روايات

رواية الشبيهة الفصل الثاني 2 بقلم لبنى دراز

موقع كتابك في سطور

رواية الشبيهة الفصل الثاني 2 بقلم لبنى دراز

رواية الشبيهة الجزء الثاني

رواية الشبيهة البارت الثاني

الشبيهة
الشبيهة

رواية الشبيهة الحلقة الثانية

نخفِي حُزناً ووَجعاً وَدُموعاً أحيَاناً.. خَلفَ عبَارة (أنَا بخَير).. تباً لعزة النفس.. وسحقاً لواقع لا‌ يوجد به احتواء صادق.
الشبيهة بقلمى✍️_____لبنى دراز
شعرت رقية ام رزان بغصة فى قلبها، بدأ يساورها القلق و تتملكها الهواجس من شدة قلقها على أبنتها إثر تأخرها عن عودتها الى البيت، تلاعب الشيطان بعقلها يخبرها بأن هناك كارثة حدثت لها، ظلت تجوب الشقة مجيئاً و ذهاباً بداخلها لا تعلم ماذا تفعل و لا إلى أين تذهب، تهللت أساريرها و أهتز قلبها طرباً عندما أستمعت الى طرقات الباب، ذهبت راكضة كى تفتحه لتطمئن على صغيرتها لكنها تسمّرت مكانها لا تقوى على الحركة بسبب صدمتها من رؤية الطارق وقالت:
” حسن ؟!”
نظر إليها بريبة وسوء ظن وقال:
” أيوا حسن يا أمه، إيه ماكنتيش عايزة تشوفينى؟ و لا تكونى مستنية حد تانى غيرى يجيلك فـ الوقت ده؟”
أردفت رقية بقلق قائلة:
” أبداً يا أبنى بس أختك رزان لسة مارجعتش من شغلها لغاية دلوقتي و قلبى متوغوش عليها”
” أزاى يعنى البت ما رجعتش لغاية دلوقتي يا أمه ”
” أمر الله يا أبنى الغايب حجته معاه ربك ستار ”
” ده انا هقطع خبرها بت الكلاب دى، و لا هى ما علشان بتشتغل و تصرف ع البيت هتمشي على حل شعرها و تتأخر على كيفها ”
نهض سيد من فراشه بعدما استمع الى صوت أبنه وخرج من غرفته يتكئ على عصاه و يصيح به بغضب:
” أخرس يا صايع يا ضايع ما تجيبش سيرة أختك على لسانك الزفر ده مرة تانية، أنت فاهم”
نظر حسن إلى أبيه بغضب والشرر يتطاير من عينيه ثم صاح:
” هو ده اللى انت فالح فيه يا أبا، بتهزقنى أنا وتشتمنى، انما السنيورة بتاعتك تدلعها وتهننها حتى لو باتت برة باليومين، مش هتسألها كانت فين طالما بتصرف عليك وبتديلك مش كدا يعنى!”
اقتربت الام اليه بحزن وأجابته بتأثر وعيناها تذرف الدمع:
” دى عمرها ما عملتها يا أبنى، و أتأخرت كدا، انا قلبى متوغوش عليها، أنزل يا ضنايا اسأل عليها شوفها فين”
عاد وسألها مجدداً:
” انتى تعرفى فين بيت الناس اللى شغالة عندهم المحروسة بنتك؟”
“لاء يا أبنى ما اعرفش البيت فين ، بس كل اللى أعرفه أسم البيه وبنته ”
” قولى أسم الراجل ده يا أمه يمكن أعرف اوصل لبيته من أسمه ”
وضعت رقية كفها على جبهتها فى محاولة لتذكر أسم الشخص لتخبر أبنها:
“أسمه باين كدا فاروق، رؤوف، أه افتكرت أسمه رؤوف الزينى”
رجّت الصدمة كيانه وجف حلقه عندما أستمع الى أسم رؤوف الزينى وبالكاد أستطاع أن ينطق:
” بتقولى مين يا أمه؟”
استدار يداري عينيه عن امه وأبيه حتى لا يلاحظوا توتره وهو يحدث نفسه:
“يا ليلة طين، ده باين انه الراجل اللي خطفنا بنته للباشا ”
ثم خرج من باب المنزل راكضاً دون حديث تاركاً أمه وأبيه فى قلقهم وخوفهم على أبنتهم .
_____________________
داخل منزل مهجور في قلب الصحراء، تقف جدرانه الشاحبة شاهدة على سنوات من النسيان، أتربة متراكمة تغطي الأرضيات، والعناكب تنسج خيوطها في كل زاوية كأنها تتآمر بصمت على من يجرؤ على دخول هذا المكان. الجو ثقيل، والظلام يسيطر على أرجاء المنزل، حتى أن أصوات الرياح العابرة بين النوافذ المكسورة تزيد من رهبة المشهد.
يصعد ذلك المتعجرف على الدرج الخشبي المهترئ، خطواته تتردد في المكان وكأنها تستفز كل روح سكنت هنا. شفتيه ترتسم عليهما ابتسامة ماكرة، وصافرته الحادة تملأ الفضاء الكئيب، وكأنه مستمتع بحضوره في هذا المشهد الشيطاني. عيناه تتوهجان بنظرات شيطانية، وهو يحدق بتلك النائمة. يداها وقدماها مكبلتان بإحكام، وعيناها مغطاتان بقطعة قماش قديمة، بينما جسدها يرتجف في خوف خفي. يتوقف للحظة، نظراته تتجول على جسدها وكأن شيطانًا يحركه بلا رحمة. يفقد إدراكه للصواب والخطأ، كأن الظلام الذي يسود المكان قد أعمى قلبه وعقله معًا. يتحدث إليها بنبرة ملأى بالتهكم، وهو يخلع قميصه ببطء، متلذذًا بعنجهية مطلقة، ثم يلقي به بلا مبالاة على أحد المقاعد المتهالكة، وكأن المكان ملكه والزمان خادم لرغباته القذرة:
” أخيرا هقدر أذل أبوكِ وأنتقم لكرامتى منه و أخليه يجى راكع يترجانى أستر فضيحته بعد ما رفضنى ”
وبضحكة ساخرة و بعيون يملأها التحدى أكمل حديثه:
” دلوقتي هو اللى هيجرى ورايا و يبوس إيدى و رجلى كمان علشان أتجوزك ”
اصفرّ وجه رزان، وكأن الحياة هجرته، بينما ارتجفت أطرافها كأوراق شجر تتراقص في مهب الريح. الرعب تسرب إلى كل خلية في جسدها، فدمها تجمد وكأن الزمن توقف. نبضات قلبها تتسارع بشدة، تكاد تنفجر من صدرها، وهي تشعر بأن كل دقة تعلن قرب نهايتها.
بينما كانت الأفكار تتصارع في ذهنها، اقترب ذلك المتعجرف بخطوات واثقة، عينيه تشعان بنار جشع خبيث، كذئب يراقب فريسته قبل الهجوم. كانت ابتسامته الساخره تحمل في طياتها استهزاءً واضحًا، وكأنه يستمتع بمشاهدتها تتألم.
فكّ قيودها بلا رحمة، كمن يتلذذ بلحظة الانتصار، تاركًا عينيها معصوبتين وفمها مكممًا. انحنى نحوها، ونسيم أنفاسه الساخنة يلامس بشرتها الباردة، متحدثًا بنبرة مليئة بالتفاخر وكأنه ملكٌ يسخر من رعاعه:
“ياما كان نفسي تكونى فى حضنى بمزاجك مش غصب عنك، ماتكونيش بالطريقة دى أبدا، كان نفسي أشوف جمال عيونك وأسرح فيهم وأسمع صوتك الجميل ده وانتِ بتغني لى بس للأسف أبوكِ هو اللى وصلنا للطريق ده ”
كل كلمة يقولها كانت كفخٍ يُطوق روحها، بينما كانت رزان تغرق في خندق الخوف، تشعر وكأنها تتلاشى، محاصرة في فخ عدم قدرتها على الهرب.
بعد مرور وقت طويل أستحل فيه ما حرمه الله غير مبالياً بمن وقعت فى أسره، لم يشفع لها أنينها كى يرحمها منه، وهو لا يعلم إن تلك المسكينة هى رزان شبيهة تالا، نهض عنها وتركها فى حالة يرثى لها، وهمس وسط ضحكاته القوية الساخرة:
“دلوقتي بس أقدر أقعد وأحط رجل على رجل وأبعت لأبوكِ أطمنه عليكى”
ثم امسك الهاتف وقام بإرسال رسالة من رقم مجهول، الى رؤوف نصها كالتالى
” بنتك عندى لو عايزها تعالى خدها ”
ثم أغلق الهاتف نهائيا وعاود النظر إليها بتلك النظرات المستذئبة وأقترب منها مرة اخرى كى ينال مبتغاه بلا شفقة او رحمة وهو يُمني نفسه بقدوم أبيها راكعاً تحت قدميه ذليلاً مترجياً .
_____________________
داخل ڤيلا الزيني
جلس رؤوف بعد أنتهاء الحفل داخل غرفة مكتبه يتابع أعماله ويراجع بعض الأوراق المخصصة بصفقات شركاته، أعلن هاتفه عن استقبال رسالة من رقم مجهول، عندما قرأها جن جنونه ثم خرج راكضاً من مكتبه وتسلق السلم مسرعاً يتجه الى غرفة أبنته، يشعر برجفة الخوف تُقطّع فؤاده وتُمزّق أحشائه وقد راودته أسئلة كثيرة، من وكيف ومتى وإلى أين أخذها؟!
هدأ روعه عندما رأها فى فراشها تغطّ فى نومٍ عميق ثم زفر بإرتياح و جلس الى جوارها و احتضنها كأنه يطمئن حاله إنها بخير، ثم نظر الى هاتفه مرة أخرى محدثاً نفسه:
” ده أكيد واحد مجنون او رسالة وصلت بالغلط ”
شعرت به تالا عندما كان يهب ناهضاً من مكانه فأستيقظت بشوشة الوجه يشعّ من عينيها بريق السعادة وأنفرج ثغرها عن تلك الأبتسامة العذبة وقالت
بين تثائب خمل:
“بابى، حبيبى، أنت لسه مانمتش لغاية دلوقتي؟”
استدار ونظر إليها وقد أرتسمت سمات الارتياح على وجهه وتهادى صوته متزناً هادئ النبرات يفيض حباً وحناناً:
” هو ينفع بابى ينام من غير ما يطمن على بنوته حبيبته”
” ربنا ما يحرمنيش منك أبدا يا بابى يا قمر أنت ”
” أيه رأيك يا شقية لو نطلع رحلة نلف فيها العالم كله بمناسبة عيد ميلادك؟”
انفرجت أساريرها وقفزت بمكانها بعد ان غمرتها السعادة و صاحت قائلة:
“بجد يا بابى هنلف العالم كله؟”
“بجد يا روح بابى، و يلا قومى بقى جهزى نفسك علشان مافيش وقت”
نهضت مسرعة من فراشها وهى تنادى على الخادمة المقيمة فى الڤيلا كى تجهز لها حقيبة السفر ثم قبّلت أبيها وقالت:
“حاضر يا أجمل بابى فى الكون، حالا هكون جاهزة”
خرج رؤوف من غرفة أبنته وقد أطمئن قلبه ثم أسرع الى غرفته كى يجهز حاله ولم يترك فرصة للشيطان ووساوسه ان تتسرب الى فؤاده بسبب تلك الرسالة .
_______________________
بمكان أخر
وصل حسن الى بيت صديقه عامر راكضا ودق الباب بهمجية وأنتظر، فتح له عامر وقد بدت على وجهه علامات الأستغراب عندما رأه بسبب تلك الحالة التى يظهر بها وقال:
” حسن؟! مالك ياض؟ حد بيجرى وراك ولا ايه؟”
دخل حسن الى داخل المنزل يجلس على أقرب أريكة يلتقط انفاسه من الركض، أستجمع قواه وقال:
” مصيبة! حطت على دماغنا ”
أجابه عامر وقد ظهرت على ملامحه علامات الحيرة والقلق:
“مصيبة ايه اللى حطت على دماغنا؟ انكشفنا لا ايه؟ أنطق ”
” لا، بس البت أختى طلعت شغالة فـ بيت الراجل اللى خطفنا بنته وأتأخرت لغاية دلوقتي ما رجعتش ”
“يا عم خضتنى دلوقتي ترجع هى هتروح فين يعنى ”
صاح فيه حسن بغضب:
“أنت ما بتفهمش بقولك البت شغالة عند رؤوف الزينى و ما رجعتش لغاية دلوقتي”
صعق عامر و هب واقفاً مذهولاً من شدة الصدمة قائلا:
” يا نهار أسود !! أنت متأكد يا حسن؟”
” أيوا يا عامر متأكد، امى قالت لى أسمه علشان أروح أشوفها أتأخرت ليه”
“وهتعمل ايه طيب؟ هتروح تسأل على أختك ولا هتعمل ايه؟”
” مش عارف يا عامر دماغى هتتشل خايف أروح أسأل، يكون الراجل بلغ البوليس و لا يكون فى كامرات صورتنا و أحنا بنخطفها و نروح فـ أبو نكلة”
“بقولك ايه، تعالى نروح نِعسّ من بعيد كدا، و نشوف لو الدنيا هادية أدخل اسأل عليها وأخرج جرى، ولو فى قلق لف وشك وأرجع بسرعة”
أستطاع عامر إقناع حسن بالأمر وذهبا معاً الى ڤيلا الزينى يتجولان حولها مثل اللصوص ويتحريان من بعيد، وجدوا الڤيلا هادئة لا يوجد بها أى حركة وكأن شيئاً لم يحدث، أقترب حسن من الباب وقد تسرّب القلق الى قلبه وأقشعر جسده وسَرَت فيه رعشة خوفٍ أحس بها تضغط على صدره تكاد تكتم أنفاسه، دق جرس الباب وانتظر الرد حتى جاءه صوت الخادمة المقيمة بالڤيلا من خلف الباب سائلة:
” مين؟”
أجاب حسن بصوت مبحوح وقال:
“أنا حسن أخو رزان، جاى أشوفها اتأخرت ليه لحد دلوقتي”
“رزان!؟ دى مشيّت من بدري ايه اللى هيقعدها لغاية دلوقتي”
“يا نهار اسود دى لسه مارجعتش البيت لحد دلوقتى، البت راحت فين، طب و الست هانم متعرفش هى راحت فين؟”
“لا، الست هانم لسه مسافرة مع البيه الكبير حالا و أكيد ماتعرفش حاجة عنها”
غادر حسن الڤيلا عائداً الى عامر تتسارع دقات قلبه فى تلاحق عنيف من شدة الخوف، تسائل صديقه عن تلك الملامح عندما وجده يمشي ببطئ كأنه مكُبّل بأغلال تقيده الى الأرض لا يقوى على الحركة فقال له عندما اقترب:
“مالك يا حسن، انت لاقيت أختك جوة ولا ايه؟”
رفع حسن نظره إلى وجه عامر كأن ما سمعه منذ قليل لجّمه و شل تفكيره، ظل هكذا لثوانى معدودة فى صمت ثم حدث نفسه بصوت مرتفع قليلا بما جال فى خاطره:
” يادى المصيبة، البت مشيّت من بدري والدنيا هنا هادية لأنهم سافروا يكونش اللى أتخـ….، لا لا مش ممكن، لا مش معقول، هى تلاقيها بس راحت عند حد من معارفنا أه هو كدا بالظبط ”
قال عامر معلقا على حديث حسن:
” أنت يا أبنى انا مش بكلمك، لاقيت أختك؟”
” ها، أه، لاء، لاء ”
” ايه هو ده، انا مش فاهم منك حاجة، لاقيتها و لا ملاقيتهاش؟ ”
” مش عارف، بيقولوا مشيّت من بدري طب راحت فين لغاية دلوقتي و النهار طلع ”
ترك حسن صديقه و ظل يسير فى الطرقات هنا و هناك، حتى هداه تفكيره ان يذهب الى المستشفيات و أقسام الشرطة يبحث عنها متمنياً ان يجدها فى أياً منهما كى يطمئن قلبه و يهدأ، و بداخله يدور صراعاً قاسياً بين عقله و نفسه .
فعقله يحدثه:
” لو طلعت اللى أنت خطفتها دى أختك هتعمل ايه؟”
عنّفته نفسه قائلة:
” لا، ما تقولش كدا، مستحيل ده يحصل ”
ليجيب عقله:
“أفرض حصل، وبسببك وقعت الفاس فى الراس، تقدر تقول هترفع عينك فى عين أختك ولا ابوك وامك أزاى ”
أجابت النفس:
“أكيد لا، ما حصلش يا عم انت هتقلقنى ليه، هى بس تلاقيها راحت تزور حد من قرايبنا ونسيّت نفسها وقالت تبات عندهم”
رد عقله معقباً:
“طيب ما يمكن يكون عقاب ربنا، ويخليك تخطف أختك بدل بنت رؤوف الزينى”
نفسه:
” أنا ماخطفتش حد انا كنت سواق بس”
عقله:
” حتى لو كنت سواق بس فـ أنت شاركت معاهم و كل ده ليه علشان شوية فلوس وفى الاخر طلعت أختك ”
كاد ان يفقد صوابه بسبب هذا الصراع، وأرتعدت فرائصه بتملك الهواجس منه وتمكنت من عقله وساوس الشيطان حتى عاد الى منزله حزيناً، منكسراً، يجر أذيال الخيبة، لا يعلم ماذا يفعل؟
أستقبلته رقية بعيون متورمة من كثرة البكاء وقالت مردفة فى لهفة:
“مالاقيتش أختك يا حسن؟”
طأطأ رأسه وأجاب بحزن:
” لا، يا أمه مالاقيتهاش ”
اقترب منه سيد وقد انهكه التعب ونال منه الأعياء فخارت قواه لا يستطيع الحركة لكنه قال مردداً:
” قوم يا حسن دوّر عليها فى المستشفيات والأقسام ”
أطلق زفيره بحزن وأجابه:
” دوّرت عليها يا ابا، ماسيبتش مستشفى ولا قسم إلا وسألت عنها ”
“قوم دور عليها تانى، وما ترجعش غير بيها يا ابنى”
“حاضر يا ابا هنزل أدوّر عليها تانى و أقسم بالله مش هرجع لك غير بيها”
تركهم وخرج من المنزل وفى تفكيره ينتوى الذهاب الى البيت المهجور لعل ما جال بخاطره كان كاذباً، أقترب من المنزل وجده مقفول بالجنازير ولا يوجد من يسأله عن صاحب هذا البيت.
______________________
قبل قليل داخل البيت المهجور
أغلق هذا المتعجرف البوابة الرئيسية بالأقفال والجنازير تمويهاً حتى لا يعلم أحد انه موجود بالداخل، مر يومين عليه داخل البيت مع تلك الفتاة لم يرحم ضعفها ويفعل ما يفعله بها دون أن يرف له جفن ظناً منه إنها تالا وليست شبيهتها، إنه يفعل كل هذا ثأراً لكرامته من أبيها على ما أقترفه فى حقه ، وقف ينظر إليها و قال بفحيح أفعى:
” ياما كان نفسي أشوف شكل أبوكِ دلوقتي و هو دايخ عليكِ طول اليومين اللى فاتوا، او شكله بعد ما يعرف اللى عملته فيكِ، انتِ عارفة انا مستنيه بفارغ الصبر يجي يركع تحت رجلى، ويتأسف علشان رفضنى يوم ما روحت وطلبت ايدك منه، ويترجانى أتجوزك علشان أدارى على فضحيته، بس انا بقى ساعتها هاذله وأكسر مناخيره دى اللى رافعها للسما وأنا اللى هرفض أتجوزك ”
ثم ضحك ساخراً و تابع حديثه متهكماً:
” أصل هتجوزك ليه ما أنا خدت اللى أنا عايزه منك خلاص ”
ثم أمسك بهاتفه وهو يقول
” دلوقتي بقى يا قمر نفتح التليفون ونشوف أخبار أبوكِ ايه ياكش يكون جاتله أزمة قلبية و طب ساكت يبقى ريّح واستريح ”
فتح هاتفه وأخذ يتصفح مواقع التواصل الاجتماعي حتى صدمه خبر قد نُشر على موقع الفيس بوك منذ ساعات قليلة على الحساب الخاص بـ تالا، ظلت تتنقل نظرات عينيه الى الهاتف الذى بيده والى تلك المسكينة التى أمامه، قد شلت الصدمة تفكيره، وشعر بثورة تحتل قلبه، تقتلعه من بين جنبات صدره مثل ريح عاصفة تقتلع جذور الأشجار من الارض من شدة الغضب، نظر إليها وصاح بغضب:
” لما تالا الزينى برة مصر بتتفسح مع أبوها أنتِ تبقي مين؟ أنا بقالى يومين قاعد مع مين؟”
استشاط غضباً وثارت ثائرته كأنه أصيب بنوبة جنون، ظل يحطم كل ما تطوله يداه حتى هدأ قليلاً، لكنه بقى يجوب الغرفة ذهاباً وأياباً يفكر ماذا يفعل فى تلك الفتاة يتركها ترحل ام يقتلها حتى لا تعترف عليه، بعد مرور وقت طويل فى التفكير قرر أن يتركها على اول الطريق الصحراوى فهى مازالت معصوبة العينين منذ ان خطفها ولم تراه ولن تستطيع التعرف عليه، أنتظر حتى أسدل الليل ستائره وعمّ السكون وهدأت الحركة ثم حملها فى سيارته وألقى بها على قارعة الطريق، ثم غادر مسرعاً عائداً الى بيته قبل أن يراه أحد و يعلم من هو.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية الشبيهة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى