روايات

رواية في قبضة الأقدار الفصل الثامن والسبعون 78 بقلم نورهان آل عشري

موقع كتابك في سطور

رواية في قبضة الأقدار الفصل الثامن والسبعون 78 بقلم نورهان آل عشري

رواية في قبضة الأقدار الجزء الثامن والسبعون

رواية في قبضة الأقدار البارت الثامن والسبعون

في قبضة الأقدار
في قبضة الأقدار

رواية في قبضة الأقدار الحلقة الثامنة والسبعون

الصدمة التي لا تقتلك ستجعلك أقوى بكل تأكيد ! مقولة أشبعتني ضحكًا حد البُكاء ! فـ بساطة كلماتها تتنافى تمامًا مع ذلك الدمار الهائل الذي يتلو صدمتك فـ يقودك إلى حافة الموت لـ تتجرع سكراته كامله ، و حين توشك على إغماض عينيك طالبًا الراحة يعود بك إلى واقع مرير فتجد نفسك مُجبرًا على مُجابهته بقوة نابعة من جرح عميق حفرته تلك الصدمة التي بالنهاية لم تقتُلك !
8

نورهان العشري ✍️
3

🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁

بأقدام مُرتعبة و قلوب مذعورة هرول الجميع إلى مكان وقوع الكارثة لتنتفض الأجساد صدمةً من رؤية تلك المُسجاة أرضًا غارقه بدمائها و ذلك الضخم يجثو فوقها بأعين تبرُق و كأنها كانت على موعد مع شياطين الجحيم.

_ عمتي .

كان هذا صوت« سالم» الفظ وهو ينبطح أرضًا بجانبها واضعًا إصبعيه فوق شريانها النابض للتأكد من كونها على قيد الحياة التي لازالت مُتمسكة بها رغم ويلات ما تذوقته بسنين عمرها الفائتة .
3

_ حصلها ايه ؟ انطق .

هكذا صاح «سالم» مُزمجرًا بعُنف جعل الحياة تعود لصدر ذلك الهيكل الضخم الذي لأول مرة يقع أسيرًا للصدمات للحد الذي جعله عاجزًا حتى عن الحديث فارتفع برأسه يُناظر «سالم» الذي كان الغضب يعصف بسماء عينيه وهو ينتظر إجابه لا يملكها فما حدث منذ قليل أغرب ما خابره طوال حياته

ما قبل ساعة من الآن

أحيانًا يقف العقل عاجزًا أمام أمور يصعب تصديقها كأن يقع القلب في غرام الشيطان ! فهل يُمكن لبشر أن يُصبح أكثر حقارة من الشيطان ؟ كان هذا هو السؤال الذي يدور في خُلدها في تلك اللحظة و خاصةً حين تذكرت جملته الباترة التي نحرت قلبها ذلك اليوم في المشفى وهي تحمل رضيعة فارقت الحياة و معها جزءًا كبيرًا من قلبها

_ زعلانه ! تصدقي ضحكتيني . واحدة زيك مفروض كانت موتت نفسها يا همت . لما أنتِ زعلانه انا اعمل ايه ؟ صبرت عليكِ سنة و اتنين و خمسة على أمل انك تبقي ست زي باقية الستات بتعرف ترضي راجلها و تحقق له أمنيته الوحيدة في الحياة بس للأسف . كالعادة . بنت !
12

كلماته كانت كـ شواظ مُشتعل تنحفر بثنايا قلبها فـ يرتجف ألمًا و قهرًا تجلى في نبرتها حين قالت

_ اهي ماتت . عايز ايه تاني ؟
4

«ناجي» بقسوة

_ منك أنتِ مش عايز . أنتِ عندك ايه اخده ؟ أنتِ ولا حتى تسوي في سوق الستات قرش صاغ . عايزة تعرفي انا عايز ايه ؟

جذبها من ذراعها عنوة حتى انغرزت أظافره في لحمها الرقيق وهو يجرها إلى حيث باب الغرفة لـ يواربه وهو يقول بقسوة

_ شايفة ولاد اخوكي حواليه ازاي؟ شايفه ؟ اهو دا اللي انا عايزة و اللي أنتِ متقدريش عليه . عشان أنتِ أرض بور . محصلتيش أمينة اللي فرحت جوزها بدل المرة تلاته ، و جابتله رجالة تملا العين . مش زيك !
7

تساقط القهر من بين عبراتها وهي تحتضن تلك الطفلة و تتمنى لو كان في مقدورها تبادل الأدوار معها فتحيا الصغيرة و تفارق هي ، فلم تعُد قادرة على التحمُل أكثر ، و الآن تحتضن نفسها وهي تبكي بنفس الوجع و القهر و البؤس تعددت الأسباب و مصيرها واحد وهو الشقاء طوال عمرها ، ولكن طرأ من جوف وجعها استفهام صامت . الى متى ؟

وقعت عينيها على« سما» الغافية بجانبها ترفض تركها ولو ثانية واحدة تخشى عليها من نسمة الهواء تتذكر تلك الجملة التي ألقتها على مسامعها البارحة و كان مُستقرها أعماق القلب

_ أنا جنبك مش هسيبك . هجبلك حقك منه . أنتِ مش ضعيفة . كنتِ قوية زمان و دوستي عليه ، و النهاردة أنتِ اقوى عشان أنا معاكِ . انتِ أجمل و اطيب ست في الدنيا و السكينة اللي كان غارسها في قلبك خلاص اتشالت . عندك ابن منه . حتى لو شبهه . مش مهم . المهم انك تعرفي انك أحسن واحدة في الدنيا و عشان أنتِ احسن واحدة في الدنيا كان هو بيحاول يكرهك في نفسك . علشان أنتِ كنتِ بتبروزي نقصه.
11

مُحقة هي طفلتها لم يعُد هُناك وقت للبكاء والنحيب فـ لتحاربه و لتحارب كل تلك العُقد الذي ذرعها بها فهي إمرأة مغدورة يأبى الموت أن يرحمها و تأبى الحياة ان تنصفها و هي هالكة بين شقي الرحى إذن فـ لتجد لنفسها مخرجًا من بينهم.
2

تسللت من جانب ابنتها و توجهت رأسًا الى حيث يمكث شقًا من روحها انتُزِع منها بيد الغدر و ستعمل على استعادته مهما كلفها الأمر .

تراقصت دقات قلبها ألمًا حين رأته يستند بجزعه على أحد الأعمدة في وسط حظيرة أحد الخيول مغمض العينين وجهه يعكس هدوء و سكينة على عكس المفترض أن يكُن شعوره وهو مُلقى بين حظائر الخيل ولكن كان الأمر يوحي بأن هذا ليس اقسى ما خابره لذا تألم قلبها كثيرًا وهي تتقدم منه لتجلس على ركبتيها بهدوء دام لثوان قبل أن تمُد كفها المُرتعِش لتُلامس ملامحه بقلب يرتج شوقًا و ألمًا . كانت أناملها ترسم جبينه العريض و حاجباه الكثيفان ثم رموشه المنغلقة على بنيتاه الكبيرتين ، و انفه المستقيم و عظمتي الوجه البارزتين لتصل إلى فمه ثم إلى ذقنًا عريضة يتوسطها تجويف خفيف كان صفة متوارثة عن أبيها الراحل كانت تودع ملامحه في قلبها ليحفظها كأثمن ودائعه وعيناه تذرفان الحب على هيئة انهار تحفر وديانًا عميقة فوق وجنتيها فكان انهيارها أمرًا عظيمًا نال منه حتى انحبست أنفاسه ينتظر خطوتها الثانية فتفاجئ حين همست بنبرة مُتحشرجة
3

_ فتح عنيك .

لا إراديًا قام بفتح عينيه التي اهتزت جفونها حين رآى إمرأة مُبعثرة حد الوجع ينفطر القلب لرؤية حالتها المُذرية ، ولكن قلبه كان مُحصنًا ضد الشفقة و خاصةً عليها .
3

_ اوعى تقوليلي انك ندمانه . عشان حتى لو دا حقيقي فـ أنتِ متستحقيش ذرة شفقة واحدة .

حوافر كلماته أدمت قلبها الذي تنحى جانبًا بشق الأنفس لـ تقول بلهجة مُتحشرجة

_ قالك ايه عني ؟ قالك أني رميتك ! قالك اني فضلت اهلي عليك انت وهو ؟ ولا قالك اني مكنتش عايزة حاجه تربطني بيه . قولي . قالك ايه ؟

أثارت ريبته و اندهاشه فهي تُعيد على مسامعه كل تلك الكلمات التي أخبره بها والده ولكن تبقى تلك الجملة التي كانت أشد و أقسى من الجميع

_ قالي انك رمتيني في النار عشان بس تحرقي قلبه . بس الحقيقة ان اللي اتحرق هو انا .
5

توقع منها كل شيء سوى تلك الضحكة البعيدة كليًا عن المرح فقد كانت تضحك و عينيها تبكي تُكذب تلك الأصوات الرنانة لـ قهقهات آتية من قعر الجحيم المُتفشي بقلبها ، ولكن فجأة هدأت الضحكات مثلما بدأت لتضربه كلماتها في الصميم و خاصةً نبرتها التي تُشبه الهسهسة حين قالت
5

_ انا عشت عمري كله في جهنم بسببك . بسبب اني مش عارفه اجيبك . عشان مش عارفه اكون ست زي كل الستات و اخلف الولد .
3

صمتت لثوان تهز برأسها قبل أن تُتابع بخفوت

_ انا لو كان حد قالي حطي فلوس ابوكي و عيلتك و فوقهم سنين عمرك مقابل اني اشيلك في حضني لحظة واحدة أقوله فيها ابنك اهو . انا بجيب ولاد اهو . كنت هوافق .

حديثها كانت كالسهام التي حاربت سموم عقله بضراوة لتصل إلى أعماق قلبه بطريقة لم يتخيلها و خاصةً حين تابعت بنبرة متحشرجة و شفاه مُرتعشة

_ انت كنت القشة اللي هتنجدني من الغرق . مفتاح الجنة اللي بيتمناه واحد عاش عمره كله محروم من كل حاجه حلوة. اللي قالك اني رميتك عشان فلوس ابويا دا كلب . حرق قلبي و ضيع عمري و قهرني.
2

تفاجيء حين نصبت عودها تتراجع للخلف وهي تقول بنبرة حاولت أن تكون ثابته ولكن القهر الذي تحمله في قلبها كان أشد و أقسى و تناثر من بين حروفها حين قالت

_ لو مش هتصدق اني عمري ما ارمي ضنايا . هتصدق اني عمري ما أضحي بالحاجة الوحيدة اللي كانت هتنقذني من الشيطان اللي كان بيدمر فيا كل لحظة . انت عاشرته و عارفه ، و عارف قد ايه هو قذر ، وحش ، حقير . بس حقي و حقك و حق اخواتك البنات هاخده من عنيه ، و وقتها هتعرف مين هي همت الوزان يا ابن بطني .
7

قالت جملتها الأخيرة بنبرة حارقة غاضبة مُوقدة بلهيب الأسى و الإنتقام ثم تراجعت للخلف دون أن تحسب حساب للفرس التي انتفضت إثر صراخها لتقوم الفرسة برفع قوائمها وهي تصهل بعنف فشهقت «همت» التي انتفضت مذعورة وسقطت أرضًا بعض أن نالت ضربة قوية في كتفها من قدم الخيل التي دفعها «هارون» بكتفه حتى لا تُصيبها مُباشرةّ ولكن لم يستطِع ردع الأذى كله فسقطت «همت» مُغشية عليها.
5

عودة للوقت الحالي

_ ما تنطق يا بني آدم أنت . حصلها ايه ؟

هكذا صاح «طارق» بانفعال حجمه «مروان» حين قال مُهدئًا

_ مش مهم اي حاجه دلوقتي . المهم نطمن عليها .

تدخلت «فرح» بلهفة

_ الإسعاف زمانه على وصول . بس أكدوا عليا محدش يحركها .

تبلور الجنون بنظرات« سما» التي كانت تُراقب والدتها المُسجاة أرضًا بصدمة أخرجتها منها كلمات« فرح» فـ التقمت عينيها تلك القطعة المعدنية لتقوم بـ جذبها و بلمح البصر رفعتها عاليًا لتهوى بها فوق رأس «هارون» الذي انتبه في آخر لحظة ليتفادى ضربتها بأعجوبة فتعالت الشهقات من حولهم إثر ما حدث و كلمات «سما» التي كانت تصرخ بعنف وقهر
1

_ عملت فيها ايه ؟ انا هموتك زي ما موتها . هموتك يا حقير .

الأمر برمته لم يتجاوز الدقيقة ليقوم «هارون» بمسك يدها وهو يرجها بعنف

_ أنتِ مجنونة ؟ معملتش فيها حاجة .
2

انتزعها« مروان» من بين يديه وهو يقول بلهجة جافة غاضبة

_ ارفع ايدك عنها بدل ما اكسرهالك .
1

كان الأمر كارثي «همت» مُلقاة أرضًا غارقة في دمائها و بجانبها كُلًا من «فرح» و «شيرين» التي تضع يدها فوق موضع تدفق الدماء و على الناحية الأخرى يجلس« سالم» الذي كان يحاول تفحص جسدها و ما به من كسور و «مروان» الغاضب الذي يقف ندًا بند «لهارون» الجامد وكأن ما يحدُث لا يعنيه و بالمنتصف «طارق» يحاول التدخُل لردع اي شجار يُمكن أن يحدُث ليقول أخيرًا بصراخ

_ استنى انت يا مروان . انا اللي بقولك اهو لو لك دخل في اللي حصل لعمتي وديني لهكون دافنك مكانك .
2

لم يعُد يحتمل كل ما يحدُث لذا صرخ بملئ فمه

_ لا انت ولا عيلتك بحالها تقدروا تعملولي حاجه

_ بس ولا كلمة انت وهو .

هكذا تدخل «سالم» بعُنف كان رادعًا للجميع فتقدم ليقف أمام «هارون» يُناظره لثوان قبل أن يقول بجفاء

_ نطمن على عمتي الأول و بعد كدا اللي غلط يتحاسب ، و لو ابوك مكنش قالك فـ احنا الحساب عندنا عسير .

التفت إلى الرجال وصاح بصوت جهوري

_ كتفوه و ارموه في المخزن لحد ما نشوف هنعمل في ايه ؟
1

اخترق المكان صوت صافرة الإسعاف التي دخلت فورًا لتقل «همت» الفاقدة للوعي و معها الجميع ما عدا« فرح» التي بقيت مع «أمينة» فقد كانت الأخيرة نائمة بفعل أدويتها ولم تعلم ما حدث لذا تقدمت «فرح» تنادي على «مجاهد» الذي أتى مُهرولًا

_ نعم يا ست فرح .

_ عم مجاهد انت كنت هناك لما الخيل ضرب عمتو همت ؟

هكذا استفهمت بوضوح و نبرة قوية فأجابها بلهفة

_ اني كنت رايح لرمضان السايس اسأله على حاجة و فجأة سمعت صريخ طلعت اجري لقيت الفرس بيخبط الست همت و الجدع التاني دا واقف وراه و دا كل اللي شفته.

أجابته لا تُسمِن ولا تُغني من چوع لذا أمرته قائلة

_ طب اجمعلي كل السُياس و كل الناس اللي بيخدموا في المزرعة دلوقتي و هاتهملي هنا.
1

_ أوامرك يا ست هانم .

لابد أن تعلم كيف حدث الأمر فهي أكيدة من أن ذلك الشاب لا يُمكن أن يؤذي والدته عمدًا على الرغم من أنها لا تملك شيئا ملموسًا ولكن قلبها هكذا أخبرها

_ فرح .

التفتت «فرح» على صوت« لُبنى» المُرتجف فاقتربت «فرح» منها قائلة بحنو

_ ايه يا لبنى يا حبيبتي تعالي .

اقتربت منها« لبنى» بأقدام ترتجف فلاحظت« فرح» حالتها فمدت يدها تحتوي كفوفها وهي تقول بلهفة

_ أنتِ كويسة ؟

أخذت تهز برأسها يمينًا و يسارًا و عبراتها تتساقط خوفاً و ذعرًا فاقتربت «فرح» تعانقها بحنو وهي تربت على خصلاتها قائلة

_ مالك ؟ في ايه ؟

كانت الحروف تخرج من بين شفتيها مُرتجفة كحال جسدها

_ انا. انا . شو . شوفت كل حاجه. حص . حصلت .

رفعت «فرح» رأسها وهي تقول باستفهام

_ تقصدي ايه بشوفتي كل حاجه حصلت ؟

_ شوفت اللي حصل بين عمتو همت و الولد الضخم دا .
4

«فرح» بلهفة

_ طب احكيلي بسرعة حصل ايه ؟

«لبنى» من بين عبرات غزيرة و خوف كبير

_ انا والله مكنتش اقصد اسمع ولا اشوف حاجة والله يا فرح.

تفهمت «فرح» خوفها فقالت بلهجة مُطمأنة

_ يا حبيبتي انا عارفه . احنا اتفقنا على ايه ؟ أنتِ واحدة من البيت دا مش حد غريب ، و كونك شوفتي أو سمعتي حاجه بالصدفة دا مش ذنب تخافي منه . اجمدي بقى ، و خليكِ جدعة كدا . مش دا اتفاقنا ؟

هدأت قليلًا بفعل كلمات «فرح» المُطمأنة و بدأت تقص عليها ما رأته و ما سمعته إلى أن انتهت قائلة بخفوت

_ لولاه الفرس كانت هتموتها هو زق الفرس بس للأسف أيدها ضربت عمتو همت في صدرها فوقعت على الحجر . انا شفت بعيني .

التمعت ابتسامة انتصار فوق ثغر «فرح» التي قالت بامتنان

_ تسلمي يا لبنى انك جيتي قولتيلي ، و اي حاجه بعد كدا تحصل متخافيش و تتكلمي .

اومأت «لبنى» بابتسامة هادئة فتوجهت «فرح» لتلتقط هاتفها لتُجري مُكالمة كانت ل«سالم» الذي ما أن رأى رقمها حتى أجاب على الفور

_ ايه يا فرح .

_ ايه يا عيون فرح . هارون معملش حاجه في عمتو همت دا هو اللي أنقذها.

«سالم» باستفهام

_ بتقولي ايه ؟

ـ اللي سمعته . هارون هو اللي أنقذها

أنهت جملتها و شرعت تخبره ما حدث منذ قليل مع لبنى لتهدأ دواخله قليلًا فأجابها بخشونة

_ ماشي يا حبيبتي . كويس انك عرفتيني .
3

«فرح» بحنو

_ انا عارفه ان عقلك هيفضل يودي و يجيب لحد ما تعرف . المهم طمني على عمتو عاملة ايه الدكتور طمنكوا ؟

«سالم» بنبرة خشنة

_ الحمد لله نتيجة الأشعة طلعت أن الجرح سطحي في رأسها مفيش لا نزيف ولا حاجه بس في كسور في رقبتها و كتفها . الواقعة كانت شديدة.
2

«فرح» بمواساة

_ لا حول ولا قوه الا بالله العلي العظيم. معلش يا حبيبي قضى اخف من قضى . ان شاء الله هتبقى زي الفل .
1

_ أن شاء الله . خلي بالك من نفسك .

هكذا تحدث فأجابته بلهجة تقطر عشقًا

_ هستناك عشان تخلي بالك انت منها .
13

هدا قلبه بكلماتها الدافئة فأجابها بلهجة ودودة

_ أن شاء الله مش هتأخر نتطمن على عمتو و هنيجي .

_ ربنا معاكوا و أن شاء الله هتبقى زي الفل .

أغلقت الهاتف و شرعت في مهاتفة شقيقتها التي لا تنفك تحاول الوصول إليها منذ الصباح ولكن دون جدوى فـ زفرت بتعب وهي تلقي الهاتف فوق الأريكة و قلبها يُخبرها بأن شيئاً سيئًا يحدُث معها .

استغفر الله الذي لا اله الا هو الحي القيوم و اتوب اليه ♥️
3

★★★★★★★★★

_ يالا يا مدام جنة .

هكذا تحدثت الممرضة لتشعر برجفة قوية تضرب سائر جسدها شعر بها ذلك الذي كان يحاوطها بقلبه قبل يديه لـ ينظرلها بنظرات مُطمئنة وهو يساعدها في النهوض ويتوجه بها إلى غرفة تبديل الملابس فتدخلت الممرضة قائلة

ـ حضرتك ممكن تخرج واحنا هنجهزها .

«سليم» بنبرة قاطعة

_ حضرتك اللي هتخرجي انا اللي هجهز مراتي .

_ يا فندم..

قاطعها بصرامة

_ اتفضلي ولو احتاجت حاجه هنادي عليكِ.

انصاعت لرغبته و خرجت مغلقة الباب خلفها فالتفت إلى تلك التي كانت ترتجف داخليًا لـ يحتويها بين طيات صدره الذي عانق رأسها بينما يديه أخذت تتجول بهدوء فوق خصلات شعرها وهو يقول بحنو

_ متقلقيش الموضوع بسيط ، و مش هياخد وقت.

لم تجيبه انما أخذت تحاول تنظيم أنفاسها و ساعدها على ذلك حركته الرتيبة فوق ظهرها و خصلات شعرها وكلماته الحانية

_ أن شاء الله هتعدي . كله هيعدي واحنا سوى . انا جنبك . اطمني.
2

كانت تلك الكلمات المُطمأنه التي ما انفك عن أخبارها بها طوال الأيام المُنصرمة فقد كان اسبوعًا من الأحلام قضتها بين طيات عشقه تتنعم به قدر ما استطاعت حتى أنه حين حاول اخبارها بأمر تلك الفتاة أوقفته قائلة

_ مش عايزة اسمع حاجه . خلينا ننسى كل حاجه هنا.

اطاعها و كأنه كان يتمنى لو تخبره تلك الكلمات فصار يغدق عليها من حنانه و يسقيها العشق بسخاء و كأنه يعتذر لها عن قسوة و بشاعة هذا العالم مع ملاك مثلها إلى أن جاءت تلك اللحظة المؤلمة التي لم تكُن لتمُر لو لم يكُن معها.

_ سليم تقدر تستنى بره . الموضوع مش هيطول .

«سليم» برفض قاطع

_ انا مش هسبها ولا لحظة .

الطبيب بتعقُل

_ يا سليم الموضوع صعب . بلاش تحمل نفسك وتحملها فوق طاقتكوا .
1

_ مش هسبها. الصعب هنشيله سوى . لكن مش هسيبها تعيش اللحظة دي لوحدها .
6

هكذا تحدث بنبرة مُلتاعة فأجابه الطبيب بنُصح

_ اسمع كلامي . اصلًا هي هتبقى متخدرة . يعني مش هتحس بحاجه .

لن يقبل بتركها ولو عانقت السماء الأرض لذا قال بصرامة

_ مش هخرج يا دكتور هفضل جنبها هتنام و تقوم تلاقيني جنبها.

امتثل الطبيب لرغبته في النهاية فقد كان يقدر الجانب الإنساني في الأمر فـ توجها إلى غرفة العمليات ليجدها تجلس على السرير كالملاك في ذلك الثوب البسيط الخاص بتلك الغرفة ترسم على شفتيها ابتسامة هادئة يعلم كم من الآلام تخبئه خلفها ولكنه لم يتركها فريسة لتلك الاوجاع أبدًا لذا اقترب منها ليضع قبلة حانية فوق جبهتها قبل أن يهمس بنبرة عابثة بجانب أذنها
1

_ بذمتك في واحدة داخله العمليات تبقى حلوة كدا ! طب والله لولا استف الدكاترة دول لكنت قليت ادبي للصبح .

نجحت كلماته في إضرام حُمرة الخجل فوق وجنتيها فهمست بنبرة خافتة

_ سليم عيب كدا ..
3

«سليم» بوقاحة

_ عيب ايه بس ! طب اخد قطمة طيب ؟
1

زجرته في كتفه وهي تنهره بعينيها ليقوم باحتواء خصرها وهو يُشير إلى أحد الممرضات التي قامت بغرس جهاز المحلول في يدها فـ شعرت بلسعة ألم في ذراعيها ولكن جذب اهتمامها كلماته حين قال

_ على فكرة يا جنتي في ممرضة من دول عينها عليا .

برقت عينيها و رفعت رأسها تناظره بصدمة تحولت إلى غضب تجلى في نبرتها حين قالت

ـ مين فيهم ؟

لم يكد يُجيبها حتى بدأ مفعول المُخدر في الظهور عليها لتكُن آخر كلمات تصل إلى مسامعها هي جملته الرائعة

_ عيني مابتشوفش غيرك يا أجمل حاجه في حياتي .
3

بدأ الطبيب عمله و هو يقف بجانبها و يده فوق رأسها يتلو ما تيسر من آيات الذكر الحكيم و نظراته لا تُفارق ملامحها يُملي عينيه من تقاسيمها الرائعة و قلبه يُردد

_ اللهم اني استودعتك زوجتي روحها و قلبها و جسدها و عافيتها فاحفظها لي يا من لا تضيع عنده الودائع .
7

لا يعلم لما حادت عينيه في تلك اللحظة لتقع فوق تلك الحفنة الصغيرة من الدماء في ذلك الإناء ليشعر بقبضة قوية تعتصر قلبه و هو يتخيل أن تلك النطفة كانت صغيره الذي لم يهنئ بفرحة وجوده لتأتي صدمة ضرورة اجهاضه . بكى ، و بكى رغمًا عن أنه عاهد نفسه أن يظل قويًا لأجلها ولكنه بكى لم يستطِع منع عبراته من الأنهمار فوق خديه بغزارة فـ انهياره الآن رفاهية يعلم أنها ستندثر ما أن تفيق فمهمة التخفيف عنها و مساندتها ستحول بينه وبين التعبير عن مشاعره لذا لم يمنع نفسه من البكاء بصمت و قلبه يستجير بخالقه
6

_ لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش الكريم، لا إله إلا الله رب السماوات والأرض، ورب العرش العظيم
6

أخذ يتوسل إلى خالقه كثيرًا حتى يهدأ قلبه من كل هذا الألم إلى أن انتهت العملية بسلام و تم نقلها إلى غرفة خاصة فتوجه إلى الخارج ليجد نعمة تجلس وهي حاملة محمود بين أحضانها فما أن رأته حتى اقتربت منه قائلة بلهفة

_ ايه يا سليم يا ابني طمني ؟

سليم بنبرة مُشجبة

_ الحمد لله يا دادا . هي في الأوضة لسه مفاقتش من البنج . ادخليلها وانا شويه و جاي .

تفهمت حالته فهو منذ أن حادثها صباحًا لتأتي و تهتم بالطفل دون أن تخبر أحد من العائلة وهي تُشفِق عليه كثيرًا لذلك لم تُضيف أكثر فوجدته يحمل« محمود» من بين يديها يحتضنه بقوه واضعًا قبلة دافئة فوق جبهته ثم أعاده إليها لـ تتقدم إلى داخل الغرفة بينما هو أخذته أقدامه إلى أكثر مكان تهتدي به القلوب و تستكين ليتوجه رأسًا يلبي نداء خاطب قلبه

_ الله اكبر . الله اكبر .

توجه الى دورة المياة لـ يتوضاء بينما عينيه لم تتوقفان عن ذرف العبرات الساخنة فاختلطت مياه عينيه بمياة وضوءه لتغسل قلبه من الهموم و شرع رأسًا في أداء نوافل صلاة الظهر و بكل مرة يخر ساجدًا إلى رب العزة يهتف قلبه و يردد لسانه

_ ربي إني مسني الضُر وأنت أرحم الراحمين .
2

أنهى أداء فريضته و أخذ يتلو خواتيم صلاته و بنفسًا راضيه أخذ يُردد عبارات الحمد وداخله يقين بأن عوض الله أتٍ لا محالة و على عكس ذلك الرجُل المُحطم الذي دخل منذ قليل الآن خرج هادئًا تغمره السكينة والرضا ليتوجه إلى تلك الراقدة في الأعلى ليجدها على حالها فاقترب واضعًا قبلة هادئة فوق جبهتها و كأنه يحاول أن يبُثها الأمان وهي غافية لتمر أكثر من ساعة حتى بدأت بالاستيقاظ من غفوتها ليكون هو أول من وقعت عينيها عليه يبتسم تلك البسمة الرائعة التي تُبرِز تجاويف خديه لـ تهمس بخفوت وهي في حالة من اللاوعي

_ انت حلو اوي يا سليم . انا خايفة الممرضات تعاكسك .
1

اتسعت ابتسامته وهو يقترب منها يداعب أنفها بأنفه قائلًا بمُزاح

_ اصحي يا جنتي دول مستغليين غيابك و عمالين يعاكسوا فيا .

وصلتها كلماته فبدأ عقلها بالتنبه لترفرف برموشها و ما هي إلا دقائق حتى بدأت في استرداد وعيها كليًا و التنبه لما كانت تمُر به فخرجت منها تنهيدة قوية تُعبر عن مدى احتراقها ليقرب رأسه من رأسها وهو يقول بحنو

_ عدت . خلاص . انسي و متفكريش في حاجه . متزعليش عاللي راح . خلينا نبص لقدام و كفاية نتعذب بسبب حاجات خلصت .
1

كانت نبرته يشوبها التوسل لأن تتماسك فلبت ذلك النداء الخفي والتوسل الصامت و استكانت بين ذراعيه لتتقدم نعمة منها وهي تقول بلهجة ودودة

_ حمد لله على سلامتك يا بنتي . ربنا يعوض عليكِ

_ امين يارب العالمين.

هكذا أمن الثنائي على دعائها لتضع «محمود» بينهما و كأنها تخبرها بأن هناك من يحتاجها بل يحتاجهم سويًا فاحتضنت طفلها بقوة و الذي شعر بحاجتها إليه فخرجت حروفه مبعثرة بطريقة رائعة

_ ما . ما .

كانت حروف بسيطة ولكن وقعها رائعًا للحد الذي جعل ابتسامة عريضة ترتسم على ملامحها و كذلك ملامحه فاقتربت تعانقه وهي تقول بتأثر

_ يا قلب ماما .

احتضنته بقوة و احتضنهم هو الآخر بنفس القوة فهم عائلته الصغيرة الرائعة و هنا خرجت الكلمات من فمه راضيه ممتنه
1

ـ الحمد لله الذي رزقني هذا من غير حول لي ولا قوة.
4

★★★★★★★★★

_ هل عاد الجميع ؟

هكذا تحدثت «جوهرة» التي كما العادة تراقب فقط وقد كان كل ما يُحيط بها لا يروق ل«فرح» التي لم ترفع عينيها عن المجلة بين يديها وهي تجيبها بفظاظة

_ هل ترين أحد هنا ؟

_ لما لا اشعُر انكِ تُحبينني ؟

هكذا تحدثت «جوهرة» بعدما جلست أمام« فرح» لترفع الأخيرة رأسها وهي تقول بنبرة فظة
1

_ هذه حقيقة انا لا أُحِبُك ، و هل يجب عليا ذلك ؟
3

ارتفعت زاوية فمها بابتسامة يغلب عليها الدهشة التي تجلت في نبرتها وهي تقول

_ أنتِ امرأة صريحة للغاية ، و لكن لما لا تُحبينني ؟ هل فعلت لكِ شيئًا ؟

«فرح» بنبرة مُتعالية

_ لا أُحِبُك لأنني لا اعرفك ، و لا لم و لن تفعلي لي شيء

قالت جملتها الأخيرة بنبرة ذات مغزى و نظرات مُحذرة فهمتها الأخيرة على الفور فابتسمت بهدوء قبل أن تقول بإعجاب

_ تُعجبني كثيرًا المرأة التي تثق بنفسها ، ولكن هل لي أن أعرف أن كانت تلك الثقة مصدرها هو زوجك . اعني انك زوجة رجل العائلة الأول؟

لا يُعجبها أن تذكر اسم زوجها ولا حتى أن تُشير إليه بكلماتها لم يروق لها ذلك ولكنها قالت بترفع

_ الثقة يا عزيزتي تكمن في داخلنا دون أي مؤثرات خارجية . الشخص الواثق هو الشخص الذي يؤمن بقدراته و يعرف قيمة نفسه ، ولكن أجل كوني زوجة الرجل الأول في هذه العائلة يُعطيني ثقة كبيرة و صلاحيات لا حصر لها.
3

أصابت كلماتها منتصف الهدف فتعاظم الحقد بقلب جوهرة التي تساءلت داخلها ماذا تملك تلك المرأة لتنعم بكل هذا ؟ ولكنها رسمت ابتسامة جامدة على ملامحها ولم تكد تتحدث حتى استرعى انتباهها أصوات في الخارج فاندفعت «فرح» لرؤية من القادم فإذا بها تجد أن الجميع قد عاد إلى البيت ماعدا «شيرين» و «طارق» فهرولت الى «سالم» الذي تلقاها تحت ذراعه لتقول بلهفة

_ طمني عمتو عاملة ايه ؟

توجهت «سما» رأسًا الى الاعلى و خلفها« مروان» فأجابها« سالم» بخشونة

ـ الحمد لله هتفضل النهاردة و بكرة في المستشفى و ممكن اخر الاسبوع تروح .

تقدمت «جوهرة» تتهادى في مشيتها وهي تقول بنبرة جذابة

_ كيف هي السيدة همت مستر سالم ؟

«سالم» باختصار

_ بخير .

«جوهرة» بنبرة رفيعة أثارت غضب «فرح»

_ اتمنى أن تكُن دائمًا بخير.

«سالم» باختصار

_ أشكرك .

قست أنامله على خصرها وهو يقول بخفوت بجانب أذنها

_ عايزك .

تجاهلت ما تحمله بقلبها و ناظرته بابتسامة عاشقة وهي تتأبط ذراعه لـ يتوجها إلى غرفة المكتب ولكن توقف الثنائي بالمنتصف ما أن شاهدوا «سليم» الذي دلف إلى المنزل حاملًا «جنة» بين ذراعيه فشهقت« فرح» بذُعر

_ جنة .

و كادت أن تندفع لملاقاته فـ أوققتها يد «سالم» القوية لـ تلتفت إليه مصدومة فـ خاطبها بهدوء

_ استني . هيطلعها و هينزل .

«فرح» بلهفة

_ في ايه يا سالم ؟ جنة مالها ؟

كوب وجهها بين يديه وهو يقول بلهجة مُطمأنة

_ جنة كويسة و بخير . مفهاش أي حاجه. اهدي أنتِ عشان الانفعال غلط عليكِ.

استرعى انتباهها دلوف« نعمة» التي كانت تحمل «محمود» بين ذراعيها فتوجهت «فرح» إليه لـ تحتضنه فقد اشتاقته كثيرًا فأخذت تضمه بقوة قبل أن يتلقفه «سالم» منها و هو يعانقه بحب و شوق تجلى في نبرته حين قال

_ أخيرًا شرفت يا محمود بيه .

أخذ يوزع قبلاته فوق وجه الصغير و يشتم رائحته بتلذُذ وهو يقول بشوق

_ الواحد روحه ردتله لما شافك .

كان كل ذلك يحدُث أمام «جوهرة» التي بكل ثانية تمُر يزداد هوسها بذلك الرجُل فاليوم رأت جانبه الحاني في تلك اللحظة الخاطفة حين احتوى خوف تلك المرأة التي ستُشكِل عقبة قوية في طريقها ولكنها لابد و أن تُزيحها بأي طريقة.
3

قطع شرودها رنين هاتف« سالم» الذي تراجع إلى غرفة المكتب على الفور إلى ذلك هبوط «سليم» من الدرج فقابلته «فرح» قائلة بلهفة

_ في ايه يا سليم جنة مالها؟

«سليم» بلهجة جامدة

_ جنة عملت عملية إجهاض النهاردة.

شهقة قوية شقت جوفها حتى كادت أن تُمزع قلبها الذي انتفض جزعًا حين سمعت كلمات «سليم» فصاحت مذعورة

_ ايه ؟ بتقول ايه ؟ عملية ايه و إجهاض ايه ؟

«سليم» بنبرة جافة من فرط الإرهاق

_ الطفل كان مشوه و دا نتيجة الكيماوي اللي اخدته عشان كدا كان لازم تجهضه .

«فرح» بصدمة

_ كدا خبط لزق ! انا كنت مكلماكوا امبارح محدش قالي حاجه . يعني دا حصل ازاي و امتى ؟ و ليه مقولتوليش ؟

«سليم» بسخط فقد ضاق ذرعًا من استجوابها

_ من واحنا في الصعيد وانا عارف من الدكتور ولما جينا هنا روحنا عملنا الأشعة و طلع التشخيص سليم و النهاردة عملت العملية ..

صاحت« فرح» بانفعال

_ وانا فين من دا كله ؟ كل دا يحصل وانا معنديش علم ! هي اللي فوق دي مش اختي ؟! ازاي تعمل حاجه زي كدا من غير ما تقولي ؟
3

حاول ان يُهذب نبرته قدر الإمكان ولكنها حملت طابع الحدة حين قال

_ مش هستأذنك قبل ما اعمل اي حاجه تخص مراتي يا فرح حتى لو كنتِ اختها الكبيرة . كمان الموقف مكنش يستدعي وجود حد انا كنت معاها ودادا نعمة جت قعدت بمحمود و انتهى الموضوع ..

كلماته أضرمت جنون الغضب بداخلها ناهيك عن ألمها القوي حزنًا على شقيقتها فعلى صوتها عن الحد المسموح به و صاحت دون احتراز

_ انت انسان اناني و غير مسئول . لو الموضوع يخص حياتك معها مكنتش هتدخل لكن لما الموضوع يخص صحتها و حالتها يبقى لا اوعى تاني مرة تفكر تهمشني من حياة اختي تاني . مش هسمحلك .
2

خرج الجميع على صراخها و من بينهم هو فكان الأمر مُريع للجميع خاصةً «سليم» الذي بحياته لم تصرُخ عليه إمرأة قط ولكنها ليست اي امرأة فهي زوجة شقيقه الكبير و لن يستطِع تلقينها درسًا قاسيًا لذا ابتلع جمر الإهانه وهو يرتفع برأسه إلى «سالم» في شكوى صامته لم تدُن سوى ثواني قبل أن يتوجه إلى الخارج و كأن شياطين الجميع تلاحقه .

_ اوه . لم أكُن أتخيل أن تتمتع المرأة في المجتمعات الشرقية بمثل تلك الصلاحيات ؟

التفت الجميع على جملة «جوهرة» التي تابعت بث سمومها قائلة بإعجاب زائف

_ أن تصرُخ إمرأة على الرجُل الثاني في العائلة بتلك الطريقة ! أنه حدث مُثير للإعجاب ، فالنساء لسن مُضطهدات في المجتمعات الشرقية كما نسمع . أم أن تلك هي صلاحياتك المُطلقة التي حدثتني عنها منذ قليل كونك زوجة القائد سيدة فرح ؟
1

بارود كلماتها تفشى في المكان بأكمله فشعرت« فرح» بأنها وقعت في فخ مُحكم لا تعرف كيف حدث ذلك ؟ ولكنها تتألم الموقف برمته أفزعها فخرج كل شيء عن السيطرة فشعرت بأن نظرات الجميع مُسلطة عليها كشعاع اخترقته كلماته حين قال بجفاء

_ سيدة جوهرة اتبعيني إلى الداخل .

تفرقت نظرات العتب والغضب من أعين الجميع و على رأسهم «أمينة» و «مروان» الذي كان اللوم يتساقط من نظراته فما أن اختفى كُلًا إلى مكانه حتى تقدم منها قائلًا بعتب
1

_ مش دا المتوقع منك يا فرح .
1

كان الغضب و الألم بداخلها يتناطحان كثيران هائجة فاندفعت الكلمات من فمها جريحة غاضبة

_ يعني ينفع اختي تبقى في الموقف دا وانا معرفش يا مروان ؟

_ مينفعش ، و كمان مينفعش انك تقفي تعلي صوتك على سليم بالشكل دا .

لم يكد يُنهي جُملته حتى جاء صوتًا ساخر من خلفه

_ شوف مين اللي بيتكلم عن اللي ينفع واللي مينفعش . مروان!

التفت ليجد« سما» الغاضبة تناظره كما لو أنها تُريد الفتك به فهتف ساخطًا

_ بيطلعوا الساعة كام دول ؟

«سما» بحنق

_ شوف أما اقولك اوعى تفكر انك هتتحكم فيا ، و اللي حصل النهاردة في المستشفى ده ميتكررش تاني .

التفت ناظرًا إلى «فرح» وهو يقول بجفاء

ـ ثواني يا ام منصور في فرخة عايزة يتنتف ريشها هنا هقصقصه و اجيلك .
4

لم تفهم« فرح» ماذا يقصد فإذا به يجذب« سما» من ذراعيها و يتوجه بها إلى داخل غرفة الجلوس ليتركها وحيدة فريسة لغضب هائل و ألم مُريع تنظر إلى باب الغرفة المُغلق بقلب حائر لا يعلم ماذا عليه أن يفعل ؟

حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم ♥️
1

★★★★★★★★★

في الداخل كان يقف أمام النافذة عاقدًا ذراعيه خلف ظهره فتوجهت إليه بخطٍ مُتمهله و عينيها تشملانه بنظرات إعجاب يشوبها الرغبة ما أن وقعت انظارها على أنامله القوية والتي كانت تحتوي وجه تلك المرأة من دقائق لابد وأنها تفعل الأعاجيب بها في أوقات آخرى !
3

توقفت خلفه بخطوتين فإذا به يقول بنبرة صلفة

_ تقولين بأن هارون صديقك أليس كذلك ؟

«جوهرة» بانتباه

_ نعم .

_ إذن لما لم تحاولي الدفاع عنه ظهر اليوم ؟

هكذا تحدث بجفاء لتُجيبه بمكر

_ لقد شعرت بحزن بالغ حين رأيت ما حدث اليوم ، ولكن اعلم بأن هارون لم يكُن ليدع أحدًا يمسه بسوء فأنا أكثر من يعرفه .

كانت إجابتها ذكية لذا التفت يناظرها بأعين التمع بهم شيء غريب لم تفهم كنهه ولكن جاءت نبرته فظة كما العادة

_ إذن أنتِ تثقين به كثيرًا !

_ نعم .

«سالم» بغموض

_ لنرى ان كان هو الآخر يُبادلك الثقة أم لا ؟

_ عفوًا . ماذا تقصد ؟

لم تفهم المغزى خلف كلماته فأجابها بجمود

_ أريد منكِ إقناعه ببراءة والدته.

ارتفع أحد حاجبيها باندهاش فتابع «سالم» بخشونة

_ أنتِ صديقته الوحيدة و يجدر بكِ أن تُرشديه إلى الصواب لذا سأترك لكِ هذه المهمة . هل لديكِ مانع؟

هذا الرجل داهية بحق كان هذا أول ما تبادر إلى ذهنها في تلك اللحظة ولكنها أحكمت حجب تفكيرها خلف ابتسامة هادئة و نبرة تُشبهها حين قالت

_ لا . بكل سرور .

«سالم» بلهجة آمرة

ـ إذن ابدأي من الآن .

اومأت برأسها والتفتت إلى باب الغرفة لتوقفها كلماته حين قالت

_ توقفي.

التفتت تناظره فقال بنبرة جافة و عينين تحملان وعيد لم تخطيء فهمه

_ الافاعي هنا تُقطع رأسها ما أن تبدأ بالخروج من جحورهن لذا انتبهي لنفسك حتى لا تُلاقي نفس مصيرهن .
3

كان تحذير شديد اللهجة يقصد به حديثها في الخارج لذا لم تُزِد فقد تلاحقت أنفاسها و اضطربت دقات قلبها و أسرعت بالخروج من أمام هذا الرجل الذي تحول بلمح البصر لوحش مُخيف لا يُهدد فقط .

ما أن خرجت من الغرفة حتى تقدمت «فرح» الى الداخل بأقدام مُتباطئة فوجدته ينظر إلى النافذة و قد فهمت من وقفته المُتصلبة أنه غاضب وهي مثله و أكثر ولأنها لم تعتاد على الانحناء حتى عند الخطأ توجهت تقف خلفه وهي تقول بنبرة ثابتة بدرجة كبيرة
1

_ انت كنت عارف بموضوع جنة صح ؟

«سالم» بنبرة جامدة

_ صح .
1

لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ♥️
2

★★★★★★★★★

دلفت إلى غرفتها و قامت بجذب أحد الهواتف النقالة لتقوم بإجراء مكالمة هاتفية وما أن جاءها الرد حتى صاحت باندفاع

_ ذلك الرجل الداهيه أظن أنه يعلم كل شيء . لقد طلب مني إقناع هارون ببراءة والدته .

_ كنت أعلم أنه سيطلب منك هذا الشيء

_ أظن بأن هذا الخائن الذي تضعه بينهم يعمل لصالحه ؟

هكذا تحدثت «جوهرة» بقلق لـ يقهقه «ناجي» بشر تجلى في نبرته حين قال

_ لا تخافي . هذا الخائن بقدر كُرهه لي بقدر ماهو مُجبر على مُساعدتي . لذا لا تقلقي .

_ من هو هذا الخائن أخبرني؟ فأنت جعلته يضع الهاتف تحت وسادتي و يمدني بما هو مطلوب مني دون أن أراه . أخبرني من هو ؟

«ناجي» باستمتاع

_ أنه أكثر شخص لا يُمكنك أن تشُكِ به أبدًا عزيزتي .

علينا أن نُدرِك جيدًا بأن هُناك لحظات فاصلة في حياتنا لا يعود بعدها كل شيء كما كان . لحظات أحيانًا من فرط مرارتها تشعُر أنها النهاية ، ولكنها لم تكن سوى البداية . أو لنقُل أنها ولادة روح جديدة بداخلك خُلِقت من رحِم المُعاناة و قساوة الخذلان الذي حتى و أن استطعت تجاوزه ستظل مرارته عالقة بجوفك لتُذكِرك بأن لا تغفر أبدًا .
5

نورهان العشري ✍️

🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁

_ انت تُحيُرني كثيرًا . هيا أخبرني من هذا الخائن ؟
1

«ناجي» بنفاذ صبر

_ لما تسألين كثيرًا . نفذي ما أخبرتك به فقط و التزمي الصمت .

اغتاظت من حديثه فقالت بسخط

_ لقد كدت أفقد حياتي بسببك ، و بسبب أفعالك و ها أنا الآن وسط أولئك الناس الغُرباء مع ابنك المجنون هذا وتأمرني بأن التزم الصمت !

«ناجي» باختصار

_ نعم .

«جوهرة» بمكر

_ إذن لا تعول علي كثيرًا في مخططك فأنا اليوم خابرت مدى قوة اولئك الناس و خاصةً هذا الرجل سالم . لقد أمر بوضع هارون بجانب الأحصنة دون أن يجرؤ أحد على التدخل ، و أيضًا كاد أن يقتله اليوم حين أُصيبت تلك السيدة .
2

تنبه «ناجي» إلى كلماتها وقال باستفهام

_ ماذا تقصدين و من التي أُصيبت ؟

«جوهرة» بمكر

_ ماذا ؟ ألم يُخبرك مُرشِدك السري بما حدث ؟ إذن أنت في ورطة حبيبي و لن يُنقذك منها سواي .

اغتاظ من حديثها فنهرها غاضبًا

_ بإمكاني أن أجعل ذلك المُرشِد يُنهي حياتك ببعض قطرات من السُم لاتخلص منكِ للأبد . هيا اخبريني ماذا حدث ؟
9

جفلت من نبرته وتهديده لذا اندفعت تخبره ماحدث اليوم لتنهي حديثها قائلة بحنق

_ و هي الآن بالمشفى و هارون مُحتجز في مكان ما لا أعلمه .

_ إذن اعلميه . يجب أن يعلم بأنني بين الحياة و الموت بسبب ذلك الحقير طارق ، و انكِ وجدتي طريقة للتحدُث مع ألبرت الذي أخبرك بأنني في غيبوبة . يجب أن يظل حاقدًا على تلك العائلة حتى تأتي ساعة الصفر .
5

«جوهرة» باستفهام

_ وهل تظن بأن مجرد كلمات بسيطة ستؤثر على هارون ؟ اللعنة أن نظراته تنفذ إلى أعماق كل فردًا منهم و كأنه يحاول قراءة داخله .

«ناجي» بشر

ـ و لهذا استمعي جيدًا لما سأقوله . فكل شيء يصُب لصالحنا .

«جوهرة» باهتمام

_ اسمعك .

اللهم انك عفوًا كريمًا تُخب العفو فاعف عنا ♥️
5

★★★★★★★★★

_ بصي بقى عشان أنا جبت اخري منك . أنتِ هـ تتظبطي يا بت أنتِ ولا لا ؟
1

هكذا تحدث« مروان» بغضب إلى «سما» التي تراجعت إلى الخلف وهي تقول بغضب

_ انا مظبوطة غصب عنك على فكرة .

«مروان» بحنق

_ مظبوطة ! طب يا ترى بوش ولا من غير ؟
13

«سما» بانفعال

_ انت بتستظرف !

_ أحسن ما اديكِ قلمين على وشك يعدلوكي . عمالة تدلعي و اقول يا واد معلش يا واد اصبر . البت مصدومة. لكن خلاص جبت اخري. عايزة ايه أنتِ ؟
3

باغتته حين قالت باندفاع

_ عايزة أطلق ..
4

تجاهل كلمتها و كانه لم يسمعها وقال بصياح

_ متغيريش الموضوع قولي عايزة ايه ؟

اغتاظت من بروده وصاحت بانفعال

_ بقولك عايزة أطلق ايه مبتسمعش ؟
5

برقت عينيه و تحولت نظراته الى شيء أكثر خطورة مما هو مُعتاد منه و أخذ يقترب منها بتمهُل وهو يقول بهسيس خشن

_ عايزة تطلقي ! قولتيها مرة قبل كدا و عدتها و رجعتي عدتيها دلوقتي و عدتها لكن تقوليها للمرة التالته . يبقى لا . معناها انك فايتك شويه حاجات و محتاجه تفهميها كويس. عشان مش مروان الوزان اللي يفضل مع واحدة مش عيزاه

كانت تلك الشخصية التي تراها أمامها الآن جديدة كُليًا عليه لذا وقفت مبهوتة تنتظر كلماته التالية ليقول «مروان» بجفاء

_ مفكرة انك لما تطلقي و تقعدي جنب امك كدا تبقي البنت اللي ضحت عشان امها ؟ تبقى غبية . عشان بعد ما العمر يجري بيكِ هتلاقي نفسك وحيدة ملكيش حد الكل ملهي في حياته وأنتِ ملكيش حياة .
5

كلماته كانت قاسية و قد كان هذا ما يُريده لذلك تابع بنبرة أشد قسوة

_ ولو بتحاولي تقنعي نفسك ان الرجالة كلها وحشة زي ناجي الوزان تبقى بردو غبية . الإنسان ربنا ميزه عن الحيوان بالعقل عشان يستخدمه . استخدمي عقلك و شوفي سالم ، سليم ، طارق ، صفوت ، و آخرهم أنا . افتكري كدا حد فينا شوفتي منه واحد في الميه من صفات ناجي الوزان ؟

صمتت تحاول ابتلاع عبراتها الحارقة ليُتابع «مروان» بسخط

_ اجاوبك انا . لا ، ولا عمرك هتلاقي حد زيه ، ولا عمر حد فينا هيقولك يا بنت ناجي . عشان انتوا مش بناته هو . انتوا بناتنا احنا . تربيتنا احنا . ملكوش علاقه بيه غير اسم بس في البطاقة.
6

عرت كلماته عقد ضعفها ومكامن نقصها لذا صاحت من بين عبراتها

_ يعني مش هتيجي في يوم تقولي يا بنت ناجي ؟ ولا هتخاف ولادك مني يطلعوله ؟
3

صاح بنبرة قوية صادقة لا تحمل الكذب

_ لا. عمري ما هعمل كدا عشان أنا مش حقير ، ولا شايفك بنته اصلًا ، ولا حد من اللي هنا شايفين كدا . أنتِ اللي عامله زي اللي على راسه بطحة .
4

صاحت بقهر

_ دي الحقيقة . حتى لو مقولتهاش بلسانكوا هي في عنيكوا . حتى الأخ اللي طلعلنا بعد السنين دي كلها اسوأ منه .

_ مش قولتلك غبية. حكمتي علينا كلنا من غير دليل أدانه واحد . اسمعي . دور الضحية دا انا مابحبوش ، و مابحبش مراتي تكون كدا .
2

صمت لثوان قبل أن يقول بلهجة أهدأ

_ اوعي تبيني نقط ضعفك لحد ، ولا تسلمي لحد دراعك اللي بيوجعك علشان يمسكك منه .
4

انخرطت في نوبة بكاء مريرة وهي تقول من بين شهقاتها

_ انا خايفه . خايفة اوي . خايفة على ماما و على اختي و عليكوا كلكوا. انا نفسي نخلص من شره بس للأسف شره مبينتهيش . احنا اللي مانعينكوا تخلصوا عليه . اعتبرونا مش موجودين و خلصونا منه بقى.

جذبها لتستقر بين ذراعيه وهو يقول بنبرة حانية
2

_ هشششش . اهدي . كل حاجه هتتحل . صدقيني والله كل حاجه هتتحل .

_ مبتتحلش يا مروان . احنا عمالين نغرق اكتر و اكتر. نهاية واحدة فينا هتكون على ايد الراجل دا.
2

هكذا تحدثت بنبرة مُحترقة أصابت قلبه في الصميم فأخذ يُهدأها وهو يقول بحب

_ اوعي تقولي كدا تاني . محدش هيقدر يمسكوا بسوء طول ما انتوا وسطينا . صدقيني .

رفع رأسه يُطالعها بحب تجلى في عينيه و نظراته و نبرته حين قال

_ انا افديكِ بروحي . اطمني . خليكِ واثقة فيا . محدش يقدر يمس شعره منك ولا من شيرين ولا من عمتي .
1

رفعت رأسها تُناظره بتوسل تجلى في نبرتها حين قالت

_ بجد يا مروان . انا ميهمنيش نفسي قد ما يهمني ماما و شيرين . انت متعرفش انا خايفة عليهم قد ايه ؟

احتواها بين ذراعيه قبل أن يقول بحنو

_ اوعي تخافي وانا موجود. ان شاء الله هنعدي الأزمة دي كلنا سوى و محدش هيتأذي أبدًا .
7

شددت من عناقه وهي تقول بتمني
3

_ يارب .

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مُباركًا فيه ♥️
2

★★★★★★★★★★

_ هتفضل مش راضي تبص في وشي كدا كتير ؟

هكذا تحدثت «شيرين» الى «طارق» الذي كان يُعطيها ظهره يقف أمام أحد النوافذ بالمشفى فهو منذ أن اخبرته عن تلك الحادثة يشعر بصدره يكاد يتفجر غضبًا حتى أنه لو كان يعلم مكان ذلك الحقير لكان الآن في عِداد الأموات ، ولكن لحسن حظ هذا الحقير و سوء حظه فهو لا يعلم أين هو ؟ ولا يستطِع تمرير ما حدث . غاضب منها وعليها و من كل شيء ولا يعلم ماذا يفعل ليُطفيء نيرانه الهوجاء الي تفتك بصدره دون رحمة و قد كان يخشى عليها منه و من غضبه لذا تحدث بنبرة جافة

_ انا في العربية لو احتاجتي حاجه كلميني .

لم يُعطها الفرصة للحديث فقد اندفع للأسفل ليترُكها هي الأخرى بين نارين نار الخزي مما حدث و نار القهر من كل تلك العقبات التي تعرقل حياتهم لذا لم تستطِع منع نفسها من الهرولة خلفه ليتفاجأ بها تفتح باب السيارة و تستقل المقعد بجانبه لتقول بنبرة يغلُب عليها الغضب و نفاذ الصبر

_ ماهو احنا مش هنفضل كدا . يا تقولي ناوي على ايه يا تقولي اخرجي من حياتي و نخلص !

التفت مبهوتًا من جملتها الأخيرة فصاح باندهاش

_ نعم!
3

_ ايه مسمعتش ؟

_ لا سمعت بس مش مصدق اللي بسمعه بصراحة !

اندفعت عبراتها كالأمطار تكوي خديها و قلبها فجاءت نبرتها محرورة حين قالت

_ اومال عايزني اقول ايه ؟ من وقت ما قولتلك عاللي حصل مش طايق تبص في وشي . كإنك بتعاقبني على جريمة انا مرتكبتهاش . والله ما كنت اعرف ، ولا قدرت اخبي عليك.

نعم هي مُحقة ولكنه كان غاضبًا يتألم كأسد جريح لا يقدر على مواجهتها ولا أن يأخذ بثأره من ذلك الوغد . مُقيد بالتزامه نحو عائلته ولا يملك أي سبيل ليخرج من تلك الدوامة القاتلة لذا هتف بعنف

_ أنتِ كمان كنتِ عايزة تخبي عليا ؟

_ مقدرتش ، و انت مقدرتش اني جيت صارحتك . عشان كدا بقولك لو شايف بعد اللي عرفته اني مليقش بيك عرفني .

جذبتها يديه لتغرسها بين ذراعيه عله يُطفيء ناره و نارها فشدد من احتوائها حتى تردد صوت شهقاتها بصدره الذي ارتج لألمها الكبير فأخذ يحاول تهدئتها قائلًا

_ اهدي ، و بطلي كلامك دا .

«شيرين» بحرقة

_ اومال أفسر انك بتتجاهلني دا بأيه ؟

زمجر «طارق» غاضبًا

_ تفسريه بأن جوايا نار من الحيوان دا مش عارف اطفيها ازاي ؟ نار لو طالته مش هتخلي فيه حتة سليمة.
4

كانت تشعُر بمقدار غضبه من خلال انتفاضة جسده بيد ذراعيها لذا شددت من احتوائه قبل أن تقول بتوسل

_ أرجوك متخوفنيش . انت شوفت كل اللي حصلنا و بيحصلنا . هو عقابه عند ربنا كفاية اللي عمله في جنة و لبنى .

زمجر «طارق» بوحشية

_ حيوان . كلب . لو طولته اقسم بالله هاكله بسناني و هخلص حق الكل منه.

«شيرين» في محاولة لتهدئته

_ والله هيدفع تمن كل اللي عمله دنيا و آخره . صدقني . ان مكنش بدأ يسدد ديونه من دلوقتي.

و بالفعل صدقت كلماتها فقد كان كالمجنون منذ الصباح حين استيقظ كما هي العادة ليجد المكان من حوله خالي تمامًا من أي حياة. لا وجود ل«جرير» ولا غنماته ولا أي شيء سوى تلك الخيمة الصغيرة التي كان ينام بها . مُنذ الصباح وهو يبحث كالمجنون ولكنه لم يجد شيء ليستقر به الحال باكيًا فوق سريره الاسفنجي فاغمض عينيه وهو يشعر بكم هائل من الحزن فلم يتبقى له أحد حتى ذلك الرجل الي ظنه نجاته تخلى عنه أيضًا فأضحى شريدًا وحيدًا وسط صحراء قاحلة و قد صدح صوتًا ما داخله يخبره بكل أسى

_ لم يقبل الله توبتنا ، فقد تخلى كل شيء عنا .

أخذ يبكي كالطفل الصغير وهو يتخيل أن يموت وحيدًا هنا و الأدهى من ذلك أن يذهب إلى خالقه مُثقلًا بكُل تلك الذنوب . حينها رفع رأسه إلى السماء يقول بتوسل

_ يارب كنت عايز أكفر عن ذنوبي . والله ما عايز غير كدا . اعيش بس لحد ما تسامحني .

أخذ يبكي لساعات حتى نال منه التعب ففرد عوده على ذلك السرير البسيط لتلامس يديه شيئًا أسفل وسادته والذي لم يكُن سوى ورقة مطوية مُدونة بها تلك الكلمات البسيطة

_ لو شايف ان حياتك تستاهل دافع عنها.
4

سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ♥️
3

★★★★★★★★★★

كانت تقف خلفه تناظره بغضب حاولت قمعه وهي تقول بعتب

_ و ليه مقولتليش ؟

لم يلتفت مُتجاهلًا استفهامها عن قصد ليقول بنبرة جافة

_ من أول يوم دخلتي فيه البيت دا و الكل بيحترمك برغم الظروف وبرغم كل اللي حصل ، و واحدة واحدة بذكائك قدرتي تكسبي محبتهم ، و لما بقيتي مراتي بقى الكل يحبك و يحترمك ويقدرك أضعاف الأول .

التفت يناظرها بأعين لأول مرة تكُن قاسية بتلك الدرجة وهو يُتابع بجفاء

_ شوفتي قولتلك ايه في في الأول ؟ الكل بقى يحبك . لما تخسري بايدك حبهم دا يبقى غباء منك مش مسموح بيه .

ترددت الكلمات داخل عقلها كسهام حارقة تكوي كبريائها وهي صامتة تستمع فقط ليُتابع بفظاظة

_ لما مرات الكبير تقف تزعق في اخوه بالشكل دا يبقى قلة ادب و قلة ذوق وأنتِ لا قليلة الادب ولا قليلة الذوق .
13

صمت لثوان قبل أن يقول بلهجة يشوبها عتب كبير

_ يصح اللي حصل منك يا فرح ؟

ابتلعت جمر كلماته في قلبها الذي كان ينتفض ألمًا و رغمًا عن ذلك لازالت تقف مرفوعة الرأس تُجيبة بنبرة جامدة

_ لا . عارفه انه غلط ، وغلط كبير كمان . بس .

قاطعها بنبرة جافة لم تعهدها منه

_ مفيش بس . ليكِ الف حق تزعلي بس ملكيش ولا حق انك تغلطي و تقللي من نفسك و من مكانتك و من سليم بالشكل دا . سليم كان قادر يرد عليكِ الكلمة عشرة بس هو برغم اللي حصل مقدرش يرفع عينه فيكِ ، لكن بصلي ! عرفتي غلطك وصل لحد فين ؟
3

جاهدت حتى لا تنهمر جموح عبراتها التي تهتز جفونها من فرط ثقلها و قالت بلهجة مُرتجفة

_ عرفت . بس الغلط دا انت جزء منه . كنت قادر تأهلني نفسيًا للي حصل . لكن اتفاجئ بيه بالشكل دا !

_عندك حق يمكن كان مفروض انبهك . لكن أنتِ شوفتي اللي حصل ، و بصراحة متخيلتش أن فرح مراتي العاقلة الذكية يحصل منها موقف زي دا .

بلغت الأمور ذروتها و احتقنت دماء الغضب و الألم بصدرها فآثرت إنهاء ذلك الموقف المقيت عند هذا الحد بأن قالت بأنفاس مُتحشرجة و نبرة خافتة
2

_ عندك حق . عن اذنك .

لم يُطاوعه قلبه تركها في تلك الحالة لذا ما أن التفتت تنوي الخروج حتى اوقفتها كلمته حين قال بصرامة

_ استني.
6

توقفت بمكانها تحاول تهدئة انفاسها اللاهبة و ضربات قلبها التي سينفجر بها صدرها بأي لحظة ناهيك عن جفون تهدد بالخيانة و إطلاق العنان لفيضاناتها بالإنهمار وهذا تحديدًا ما لا تُريده

جاهدت لتحافظ على ثباتها ولكن ليس أمام شخص يحفظ سكناتها المطبوعة فوق جدران قلبه الذي كان غاضبًا ولكنه بالنهاية عاشقًا لذا اقترب منها قائلًا بلهجة هادئة

_ سليم عمل الصح . لا أنتِ ولا هي كنتوا هتتحملوا موقف زي دا . جنة كانت بتتلكك عشان تنهار ، و وجوده جنبها هو اللي خلاها تكون قوية . لو كنتِ هناك مكنتيش هتتحملي و بالتالي هي كمان مكنتش هتتحمل .
5

تعلم علم اليقين بأنه مُحق ولكن الأمر احزنها حد الغضب الذي تدافع إلى أوردتها فأعماها فلم تُفرق بين الخطأ و الصواب للحظات كانت قاتلة وها هي الآن تُحصي مرارة ما اقترفته يداها خزي من هذا الموقف لذلك حاولت شحذ الباقي من ثباتها وهي توميء برأسها قائلة بنبرة متحشرجة

_ فهمت.

حاربته بنفس سلاحه يعلم أنه كان قاسيًا قليلاً معها وها هي الآن تقسو عليه بأن تلتزم الصمت أمام عينيه على الرغم من أنه يعلم كم العبرات التي تحاول جاهدة التحكم بها كما يعلم أيضًا أنها ستضن عليه بالانهيار على كتفه لذلك لم يزيد في الأمر أكثر و أومأ برأسه لتتراجع إلى الخلف بخطٍ جاهدت لتكون ثابتة و قد توجهت رأسًا الى حظائر الخيول تعلم بأنه هناك فقادتها أقدامها حيث يجلس أمام أحبائه فوقفت خلفه قائلة بنبرة مُتحشرجة

_ سليم .

لم يتوقع قدومها فارتسمت الدهشة على معالمه و خاصةً و هو يشاهد ملامحها التي تضج بالكثير و توحي بأنها على شفير الإنهيار لذا أجابها بهدوء

_ تعالي يا فرح.
2

احتارت كيف تبدأ ولكنها أرادت الانتهاء سريعًا لذا قالت بخفوت و نبرة بها طابع الندم

_ انا مقصدتش اللي حصل . انا بس اتخضيت لما شفتك شايلها و داخل ، كمان و موضوع الإجهاض دا . يعني.

صمتت لا تعرف كيف تصيغ كلماتها فكان الندم يتبلور بصدق في عينيها ولكنها تشبه أخاه كثيرًا في عنفوانه و شموخه لذا لم يجعل الأمر يطول أكثر إذ قال بهدوء

_ خلاص يا فرح محصلش حاجه . الموقف كان صعب علينا كلنا .

ابتسامة ممتنه لونت ثغرها كونه لم يُطِل في الأمر أكثر و تابعت بنبرة صادقة

_ حقك عليا . متزعلش مني .

لامست الكلمة داخله و قد شعر بأنها حقًا تقصدها لذا قال بمزاح

ـ خلاص يا فرح احنا اخوات ، و أنتِ كمان متزعليش مني انا مقصدش أهمشك من حياة جنة بس الموقف كان صعب ، و كان هيبقى أصعب لو كنتِ موجودة صدقيني . أنتِ كمان مكنتيش هتتحملي .
12

اخفضت رأسها فهي شعرت بكل هذا الألم من مجرد كلمات ماذا لو كانت في هذا الموقف ؟

اومأت برأسها وهي تقول بخفوت

_ حصل خير .

مازحها قائلًا

د

_ خلاص بقى متعيطيش مش زعلان يا ستي ، بعدين هنعمل ايه يعني ؟ عشان الواد منصور مضطرين نتحمل سيادتك .
2

ابتسامة صغيرة لاحت على شفتيها ولكنها لم تستطِع منع ذلك الاستفهام الذي خرج من بين شفتيها حين قالت بنبرة مُلتاعة

_ عيطت كتير ؟
3

كان يعلم مقدار الألم بداخلها فهو يعلم كم تحب شقيقتها لذلك حاول التخفيف عنها قائلًا

_ يعني حاولت على قد ما اقدر اني مخليهاش تفكر أو تتكلم . ربنا سهلها من عنده يا فرح .

اومأت برأسها قبل أن تقول بنبرة مُتحشرجة بالبُكاء

_ طب اتألمت ؟ كانت لوحدها ولا كنت معاها ؟
2

«سليم» بلهفة

_ لا طبعًا مسبتهاش ولا لحظة ، و الحمد لله الموضوع مكنش في ألم اخدت بنج ، و الحمد لله فاقت كويسه متقلقيش .

_ الحمد لله. المهم مش عايزاك تزعل مني . جنة دي بنتي .

قالت جملتها الأخيرة بنبرة محرورة و قد بدأت قدرتها على الثبات في التلاشي لـ يتفهم «سليم» قائلًا بهدوء

ـ عارف ، و عشان كدا مردتش احطك في الموقف دا . صدقيني كنتِ هتتعبي . الحمد لله أنه عدا .

_ الحمد لله . انا هسيبك بقى.

هكذا تحدثت فقد بلغ منها الوهن مبلغه ليلاحظ حالتها فقال بلهجة مرحة

_ لا ما خلاص أنتِ صالحتيني و هرجع البيت .

ابتسامة خافتة ارتسمت على شفتيها فمد يديه لـ تتأبط ذراعه وهو يقول بمُزاح
3

_ يالا يا ستي احسن تتكعبلي ولا حاجه عايزين الواد ييجي سليم .

توجهت معه إلى المنزل لتجد الجميع في غرفة الجلوس فانصبت جميع النظرات المندهشة فوقهم وهي تتأبط ذراعه و كأن شيئًا لم يحدُث فصاح «مروان» بتهكم

ـ شوف مش دول اللي كانوا بيشدوا في شعر بعض من شويه ؟ لحقتوا اتصالحتوا . دانا كنت ناوي احط التاتش بتاعي .
6

شاطره «سليم» المُزاح قائلًا

_ الحمد لله ربنا نجدنا . كان زمانا فاتحين الآلي لبعض يا فرح .
1

ابتسمت« فرح» على مزاحه و توجهت أنظارها إلى

« أمينة» التي كانت الفرحة تملئ نظراتها لتقترب منها «فرح» تحتضنها وهي تضع قبلة قوية فوق رأسها لتشدد الأخرى من عناقها لتقول« فرح» بخفوت

_ هطلع اطمن على جنة و ارتاح شويه قبل معاد العشاء.

« أمينة» بحنو

_ روحي يا حبيبتي.

لأول مرة تحمد ربها على عدم وجوده فرؤيتها له في تلك اللحظة قد يجعلها تنهار بقوة وهذا ما لا تريده لذا توجهت إلى غرفتها رأسًا لتغلق الباب خلفها و تتوجه إلى مخدعها ترتمي باكية بصوت هز أرجاء الغرفة و مزق نياط قلبه فقد كان يتوقع ما حدث ويعلم بأنها ستؤجل انهيارها إلى أن تأتي إلى هنا و قد كان موجود ليمتص جميع أحزانها و غضبها فاقترب منها يحتضنها بقوة من الخلف وهو يقول بنبرة خشنة
11

_ يعني لو كنتِ اترميتي في حضني و عيطتي كان هيقولك لا ؟
5

لا تُنكر صدمتها حين شعرت بوجوده ولكنها سُرعان ما تغلبت عليها و قامت بنزع نفسها من بين ذراعيه وهي تقول من بين شهقاتها

_ ابعد عني .
2

شدد من احتوائها وهو يقول بخشونة

_ مقدرش ابعد عنك .

هتفت وهي تقاومه

ـ متقدرش تبعد عني لكن تقدر تخبي عليا ، و تسمعني كلام زي السم صح ؟
2

جذبها بغتة مُستخدمًا قوته ليحكم قبضته حولها بين ذراعيه قبل أن يقول بجانب أذنها

_ حقك تزعلي عشان خبيت عنك بس انا اهم حاجه عندي في الدنيا انك تكوني بخير ، و الموضوع كان هيبقى صعب عليكِ و مكنتيش هتقدري متروحيش ، وانا بصراحة مكنتش حابب تروحي المستشفى في موقف زي دا .

استدارت تعطيه ظهرها وهي لازالت بين أحضانه لتقول بنبرة حزينة

_ ازاي بتقول كدا ؟ دي جنة . عارف يعني ايه جنة ؟ دي بنتي اللي مخلفتهاش . بنتي يا ناس .

التفتت برأسها قائلة بأسى

_ جنة دي مكنش حد بيسهر بيها في تعبها من يوم ما اتولدت غيري حتى و ماما عايشة . ازاي عايزين دلوقتي تحرموني من اني اكون جنبها في أصعب أوقاتها ؟

هاله مظهرها و بكائها بتلك الطريقة و لأول مرة سيكون اناني وهو غير نادم بالمرة لذلك قال بعتب

_ طب وأنتِ يا فرح ؟ مبتفكريش في نفسك خالص ؟ لو أنتِ قدام جنة بتلغي نفسك وهي بتكون رقم واحد بالنسبالك فأنتِ بردو بالنسبالي رقم واحد .
1

همست بخفوت

_ يا سالم افهم ..

قاطعها بصرامة

_ افهمي أنتِ . انا اكتر واحد عارف فرحتك بحمل جنة كانت ازاي ، و اكتر واحد عارف كنتِ هتتقهري ازاي لو عرفتي باللي حصل ، و لو كنتِ روحتي مكنتيش هتتحملي . استنى لما تقعي مني !

_ لا . بس على الأقل كنت تعرفني .

هكذا عاتبته بحزن فاقترب واضعًا قبلة دافئة بين عينيها قبل أن يتراجع قليلًا ليقول بحنو

_ حقك عليا ، و خليكِ عارفه انك اغلى حد عندي في الدنيا ، ولو في اي حاجه في مصلحتك هعملها من غير ما افكر ولا حتى ارجعلك .
2

دغدغت كلماته حواسها ولكن هناك بقايا حزن لازالت عالقة بثنايا قلبها لذا حين أوشك على الارتشاف من عذب ريقها تراجعت و التفت تعطيه ظهرها وهي تقول بتذمُر

_ مش كنت قليلة الذوق من شويه ! دلوقتي بقيت اغلى حد عندك !
2

يعلم أنها أكثر من يُعاني بجانبه و يتحمل الكثير لأجله لذا لم يبخل عليها بدلاله حين اقترب ينثر عشقه فوق كتفها بتمهُل قاتل ليصل إلى أعلى رقبتها هامسًا بجانب أذنها
3

_ انا عمري ما اقول عنك كدا . بس غلطة الكبير كبيرة ، و أنتِ مكانتك كبيرة اوي و مقبلش أنها تتهز .
9

التفت تناظره وهي تقول بخفوت

_ انا فعلا انفعلت و معرفش صوتي علي كدا ازاي ؟ انا حتى اتفاجئت أن الناس كلها حواليا بس منظر جنة و هو شايلها و الكلام اللي قاله جنني يا سالم . جنني .

«سالم» بهدوء

_ خلاص يا عيون سالم . انسي. موقف و حصل وانا عارف وكلنا عارفين انك متقصديش ، و بعدين جيالي أنتِ وهو مأنكجين بعض يا ست هانم ؟

لاحت ابتسامة صغيرة على شفتيها قبل أن تقول بسخرية

_ اصلًا كنت دايخه و البيه كان خايف على منصور .

اقترب يشاكسها وهو يمرر أنفه فوق خاصتها قبل أن يقول بهسيس خشن

_ ام منصور عايزة قرصة ودن .

«فرح» بتهكم يتخلله بعض الدلال

_ و ابو منصور بقى عايز ايه ؟

احتوى خصرها بين ذراعيه وهو يقربها منه أكثر قائلًا بخشونة اذابتها

_ تعالي وانا اقولك .

ما أن أوشك على اقتناصها بين طيات عشقه حتى صدح صوت طرق قوي على باب الغرفة يليه صوت «مروان» الذي قال بصياح
6

_ أبو منصور .

اغمض عينيه يستغفر ربه قبل أن يقوم بالفتك بذلك الوغد فحاولت «فرح» قمع ضحكتها بصعوبة وهي تمرر يدها بهدوء فوق خصلات شعره قائلة

_ الله اكبر . ابعد يا شيطان ابعد يا شيطان .
5

فتح عينيه بغتة قبل أن يقول بهسيس مُرعب

_ صح . هو شيطان . هروح اخلص الناس من شره . انا كدا جبت اخري .
2

انهى كلماته و توجه إلى باب الغرفة لتحاول قمع ضحكتها بصعوبة و خاصةً حين شاهدت ملامح «مروان» الذي تصنم بمكانه من رؤيته لملامح «سالم» المُكفهرة فهتف بذُعر

_ ايه يا كبير ؟ حصل ايه ؟ الولية اللي جوا دي مزعلاك ولا ايه ؟

اقترب «سالم» يمسكه من ياقة قميصه الخلفية وهو يزمجر قائلًا

_ لو مكنش في موضوع مهم جايبك هخلص عليك سامع ؟

«مروان» بلهفة

_ هي قستك عليا أنا كمان ؟ تشخط في سليم تحت و تقومك عليا هنا ؟ هتودي الحاجه دار المسنين امتى ؟
22

برقت عيني« سالم» بتحذير فصاح «مروان» باندفاع

_ الصاروخ عايزك تحت .
3

تركه «سالم» بغضب و توجه لغرفة الملابس وهو يرغي و يزبد فاقتربت «فرح» قائلة بتقريع

_ بقى انا يا واطي بقويه عليكوا ! تصدق انك تستحق كل اللي سما بتعمله فيك .

«مروان» بسخط
1

_ تتشك في قلبها سما بنت همت عاللي عملاه فيا . حسبي الله ونعم الوكيل .

«فرح» بتشفي

_ تستاهل ، ولسه لما اقولها انك بتقول عالبت الصفرا دي صاروخ .

«مروان» بتهكم

_ صفرا ! شوف ياخي حقد الستات !
3

«فرح» بحنق

_ مين اللي بيحقد يا أبو لسانين انت ! انا احقد على دي !

«مروان» بسخرية

_ يا بت . دا الحقد هينط من عنيكِ . ايوا شعر اصفر و عنين زرقا و عود البطل ، و طبعًا أنتِ بالبطيخة دي يبقى البطل الله يرحمه . الله يعينك يا كبير والله .
5

لم يكد يُنهي جملته حتى فاجأته «فرح» و أغلقت الباب في وجهه وهي تُحاول السيطرة على نوبة غيرة جنونية اجتاحتها و خاصةً و قد عادت كلمات تلك الوقحة تتردد في أذنها منذ قليل فأخذ عقلها يعمل في جميع الاتجاهات لتقف عند نقطة واضحة تلك المرأة تُحيك لعبة قذرة و هي شبه متأكدة بأن زوجها الهدف من وراء لعبتها.

_ الحلو سرحان في ايه ؟

هكذا تحدث« سالم» وهو يقف خلفها بعد أن قام بتبديل ملابسه و إرتداء قميص رياضي باللون النبيذي تاركاً أول ازراره مفتوحًا و أسفله بنطال مُريح باللون الأسود و صفف خصلاته البُنية بطريقة مُنمقة فقد كان يُشبه نجوم السينما بطلته الرائعة و التي خطفت قلبها لتقول بخفوت

_ الحلو اللي لبس و اتشيك من غير ما يستناني .

ابتسم على كلماتها قبل أن يقول بسخط

_ ما أنتِ شايفة مفيش حاجه بتستنى . الحمد لله اننا عارفين ناخد نفسنا.

ضاقت عينيها بمكر و أطلقت تنهيدة قوية قبل أن تخفض نظراتها وهي تقول بخفوت

_ هينفع تستناني اغير هدومي وانزل معاك ؟

شعر بأنها ليست على ما يُرام فاقترب قائلًا بلهفة

_ فيكِ حاجه ؟

«فرح» بخفوت

_ حاسة نفسي تعبانة شوية

_ طب ارتاحي أنتِ و خليكِ هنا و أنا هخليهم يطلعولك العشا .

«فرح» بابتسامة واهنة

_ لا . انا حابة انزل عشان الموقف اللي حصل دا ، و كمان عشان متخنقش هنا لوحدي .
3

اومأ برأسه قبل أن يقول بهدوء

_ طب يالا وانا هساعدك تغيري هدومك و ننزل سوى .

اقتربت تعانقه بدلال تجلى في نبرتها حين قالت

_ لا يا روحي خليك هنا وانا هدخل البس في خمس دقايق و اجيلك .

اومأ بصمت فاندفعت إلى داخل غرفة الملابس غافلة عن تلك البسمة الماكرة التي ارتسمت على ملامحه فقد تيقن من أمر غيرتها التي تُخفيها ببراعة ولكنه أكثر من يعلمها لذا شعر بما يعتمل بداخلها و قد كان يروق له هذا الأمر كثيرًا
2

بعد قرابة العشرون دقيقة وهو ينتظر وعلى عكس المتوقع لم يشعر بأي ملل فقد كان يعلم أن نتيجة انتظاره ستكون مُرضية و لكن الحقيقة أنها كانت مُبهرة فقد أطلت عليه بذلك الرداء الذي يُماثل لون ذلك القميص الذي يرتديه ولكنه كان عليها أكثر من رائع فقد كان فستانها يعانق جسدها بطريقة رائعة دون ابتذال ذو أكمام من قماشة الدانتيل التي التفت حول ذراعيها لتنتهي عند الرسغ بنقوش رقيقة ذو فتحة صغيرة تِبرز عنقها المرمري و قوسي الجمال خاصتها الذي يتمثل في عظمتي الترقوة فقد كان يعتبرهما بوابته إلى جنتها التي يود لو أنه لا يخرُج منها أبدًا ، و وجهها البهي الذي أتقنت تزيينه دون إفراط و خصلاتها الرائعة التي رفعتها إلى الأعلى لتُزين وجهها البديع . كان جمالها آخاذًا للحد الذي جعله يتقدم لـ يحتوي أحد كفوفها واضعًا قبلة دافئة فوق راحته قبل أن يرتفع برأسه يُناظرها بأعين التمع بهم العشق و الإعجاب الذي تجلى بنبرته حين قال
9

_ هي الملايكه نزلت من السما عشان تعيش وسطنا ؟

نثر الخجل محصول التفاح الشهي فوق وجنتيها فبدت رائعة للغاية قبل أن تقول بنبرة جذابة

_ ملايكه مرة واحدة !

«سالم» بخشونة

_ ماهو مفيش بشر حلو كدا ؟

عانقت كفوفها رقبته قبل أن تقول بدلال

_ لا ما هوا انا اصلي لقيت سيادة النائب متشيك كدا و قمر قولت لا بقى لازم اتشيك انا كمان عشان أليق بيه .

زاد من ضمه إليها قبل أن يقول بنبرة صادقة

_ سيادة النائب دا قعد أربعين سنة مش شايف ان في ست تليق بيه لحد ما قابلك . لو حتى لابسة خيش مبيشوفش أجمل منك .
15

كلماته أثقلت غرورها الأنثوي و قوت دفاعاتها في تلك المعركة التي هي مُقبلة عليها والتي ستُحارب فيها بكل ضراوة حتى وإن كانت تجهل قوة خصمها ولكنها لن تخسر أبدًا لذا رفعت رأسها و استقامت بشموخ وهي تتأبط ذراعه ليهبطَ الدرج سويًا أمام أعيُن الأفعى التي كانت تشاهد هبوطهم بنظرات كارهه حاقدة رغمًا عن إتقانها تزييف ابتسامة هادئة لونت محياها و نبرة تشبهها حين قالت
2

_ اوه. انتمَ ثُنائي رائع . تليقان ببعضكما كثيرًا .

اومأ «سالم» بصمت بينما إجابتها «فرح» بترفُع

_ نعم نحن كذلك .
1

«جوهرة» بنبرة يملؤها المكر

_ و أيضًا يُعجبني كونكم تُجنبان علاقتكما عن خلافات العائلة

قصدت «فرح» كل حرف تفوهت به حين قالت بهدوء

_ أي خلافات عزيزتي ؟ نحن هنا عائلة واحدة و تلك الأحداث اليومية لا تُعد خلافات فنحنُ لا نسمح لها بالوصول إلى ذلك .
4

وصلها المغزى خلف كلمات «فرح» لذا اومأت برأسها قبل أن تتوجه بنظراتها إلى «سالم» لتقول بنبرة جذابة و عينين تشعان اغراء

_ سيد سالم هل يمكن أن نتحدث قليلًا ؟

اومأ «سالم» فبادرت« فرح» الحديث لتكون هي من أقرت ما سيحدُث

_ روح انت يا حبيبي وانا هطمن على جنة على ما تخلص .
4

اومأ بصمت قبل أن يعطيها ابتسامة ساحرة و هو يتوجه إلى غرفة المكتب قائلًا بفظاظة

_ اتبعيني .

أجبرت نفسها على الالتفات حتى لا تُظهر لتلك الوقحة أنها تُراقبهم لتجد «نعمة» تحمل صينية الطعام ل«جنة» فاقتربت« فرح» قائلة بهدوء

_ دي لجنة يا دادا ؟

_ ايوا يا حبيبتي .

«فرح» بلُطف

_ طب خليكِ انا هوديهالها .

كان هُناك أصوات جلبة في غرفة الجلوس فـ فطنت إلى أن الجميع بالداخل لذا أرادت الإطمئنان على شقيقتها أولًا فـ أخذت صينية الطعام و توجهت للأعلى قاصدة غرفة «جنة» و ما أن التفتت لتدخل إلى باب الغرفة حتى لفت انتباهها شيء مُريب جعلها تتسمر في مكانها …

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية في قبضة الأقدار)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى