رواية حصونه المهلكه الفصل الثامن عشر 18 بقلم شيماء الجندي
رواية حصونه المهلكه البارت الثامن عشر
رواية حصونه المهلكه الجزء الثامن عشر
رواية حصونه المهلكه الحلقة الثامنة عشر
“خِطه!”
داخل تلك الغرفه الرياضيه المجهزة بأحدث الأجهزة و التقنيات الحديثة يجلس فوق الأرضيه و المياه تتقطر من جميع أنحاء جسده مياه عرقه و دموعه معااا ، ما هذا الشعور القاسى ؟!! منذ أن عرف من عمته بما تخفيه بقلبها و عقلها عن الجميع و هو بأسوأ حالاته على الإطلاق شعور الذنب و الندم قاتل يكاد يهلك بين رحاياهم فاقداً ما تبقي من أنفاس مقاومته أغمض عينيه و هو يستعيد هيئتها المتوسله له ، المستجديه رحمته حين كانت مُدرجه بدمائها الطاهره ، لقد دنسها ، قتل براءتها و الآن يبكى على ما اقترفته يداه …
مسح دموعه عن وجهه بعنف ثم رفع يديه يجمع خصلاته جاذباً إياها للخلف بقوه عله يصل إلى حل بتلك الكارثه ، لقد وافقت على ذاك اللعين ليكون زوجاً لها ؟!! لقد أبت أن تمنحه عفوها و غفرانها ، و سوف تبدأ بحياه جديده مع رجل آخر ؟!!! هل عليه أن يقف الآن مكتوف الأيدى مُختبئاً بتلك الغرفه ؟!!! هل يأخذ دور المشاهد الصامت ؟!! لقد رفضت جميع محاولات التفاوض معه عليها أن تسمعه فقط مره واحده لعلها تغفر !!!! لعلها ترحم عقله المرهق و قلبه الثائر الآن …..
وقف وهو يزفر أنفاسه بقوه ثم اتجه إلى كابينه الاستحمام يمنح جسده حمام دافئ قبل أن يبدأ بما يمهده الآن بعقله ، حسناً إن كانت لا تريد أن تسمعه لتري بأم عينيها ؟!!!!!
مر الوقت به و هو يُعد جيداً ليصل إلي غرضه قبل أن تبدأ حفله خطبتها لرجل آخر اليوم لن يحدث ذلك لن يرى ذاك اللعين جواراها ، خرج من غرفه المكتب يراقب حاله الهرج السائدة بحركه الخادمات حيث يحاولن إنجاز ما تكلفه بهن العمه التى وقفت بعيداً نسبيا تحدق به بنظرات حزينه و كأنها تعتذر له ! ابتسم بسخرية داخله و هو يتسأل من عليه الاعتذار ؟!! هز رأسه بارهاق و كاد أن يتجه إلى الأعلى لتبديل ملابسه لكنه اصطدم ب “نائل” الذى كان يهبط مسرعا و هو يتحدث بالهاتف و من كلماته من الواضح أنه يتفق علي إحدى التنظيمات ، جز علي أسنانه بقوه و أمسك ذراعه يوقفه و رماديتيه ترسل النظرات المشتعله له ليعقد الأخير حاجبيه و ينهى مكالمته مسرعاً و هو يتجه معه إلي جناحه مندهشاً مما يفعله ابن عمه ليقول فور أن أغلق الهاتف و بلحظتها أغلق “فهد” باب جناحه :
-ايه يااعم أنت بتعمل ايه أنا مش فاضى أسيف طالبه منى كذا حاجه ….
لكزه “فهد” بكتفه بقوه و هو يهتف بعنف :
– أنت معندكش دم يلااا ؟!!! أنت هتساعدها تتجوز الواد الملزق ده ؟؟!
ابتسم “نائل” ببرود و هو يدلك محل لكزته القويه التى جعلته يطلق تأوه خفيف و غمز بإحدى عينيه له يقول بتساؤل مزيف :
– و أنت مش عايزنى اساعدها ليه هاا ؟! هي بنت عمي و هو صاحبي و بصراحه لايقين اووي علي بعض …
اتسعت مُقلتيه حين تلقي لكمه قويه و دفعه عنيفه بمنتصف صدره أدت إلى ارتطام قوي لجسده بالحائط خلفه أطلق صيحه قويه حين انقض عليه “فهد” بشراسه صارخاً به بعنف :
– مين دول اللى لايقين علي بعض أنت بتستعبط و لا عااامل مش فاااهم ، أنت بتساعد صاحبك ضد ابن عمككككك ؟!!!
لكمه “نائل” فى عضلات باطنه بعنف و هو يحاول تخليص جسده منه صارخاً به بغضب :
– ايه يافهد الغباوه دى تصدق ليها حق ترفض تكلمك اناا راجل و مستحملتش .. و بعدين ايوه أساعد صاحبي طالما يستحقها لو اتحطيت أنت و هو فى الكفتين طبيعي هو يكسبك كفايه إنه مش غبي كده …
لا يعلم ماهية ذاك الشعور حين حدثه عن استغلال قوته الجسمانية معها ،،، ومعه الآن …
عاد بجسده إلى الخلف و هو يفك اسره مُبللاً شفتيه و قد زاغت عينيه بعده اتجاهات يحاول صرف هيئتها عن عقله حتى يتثني له استجماع شتات عقله و قلبه الذى ينبض بين ثنايا صدره بقوه شديدة منذ علم بأمرها هى والطبيب و كأنه مقبلاً علي حرب .. هى بالفعل حرب ؛ حرب خاضتها بمفردها نحوه تعثرت أمامه عده مرات ليبتسم ظناً منه أن تلك هى لحظه انتصاره لكنها كانت تخذله حين تقف بمواجهته مره أخرى مُلطخه بدماء انتصارها هى عليه تلوح له بابتسامه صافيه عله يرفع رايته أمام براءتها لكنه أبي و اسكتبر ، ليكون مصيره جاثياً على ركبتيه أمام عرشها ينتظر أمرها بفك أغلال أسرِها له ….
وقف “نائل” يحدق به ببعض الندم حين رأى ذاك الحزن الطاغى على ملامحه الرجوليه ليتقدم منه رابتاً على كتفه بحزم يقول بهدوء :
-سيبها فى حالها يافهد أنا نفسى خوفت منك دلوقت اللى بتعمله ده مش ممكن يخليها تفكر فيك لحظه واحده أو أنها تسامحك حتي ..
حدق به بأعين دامعه مُنهكه من فرط الوجع الذي قاساه و لازال يقاسيه بمفرده ثم همس بصوت متحشرج أجش :
– مش قادر اسيبها يانائل ، حاولت و معرفتش نظراتها ليا مجرد ما بتشوفنى صدفه بس بتفضل في عقلى طول يومى خنجر داخل طالع في قلبي كل مافتكر اللي عملته أنا عارف إنها جريمه و عارف إنى دمرت أى أمل بينا بأيديا و عارف إنى أناني في طلبي أنها تسامحني بس أنا مش قادر .. حط نفسك مكانى ، لو حبيت واحده هتقدر تشوفها مع حد غيرك ؟!!!
اتسعت أعين “نائل” بمفاجأة لم يكن ينتظر اعتراف ابن العم ابداااا بتلك اللحظه ليهمس بذهول مستنكر :
– حبيتها ؟!!
و كأنه كان ينتظر كلمه ابن عمه ليصرخ بغضب و هو يصول و يجول حول نفسه يجذب خصلاته بعنف و يلوح بيديه :
– ايوه حبيتهااااا ، مين يقدر يشوف أسيف ومايحبهااااش انا حبيت أسيف و براءتها حبيت أصغر تفصيله فيهاا بقيت تجذبني ليها غصب عني و بقيت بحارب نفسي عشان ماخونش عهدى لواحد اكتشفت انه اصلاااا كان مريض عيشني في وهم انتقااام مش موجود ، عارف أنا رجعت بيها هنا ليه ؟!! عشان ماقدرش اجى جنبها عشان أخاف منكم لو عرفتوا باللي بعمله و مقربتش منها من ساعتها كوابيسى مكنتش بترحمني اصلاااا لحد ماجت الليله اللي حاولت أقرب منها بجد و رفضتني ، مشوفتش غير نظرات أمى و كلام ابويا بقي في وداني هاتلي راجل واحد يقبل إن مراته ترفضه مشوفتش قصادي و بعترف إنه أكبر ذنب عملته في حيااتي كانت هى ، أنا بتمني إنى أموت عشان أنسى اللى عملته فيهاااا ، بتمني أني أموت كل لحظه بشوف بنظراتها لياااااا ، بتمني الموت و لا إن راجل تاااني يقرب من أسيف و أنا عااايش ، أنا ندمت إنى طلقتها كان لااازم اخليها علي ذمتي غصب عنها و عنى ، بس قولت كفايه غصب عليها لما تهدي هحاول معاها مره و اتنين و تلااته لحد ماتسامحنى ، أيوه انا طمعت في رحمتها ، و لسه طمعان يا نائل ، قولي اعمل ايه غير أني اسيبها لراجل غيري أنا مش ملاك عشان اعمل كده …
سلط أنظاره أخيراً عليه و هو يلتقط أنفاسه اللاهثه اثر صراخه الغاضب العنيف حيث صدره يعلو و يهبط بعنف ، نبضات قلبه يسمعها الآن ابن عمه المذهول مما يسمعه هل ذلك فهد ابن عمه الصامت الصارم ؟!! هل يحب “أسيف” بالفعل ؟!! لقد ظن أنه غار من علاقتها بيزيد فقط ، لكن مشاعر ابن العم حقا تحركت نحو المستحيل بذاته ، راقب “نائل” تلك الدموع التي تلمع علي لحيه ابن عمه و يراها لأول مره بذهول حقيقي نظرات الانكسار التى تصرخ بها مقلتيه حقا اوجعته ليزفر بارهاق و هو يهز رأسه بعدم تصديق لما تؤول إليه أمورهم لقد أصبحت الأمور أكثر تعقيداً الآن ليهمس بصوت واضح و بدا انه يتحاشى النظر إلي ذاك الفهد :
– مستحيل أنت بتحاول في حاجه مستحيله يافهد ، أنت متعرفش مشاعر أسيف ناحيتك شكلها إيه دي مش مستحمله تشوفك حتي ، أنا نفسي خوفت منك دلوقت تخيل بقي واحده زى أسيف عاشت معاك أيام و ليالي بالرعب ده مش بس لحظاات زيي ..
اتجه إليه “فهد” يضغط على كتفيه بقوه و هو يهدر بصوت متحشرج :
– نائل مفيش غيرك يساعدني حتي عمتك من ساعه كلامها مع أسيف قالتلي انسي بس أنا فعلا مش قادر ، أنا مش طالب غير إن يبقي ليا حاجه فى كفتي عندها و ده مش ممكن يحصل لو يزيد ارتبط بيها هو فاهم مشاعرى ناحيتها عشان كده بيسرع من ارتباطه …
عقد “نائل” حاجبيه بتوهان و أردف باندهاش :
– مش فاهم يعني ايه كفتك تتساوى أنت هتعمل ايه ؟!! و أنا اساعدك ازاي بقولك مش طايقه تسمع اسمك ..
عقد “فهد” حاجبيه و هو يردف بغضب :
– ماخلاص يابني آدم عرفت إنها مش طايقه تسمع زفتي ، الكفه تتساوي يعني أنا دلوقت الشيطان فى نظرها و يزيد باشا طبعا الملاك الحارس و أنا مش عايز غير فرصه اقدر أوضح فيها إني اتغيرت و اخليها تسامحني ..
نطق كلماته الأخيرة بهزل و ضعف شديدين وبدأت الدموع تلتمع بعينيه بنظره يائسه للغايه حركت غضب ابن عمه من ذاك الضعف الذي بدا عليه لأجل فرصه واحده ؟!! زفر “نائل” بارهاق و قال بهدوء نسبي :
– طيب و أنا اقدر اساعدك ازاي ؟!!! و غير كده خليك فاكر تيم هاا لو أسيف قبلت تسامحك مش تحبك واخد بالك أنت … تيم ممكن يقتلك و يقتلها و يقتلني علي مساعدتي دي أنا عارف ان آخرتي على ايد حد منكم و بما إنك بقيت كيوت كده عشان خاطر سوفي يبقي أكيد تيم هو اللى هيقتلني …
كشر “فهد” عن أنيابه بغضب و أمسك تلابيبه يجذبه إليه و هو يردف بغضب ينافي حالته منذ قليل تماماً :
– مين ده ياض اللى بقاا كيوت و عشان ايه ؟!! اسمها ايه سمعني تااني ؟!!!
ضيق عينيه و قد لوحت أمارات عنفه و غضبه بالاجواء ليبتسم “نائل” و يردف ببرود و هو يربت على ظهر يدي “فهد” المتشبثه بتلابيب قميصه بعنف :
-لاااا بقولك إيه أنت حالياً محتاج مسااعده هااا ، جو الغطرسه و قله الأدب دي هتطفش البت أكتر ما هى طفشااانه لم نفسك كده و افتكر أسيف بتكره العنفففف !!!
أغمض “فهد” عينيه يحاول استجماع هدوءه ثم انزل يديه عن قميص ابن عمه المستغل و ابتسم ببرود مماثل يقول بمكر :
-حلو يعني قبلت تساعدني …
نظر له “نائل” بطرف عينيه بقلق ثم اردف :
– ايه ده أنت مبتسم كده ليه احنا هنقتل يزيد و لا ايه ؟!! بقولك إيه أنا من الاول قلقان منك و ..
لكزه “فهد” بغضب و هو يقطع سيل كلماته و أفكاره قائلاً بغضب :
– بقولك ايه يازفت أنت متعصبنيش أنت شايفني قتال قتله قصادك ، خلاااص بطلت زفت عنف اومال أنا اتعالجت من ايه ، أنا هستخدم دماغى بسسس زي ما هو بيعمل ..
تنهد “نائل” و قال بعقلانيه :
-تمام هساعدك بس أول مااحس بضرر ناحيه أسيف أنا هوقف على طول أنا معنديش استعداد اخسرها ده أنا لو ليا أخت مكنتش هتعمل معايا اللى هى بتعمله ، ده غير إن يزيد صاحبي و مش هضره برضه اعملك اي حاجه بعيد عنهم ..
زفر “فهد” و هو يهز رأسه الإيجاب رابتاً على كتفيه بقوه :
– أولاً أنا مش ممكن أأذيها يااغبي و أنا بعمل كل ده عشان تكلمني ، ثانياً قولتلك إني مش قتال قتله مليش أي علاقه بيه كل محاولاتي هتبقي معاها ..
اتسعت عيني “نائل” يهتف مسرعاً :
-لحظه لحظه هما محاولات مش محاوله ؟!! أنت مطول و لا ايييه لا ده أنت شكلك ناوي تشتري ليهم تذاكر شهر العسل ..
رفع يديه بحمايه أمام وجهه حين أغضب ابن عمه و كاد يلكمه بعنف علي كلماته الغير منتقاه بالمره ليسرع قائلاً :
– قولي عاوز تبدأ بايه يا كبير و أنا تحت أمرك …
تنهد زافراً أنفاسه و هو يحدق به لحظات قبل أن يبدأ بقص عليه ما يريد فعله بالتحديد ليقلب تلك الليله …
*
جلست “ندي” شارده فوق ذاك المقعد فى الحديقه تحاول صرف تفكيرها عن ذاك الطبيب الذى استطاع كشف مكنون صدرها و لعبتها الحمقاء لقد تمكن من إشغال عقلها كما أراد و تحميلها ذنوب ما اقترفته أيديها مؤكداً عليها أنها المتسببه بما آلت إليه حالتها و أن الله قد اختار الأفضل لها حين فقدت جنينها حيث قال إنها فرصه عظيمه عليها اغتنامها و الإعتراف بمرضها لأجل التداوى منه ، زفرت بارهاق و قررت العوده إلى غرفتها مره أخرى علها تنعم ببعض ساعات النوم التى حُرمت منها طوال ليلتها الثقيله ، اتسعت عينيها حين وقعت انظارها على تلك الحقيبه المخصصه للهدايا اتجهت إليها تقف عاقده حاجبيها و بدأت أناملها تعبث بمحتوياتها لتجدها عباره عن علبه كبيره مغلفه و محكمه الإغلاق جيداً ، ابتسمت تلقائياً و هى تقرأ سطور الورقه المطويه بجانب العلبه ثم أعادت قرأتها بصوت واضح و كأنها تحاول تصديق ما تراه الآن :
-افتحي هديتك و حاولى تستغليها أنا مشغول النهارده و مش هقدر اقابلك لكن ميعادنا بكره عاوز اجى ألاقيكِ منفذه ده ..
ابتسمت و بدأت أناملها بفك الشريط الحريري و هي لأول مره منذ وقت طويل تُبدي حماستها ناحيه شيئ ماا …..
*
وقفت “أسيف” تعقد ذراعيها أسفل صدرها بغضب و هي تحدق بذاك الفستان النبيذي الذي أرسله اليها “يزيد” مع بطاقه صغيره تحوى رساله مقتضبه أمسكت هاتفها و هى تطرق عليه بغضب مسرعه تتصل به منتظره لحظات قبل أن ترفعه إلى أذنها قائله بغضب :
– ايه ده يايزيد ، مين قالك إنى هلبس اللون ده اصلااا ، أنت عارف إنى بكره اللون داااا
صمتت لحظات تستمع إلي حديث قبل أن تقول بغضب و هى تحاول التقاط أنفاسها و عمتها تحدق بها باندهاش :
-ردماادي ايه لا ده مش رمادي و الورقه قصادي مكتوبه بخط ايديك أنا عارفااه …
لحظات مرت عليها و هى مره أخرى تحدق بالورقه ثم زفرت بغضب و قالت باعتذار :
-انا هختار فستاني بنفسى أسفه ليك مش هقدر ألبس ده ..
بللت شفتيها ثم بدأت ثورتها بالخمود تدريجياً و هي تقول متنهده :
– خلاص ماشي .. مش زعلانه لا … سلام ….
اختفت ابتسامه ذاك المراقب للوضع من خلف الجدار و ابن عمه يلكزه بجانبه هامساً له :
– أنت مقولتليش ليه علي موضوع الفستان ده احنا مش اتفقنا مش هتتدخل بينهم ..
غرس “فهد” أصابعه بعنف فى ذراع ابن عمه و هو يسحبه بعيداً حتي لا يتصاعد صوتهم لها .. ثم هدر معنفاً إياه بغضب :
– ايه يابني ادم أنت و أنا عملت إيه ليهم كل الحكايه بحب اللون ده و كان نفسي تلبسه بس للأسف أسيف اتغيرت ١٨٠ درجه بس بدايه حلوه برضه …
حدق به “نائل” باندهاش ثم قال و هو يضيق عينيه بسخرية :
-بتحب اللون عليها ! فهد ياحبيبي فوووق أسيف بتتخطب لواحد تاني يعني هتلبس ليه هو مش ليك أنت صدقت ن..
قطع حديثه و هو يكمم فمه و يده الأخري خلف رأسه يهزه بعنف و غضب متشدقاً و هو يزيح جسده للحائط ليرتطم به :
-لو حاولت تستفزني تااني و تجمعهم في جمله أنا هقتلك أنت و أروح السجن و ارتاح بقااا …
اتسعت عيني “نائل” و هز رأسه بالإيجاب علي الفور ثم ازاح يد ابن عمه و هو يهمس له بلوم :
– هو ده اللى مش هتستخدم العنف تااني ؟!! اعمل حسابك أسيف كل كلامها هيبقى على إنجازات يزيد معاها ده لو قبلت تكلمك انجز و قولي هعمل ايييه أسيف هتاكلنى لو عرفت أني معملتش اللي قالته …..
أخرج “فهد” فلاشه صغيره من جيبه ثم وضعها بيد ابن عمه يردف بنبره تحذيريه حازمه :
-اظن فاكر هتعمل ايه .. متنساااش أنت مشوفتش اللى سابهاا الأمن هو اللى سلمها ليك ساامع …
هز رأسه بقلق و هو يأخذها منه بتردد قائلاً بتأكيد :
– فهد أنا وثقت فيك اوعي تكون الفلاشه دى فيها حاجه عن اللي حصل بينكم …
اندهش “فهد” من تفكير ابن عمه و أردف بغضب :
– أنت اتجننت يا نائل أنا لو أطول امسح الفتره دي من حياتنا هعمل ده الفلاشه فيها حاجه تانى خالص !! ، اتمني أسيف تكون لسه محتفظه بجزء من براءتها ناحيتي و تسمعها المهم إنك تخرج عمتك من الاوضه مش عاوز حد معاها ساامع ….
*
-غريبه أوى لو حد يعرفنى ليه الامن مدخلوش ؟!!
قالتها “أسيف” و هى تقلب تلك العلبه الصغيره الملفوفه بين يديها حيث وضع “نائل” الفلاشه داخلها كما أتفق مع ابن العم ، ليردف باندهاش مُجيبا إياها :
– ايه ياأسيف اللى غريب بس ، ممكن واحده صاحبتك و حابه تفاجئك شوفيها و أنا هروح أشوف الاوردر بتاع الفستان وصل و لا ايه …
ثم تركها و ولى خارجاً مصطحبا عمته و هو يحادثها معه ..
فتحت العلبه بقلق ثم قلبت محواها بين أصابعها لحظات قبل أن تنصرف إلي جهازها تبدأ بتشغيلها بأيدي مرتجفه متوتره للغايه ، و لا تدري ما تلك القبضه التى تشتد علي صدرها الآن من فرط قلقها الغير مبرر أخيراً أدركت سبب ذاك الرعب حين ظهر وجهه الماكر أمامها يبتسم بهدوء و هو يردف من خلف تلك الشاشه الصغيره و كأنه علي علم بتصرفاتها الآن :
– هااى يابيبي ، اوعي تقفلي ارجوكِ و أنا عمري مااترجيت حد ياأسيف مش هتخسرى حاجه لو سمعتيني و أنا مش قصادك ، أنا عملت الفيديو ده عشان بقيت متأكد إنك كارهه أى مكان يجمعنا سوا ، لو تيم غالي عندك كملي الفيديو للآخر مش عايز أكتر من كده …
اطلق تنهيده بارهاق واضح ثم دس يده بخصلاته بحركه تعرفها جيداً عنه يفعلها حين يفقد أعصابه ، بدأت الدموع تتجمع بمقلتيها و هى تحدق به بصمت و أصابعها تتراجع عن زر الإغلاق رويداً رويداً لتسمتع إليه يقول و هو يجلي حنجرته بصوت رخيم متعقل :
– أنا عارف شعورك ناحيتي شكله إيه كارهاني و مش مستحمله تشوفيني ، و لو تقدري تقتليني هتعمليها من غير ما تترددي لحظه واحده و أنا مش همعنك ساعتها ياأسيف و ربي ماهمنعك هستقبل الموت منك و أنا مرتاح ومبسوط كمان ، أنتِ مكنتيش تستاهلي اللي حصل و أنا كنت مُغيب في عالم تاني .. و ده مش مبرر ابدااا و لا عمري هيبقي ليا حق فى اللي عملته ، أنا هحكيلك حكايه صغيره و سايبلك فيديو تشوفيه بعد ده و مش عايز منك غير إنك تسمعيني و تعرفي إن طلبي الوحيد تسامحيني أتمنى ما شوفش نظرات خوف فى عينك بعدها لأني معنديش جراءه اتعرضلك تانى ياأسيف ..
تنهد و هو يفرك ذقنه يحرك رأسه للجانبين و هى تتابعه بقلب وجل يرتجف و قد بدأ سيل الدموع يزحف لعينيها و شفتيها ترتجف من وقع كلماته و لأول مره تستشعر الصدق برماديتيه الماكره لا هى ليست ماكره تلك المره هى دامعه نادمه .. مرهقه للغايه … استمعت إلى صوته الأجش يقول بنبره متألمه واضحه :
– الحكايه دي لطفل صغير عمرى ماحكيتها لحد هتقولى بحاول اكسب عطفك أيوه انا محتاج عطفك ياأسيف و لأول مره بحتاجه من حد بعد .. أمي ..
زحفت الدموع إلي عينيه هو تلك المرة و بدأ يسعل محاولاً الحفاظ على نبرته لتكون واضحه لها مُكملاً :
-الطفل ده كان عنده بالظبط ٦ سنين صحي في يوم على أصوات تكسير و تخبيط جامده جدا .. طبعا اترعب و خاف يطلع من اوضته و عيط بس لما لقى الوقت عدي و الأصوات سكتت فضوله غلبه و عياطه وقف و حب يشوف إيه اللى حصل و ياريته ما خرج من اوضته .. عارفه شاف ايه …
اغمض عينيه و كأنه يستحضر مشهد ما و أكمل بصوت غالبه الدموع .. :
– شاف أمه غرقانه في دمها لدرجه معرفش ملامحها في الأول ، الدم مغطي وشها كله و هدومها شبه مش موجوده بتحاول تفتح عيونها و تبص عليه و هو في زاويه صغيره بيعيط من رعبه و المنظر حواليها ، خايف يقرب منها و خايف يسيبها و يمشي ، فضل واقف مكانه بيتنفض لحد ما شاف أبوه رايح عليها رفعت ايديها كأنها بتمنعه يقرب لكن هو كمل و نزل قعد جنبها يعيط ، و يترجاها بكلام مش مفهوم .. الموقف ده بقي يتكرر يوم و اتنين و تلاته و الطفل ده بيكبر و بيخاف يقرب منهم فى الوقت اللي يحصل فيه كده لحد الأم في يوم جت و اتفقت معاه اتفاق ، إنه أول ما يسمع الأصوات دي هيقعد في اوضته و هيقرأ القرآن اللى حفظوه سوا بصوت عالي و الصوت هيسكت .. بس طلعت بتخدعه بقا يعمل كده فعلا و صوته يعلي و يعلي و أصوات الضرب و الصريخ بتعلي معاه ، بدأ يفهم أن أمه بتتعذب من أبوه لما دخل المدرسه و بدأ يفهم طرق المعامله بين الأهل شكلها الطبيعى إيه مع الوقت بقى يكره وجود ابوه و مجرد ما يختفي يجري علي أمه يساعدها و هو بينفذ كلامها اللي بيخرج بصوت واطي عشان تقوم و تقف تاني ، و في يوم وصل فيه ١٠ سنين و أخته كانت لسه طفله رضيعه وقف يشوفها و هى بتصرخ بكل قوتها كأنها اول مره يحصل معاها كده و راح عليها عشان يساعدها زي كل مره بس معرفش عارفه ليه ؟!!
تساقطت دموعه كالسيل و بدأ صوته يختل و يضعف و شهقات خفيفه تشق حديثه و هو يهمس مُغمضا عينيه :
– لقاها يتتنفض و الدم خارج من كل حته في جسمها سخنه زي النار و دموعها بس هي اللي موضحه إنها حاسه بيه ، أبوه ضربها بالشكل ده و هى محمومه من الأساس بدل ما يعالجها قتلها … حاولت … هاا حاولت اساعدها زى كل مره بس مقدرتششش ، أنفاسها الأخيرة خرجت و هى بين ايديا عاجز إني اساعدها و مفهمتش ليه سكتت فجأه دموعها و جسمها بقي ساكن زيها .. غير لما أبويا قالى إنها ماتت يعني مش هنشوفها تاني و السبب أبوكِ …..
تنفس بارهاق من فمه و هو يحاول مسح دموعه بعنف قائلاً بصوت متحشرج من سيل الذكريات الذى قبض علي أنفاسه بشكل واضح أمامها .. :
– و فضل سنين كل يوم يسمع حكايه عن عمه اللى كان عاوز أمه ليه و كان بيحاول معاها ، مع الوقت اقتنعت بأفكاره و وعدته إنى هرجع حقه … أنا اعتقد إنك عارفه الباقي أتمنى قبل ما تحكمي عليا بكذبي او صدقي تشوفي الفيديو التاني ، الفيديو متصور بالكاميرات بتاعه الشقه اللى كنتِ فيها ….
ثم اختفي …. اختفي بعد أن تسبب ببكائها نتيجه تلك القصه القاسيه التى قصها عليها بدموع عينيه حيث تراها لثاني مره بحياتها هى علي يقين بمدي صدق أحاديثه و لم تتخيل ابداا أن تصل بشاعه عمها لذلك الحد لكن زحفت أناملها المرتعشة و هى تكتم شهقاتها لرؤيته الفيديو المزعوم و ياليتها لم تفعل !!!!!!
لقد كان اشبه بإحدي الأفلام المرعبه حيث الصرخات المروعه الصادرة عن تلك السيده التى تضم جسدها فوق الارضيه البارده تتلقي صفعات بالحزام الجلدي و ركلات قاسيه .. ربااااه لقد شعرت بكل ذلك … لقد عادت إليها تلك اللحظات القاسيه و انطلقت الدموع من عينيها و هى تغطى فاهها بيديها الاثنتين تكتم شقهاتها المتتالية من هول ما ترى لقد كان أبوه متجبرا أكثر منه بمراحل لقد عانت تلك السيده الويلات لتكون حياتها ثمنااا لمريض نفسى لم يعالج …..
الحياه ليست عادله قد تندلع القسوه لتُغرق لحظات حياتنا و نشعر بأنها النهايه .. نهايه عالمنا الوردي .. نهايه بهجتنا .. نهايه تلك الابتسامه أعلى شفاهنا … لكنها تكون بداية .. بداية جديدة للحظات مختلفه و شعور مختلف قد يقودنا لعالمنا الأفضل ظنناه يوماً النهايه …..
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية حصونه المهلكه)