة ملئت قلبه وهو يري تأثُرها الشديد،نـ.ـاراً تُشـ.ـعل داخلهُ جراء كلماتها التي باتت تتردد داخل أُذِناه وكأنها صدي صوت يتكرر ويُجلجل برأسهِ
أما ذاك الفتي الذي نظر بحِـ.ـدة للتي تَبدَل حالُها ورأي رُعبها من مجرد إستماعها لحمحمته وتحدث متسائلاً بنبرة غاضـ.ـبة وأسلوب غير لائق لمحادثة والدتهْ:
-هو إنتِ ليه سكتي ومسحتي دموعك بسرعة أول ما سمعتي صوت عمو “ياسين”؟!
إرتبكت من سؤال صغيرها وحمدت الله أن ثُريا لم تستمع إلي سؤال حفيدها وذلك لإندماجها مع قراءة القرآن الكريم بصوتٍ عالْى،أجابتهُ بزيف ونبرة خافتة للغاية:
-طول عُمرى وأنا ما بحبش أعيط قدام حد يا “مروان”
نظر لها بترقُب وسألها:
-وهو عمو “ياسين” حد؟
واسترسل بنبرة حادّة:
-مش المفروض إنه جوزك؟
تنهدت بثقل وألـ.ـم نفسى إنتابها جراء كلماته المُجـ.ـلدة لذاتها، حقاً لقد هَرمتْ روحها وما عاد فيها لتحمُل الأكثر،يكفيها الحَملُ وما تقاسيه من تبعاته وتغير الهرمونات لديها،ناهيكَ عن تأرق روحها الدائم بفضل غيرتها المُرة على متيم قلبها
وضعت كف يـ.ـدها علي كتف صغيرها وربتت فوقهُ بحنان ثم تحدثت بمراوغة كي تحث صغيرها علي الصمت والتركيز في غير موضوع:
-إقرأ الفاتحة لبابا وإدعي له يا حبيبي،هو شايفك وحاسس بيك،بلاش نضيع الوقت اللى قاعدينه معاه فى الكلام.
تنهد الفتي وأَحَـ.ـسَّ بصحة حديثها مما جعلهُ يُمسك بكتاب الله وبدأ بقراءة سورة “يس” على روح أبيه الطاهرة
أخذت نفساً عميقاً وتناولت القرأن الكريم من حقيبة يـ.ـدها وبدأت هي الآخري بقراءة سورتى التكاثر والإخلاص لعلمها بفضلهما الكبير العائد على المتوفىّ
بعد مرور حوالي ربع ساعة أردفت ثُريا بعدما أغلقت كتاب الله ووضعته بحقيبة يـ.ـدها:
-يلا يا ولاد علشان كدة أخرنا “ياسين”
هتف الفتي بنبرة حادة تنمُ عن مّدي غضـ.ـبته:
-ماحدش قال له ييجي يا نانا،أنا طلبت منه نيجي هنا لوحدنا علشان نقعد مع ذكري بابا براحتنا وماحدش يستعجلنا، والمفروض إنه كان إحترم رغبـ.ـتي
أغمضت مليكة عيناها بأسي لحال نجلها الثـ.ـائر،أما ثُريا فقد إتسعت عيناها بذهول من حِـ.ـدة الفتي وثـ.ـورتهُ الغاضـ.ـبة ضـ.ـد “ياسين” فتحدثت بنبرة صارمة كى لا تدع فرصة للشيطان للعب برأس حفيدها الغالى:
-مروان،من إمتي وإنتَ بتتكلم كدة علي عمك؟
واسترسلت بإمتنان:
-مش كتر خيره إنه قلقان علينا وجاي يروحنا بنفسه؟
أجابها بنبرة معترضة:
-الحَرس معانا وإحنا ماكناش محتاجين لوجوده أصلاً يا نانا،كل اللى عمله بحضوره إنه قلب لنا هدوءنا وخِلوتنا
هتفت ثريا من جديد بنبرة حادّة مُحذرة:
-مروان،قُلت لك عيب كدة
ثم نظرت إلى تلك الجالسة ولا حول لها ولا قوة وهتفت:
-لو مش عامل لى أنا حساب أعمل حساب لأمك التعبانة دى
واسترسلت بنبرة شديدة اللهجة:
-قوم يلا نروح علشان الضيوف اللى فى البيت
إلتزم الفتى الصَمت إحتراماً لكلمة جدته وايضاً رأفةً بوالدته المرهقة،وقفت مليكة ثم أسندت ثُريا وتحركتا بجانب مروان الذي أصّر علي عدم صعودهُ بسيارة ياسين وأستقل السيارة الذي أتي بها وجاورته ثُريا لعدم تركه وحيداً،وجلست مليكة بجوار ياسين، أما الصغير فاستقر بالأريكة الخلفية
إنطلق “ياسين”بسيارته وقادها دون النظر إلي تلك التي تجاورهُ وألتزم الصمت التام مع إكفهرار ملامح وجهه،إبتلعت لُعابها وأرتابها الشَك وأهتدت إلي أنه قد إستمع إلي حديثها وهذا ما جعلهُ يتحول هكذا
نطقت بتلبك سائلة إياه بإرتياب:
-مالك يا ياسين؟
لم يُعيرها حق الرد بل زاد من عُبُوس ملامح وجههُ مما جعلها تنـ.ـزع عنها حِزام الأمان وكادت أن تتحرك وتقترب من مقعده أوقفها بإشارة صارمة من كف يَـ.ـده متحدثاً بنبرة شديدة الصرامة وهو ينظر أمامهُ مراقباً الطريق:
-خليكى مكانك.
مما جعلها ترتعب وتعود لمقعدها وتنكمش به حفاظاً علي كرامتها وايضاً تركهُ لحين أن يهدأ قليلاً
بعد قليل،أوقف السيارة خارخ البوابة الحديدية ومازال علي وضعيته،فتحت الباب وترجلت منه ثم فتحت الباب الخلفي وأنزلت صغيرها وامـ.ـسكت كفه وتحركت إلي الداخل، وتحرك هو بسيارته متوجهاً إلي الجراچ بحِـ.ـدة مما أسفر عن خروج صفير نتج عن إحتـ.ـكاك إطارات السيارة بالأسفلت مما جعل جـ.ـسدها ينتفـ.ـض وأغمضت عيناها ثم أخذت نفساً عميقاً ومَضت فى طريقها متجهة إلى الداخل
رفع الصغير قامته ونظر إليها وتحدث مُستفسراً:
-مامى،هو بابى شكله زعلان ليه؟
أجابته وهى تسير بجانبه على عُجالة:
-بابى مش زعلان يا أنس،بابى كان عنده شغل كتير ومُرهق ومحتاج ينام علشان يرتاح
دخلت إلي المنزل وجدت يُسرا ونرمين تجاورتان ثُريا ومروان اللذان وصلاَ للتو،تساءلت مستفسرة عن صغيرها:
-هو عز فين يا يُسرا؟
أجابتها بهدوء:
-طنط منال جت أخدته علشان يقعد معاها هى وحمزة علي ما ترجعوا.
هزت رأسها بتفهم ثم تحدثت إلي مروان قائلة:
-يلا يا مروان خد أخوك وإطلعوا علي فوق،هناخد شاور سريع علشان نروح بيت جدو نسلم علي خالو.
تحركا الطفلان وبدأ يصعدان الدرج،نظرت إليها نرمين ثم أردفت مُتسائلة:
-هتفطروا فى بيت أنكل سالم يا مليكة؟
هزت رأسها بإيماء وتحدثت بخفوت:
-بإذن الله
ثم هتفت بنبرة عالية وهي توجه بصرها إلي المطبخ:
-مُنى
أتت العاملة علي عُجاله وتحدثت بإحترام:
-نعم يا ست مليكة؟
ردت عليها بهدوء:
-روحي هاتي لي عز من ڤيلا الباشا،وبلغي الحرس برة يجهزوا العربية علشان هروح بيت بابا أنا والأولاد
ثم أسترسلت بإهتمام:
-وقولى لحمزة يجهز نفسه علشان هايروح معانا
تحركت العاملة بطاعة إلي الخارج وتساءلت ثُريا بإستفسار:
-هو إنتِ يا بنتي هاتروحي من غير ياسين؟
واسترسلت موضحة:
-مش المفروض يروح يسلم علي أخوكِ ومراته،الإصول بتقول كدة،وبعدين هو بلغني إمبارح وقال لي ما أعملش حسابكم علي الفطار لأن بباكي إتصل بيه وعزمه هو وحمزة.
شعرت بغصة مُرة وقفت بحلقها لعدم إيجاد إجابه لديها،إبتلعت لُعـ.ـابها وتحدثت بنبرة حاولت جاهدة في إخراجها هادئة:
-مش عارفة يا ماما إذا كان هيروح معانا ولا لا،شكله راجع تعبان من الشُغل وأنا مش عاوزه أضغط عليه
قالت كلماتها وصعدت إلى الأعلى،وتساءلت يُسرا والدتها:
-هي مليكة مالها يا ماما،وشها لونه مخطوف وباين عليها متضايقة
مش عارفة يا يُسرا،جايز تكون تعبانة من الحَمل..جُملة نطقتها ثُريا
أما نرمين فهتفت بنبرة حماسية عبرت بها عن مدي سعادتها:
-شكلها كدة متخانقة مع ياسين
رمقتها يُسرا بنظرة حزينة على حالها،أما ثُريا فتنهدت بأسي وتحدثت بهدوء حيثُ أنها لم ترى وجه إبنتها الشامت:
-ربنا يهديهم ويهدى سركم يا بنتى
ثم نظرت إلي طفل نرمين التي تحمله وتحدثت وهي تُبسط ذراعيها لإلتقاطهُ بحنان:
-تعالي يا رائف لحُضن تيتا
ناولتها نرمين إياه بسعادة وادخلته ثريا لداخل أحضـ.ـانها وبدأت بتقـ.ـبيلهُ بحِنو
❈-❈-❈
داخل منزل عز، دخلت العاملة إلي الداخل وجدت كُلً من عز ومنال وطارق وعُمر وحمزة يجلسون ويداعـ.ـبون الصغير بلعبة تجميع وتكوين الأشكال(البازل)، تحدثت مُني إلي منال بإحترام:
-ست مليكة عاوزة عزو علشان هتروح بيت بباها يا هانم
سألها عز بإستفسار:
-ياسين باشا هو اللي هيوصلها؟
أجابتهُ وهي ترفع كتفاها بعدم معرفة:
-ما أعرفش والله يا باشا،الهانم قالت لي أجي علشان أخد عز وأخلي الحرس يجهزوا لها العربية
أمسـ.ـكت منال الصغير وقبـ.ـلته وتحدثت وهي تغمرهُ بدلالها:
-هتوحشني يا عزو
ضحك الصغير بدلال وتحدث بطلاقة:
-إنتِ كمان هتوحـ.ـشي عزو يا موني
أردفت لهُ بتدليل وغَنِجَ :
-طب يلا هات بـ.ـوسة لموني قبـ.ـل ما تروح عند مامي
قَبـ.ـلها الصغير ثم أشار إلي شقيقهُ وهتف ببراءة:
-تعالي يا حمزة علشان تبـ.ـوس عزو إنتَ كمان
ضحك عز المغربي وتحدث بمداعـ.ـبة:
-بكاش زي اللي مخلفك
قهقه الجميع وتحرك حمزة سريعاً لذاك المشاكس الصغير وأحتضـ.ـنهُ وبات يزيدهُ من قُبـ.ـلاته الصادقة والمُحبة وتحدث إليه الصغير:
-شيل البازل وإوعى تخلى حد يلعب بيه وبالذات ساندرا طارق، وأنا لما أجى من عند جدو سالم هكمل تكوين الأسد والحمار الوحشى
عقب طارق على حديثهُ بطريقة ساخرة:
-هو أنتَ أى جُملة تلزق فيها إسم ساندرا وخلاص،ولا أنتَ عاوز تعمل لنفسك منظر قدام العيلة علشان البنت مش معبراك
ضحك الجميع حتى الصغير الذى لم يُدرك ما نطق به طارق،وتحدث حمزة إلى الصغير بنبرة حنون وهو يُملـ.ـس على شعر رأس شقيقهُ:
-عيب عليك،ماحدش يقدر يلمـ.ـس الأسد بتاع عزو طول ما أنا موجود
بعدما أطمئن الصغير على ألعابه هرول إلى جدهُ وارتمى داخل أحضـ.ـانهُ وبات يتمـ.ـسح بصـ.ـدره وتحدث بحنان نابع من داخله:
-جدو حبيبى،هتوحـ.ـش عزو قد البحر وسمكاته
تحدث ساخراً ذاك الذى ضـ.ـمهُ إليه بشدة وحنان:
-جاى تُحـ.ـضن جدو بعد ما أطمنت على البازل يا إبن ياسين
تحدث طارق بمشاكسة:
-طالع واعى زى أبوه؟
أخذت مُني الصغير وخرجت إلي الحديقة،أخرجت هاتفها وتحدثت إلي سيدها لتبلغهُ كعادتها:
-سعادة الباشا، الست بتجهز نفسها هي والأولاد وخلتني بلغت عربية الحراسة علشان هتروح بيت سي سالم بيه.
أجابها ذاك الجالس علي طرف الفراش بصـ.ـدرٍ مُستشـ.ـاط وقلبٍ مُلتهب يتمـ.ـزق:
-الحرس بلغوني من شوية،قولي للمدام إني قُلت لك تبلغيها إنها تستناني علشان هوصلها بنفسى
أجابته بطاعة:
-أوامرك يا باشا.
❈-❈-❈
دلفت إلي جناحها بعدما حممت أنس وساعدته في إرتداء ملابسه وبعد قليل كانت تقف أمام مرأتها تضع بعضاً من الكريمات المُرطبة علي وجهها وكفيها وتدلـ.ـكهما بعناية،إستمعت إلي بعض الطرقات فوق الباب،سمحت للطارق بالدخول ففتح الباب وخطت مُني نحوها وهي تحمل الصغير الذي هلل وأشار على والدتهُ قائلاً بحماسة:
-مامي،وحشـ.ـتيني
حملتهُ ووضعت قُبـ.ـلةً شغوفة فوق وجنتهُ وتحدثت إلي مُنى:
-خلي الناني تجيب لي هدوم عز اللي هيخرج بيها علشان هغير له يا مُنى
أومأت لها بطاعة ثم تحدثت لتُخبرها:
-ياسين باشا بيقول لحضرتك تجهزوا وهو هييجي يوصلكم
إنتفـ.ـض قلبها بسعادة وشعور بالراحة غـ.ـزى روحها وجعلها تشعر بالسَكينة،فتحدثت بلهفة وحماسة ظهرتا عليها:
-طب يلا بسرعة هاتي اللبس لعز علي ما ألبس أنا كمان هدومي
خرجت مني وأجلست هي صغيرها فوق التخت وشرعت بإرتداء ملابسها وحجابها
عودة إلى منزل عز
كانت منال تتحدث عبر شاشة جهاز اللاب توب بنبرة تملؤها السعادة:
-وحشتـ.ـينى قوى يا شيرى،مش مصدقة نفسى من الفرحة،معقولة أخيراً هاشوفك على العيد إنتِ وحازم والأولاد
تحدثت تلك الجميلة عبر الشاشة:
-وحضرتك كمان وحشتـ.ـينى قوى يا مامى
تحدث عِز إلى خَالد زو ج إبنته بنبرة ودودة:
-أخبار شُغلك إيه يا حازم؟
أجابهُ بإحترام:
-كله تمام يا سعادة الباشا،الدنيا هنا ماشية كويس جداً
تحدث إلى إبنته بحنين وعتاب مُحب:
-وحشتـ.ـينى يا شيرين،سنة بحالها ماتنزلوش إسكندرية، للدرجة دى حُضـ.ـن أبوكِ ما وحـ.ـشكيش؟!
اغْرورَقَت عيناها بدمع الحنين وتحدثت:
-غصب عنى والله يا بابا،حضرتك عارف الغربة والتمن اللى بندفعه
هز رأسهُ وتحدث بنبرة حنون:
-خلى بالك من نفسك ومن جـ.ـوزك وأولادك يا بنتى،ونشوفك على خير إن شاء الله
اغلق الإتصال مع إبنته ثم نظر إلى عُمر الجالس قُبالته وتحدث متسائلاً:
-كلمت مـ.ـراتك فى موضوع الخِلفة زى ما قُلت لك؟
إبتلع عُمر لُعابه وتحدث بإرتباك:
-ما جتش فرصة يا باشا،
واكمل سريعاً كى لا يرى غضـ.ـبة أبيه المُعتادة:
-بس أوعد حضرتك إنى هكلمها النهاردة فى الموضوع
رمقهُ عز بنظرة عدم رضا وتحدث:
-أما أشوف
نزلت تلك المُريبة من أعلى الدرج وتحدثت:
– Hello
رد عليها الجالسون ونظر لها عز بسخطٍ،جلست وبدأ الجميع يتحدث فعلمت من منال حضور شيرين فتحدثت بنبرة أسفة مُصطنعة وهى تنظر إليهم:
-يا خسارة،كان نفسى أكون موجودة فى إستقبال شيرين
وإيه اللى هيمنع جنابك من إستقبالها،ليكون عندك إجتماع فى الأمم المتحدة يومها واحنا ما نعرفش…كانت تلك كلمات عز الساخرة التى ألقاها بوجه تلك التى لا يشعر بالراحة بتاتاً فى حضرتِها
كظـ.ـمت غيـ.ـظها من ذاك المَاكر التى تعلم علم اليقين بأنهُ لم يتقبلها مُنذُ الوهلة الأولى حيث لقائهما وتحدثت بنبرة هادئة مرحة:
-ياريت يا uncle،لكن للأسف أنا مش بأهمية عز باشا المغربى علشان أحضر إجتماعات مُهمة بالشكل ده
إبتسم بجانب فَـ.ـمه ونظر لها بعدم قبول ظاهر فاسترسلت هى حديثها وهى تنظر إلى ذاك العُمر بنظرة سعيدة:
-أنا ومورى مسافرين إنجلترا علشان نقضى أجازة العيد فى لندن
حول عز بصرهِ سريعاً على عُمر الذى نطق على عُجالة مزعـ.ـوراً متنصلاً من حديثها:
-والله يا باشا أنا زيى زى حضرتك وأول مرة أسمع الكلام ده
حول بصرهِ من جديد على تلك اللمار التى تحدثت إلى عُمر بمنتهى البرود:
-ما هى دى بقى مفاجأتى اللى كَنت بحضرها لك يا بيبى
هبَ عز واقفاً وتحدث بنبرة حادّة:
-وهو اللى بيجهز مفاجأة للشخص مش يشوف الأول ظروفه وظروف عيلته إيه ويتحرك على أساسها؟
واسترسل بنبرة رافضة:
-مافيش سفر يا مدام لأن شيرين جايه هى وجـ.ـوزها واولادها من السفر علشان تحضر مع عيلتها وإخواتها العيد،ده غير ليالى وايسل
وسألها بنبرة حادّة:
-عاوزة عُمر يسيب عيلته فى مناسبة مهمة زى دي ويسافر علشان سيادتك تتفسحى؟
قال كلماته وتحرك للأعلى ليأخذ قيلولته،نظرت هى إلى عُمر لإستطلاع رأيهِ فرفع هو كتفاه بإستسلام وتحدث بدُعـ.ـابة:
-الباشا أصدر فرمانه وقُضى الآمر يا بيبى
نظرت إليه بإمتعاض من حديثه الذي جعلها تحـ.ـترق داخلياً من ذاك عديم الشخصية،فتحدثت منال حين رأت حُزنها بعيناها:
-كلام الباشا صح يا لمار،مش هينفع تسافروا فى مناسبة زى دى،وكمان رؤوف هيخطب سارة رسمى على العيد
واسترسلت لمراضاتها:
-إبقوا سافروا فى وقت تانى
تحدثت بإمتعاض وهى تتأهب للصعود من جديد تحت نظرات طارق المتفحصة لها وصمتهِ العجيب:
-أوك، بعد إذنكم
❈-❈-❈
بعد قليل خرجت مليكة هي وأطفالها وأقتربت من سيارة ذاك العنيد القابع بها ولم يتزحزح من مكانه،إستقلت بالمقعد المجاور له وأصّر الصغير علي الجلوس فوق سـ.ـاقيها فحينها قرر الخروج عن صمته وتحدث بقلق خشيةً عليها وعلي صغيرتهُ الساكنة أحشائها من ذاك المشاغب الذى كان مفرطاً بحركته:
-إقعد مع أخواتك ورا يا حبيبي علشان مامى تعبانة
تذمر الصغير وهتف بنبرة غاضـ.ـبة وهو يتشبث بحُـ.ـضن والدته:
– لا أنا هفضل في حُـ.ـضن مامي.
خلاص يا ياسين سيبه…جُملة مترقبة نطقت بها مليكة بنبرة حذرة
لم يُعْر لحديثها أية إهتمام،بل غضـ.ـب وهب به بصياح عالٍ أخاف الصغير وأرعب داخلها هي أيضاً:
-إنتَ ما بتسمعش الكلام ليه؟
قُلت لك إرجع عند إخواتك.
ثم إستدار بجـ.ـسده للخلف وطل برأسه علي مروان وتحدث بإحترام وهدوء نال به إستحسان الفتي:
-خد أخوك جنبك وراضية يا مروان.
تحمس الفتي وأومأ له بطاعة ثم بسط ذراعيه في حين تشبث الصغير بعُنِق والدتهُ تحت غضـ.ـب ياسين الذي مد يـ.ـده ليسحبهُ من أحضـ.ـان مليكة مع تذمر الصغير وتحريكهُ لسـ.ـاقيه لتتخبط ببطـ.ـن مليكة مما جعلها تتـ.ـأوه بألـ.ـم وأرعب ياسين الذي أمـ.ـسك بسـ.ـاقاي الطفل كي يمنعهُ من الحركة وحملهُ وناولهُ لشقيقهُ الذي حملهُ وشدد من ضـ.ـمته داخل أحضـ.ـانه كي يهدأ من صريخهُ العالي
نظر عليها وتحدث بنبرة جادة وملامح صارمة:
-إنتِ كويسة؟
أومأت له بإيجاب ثم نظرت للخلف علي صغيرها الذي يبكي بصياح عالي وتحدثت بنبرة مُترجية:
-هات لى عز واوعدك هيقعد هادي ومش هيتشاقي
لم يُعر لحديثها إهتمام وأمـ.ـسك مقود القيادة وتحرك تحت صريخ صغيرها الذى زادَ،فتحدثت هي بإستعطاف وهى تستمع لصريخهُ العالى:
-الولد هيتفلق من العياط يا ياسين
أجابها بصياحٍ أرعب اوصالها:
-ما ينفلق،ماهو دلعك الزيادة فيه ده يا هانم هو اللي وصله للتمرد وإنه ما يسمعش الكلام بالشكل ده.
حزن داخلها علي تلك المعاملة السيئة التي عاملها بها أمام أطفالها،ففضلت الصمت وعدم الدخول معهُ في حوارات آخري كى لا تجلب لحالها المهانة أكثر،ضل الصغير يبكي وضل شقيقاه يراضياه حتي إستكان وهدأ داخل أحـ.ـضان مروان الحنون وبدأ أنس بمداعـ.ـبته حتي إندمج معهُ قليلاً
بعد قليل
كانت تقف بمدخل شقة أبيها ترتمي بأحضـ.ـان شقيقها الذي بات يُربت علي ظهـ.ـرها بحنان وهو يقول:
-وحشتـ.ـيني يا مليكة،وحشـ.ـتيني أوي يا حبيبتي
ردت عليه بنبرة حنون وعيناى مُشتاقة:
-وإنتَ كمان يا سيف وحشتـ.ـني جداً
تحرك سيف ووقف يقابل ياسين وتبادلا الإحتـ.ـضان بينهما
دخل الجميع إلي بهو المنزل وجلسوا يتبادلون الأحاديث والسلام، كانت تجلس بجانب والدها الممـ.ـسك بكف يـ.ـدها وتحدث معاتباً إياها:
-كدة يا مليكة،رمضان بادئ من أكتر من عشر أيام ما تجيش ولا يوم منهم تفطري معايا فيه؟
واسترسل وهو يحول بصره إلي ذاك الجالس بهدوء يرسم إبتسامة زائفة علي ثغره وكأن داخله غير مُشتـ.ـعل بالغيرة:
-وكل ما أكلم سيادة العميد علشان أعزمكم يطلع لي بحجة شَكل
إبتسم ياسين وتحدث بلباقة:
-غصب عني والله يا سالم بيه،حضرتك عارف شهر رمضان قد إيه الوقت فيه بيمر بسرعة واليوم بيكون مزدحم ومليان
واسترسل بلباقة وإبتسامة وهو ينظر إلي سيف:
-وبصراحة كده إحنا كُنا بنأجل علشان نتشرف بالفطار مع دكتور سيف ومدام نُهي والأولاد.
تبسمت نُهي وأردفت بنبرة وقورة:
-الشرف لينا إحنا يا سيادة العميد.
وهُنا هتفت علياء بتذمر وخفة د مها المعهودة:
-طب بالنسبة لبنت عمك اللي قاعدة دي،إيه موقعها من الإعراب عند سعادتك،ولا أنا هوا ومش متشافة للدرجة دي؟
ضحك الجميع علي دُعـ.ـابتها وأجابها ياسين بإبتسامة:
-أولاً بنت عمي مش مستنيه إني أتكلم عنها،لأن الكُل عارف ومتأكد من غلاوة عالية اللمضة في قلوب عيلة المغربي كُلها
واسترسل مُذكراً إياها:
-وبعدين يا بنتي إحنا مش فطرنا مرتين مع بعض ولسه كُنا سهرانين بنتسحر من كام ساعة بس؟!
ردت على حديثهِ بدُعـ.ـابة:
-ولو يا حضرت،المفروض تذكُرني قدام عِيلة جـ.ـوزي وتعزز من مكانتي
تحدث شريف مُشاكساً زو جته:
-أنا هاذكرك يا ماما ولا تزعلى،قومي بقي شوفي الكَنافة اللي في الفُرن بدل ما تشيط وشكلك يبقي وحِش قدام سيف ومراته اللي أكلتي دماغهم من ساعة ما وصلوا الفجر،وإنت عماله تقولي لهم وتوعديهم بإنهم هياكلوا تشكيلة حلويات شرقية ما داقوش زيها حتي في أكبر المحلات
إتسعت عيناها بتذكر وهبت واقفة وهرولت سريعاً وهي تتحدث:
-الكُنافة.
نظرت سُهير إلي نجلتها وتحدثت بنبرة هادئة:
-قومي يا مليكة خدي سيادة العميد ودخليه أوضتك علشان ينام له شوية لحد ما الأذان يأذن،وإنتِ غيري هدومك وتعالي علشان تساعدينا في تجهيز الأكل
وقف منتصـ.ـب الظـ.ـهر وتحدث بإعتذار هادئ:
-متشكر لذوقك يا ماما،أنا مُضطر أمشي علشان هاوصل حمزة النادى للتمرين لأن مروان إعتذر عن تمرينه معاه علشان يقعد مع خاله، وإن شاء الله هاجي علي الفطار
ثم نظر إلي مليكة وتحدث بنبرة هادئة:
-مليكة هتبات معاكم النهاردة علشان تقعد براحتها مع إخواتها
نزلت كلماته عليها أحزنتها،تيقنت أنه بهذا القرار يُعاقبها
نظر لهُ عز وحزن علي عدم مراضاته لهُ كما تعود منه،في حين تحدث إليه سالم الذي وقف ليتحرك معه ويوصله إلي الباب:
-ما تتأخرش علي الفطار يا سيادة العميد وماتنساش تجيب حمزة معاك
أومأ له بموافقة وهبت هي واقفة وتحدثت إلي أبيها:
-خليك مرتاح يا بابا، أنا هوصل ياسين
وافقها والدها الرأي وجلس من جديد وتحركت هي خلف ذاك الغاضـ.ـب حتي وصلا للباب وكاد أن يغادر دون النظر لها، أمسـ.ـكته من ذراعهْ لإجبـ.ـاره علي التوقف
نظر عليها وهز رأسهُ يتسائل بعيناه عن ماذا تريد،أجابته بنبرة حزينة:
-قد كدة زعلان مني لدرجة إنك تسمح لي أبات هنا وتوافق تبعدني عن حُضـ.ـنك؟
واسترسلت بنبرة عاتبة فى محاولة منها لإرجاعه إليها من جديد:
-فين كلامك علي إني بقيت بجري في د مك وإني بقيت منومك اللي ما بتعرفش تنام من غير ماتُحضـ.ـنه وتشم ريحة مِسكهُ؟
لو خلصتي كلامك إدخلي علشان الولاد..كانت تلك كلماتهُ المقتضبة التي نطق بها بملامح وجه صارمة
رفعت كف يـ.ـدها وتلمـ.ـست به ذقنه النابتة وتساءلت وهي تنظر داخل عيناه بحنان:
-طب أنا زعلتك في إيه قول لي،عرفني غلطي علشان على الأقل أكون عارفة أنا بتعاقب علي إيه؟
رفع كف يـ.ـده وأمـ.ـسك به كفها وانزلهُ عنه،ثم رد عليها بإحتدام:
-إنتِ فعلا مش عارفة؟
هزت رأسها بنفي قائلة بنبرة حنون ونظرة عين مُستعطفة:
-مش عارفة يا حبيبي،ياريت تقول لي
أومأ برأسه عدة مرات متتالية وأردف قائلاً بصرامة:
-نبقي نتكلم بعدين يا مدام وأعرفك
أردفت بتلهُف:
-خلاص،هاروح معاك بالليل ونتكلم في أوضتنا
رمقها بنظرة غاضـ.ـبة وهتف بحِدة:
-وأنا قُلت لك هتباتي هنا.
أجابته برفضٍ مؤكد:
-مش هبات غير في جناحنا يا ياسين،
واستطردت بإستعطاف من عيناها:
-مش هيجي لي نوم طول ما أنا بعيده عن حُضـ.ـنك يا حبيبي
برغم كلماتها ونظراتها الحنون تارة والمترجية تارةً آخري إلا أن داخلهُ لم يتزحزح ولم يـ.ـشعر بإتجاهها بالإستجابة،وتحدث بصرامة:
-بياتك هنا من عدمه شئ يرجع لك وما يخصنيش،
لاني مقرر إني هبات في جناحي مع ليالي.
نظرت إليه وعيناها تُظهر كّم الألـ.ـم الذي يسكُن داخلُها ويتوغل بروحها،توسلتهُ بنظراتها بادلها إياها بآُخري باردة وتحدث بنبرة غليظة:
-خلي بالك من الأولاد
قال كلمتهُ وتحرك متجهً إلي المَصعَد الكهربائي،ضغـ.ـط زر الإستدعاء وأستقلهُ ونزل سريعاً دون النظر عليها،تنهدت بأسي وتراجعت خطوة بسـ.ـاقيها لتغلق الباب بعدها وتترجل للداخل
جلست بجانب والدتها وتحدثت متسائلة فى محاولة منها للهرب من حُزنها العارم الذي سكنها:
-اُمَال فين عالية ونُهي يا ماما؟
أجابتها سُهير بهدوء:
-دخلوا المطبخ
أومأت لها ثم نظرت علي سيف وهو يحتـ.ـضن مروان وأنس ويتحدث إليهما بوِد:
-وحشتـ.ـوني قوي يا ولاد،أما أنا جيبت لكم معايا شوية هدايا إنما إيه،حلوة قوي ومتأكد إنها هتعجبكم
ببراءة الأطفال وتذمر هتف الصغير الجالس بأحضـ.ـان سُهير التي تُطعمهُ بعضاً من الحلوي التي صنعته له خصيصاً لعلمها شدة حُبه لها:
-وعز مش وحـ.ـشك ومش جبت له هدية؟
ضحك الجميع علي ذاك المشاكس وتحدث سيف بنبرة حنون:
-مين قال كدة يا قلب خالو،ده أنتَ وحشـ.ـتني قد الدُنيا بدليل إن أكتر حد جبت له هدايا هو عزو حبيبي
هلل الصغير ببراءة في حين نظر شريف إلي مليكة وأردف متسائلاً بتعجب:
-هو ليه إبنك بيتكلم دايماً عن نفسه بصفة الغير يا مليكة؟!
بتصنُع صعب رسمت بسمة فوق ثغرها بخفوت وتحدثت مفسرة:
-مش عارفة والله يا شريف،أنس كان زيه ولما كِبر غير من طريقة كلامه
هز رأسهُ وتحدث بطريقة ساخرة:
-تقريباً دى بداية الأنا عنده،من الآخر كدة إبنك شكله طالع لأبوه
شريف،عيب كده… جُملة حادّة أردف بها سالم
تحمحم شريف وتحدث مفسراً:
-فيه إيه يا بابا،أنا بهزر
نطق سالم بنبرة صارمة وهو ينظر إلي مروان وأنس:
-ده لا مجال للهزار ولا ده الشخص اللي ينفع يكون مادة لسُخرية سعادتك.
تحدثت مليكة لتلطيف الجو بين أبيها وشقيقها:
-الموضوع ماوصلش لحد السخرية يا بابا،شريف ما قصدش كده أبداً من كلامه
تحدث شريف بعدما شعر أنهُ حقاً أزادها وما كان ينبغي عليه أن يتحدث هكذا في وجود الأطفال:
-معاك حق يا بابا،أنا آسف
أومأ لهُ سالم بهدوء، وقف أنس وتحرك إلي والدتهُ وهو يحثها علي التحرك:
-مامي،أنا عاوز أغير هدومي علشان ألعب مع عزو وأولاد خالو سيف وخالو شريف
تحدثت سُهير وهي تنظر لإبنتها:
-قومي يا حبيبتي غيري له هو وأخوه وغيري إنتِ كمان وإلبسي جلبية واسعة علشان تقعدي براحتك
إستندت مليكة بساعدها علي جانب المقعد ووقفت بهدوء وتحدثت إلي مروان:
-فين شنطة الهدوم اللي كانت معاك يا مروان؟
أجابها الفتي المُنشغل بالحديث مع إبن خاله القريب من عُمره بإحترام:
-دخلتها أوضة حضرتك يا ماما
تحركت بصغيريها إلي الغرفة وابدلت لهما ثيابهما بآخري مريحة وتحركا الصغيران إلي الخارج،بعد قليل دخلت والدتها عليها وهي تمشط شعرها وترفعهُ للأعلي ثم ثبتته،أمـ.ـسكت سُهير كف يـ.ـدها وتحركت بها إلى طرف الفراش وجلستا تتجاورتان وتحدثت سُهير بإرتياب:
-هو إنتِ وياسين زعلانين ولا حاجة يا بنتي؟
تهربت بعيناها بعيداً عن مرمي عيناي والدتها خشيةً إنفضاح أمرها وتحدثت بزيف:
-لا طبعاً يا ماما، ليه بتقولي كده؟
ردت بنبرة عاتبة:
-بتخبي عليا يا مليكة،هو أنا تايهة عنكم ؟
أخذت نفساً عميقاً وتحدثت بنبرة صادقة:
-مش عاوزة أزعلك وأشيلك همي يا ماما
أجابتها بأسي:
-ولو ماشلتش همك هشيل هم مين يا “مليكة”؟
نظرت لها “مليكة” وقصت لها ما حدث اليوم داخل المقابر واسترسلت بنبرة متألـ.ـمة وملامح وجه حزينة:
-وشكله كده سمع كلامي مع الولاد عن “رائف” الله يرحمه.
تنهدت “سُهير” وظـ.ـهر الأسي علي ملامح وجهها وسألتها مستفسرة:
-إنتِ متأكدة إنه سمع كلامك يا “مليكة”؟
مش يمكن يكون زعلان لأي سبب تاني، ولا تكوني زعلتيه في أي حاجة وإنتِ مش واخدة بالك؟
ردت عليها مفسرة:
-هزعله أمتي وإزاي بس يا ماما،إحنا نايمين بالليل وكُنا كويسين وكان حنين معايا جداً،وقام من النوم علي شغله،هزعله أمتي يعني،وأنا نايمة مثلاً؟
حدثتها سُهير بنبرة مُطمأنة:
-ماتقلقيش،ياسين بيحبك ومش هيقدر يبعد عنك كتير،كبيره يوم ولا إتنين وييجي يصالحك علشان يتهني بقُربك.
أخرجت تنهيدة حارة وأنزلت بصرها وأردفت قائلة بنبرة محملة بأثقالٍ من الهموم:
-حضرتك بتقولي كده علشان ماتعرفيش ياسين كويس،ياسين غضـ.ـبه صعب وعلي قد ما هو حنين عليا، لكن لما بيزعل بيقلب عليا ولا كأنه حبنى في يوم
وقفت سُهير وتحدثت وهي تحث صغيرتها علي النهوض وترك تلك الأفكار جانباً كي لا تتأرق نفسيتها وخصوصاً بحملها:
-سيبك من التفكير في الموضوع ده وريحي دماغك وسبيها علي ربنا،ويلا نروح المطبخ علشان نشوف علياء ونُهي عملوا إيه في الفطار
تنهدت وبالفعل تحركت بجانب والدتها ودخلت إلي المطبخ وبدأت بالإندماج معهما بالحديث
شرعن في تحضير الطعام ووقفن علي قدمٍ وساق لينتهوا من تجهيز قائمة كُل ما لذ وطاب من الأطعمة التي إنتوت سُهير أن تحضرها لغاليها العائد من السفر بعد غياب
❈-❈-❈
داخل المكتبة الخاصة بجامعة هايدلبيرغ المتواجدة بالاراضي الألمانية
كانت تجلس بالمكتبة في جو هادئ وهي منكبة علي كُتيبً تقرأ به بتركيز شديد،أخرجها من تركيزها صوت ذاك النوَّاف الذي تحدث بنبرة حنون في محاولة منه لإستقطابها العاطفي:
-كيفك يا أيسل
زفرت بقوة بعدما إستمعت إلى صوتهِ وبدأت تُقلب عيناها بتملُل ثم هبت واقفة ولملمت أشيائها،وضعتها داخل حقيبة يـ.ـدها وعلقتها بظـ.ـهرها وتحركت دون النظر إليه مما جعله يُسرع ويقف أمامها ليسد عنها الطريق وتحدث بعدما رسم علي وجههُ حُزنً زائف:
-ليش المعاملة هاذي يا أيسل؟
زفرت بضيق وتحدثت بنبرة حادة:
-إبعد عن طريقي خليني أعدي
بنبرة حنون إصطنعها،سألها مستفسراً:
-أبوكِ ما قال لك إني طلبت يدّك منه للزواچ؟!
زفرت بضيق وتحدثت متهكمة بإهانة لشخصهْ:
-قال لي طبعاً،وقال لي كمان إنه رفض عرضك الأهبل ده، وهددك وحذرك من إنك تحاول بس تقرب مني تاني
واسترسلت مقللة من شأنه وهى ترمقهُ بنظرة إشمئزاز:
-والوقت تبعد عن طريقي وتخليني أعدي وإلا هنده لك الـ body guards من برة يضحكوا عليك الجامعة كلها زي ما حصل المرة اللي فاتت
إستشـ.ـاط داخلهُ من تعاليها وسخريتها منه ولم يستطع كَبـ.ـح غضـ.ـبه، فهتف عالياً بنبرة متعالية حادة:
-إنتِ إيش مفكره نفسك،إنتِ ولا شي إنتِ وابوكِ هاذا، لتكوني مفكرة إن ابوك لَهْ قيمة بين الناس،لا حبيبتي فوقي،السفير حقي هو اللي إترچاني اعدي الموضوع لجل ما نعمل مشاكل بين الدول وبعضها،بس والله العظيم لو الموضوع بيـ.ـدّي كنت خليتك تعرفين قيمتك وقيمة أبوكِ المغرور هاذا
لاحظت أمِينة المكتبة صوت نواف المُرتفع وتصديه لوقفتها ومنعها من المرور،أمـ.ـسكت الهاتف وأخبرت أمن الجامعة الذي حضر إلي مبني المكتبة سريعاً وأشارت الأمينة إلي نواف قائلة بلغتها الآُم:
-هذا هو المُتعـ.ـدي،فلتتحفظوا عليه.
هرولوا سريعاً وتحفظوا علي نوَّاف مكبلين ساعديه وتحدث رجل الآمن إلي أيسل متسائلاً بلغتهِ الآُم:
-ماذا يحدث هُنا أنستي،هل يقوم هذا الشاب بإزعاجك؟
تحدث نوَّاف بنبرة غاضـ.ـبة وهو يُحرك جـ.ـسده في محاولة منه للتملص:
-دعوني وشأني،أنا لم أفعل لها شيئا لتكبلوني هكذا
أسرع فَهِد في سَيرهِ إلي نوَّاف بعدما أخبرتهُ إحدي صديقات نوَّاف أنه يعترض طريق أيسل ويُعرضها لمضايقته من جديد
كادت أيسل أن تتحدث فنظر لها فهد وهتف متوسلاً إليها:
-بلاش يا أيسل،ما تضيعِين مستقبل نوَّاف بالچامعة،إنتِ بعد راح تعرضين نفسك لتحقيقات كِثيرة ووچع راس
واسترسل بتعقُل:
-ولا تنسين إن حِنّا عرب ومش مرحب فينا بدِول الغرب،إدارة الچامعة لو حست إن راح يچيها وجع راس من وراكم بتفصلكم اثنينكم ولا تتردد لحظة واحدة
نظرت إليه بتشتت وشعرت بحجم غلطتها عندما تذكرت حديث والدها حينما أوصاها بألا تُعطي لهُ المجال للتحدث معها من جديد،وأيضاً رأت بحديث هذا الفهد بعضاً من الصِحة
أعاد عليها رجُل الامن السؤال مرةً آخرى:
-هلا أجبتني أنستي؟
أيقوم هذا الشاب حقاً بمضايقـ.ـتك؟
نظرت لذاك الإمعة المُقـ.ـيد من قِبل رجال الأمن وتحدثت بنبرة جادة:
-لا سيدي،إنه زميل،وكان يعترض طريقي ليسألني بشئ خاص بالدراسة
واسترسلت وهي تنظر إليهم بثناء:
-أشكركم علي سرعة تحرككم وعلي ضبط الإمن داخل الحرم الجامعي
نظرت عليها أمينة المكتبة وسألتها بترقب:
-أمتأكدةًُ من كلامك هذا أيسل،أم أن في الآمر شئً آخر لا نعرفهُ؟
واسترسلت بمساندة ودعم لعلمِها مدي نفوذ ووقـ.ـاحة ذاك النوَّاف:
-إذا كُنتي تتعرضين للتـ.ـهديد أفصحي يا صغيرتي،وأنا سأساندك واقف بجانبك؟
أجابتها بهدوء وعيناي ممتنةً:
-شكراً لكي سيدتي،لا يوجد ما يستدعي القلق،صدقاً أنا بخير
نحن أسفون علي سوء الفهم الذي حدث أيها الشباب…كانت تلك هي كلمات ألقاها رجُل الأمن علي مسامعهم قبل الرحيل
نفض نوَّاف يـ.ـدهُ بعدما تركاه،ثم وقف أمام تلك الأيسل التي تحدثت إليه بنبرة تهديـ.ـدية:
-إوعى تكون فاكر إني خُفت من كلام إبن عمك عن إن الجامعة ممكن ترفدني،أنا بس حبيت أدي لك فرصة أخيرة علشان مستقبلك ما يضيعش
واستطردت بوعيد:
-وقسماً بالله لو ما بعدت عني لأكلم بابي وأخليه يتدخل ويرحلك من البلد ومن أروبا كُلها
إبتسم ساخراً وتحدث بنبرة تهكمية إستحضر بها غضبها:
-ليش،فاكرة نفسك بنت شارل ميشال لترحلينى؟
إستشـ.ـاط داخلها وكادت أن ترُد لولا تدخُل فهد الذي نهر إبن عمه وتحدث بنبرة حادة:
-ممكن تسكت وتنطم وما أسمع لك حِس،و يلا قدامي عشان نرجع للأوتيل
زفر نوَّاف بضيق وتحدث فهد إلي أيسل بإمتنان:
-مشكورة أنسة أيسل وبوعدك ما راح تتكرر مرة ثانية،ومن اليوم نوَّاف ما راح يضايقك
بمنتهي التعالي أجابته بوجهٍ مُكفهر:
-هو مُجبر يعمل كدة علي فكرة،لأنه لو فكر بس يكررها هيشوف وقتها أنا هعمل إيه.
قالت كلماتها وتحركت إلي الخارج تحت إشتـ.ـعال ذاك النوَّاف الذي تحدث بوعيد وهو يجز علي أنيابه:
-ماشي يا بنت سيادة العميد،لو ما خليتك تِندِمين على كِل كلمة قِلتيها ما كون أنا نوَّاف العبدالله،وراس أُبوي راح تِدفعين ثمن هاذا الكلام غالي، وكثير غالي وبتشوفين
هتف فهد ناهراً إياه بنبرة حادة:
-والله يا وِلد عمي الظاهر إنتَ اللي راح تدفع ثَمن عِنادك هاذا غالي،إِنتْ ناسي تهديد عمي لك،نسيت إنه شرط عليك لو عَملت بعد غلطة واحدة راح ترجع الديرة وتكمل هناك دراستك؟
زفر نوَّاف بضيق لتذكير إبن عمه دائماً بتهديدات والدهُ له وبإرجاعه للوطن وعدم تكميله لتعليمه خارج البلاد،وتحرك هو الآخر إلي خارج المكتبة بل وخارج الجامعة بأكملها

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية قلوب حائرة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى