رواية الخياط الفصل الثاني عشر 12 بقلم شروق عمرو
رواية الخياط الجزء الثاني عشر
رواية الخياط البارت الثاني عشر
رواية الخياط الحلقة الثانية عشر
وددت لو أن بإمكاني أن أغسل روحي أيضًا، لكنها كانت أعمق من أن يصلها الماء.
..
في عام “2006” يقف التوأمان ينظرا الي والدتهم التي تودعهم بحرارة تحتضن وجهه ” يونس ” بين كفيها تقول بنبرة غلفتها الحزن ” يونس، يا حبيبي مش هوصيك علي أخوك ، خلوا بالكم علي بعض و متعملوش اي شقاوة، وأنا هكلمكم علي طول “.
ابتسم الطفل صاحب العاشرة من عمره وهو يحتضن كف أخيه التوأم، رفعت” سلوي ” رأسها تقول لـ” وفاء ” زوجة اخيها “جابر” خلي بالك عليهم يا وفاء، انا سايبة فلوس مع جابر عشان لو عازوا حاجة ”
1
نظرت لها وفاء تقول بلوم ” لية كدة يا سلوي، بيت اخوكِ هو بيتك، وحاجته هي حاجتك يا حبيبتي ”
1
ابتسمت لها بامتنان لتكمل وفاء ” روحي انتِ وادعيلنا نكون على عرفات انا وجابر الستة الجاية، و يونس و يوسف في عنيا يا حبيبتي ”
جاء صوت ” حسن ” من السيارة يقول ” يلا يا سلوي، مش هنلحق الطايرة كدة ”
ودعتهم سريعا فبل ان تترجل السيارة، ليقفا بجوار وفاء ينظرا إلي أثرها.
بالعودة إلي الحاضر في غرفة العناية المركزة، شريط حياته يدور أمام عينه ،
امتعضت ملامحه، ليرتفع ضغط دمه حين تذكر تلك الحادث الاول فى حياته
* يقف على سطح البناية المكونة من طابقين، يقف شارد فيما رأه ليلة أمس، كطفل برئ لا يدري كيف يكون تصرفه علي ما حدث هذا ، في تلاحم نسمات الهواء الباردة في عصر ذاك اليوم، لم يشعر غير بتلك اليد الغليظة التي أمسكت كتفيه بقوة، يدفعه من فوق سطح البناية، يسقط تحت أعين جابر الحادة.
8
༺༺༺༺༺༺༻༻༻༻༻༻
في الممر بالخارج يعلو وجوههم اللون الاصفر، لم يدري أخواته الثلاثة كيف وقع بينهم، كانوا في حالة من الهلع حتي أتوا به الي تلك المشفي.
يوسف الذي اتخذ باب الغرفة مركز وقوفه المتوتر، حينما كان زكريا يقف جوار شقيقته “روهان” الباكية بخوف و ” ليلي” التي صمدت ، و “يحيي” مازال يقف تارة ينظر تجاه باب غرفة العمليات و آخري على أبيه الجالس ممسكا بتلك المصحف يتلو بخفوت، وعلي الجانب الاخر ظهر الاصفرار والشحوب على وجهه” بدر ” الذي حاول “معتز” طمأنته لا يدري ان كان يخاف علي صديقهما كل هذا الخوف أم هناك مصيبة أخري هو لا يعلم عنها شئ .
3
خرج الطبيب ليقف جرعة القلق والتوتر من الجميع، تقدم حوله الكل بلهفة ليتحدث الطبيب ” اطمنوا يا جماعة الحمدلله الحالة مستقرة، وهيتنقل غرفة الإفاقة وهتطمنوا عليه . ”
قال جملته التي أثلجت نيران توترهم قبل ان يغادر بهدوء، ظل ” حسن ” يحمد ربه بصوت مسموع للجميع.
اندفعت سلوي بقوة وهي تصرخ ” يونس ، اخوك فين يا يوسف.. أبني فين؟ ”
تقدم كلا من يوسف ويحيي منها لتهدئة روعها يقول يوسف بصوت خافت ” اهدي يا ماما، الدكتور خرج وطمنا وقال انه بقي كويس “
شهقت باكية وهي تصوب نظرها نحو” حسن ” الذي تطلع إليها باشتياق، لتتقدم نحوه بحدة صارخة ” أكيد كله من تحت راسك انت يا حسن، انت عايز مننا أية تاني يأ خي سبنا في حالنا بقي ”
5
تدافعوا جميعهم نحو والدتهم ليقول زكريا بانفعال محتد بصوت خافت ” مش وقته ولا مكانه الكلام ده يا جماعة ”
وافقه يوسف الحديث ليقول ” آه، ممكن نقفل على اي حاجة لغاية ما تطمن على يونس”
تجاهلت سلوي حديثهم وهي تقول بنحيبها متوسلة ” بالله عليك أبعد عن يونس يا حسن، سيبه ومتخلهوش زيك، انا مش هقدر اشوف عيالي اى حاجة وحشة ”
6
لم ينطق حسن بحرف وقف فقط يستمع وفقط، ليتدخل بدر ” تعالي يا عم حسن ننزل نقعد فى كافية المستشفي”.
ليسحبه ومعه معتز الي اسفل، نظر يحيي نحوهم ليلحق بهم بهدوء.
༺༺༺༺༺༺༻༻༻༻༻༻
العين بالعين، والسن بالسن، والبادي أظلم.
~~~~~~~…
مضي الوقت سريعا منهمرا بالسكون من جانب الجميع الذين أصروا بعدم المغادرة حتي يفيق “يونس” عدا زكريا الذي أخذ روهان و ليلي يوصلهن الي شقته ثمعاد الي المشفي مرة اخري ، كان الوقت يعلن الرابعة فجرا .
لم يكن بالغرفة سوا “سلوي” والباقي فى استراحة المشفي حسب القوانين.
رمش بأهدابه ببطء حتي اعتادت عيناه علي مستوي الضوء، نظر حوله لم يجد أحد إلا سلوي التي شرعت في تأدية فرضها تطلب من ربها ان يفيق إبنها، اتكئ يونس على ذراعه الايمن حتي يعتدل وهو ينظر ليقيم مدي اصابته، التي اطرقت عن أصابة فى كتفه الايسر فقط. ضم شفتيه وهو يبحث بعينه عن هاتفه.
1
انهت سلوي صلاتها سريعا تلتفت نحوه بلهفة تقول ” يونس، عامل اية يا حبيبي”.
أمئ لها بهدوء ” انا الحمدلله كويس يا ماما، متقلقيش “.
لتقول” الحمدلله يا قلب أمك”.
تساءل سريعا ” انتِ بس اللي هنا؟ ”
لتقول نافية ” لا كلهم تحت، عشان مانعين دخول غير مرافق واحد ”
ليقول بهدوء ” طب هو موبيلي فين “.
_ حاجتك كلها مع يوسف، مفاتيحك والموبيل، هنادي عليه”
خرجت من الغرفة سريعا تتركه لعقله لا يعلم ماذا حدث هو يريد التحدث مع بدر ومعتز ليفهم ما حدث.
ترجل يوسف الي الغرفة ليقول بإبتسامة ” عايز اقولك انها طريقة جامدة عملت بيها دعاية للكافية الجديد . ”
1
ابتسم يونس بخفوت ليقول ” هو بدر فين؟ ”
دخل بدر وخلفه معتز ” انا هنا يا مَلِك ”
ليقول معتز ” الحمدلله على سلامتك يا يونس”
نظر له يونس يعتدل من علي الفراش يقول بتلهف ” عملت اية طمني ”
نظر يوسف لهما بجهل ليقول ” يا عم انا قفلت الكافية و.. ”
قاطعه يونس ليقول ” لا مش الكافية، اتكلم يا بدر يوسف أمان ”
1
تحدث بدر بهدوء ” مفيش جديد يا صاحبي لسة معرفش ردة فعله، وهو مجاش المستشفي ليك ”
نظر معتز ويوسف لبعضهما بجهل ثم أكمل بدر غامزا ” عشان أقولك اني النشان لعبتي و كنت بتمرن عليه أيام الجامعة تصدقني ”
11
أعطاه يونس نظرة متهكمة ” كنت معلق حياتي عليك يا بدر، شوفت ثقة اكتر من كدة ”
2
نظر لهما معتز بعدم فهم ” انا مش فاهم حاجة هو كان في حوار تاني غير حوار جابر يا يونس؟ ”
1
رمش يوسف وهو يقول بنبرة حادة ” هو انا وصلي حاجة كدة اتمني متكونش صح ”
ابتسم بدر ببلاهة ” صح يا حبيب أخوك، انا للي ضربت يونس بالنار”
4
اتسعت حدقتي معتز بقوة يقول ” اية العبط ده ”
بينما أمسك يوسف بدر من تلابيب قميصة ينقض عليه
تأفف يونس يقول بصوت مرهق ” يوسف، بدر ملوش علاقة انا اللي متفق معاه علي كدة “.
اعطاه يوسف نظرة مستنكرة يقول” انت اتجننت ، انا مش فاهم اية المبرر اللي ممكن يخليك تعمل كدة يا يونس “.
ليقول يونس بنفاذ الصبر” كان لازم أتغدي بجابر قبل ما يتعشي بيا “.
استنكر يوسف” جابر، جابر تاني يا يونس، هتضيع حياتك وتموت عشان جابر ”
1
انتفض يونس بقوة يردف ” محدش كان فى بيت جابر معايا وانا عندي عشر سنين غير انت يا يوسف، وانت اللى عارف جابر عمل فينا اية، متجيش تقول تاني ومش تاني، انا لو هعيش عمري كله انتقم من جابر بس انا مش هتأخر “.
2
رد عليه بصوت منفعل ” لا طبعا، روح موت نفسك يا يونس، عشان تنتقم من الماضي ضيع مستقبلك و ضيع أخرتك ، أقولك حاجة روح اقتله عشان تتسجن زي أبوك قدوتك فى الحياة “.
أجابه ببرود” الموت فيه رحمة عن اللى ناوى اعمله فيه “.
1
جعد حاجبيه بقسوة يقول” أنت اناني اوي، انا حاسس إني بخسر تاني شخص فى عيلتي بعد أبوك، بس المرة دي بخسر تؤامي ، مفكرتش وانت بتخطط بالشر لجابر أمك واخواتك هيجرالهم أيه لو انت جرالك حاجة ، كل ما اقول انه ممكن يرجع يونس أخويا اللى كنت عارفه بفقد اي ذرة أمل فيك ”
2
نظر له يونس بصمت، ثم قال ” مبقتش كدة من شوية يا يوسف “.
نظر بدر له يقول” اهدي يا يوسف وافهم، يونس هيتهم جابر انه هو ورا محاولة قتله، قبل ما جابر ما يعمل فيه محضر “.
لينظر متهكما يقول” وهو يعمل فيه محضر ليه يعني؟ ”
استقام معتز يتحدث بتلجلج ” أصل يونس.. ، ولع في بيت خالك جابر.. و عشان جابر ما يتهمش يونس، يونس عمل كدة ”
نظر يوسف الي يونس بقوة، لا يدري ماذا يعلق، ليغادر الغرفة فى صمت.
༺༺༺༺༺༺༻༻༻༻༻༻
وفي الصباح..
استقل زكريا السيارة في مقعد القيادة ينظر الي روهان التي جلست جواره ، ليتساءل ” مين اللي جاي؟ ”
اجابت روهان ” هناخد عمتو عايدة و فيروز معانا فى العربية و عمو عامر هياخد مريم وأميرة و طنط كوثر فى عربيته ”
أمئ بخفوت يفرك عيناه بارهاق فهو لم ينم من ليلة أمس، ينتظر .
عقد جبينه وهو ينظر نحو تلك السيدة التي هبطت من السيارة بصحبة شاب في اول عمره ليقول ساخرة ” كملت بقي ”
ترجلت زاهية نحو السيارة التي يستقلها زكريا تنفخ شدقيها تقول ” ازيك يا زكريا وحشني جدا وماما عاملة اية ”
1
اكتفي زكريا بابتسامة مختصرة لتقول بفضول ” رايحين فين بدري كدة يا حبيبي ”
1
كادت روهان ان تتحدث حتي قاطعها زكريا ” لا يا مرات عمي عندنا مشوار متشغليش بالك”
هبطت عايدة الدرج تقول بذهول ” زاهية!! ”
نظرت لها زاهية تقول بزهو ” عايدة، وحشتيني اوي يا روحي “.
ثم التفتت نحو فيروز الواقفة بجوارها” اية القمر ده، احلويتي خالص يا فيرو ”
2
اعطتها فيروز بسمة مختصرة وهي تقول ” شكرا يا طنط ”
تسائلت عايدة ” جيتوا امتي كدة؟ ”
تقدم نائل منهما يقول بحقد ” ماما جت امبارح بس اللى اسمه يونس ده مرضيش يسيبها تقعد فى الشقة ”
1
ضمت عايدة شفتيها تقول ” حصل خير، يلا يا فيروز “.
لتقول زاهية بفضول ” علي فين كدة؟ ”
لتقول عايدة ” اصل يونس فى المستشفي “.
اتقنت تمثيل الضيق تقول” ينهار، طب ازاي محدش يقولي، مستفشي واحنا هنروح”
1
اطلق زكريا صوت بالسيارة لاستعجالهما، اخبرتها عايدة اسم المشفي سريعا قبل ان تترجل الي السيارة هي وإبنتها.
1
༺༺༺༺༺༺༻༻༻༻༻༻
طرفت ليلي باب غرفته بخفوت، ليمسح لها بالدخول ، رسمت بسمة على وجهها تقول ” الف سلامة عليك يا يونس ”
بادلها اياها وهو يقول ” الله يسلمك، طمنيني بس الڤيلا اتحرقت خالص؟! ”
2
لتقول بأسف ” آه ، هتحتاج وقت كبير علي ما ترجع، يلا الحمدلله ان محدش كان فيها وقت الحريقة ”
ليقول ” الحمدلله انك مكنتش فيها، مش مهم جابر “.
2
ابتسمت بيأس من تغير حاله، سيبقي هو يونس ” كويس انك قومت بالسلامة ، عشان كانوا هيموتوا من الخوف عليك ”
نظر لها ليقول مشككا ” اية ده هما بس، وانتِ مقلقتيش عليا يا ليلى ؟ ”
هزت كتفيها بلامبالة مُصطنعة ” لا عادي بصراحة ، اتخضيت بس ”
رمقها بعدم تصديق قبل أن يقلب عينيه في باقي أنحاء الغُرفة صامتاً
….
صفَّ زكريا السيارة امام المشفي ليهم الجميع بالنزول، لم ينتبه زكريا إلي أبيه الواقف مع بدر يتحدثا، حينما اتسعت حدقتي عايدة بذهول تقول ” حسن اخويا “.
اتجهت نحوه تحتضنه بلهفة واشتياق، بادلها حسن العناق بقوة، لتقول عايدة” انت طلعت امتي يا نور عيني، ومقولتليش لية ”
ابتسم حسن بخفوت ” مقولتش لحد والله يا عايدة ، وحشتيني اوي ”
اتجهت فيروز هي الاخري تحضنه قائلة ” الحمدلله على سلامتك يا خالو”
وعلى بضعة مترات وقفت روهان بأعين دامعة فهي لا تقوي على فعل ما تفعله فيروز مع أبيها، تقدم منها زكريا ينظر الى ما تنظر عليه ليربت على كتفها وهو يهز برأسه بايجاب ” روحي له يا روهان ”
هبطت عبراتها على صفحات وجهها وهي تتجه نحو بخطوات قصيرة، كان منهمك فى حديثه مع شقيقته حين توقف عن الحديث فجأة عندما وجدها ترتمي بين أحضانه، لم يجد رد غير انه زاد من احتضانها.
༺༺༺༺༺༺༻༻༻༻༻༻
“لا وقتَ في ساعتي لأخط سطوراً على الرملْ لكنني استطيع زيارة أمسي كما يفعل الغرباء. ”
قطم يحيي التفاحة وهو يقول ” انت ناوي تفضل قاعد فى المستشفي كتير يا يونس؟ ”
دفعته والدته بخفة تقول ” انت بتاكل أكل اخوك التعبان، انت معندكش دم ”
3
تحدث يحيي بضيق ” هاتيله هوهوز ميكس هو مبيكلش غيرها ”
1
حمحمت ليلي ضاحكة ” طب انا هقوم انزل شوية ”
1
لم يعترض أحد حين ترجل كلا من عايدة وفيروز و زكريا يليهم عامر وزوجته وبناته.
هدر يونس انفاسه بضيق حين وجد كل العائلة تقبع فى غرفته ، هو يكرهه تجمعهم معه فى مكان واحد.
تلقي السلامات من الجميع.. ولكن آخر من توقع مثوله أمامه هي ” زاهية و ابنها ”
1
اردفت زاهية تقول متهكمة ” الف سلامة عليك يا يونس، مانت كنت كويس وبتهددني امبارح ”
2
تحدث يونس ” عمر الشقي باقي يا مرات عمي ، مكنش ليه لزوم تنورينا انتِ وابنك الحيلة اللي مترباش ده ”
1
رفع الأخر حاجبيه بحدة ” اهو ابنها اللي مترباش ده هيربيك على الحركة اللي انت عملتها مع أمي ، ان شقتها تبقى موجودة وتبات في أوتيل ، أنا بقى قاعدلك في الشقة ووريني أخرك ” .
احتقن وجه نائل بالدماء غاضبا ليكمل يونس بوجهه جامد ” وبما انك جاي أجازة طويلة هنا فانت تلاشاني يا نائل عشان ما امسحش بكرامة أهلك الارض، وانت عارفني شغل اللت والعجن اللى شربته من أمك ده طول السفر مايطلعش عليا سامع يالا “.
حاول عامر تهدئة الوضع حين اخذ نائل وزاهية للخارج، لتقول عايدة” اومال فين يوسف؟ ”
قاطعهم طرق الباب وكان الطارق يوسف و معه احد افراد الشرطة يقول بهدوء ” اتفضلوا دلوقتي يا جماعة عشان حضرة الظابط هيتكلم مع يونس ”
انصرف الجميع للخارج عدا الضابط و يونس الذي جلس بإبتسامة مليئة بالشر مرتقبة
بدأ الضابط بأخذ كافة المعلومات وحين سأله ” بتشك في حد او ليك عداوة مع حد؟ ”
نظر يونس بثقة وثبات يقول ” آه انا متأكد ان اللي ضرب عليا نار هو جابر خليل عبد الجواد. ”
༺༺༺༺༺༺༻༻༻༻༻༻
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية الخياط)