رواية سرداب الغرام الفصل الثالث 3 بقلم ندا حسن
رواية سرداب الغرام الجزء الثالث
رواية سرداب الغرام البارت الثالث
رواية سرداب الغرام الحلقة الثالثة
“دعيني أغمركِ بغرامي وأخفي بين طياته احتياجي”
عاد إلى منزله، مكانه الأمن، ملجأ قلبه ومأوى أوجاعه، عاد إلى المكان الذي يُلقي به كل حمل على عاتقه تستقبله برحابة صدر وتبدله من حمل ثقيل مُحزن إلى فراشات خُلقت من السعادة..
فتح باب الشقة فوجد السكون يعمها، لم يخبرها أنه آتي اليوم بل قال لها أنه لن يعود ليفعل كما قالت له والدته وكانت حقًا ترشده إلى الطريق الصحيح ولكن بعد آخر نقاش حدث بينه وبين والده لم يجد أي مكان آخر غيرها ليستقبله، لا يدري لما شعر بوخزه حادة ضربت قلبه لتتعالى دقاته بعدما اخترقت روحه حالة الصمت والسكون هذه على الرغم من أنه يعلم أنها نائمة بالداخل..
ولكن فجأة شعر بالفراغ يسكن لحظته وهي غائبة عنه، لتأتي شياطين عقله تراوده بأفكار خبيثة تجعل القلق يدق قلبه وتنزع منه الطمئنينة يتذكر كلمات والده وأفعاله الذي يدركها جيدًا..
دلف إلى داخل غرفة نومهم التي كانت تُنير بها إضاءة خافتة لأنها تخاف العتمة كثيرًا، وجدها نائمة في منتصف الفراش مكومة حول نفسها تشغر حيز صغير للغاية به..
ابتسم على الرغم من أن ملامحه مرهقة للغاية والحزن رُسم عليها ببراعة تنبع من داخل قلبه لكنه لا يستطيع أن يراها ولا يبتسم، أن يرى قمر لياليه وشمس نهاره، أن يرى روحه الساكنه بها وقلبه المُتعلق بقلبها..
نزع عنه جاكت بدلته الرسمية ووضعه على المقعد أمام الفراش ثم جلس بهدوء لا يصدر أصواتًا حتى لا يزعجها، نزع حذاءه وتقدم منها يلقي نفسه بين أحضانها يتخلل بنفسه داخل جسدها كي يصل إلى الغمرة التي يريدها تنتشله من عالمه وتخفف عنه ما به..
انتفضت “مُهرة” من على الفراش تبتعد عنه بقوة حيث أنها شعرت بالفزع كون أن هناك من يجذبها إليه ولم يعمل عقلها ويصل إليها أنه ربما أن يكون زوجها “يوسف” ولكنها كانت نائمة غائبة عن وعيها وهو أيضًا لم يكن متواجدًا معها مؤكدًا لها أنه لن يأتي اليوم..
عادت للخلف سريعًا تلملم نفسها وملابسها المُبعثرة المكونة من قميص رقيق للغاية يناسبها باللون الأسود تنظر إليه بعينان مُتسعة يملؤها الذعر ولكنه تقدم منها سريعًا مُحاولًا تهدءتها مُوضحًا لها أنه زوجها من أتى:
-مهرة أنا يوسف مالك
نظرت إليه باتساع محاولة استيعاب أنه هو مع محاولة تنظيم أنفاسها المتعالية ليأتي صوتها الخافت اثر النعاس:
-يوسف!… أنت جيت امتى
أمسك بيدها بهدوء يربت عليها ناظرًا إليها بحنان يقطر من عيناه وقال:
-لسه دلوقتي… اهدي
أومأت إليه برأسها بعدما هدأت قليلًا وارتفع صوتها بعدما استعادت وعيها وهي تنظر إليه:
-أنت قولتلي مش جاي النهاردة
تنهد بعمق وقوة وتخللت نظرات عيناه عينيها يعانقها ضائعًا بين الزحام مُلقيًا نفسه في رحاب غرامها:
-عايزك
أقتربت منه هذه المرة مع نظرات الاستغراب من عينيها التي تبدلت في لحظة وأتى صوتها القلق:
-مالك في ايه؟
لم يرغب في أن يزعجها بحديثه هذه المرة خاصةً أنه يخص ألم قلبها وفقد جزء من روحها إن لم تكن روحها بالكامل المُتعلقة به، تبسم برفق وقال:
-مافيش، عايز ابقى معاكي.. تعالي
أقتربت أكثر لتغمره بأحضانها فبدل الأدوار وألقى نفسه داخلها يُحيطها بيديه مُتمسكًا بها وكأنه العناق الأخير بينهم يلقى برأسه وضجيجها على صدرها ثم صمت بعد ذلك ولم يستطع الحديث ولكنها شعرت أن هناك خطب ما وعلى الرغم من ذلك فضلت الصمت وبدأت في مداعبة خصلات شعره لتشعره بالحنان والراحة في بيته وملاذه..
مر بعض الوقت بينهم وهو على هذا الوضع على غير العادة في الأوقات السعيدة أما عندما يكن هناك ما يحزنه حينها لا يريد إلا أن يعانقها ويلتزما الصمت
تحدثت بعدما طال صمته وعادت تسأله بقلق مرة أخرى:
-يوسف يا حبيبي مالك
لم يُجيبها بل بقيٰ على وضعه فنهش القلق قلبها أكثر ولم تستطع أن تهدأ بعدما أثار شكوكها فأردفت ثانيةً:
-حبيبي أنت قالقني عليك قولي في ايه حصل.. أنت كويس
جاءها صوته الهادئ الذي عكس إليها مدى حزنه:
-متقلقيش أنا كويس
سألته مرة أخرى:
-طيب في ايه قولي
اعتدل على الفراش تاركًا ملاذه داخل غمرتها وعاد للخلف ليجلس جوارها ناظرًا إليها:
-رضوان بيه عايزني اتجوز نورا
لم ينهش القلق قلبها منذ قليل! كانت على حق نظراتها إليه تبدلت مئة وثمانون درجة، اتسعت عينيها من هول الصدمة وبرز لونهما الغريب كليًا وارتفعت دقات قلبها الذي وخز بخنجر قاتل أتى به نصفين:
-تتجوز!
تعلقت عيناها به وتمسكت بكف يده تعتدل أمامه على الفراش ثم بدأت متحدثة بلهفة والترجي يُسيطر على حديثها ونبرتها:
-يعني ايه تتجوز يا يوسف.. طيب وأنا أنا مراتك على فكرة إزاي تتجوز ده مستحيل طبعًا أنت أكيد موافقتش ومش هتعمل كده صح، صح يا يوسف
بدل الأدوار وأمسك هو بيدها يضمها بين يديه وعانق قلقها بحنان نظرته ثم قال برفق:
-اهدي يا مهرة لو سمحتي
سألته مُستنكرة:
-اهدى إزاي
أومأ إليها بهدوء وأكمل ليطمئن قلبها بحديثه الذي كان محاولًا به أن يبث الهدوء إليها ولكنه كان ملئ بالغرام:
-مهرة أنا رفضت أكيد.. متخافيش أنا عمري ما أشوف واحده غيرك صدقيني
سألته مرة أخرى وهناك مليون مشهد ومشهد يأتون على خلدها في لحظات عصيبة لم تمر بعد:
-طيب قولي ايه اللي حصل
تنهد وعاد للخلف يستند برأسه إلى ظهر الفراش وبدأ يسرد عليها بهدوء:
-زي ما أنتي عارفه هو في خياله مخطط وراسم من زمان إني اتجوز نورا وأهي رجعت والمفروض اتجوزها
أكمل بصدقٍ قائلًا:
-هو كان كلمني قبل ما ترجع بأسبوع وأنا رفضت وشدينا مع بعض محبتش أقولك علشان متزعليش
زفر الهواء من رئتيه وتابع:
-بس النهاردة كلمني تاني وأنا اتهزيت بعد كلامه
ضيقت عينيها عليه وسألته مُستفسرة:
-ليه
أغلق عينيه السوداء بقوة يعتصرهما متذكرًا نظرة والده الخبيثة عندما أتى على ذكرها الذي جعل قلبه ينتفض بين أضلعه:
-لأنه جاب سيرتك، افتكر معرفش ليه كنت خايف يكون عارف أننا متجوزين وبيستهبلني أو يكون فاهم إني لسه بحبك بس أنا اتلغبطت واتوترت، مكنش همي حد غيرك
استرسل الحديث بقلق ظاهر على ملامحه:
-حسيت إن كلامه تهديد وأنا خوفت عليكي، كان هيحدد معاد خطوبة بس أنا قولتله يديني وقت وأنا هحدده
كررت الكلمة من بعده بفزع تنظر إليه بلهفة قاتلة وخيبة الأمل تخللت نظرتها له:
-تحدده؟
فتح عيناه وناظرها يفيض إليها بالحنان والحب خاصةً عندما أقترب منها وأخذ يديها الاثنين بين يديه مرة أخرى يقول:
-مهرة أنا مش هتجوز غيرك متخافيش، وبلاش النظرة دي أنا بس محتار وقلقان منه أنتي عارفه إن ده حقي من اللي شوفته
لم تفهم ما هي نهاية هذا الحديث وما الذي توصل إليه فألقت كل هذا وسألته:
-يعني ايه يا يوسف
تحير أكثر بعدما سألته ونظرت إليه بهذه الطريقة المتخبطة بين أروقة الزمن:
-مش عارف صدقيني مش عارف يمكن أنا بحاول أكسب وقت علشان أعرف هعمل ايه
تبدل حالها في لحظة عندما وجدت الحزن كسى وجهه أكثر من السابق وتهدلت أكتافه من كثرة الأحمال عليها، فاقتربت منه برفق ولين وأتى صوتها الناعم الذي تخلله الخوف تكمل برجاء:
-متخافش يا حبيبي، متخافش أنا معاك في أي حاجه والله ومش هسيبك بس بلاش جواز يا يوسف علشان خاطري
رفع كف يدها إلى فمه يقبلها بكل لين وحنان وتابعها قائلًا بشغف كل يوم يزداد تجاهها:
-والله ما تخافي يا مهرة حتى لو أنتي قولتي اتجوز أنا مقدرش أعمل كده أنا مش بشوف ست غيرك
ابتسمت وأقتربت أكثر تعانقه قائلة:
-ربنا يخليك ليا يا حبيبي
عادت إلى الخلف ثم بدأت في الحديث الهادىء اللين محاولة رسم طريق للخروج من هذه الأزمة أمامه كي يعود كما كان تعطيه الأمل الأكبر بالله:
-بص أنت متفكرش ومتقلقش هتتحل من عند ربنا، أنت نيتك خير في كل حاجه وراجل أصيل وجدع وعارف ربنا.. متخافش ربنا مش هيسيبنا وإن شاء الله ينجينا من ظلم أبوك
وضع يده خلف رأسها يُمسد على خصلات شعرها الغجرية يناظرها باشتياق وسط الإضاءة الخافتة واستمعت إلى نبرته:
-أنا مش خايف غير عليكي يا مهرة قلبي
ابتسمت إليه بهدوء:
-مهرة قلبك هتبقى بخير طول ما أنت بخير يا حبيبي
اتسعت ابتسامتها وهي تقول بقوة تتحرك على الفراش بسعادة تخرج الحزن من مكانهم تعود به إلى لحظات السعادة والفرح:
-أنا عايزاك تنسى الهم ده كله، بكرة إجازة وأنا عزمت عز وآية ومامتك عندنا أما دلوقتي بقى دي فقرة خاصة بيك أنت علشان نعدل مزاجك موافق؟
اعتدل جالسًا بلهفة وتناسى كل ما قاله إليه والده وكل ما فكر به عقله ولم يبقى به شيء يعمل سور عيناه وجسده الذي انتظر حضورها أمامه وأتت نبرة صوته المُتلهفة:
-إلا موافق
أبتعدت عنه لتقف على الأرضية تتقدم إلى الهاتف الذي أخذته تعبث به لتفتحه على الأغاني الصاخبة ثم ذهبت إلى الخزانة تتحرك بغنج ودلال أسفل نظرات عيناه الوقحة، لتأتي بشال تضعه على خصرها ليحكم رسم بدنها أمامه ثم بدأت بالتحرك أمامه وامتاعه بموهبة الرقص لديها جاعلة إياه يتناسى كل ما كان يعكر صفو مزاجه، وتمحي قلقها من كونه سيتزوج أخرى غيرها على الرغم من أنها تثق به أكثر من ثقتها بنفسها.. أنه زوجها وحبيبها الوحيد..
❈-❈-❈
“في منتصف اليوم التالي”
خرج “يوسف” من غرفة النوم الخاصة بهما وهو يتثائب، خصلاته مُبعثرة غير مهندمة وملامحه ناعسة يرتدي قميص داخلي لونه أسود يبرز عضلات صدره ولياقته وشورت رجالي يماثله، قد خلد للنوم معها في وقت متأخر للغاية ربما يكن بعد أن أشرقت الشمس في الصباح لذا استيقظ مُتأخرًا ولكنه مُطمئن لأن اليوم إجازته فلا داعي للقلق أو العجلة..
كان في طريقة من الغرفة إلى المرحاض ولكنه استنشق رائحة نفاذة غريبة كرمشت ملامحه منها في اللحظات الأولى، طمس على وجهه ثم غير وجهته إلى المطبخ وهو يحاول أن يكذب نفسه بعدما أدرك ما الذي تفعله “مهرة”..
دلفت الرائحة إلى معدته وليس أنفه فقط ووقف ينظر إليها مذهولًا مما تفعله ليخترق أذنها بصوته المفاجئ بتوجس:
-أنتي عزماهم على فسيخ؟
كانت تقف أمام رخامة المطبخ تطع حبات السمك المُملح على صينية كبيرة تقوم بتنظيفة ثم وضعه في الأطباق، نظرت إليه وسألته بلا مبالاة:
-أنت صحيت
أقترب خطوة للداخل يرمقها باستغراب تام وكرر عليها سؤاله بعينان مندهشة:
-مهرة، أنتي بجد عزماهم على فسيخ
ابتسمت إليه بسعادة ثم أشارت إلى الأكياس والأطباق الموزعة أمامها قائلة بحماس:
-مش فسيخ بس دا فسيخ ورنجة وسردين
لم يستوعب ما الذي تتحدث عنه حقًا، كيف لها أن تطعهم هذا!:
-أنتي بتتكلمي بجد؟
أومأت إليه برأسها بعدم اهتمام تكمل ما تفعله:
-آه
أشار إليها بيده مُستنكرًا:
-ملقتيش غير فسيح ما عندك أنواع سمك كتيرة جمبري كابوريا سبيط إنشلا حتى بلطي ولا بوري
تركت ما بيدها وتابعت النظر إليه تستنكر اعتراضه عليه على الرغم من أنه يحبه:
-مش فاهمه ايه مشكلتك أنت مش بتاكله معايا
لم يكن يأكله بحياته ولم يطيق يومًا أن يستنشق هذه الرائحة التي تعتبر لدى البعض كريهة للغاية ولكنه فعل ذلك كثيرًا من المرات لأجلها وبات معتاد عليه، قال بعقلانية موضحًا:
-آه يا حبيبتي باكله بس ايه ذنب الناس التانية تاكله
عادت مرة أخرى تفرغ محتوى الأكياس قائلة:
-ما هما كمان بياكلوه
سألها بجدية مضيقًا ما بين حاجبيه:
-مين قالك
أجابته بمنتهى البساطة والهدوء:
-منا اتفقت أنا وآية أعزمهم على فسيخ وكلمت مامتك سألتها قالتلي بتموت فيه وأنا بموت فيه كمان يبقى ايه المانع
وزعت بصرها على الأطباق بشهية مفتوحة واستشقت رائحته بصوتٍ عالٍ مستمتعة به تظهر إليه تلذذها:
-وبعدين بص هنا فسيخ بس ودي سلطة فسيخ ودي رنجة وسلطة رنجة وسردين وخضار والله بقى على الأكله دي هو في أحلى من الفسيخ
وكأنه لا يستجيب لأي مما تقول فأغمض عيناه مستغربًا ثم ردد بدهشة أكثر من السابق:
-فسيخ!
تفوهت تنظر إليه بغرابة:
-الله ما أنت بتاكله
أقترب إلى الداخل ينظر إلى جمال عينيها الساحرة ذات السحبة الغريبة التي تماثل عيون القطة وقال والهوى يغمر قلبه على الرغم من أنه لم يكن يحبه يومًا ومازالت تلك الرائحة تزعجه:
-أنا باكله علشان خاطر مهرة قلبي
رمقته بنظرة حزينة للغاية وتابعت ما قاله ليتوصل إليها أنه يأكل منه لأجلها رغمًا عنه فأتته نبرتها التي يملئها الحزن الماكر:
-يعني غصب عنك؟ هو مش حلو
دلف إلى الداخل ضاغطًا على ذاته إلى المنتهى ليجذبها إليه من خصرها تاركة ما بيدها متعلقة بها تلك الرائحة ولكنه تغير مئة وثمانون درجة حين قال باستمتاع كاذب:
-تحفه، هو في زي أكلة الفسيخ دا أنا بموت فيه زيك بالظبط
ابتسمت باتساع وهي تبعد يدها إلى الطبق لتأخذ منه بالملعقة قطعة كبيرة بها تقدمها إليه:
-خلاص يبقى هأكلك بأيدي دوق دي
عاد برأسه للخلف وأبتعد تاركًا خصرها بعدما ظهرت معالم الإعتراض على وجهه ولكنه جمله بتبريره:
-أنا لسه صاحي مش دلوقتي طيب
أصرت على أن يتذوقه وقدمته إليه مرة أخرى لتبقى الملعقة أمام شفتاة فأخذها على مضض:
-دوق بس
ارتسمت ابتسامة على وجهه وقال مجاملةً لها:
-الله تحفه يا حبيبتي
اتسعت ابتسامتها أكثر وأبتعدت تعد بقية الطعام تحدث نفسها بتركيز:
-فاضل حاجه.. آه اللمون
أتى صوته المُستاء شاعرًا بالاشمئزاز لتستمع إليه:
-طب ايه ريحة الشقة معفنه
رمقته بحدة غير مصدقة ما الذي يتفوه به مكررة تلك الكلمة بذهولٍ:
-معفنه؟
تنحنح بخشونة وغير تعبيره بهدوء:
-قصدي مليانه ريحة فسيخ يعني، اعملي فيها حاجه
أومأت إليه بجدية:
-هخلص تحضير وأبخرها
أكملت تنظر إليه بعدما أدركت أنه الآن فقط استيقظ من النوم ولم يفعل أي شيء في يومه:
-أدخل أنت خد شاور وغير هدومك يلا
ابتعد حامدًا ربه يُجيبها:
-طيب ماشي
بقيت هي تحضر بقية الطعام المملح بسعادة وتلذذ ظهر في نظرتها نحوه وحديثها عنه وكأنها من عشاق هذه الأكلة وقد كان هذا حقًا، وهو لم يحبها يومًا بل بات يأكله فقط لأجل أعيونها ولأجل أن يشاركها كل ما تحب كما تفعل معه دومًا وبات مُعتادًا عليه ولكنه مازال يستنكره برائحته وبالأخص الآن! كيف لها أن تطعم أحد هذا؟ هل انتهت أنواع الطعام في العالم! هناك الكثير من أنواع الأسماك، المشويات وغير ذلك كثيرًا لما هذا بالأخص؟!
كتم غيظه واستغرابه داخله وذهب يأخذ حمامًا ليبدأ يومه الذي آتى من المنتصف بسبب نومه المتأخر..
مر بعض الوقت عليهم كانت أنجزت “مهرة” تحضير الطعام ووضعته على الطاولة، ثم ذهبت لتغير ملابسها لتكن مناسبة أكثر لاستقبالهم حيث بدلتها بفستان رقيق للغاية زهري اللون طويل يصل إلى كاحليها مغلق الصدر بأكمام تصل إلى مرفقيها يتوسط خصره حزام أبيض اللون.. وجهها خالي من مستحضرات التجميل كما يحب “يوسف” أن تفعل أمام أي أحد سواه فهي جميلة حد الفتنة دون مجهود منها وتزداد فتنة وجمالًا بعدما تتزين، ورفعت خصلات شعرها الغجرية في هيئة كعكة
أتت والدته التي هاتفتهم وتقدمت لتفتح لها الباب بابتسامة عريضة مُرتسمة على ملامحها تبادلها هي الأخرى نفس النظرات المبتسمة لتأخذها في عناق حار مُرحبة بها كثيرًا:
-أهلًا وسهلًا يا طنط البيت نور والله اتفضلي
دلفت مُتقدمة إلى الداخل مُجيبة عليها برفق ولين:
-البيت منور بيكم يا مهرة يا حبيبتي
أغلقت الباب الباب من خلفها ووقفت تتحدث بامتنان واحترام لها:
-نور زيادة بوجودك والله يا طنط
ربتت والدته على ذراعها تتسع ابتسامتها وهي تنظر إليها وتستمع إلى حديثها في كل مرة الذي يجعلها تدرك أن زوجها أخطأ كثيرًا في حق ولده:
-حبيبتي يا مهرة يسلملي كلامك الحلو ده
نظرت إليها من الأسفل إلى الأعلى تبصر جمالها الساحر الفاتن في كل مرة تراها بها تكن أجمل من السابق:
-ايه كمان الحلاوة دي أنتي كل يوم تزيدي حلاوة دا ليه حق بقى يوسف يفضل عندك
زينت الابتسامة شفتيها بخجل واضح بينما تستمع إليها لتُجيب بحماس:
-يا خبر وأنا اجي جنبك ايه يا طنط
ارتفعت ضحكات الأخرى تهتف مُتهكمة:
-متاكليش بعقلي حلاوة يا مهرة بقى
نفت حديثها تعارضة بقوة قائلة:
-والله أبدًا طب يارب ابقى زيك
أتى “يوسف” من الداخل يحمل زجاجة عطر خاصة به يقوم بنثر رائحتها في أرجاء الشقة وهو يتقدم منهم قائلًا بسخرية بعدما استمع إلى حديثهم:
-هتفضلوا تمدحوا في بعض كده كتير
أردفت والدته مبتسمة:
-ازيك يا يوسف يا حبيبي
أجابها بحنو ونبرة هادئة:
-الحمدلله يا أمي اتفضلي
نظرت إليه زوجته وارتفع صوتها بعدما طفح الكيل منه بسبب ما يفعله:
-يوسف ايه اللي بتعمله ده أنت لسه بترش برفان
أجابها بملامح ممتعضة شاعرًا بداخله بالتقزز وكأنه يجلس بمكان ليس به رائحة سوى رائحة هذه الأسماك:
-ما الريحة مش عايزة تتنيل من هنا
تقدمت تجذب منه الزجاجة قائلة بضيق وانزعاج:
-أنا عملت بخور ورشيت معطر كفاية اللي بتعمله ده
زفر بقوة قائلًا:
-أنا مش طايق الريحة دي يا مهرة
أشارت إلى النافذة الذي أغلقها معتقدًا أن الرائحة الكريهة هذه ستخرج إلى الجيران عبر النوافذ تزعجهم:
-أفتح الشباك يا يوسف أنت كده بتعمل ريحة اوحش
أومأ إليها بعدما لم يجد حلًا آخر:
-طيب خلاص
أبصرت والدته وخرج صوتها بنبرة مرتفعة قائلًا:
-شايفه يا طنط مش عاجبه ريحة الفسيخ مع أنه بياكله
نظرت إليه بخبث ومكر تؤكد إليه أنها تعلم ما يشعر به ولكنها ترتدي ثوب الغباء:
-بياكله غصب عنه بس بردو بياكله
رمقها مستغربًا بدهشة وأقترب يُميل عليها وجاءها صوته الذي اخترق كذبها:
-آه يا مهرة قلبي، يعني أنتي عارفه وبتستهبلي عليا!
حركت رأسها يمينًا ويسارًا بنفي تتحدث ببراءة:
-تؤ أنت بتاكله علشاني يا روحي
تابع شفتيها وهي تنطق الكلمات بهذه الطريقة المدللة وممر عينيه على ملامحها التي سلبت عقله بجمالها وزادت جنونه وهي تغمزه بعينيها بوقاحة فلم يستطع النظر إليها أكثر ووالدته تقف أمامهم ليتحدث بجدية بعدما تنحنح بخشونة:
-اتفضلي يا أمي ارتاحي
تقدمت والدته أمامه وسار معها خلفها يميل عليها قائلًا بنبرة عابثة ترغب بها:
-خفي عليا شوية يا حلوة
رمقته بجرأة وصراحة عينيها تفضحها تجيبه بغنج ودلال يُغريه:
-أنت اللي خفيف مش مستحمل
أردف يعبث بها أكثر وداخله يعبث به هو وارتفع صوته الهامس لها:
-حد يشوف المهرة دي قدامه ويستحمل
حركت رأسها بالرفض مُبتسمة بدلال:
-تؤ تؤ
بعد دقائق كان حضر صديقه “عز” وزوجته التي كانت الصديقة المقربة إليها منذ أيام الجامعة، جلسوا جميعًا على طاولة الطعام فارتفع صوت “آية” الساخر:
-أنا سمعت كده إن كان في حد مش عايزنا ناكل فسيخ
ابتلع الطعام الذي كان بفمه ونظر إليها مُجيبًا بعدما رمق زوجته بجدية:
-هي لحقت تقولك وبعدين آه أنا في حد يعزم حد على فسيخ
أشارت إليه بيدها بضيق وانزعاج:
-ياسيدي أنا نفسي فيه وعز زيك بالظبط انتوا كلكم كده رجالة استغفر الله العظيم
تحدث “عز” زوجها الذي قال بجدية:
-يعني مكنش فيه غير أنكم تحطونا قدام الأمر الواقع
ابتلعت الطعام الذي تلذذت به كثيرًا ثم قالت متهكمة:
-عز يا حبيبي كُل.. طعمه حلو مش كده
ابتسم إليها بسماجة وأجاب:
-تحفه يا حبيبتي
جاء صوت والدته القاطع لحديثهم:
-طب والله طعمه جميل فعلًا يا ولاد
ارتفع صوت “آية” السعيد بقولها الذي فرق بينهم:
-بس كده طنط قسمت الفريقين برأي الحكم
ابتسمت “مهرة” وهي تنظر إليهم كل واحدًا منهم برأي مختلف ولكن في النهاية فعلت ما أرادت، تحدثت ضاحكة وهي تبصر زوجها بسخرية:
-طب كلوا وبطلوا كلام أنا لازم أشيل الأطباق دي كلها فاضية علشان يوسف ممكن يرميها باللي فيها والله
تهكم رافعًا أحد حاجبيه وأتى صوته حنون للغاية ينظر إليها بدفء:
-أنا أقدر بردو، دا أنا هاكل معاكي بالليل تاني
تابعته باستغراب ولم تصدق الحديث الذي يصدر عنه فانتظرت قليلًا يلتهون بالطعام ثم مالت عليه هامسه:
-أنت بتثبتني
أجابها يهمس هو الآخر جوار أذنها بحرارة تنبعث إلى داخلها:
-لأ بتكلم بجد أنا هاكل معاكي بس حاجه تانية
أومأت برأسها بجدية وهي تبتعد عنه قائلة:
-أنا قولت كده بردو
مر الوقت بينهم بسرعة كبيرة والمرح كان المسيطر على الأجواء بين “مهرة” و “آية” و “يوسف ومعه “عز” الذين كانوا يشكلون في حديثهم فريقين يتحدون بعضهم ثم يأتي صوت والدته الذي يفصل بينهم..
❈-❈-❈
جلست “نورا” مع والدتها في غرفتها تتحدث معها عن زيجتها من “يوسف” والذي جعلها والده عقد من الألماس في عنقها..
أردفت بملل وانزعاج:
-بقولك أصلًا مش بشوفه يا ماما
تحدثت والدتها بلهفة تُملي عليها كما قال لها شقيقها أن تفعل:
-كلميه يا نورا وقربي منه لما يكون موجود واعملي زي ما خالك قالك بالظبط
وقفت على قدميها تبتعد بامتعاض وضيق شديد تملكها:
-خالو بيتكلم بس لكن مافيش أي خطوة اتعملت ويوسف بيتهرب مني
أتى صوت والدتها المُتسائل:
-أنتي اتكلمتي مع خالك
تغيرت تعابير صفحة وجهها إلى الضيق الشديد وهي تُجيب والدتها:
-أيوه اتكلمت معاه وهو قالي أن قريب هنعمل خطوبة، أنا مش فاهمه أنا بعمل في نفسي كده ليه يوسف شكله بيتهرب أصلًا
وقفت هي الأخرى وتركت مكانها لتبقى أمامها بنظراتٍ خبيثة ماكرة حاولت قدر الإمكان أن ترسم أمامها الصورة واضحة:
-بلاش تبقي هبلة بتعملي ايه دا بكرة يبقى خاتم في صوباعك أنتي تطولي تبقي مرات يوسف مراد رضوان على سن ورمح ده هو اللي شايل العيلة دي كلها
أشارت بيدها في الفراغ تحرك شفتيها بنزق:
-مش شايفه زيدان أخوه اللي ماشي بكلمة يمنى لأ وايه لو ربنا كرمك منه بحتة عيل هتبقي الكل في الكل ما أنتي عارفه خالك نفسه في عيل صغير وزيدان مش بيخلف
لمعت عيناي “نورا” بالجشع على الرغم من أنها لا تريد أموال فيكفي ما عند والدتها ولكن المظهر ما يهمها وأن تكن سيدة الجميع فكرة تلعب على أوتار عقلها الحساسة:
-تفتكري يا ماما
أومأت إليها برأسها بعينان تلتمع بالخبث:
-بلاش هبل واسمعي كلام خالك دا عايز يخليكي ست الكل هنا هو يعني مستفاد ايه
أكملت وهي تبتعد إلى الخلف لتجلس بعدما رسخت الفكرة في رأس ابنتها كي لا تضيع فرصة الزواج من “يوسف رضوان” ابن شقيقها:
-وأنتي عايزة واحد شكل وهيبة ومركز ومافيش صفة واحدة عايزاها مش موجودة في يوسف
ظهر الحزن على ملامحها وتخلل نبرتها وهي تهتف:
-بس هو مش مديني فرصة خالص
أشارت والدتها إلى نفسها بقوة قائلة بتأكيد وثقة كبيرة:
-سيبي الموضوع ده عليا أول ما المحه في البيت هدبسه في قاعدة معاكي وأنتي عليكي تعلقيه بيكي بقى وبعدين مش صعبة عليكي دي
نظرت إلى ابنتها وجمالها الطبيعي وفتنة بدنها ثم توقفت أمام عينيها واخترقت أذنها قائلة بسخرية:
-ما شاء الله من نظرة واحدة تخطفي الرجالة جايه هنا تخيبي ولا ايه
أومأت “نورا” إليها بالايجاب وابتسامتها تتسع على شفتيها بعدما اطمئن قلبها بحديث والدتها وأخمد النيران المشتعلة داخلها:
-خلاص هعمل كده وهستنى خالو ينفذ كلامه
تهكمت ساخرة مدركة حجم نفوذ شقيقها وما الذي يستطيع فعله بالجميع ليس فقط كلمات تكن الإجابة من بعدها سمعًا وطاعة:
-هو خالك من امتى خلف كلامه.. دا كلامه بيمشي على الكبير والصغير في البلد دي إحنا بس نستنى شوية
أجابتها برفق:
-ماشي
ثم بدأ عقلها وخيوطه الممزوجه بفكرة الزواج منه في التفكير في كيفية الحصول على عقله، هل من أقرب طريق للرجل هو معدته أم قلبه؟ ولم تكن تدري أن الاثنين لدى يوسف ليس بهم ذرة واحدة من الفراغ بل تملأ كل عضو نابض به تلك المهرة التي سلبت لبه وعقله الذي أصبح مجنون بها..
❈-❈-❈
في أحد قرى الريف المصري، في منزل عائلة “العطار” من أغنى عائلات القرية تجلس سيدة مُسنة أكل الشيب ملامحها ترتدي عباءة سوداء وتضع الوشاح الأسود على رأسها تنظر إلى ولديها تتابعهم بهدوء فاستمعت إلى صوت واحدًا منهم وكان “حمدان” يهتف بغضب:
-يعني أنتي هتفضلي سايبة البت دي تتصرمح براحتها في مصر بقالها سنتين منعرفش عنها حاجه
أجابته بعدما أبعدت وجهها عنه وأردفت بهدوء يقتله:
-أنا أعرف عنها كل حاجه ومهرة بتيجي البلد تطل علينا، شغاله وبتاخد فلوس حلوة وبتبعت نصها كل أول شهر وقاعدة مع ناس كويسه
ضغط على أسنانه بغلظة وتابع بملامح ممتعضة شاعرًا بأنه سينفجر بها وبابنة ولدها قريبًا:
-وهي أحسن من بناتنا في ايه علشان تسافر مصر تقعد فيها لوحدها ومن امتى عندنا بنات بتعمل كده أصلًا بس أنتي اللي مشجعاها
رفعت وجهها إليه وعانقت عيناه بقوة ظهر بها العنف والقسوة تُجيبه:
-طالما معملتش حاجه غلط يبقى محدش ليه يتكلم
أشار إليها بيده بعدما أدرك أن لا طريق للاكراه مع والدته:
-مهرة مخطوبة لعمر وهو مستعد للجواز ومستني ترجعيها من مصر علشان ينزل من الكويت ويتجوزوا
أومأت إليه برأسها متحدثة بهدوء:
-سيبها بظروفها لما مهرة تيجي زيارة هقولها الكلام ده وهخليها تسيب مصر خالص وترجع
سألها بعدما وقف من مكانه وأقترب منها يجلس جوارها قائلًا بترقب:
-اديني عنوانها
أشارت بيدها سريعًا معترضة بقسوة قاطعة:
-لأ.. لأ محدش واخد عنوانها ولا حد هيروحلها
تحدث شقيقه الآخر “محمود” وهو ينظر إليه غامزًا إياه بعيناه:
-خلاص يا حمدان أمك قالت كلمة إحنا هنستنى لما مهرة تيجي زيارة بقالها كتير مجاتش يبقى قربت
صمت وأكمل بغلظة:
-ومن بعدها مش هتعتب مصر تاني وأنت تجيب ابنك يكتب عليها ونخلص
أكمل شقيقه من خلفه مؤكدًا حديثه:
-هيحصل ياخويا بس عمر مش عايز ينزل غير لما تكون هنا علشان ميقفش حاله وشغله بره
أومأ إليه الآخر يطمئنه بعمق عيناه:
-هانت ياخويا.. متقلقش
تابع والدته التي بقيت صامتة تبعد وجهها عنهم أثناء الحديث فيرتفع شعوره بالغضب تجاههم سويًا، أتاها صوته الخشن القاسي:
-لو البت دي مجاتش واتجوزت عمر أنتي اللي هتبقي جنيتي عليها قسمًا بالله هلف مصر كعب داير واجبها البلد من شعرها
أردف الآخر بملل:
-ما تهدي نفسك اومال يا حمدان
وقف على قدميه يرفع جلبابه بعصبية شديدة يضغط على شفتيه وخرج غضبه في حديثه الحاد:
-أنا هطق، بت زي دي تقعد كل ده في مصر لوحدها وإحنا رجالة بشنبات مش عارفين نوصلها علشان خاطر أمك اللي بتحامي عليها
ابتسمت ساخرة فتحركت تجاعيد وجهها الرفيع ورفعت وجهها إليهم تناظر كل واحدًا منهم للحظة ثم أردفت وهي تحاول الاعتدال بنبرة حادة يملؤها الخوف على ابنة ولدها الراحل:
-اوعوا تكونوا فاكرين إني مش عارفه انتوا عايزين مهرة ليه، عايزين مهرة تتجوز عمر علشان تاخدوا منها كل حاجه، الأرض اللي أبوها كتبهالها باسمها والدار الكبيرة مش كده عايزين تأكلوا لحمها
أكملت مشيرة إليهم باستغراب:
-ما البت سيبالكم الأرض وخيرها والدار أهي عندكم عايزين منها ايه
دلف ولدها “حمدان” إلى الداخل ليبقى أمامها وقال بنبرة تبدو أنها جادة صادقة ولكن نظرات الأعين كانت فاضحة:
-عايزين مهرة بتنا بت أخونا وإحنا أولى نلم لحمنا من الغريب
ابتسمت هازئة به:
-صدقتك كده
عاد إلى الخلف يبتعد عنها ذاهبًا إلى الخارج صارخًا عليها:
-براحتك بس أنا قولت اللي عندي.. هِم ياخويا
ذهب الآخر خلفه دون حديث بعد أن افرغوا محتوى قلوبهما في صندوق والدتهما وجدتها التي امتلأ قلبها بالخوف عليها من بطش أعمامها، وابنه عمر بالأخص.. لن تجعلها تعود إلى هنا مهما حدث، ستبقى بعيدًا عنهم كي تلوذ بالفرار من قبضتهم القوية على حياتها التي ستدمرها إلى الأبد فلن تجد نفسها من بعدها ولن تجد أي شيء منها، فقط مسخ.. مسخ سيكون عليها التأقلم معه في حياتها الجديدة بين أيدي جشعة لا تريد سوى فتاة حرة تتحاكى عنها البلدة بجمالها ليفوز بها ولده ويفوز هو بمالها.. تنهدت بعمق داعية الله أن يحميها أينما كانت، وهي تعلم أنها في أيدي أمينة..
❈-❈-❈
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية سرداب الغرام)