روايات

رواية عشرون رساله قبل الوقوع في الخطيئه الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم نعمة حسن

موقع كتابك في سطور

رواية عشرون رساله قبل الوقوع في الخطيئه الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم نعمة حسن

رواية عشرون رساله قبل الوقوع في الخطيئه الجزء الثاني والعشرون

رواية عشرون رساله قبل الوقوع في الخطيئه البارت الثاني والعشرون

عشرون رساله قبل الوقوع في الخطينه
عشرون رساله قبل الوقوع في الخطيئه

رواية عشرون رساله قبل الوقوع في الخطينه الحلقة الثانية والعشرون

_إنت ميــن؟!
تسائل مهدي بتحفز وإستعداد وتعجب إزداد عندما قال رياض: أنا رياض يا أسـ…
هدر بهِ مهدي بعصبيه بالغه وقال..
=رياض!! وبتعمل إيه هنا السااعه دي!!! ومين اللي سمحلك تدخل البيت في غيابــي!!
أجابهُ رياض بتفهم وقال: حضرتك أنا كنت…
وقبل أن يستطرد حديثه أنار المكان من حولهما بغتةً حيث عاد التيار الكهربائي و ما إن وقعت عينا مهدي علي ذلك المسچي أرضًا فتراجع للخلف بصدمه وتمتم: بسم الله الحفيظ!
نطق متولي مذعورًا مرتابًا: قتيــل!!!
تنهد رياض قبل أن يجيبهم وبدأ بسرد ما حدث وقال: لا مش قتيل..
و ضربهُ بقدمهِ بمقدمة حذائه بخفه وأردف: لسه فيه الروح!
ثم عاد ينظر إليهما وقال: الكـ.ـلب ده دخل الشقه والنور مقطوع، الله أعلم كان جاي يسرق ولا جاي ليه.. ولما آصال تليفونها رن عرف إنها موجوده في البيت وخاف تتعرض له أو تشهد عليه لأنه عرف إنها هتتعرف عليه أكيد من صوته أو من شكله لأنه كان معاه كشاف وأكيد جزء من ملامحه كان ظاهر.. عشان كده أول ما شافها ضربها..
ونظر إليها وتنهد بخوف: ومش عارف لو لا قدر الله مكنتش لحقتها كان عمل فيها إيه!
نظر مهدي إلي إبنته التي إحتقنت عيناها وصار لونها ككئوس الدم وأسرع يحتضنها بخوف وحيره وهو يقول: يا حبيبتي يا بنتي!
إرتمت آصال بين ذراعيه وأجهشت بالبكاء وقالت بصوتٍ متقطع: أنا كنت مرعوبه يا بابا.. كان زماني ميته دلوقتي!!
مسح علي رأسها بحنان وقال: بعد الشر عليكي يا حبيبتي، أنا اللي غلطان، المفروض مكنتش أسيبك لوحدك متأخر كده!
قالت بلومٍ طفيف من بين بكاؤها: إتصلت بيك كتييير أوي تليفونك كان مقفول، إتصلت علي عمو متولي كمان تليفونه كان مقفول..
ولم تستطرد فأدرك والدها ما حدث ونظر إلي رياض بإمتنان وقال: أنا مش عارف أشكرك إزاي يبني!! للمره التانيه انت اللي بتنقذ حياة بنتي.. وأنا، أبوها، مبقدرش أكون جمبها قي أشد اللحظات اللي بتحتاجني فيها .
_متقولش كده يا أستاذ مهدي،أنا معملتش أي حاجه تستدعي الشكر، ده واجبي.. و حق آصال عليا!
إسترعت كلماتهُ الأخيره إنتباه الجميع ولكن أحدً لم يًعقب..
برز صوت متولي متسائلاً: وهنسيبه مرمي كده!
تحدث رياض مجيبًا إياه: أنا طلبت البوليس وخلاص علي وصول..
قال مهدي وهو لا يزال محتضنًا إبنته: أنا متشكر لك جداا يبني.. جِميلك ده في رقبتي ليوم الدين!
دوّي صوت سيارة الشرطة معلنًا عن وصولهم لينسحب رياض و نزل إلي الأسفل ليستقبل الضابط ” فريـد” والذي صافحهُ بحراره قائلًا: رياض بيه، إزي حضرتك؟
أجابهُ رياض بثبات: الحمد لله يا فريد باشا، إتفضل حضرتك المتهم فوق مغمي عليه..
تسائل الضابط فريد قائلًا: إوعي تكون ضربته يا رياض باشا، إنت فاهم القانون كويس وعارف إنه ممنوع!
أصابهُ الضيق وبرزت عروقه بغضب وقال: طبعا ضربته، أومال كنت أسيبه يموتها!!
تنهد فريد قائلًا: علي العموم لازم حضرتك هتتفضل معانا عشان ناخد أقوالك بعد ما ناخد أقوال المتهم..
بتر كلاهما حديثهُ حينما نزل أفراد الشرطة وبحوزتهما المتهم محكمي الوثاق حوله ومن ثم أودعوه سيارة الشرطة ليشير الضابط فريد إلي رياض ليتقدم معهم فقال رياض بصوتهِ الرخيم قولًا لا يقبل المفاوضه: إتفضل حضرتك وأنا هاجي وراك.
أومأ الضابط موافقًا وإستقل السياره بينما إنتظر رياض حتي نزلت آصال برفقة والدها ومتولي وإستقلوا السيارة جميعًا حيث صعدت آصال إلي المقعد الخلفي وإلي جوارها والدها الذي لم يبتعد عنها وظل ممسكًا بيداها، بينما صعد متولي إلي المقعد المجاور لرياض وإنطلق بهم تجاه مخفـر الشرطه.
…..
بعد أن قدموا بلاغًا وأدلي كلً بأقواله أمر الضابط فريد بأن يوُدَع المتهم الحجز لحين عرضه على النيابه..
غادر كلًا منهم المخفر وقام رياض بإصطحابهم إلي منزلهم بسيارته..
ترجلوا جميعًا من السياره وآخرهم رياض، إستدار مهدي إلي حيث يقف وصافحه بحراره بالغه وقال: أنا متشكر يبني، لولاك مكنتش عارف كان ممكن يجرا لبنتي إيه..
إبتسم رياض بتعب وقال: قولتلك يا عمي متشكرنيش، ده واجب عليا والحمد لله إني قدرت ألحقها..
أومأ مهدي مؤكدًا وقال: وآسف يعني لو كلمتك بطريقه مش اللي هي..
_لا لا مفيش أي حاجه،حضرتك في مقام والدي حتي لو كنت قُلت أكتر من كده.
ربت مهدي علي كتفهِ بتقدير وقال: كلك ذوق يا بشمهندس.
_طيب أستأذن أنا بقا.. حمدالله على السلامه..
ونظر إلي آصال شاخصًا ببصره وقال: حمدالله على سلامتك يا آصال.
أومأت هي بوهنٍ وخجل من نظرات والدها ورفيقه وقالت بإقتضاب: الله يسلم حضرتك.
صعد إلى سيارته وإنطلق بها عائدًا إلي بيته..
إرتفع رنين هاتفه ليرمقه بلمحةٍ خاطفه ومن ثم أجاب: أيوة يا معتز؟
أتاهُ صوت معتز الصاخب يقول: إيه ياعم فينــك!! إتفلقت رن عليك علي تليفونك وتليفون البيت.. إقبال قالتلي إنك نزلت فجأه بهدوم البيت وقلقت عليك!
تنهد رياض بتعب وقال: إنت في البيت؟
_لأ أنا في الكافيه بتاع زاد.. هتيجي؟!
فرك عيناه بإبهامه وسبابته وقال: أيوه جايلك.
_تمام مستنيك.
أنهي الإتصال وإتجه بسيارته نحو الكافيه حيث ينتظره معتز،صف سيارته وترجل للخارج ثم دلف إلي الكافيه في المكان الذي يعتاد معتز الجلوس به.
دنا رياض منهُ ليقول متفحصًا به: إيه ده مالك،إنت طنت بتطفي في حريقه ولا إيه!
رمقهُ رياض بطرف عينيه وأشار إلي النادل الذي ما إن رآه حتي أحضر له الأرجيله الخاصه به.. والذي لا يدخنها سوي في ذلك المكان!
بدأ في تدخين الأرجيله بصمتٍ تام تحت نظرات معتز الذي كان يرمقه بحنق وقال: إنت هتفضل تاكل في الشيشه وسايبني آكل في نفسي!! ما تنطق يبني كنت فين؟!
_كنت في القسم!
أجابهُ رياض وهو مغمضًا عيناه بتعب ليقول معتز: قِسم!! ليه هببت إيه؟؟
أجابهُ رياض بإستنكار: هكون هببت إيه يعني؟! أنا كنت رايح شاهد مش أكتر!
صاح به معتز بنفاذ صبر وقال: ما تنطق ياعم وتقول إيه اللي حصل بالتفصيل، هو أنا هفضل أخد الكلام منك بالقطاره كده!!
_ بالتفصيل يسيدي إن آصال كانت قاعده لوحدها في البيت وحرامي دخل البيت يسرق ولما شافها إتهجم عليها بالضرب! وأنا وصلت في اللحظه اللي كان بيضربها فيها وضربته وطلبت له البوليس.. بس ده كل اللي حصل!
كان معتز يستمع إليه بعينين جاحظتين و فاه منفرج إلي آخره وقال: معقول! طب وحصلها حاجه؟
أومأ رياض بنفي وقال: لا الحمد لله، كدمات بسيطه بس، ناهيك طبعاا عن الرعب والخوف والحاله النفسيه اللي كانت فيها.
زم الآخر شفتيه بأسف وقال: لا حول ولا قوه الا بالله، هو مبقاش في أمان للدرجه دي!!
ونظر إليه مجددًا وتسائل: بس إنت عرفت إزاي؟
_ماهو أكيد مش هشم علي ضهر إيدي يعني يا معتز، أنا كنت بكلمها فعليا في الوقت ده!
=طيب ياعم متبقاش حمقي كده، مالك متعصب كده الحمدلله إنها عدت علي خير.
أغمض رياض عينيه بضيق وقال متذكرًا: إزاي بس يا معتز مش عايزني أتعصب! أنا مش قادر أتلم علي أعصابي أصلا من وقت اللي حصل، كل ما أتخيل إني مكنتش بكلمها وقتها أو حاولت تستنجد بيا مثلا وأنا مهتميتش، أو لو مكنتش لحقتها والحيـ.ـوان ده عمل فيها حاجه ببقا هتجن!.. مجرد إني أتخيل أصلا ده لوحده إحساس بشع.
كان معتز يستمع إليه بإنصات وتركيز، يحلل كل كلمه يتفوه بها وكل حرف يلفظه، يفسر تعابير وجهه التي تنقبض تاره وتنبسط تارةً أخري..
بينما أسهب رياض وأطال دون وعيٍ منه أو إدراك لما يتفوه به..
_صوتها لوحده كان فيه كمية خوف أنا عمري ما حسيت بيها، فكرة إنك تكون سامع صوت حد بيستنجد بيك وإنت بعيد عنه ومش عارف إذا كنت هتقدر تلحقه ولا لأ ده منتهي العجز.. لقيتني بسوق علي أقصي سرعه وأنا تفكيري حرفيا واقف وحاسس إني متكتف ومش عارف أعمل إيه! أول ما وصلت وسمعت صرختها قلبي إتقبض وحسيت قلبي هيقف من الخوف، طلعت السلم في ثواني معدوده.. ومش عايز أقوللك إن في الثواني المعدودة دي إتخيلت مليون سيناريو كلهم أسوأ من بعض، لحد ما وصلت قدام اوضتها ولقيته بيضربها، ضـ.ـربته بخزنة المسدس من غير تفكير، مكنش هاممني في اللحظه دي يمـ.ـوت ولا يغور في داهيـ.ـه.. كل اللي كان هاممني هي!
وتابع بإنهزام: أنا بحبها أوي يا معتــز!
نظر إليه معتز طويلًا دون إبداء أية تعبيرات ثم إبتسم ؤقال: من إمتا؟
_مش عارف! جايز من أول ما شوفتها! وجايز بعدها.. ويمكن حبيتها النهارده.. مش عارف.. كل اللي عارفه ومتأكد منه حاليًا إني بحبها!
تسائل معتز بفضول: وهي؟!
_مش عارف! أنا تايه ومش عارف حاجه..
و فرك عينيه بتعب وقال: أنا هموت وأنام، بكره نكمل كلامنا.
أومأ معتز موافقًا ونهض بدوره وقال: تمام، يلا بيناا.
إنصرفا وغادر كلًا منهما بسيارته منطلقًا إلي بيته، كانا يستعدان للنوم ولكنه إستعصي عليهماا ليقضيا ليلتهما شاردين.
….
لم يُكحّل النعاس جفنيه، ظل مستيقظًا يتذكر حديثها، يتذكر إعترافها بأنها حقًا تعشقه..
أغمض عينيه يعتصرهما بتعب وصوتها يتردد داخله، طريقة إعترافها كانت تلقائيه للغايه ولكنهُ إستشف منها المعاناه التي تمر بها.
مسح وجهه بيديه ثم نهض و أعدّ فنجالا من القهوه ثم ذهب ليستعد..
إرتدي تلك الحلّه السوداء التي إرتداها في حفل خطوبتها بإختلاف لون القميص ، فإرتدي قميصًا من اللون الأسود و صفف شعرهُ بعنايه ثم نثر من عطرهِ المفضل بكثره..
خرج من غرفته وإحتسي قهوتهُ ثم غادر المنزل متجهًا صوب الشركه.
ما إن وصل إلي الشركه حتي صعد إلى الطابق العلوي مباشرة، إتجه إلي مكتبها متأنقًا، لا يعلم لما أتي وماذا سيقول ولكنه جاء علي كل حال.
طرق باب المكتب ولكنها لم تُجِب، طرقهُ مرةً أخري ولكنها أيضا لم تُجِب..!
إستل هاتفه من جيبه وقام بالإتصال بها لتجيبهُ سريعًا قائله: أيوة يا مستر معتز؟
تمتم في نفسهِ متهكمًا: مستر معتز بردو، ياعيني عـ الاحترام والأخلاق..
ثم برز صوته غايه في اللطف: صباح الخير يا رقيه.
تعجبت نبرتهُ اللطيفه تلك التي قلّما إستمعا إليها فأجابت بلطف مشابه: صباح النور.
_ليه مش في مكتبك؟
= أنا إستأذنت مستر رياض إني مش جايه النهارده عشان خارجه أشتري حاجه أنا وبليغ..
_مين؟! إستأذنتي مين؟! وهو إنتي السكرتيره بتاعتي ولا بتاعة رياض؟!
ونطق بحسم: نص ساعه لو مكنتيش علي مكتبك وجيبالي التقرير بتاع كل يوم وجيبالي القهوه كمان إعتبري نفسك مرفوده، وإبقي خلي مستر رياض بتاعك يرجعك الشغل بقا.
أنهي المكالمه بحده ولم يمهلها فرصه للرد ثم وضع هاتفه بجيبه مجددًا ودلف إلي مكتبه.
….
في مكتب رياض، كان يجلس خلف مكتبه عاقدًا يداه أمامه علي سطح المكتب وقد غمس رأسهُ فيهما عندما غلبهُ النوم ..
لقد بات ليلته يتقلب علي فراشهِ وعقله لا يكف عن التفكير..
كان يفكر.. ماذا كان سيصيبها إن لم يتمكن من الوصول إليها في الوقت المناسب؟!
ماذا كان سيحدث إن لم تُحادثه من الأساس، حتمًا كان سيحدث ما لا يُحمد عقباه..
الآن.. وبعد أن تملّك منهُ التعب وغلبهُ النعاس، قرر أن يأخذ قسطًا من الراحه وبعدها يستكمل عمله..
طرقاتٍ ناعمه علي باب المكتب جعلتهُ يشرأبّ برأسهِ فورًا وأذن بالدخول لينفرج الباب وتظهر فاتنتهُ من وراءه..
لقد إشتاقها، منذ الأمس ولم يراها أو يسمع صوتها..
تبسّم محياه لا إراديًا وصلب ظهره ليراها تتقدم منه وعيناها تفيضان بالخجل والتوتر..
وضعت أمامه تلك الرسومات التي عكفت علي إكمالها طوال الليل ولم تذق طعم الكـري!
_اقعدي يا آصال..
جلست على المقعد المقابل له ليقول بإهتمام متفحصًا وجهها بدقه: أخبارك إيه النهارده؟
_كويسه الحمد لله.
أجابتهُ وهي تتلافي النظر إليه ليقول: شكلك تعبان، ليه جيتي النهارده؟ أنا قولتلك ارتاحي.
إبتسمت بوهن وقالت: محبتش أأخر الشغل عن كده..
قاطعها ثم نهض ليجلس أمامها مباشرةً وإتكأ بمرفقيه علي فخذيه ثم إنحني للأمام قليلًا وقال: وإيه يعني لو إتأخر الشغل يوم! ولا يومين!! ولا تلاته!! هيجري إيه؟
تعجبت أسلوبه الجديد عليهِ ونبرته التي تفتقر للغرور والتفاخر، وإبتسمت إبتسامةٍ ذي ود وقالت بمشاكسه: مش هيحصل حاجه أبدا، الشغل هيتعطل، والمشاريع هتقف..
قاطعها مجددًا: وإيه يعني؟ فداكي الدنيا واللي عليها.
تراخت شفتاها وزالت إبتسامتها وشعرت بالتيه والتشوش..
نهضت واقفه فنهض بدوره وقال: علي فين؟
_علي مكتبي..
حك ذقنه بتفكير قليلًا ثم أومأ موافقًا وقال: تمام، بعد ما تخلصي الشغل اللي معاكي، عايز تقرير مفصل عن آخر شحنة فحم المصانع استقبلتها..
_بس ده مش إختصاصي حضرتك، ده شغل رقيه!
حمحم وأردف بتفهم: أيوة عارف، بس رقيه مش جايه النهارده وأنا مستعجل علي التقرير..
أومأت بموافقه وإنصرفت ثم أغلقت باب المكتب خلفها ليضرب سطح المكتب بقبضته ضرباتٍ عنيفه وهو يتحدث إلي نفسه قائلًا: حمار، هتفضل طول السنه مش عارف تجمع كلمتين علي بعض ولا إيه!
وتنهد بغضبٍ چم وأضاف: آصال أنا بحبك وعايز أتجوزك.. ايه الصعوبه اللي فيهاا دي!
ومسح وجهه بنفاذ صبر وأردف: وانا اللي بعيب علي معتز!!
فور ذِكرهِ دلف إلي المكتب ليجد رياض كعادته في الآونه الأخيره يتحدث إلي نفسه فسألهُ: ها وبعدين؟ هتفضل تكلم نفسك كتير كده؟ كده مش كويس علي فكره.
زفر رياض بحنق وأشار له بالإقتراب فإقترب منهُ معتز حد الإلتصاق ليقول الآخر متذمرًا: جرا إيه يا معتز إنت هتقعد علي حِجري!.
إبتعد معتز قليلًا وقال: هاا؟
نظر إليه رياض وتنهد مطولًا وقد إنتابتهُ الحيْرَه ومن ثم قال: دلوقتي أنا مش عارف أفاتح آصال في حاجه.. عايز علي الأقل أعترف لها إني معجب بيها، بلاش بحبها، لكن كل ما بشوفها لساني بيتعقد وبسكت..
قال معتز ببساطه: بس كده؟ دي مشكلتك؟
أومأ رياض أن نعم وقال ساخطًا: أه هي دي مشكلتي، إتفضل حلها لي يا شارلوك كراويه..
_كده أنا شامم ريحة سخريه وإستظراف.. ويؤسفني أقوللك إني لا يمكن أكمل الحوار بالأسلوب ده..
ونهض منفعلًا ليشير إليه رياض بالجلوس ويقول بصوتٍ خافت: اقعد اقعد..
ظل واقفًا وقال: بقا اسمع أما أقولـ…..
_ياعم اقعد قولتلك!
هدر بهِ رياض بحده ليجلس علي الفور وقال: هاا وبعدين؟
زفر الآخر بقلة حيله وقال: مش عـارف.. حقيقي مش عارف أخر اللي أنا فيه ده إيه!
تنهد معتز وهو يفكر كثيرًا أنّي له مساعدته إلي أن إهتدي أخيرًا إلي حل فقال: لقيتهـا.
همهم رياض متسائلاً ليقول معتز: إنت إعتبرني أنا آصال، وتقوللي كل حاجه نفسك تقولها لها.
نظر إليه رياض بشك ليقول معتز بجديّه: يا سيدي جرب مش هتخسر حاجه.
أومأ رياض موافقًا وحمحم قبل أن يتحدث ثم نظر إلي معتز الذي إرتسمت الجديّه علي وجهه ثم قال: أاا.. آصـال أنا…
لم يكمل حديثه إذ أشهر الآخر سبابتهُ في وجهه وقال بتحذير: بص يا مستر رياض، إحنا هنا في مكان شغل يعني لا تكلمني ولا….
قذفهُ رياض بمفاتيح سيارته وهو يقول حانقًا: يا أخي بقاا..
_جرا إيه يا رياض، الحق عليا يعني إني بتقمص الشخصيه عشان أسهل عليك الأداء.
=شخصية إيه وأداء إيه هو إحنا هنصور فيلم!
_طيب خلاص، كلاكيت تاني مره.
حمحم مجددًا وقال بعدما إستعد: آصال أنا كنت عايزك في موضوع..
_هو انت قاعد مع واحد صاحبك في صالة البلياردو! هو ايه اللي عايزك في موضوع!! لا ده انت حالتك صعبه بجد ولو فضلت متذبذب كده لا هروح ولا هتيجي..
أصابهُ اليأس والإحباط وزفر بحيره وتردد ليقول معتز: طيب، بما إنك محتار كده فـ أنا لازم أديك خبرتي في المواضيع اللي زي دي..
إرتفع جانب شفته وهو يطالعه بإستهجان وقال: خبرتك؟! اتلهي.
_أتلهي؟! مش عارف إنت مستقل بيا كده ليه! اللي قدامك ده يبني كان مدوب قلوب البنات.. كانوا مسمييني الچان.. عشان كنت حليوه يعني وكان عندي قُصه علي عيني.. الچان راح الچان جه.. ده أنا لحد المدرسات كنت بـ….
=ما خلاص بقاا يا معتز، خلاص بقا أنا متهبب عارف الحكايه دي من الألف للياء، حكيتهالي إنت مليون مره قبل كده، هو إنت جاي تساعدني ولا جاي تحكيلي عن أمجادك وبطولاتك!
_طيب خلاص، إسمع يا سيدي، إسمع لعلك تستفيد..
=يا ريت ننجز..
_البنات دول زي الأبواب، وكل باب وليه مفتاح، بمعني إيه؟؟ إن كل واحده ليها دخله.. والدخله دي بتتحدد تبعًا لشخصية كل باب.. آآاا قصدي شخصية كل بنت يعني..
وأحجم عن الحديث وقال: فاهمني؟!
_والله مش أوي بس بحاول يعني، كمل..
=فـ المفروض بقا إنت تكون عارف شخصية آصال كويس، بتحب إيه ومبتحبش إيه، بتحب تتعامل إزاي.. وعلي أساسه بقا هتقرر تدخلها منين.
لم يُزِدهُ حديثه إلا حيره وتخبطًا، تنهد وقد نوي في قرارة نفسه أن يؤجل إعترافه لأجلٍ قريب.
نهض معتز عن مقعده وقال: أنا كنت عايزك في حوار كده بس مش وقته دلوقتي، هطير بقا عشان عندي شغل متلتل عايز أخلص منه.. وإنت لو إحتجت أي إستشاره لاغيني أنا في الخدمه.
لوّح بيده بعدم إكتراث وقال: هتعمللي فيها عضو في منظمة العفو الدولية.. روح كمل شغلك يلا.
…..
غادر معتز إلي غرفة مكتبه وما إن جلس علي مقعده حتي إستمع إلي طرقاتها التي أستطاع تمييزها بسهوله فقال: ادخل.
دلفت رقيه ذات الوجه الصبوح، عينان واسعتان يفيض منهما العسل المصفي، خدّان يتلألأن كالمرمر، أنفها الغير حاد.. غاب هو عن العالم سابحًا في تفاصيلها التي يكاد يُجزم بأنه يراها الآن للوهلة الأولي..
رمقتهُ بشراسه تلافاها هو بإبتسامه عذبه وقال قاصدًا إغاظتها: يا أهلا يا آنسه رقيه، حضرتك محتاجه دعوه عشان تيجي شغلك ولا ايه؟
تقدمت منهُ تطرقُ الأرض بحذائها ذو الكعب العالي مما أثار غيظه ولكنه لم يُظهر ذلك.
كان قد إستراح بظهره إلي ظهر المقعد من خلفه وهو يرمقها بتمهل بينما تقترب هي منهُ بتعالي وتفاخر ثم وضعت أمامه القهوه الخاصه به وهي تنظر إليه بثبات وتحدٍ ليقول بنزق: لا جـــامــد.
_حاجه تاني حضرتك؟ أعملك سندوتشات فول وفلافل؟
=اممم، بتتريقي.. اقعدي يا رقيه.
نظرت إليه بإستفهام ليقول متعمدًا إشعال ثورة غضبها: أه صح إنتي دلوقتي مخطوبه والمفروض أحترمك.. اقعدي يا آنسه رقيه.
إنتفخت أوداجها بغضب وقالت بحده: أنا مش قصدي علي رقيه ولا آنسه رقيه، أتا أقصد حضرتك عايز إيه!
أشار إلي المقعد مره ثانيه وهو يجاهد كي يبرز كل الهدوء الموجود بداخله وقال: طيب اقعدي الأول عشان أقوللك عايز إيه.
جلست ليقول متصنعًا الجدّيه إذ برمَ كلتا كفيه ببعضهما وقال: دلوقتي أنا كنت عايز آخذ رأيك في حاجه مهمه، وملقيتش أحسن ولا أعقل منك أسأله في الأمور اللي زي دي.
أعادت خصلاتها البرتقاليه إلي الخلف بغرور وقالت: اتفضل حضرتك.
حمحم أولًا ثم قال: دلوقتي أنا لو بحب واحده وعايز أعترفلها، أعمل إيه؟
تبدلت ملامحها الشرسه بأخري مهزومه وترقرقت العَبرات بعينيها وقالت بإستنكار: وحضرتك بتسألني أنا ليه؟
زم شفتيه متصنعًا اللامبالاة وهو يقول: مانا قولتلك عشان ملقيتش أعقل منك أسأله، وبعدين أنا بعتبرك زي أختي يعني وعارف إنك تهمك مصلحتي وأكيد هتنصحيني..
أصاب كبرياؤها بمقتلٍ، هل لها أن تسمح لشريانٍ واحدٍ أن ينبض له عشقًا بعد الآن؟!
بعد أن نعتها ذلك الأذعر بأخته!!
نهضت وقد عادت تتحدث بغرور وتحدٍ كالسابق رغم أن الدموع قد توقفت بعيناها تخشي السقوط ولكنها كانت ظاهره للعيان.
_بس أنا مش أختك!
نطقتها بغضبٍ عاصف وأضافت: حضرتك إسمك معتز كراويه وأنا رقيه سلطان.
إعتراهُ الضحك لمّا رأي غضبها الذي منحها شراسةٍ إضافيه مما تنافي مع ملامحها الأنثوية الفتانه ولكنه تصنع عدم الفهم وقال: يعني إيه؟! زعلانه إني بعتبرك في مكانة أختي؟! معقوله!
إزداد حنقها و صرت أسنانها من الغيظ ثم قالت: بعد إذنك يا مستر معتز عشان أنا مش فاضيه وورايا شغل عايزه أخلصه.
إستدارت علي الفور وغادرت مكتبهُ ثم صفقت الباب خلفها بقوه لتنفلت ضحكاته حينها وراح يتمتم: ياا بنت المجانين.. بس والله قمرين وهي متعصبه!
ثم فرك راحتيّ كفيه بحماس وهو يقول: إستعنّا عالشقا بالله!
رنّ هاتفه وأجاب قائلاً: أيوة؟!
ليجيبه مهدي قائلاً: أيوة يا بشمهندس معتز،أنا مهدي.
_أهلا يا أستاذ مهدي إزي حضرتك؟
كانت رقيه لا تزال خلف باب مكتبه، فضولها قد غلبها لتستمع إلي مكالمته مع والد آصال حيث يقولان..
=أهلا بيك يبني،الحقيقه المكالمه جايه متأخره بس كان في ظروف حصلت ومعرفتش أكلمك.
_لا حضرتك أنا تحت أمرك في أي وقت، إتفضل!
حمحم مهدي بحرج،لا يدري من أين عليه أن يستهلّ حديثه فقال معتز: اتفضل حضرتك متشغلش بالك بأي حاجه، أنا زي إبنك يعني!
_كلك ذوق يبني والله، في الواقع إنت طلبت إيد آصال بنتي وأنا قولتلك هسألها، وسألتها فعلا بس هي يعني.. مش مرحبه بفكرة الارتباط حاليا.
إبتسم معتز وقال: ولا يهمك يا أستاذنا، ولا كإن حاجه حصلت، وآنسه آصال زي أختي..
_أنا مش عايزك تتضايق يا بشمهندس، إن شاء الله ربنا يعوضك بأحسن مننا..
تحدث معتز بصدق وقال: حضرتك إنتوا علي راسي من فوق، ،سواء آصال وافقت على الخطوبه أو رفضتها، و لعله خير بإذن الله.
_أكيد خير إن شاء الله، أنا متشكر جداا لتفهمك، رفعت عني الحرج والله.
=لا حضرتك ولا حرج ولا أي حاجه، حضرتك في مقام والدي وأنا بعزك من غير أي حاجه..
أجابه مهدي بتقدير وإحترام: ربنا يكرم أصلك يبني،أستأذن أنا وأسيبك تكمل شغلك بقا، مع السلامه.
كانت رقيه تستمع إلي حديث معتز والذي كان بمثابة صفعه مدويه تلقتها، وفور أن إستمعت إلي صوت حذاؤه يقترب من الباب ختي أسرعت مبتعدة.
……
دلفت إلي مكتبها وهي تحترق من فرط الغضب، كلماته أشعلت بقلبها النيران التي لا تظنها ستخمد أبدًا.
جلست خلف مكتبها وهي تحاول التغاضي عن ذلك الهراء وإستئناف ما وُكّل إليها من أعمال ولكنها لم تستطع.
ظلت تتحامل علي نفسها ولكنها إنهارت وإنفجرت باكيه بغتةً..
لم تحسب للأمر حسابًا، علي الفور نهضت وإلتقطت حقيبتها بعد أن جففت دمعاتها بكبرياءٍ يأبي الخنوع وغادرت مكتبها لتلتقي في طريقها بآصال المتجهه إليها فسألتها: رايحه فين يا رقيه ده أنا كنت جايه أحكي معاكي..
أجابتها رقيه بجفاء غير مبرر دون أن تتوقف عن مسيرها: معلش يا آصال أنا تعبانه ومعدتي هتموتني ومش قادره أستني.. بكره نتكلم.
تخطتها وغادرت تحت نظرات آصال المتعجبه من أمرها ثم عادت إلي مكتبها تباشر عملها من جديد.
…..
بينما كان شاردًا يحتسي قهوته التي أحضرتها له وهو يفكر مليًا في إنفعالاتها، إنقباضة ملامحها وإنزعاجها ، تلك الهزيمه التي لاحت في عيناها وهي تنظر إليه بخيبة أمل..
كل تلك ردات الفعل لم تكن عبثًا!
إنها حقًا تعشقه، وليس ذلك فحسب، بل إنها تهيـم بهِ عشقًا.
حاول العزوف عن التفكير بها والإنشغال بعملهِ ولكنه لم يستطع فنهض من خلف مكتبهِ قاصدًا مكتبها..
طرق الباب مراتٍ عديده وعندما لم يحصل على إجابه فتحهُ ليتعجب عندما لم يجدها..
سحب الباب وأوصده كما كان ثم إتجه إلي غرفة مكتب آصـال وطرق الباب فأذنت له بالدخول ففعل..
_آصال مشوفتيش رقيه؟
=رقيه لسه ماشيه حالا، قالت انها تعبانه ومش قادرة تكمل شغل.
إنزوي ما بين حاجبيه بتعجب وقال: فجأه كده من غير ما تستأذن حتي!
نظرت إليه ولم تُجب، فقط مطت شفتيها وأرختهُما بعدم معرفه ليومأ هو موافقًا وإنصرف نحو مكتبه من جديد.
……
عادت رقيه إلي منزلها.. لا تعلم كم من الوقت إستغرقت عودتها ولم تعي للطريق تفصيلًا واحدًا!
فتحت الباب ودلفت لتقع عيناها علي والدتها التي قطبت جبينها بتعجب وقالت: إنتي كنتي رايحه تزوري السكه وجايه ولا إيه؟!
لم تُجِبها، أو علي الأحري لم تستمع لما قالته، فقالت والدتها: هتاكلي طيب؟!
إكتفت بأن أومأت بنفي ودلفت إلي غرفتها علي الفور!
فور أن دلفت إلي غرفتها أوصدت الباب خلفها بحده وإنزوت إلي ركنٍ بأقصي الغرفه وظلت تضرب بيداها الحائط بغضبٍ وقهر..
لم تتمالك نفسها وفقدت السيطره علي أعصابها كلما تذكرت كلماته و وصفها بأنها أختٍ له!
سالت دمعاتها هوانًا، تبكي ألمًا وفجعةً وجراحًا، لقد ظلت طيلة عامين تعشقهُ سرًا وتختلس النظر إليه كمن يتلصص..
والآن، يُخبرها يأنهُ يحب إحداهن و يود أن يتحدث إليه بخصوص ذلك الأمر!! وعليها مساعدته أيضًا!!
ظلت تشهق وتزفر في محاوله بائسه منها لتهدئة نفسها ولملمة شتاتها ولكنها لم تفلح ؛ فأمسكت بذلك الإطار الزجاجي الذي يحمل صورتها وألقتهُ أرضًا ليسقط متناثرًا في كل أرجاء الأرضيه..
ما إن إستمعت إلي تحطيم الزجاج والضوضاء التي أصدرها حتي أجفلت وإنتابتها حاله من الهيستيريه وعدم الوعي فأمسكت بالإطارات الزجاجية المعلقه علي الحائط والتي تضم شهاداتها وألقتهم أرضًا تباعًا وهي تتمتم بكلمات مبهمه..
_أخته! بقا أنا شايفني أخته! ورايح يتقدم لآصال!! يعني أنا اللي قدامه من سنتين شايفني أخته وهي اللي جايه من كام شهر لحق يحبها وعايز يخطبها كمان!!
تساقطت دمعاتها تباعًا كفيضٍ جارف يستحيل إيقافه وفتحت خزانتها وأخرجت منها صندوقًا خشبيًا جمعت فيه الكثيــر من صوره.
أمسكت بصورته وظلت تنظر إليها وإنتابتها نوبة بكاء ضاريه..
إستمعت إلي طرقات والدتها علي باب الغرفه ومحاولاتها الفاشله في فتح الباب ولكنها لم تتحرك تجاه الباب قيد أُنمله!
_بت يا رقيه إفتحي الباب ده، في إيه مالك بتكسري في إيه!
لم تُجب تساؤلات والدتها المتكرره ليصدح صوتها مناديه بحده وصرامه: إنتــي يـا بــت!!
هنا فقط كان لزامًا عليها بأن تُجيبها لئلا يتحول نداؤها إلي صراخُ فوضوي أو ينتهي الأمر بصدامٌ قاسٍ ككل مره.
=مفيـش حاجـه يا مامـا، ورحمة أبويا تسيبينـي في حالـي دلوقتــي!
أجابتها محاولةً الصمود من بين بكاؤها ولكن هيهات أن تتراجع والدتها قبل أن تجعلها تشق ثيابها من شدة الضغط والتوتر.
_أسيبك في حالك إزاي يعني! إفتحي المخروب ده قبل ما أكسره فوق نافوخك ونافوخ اللي خلفوكي.
=يوووه..
زفرت بنفاذ صبر وتقدمت من الباب غير عابئه بذلك الزجاج الذي جرح قدمها وفتحت الباب وقالت: نعم يا ماما، قولتلك سيبيني لوحدي، عايزه أفضل لوحدي، مش عايزة أتكلم، مخنوقه يا ماما ومش طايقه نفسي، حرام تسيبيني لوحدي!!
لم تُعقّب والدتها كعادتها علي حدتها، ناهيك عن صوتها المرتفع الصارخ، ولكنها فقط كانت تتفحص وجهها الباكي وعيناها المنتفختان إثر البكاء اللتان تلطخ أسفلهما بالسواد..
_في إيه يا رقيه، عامله في نفسك كده ليه؟
برز صوتها مذعورًا وهي تتسائل بقلق فقالت رقيه وهي تحاول التماسك وكبح جماح دمعاتها: مفيش حاجه يا ماما، معدتي رجعت توجعني تاني ومش طايقه نفسي..
جالت عينا والدتها في الغرفه سريعًا لتتوسعا بصدمه وقالت: واللي معدته توجعه يكسر في الصور والبراويز كده! لـ هي أول مره معدتك توجعك!
وإحتد صوتها قليلًا وهي تقول بنبرةٍ أقرب للتحذير: في إيه يا رقيه؟ مالك؟؛
فاض الكيل بها إذ إستنفذت والدتها القليل الباقي من تحملها لتصرخ قائله: مفيــش يا ماما، قولتلك مفيش حاجه إنتي ليه مصممه تضغطي عليا!
أشهرت والدتها سبابتها في وجهها بتحذير وقالت بصوتٍ صارم: أنا لولا إنك تعبانه كنت ربيتك من الأول وجديد، تتكلمي متتكلميش إنتي حره لكن إياكي يا رقيه تتخطي حدودك معايا بالمنظر ده تاني!
خرجت من الغرفه وأوصدت الباب مجددًا ثم ذهبت وجلست بغرفتها إلي أن إستمعت إلي صوت رنين جرس الباب فذهبت لفتحه..
لم تتعرف إلي هوية ذلك الضيف الذي كان يولّي ظهره للباب فقالت بتحفظ: أيوة إتفضل.
إستدار معتز مبتسمًا بلطف يشوبهُ الحرج لتقول بإبتسامه مرحبه: إتفضل يا بشمهندس معتز..
_السلام عليكم.
=وعليكم السلام ورحمه الله، تعالي يبني ادخل..
تحدث معتز بصوتٍ وقور يخفي وراءه خجله من تلك الزياره المفاجئه وقال: أنا آسف إني جاي فجأه، بس أنا سألت علي آنسه رقيه قالوا إنها تعبت فجأه وسابت الشركه..
تنهدت بحيره مماثله لحيرته وقالت وهي تشير سريعًا إلي غرفتها: والله يابني مانا عارفه مالها، من ساعة ما جت وهي بــ….
ولم تكمل جملتها حيث إرتفع صوت تحطيم الزجاج مرةً أخري بغرفة رقيه لتقول والدتها: أهي من ساعة ما رجعت وهي علي ده الحال..
إنتابهُ القلق حِيال أمرها ليقول بتوتر: طيب ما هي ممكن تعمل حاجه في نفسها..
ودلف دون مقدمات وأسرع يطرق الباب بقوه وهو يناديها بخوف: رقيــه، افتحي الباب.
كانت والدتها ترمقهُ بإستغراب و شك، خاصةً لمّا رأت الخوف بعينيه جليًا وبدأت تربط أطراف الخيوط ببعضها البعض.
قرعَ الباب بقوةٍ أكبر وهو يقول بصوتٍ جهور: إفتحي الباب لإما هكسره!
لم يصلهُ صوتها، كل ما إستمع إليه كان أصوات تهشيم الزجاج ليتمكن الرعب منهُ مخافة أن يصيبها أذي و أسرع يدفع الباب بقوه ولكنهُ فشل..
_ماتفتحي الباب بقا كتفي إتخلع!
صاح بها بعصبية وعندما فقد الأمل في أن تستجيب له نظر حوله حتي وقعت عيناه علي مقعدٍ خشبيٍ عتيق فأمسك به لتتراجع والدتها إلي الخلف متسائله: إنت هتعمل إيه؟
_هكون هعمل إيه يعني، هكسر الباب!
صَدمَ الباب مراتٍ عديده بواسطة المقعد حتي إنفرج الباب بقوه وظهرت هي من خلفه حيث تقف في منتصف الغرفه وهي تُلقي بجميع الإطارات الزجاجيه التي تحوي صوره إلي الحائط فتسقط حطامًا منثورًا.
رمقتهُ بغيظٍ وغضب ودون وعيٍ منها ألقتهُ بإحدي الإطارات الزجاجيه وهي تقول: إنت إيه اللي جايبك هنا!
مال برأسهِ للأسفل متفاديًا ذلك الإطار وهويقول: يا بنت المجنونه!
ونظر إلي والدتها وتمتم: لا مؤاخذه!
رمتهُ بآخر وهي تقول بغضبٍ أعمي: جاي ورايا عايز مني إيه؟
إلتقطه بين يديه بخفه ثم نظر إليه وسرعان ما توسعت إبتسامته وهو يقول: يا عفريته! جبتي الصوره دي منين؟
أطبقت أسنانها وقد أخذ منها الغضب كل مأخذٍ وراحت تُلقيه بآخر صوره بين يديها وهي تصرخ بعصبيه: إنت عايز مني إيـــه!! مش هترتاح إلا لما تجيبلي جلطه!
تلقّف الصوره بهدوء غير آبهًا بعصبيتها وقال: بقوللك إيه، الصوره اللي كنت لابس فيها تيشيرت رمادي عندك؟
نجح في إثارة حنقها وجعلها تستشيط غضبًا فراحت ترمقه كالفهد الذي ينتظر أن تحين اللحظه المناسبه لينقض علي فريسته وقالت بغيرةٍ عمياء: إيه اللي جايبك ورايا! يهمك في إيه تعبانه ولا بموت حتي! مش أنا زي أختك!
أجابها متهكمًا: وإيه يعني أختي ولا مرات خالي، وهو ده يمنع إني أطمن عليكي!
نهضت واقفه وإستطردت بنشيجٍ يتردد بصدرها: وأنا مش عايزاك تطمن عليا، ومن النهارده.. لأ من اللحظه دي، مش عيزاك يكون لك أي تعامل معايا نهائي، حتي الشركه هسيبها وهقدم إستقالتي..
وصرخت في وجهه بقوه: مش عايزة أشوف وشك تاني!
إنتابهُ الغضب بدورهِ ليقول بعصبيه مماثله: كل ده ليه يعني؟! عشان قولتلك إني بحب واحده وعايز أعترف لها!
صرت علي أسنانها من جديد ثم كورت قبضة يداها وكأنها تريد لكمَهُ وحدجته بنظرات مغتاظه وقالت: وأنا مالــي! يخصني في إيه تعترف لها ولا لأ!! ما تروح تعترف لها ولا إنت حر!
سألها بترقب: يعني أعترف لها؟
_أه روح مع ألف سلامه.
أومأ موافقًا وإعتدل ناصبًا ظهره ووضع يدهُ اليمني علي اليسري حيث كانتا متقاطعتين وقال بلهجةٍ جاده: رقيـه أنا بحبك!!!!

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية عشرون رساله قبل الوقوع في الخطيئه)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى