روايات

رواية زهرة الأصلان الفصل السادس عشر 16 بقلم يسر

رواية زهرة الأصلان الفصل السادس عشر 16 بقلم يسر

رواية زهرة الأصلان البارت السادس عشر

رواية زهرة الأصلان الجزء السادس عشر

زهرة الأصلان
زهرة الأصلان

رواية زهرة الأصلان الحلقة السادسة عشر

– خرج الجد من مكتب أصلان فرحا لحفيده الهارب .. وصرخ على السيدة نعمة التى جاءت مهرولة لصراخ عمها :
– الجد بصراخ :
نعمة .. يا نعمة .
– السيدة نعمة مهرولة :
نعم يا عمى .. خير .
– أشار الجد على غرفة الجلوس ويقول لها فرحا :
تعالى .. تعالى .. مش هتصدقى اللى هقولهولك .
– اتجه الجد إلى غرفة الجلوس تتبعه نعمة وبعد أن أغلقت بابها شرع الجد فى قص ما دار بينه و بين أصلان وابتسامة تلك التى تقابله تتسع رويدا رويدا .
– جلس الجميع الجد والسيدة نعمة ، محمد و أسماء بودة، أسامة و سوما و زهرة فى غرفة الجلوس الواسعة التى تحتوى ثلاث أطقم من اﻷثاث لتستوعب التجمعات العائلية .. فى انتظار زيارة إسراء وعابد ﻷول مرة منذ زواجهم وذلك لتودع إسراء عائلتها .. ساد فيها جو من اﻷلفة وتبادل اﻷحاديث الطريفة فى الظاهر يتخللها فرحة و ترقب من الجد والسيدة نعمة و قلق وحزن من زهرة .. فهى تعلم أنها ستغادر ليلا مع أبيها ومع ذلك لم تكمل حتى حزم حقائبها التى كلما وضعت بها شئ أخرجته مجددا .. وقد زاد شعورها بالوحدة والانقباض كلما
أقترب موعد حضور أخيها وزوجته كعلامة على رحيلها .. فهى ولأول مرة تكره رؤيته على الرغم من أنها تعاملت معه بشكل عادى بعد الزواج .. استفاقت من أفكارها على سؤال أسامة المرح لها :
طبعا أنتى مشفتيش إسراء قبل كده ؟
ردت زهرة ببسمة باهتة تحت أنظار الجد والسيدة نعمة اللذان يعلمان ما بها: ﻷ
فقال أسامة مشاكسا لها :
طبعا .. هى طارت من هنا و أنتى جيتى من هنا .
فضحك الشباب على كلام أسامة … وانطلقت أسماء قائلة :
هى غلبوية .. بس هتحبيها .. طاب وأخوكى؟
ردت زهرة مستغربة سؤالها : ماله ؟
فقالت أسماء : عامل إزاى ؟
فرد محمد غاضبا : نعم ياختى.
وعلق أسامة : آه .. وقعوا ف بعض .
فضحك الكل عليهم .. ثم أكملت أسماء : أنا قصدى طبعه ..
ردت زهرة محاولة التماسك قدر اﻹمكان :
هو كويس وبيحبها .. متخفيش عليها ..عمره ما هيزعلها .
أكملت زهرة آخر كلماتها بحزن و تهدج بسيط لم يلاحظه سوى الجد والسيدة نعمة .. و قد زادت محبتهم لها لما رأوه من تأثرها من بعد أصلان عنها .. و تأكدهم بأنها المناسبة له .. وكذلك أصلان الذى دخل أثناء إجابتها منتظرا انتهائها بوجه صلب جامد لا يتضح على صفحته شيئا .. ولكن داخله يكمن لهيب يتآكله من حزنها الواضح الدال على تأثرها بمعاملته معها .. ويجعله يتعجب من القدر الذى يجعل من سبب وضعهما سعيدان بينما تتقطر التعاسة من وضعهما .. ويحاول بشدة محاربة نفسه بعدم أخذها من بينهم وحبسها بغرفته له وحده يبثها شغفه و عشقه بشكل يجعلها تنسى أخيها وأخته ..
تنسى جرحه لها .. تنسى تشوه جسده و كبر سنه .. تنسى .. تنسى ما حولهما ولا يتبقى سوى هى و هو فقط .. تنهد بحسرة متمالكا نفسه وألقى السلام بأقتضاب وجلس على مقربة من الجد و أمه واعيا أنها المرة اﻷولى التى يجمعه معها مكان من بعد مشكلتهما.. استمرت اﻷحاديث الجانبية ﻷفراد العائلة التى تجنبها هو مركزا نظراته على تلك التى لم ترفع عينيها له لتروي شوقه لها .. أشبع عينيه منها فهو لا يعلم متى يجتمع معها ثانية .. تلك القطة التى لم تعد تتبعه بل أصبحت تختبئ منه حارمة إياه منها بشكل يسلب عقله و يفقده بصيرته و صبره .. الذى نفذ بالفعل برؤية محمد وأسامة يتحدثان معها بأريحية فى حين هو محروم من ذلك مما جعله يفقد صوابه و يصرخ فجأة على المسكينة فاطمة مركزا نظراته على زهرة
– أصلان بصراخ : فاطمة .. فاطمة .
– فاطمة بخوف : نعم يا سى أصلان .
– أصلان بصراخ : شوفى أبو أحمد خلص اللى قلتله عليه ولا لأ ؟
– فاطمة : ﻷ خلصوا يا سى أصلان من يجى شوية كده .
– أصلان : طاب روحى أنتى .
– فاطمة متلعثمة: حاضر .. حاضر يا بيه .
– الجد : إيه هو ده يا بنى .
– أصلان بأقتضاب : دى زيارة حملتها على عربيات هتروح مع إسراء
و جوزها لبيتهم الجديد .
– السيدة نعمة التى فرحت من تلك المبادرة من ابنها كأشارة على قرب رجوع علاقته بأخته :
خير ما عملت .. ربنا يخليك ليها يا بنى .. كنت عارفة إنها مش هتكون
عليك .
– فرد أصلان بحدة وجفاء :
دى مش ليها .. دى عشان شكلنا أدام الناس .. إنما أنا لو عليا ……….
وصمت ………….. بعد أن قابلته عينان زرقاوان متسعتان تمتلئتان عتاب و حزن منه .. عتاب ذكره بآخر اصطحبه قبلات و همس و إعتذار .. أثر على
انتظام أنفاسه وحدة عينيه فبدل نظرته الغاضبة ﻷخرى خاصة بهما .. فبادلها عتابها بعتاب آخر لحرمانه منها أثرت على انتظام أنفاسها وجعلتها تخفض زرقاواتيها .. تنحنح الجد منهيا جو التوتر الذى شاع لكلمات أصلان قائلا :
أصلان مش عاوزين مشاكل .
– رد أصلان بجفاء : أكيد .
– ثم بادرت نعمة فى محاولة منها لتغيير اتجاه الحديث :
هتوديلها إيه ؟
– أجاب أصلان بكلمات لم تسمع منها صاحبة العينان الزرقاوان شئ .. وكل ما يشغل فكرها أنه يكره أخيها وبالتالى يكرهها .. وقد تهدمت لديها أى آمال ولو ضعيفة بقبوله بها .. ترثى نفسها وتتسآل أى عاطفة تلك التى
تتملكها تجاهه وتجعلها راضية بجفاءه قبل وده و كرهه قبل حبه .. بل تجعلها تتمسك به وبحياتها معه حتى آخر لحظة جاعلة إياها حتى اﻵن ليس لديها القدرة على الانتهاء من حزم حقائبها والهرب منه .. فهى تكاد تجزم لو أنها لم تحدث أبيها ليأتي إليها لتجبر نفسها على الرحيل معه لم تكن لترحل عنه و لو انطبقت السماء كما يقولون .. لا ترى ذلك الذى أنهى حديثه و صمت يتابعها بعينيه التى تفيض عشقا .. صافعا نفسه على حديثه بهذا الشكل عن أخته و أخيها .. فهو من شدة غضبه من رقتها التى تجعل من إخوته يلتفون حولها لا يتركوها شكلت لديه حريق صغير يلتهم داخله يجعله يفقد صوابه و منطقه فلا يعلم ما يقول سوى أنه يرغب بجذب انتباهها عنهم وابعادهم من حولها .. فهى ملكه وحده حتى ولو كانا متباعدان .. لا يتشكل فى عقله وقلبه منذ أن رآها سوى فكرة واحدة
” هو من يغضبها و هو من يصالحها ”
– قطع أفكاره دخول إسراء وعابد بملامح فرحة و لكن خجلة بعض الشئ ..
لم تؤثر بأصلان بتاتا و ظل مكانه لا يتحرك من كرسيه .. فهو يعلم إن تحرك من مكانه لا يفعل شئ سوى صفع أخته على فعلتها و لكم الحقير الذى معها .. واللذان تسببا بحسرته و حزن صاحبة الزرقاوان ..لذا آثر الشر ولم
يتحرك فهو يريد لتلك الزيارة البائسة أن تنتهى بسرعة .
– تبادلت إسراء السلام مع الجد أولا الذى نهض لاستقبالها ليغطى على فعلة حفيده ثم سلم الجد على عابد و كذلك اﻷمر مع نعمة .. وصمت الكل فجأة يترقبوا اتجاه إسراء ببطء ناحية أخيها اﻷصلان خلفها عابد .. أوشك أصلان على إحراجهم و الرد عليهم بجفاء إلا أن تلك العينان الزرقاوان
التى تنظران إليه برجاء ﻷول مرة منعته من ذلك بل وجعلته يقف ليسلم على أخته و زوجها بسلام فاتر ولكنه أفضل من لا شئ .. لاحظ الجد ونعمة الموقف جيدا ونظرا لبعض دلالة على معرفتهم سبب تغييره لرأيه و المتمثل فى زهرته .. كذلك لاحظت إسراء نظرات أخيها لما خلفها وكأنه لا يراها على الرغم من سلامه عليها .. فالتفتت لترى تلك التى غطت بجمالها عمن حولها .. تصنمت قليلا أمامها فعابد لم يوضح لها أنها صغيرة عنها
وجميلة بهذا الشكل .. ولم يفيقها سوى وخز عابد لها برفق ثم اتجاهه للسلام على أخته التى ابتسمت له بصدق فعلى اﻷقل أحدهما سعيد .. ثم أكمل عابد سلامه على الباقين .. تقدمت إسراء للسلام على زهرة باستحياء
شديد ثم على الباقين مغيبة تماما لا ترى سوى تلك التى استولت على انتباه زوجها الذى جلس بجانبها مقبلا ومحتضنا لها .. وعلى الرغم من أن عابد قص عليها مرارا شدة علاقته مع أخته إلا أنها دون شعور منها تملكتها الغيرة من ناحيتها .. فهى توقعت من تمسك عابد بعلاقته بها والتى أدت إلى التضحية بأخته وكأنها كبش فداء لعلاقتهما أنها فتاة عادية و ليس التى تجلس أمامها .. وبعد تبادل اﻷحاديث المرحة بفضل مشاكسات أسامة لإسراء وسوما وأسماء .. و دفاع محمد و تذمر بودة .. وضحك زهرة أحست إسراء بانقباض قلبها .. يالله ماذا فعلت هى وعابد بتلك الملاك .. وقد دعت ربها فى نفسها ألا تؤثر فعلتها هى وعابد بتلك الملاك على حياتها معه ..
مما جعلها تطلب منها السماح سرا عند مغادرتها والتى أعطته لها زهرة بطيبة قلب متناهية .. جعلت إسراء تحتضنها و قد أدمعت عيناها تأثرا لفعلتها
.. فأى فتاة هى لتسامحها على فعلتها بها .. حاولت زهرة التماسك فى هذا الموقف و أذهلت الجميع بتوصياتها الكثيرة الصادقة لعابد على إسراء و كأنها توصيه على نفسها .. مما جعلهم يخرجون من المنزل يتكللهم الخجل من تلك الفتاة الرقيقة التى لم تلومهم ولا بنظرة واحدة .
– ما كاد عابد وإسراء يخرجون من المنزل يصطحبهم أسامة و محمد لسيارتهم إلا و انطلق أصلان لمكتبه بعد أن ألقى على زهرة نظرة عتاب لم تفهم سببها وأغلق خلفه الباب بالمفتاح .. ولم يترك شئ بالمكتب إلا و حطمه حرفيا .. لم تتحمل زهرة فعلته و خرجت شهقات بكائها للعلن .. وسط نظرات الجد و نعمة الهلعة لما يحدث و نظرات سوما و أسماء الخائفة .. اتجهت زهرة مسرعة لغرفتها يسبقها صوت بكائها ظنا منها أنه يكره وجود عائلتها بحياته وبالتالى وجودها وأنه يحملهم ما حدث له ولأخته وبالتالى يحملها هى .. بكت حادثته .. بكت موت أخته .. بكت الظروف التى جعلتها من عائلتها .. بكت وحشتها ووحدتها دونه .. بكت حبها له حبا لم
يرى النور .. وبعد أن تمالكت نفسها قليلا اتجهت لغرفة السيدة نعمة والتى شاركتها إياها بعد أيام قليلة من الزواج لجلب باقى أغراضها والاستعداد للرحيل .. ظنا منها أن رحيلها سيخفف من غضبه .
– أسرع محمد وأسامة بدخولهم المنزل بعد أن تعالت أصوات الصراخ و التحطيم .. صراخ الجد ونعمة على أصلان ليفتح الباب والذى تجمع عليه كل أفراد المنزل ماعدا زهرة الهائمة فى عالمها الخاص .. ولما يأس الجد من أن يفتح له أصلان طلب من أسامة ومحمد محاولة كسر الباب الذى فتحوه بعد فترة وقد هالهم منظر أصلان المشعث ودماء يديه وفوضى مكتبه وهو مستمر بتحطيمه و كأنه لا يراهم .. كما جعل الجد الذى يعلم ما فى نفس حفيده يغلق باب المكتب ثانية ويمسك مقبضه بيده ويقف أمامه سدا إياه بجسده .. وأمر الجميع بحزم بالمغادرة لغرفهم والباقين ﻷعمالهم ولم يتبقى سواه هو ونعمة ولم يلاحظا أثناء أهتمامهم بصرف الجميع انتهاء صوت التحطيم بالمكتب .
– أشار الجد لنعمة بالبقاء خارج المكتب و دخل هو على اﻷصلان .. فوجده بنهاية الغرفة جالسا على كرسى من الجلد تحيط به قطع الحطام .. وقد ألقى
بعباءته أرضا وتهدل جلبابه وأشعث شعره .. ناظرا للفراغ بحواجب معقودة ووجه اشتد احمراره وكأنه على وشك الانفجار الذى دل عليه تنفسه السريع .. لم يتمالك الجد نفسه من حالة حفيده والتى لا يعلم سببها و صرخ به حنقا :
أنت اتجننت يا أصلان .. إيه اللى حصل خلاك تعمل كده ؟
– لم يرد عليه أصلان ولكن زادت سرعة تنفسه .. مما زاد من حنق الجد الذى أكمل :
رد عليا أنا بكلمك .. أنت نسيت نفسك إياك .
– اندفع أصلان صارخا :
شفتها .. شفتها إزاي بتعاملهم.. كأنهم معملوش لينا حاجة .
– رد الجد صارخا :
أمال عاوزها تعملهم إيه يا بنى .. خلاص اللى حصل حصل .
– رد أصلان حانقا :
كل اللى بيحصلنا ده ومش زعلانة منهم .
– رد الجد صارخا للوصول لنقطة معينة :
اللى بيحصلكوا ده من عمايلك أنت .. أنت اللى مصعب الحياة بينكوا
.. و مش عارف أنت عاوز إيه ؟
– رد أصلان كاذبا :
أنا عاوزها تعيش حياتها .. أحسن من اللى هيا فيه هنا .
– الجد مصدوما :
يعنى مش عاوزها ؟
– أصلان متجاوزا الغصة الموجودة فى حلقه :
ﻷ .
– ألجم الجد نفسه حتى لا يلكم حفيده على غبائه..فالكل يعلم أن زهرة تهيم عشقا به .. وهو يعيش فى دوامة عذابه الخاصة به .. و لم يجد الجد إلا آخر ورقة لديه للضغط عليه و يرجعه لصوابه :
ماشى يا بنى طالما أنت عاوز كده .. يبقى سيبها تمشى إنهاردة مع
أبوها .
– ألقى الجد قنبلته و أدار ﻷصلان ظهره متجها للخارج .. ولكن أوقفه أصلان الذى تصلب من الصدمة وتجاوز الحطام المنتشر على اﻷرض ليقف خلف جده :
إيه تمشى .. تمشى تروح فين ؟
– أدار الجد له رأسه ..قائلا باقتضاب :
هترجع ﻷهلها .
– أصلان كاذبا : و الاتفاق اللى بين العيلتين.
– الجد :
اتلغى .. اسراء و اتجوزت وخلصنا من مشكلتها .. يبقى حرام زهرة
تفضل هنا .. مش أنت بتقول ظلموها .. خلاص هيا مشيا .
– أصلان بصراخ : كده من غير ما تقولولى.
– الجد :
أنت اللى قلتلها أدام الكل تمشى .. وبعد ما قامت من عياها طلبت
منى أكلم أبوها وهى فهمتوا الموضوع بطريقة حلوة تخليك أنت
اللى محملهم جميل .. وأنا كمان كلمته والراجل رحب بالموضوع
جدا واتفقت معاه يجى بعد ما إسراء وعابد يمشوا عشان المشاكل
متأثرش عليهم ..” ثم التفت له ” .. أدينى ريحتك من حملها ..
” و أكمل بعتاب ” .. و معدتش هتلزق فيك زى ما عايرتها أدام
الكل .
-أصلان وقد شعر بانهيار عالمه : وهى عارفة ؟
– الجد باقتضاب : أيوه عارفة .
– أصلان بحزن شديد : هيا قالت أنها مش عاوزة تعد هنا ؟
– الجد متنهدا :
أنت اللى مش عاوزها .. وهى مش هتضغط عليك أكتر من كده ..
أنت موفرتش مناسبة إلا ووضحت فيها إنك مش قابلها .
– أصلان صائحا بانهيار :
أنا مقولتش كده .. أنا .. أنا ……
– الجد وقد اتعبه عناد حفيده :
أنت إيه يا بنى ؟؟
– أصلان وقد استوحش ثانية و نسى ما عاهد نفسه عليه سابقا ..و نظر لجده بنظرة فاجأته كمثيلاتها من نظرات عينيه التى أختلفت تماما منذ مجئ
قطته .. كأصلان تعدوا عليه ويريدون أخذ أنثاه :
أنا مش هسيبها تمشى من هنا إلا على جثتى .
– وانطلق خارجا من مكتبه متعديا الجد كذلك أمه التى تجلس بالصالة منتظرة نتيجة حواره مع جده .. وأسرع لغرفة أمه وقد أقسم أن يلقن تلك القطة التى غضبت منه درسا لن تنساه .. ولم يرى نظرات جده المنتصرة ﻷمه لنجاح خطته ثم اتجه الجد للمكتب ثانية للمحادثة حامد المنصورى والد زهرة .
– فى غرفة السيدة نعمة أنهت زهرة وضع أغراضها بحقائبها ولم يتبقى سوى أغراضها الموجودة بغرفة أصلانها .. توجهت لجناحها مع الأصلان لجلب أغراضها بخطوات بائسة مهزومة .. مهزومة بالحرب الوحيدة التى أرادت خوضها وهى حربها ضد قلب اﻷصلان القاسى الذى لم يلن ولو
قليلا لأنثى تخطو أولى خطواتها نحو عاطفة جديدة عليها لم تشعر بها إلا معه ..عاطفة أنثى تجاه رجلها .. حبيبها .. أصلانها .. دخلت جناحها لا تصدق أنها لن ترى حبيبها مرة أخرى ..لن تتنفس نفس الهواء المحيط به .. لن تملى عينيها بحسنه فهو بالنسبة لها أفضل الرجال دون أن ترى غيره ولا تريد أن ترى غيره .. أعدت حقيبة متوسطة لجلب أغراضها .. وظلت تسقط بها الأغراض بشرود وهى تتسآل للمرة التى لا تعلم عددها لم لا يقبل بها ؟ .. ألا يشعر ناحيتها ولو حتى بإعجاب بسيط ؟ .. ألا يستطيع أن يبقيها حتى دون أعجاب أو غيره ؟ ..تكاد تقسم ألا تجعله يراها أو يشعر بوجودها فقط لو يسمح لها .. وقد تلاشت فى تلك اللحظة كلماتها عن الرفض والشفقة .. هى تعلم يقينا أنها لن تستطيع العيش بدونه .. لن يسد أحد مكانه .. لن تشعر بتلك المشاعر التى تنتابها بوجوده مع أحد غيره .. لم تتحمل تلك اﻷفكار التى تراودها و تركت ما كان بيدها و انهارت أرضا مستندة على فراشها .. لا تستطيع تمالك أنفاسها ودموعها لاتتوقف وكل ما يدور بعقلها أنها لن تستطيع .. لن تستطيع .. لن تستطيع .
– اتجه أصلان لغرفة أمه التى تسكنها قطته لا يرى شيئا أمامه من شدة غضبه .. يقسم أن يلقن قطته درسا قاسيا لن تنساه فى حياتها .. تلك الخائنة التى سلبت قلبه وعقله وملكت كيانه وتريد أن ترديه قتيلا وتغادر منزله .. قلبه ..فراشه ..لن يسمح لها ولو على جثته .. مابالها تلك الفتاة ترغب بالمغادرة فى حين لا يحق لها ذلك .. حتى لا يحق لها تلك القطة الغضب منه .. هو كل شئ لها هو من يقسو عليها وهو من يراضيها ما بال الكل يتدخلون بينهم حتى وإن قال إنه لا يرغبها لا يحق لهم حملها على تركه ثم يتعجبون حين يهدم عليهم المنزل .. بحق الله هى إمرأته ..حبيبته .. عشيقته
.. ابنته .. قطته .. زهرته .
– لم يجدها أصلان بغرفة والدته فذهب ليبحث عنها بجناحه.. فتح الباب بعنف فارتد على الحائط محدثا صوت عالى .. وجد حقيبة مفتوحة بها بعض اﻷغراض والبعض اﻵخر موجود أرضا وبعدها هى مكتومة على اﻷرض ومتكئة على الفراش غارقة بموجة بكاء شديدة جعلتها لم تلتفت حتى للباب هربا من يراها أحد بهذا الشكل الضعيف .. اعماه غضبه عن بكائها واتجه إليها مسرعا ينتشلها من اﻷرض رافعا لها و امسكها من عضديها يهزها صارخا :
مين اللى سمحلك تمشى هاه .. مين ؟
– لم تستطع إيقاف بكائها و الرد عليه .. وقد انتبه اﻵخر لشدة بكائها الذى استغربه فهى ترغب بتركه .. إلا أنه تأثر به و ألان قلبه فرق صوته دون إرادته :
طاب بتبكى ليه دلوقتى .. مش أنتى عايزة تمشى ؟
– رفعت إليه زرقاويها التى اشتد احمرارها ومازالت لا تستطيع التحدث بسبب بكائها فحركت رأسها للجانبين إشارة للرفض .. ثم أكدت بصوت متحشرج من البكاء رقيق :
ﻷ .. مش عايزة أمشى .
– أستعد أصلان عندما سألها عن رغبتها بالمغادرة بأنها ستوافق وقد حضر لها كلمات لاذعة لم يقل منها شئ بسبب ردها. الذى فاجأه .. ثم سألها بصوت رقيق لا يخرج إلا لها :
أمال لميتى شنطك ليه ؟
– فقالت له بصوت ضعيف حزين وزرقاوين باكيتين :
أنت اللى عاوزنى أمشى .
– صدم من ردها و ترك ذراعيها فهو لم يتوقع أن تأخذ بكلامه الذى كان غرضه إبعادها عنه فقط ولكن تبقى معه .. لم ينتبه أنه أطال الصمت إلا عندما أفاق على قولها متلعثمة خجلة من حبها البائس له وقد أخفضت عيناها منه :
أنا .. أنا .. أنا مش هضيقك .. أنا مش هأعد هنا .. أنا هأعد فى
اﻷوضة بتاعة ماما نعمة .. ثم صمتت قليلا ونظرت له برجاء رقيق
.. لو أعدت عندها و مخلتكش تشوفني هتضايق برده ؟؟
– لم يستطع قلبه أن يتحمل رجائها له بهذا الشكل و كأنه لا يرغبها .. لا يريدها .. لا يتلهف عليها وهى من تريده فقط ..فقال لها غاضبا متألما لا يريد أن يكشف سره :
مينفعش .. مينفعش .. افهمى .. المفروض تكونى مع حد غيرى .
مش أنا .
– نظرت له بعتاب حبيبين ومازالت الدموع تنهمر من عينيها و قالت له برقة :
مش بأيدي .. صدقنى ال .. ال .. محبتى ليك من عند ربنا حطها
فى قلبى .
ولم تكمل و كأنها توضح لها أنها قليلة الحيلة أمام قلبها .
– ابتعد عنها متألما وقد أدمعت عينا أصلان حسرة على حرمانه منها :
أنتى صغيرة أوى .. فلم ترد عليه .. فأكمل .. وجميلة أوى .. لم ترد
عليه أيضا وكأنها تؤكد له أن هذان اﻷمران ليسا بيدها أيضا ..ثم قال
وقد أدار ظهره لها : مش هتستحملى .. لم ترد هذه المرة أيضا لعجزها
عن فهمه .. أدار وجهه لها حينما طال صمتها راغبا أن تيأس منه ..
فشرع بنزع جلبابه ثم التيشرت الذى يليه لترى جزئه العلوى وواجها
بعينيه .. لم تتحدث .. لم تنظر حتى لآثار الحروق التى ألتهمت منتصف
جسده .. ولم تتغير نظراتها و كأنها تجيبه للمرة الثالثة أنها لا تهتم .
– ولكنها أصرت أن تجيبه بصوتها الرقيق ولم تفارق زرقاويها سوداويتيه :
أنا عارفة ..
فاجأئه كلمتها .. اقترب منها وقد استوحشت عيناه وأمسكها من ذراعيها ثانية
وقال لها : هغير عليكى .
فهزت رأسها له دلالة على الموافقة وقد منعتها دموعها من الحديث .
فقال : غيرتي وحشة .
هزت رأسها ثانية دلالة على موافقتها .
فقال وقد اشتدت يداه على ذراعيها : مش هخرجك من البيت .
هزت رأسها موافقة لثالث مرة .
فقال وقد لان صوته : مش هخليكى تشوفى أهلك .
هزت رأسها لرابع مرة موافقة …وقد فقدت صبرها من هذا الحبيب العنيد فأخذت تضربه بقبضة يديها على صدره بعد أن أفلتها وهى تنظر له من قهرها وكأنها تقول له .. ماذا تنتظر ..؟
لم يتأثر بقبضتها التى تضرب صدره وقد لانت عيناه التى لم تفارق خاصتها
ورفع يديه ببطء تحتوى قبضتيها بكل رقة قائلا :
رديلى روحى يا زهرة .
فسألته و قد تهدج صوتها : و روحى ؟؟
أرجائها برقة : هردهالك .
ولم يمهلها أكثر من ذلك و

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية زهرة الأصلان)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى