روايات

رواية قلوب حائرة الفصل الخمسون 50 بقلم روز أمين

رواية قلوب حائرة الفصل الخمسون 50 بقلم روز أمين

رواية قلوب حائرة البارت الخمسون

رواية قلوب حائرة الجزء الخمسون

رواية قلوب حائرة
رواية قلوب حائرة

رواية قلوب حائرة الحلقة الخمسون

🦋 الفصل التاسع 🦋
ماعُدتُ أَطيِق الإبتعَادُ عنكَ يا عشقى ويا سَكَنِى
فَوْرَ أن تترُكنى أشعرُ بالإختناقِ والإرتيابُ ينتابنى
وكأن بكَ روحى باتت مرهونةً وقلبى بعشقك أصبح مُبْتَلىً
خواطر مليكة عُثمان
بقلمى روز آمين
بعد الإنتهاء من صلاة التراويح
داخل منزل عبدالرحمن المغربى،كان يجلس هو ووالدته داخل غرفة الجلوس بعدما أصرت عليه أن يروى لها كُل ما حدث أثناء مقابلته ولمار بطارق
تحدثت بنبرة مُحبطة وخَيْبَة أمل ظهرت فوق ملامح وجهها:
-يعنى إيه يا وليد،الموضوع خِلص على كدة خلاص؟!
واسترسلت بنواحٍ وعويل:
-يا فرحة ما تمت خَدها الغُراب وطار،قال وأنا اللى كُنت فاكرة إن الزمن هينصفنى والبخت المايل هيتعدل وكفتنا هتطُب ويبقى لنا قيمة فى وسطيهم؟
واستطردت بهزيمة واستسلام:
-أتارى البخت اللى أبوك ضيعه بخيبته ومشاريعه الفاشلة هيفضل لازق فينا العُمر كُله
بطلى نَدب يا ماما وإدعى معايا إن ربنا يسترها وطارق ما يروحش يقول لياسين ولا حتى يسحب منى شغل شركته…كلمات مُرتابة خرجت من ذاك المذعور
لوت فاهها وتحدثت بنبرة ساخـ.ـطة:
-هايسـ.ـخطوك يا قِرد
واسترسلت وهى تُشير إليه بكفاي يـ.ـداها بإمتعاض:
-يعنى هيعملوا فيك إيه يا موكوس أكتر من الخيبة اللى إحنا فيها دى
وبعدين بقى،ما قُلت لك قفلى على السيرة دي خلاص…كلمات مقتضبة قالها وليد بملامح وجه مُكفهرة ثم نهض غاضـ.ـباً وتحرك إلى الخارج،وما أن فتح الباب ليخطوا حتى إصتُـ.ـدِم بتلك التى يبدو عليها بأنها كانت تتسَمعْ عليهم،رجعت للخلف سريعاً ونظرت على زو جها بنظرات مُرتابة مذعورة جراء مُفاجأة خروجهُ من الغُرفة
إتسعت عيناه بذهول وسألها بإرتياب خشيةً من أن تكون قد إستمعت إلى حديثهُ مع والدته وستُخبر به والده كعادتها بحِجَة خوفها عليه:
-إنتِ واقفة هنا من أمتى؟
واستطرد بنظرات غاضـ.ـبة:
-وواقفة كدة ليه أصلاً؟
إبتلعت لُعابها وتحدثت بنبرة مُرتبكة:
-ده أنا كُنت جاية أقول لك إنتَ وحماتى إن سيادة العميد بعت لنا هُدى علشان نجهز نفسنا للسحور
إقتربت من الباب وطلت برأسها على تلك الجالسة تنتحب وتحدثت بكلمات مُرتبكة:
-قومى إلبـ.ـسى هدومك يا طنط علشان نلحق وقتنا،أنا جهزت الأولاد وبعتهم عند طنط ثُريا على ما نجهز ونروح لهم
قالت كلماتها وبلمح البصر تحركت إلى الأعلى وأختفت عن عيناى ذاك الذى مازال يقف مصدوماً، شَـ.ـعر بالريبة من تلك الهالة فتحرك خلفها مهرولاً وهو يصعد الدرج على عُجالة،دلف إلى غرفتهما وجدها تُخرج ثوباً لها يبدوا أنها سترتديه بسهرتها،وقف أمامها وتحدث يسألها:
-إنتِ سمعتى كلامى مع أمى، صح يا هالة؟
أخذت نفساً عميقاً ثم زفرته كى تطرد فزعها الذي أصابها جراء المفاجأة،وتحدث بنبرة هادئة وهى تقترب عليه وتُمـ.ـسك بكف يـ.ـده وتحثهُ على التحرك بجوارها إلى الأريكة:
-تعالى إقعد علشان نتكلم يا وليد،عندى كلام مهم ليك لازم تسمعه
بالفعل تجاوب مع حديثها وجلس يستمع إليها بإنصاتٍ تام،وبدأ يتناقشان ويتبادلان الأراء لمدة لا تقل عن النصف ساعة،وبعدها شرعا فى تغيير ثيـ.ـابهما بأخرى تصلح للخروج ونزلا معاً وكأن شيئاً لم يكُن،تحرك كِلاهُما بجانب راقية التى تجهزت هى الآخرى ليلحقوا بالصِغار التي جهزتهم هالة مُسبقاً وبعثت بهم إلى منزل ثُريا ليمرحوا مع أنس وعز
أمام منزل عز،إستقل الجميع سياراتهم إستعداداً للمغادرة وانتظروا بأماكنهم فى إنتظار ذاك الواقف يتحدث إلى رئيس الحرس ويهمس له بهدوء حَذر قائلاً:
-فيه تلات عُمال من شركة الغاز هييجوا بعد حوالى رُبع ساعة علشان يأمنوا على خطوط الغاز ويختبروها،تدخلهم الفيلا وتسيبهم جوة وتطلع تقف مكانك إنتَ والرجالة
نظر له الرجل وتحدث بتعجُب:
-أطلع إزاى وأسيبهم لوحدهم جوة يا باشا؟!
واسترسل بتذكير متفاخر لياسين وكأنهُ يُنبههُ بشئٍ غافلاً هو عنهْ:
-هو حضرتك ناسى إن البيت هيكون فاضى؟!
زفر بضيق ولعن غباء ذاك الذي يعشق كَثرة الثرثرة وتحدث بنبرة تحذيرية:
-وإنتَ مالك يا بنى أدم؟
إنتَ كَل اللى عليك هو إنك تسمع الكلام اللى بقولهُ لك وتقول حاضر من سُكات
واسترسل بنبرة تهديدية:
-وإياك يا عِزت تجود من عندك وتبوظ لى الدُنيا،صدقنى ما حد هيعرف يخلصك من إيـ.ـدى لو ده حصل
إبتلع الرجُل لُعابهُ وهز رأسهُ بإيماء سريعاً فأكمل ياسين بتنبية:
-مش عاوز مخلوق من العيلة يعرف إن فيه ناس دخلت الفيلا ولا حتى الباشا الكبير بذات نفسه
واسترسل بتأكيد حَذر:
-كلامى مفهوم يا عِزت؟
هز رأسهُ عذة مرات متتالية دلالة على التأكيد وتحدث بطاعة:
-ودى عاوزة سؤال،مفهوم طبعاً يا باشا
زفر ياسين وهز رأسهُ بإستسلام،كان هناك من يراقب وقوفهما بترقب شديد،تُرىّ مَنْ؟
تركهُ ياسين وتحرك إلى سيارته الخاصة الماكث بداخلها متيمة كيانهُ وأبنائها وحمزة،وأشار للجميع بأن يتحركوا خلفهُ
فتح باب السيارة وأستقل مقعدهُ وأدار المُحرك وانطلق، فتحدثت مليكة مستفسرة بتملُلْ:
-هو إنتَ ما فيش مرة نخرج فيها إلا لما تقعد تذنب فى الراجل وتذنبنا إحنا كمان معاك؟
واسترسلت متسائلة:
-كُنت بتقول له إيه كُل ده؟
ضحك حمزة وتحدث إلى مليكة فى مداعبة منه لأبيه:
-يعنى حضرتك يا طنط متجوزة بابا ليكى أكتر من سِتْ سِنين ولسة ماحفظتيش طبعه
واسترسل بمشاكسة:
-طبعاً قاعد يدى الوصايا السبع للمسكين عزت ويهدده كعادته ويقوله
وهُنا حاول تقليد صوت والدهُ وأشار بسـ.ـبابته بوعيد وملامح وجه صارمة كياسين وقتما يغضـ.ـب:
-تعرف يا عِزت لو نَملة عدت من تحت البوابة الحديدية،هخفيك من على وِش الدُنيا وحتى الدبان الأزرق مش هيعرف لك طريق وقتها
ضحكت مليكة ومروان حتى أدمعت عيناهم فى حين نظر ياسين فى إنعكاس المرأة إلى ولده رافعاً إحدى حاجبيه بتعجُب وتحدث بإستنكار مفتعل:
-بقى قاعد تسف عليا مع مرات أبوك يا سى حمزة،والله شكله ما حد هيتنفخ فى أم الليلة دى غيرك إنتَ
الوقت بقت مرات أبوك؟…جُملة معترضة قالها حمزة مُداعـ.ـباً بها والدهُ
تحدث ياسين إلى نجله:
-قُعادك فترات طويلة مع الباشا الكبير بقى خَطر عليك
فى حين لكزت مليكة ياسين بكتـ.ـفهِ قائلة بإعتراض وأستنكار:
-إيه مرات أبوه دى كمان؟
ثم نظرت إلى حمزة وداعـ.ـبته بمشاكسة قائلة بإستحسان:
-ده حمزة ده صديقى الصدُوق ومستشارى الإلكترونى،مش كدة يا موزى؟
هز لها رأسهُ وتحدث ضاحكاً:
-قصدك صديقك اللى بتستـ.ـغليه حضرتك علشان يريـ.ـحك من تعليم أنس وعزو بعض المهارات اللى واجبة عليكِ كأم
مش لوحدك يا أبنى اللى بتستـ.ـغلك لحساب ولادها والله… جُملة قالها مروان بمشاكسة لوالدته مما جعل مليكة تنظر لكليهما وهى تمُط شـَ.ـفتيها ثم تحدثت بإمتعاض وحُزنٍ مُصطنعان:
-بقى كدة، يعنى سيادتكم زعلانين علشان بخليكم تشاركونى فى تعليم إخواتكم لتنمية مهاراتهم،تمام قوى لحد كدة،أنا بقى هحرمكم من المُتـ.ـعة دى
واسترسلت بإمتعاض مُصطنع وهى تُشير إلى أنس الذي يتوسط جلوس مروان وحمزة،وايضاً عز الجالس فوق سـ.ـاقاى حمزة:
-وإبقوا ورونى مين بقى اللى هايوصلكم لمرحلة الضحك الهيستيرى اللى بتوصلوا له مع الثُنائى العجيب ده
ضحك الجميع وتحدث حمزة المتصالح كثيراً مع حالهُ ومتقبل زو اج أبيه بمليكة وذلك لوعى عقله وتوسع أفقه،ويرجع ذلك لإهتمام ياسين وعز به وبتربيتهُ السليمة ومحاورته بشكلٍ صحيح:
-برنسس مليكة أصدرت فرمانها خلاص
واسترسل وهو يُقـ.ـبل ذاك الجالس فوق سـ.ـاقيه بنهم:
-شُفت مامى يا عزو،عاوزة تحرمنا أنا ومروان من الإستـ.ـمتاع بذكاءك الخارق إنتَ وأنوس
قال كلماتهُ وضحك بشدة هو ومروان وأنس
إتلم يا حمزة وبطل سَف على أخواتك…كلمات جادة نطق بها ياسين وهو يتابع الطريق أمامهُ
❈-❈-❈
بعد قليل،إصطفت جميع السيارات أمام إحدي الخيام الرمضانية وترجل منها الجميع ودخلوا من البوابة الرئيسية للمكان الذي كان عبارة عن ساحة واسعة مُزينة بأحبالٍ من الزينة والفوانيس المتنوعة بأنوارها الملونة والتى تبعثُ البهجة داخل النفوس،يوجد داخلها أيضاً ألعاب متنوعة وبعض الأراجيح المناسبة للهو الأطفال،مُلحق بها مطعم داخلى خاص بتقديم الأطعمة والمشروبات،
دخل ياسين إلى المكان يتقدم عائلتهُ وهو يتأبَّط ذراع آسَرةْ قلبَهُ،هرول إليه مالك المكان وتحدث بترحيبٍ شديد:
-أهلاً وسهلاً يا سيادة العميد،المكان نور بتشريفكم لينا يا أفندم
رد عليه ياسين بنبرة صوت جادة:
-متشكر يا حماد
واسترسل متسائلاً وهو يقوم بتمشيط المكان بعيناه:
-حجزت لي المكان كله زي ما بلغتك في التيلفون؟
حصل يا باشا والمكان كله حتي الجنينة والملاهي تحت أمر معاليكم.. جُملة نطق بها ذاك الحماد وهو مطاطأ الرأس مُشيراً بكف يـ.ـده للداخل
إنطلق الأطفال في الحديقة،الفتيان بدأوا بممـ.ـارسة لعبة كُرة القدم وأسرع الصغار إلى مدينة الألعاب الخاصة بالمكان تحت حراسة رجال ياسين الذين لم يعدوا يفارقاه لا هو ولا أفراد عائلتهُ
دخل الجميع بجانب علياء وشريف الذي دعاهما ياسين لأجل إسعاد قلب أسرة حسن بإجتماعهم مع عزيزة أعيُنهم
نظرت ثُريا إلي الطاولات المتلاصـ.ـقة ببعضهم حتي كونت طاولة بطول المكان بأكمله وتحدثت برضا:
-حلو أوي المكان يا ياسين،وأحلا حاجة إنهم رصوا التربيزات جنب بعضها علشان كُلنا نتجمع علي تربيزة واحدة
نظرت لها إبتسام التي تجاورها التحرك وتحدثت بإنشراح:
-والله إنتِ اللى جميلة أوي يا أبلة ثُريا
إبتسمت لها وتحدث مالك المكان شارحاً:
-وعملنا سُفرة برة في الجنينة للأولاد يا أفندم علشان ياخدوا راحتهم.
أومأت له ثُريا برضا
إتخذ الجميع أماكنهم وإصطفوا حول الطاولة،وبعد مرور حوالى النصف ساعة بدأو العُمال برص صَحون الطعام أمامهم
أردفت إبتسام وهي تنظر إلي أطباق الطعام بتشهي وتحدثت:
-فلافل إسكندراني وسُخنة كمان
مدت يـ.ـدها سريعاً وتناولت واحدة منها واقتضمتها وهي تُغمض عيناها وتمضغها بإستمتاع وأردفت قائلة بإستجواد:
-ياسلام علي الطعامة والجمال،فعلاً الفلافل الإسكندراني لا يُعلي عليها فى الطَعم
ردت عليها منال بإبتسامة خفيفة:
– بالهنا والشفا يا إبتسام
هتفت علياء بنبرة حماسية وهي تُمـ.ـسك بصَحنٍ من الطعام وتناولهُ لوالدتها قائلة:
-خدي بقا جربي الطبق ده ودوقي أجمل فول بالبسطرمة هتاكليه في حياتك.
تناولت إبتسام الصَحن من صغيرتها وتحدثت بدُعابة:
-بقيتي إسكندرانية خلاص يا عالية؟
هتف عز قائلاً بفخر وهو ينظر إلي علياء:
-هي أصلاً إسكندرانية أباً عن جد يا هانم
ثم حول بصره إلي إبن عَمهْ وتحدث بحنين:
-بس من ساعة أسوان ما سحرت الباشمهندس ووقع في غرامها،وهو نسي إسكندرية وناسها اللي بيحبوه
بسمة حنين خرجت من شـ.ـفاه ذاك الحَسن بفضل ما رآه من حُب إبن عمهْ له وأردف شارحاً:
-ماحدش يقدر ينسي أصله وبلده اللي فيها حبايبه يا آبن عمي، بس زي ما أنتَ قولت،
وهُنا أحال ببصره إلي ساحرتهُ وأردف بنبرة حنون وعيناي تُصرحُ بكل جُرأةً عن هيامُها لتلك السمراء جميلة الروح والملامح:
-سحرتني أسوان وندهتني بنتها،وأنا لبيت النِدا
إبتسامة حنون خرجت من تلك الجميلة التي نظرت إلى زو جها بعيناي مغيمة بدموع الفرح،نظر لهما الجميع بإنبهار لإستمرار عشقهما الهائل وإنتعاشه إلي الآن برغم مرور الكثير والكثير من الأعوام
مالت يُسرا علي أُذُن سليم وتحدثت بمشاكسة:
-شايف الحُب اللي بينهم لسة مكمل إزاي رغم السنين الكتيرة يا سليم
واستطردت بمعاتبة لذيذة:
-مش زيك بطلت تقولي كلام حِلو وتجيب لي ورد زي أول ما
إتجـ.ـوزنا
إبتسم لها وتحدث بنظرات معاتبة:
-كدة يا يُسرا،بقى تبيعى سُلم حبيبك علشان بوكيه ورد
ضحكت لهُ برقة،أما تلك المشاكسة فتحدثت إلى حبيبها باحتجاج مُصطنع لطيف:
-شايف الرومانسية الأبدية يا حضرة الباشمذيع،بص للباشمهندس حسن واتعلم منه
قطب شريف حبينه وأردف قائلاً بإعتراض:
-تصدقي إنك عاملة زي القُطط بتاكلي وتنكري
وهمـ.ـس مُذكراً إياها بوقاحـ.ـة وهو يُميل بجانب أذنها:
-بسرعة كدة نسيتي المساچ اللي لسة عاملهُ لك من كام يوم
برقت عيناها وشهقةٍ خرجت منها بذهول ونظرت حولها سريعاً تتطلع لتتأكد من عدم إستماع أحدهم لحديث ذاك المتهور ثم هتفت بخفوت:
-إنتَ قليل الأدب
ضحك برجـ.ـولة ثم أمـ.ـسك كأس المشروب وأرتشف منه تحت إستشـ.ـاطتها المزعومة
أما مليكة فقد تحدثت بهدوء ورضا كعادتها إلي مُتيم روحها:
-عارف إيه أحلا حاجة في حُبنا يا ياسين
نظر لها وأردف هائماً مُتيماً بالنظر لداخل عيناها:
-إيه يا قلب ياسين؟
أجابت بإبتسامة ساحرة أسَرة بها قلبهُ:
-إنه هادي وفي السّر وبعيد عن العيون،مع بعض بنعيش أحلا وأجمل مشـ.ـاعر من غير ما أى حد يحِـ.ـس بينا
ضحك ساخراً وتحدث ليُعلم تلك الغافلة:
-إنتِ طيبة أوي يا قلبى
وسألها:
-تفتكري فعلاً إن حُبنا بعيد عن العيون؟
ده أنا من كُتر ما أنا مسحور بيكي وعيوني فاضحـ.ـاني في كُل مرة ببص عليكي فيها قدامهم،ومن كُتر ما سيادتك بقيتي بتأثري علي كتير من قراراتي وتخلينى أتخلى عن ثوابت فى حياتى،قربوا يسموني ياسين مجنون مليكة
إبتسمت بدلال وهي تنظر له بوله وقلبٍ يصرخُ بعشه
كانت هناك عيون تراقب كُل ثُنائي وبالأخص ياسين ومليكة بغيرة وأسي وحَسـ.ـرة شديدة علي حالها،إنها نرمين التي نظرت لذاك السِراج وتنهدت بأسي وهي تراه منشغلاً عنها بالحديث مع عمها عبدالرحمن ولا يشعر حتي بوجودها
بعدما إنتهوا من تناول وجبة السُحور وسط أحاديثهم المُثمرة،حضر العمال وبدأوا بتنزيل المشاريب والحلوي الخاصة بشهر رمضان الكريم
أمسـ.ـك ياسين كأساً من مشروب الخُشاف المُحبب لديه وبدأ يتناولهُ بتلذُذ،ثم تحدث وهو يحث حبيبته علي تناول كأسها:
-ما بتاكليش ليه يا حبيبي؟
أجابته بوهن ظهر على ملامحها:
-مش قادرة يا ياسين
أردف مطالباً إياها بتذوقهُ:
-طب كُلي حتى معلقتين بس،الخشاف طعمه حلو أوي هنا
هزت رأسها بنفي وملامح وجه مُكفهرة تدل على تعبها وأردفت بتفسير:
-مش هقدر يا حبيبي،حاسه إني لو حطيت أي حاجة في معدتي تاني هتعب
أمـ.ـسك كفها وهتف بنبرة هلعة:
-إوعي تكوني تعبانة؟
واسترسل بزعر متأثراً بما حدث من ذي قَبل:
-قومي نروح المستشفي علشان نتطمن
أجابته بكلمات مُطمأنة:
-إهدي يا ياسين الموضوع مش مستاهل مستشفي،كُل الحكاية إن معدتي تعباني وحاسة إني عاوزة أرَجَع وده طبيعي جداً في شهور الحمل الأولى.
هدأ قليلاً بعدما إبتسمت له وطمأنته بكلماتها
إستأذن منها قائلاً بهدوء:
-هقوم أعمل تليفون مهم وأرجع لك على طول
أومأت له بهدوء وأنسحب هو إلى الحديقة وأتصل بأحد الرجال وتحدث بنبرة جادّة:
-طمنى،لقيت حاجة؟
أتاهُ صوت الرجل قائلاً بنفى:
-المكان نضيف يا باشا ومافيهوش أى حاجة تدعوا للشك
متأكد؟…كلمة خرجت من ياسين
أجابهُ الرجُل:
-أكيد سعادتك،على العموم أنا زرعت سماعة فى المكان جوة زى ما حضرتك أمرت،وزرعت كاميرات فى المَمر اللى قدام الجناح مافيش مخلوق هيقدر يكتشف مكانها،وزرعت كمان فى المطبخ والريسبشن
هز ياسين رأسهُ بهدوء وأغلق معه بعدما إطمئن منهُ بمغادرة المنزل هو ورجاله،نظر أمامهُ وجد تلك التى تقترب عليه وأبتسامة واسعة ترتسم على ملامح وجهها وتساءلت:
-يا تري واقف لوحدك وبتكلم مين بحَذر كدة يا سيادة العميد؟
واسترسلت بدعـ.ـابة ساخرة:
-إوعى تكون عايش قصة حُب جديدة وهتتجوز تانى؟
واستطردت بتذكر ساخر وهى تضع سـ.ـبابتها على مُقدمة رأسها: Oh, sorry
واسترسلت بمنتهى البرود:
-أقصد تالت.
وضع كفاى يـ.ـداه داخل جيباى بِنطاله ثم ضحك ساخراً وهو يرمقها بعيناى متفحصة ردات فعلها وتحدث:
-اللى إنتِ ما تعرفهوش عنى إنى مابعرفش أعمل حاجة فى السِر،أنا شُغلى كله فى النور وفى العَلن يا مدام
واسترسل بحديث ذات مغزى قاصداً إياها:
-مش فى الضلمة زى الخفافيش،يعنى يوم ما هاحب زى ما بتقولى هاجى بكل وضوح وصراحة وأقول للكُل،أنا ماعنديش حاجة أخجل منها علشان أداريها
رفعت إحدى حاجبيها مُتعجبة وأردفت قائلة بإستغراب:
-تفتكر بالبساطة دى ممكن الإنسان يعترف بخطأه يا سيادة العميد؟!
واستطردت وهى تهز رأسها بنفى:
-ماأظنش إن الموضوع بالسهولة اللى سيادتك بتتكلم عنها دى، وأكبر مثال على صحة كلامى هو حضرتك بذات نفسك
واكملت وهى تُشير إليه:
-ده إنتَ حياتك كلها عبارة عن بير من الألغاز والأسّرار
إبتسم لها بسماجة وتحدث موضحاً لها:
-ده لأن طبيعة شُغلى بتحتم عليا الكِتمان والحِرص الشديد،لكن صدقينى،لو كُنت شغال أى وظيفة عادية عُمرى ما كنت هتدارى ورا ستارة
ماحدش بيتدارى ويخبى غير اللى سكِته شمال…كانت تلك جُملة قوية قالها ياسين وهو ينظر لداخل عيناها بترصُد مما أربك تلك اللمار وجعل داخلها يهتز لكنها وكالعادة حاولت التماسك بكل ما لديها من قوة
تحدث إليها من جديد بكُل صدق:
-على فكرة،أنا مش بدعِى المثالية أو بقول إنى معصوم من الخطأ لا سمح الله، “بالعكس”
واسترسل بندم داخلى مُتذكراً نـ.ـزواتهُ والتى كان يُطلق عليها إسم زيجـ.ـات عُرفـ.ـية كى يُرِح ضميرهُ من شـ.ـعور الذنـ.ـب والتأنيب المستمر لأفعاله وأخطـ.ـائه التى كانت تؤرق روحهُ:
-أنا زمان عملت أخطاء لما بفتكرها حالياً بزعل قوى من نفسى وأنبها
واستطرد بصدقٍ:
-بس عزائى الوحيد إن الأخطاء دى بقت ماضى وإنى توقفت عنها وأعلنت تُوبتى لربنا،والحمدلله قِبلها منى ومن عظمة رحمته بيا كافئنى على توبتى
كانت تتعجب من جلسة المُصارحة التى يحادثها بها ولأول مرة مُنذُ أن دخلت كعروس لمنزلهم،إبتسمت بخُبث وتحدثت بنبرة خبيثة:
-ده شكل ماضى حضرتك مليان تجـ.ـاوزات يا سيادة العميد،
بس أنا حابة أسأل حضرتك سؤال وياريت تجاوبنى عليه بصراحة
هز لها رأسهُ بموافقة فاسترسلت هى بإتهام غير مباشر:
-إنتَ بتتكلم عن الماضى وكأن حياتك حالياً مافيهاش أى أخطاء تحاسب نفسك عليها،مع إن العالم كُله بيتكلم عن الظُلم والتجـ.ـاوزات اللى تعرضوا له فئة كبيرة من المصريين على أيـ.ـدين جهاز الشُـ.ـرطة
أجابها بهدوء مفسراً:
-أول حاجة لازم تعرفى إن مش كُل حاجة بتعرضها القنوات الخارجية تبقى صح وحقيقية،ساعات سياسات البلاد بتختلف مع بعضها فبتدخل وتُطلب من إعلامها يروجوا صورة بشكل مُعين عن بلد محدد وده إسمه إعلام موجه وبيحصل فى كُل بلاد العالم،مش كدة وبس،دول بدأوا مؤخراً يستغلوا مُنظـ.ـمات بعينها علشان تطلع وتتكلم وتحاول تشوه صورة البلد اللى تقريباً بتكون مختلفة سياسـ.ـياً مع الآخرى وبتضر بمصالحها الإستيراتيجية
واسترسل موضحاً:
-وعلى فكرة،مش معنى كلامى ده إنى بنفى بعض التجـ.ـاوزات اللى بتحصل من بعض الأجهزة الأمنية فى البلد أو بعفيها من المسؤلية،الفساد والظلم وارد جداً وموجود حوالينا فى كل مكان فى العالم، وإلا ماكُناش وصلنا للحال المزرى اللى وصلنا ده
ثم نظر لها بإستغراب مُضيقاً عيناه وسألها مُستفسراً بتعجُب:
-بس السؤال المهم هنا،أنا إيه علاقة شُغلى بتجـ.ـاوزات الداخلية اللى ذكرتيها؟!
إبتسمت بجانب فمها وتحدثت شارحة:
-هو مش حضرتك بردوا شغال تبع الجهاز اللى بيديهم المعلومات والأسماء اللى من خلالها بيتم القبـ.ـض عليهم ورميهـ.ـم فى السِجـ.ـون وتعذيـ.ـبهم؟!
ضَمَّ حاجبَيْه وعَبَس وجههُ وسألها مستفسراً بدَهْشةٌ ظهرت عليه:
-وإنتِ تعرفى منين أنا شغال تبع أى جهاز؟!
إنتفـ.ـض داخلها واهتز كيانها لكنها سُرعان ما تمالكت من حالها وتحدثت بثبات دربت حالها عليه:
-مش محتاجة سؤال يا حضرة العميد،عُمر قال لى إن حضرتك شغال فى جهاز المخـ.ـابرات، ودايماً بسمع طارق وهى بينده لك بوحش المخـ.ـابرات
أردف بنبرة صارمة:
-أنا عارف الكلام ده كله،أنا بسألك،عرفتى منين إنى مسؤل فى شُغلى عن تجميع المعلومات والأسماء اللى بتوصل للداخلية؟!
شعرت بأن ساقيـ.ـها ما عادت تحملُها وكادت أن يغشى عليها من شدة إرتعابها،أنقذها من ما هى عليه ذاك الحبيب الذى إقترب منها ولف ذراعهُ حول خَصـ.ـرها وتحدث بتساؤل:
-بتتكلموا فى إيه كُل ده؟
إبتسمت هى وتحدثت بسعادة وانتشاء ظهر على ملامح وجهها:
-ما فيش يا بيبى،أنا وسيادة العميد كُنا بندردش شوية وكنت داخلة حالاً لأن الجو هِنا برد قوى
ثم نظرت إلى ذاك الداهى الواقف يتفحص ملامح وجهها وتعبيرات جَـ.ـسدها بمنتهى الدقة وتحدثت وهى تتأهب للدخول:
-بعد إذنك ياسين باشا
أمال برأسهِ بخفه مع بسمة خَافته ظهرت بجانب فمه وتحدث عُمر إلى شقيقهُ:
-إدخل إنتَ كمان يا ياسين علشان شريف وعالية عاوزين يمشوا
إبتسم لشقيقهُ وتحدث بهدوء:
-إدخلوا إنتم يا حبيبى وأنا جاى وراكم
بالفعل دخل ذاك الثُنائى وتلاهما ياسين حيثُ نظر على حبيبته التى إبتسمت له،وقف شريف وتحدث بإعتذار من الجميع:
-نستأذن إحنا يا جماعة واتمنى لكم سهرة سعيدة
أردف عز قائلاً بإستغراب:
-لسه بدري يا شريف،الساعة لسة إتنين وربع،كملوا سهرتكم معانا وكلها ساعة وهنروح كُلنا
أجابتهُ علياء التي حملت صغيرتها من أحضـ.ـان والدتها:
-مش هينفع يا عمو،الدكتور سيف هيوصل الساعة ستة الصُبح وشريف هيروح يجيبه هو وأولاده من المطار
نظرت منال إلي مليكة وسألتها:
-مش هتروحي معاهم علشان تستقبلي أخوكِ يا مليكة؟
تنهدت بأسي ونظرت إلي ذاك المسـ.ـتبد الذي رفض مبيتها بمنزل والدها لإستقبال شقيقها وذلك كي لا يُحرَم من حُضـ.ـنها ولو لليلة واحدة،نظر لها وتحدث نيابةً عنها متحججاً:
-مش هينفع علشان مليكة وعمتي والأولاد هيروحوا بكرة يزورو المقابر
هزت منال رأسها بتفهم وأردفت قائلة بنبرة متأثرة وهي تنظر إلي ثُريا التي تغير لون وجهها وأرتسم الحُزن فوق ملامحها بمجرد ذكر إسم فقيدها الغالي:
-الله يرحمه
هروح أزور الحبايب معاكي يا أبلة…جُملة نطقت بها إبتسام بصدق وإحسـ.ـاس
أردف ياسين قائلاً بإعتذار منها:
-أنا هوصل حضرتك بنفسي بعد أذان العصر
ثم حول بصره خارجاً في الحديقة الخاصة بالمكان وصوب بنظره علي مروان وهو يجري مُسرعاً بمرح خلف كُرة القدم بمشاركة حمزة وياسر وبعض فتيان العائلة وأردف قائلاً بتوضيح:
-دي رغبة مروان،عاوز يزور بباه هو وجدته وأخوة ومليكة لوحدهم، حتي أنا مش هروح معاهم.
تفهم الجميع طلب الفتي واصطحب شريف زو جتهُ وصغيرتهُ وصغيره الذي كان يلهو بالحديقة في غرفة لُعبة بحر الكُور وتحرك بهم عائدين إلي منزل والده
أما ذاك العاشق المسمي برؤوف فكان يجلس مقابلاً لحبيبته يختلسان النظرات بين الحين والآخر ويتبادلان الإبتسامات،
لكز إسلام رؤوف بذراعه وهمس قائلاً بتوصية:
– ما تتحرك يا أبني، إنتَ هتفضل قاعد زي البروطة كدة؟
زفر رؤوف بنفاذ صبر وأجابهُ متذمراً:
-عاوزني أعمل إيه يعني في وسط الهيصة اللي حوالينا دي كُلها؟
رد عليه قائلاً:
-هو مش بابا فاتح عمك عز وباقى العيلة وطلبها منهم،وبكرة إن شاء الله هيروحوا يطلبوها من جدها والموضوع هيبقى رسمى،يعنى عادى لما تطلب إنك تقعد معاها لوحدكم
زفر رؤوف بضيق فتحدث إسلام بمشاكسة حين رأى حزن شقيقهُ:
-خليها عليا وعد الجمايل يا هندسة
قال جُملتهُ وهَبْ واقفاً بإستقامة ثم تحدث إلي سارة بصوتٍ عالْى:
-ما تيجي تتمشي برة في الجنينة معايا أنا ورؤوف يا سارة بدل القعدة دي
ثم نظر إلي يُسرا وأردف بإستئذان:
-ده طبعاً بعد إذنك يا أبلة
وجهت يُسرا بصرها إلي ياسين لإستبيان رأيهُ،أومأ لها بعيناه بموافقة،فعادت بنظرها من جديد ووجهتهُ بإتجاة إبنتها التي تنتظر رأيها بضربات قلب تتسارع، وأردفت قائلة بموافقة:
-قومي معاهم يا سارة بس ما تبعديش
إنتفض قلب الفتاة من شدة سعادتها،وقفت بهدوء وتحركت ثم تبعها ذاك العاشق بقلبٍ يهيمُ عِشقاً
❈-❈-❈
في الصباح الباكر،فاق ياسين من غفوته بهدوء وبدأ يتحرك علي أطراف أصابعه لكي لا يُزعج متيمة قلبهُ الغافية،إرتدي ثيابهُ العسكرية وتحرك للخارج بعدما قَبـ.ـل جبهتها برفق
ذهب إلي منزل والدهُ ودخل إلي غُرفة ولده كي يطمئن عليه،وجدهُ غافياً ولكنهُ سُرعان ما أفتح عيناه عندما شـ.ـعر بوجود غاليه وتحدث الفتي بإستغراب:
-بابا، فيه حاجة ولا إيه؟!
جلس ياسين بجواره وتحدث وهو يُمـ.ـلس علي شَعر رأس نجلهُ وأردف قائلاً بنبرة حنون:
-مافيش يا حبيبي،أنا كُنت جاي أطمن عليك قبل ما أروح على شُغلى،بس بما إنك صاحي فأنا عاوز أقول لك كلمتين مهمين
نظر له الفتي بتمعن وترقب واكمل ياسين حديثهُ بتوصية وحَذر:
-أنا عاوزك تاخد بالك من نفسك كويس أوي اليومين دول،يعني وإنتَ رايح النادي النهاردة مش عاوزك تخالف تعليمات الـ body guards زي ما عملت المرة اللي فاتت،وإستغفلتهم وخرجت من الباب الخلفي علشان تقابل أصحابك برة وتكون علي حريتك زي ما قُلت لي وقت لما جيت أحاسبك،
واسترسل شارحاً:
-أظن إنك كبرت كفاية وبقيت فاهم طبيعة شغلي وعارف إن ليا أعداء عاوزين ينتقـ.ـموا مني في أعز ما أملك
واكمل بعيناي صادقة ونبرة حنون:
-وأنا يا ابني معنديش أغلي منكم،علشان كدة لازم تخلي بالك كويس من نفسك علشان خاطري،إنتَ كبرت وبقيت راجل ولازم تتحمل المسؤلية معايا
أوما الفتي وتحدث بنبرة صادقة:
-حاضر يا بابا،صدقني هروح أتمرن مع الكابتن وهتبع تعليمات الـ body guards كويس ومش هخالفهم تاني
تحدث ياسين بإستحسان:
-براڤو عليك يا حمزة،أنا عاوز منك طلب تاني
نظر له الفتي ينتظر تكملة حديثهُ فأكمل ياسين:
-أنا عاوزك تحاول تقرب أكتر من مروان،حاول تشاركه معاك في أي حاجة بتحبها،لعبة،تمرين في النادي،أو حتي تتفرجوا علي أفلام هادفة ومحترمة مع بعض
واسترسل بتوضيح:
-الولد بيمر بحالة مش كويسة وقربك منه أكيد هيفرق معاه
هز الفتي رأسه بتفهم وتحدث بطاعة:
-حاضر يا بابا مع إننا بالفعل أصحاب جداً وقريبين،بس هحاول أقرب أكتر
إبتسم ياسين لصغيره وشكره وقام الفتي كى يتجهز للذهاب إلى دوامهُ المدرسى،في حين تحرك ياسين إلي عمله
بعد مرور حوالي ساعتان،كان يجلس حول طاولة الإجتماعات الخاصة بجهاز المخابـ.ـرات بصحبة لفيف من قامات رفيعة المستوي من الجهاز،وايضاً لفيف من قامات جهاز الأمن الوطني المسؤول عن حماية البلاد، كان يترأس الطاولة رئيس جهاز المخابـ.ـرات بحد ذاته وذلك لأهمية الإجتماع
أمـ.ـسك ياسين بملفٍ من أمامه وبسط ذراعهُ به وهو يناولهُ لأحد رجال الأمن الوطني وأردف قائلاً بإحترام وجدية:
-إتفضل معاليك،ده ملف كامل فيه كل المعلومات اللي رجالة سعادتك هتحتاجها في مداهمة الوكر
تناول الرجُل الملف وفتحهُ وبدأ بقراءة ما بداخله ثم نظر إلي ياسين وتحدث بإنبهار:
-هايل يا سيادة العميد،جنابك مش سايب معلومة واحدة ولا تفصيله صُغيره إلا وذاكرها في الملف
نظر رئيس الجهاز إلي ياسين ونطق بتفاخر:
-أنا أول ما جالي معلومات إن فيه مبالغ كبيرة دخلت البلد بطريقة غير شرعية ومش عارفين يحددوا مصدر اللي باعتها ولا اللي إستلمها،من غير تفكير سلمت الموضوع لأكفئ رجالي علشان عارف إنه هيجيب قرار الموضوع في خلال أيام
وفعلاً سيادة العميد إستلم الملف ومافيش إسبوع وكانت كل المعومات تحت إيـ.ـدينا،من أول البلد الأجنبي الممول لحد الخـ.ـونة اللي تلقوا الأموال وبداوا بتكوين الخلـ.ـية اللي هتلاقي اسمائهم واحد واحد عندك في الملف، وبالتفاصيل المُملة
ونظر له بمُباهاه وأردف بإستجواد:
-ياسين المغربي معروف عنه إنه ما بيسيبش ثغرة واحدة في شُغله
تحدث رجل الشرطة ذو المنصب المُهم بإطراء شديد:
-هذا الشِبل من ذاك الأسد،سعادتك منتظر إيه غير كدة من إبن سيادة اللواء عز المغربي
واستريل ممتدحاً:
-والدك يا سيادة العميد كان ليه تاريخ طويل من الإنجازات اللي قدمها لجهاز الشرطة والأمن الوطني،ياما مدنا بالمعلومات والتحريات اللي خلت جهاز الشرطة يتخلص من مجـ.ـرمين ويوقف عملياتهم الإرهـ.ـابية اللي كانت ممكن تنهي علي البلد
كان يشعُر بالفخر وهو يستمع لإطراء الجميع لسيرة والدهُ الطيبة والمُشرفة والتي يعتز بها ودوماً يتفاخر به،تحدث بنبرة شاكرة:
-أشكرك سعادتك،ده واجبنا تجاه البلد
بدأوا من جديد بالتحدث عن المعلومات الهامة التي حصل عليها ياسين وبداوا يتناقشوا في كيفية تنفيذ العملية
❈-❈-❈
فاقت مليكة عند الحادية عشر صباحاً هي وأطفالها وثُريا وتجهزوا لزيارة قبر فقيدهم الغالي،إعتذر ياسين عن إيصالهم بعدما إزدحم يومهُ بالمهام الطارئة،لكنهُ خصص لهم سيارتان من الحراسة المُشـ.ـددة فقد بات في الفترات الاخيرة يهتم بزيادة عدد أفراد الحراسة علي كُل عائلته وبالأخص مليكة وأطفالها
تحركوا بالسيارات حتي وصلوا للمقابر،ترجلت بساقان تهتزان من شدة توترها،خطت حتي وصلت لقبر زو جها الراحل والتي لم تري منه سوي كل الخير والحب والإحترام
رُغماً عنها وجدت دموعها تنهمر بغزارة وبقلبٍ يتـ.ـمزق جلست بجوار لحدِه وتحدثت بخزيٍ بسريرتها:
-كيف حالك رائف،أتتذكرُني أم انك لم تعُد بحاجة لرؤية وجهيَ القبيـ.ـح،لا أعرف كيف هو شعورك الآن تجاهي،لكني أتيقن شعـ.ـوري جيداً،شعوراً بالخزيٍ والمقتٍ يتملكُ من داخلي،ألوم حالي وأخبرها دوماً بأني لم أكن يوماً أستحق عشقك النبيل أيها الفارس،حقاً كل ما يجول بخاطري الآن هو الآسف ولا أملك سواهْ لأقدمهُ لك ايُها الطيب
أما ثُريا التي جلست وتحدثت بدموع قلبها النـ.ـازف قـ.ـبل عيناها:
-وحشتني يا حبيبي،وحشتني يا محترم يا طيب
واسترسلت بإبتسامة وهى تحدثهُ وكأنهُ يجلس أمامها وتراه بأم أعيُنها:
-أنا شفتك في منامي إمبارح يا رائف
إنتبه لها الطفلان حتي مليكة:
-شفتك وإنتَ قاعد في وسط أرض واسعة مفروشة كُلها بنجيلة ماشفتش في جمال شكلها وخضارها عُمرى،كان فيه كمان أولاد صُغيرين وحلوين أوي بيلعبوا ويتحركوا حواليك
واسترسلت بإبتسامة خفيفة ممزوجة بدموعها المُتـ.ـألمة:
-جريت علي مكانك وفضلت أنادي عليك،بس إنتَ قومت وأتحركت لقدام والأطفال مشيوا وراك وكأنهم ظلك،فضلت أنده عليك وأصرخ بعلو صوتي علشان تسمعنى وتقف،بس إنتَ بصيت لي وأبتسمت لي بوشك الصابح وابتسامتك اللي كانت بتغسل قلبي من جوة وتنسيني مرارة الأيام وفراق الحبايب،وبعد ما بصيت لي،إدتني ظـ.ـهرك تاني وكملت في طريقك،وأنا فضلت أنادي عليك لحد ما صحيت من النوم وأنا بنطق إسمك
إبتسمت لها مليكة وتحدثت وهي تُربت علي كف يـ.ـدها بحنان:
-الرؤية جميلة أوي يا ماما وبتبين إنه إن شاء الله في مكان أفضل وأحسن
وبدأت ببكاء شديد وتحدثت وهي تنظر إلي صغارها:
-رائف كان أحسن وأحن راجل في الدنيا كلها وعمره ما يتعوض،
واسترسلت بدموع ساخـ.ـنة ونبرة مُتـ.ـأثرة:
-أنا عيشت معاه أجمل أيام حياتي اللي هتفضل محفورة جوة قلبى،واللى عمري ما هنساها ولا هنساه
إرتجف جـ.ـسد ذاك الواقف خلفها وهو يستمع إلي حوارها ذاك الذي نزل علي قلبه كمادة كـ.ـاوية أحـ.ـرقته وجعلتهُ يصرخ متـ.ـألماً،شعور بالغيرة والألم والمرارة تملكوا منه وسيطروا علي كل ذرة بجـ.ـسده حتي باتت جميع عروقهُ تنتـ.ـفض غضباً وغيرة لو خرجت منه لأشعـ.ـلت بكل ما حوله
ترى ما ستكون ردة فعل ياسين تجاه ما إستمعهُ من مالكة الفؤاد؟

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية قلوب حائرة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى