روايات

رواية اصفاد مخملية الفصل الأول 1 بقلم شيماء الجندي

موقع كتابك في سطور

رواية اصفاد مخملية الفصل الأول 1 بقلم شيماء الجندي

رواية اصفاد مخملية الجزء الأول

رواية اصفاد مخملية البارت الأول

اصفاد مخملية
اصفاد مخملية

رواية اصفاد مخملية الحلقة الأولى

“مأمني ! “

ركضت الطفلة فور هبوطها من الحافلة المدرسية نحو أبيها ثم توقفت فجأة و دارت حول نفسها و لوحت بيدها الصغيرة بقوة لذاك الطفل القابع بصمت داخل المقعد المجاور إلى النافذة و الذي سرعان ما انفرج ثغره بابتسامة مشرقة و رفع يده يبادلها التحية و عينيه ثابتة فوقها إلى أن انصرفت الحافلة و ابتسمت ابنته تواصل ركضها إليه بحماس لتستقبلها أحضانه بحنان أبوي فريد من نوعه عانقت أبيها فور صرختها باسمه التحببي “حليوة ! ” ثم تركته يحمل حقيبتها الصغيرة و تمسكت بعنقه بإعلان صريح منها بعدم رغبتها بمغادرة تلك الأحضان الحانية …

فطرة خلقنا الله عليها أدركت الصغيرة أن تلك اللحظات لن تُعوض لن ترَ ذاك الدفئ و الإحتواء سوى داخل أحضان بطلها الأوحد !

ليت كل أب على قيد الحياة يُدرك مدى احتياج صغيرته إلى ذاك الدفئ .. ليت كل أب عانقه التراب يعود لحظات لنعانقه بأرواحنا قبل أجسادنا ! ليت الحبيب الأول يُدرك أنه بداية كل شيئ إن أحسن إلى صديقته الصغيرة لن تتمنى عناق الحبيب الثاني !! ليت الأب يُتقن دوره و يُدرك عظمة مكانته ليت و ليت .. وتظل حقيقة واحدة تُدركها كل فتاة سواء تمتعت بحنان الأب أو عانت حرمانه أن الأب هو بطل الرواية به يبدأ كل شيئ و عنده ينتهي كل شيئ !

أسندت وجنتها الصغيرة إلى كتفه فور أن طبعت قبلتها الترحيبية فوق ذقنه تُنصت إلى حديثه حيث تشدق قائلاً بلطف و هو يربت فوق ظهرها :

– مين ياچوچي الولد الجميل اللي شاورتي ليه بعد ما نزلتي ؟!

ابتسمت الفتاة و رفعت وجهها تراقب ملامح أبيها و كأنها تحاول استكشاف مدى الرضا داخل مُقلتيه عن فعلتها لينفرج ثغرها ببسمة صغيرة حين وجدته يطالع هاتفه بهدوء و يعبث به إلى أن وصلا إلى باب المنزل الخاص بهم ، قالت بحماس و هى تطالعه بنظرات بريئة :

– ده عمر معايا في الكلااس !!

ابتسم و دلف إلى المنزل فور أن فُتح الباب و أكمل حديثه معها و هو يُغلق هاتفه و يطالعها باهتمام قائلاً :

– اممم و اشمعنا عمر بقا شاورتي ليه مخصوص !

كادت تُجيبه بحماس و هى تهبط أرضاً تركض نحو والدتها التي استقبلتها داخل أحضانها و قبلت وجنتيها ثم اتجهت إليه تقبل وجنته بخفة قائلة تقطع حديث الصغيرة دون قصد :

– حمدلله على السلامة ياحليوة ..

وضع قُبلة دافئة بمنتصف جبتها ثم فوق وجنتها و هو ينظر إلى ابنته حيث قالت مُجيبة تساؤله :

– عشان عمر النهاردة ضرب مازن لما شد شعري !

اقترب “يوسف” يُمسك يدها برفق و يجلس فوق الأريكة جاذباً إياها لتجاوره وهو يقول بهدوء :

– قوليلي ياچوچي عارفه أنا بحبك قد إيه ؟!

هزت الطفلة رأسها بالإيجاب و هي تفتح ذراعيها و تُحيط عنقه قائلة :

– كتيييير أوي .. وأنا بحبككك أوي أوي !!

ربت فوق ظهرها الصغير بحنو ثم قبل خصلاتها متنهداً يطالع ملامح “ريناد” المندهشة بصمت تنتظر نهاية حديث الأب و ابنته ثم تشدق قائلاً و هو يحيط وجنتيها و يهندم خصلاتها بأنامله :

– أنا بموت فيكِ عشان كدا المرة الجاية متخليش عمر يضرب صحابه تاني عشانك ده غلط نروح للهيد أو المستر وهو يتصرف اتفقنا ؟!

عقدت الطفلة حاجبيها و كأنها توازن كلمات أبيها ثم هزت رأسها بالإيجاب و انفرج ثغرها بابتسامة مشرقة تستمع إليه يقول بلطف :

-و نيجي نحكي لمامي على طول الحاجات دي اتفقنا ؟

أحاطت عنقه حين اطمأنت بابتسامته الحانية و دست جسدها داخل أحضانه ليشدد من ذراعيه حولها بلطف و يستمع إلي صوتها الحماسي يقول :

– اتفقنا !!

راقبت “ريناد ” المشهد بابتسامه يعهدها منها بتلك اللحظات لكن ارتفع صوت هاتفها لتعقد حاجببها و تجيب … لم تمر لحظات و استمع إليها تهدر بترحيب :

– آااه آه مدام رنيم الرفاعي أكيد افتكرت حضرتك .. !!

رفع “يوسف” حاجبه الأيسر حين خرجت طفلته من أحضانه و تقدمت من والدتها بأعين فضولية تراقبها بهدوء و هى تُكمل قائلة :

– الحقيقة أنا يشرفني طبعاً أتعرف أكتر على حضرتك بس أنا محتاجه اتكلم مع والدها و أشوفه ..

تابعها و هي تُطلق ضحكة قصيرة و تُنهي المحادثة بكلمات مُزينة لطيفة قبل أن تنظر تجاهه و تردف قائلة :

– دي رنيم الرفاعي بتعزمنا على عيد ميلاد عمر ابنها !

صاحت الصغيرة و توهجت وجنتيها و قالت بمرح :

– آاااه ياماميييييي عمر قالي أروح هيبقااا ويك اند بليييز !!

عقدت “ريناد” حاجبيها تراقب تصرف صغيرتها بإندهاش حيث تتبعها الحديث و تدخلها المفاجئ بشكل غير مسبوق .. بينما كان حديث “يوسف” اللين الهين خير مخرج لذاك الموقف حين تشدق قائلاً :

– واضح إنكم صحاب أوي ياچوچي !!

عادت الطفلة إلى أبيها توضح حديثها ببراءة قائلة :

– لاا .. هو قال لكل الكلااس و قالي هتيجي عشان أنتِ صحبتي أكتر ! و نارو قالت إنها رايحة !

اتسعت عيني “ريناد” و رفعت كفها تضعه فوق شفتيها لتكتم ضحكة كادت تفلت منها لقد أظهرت الطفلة جانبها الأنثوي الغيور منذ نعومة أظافرها بينما حدق “يوسف” بوجه طفلته يحاول استيعاب حديثها حيث أنه من الواضح إتخاذها القرار بشكل حاسم و ملامح وجهها تقص رغبتها الواضحة بالذهاب إلى ذاك الصغير … صمت لحظات ثم رفع عينيه ينظر حيال زوجته التي تنتظر قراره هى الأخرى !!

حرر أنفاسه زافراً بإرهاق ثم عاد بجسده إلى الخلف و يعقد ذراعيه أسفل صدره يقول بهدوء :

– ماشي نروح ياچوچي .. اتصلي ياريناد قوليلها !!

هزت رأسها بالإيجاب و هى تبتسم و تبعتد عن ضوضاء طفلتها حيث قفزت بأحضان أبيها تُقبله صارخة ببهجة لتتعالى أصوات ضحكاته الممزوجة بصرخات الصغيرة معه ..

و لأحضان العائلة مذاق خاص .. تنتهي المخاوف و تخمد نيران الأرواح المشتعلة و ألوذ بالفرار من يوم مُرهق للأبدان و القلوب .. هنا .. ينتهي العالم .. و يبدأ عالم آخر من صُنع حنان أمي و إحتواء أب أرهقه يوم أشد إرهاقاً من يومي !!!

-***-

دلفت إلى الغرفة تراقبه و هو يعبث بشرود بحقيبة عمله التي تلازمه منذ فترة حتى صار الأمر مبالغ به لقد صارت بغرفة النوم أيضاً !! تنهدت بهدوء و قد انشغل بالها بشكل أكبر لأحوال زوجها المتقلبة بتلك الفترة هى على علم بتزايد أعماله بتلك الفترة لكن و كأن الأمر صار أشد ثقلاً على زوجها الحبيب من مجرد عمل !!

تقدمت بخطوات رقيقة إليه إلى أن صارت خلف ظهره مباشرة و داهمت شروده بإحاطة جسده من الخلف و أسندت وجنتها إلى ظهره تقول بهدوء :

– الحليوة سرحان من الصبح فى إيه ؟!

تناول كفها من فوق صدره و جذبها إليه يقبل باطنه و يبتسم لها بلطف في حين أحاطت ذراعه الحرة جسدها يدسها داخل أحضانه و يلثم ثغرها برقة هامساً بجانب أذنها و هو يمرمغ أنفه بجانب عنقها الناعم :

– الحليوة مستني حبيبه روحه و لياليه ترجع حضنه عشان يعرف ينام !!

ابتسمت له و زادت من الاقتراب و هى ترفع ذراعيها لتحيط عنقه و تقبله أعلى شفتيه هامسه له :

– لا أنا مش قد كلام الحليوة و هو رايق !

دست يديها بين خصلاته تُقرب وجهها أكتر منه تستأنف همسها بلطف قائلة :

– قولي ياحليوة هو كل الرجالة بتحلو أكتر لما تكبر و لا دي ميزة لقلب الوقحة بس !

صدحت ضحكاته لتزداد ابتسامتها و تُعلن استسلامها إلى ذراعيه التى حملتها عن الأرض الصلبة إلى أحضانه الدافئة وصل إلى الأريكة و هو لازال يحتفظ بها داخل أحضانه ليضعها فوق ساقيه و يحيط خصرها يميل بجزعه العلوى فوقها و كأنه يتعمد إهلاك قواها بذاك الحصار الدافئ لحوارجها شددت من ذراعيها حول عنقه و لثمت ثغره أثناء همسه لها مُجيباً استفسارها :

– أنتِ اللي عيونك شفافه لقلبك مش بتشوف فيا عيوب ياقلب الحليوة من جوااا !!

كأن كلماته سحر دفعها للابتسام شيئاً فشيئ و تلك اللمعة الشغوف داخل عينيها التي تراقب ملامحه تزداد عشقاً لذاك الرجل يتنفض قلبها الصغير بين أضلعها إلى حد الصراخ بحروف اسمه التى نُقشت فوق فؤادها المتيم به دست شفتيها بين شفتيه تُذيقه نعومتها ليستقبلها بحنو بالغ و يزيد من ضمه إياها إلي صدره ينثر قبلاته المتفرقة فوق شفتيها و عنقها ليصل إلي أذنها و يهمس بهدوء :

– أحضنيني جامد ياريناد بكل قوتك !

توقف عقلها عن إعطاء الأوامر و استجاب قلبها العاشق بشكل تلقائي يُلبى ندائه بطواعية تامة اعتدلت بجلستها و دست وجهها بعنقه تقبله بلطف و تزيد من قوة إحاطتها له بذراعيه إلى أن التصقت به تبخرت الأحرف في حرم ذاك العناق و كأن أنفاسها الساخنة التي تحرق عنقه و ذراعيها اللينة التي تحاول بثه الدفئ و يديها الصغيرة التى تحرك فوق ظهره العاري و الأخرى التي تتحرك بلطف داخل خصلاته جميع تلك المشاعر لها مذاق خاص لقد أوجزت تلك الصغيرة جميع مفردات الإحتواء بذاك العناق الحاني !!

همس و هو يُعيد تقبيل شفتيها بلطف للمرة التي يجهل عددها :

– بموت فيكِ ياقلب الحليوة !!

ابتسمت تبادله الهمس و تقبيل ثغره و هى تقول :

– وأنا أموت منغيرك يا روح الوقحة وأنفاسها !!!!

استقر جسدها فوق الأريكة بلحظات و طل عليها بهيئته الرجولية الباهية يقبل ثغرها الذي أذاقه للتو شهد الكلمات و أعاد إليه شعور الطمأنينة و السكينة ثم هبط بشفتيه و هو يستنشق عبير الورود بعنقها و يزينه بقُبلاته الناعمة المُهلكة لها لتزيد من ضمه إليها و هي تستشعر حركة يديه بحرية تامة فوق بشرتها الرقيقة تركته يمارس طغيان مشاعره تجاهها و قد شعرت أنها تحلق بعنان السماء داخل أحضانه التي تمتلك قلبها قبل جسدها !!!

-***-

بمكان قريب للغاية من منزل تلك الأسرة الصغيرة الدافئة دفع “أيهم” الباب بقدمه اليسرى يغلقه خلفه و هو يستمع إلى ضحكات زوجته الناعمة داخل أحضانه و ينصت إلى حديثها من بين تلك الضحكات التى دفعت ابتسامته إلى ثغره و هو يواصل سيره بها إلى الفراش :

– ياأيهم أوعى شكلنا إيه دلوقت !!

داهمها بإلقائها فوق الأغطية الوثيرة لتصرخ من بين ضحكاتها الهستيرية صائحة :

– ااااه ياأيهمم .. !

حاصرها بجسده و هبط بشفتيه يلتهم شفتيها بقوة و إبهاميه يتحركان بلطف بحركات دائرية فوق كتفيها بنعومة بالغة دبت القشعريرة بجسدها لتضع يدها خلف عنقه تجذبه إليها تستمع إلى همسه لها قائلاً :

– سلامتك من الآه يانن عيون أيهم !! وحشتيني مش هسافر تاني منغيرك !!

داعب قلبها بلهفة و شوق لقائه بها كلماته البسيطة كان لها وقع شديد القوة على قلبها ! تركت شفتيه تنثر قبلاته فوق شفتيها و هي تستغل الفرص لتدس وجهها بعنقه تلفح نحره بأنفاسها الساخنة !!

صدح صوت هاتفه ليعقد حاجبيه بإنزعاج واضح و هو يخرجه من جيب بنطاله و كاد يلقيه بعيداً لكنه رأى اسم شقيقه و قد اتفقا ألا يهاتفه إلا للضرورة القصوى !

زفر بإرهاق ثم قبل شفتيها يهمس بلطف قبل أن يجييه :

– هشوف سيف عاوز إيه خليكِ هنا أوعي تتحركي !!

ابتسمت تهز رأسها بالإيجاب و تركته يجلس فوق الفراش معتدلاً ليتحدث إلى شقيقه و هى تستلقي فوق الفراش أمامه تهز ساقيها بانتظاره و عينيها تراقبه بشغف غفل عنه أثناء اهتمامه بالحديث لتعتدل و تجلس فوق ساقه بابتسامة ماكرة رفع حاجبه و هو يحاول مواصلة الحديث لكن أناملها العابثة امتدت إلى أزرار قميصه تحلها واحداً تلو الآخر و يدها الأخرى امتدت إلى خصلاته التى سقطت أعلى جبهته تُعلن عن إشعاثها الواضح أغمض عينيه بقوة و يده الحرة تحاول إمساك يدها لكنها كانت قد أنهت مهمتها و بدأت بنزع القميص عن كتفه بلطف و نعومة و هى تمارس حركاته الدائرية فوق كتفه مثلما فعل بها منذ لحظات لكن تمادت أناملها إلى صدره و بدأت شفتيها العابثة تلثم عنقه ذهاباً و إياباً ليفتح عينيه بقوة و يحاول إبعاد عنقه عن مرمى شفتيها فأحاطت خصره بقوة و مالت عليه أكثر تكتم ضحكاتها المُتسلية العابثة و تقضم شحمة أذنه بخفه قبل أن تتمادى بشكل أكبر و تقطع حديثه تقبل شفتيه بنهم مماثل له مما دفعه لإغلاق الهاتف مسرعاً و هو يهمس بصدمه فور أن فصلت شفتيها عنه تلتقط أنفاسها :

– أنا آخر مرة شوفت الحالة دي كان في الحمل أوعي تكوني حامل ؟!

صدحت ضحكاتها بالأرجاء و هزت رأسها بالسلب تهمس له بالقرب من شفتيه :

– إيه هو حرام توحشني كدا منغير حمل !!

رفع حاجبه الأيسر و انفرج ثغره بابتسامه واضحة ثم إلتف بها بشكل مفاجئ فوق الفراش لتصرخ ضاحكة تستمع إليه يهمس بإذنها :

– هو فيه حلال أكتر من كدااا !!! الحراااام فعلاً هو اللي بتعمليه فياااا !!

لم يتثنَ لها الإجابة حيث ابتلع ما تملك من أحرف داخل جوفه بلحظة واحدة ثم تابع تقبيل ملامحها بشغف خاص ممزوج بعشق اعتادت تذوقه بنكهات متنوعة بين أحضانه المُلهبة !!!!

-***-

يوم الإحتفال بسليل ” آل الرفاعي” وقف الصغير المدلل بجانب شقيقته التوأم يراقب بين الحين و الآخر ممر دخول الزوار بهدوء رافضاً الإندماج بين الأقارب و الأصدقاء للمرح .. بدا الأمر بالغ الأهمية لدى الصغير مما دفع “أيهم” للإقتراب منه و الإنحناء يهمس له بلطف :

– إيه يا عمر مش هتلعب مع صحابك اللي جايين عشانك ولا إيه ؟!

عقد الصغير ملامحه و أردف بحزن و عينيه مُعلقة على ممر الدخول :

– لا هى ليه چوچي أخرت مش قولت هتيجي ؟!

وضع “أيهم” يده فوق رأس الصغير يداعب خصلاته و هو يقول :

– تحب اتصل أشوفهم فين هما ؟!

استطاع أخيراً الحصول على قدر من انتباه الصغير حيث نظر إليه يهز رأسه بالإيجاب ثم انطلق فجأة مسرعاً باتجاه الممر و هو يقول صارخاً بنفي :

– لا خلاص !!!

تابعه بعينيه و اتجه خلفه يستقبل معه الضيوف المنتظرة بينما أمسك “يوسف” يد الصغيرة حين وجد “عمر” منطلقاً نحوها ابتسمت “ريناد” و ضغطت بخفة فوق ذراعه التي تتأبطها لكنه عقد حاجبيه و سحب الصغيرة نحوه ليحتل اليأس ملامح الطفلة و يقف الصغير محله ينظر إليه بتوتر أنقذه وصول “أيهم” يصافح “يوسف” قائلاً :

– أهلا وسهلاً شرفتونا يعني لولا المدام تعزمكوا مكنتش هشوفك بعيد عن الشغل ؟!

ابتسم الأخير بهدوء و راقبه و هو يميل على الصغيرة يداعب وجنتيها ويقبل خصلاتها بحنو قائلاً بمرح طفيف :

– أهلا ً ببرنسس البارتي !! عمر مستني من بدري إنك تيجي !

ابتسمت له الصغيرة بوداعة و نظرت إلى أبيها المتشبث بيدها الصغيرة ثم لوالدتها و كأنها تستغيث بها .. بالفعل لبت الأم نداء الإغاثة حيث قالت بهدوء للصغير :

– چوچي كانت زعلانة إننا أخرنا عليك ياعمر .. مش كدا يا يوسف !

نظر إليها يراقب ملامحها المنزعجة و عينيها التي تُشير إلى أوجه الأطفال المنزعجة منه و كأنه هادم اللذات خاصتهم !! زفر بغضب طفيف ثم انحنى يُقبل وجنة صغيرته و يهمس لها بعدم الابتعاد عن أنظاره و إلا مارس سلطته كأب و عاد بها إلى المنزل هزت رأسها له و قبلت صدغه قُبلة صغيرة قبل أن يحرر أسر يدها ليسحبها الصغير راكضاً على الفور .. مما دفع “ريناد” و “أيهم” للتبسم أما هو تجهم وجهه بخوف فطري من ذاك العُمر الدخيل على حياته !!

نبهته زوجته بخفة و أشارت بعينيها نحو الواقف يراقبه بهدوء لينهد معتذراً :

– معلش بس چوري صعب تندمج مع أطفال عشان كده قلقان شويه عليها !

عادت عينيه تبحث عنها إن كانت بمحلها مع ذاك الصغير أم انتقلت لينظر “أيهم” إلى أين انتقلت عيني مُحدثه و قال ضاحكاً :

– ولا يهمك أنا برضه عندي چوان و چمان نفس الطبع كدا و هتلاقيهم هناك أهوه معاهم … متقلقش !!

أجابه “يوسف” مبتسماً و قد وصلت إليه إشارته الواضحة بتواجد الطفلة بمكان آمن و أن من يحادثه لديه أيضاً فتيات يغار عليهن !! :

– ربنا يخليهم ..

أقدمت “رنيم” بتلك اللحظة تقول بترحيب مبتسمة :

– أهلاً !! مدام ريناد صح كدا !

بادلتها “ريناد” البسمة و قالت بلطف :

– أيوه أنا مامه چوچي اللي صدعتوا منها !!

ضحكت بخفة و أجابتها بهدوء :

– لا متقوليش كدا أنا لسه عمر معرفني عليها ماشاء الله جميلة أوي ربنا يخليهالكم .. وافقين هنا ليه كدا اتفضلوا !

أنهت كلماتها تُرحب ب”يوسف” الذي بدا يبحث بعينيه عن شيئ ما و نبهته زوجته للمرة المائة لأفعاله المبالغ بها بادلها الترحيب و هو يستمع إلي “أيهم” يقول بهدوء و هو يحيط خصرها و ينتقل معهم إلى الطاولة :

– ملحقتش أدخلهم عمر هجم عليهم أول ما وصلوا !

فور أن انشغلا الزوجين بضيف ما .. أمسكت “ريناد” ذراعه تقول بانزعاج طفيف :

– مش كداا يا يوسف الناس تقول إيه هيقتلوا البنت !

زفر بغضب و أجابها بإنفعال :

– أنتِ مش شايفه الولد ماسك في البنت إزاي دوناً عن كل صحابه ؟ و واخدها لأمه يعرفها عليها كمان !! ده مش طفل أبداً !!!

لم تحاول مقاومة تلك الضحكة التي أفلتت من شفتيها تقول بمرح و صوت خفيض أثناء تحديقها بوجهه الغيور :

– الحليوة غيران من طفل قد ركبته !!!

نظر إليها بإستنكار و تشدق غاضباً و قد ابتعدا عن مرمى الأعين :

– بس متقوليش طفل !! أنا أغير من شبر إلا ربع ده ؟!!!

واصلت ضحكاتها و اقتربت منه تُحيط عنقه و تُقرب وجهها إليه قائلة :

– كويس إنك عارف إنه شبر إلا ربع و لعلمك بقا البنت دي هرميها في ملجأ أنا قررت خلااااص .. دي خطفت الحليوة مني و بقا يغير عليهااا وأنا واقفه هواا كدا !!

كعادة تلك الجنية آسرة القلب تلتهم غضبه بتلك الكلمات و ذاك الاقتراب المُهلك لم تخفق يوماً بقلب الموازين لصالح قلبها الشغوف به !!

قبل جبهتها و هو يحيط خصرها يُقربها إليه هامساً :

– أنتِ عارفه و متأكدة إنك عالم لوحده يا قلب الحليوة و محدش يقدر يقرب من مكانك في قلبي .. و هي چوري إيه غير نسخة صغيرة منك كأني عندي توأم مش بنوته واحدة ؟!

تعلم تلك الحقائق جيداً لكن كالعادة سماع تلك الكلمات من شفتيه له وقع بالغ الأثر علي قلبها المُتيم به !!

انقطع تواصل النظرات و الهمسات حين رأت اقتراب “أيهم” منهما و زوجته التي تتأبط ذراعه .. اعتدل “يوسف” يستقبل نظراته العابثة بابتسامة صغيرة حيث تشدق “أيهم” قائلاً بعبث :

– معلش يامدام ريناد هسرقه منك دقايق مش أكتر !

توترت نظراتها لتلكزه “رنيم” بخفة و هى تقترب منها قائلة :

– أنا أصلاً كنت هطلب منكم تسيبونا نتعرف على بعض براحتنا !!

ابتسمت لها بإمتنان ليتقدم منه “يوسف” رافعاً حاجبه الأيسر مما دفع الآخر بالتنازل عن بسمته العابثة و الانتقال معه إلى غرفة المكتب بهدوء تام !

أغلق “أيهم” الباب جيداً ثم إلتفت إليه يقول بجدية :

– كدا الأوراق خلصت ؟ والقصر بقا بتاعكم !

تنهد “يوسف” و قال بهدوء :

– دي مسؤلية كبيرة أنا مش عارف قبلت بعرضك إزاي بس معنديش حلول تاني شهاب الله يرحمه كان دايماا في ضهري و أنا مش ممكن أخون ثقتك بس نضمن منين الشريك اللي معايا ده أنا معرفوش و كدا رسمي معاه نص القصر !!

ابتسم له “أيهم” و تقدم منه يربت على كتفه متشدقاً بارهاق واضح :

– أنا مفيش في إيدي أي ضمانات يايوسف أخويا نفسه غدر بيا و وصلني للمرحلة دي لولا إني اتعاملت معاك و عرفتك و عرفت صداقتك لشهاب من فترة كان زمان الأحوال بقيت أسوأ من كدا !! ضربات القريب بتقتل يا يوسف ! مفيش غريب هيوجعك زي القريب منك أبداً !

بمرور الوقت اعتدتُ نيل قسط وفير من صفعات الأحبة ، و كأن قلبي من فولاذ ألم يعلم ذاك القوم أننا بشر ! تقتلنا كلمة و تهدم أفراحنا نظرة و يُهلك أرواحنا فعل و نُحيي أنفسنا من رماد و حطام قلوبنا ! و تظل صفعات القريب لهيب يحرق الأرواح و يدعس القلوب !

ربت “يوسف” فوق كتفه و قال بإصرار حين رأى ذاك القهر يتراقص داخل مُقلتيه و آااه من قهر الرجال !!! :

– متقلقش كل حاجه هترجع زي الأول و أنا في ضهرك لحد ماترجع حقك !! كلمت فهد صاحبك ؟

هز رأسه بالإيجاب ثم مرر يديه بخصلاته يجذبها إلى الخلف بقوة قائلاً :

– بكره الصبح هيستقبلنا هنتحرك النهارده بليل و لسه معرفش هقول إزاي لرنيم على كل ده !!

-***-

هرعت إليه كعادتها و أمسكت بالعكاز المُلقى أرضاً تناوله إياه و تُحيط خصره من الجهه الأخرى حيث تهم بمعاونته للعوده إلى فراشه مره أخرى تهتف بنبرتها اللطيفه المحببه إلى مسامعه :

– قومت ليه يافهد أنت من امبارح بيوقع منك العكاز ده لازم نكلم الدكتور يشوفك ..

أحاط كتفيها و كاد يعود و هو يحتفظ بها بأحضانه لكنه توقف يقول بتذمر :

– لا أنا قومت عشان اخرج فى الهوا شويه الجو هنا ممل جدا و أنتِ مش بتحبى تقعدى معايا !

حركت رأسها بالسلب بتوتر و رفعت عينيها البريئة تحدق به بدهشة تهتف بتوتر طفيف :

– أنا مش بحب اقعد معاك ما أنا معاك اهوه و لوحدنا !

تشدق مستنكراً بنفاذ صبر :

– لوحدنااااا ؟!!! أنتِ بتسمى ده لوحدنا كل واحد فينا فى أوضه و الفرقع لوز نائل معاكِ طول النهار تيم رايح جاي علينا عمتك بتبدل مع نائل كل دول لوحدنا ؟! أسيف أنتِ شبه عامله جيش حواليكِ عشان منبقاش لوحدنا فعلاً الغريب بقا انك بتنامى اخر اليوم عادي جداً بالرغم إن مفيش غيرى معاكِ خوفك مش بيظهر غير طول النهار !

تنهدت بهدوء ثم أشارت إلى قدمه المصابه تردف بحزن و تُعلن تهربها بشكل واضح من إجابته :

– فهد كفايه وقوف على رجلك كدا تعالى اخرجك زى ما أنت عاوز !

أعاد كلمتها مستنكراً بحزن و قد أبعد يده عن جسدها ينكس رأسه عائداً إلى فراشه يتوكأ على عكازه :

– رجلى !

عضت على شفتيها و هى تراقب عودته بهدوء إلى الفراش خطت خلفه تهمس بصوتها العذب :

– مش كنت عاوز تخرج برا ليه رجعت لوحدك !

لم يُجِبها اكتفى برفع عينيه إليها عله يترآى لها ما تتركه من أثر بالغ فى نفسه بكل مره تتهرب منه بها ، دمعت عينيها و اتجهت إليه تجاوره بجلسته و تهمس بلطف و قد رفعت كفها الصغير تربت فوق ظهره بحنو قائلة :

– تعالى نقعد سوا برا أنا كمان محتاجه أقعد فى الهوا .. معاك !!

نهاية حديثها كانت بمثابة اعتذار لشعوره بالخذلان تجاه تجنبها إياه أطال التحديق بملامحها ثم هبطت عينيه تراقب تلك المسافة الضئيلة مد يده الحرة و أمسك مرفقها يجذبها إليه و عينيه تجوب أعماق رماديتيها بحثاً عن نظرات الأمان التي يأملها من أنثاه لكنها أسبلت عينيها و تنهدت بإرهاق و كأنها ترفض أن يُدرك تلك الحرب داخلها !

رفع يده يتلمس خصلاتها الشاردة بعشوائية مُقترباً منها بجسده إلي أن تلاشت المسافة بشكل كامل فيما بينهما تعمد الإقتراب و كأنه يُعلن شن حرب غير منصفة عليها لترفع عينيها مرة أخرى إليه تراقبه بنظرات متوترة و هو يهمس لها بصوته المهزوم :

– قوليلي عاوزة ضمان إيه يا أسيف ! قوليلي أقدر أرجع بالزمن إزاي ! قوليلي حل واحد غير إنك تبعدي أو تبقي مترددة كدا !

ارتعش فكها و حدقت به بتوتر ثم همست أخيراً :

– مش عارفه .. !

أغمض عينيه بقوة يبحث داخله عن ذاك الثبات الذي بددته حين أكملت بلطف :

– بس مش حاسة إني عاوزة أبعد !

اتسعت حدقتيه و انفرج ثغره ببسمة واضحة مما دفعها إلى الهرب بنظراتها عنه حيث ضاعف توترها و هو يقترب من وجهها قائلاً برفق :

– و أنا مش محتاج دلوقت أكتر من شعورك ده !

لم يُمهلها تلك الفرصة تبادله بسمتة حيث جابت شفتيه ملامحها بلحظات برقة بالغة و أمسكت يده يديها معاً يضعها فوق قلبه النابض بقوة في حين تلتهم شفتيه شهد حبات الكرز خاصتها بنهم واضح أوقف عقلها عن التفكير بلحظات حيث تلك الطبول التي تقرع أسفل كفيها و هجومه هكذا جعل الأمر أشد تعقيداً على تلك البريئة !

انتفضت حين ارتفع صوت هاتفه يُعلن عن متصل خاص كاد يصب لعناته حيث يصل غضبه عنان السماء بتلك اللحظة لقد انتهى من تدخلات أخيها لتأتي تلك القطعة الصغيرة بالغة الإزعاج و تدمر حصوله على وقت هادئ معها !!!

راقبها و هى تتجه إلى موضع هاتفه و تُحضره إليه بيد ترتعش بعض الشيء دفعه ذاك المظهر المتوتر خاصتها للتبسم و إمساك يدها التي تُحيط الهاتف يجذبها منها مُستغلاً غفلتها لتسقط صارخة بأحضانه أحاط خصرها يُثبت جسدها ثم لمس الشاشة لفتح المُكالمة و هو يحتفظ بيدها أسفل يده لتبتلع صرختها خشية أن تصل إلى مُحدثه وضع الهاتف المُحاط بأناملها الرقيقة فوق أذنه قائلاً بصرامة و هو يعقد حاجبيه :

– خير ياأيهم فيه جديد !

هبطت يده التي تُمسك بيدها ليحيط خصرها يُزيد من ضمها إلى أحضانه يراقب عينيها التي تزداد اتساعاً من تصرفاته كادت تفلت منه بسمة لكنه عاد إلى محدثه يقول بهدوء :

– طيب و ليه يابني ماتيجوا على هنا على طول !!

زفر أنفاسه و قال ضاحكاً :

– اااه المدام .. طيب مهدلها على مهلك بس مش كتير 3 أيام تمهيد يارايق !

أتبع حديثه بضحكة رجولية قصيرة لفتت انتباهها حيث تراقبه بحالات غريبة لم ترَه عليها من قبل .. ثم استمعت إليه يردد بصرامة :

– تمام .. تحب أحجزلكم أنا ! ..

– اهاا .. خلاص كلمني أول ما توصل اسنكدرية برضه خلينا على تواصل أفضل !!

أغلق المحادثة ثم قربها إليه يهمس أمام شفتيها بلطف بالغ :

– بتبصي على إيه !

أجابته بتساؤل و قد غلف نبرتها دهشة بينة :

– أول مرة أشوفك بتكلم حد كدا !

ابتسم داخله لغفلتها عن تواجدها بأحضانه بذاك القُرب المُهلك له هو و ليس لها فشل بإخفاء تلك البسمة و قد أفصح وجهه عنها و كيف له ألا يتبسم أمام تلك الأعين بالغة البراءة يكاد يقسم بأغلظ الأيمان أنها أنقى إمرأة بالوجود ..

همس لها بصوت مُرهق و هو يسند جبهته إليها قائلاً :

– مش عارف شيفاني ازاي بس خليكِ متأكدة إن الحالة الوحيدة اللي مش بعرف نفسي فيها بتكون معاكِ أنتِ ياأسيف ..

عاد إليها التوتر مرة أخرى و أفلتت حالها من أحضانه بذات اللحظة التى طرق بها أخيها الباب الخارجي للملحق الخاص بهم !!!!

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية اصفاد مخملية)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى