روايات

رواية عشرون رساله قبل الوقوع في الخطيئه الفصل التاسع 9 بقلم نعمة حسن

موقع كتابك في سطور

رواية عشرون رساله قبل الوقوع في الخطيئه الفصل التاسع 9 بقلم نعمة حسن

رواية عشرون رساله قبل الوقوع في الخطيئه الجزء التاسع

رواية عشرون رساله قبل الوقوع في الخطيئه البارت التاسع

عشرون رساله قبل الوقوع في الخطينه
عشرون رساله قبل الوقوع في الخطيئه

رواية عشرون رساله قبل الوقوع في الخطينه الحلقة التاسعة

توقف بسيارتهُ أمام المشفـي ، للمرةِ التاليه في نفس اليوم يتكرر نفس المشهد…
نزل مسرعًا ودخل المشفي مهرولًا يقول: معايا حاله طارئه..
أسرع ممرضين الإستقبال و بحوزتهم “ترول المصابين” وقام هو بحملها من السياره إليه.
إصطحبها الممرضين إلي غرفة الكشف بينما توقف هو يملي بياناته علي موظفة الاستقبال التي نظرت إليه و همّت بقول شئٍ ما ليبادر هو بالحديث قائلًا : أيوة أنا..
قطبت جبينها بإستغراب وقالت: كنت جايب نفس الحاله!!
_للأسف.. كده تمام خلصتي أسئله ولا لسه؟!
=اتفضل حضرتك.
إنصرف بإتجاه الغرفة المتواجده بها قبل أن يتلقي إتصال من معتز فأجاب: أيوة يا معتز عملتوا إيه؟
_قبضوا عليه.. انت فين؟!
=أنا في مستشفى الميدان ، الدكتور بلغني إنهم بلغوا و هيبعتوا حد من النيابه عشان ياخد أقوالها..
ثم مسح وجهه بتعب وتنهد قائلًا : واديني اهو مستني معاها..
تملكهُ شعور بالغيرة لم يُدرك مصدره بعد وقال بحده طفيفه : ليه خبيت عليا انك تعرف آصال يا رياض؟!
إنزوي ما بين حاجبيه بتعجب وقال: آصال؟!! انت تعرفها منين ؟!
_دي الموظفه الجديده اللي حكيتلك عنها!
إرتفع حاجبيه بإندهاش وقال: معقول؟! أنا مكنتش اعرف أبدًا ان هي.. انا عرفتها النهارده بالصدفه لما كانت هتنتحر وانا ساعدتها.. منا حكيتلك!!
إندهش بدوره وقال: هي آصال اللي كانت هتنتحر؟!
تنهد الآخر بثقل مردفًا: ايوة اومال انا بحكي في ايه م الصبح.. هي آصال اللي قابلتها النهارده وكانت هتنتحر بسبب ابتزاز الحقير ده ليها.. ولما عرف انها بلغت خطفهاا..
_ده ابن عمهاا.. اسمه تميم!!
=مش مستغرب، من كلامها معايا كانت كل الشواهد بتقول انه هو بس هي اللي كانت مغلفه.
_ وليه متقولش انها طيبه زياده عن اللزوم..
أومأ ريـاض بهدوء وقال: أيًا كان.. مش وقت مجادلات دلوقتي.. انا هصبر هنا لما اشوف الاحوال هتوصل لفين وعشان كمان متبقاش لوحدها.. وانت خليك مع رامز بيه وبلغني بالجديد اول باول..
أنهي الإتصال معهُ عندما رأي أحدهم يتقدم من غرفتها فذهب إليه و صافحه معرفًا بنفسه : رياض المسلماني.. أنا اللي وصلت الانسه آصال للمستشفي..
_ غني عن التعريف يا بشمهندس.. المقدم حازم المسيري..
=اهلا بحضرتك يا حازم بيه..
_سألنا الدكتور وقال انها بحاله تسمح لاستجوابها.. وياريت حضرتك تكون موجود بما ان تعتبر شاهد..
طرق المقدم حازم باب غرفتها ودخل بعد ثوانٍ يتبعهُ ” رياض”.
صافحها برسميه وجلس أمامها علي مقعدٍ مقابل لسريرها بينما إستند ” رياض” إلي الحائط من خلفه.
_آنسه آصال.. حمدالله على السلامه اولا..
برز صوتها متعبًا متقطعًا: الله يسلمك..
_يريت تحكيلنا اللي حصل بالتفصيل.. من اول ما اتقابلتوا.. قاللك ايه او حصل بينكوا ايه خلاه يقرر انه يخطفك .
ران بصرها سريعًا بإتجاه ‘ رياض ‘ وبدأت تحكي وهي تبكي بهدوء: احنا اتقابلنا قدام المستشفي الاميري ، انا كنت بزور بابا وهو قاللي انه كان في مشوار وراجع المستشفي تاني، ركبت معاه الموتور عشان يوصلني للبيت وقال انه هيرجع للاوتيل اللي نازل فيه عشان يغير هدومه..
_تعرفي اسم الاوتيل؟!
أومأت بنفي: لا..
_طيب كملي..
= واحنا في الطريق سألني كنتي فين طول اليوم.. قولتله روحت بلغت..
_ثواني لو سمحتي.. بلغتي عن اي؟!
اعتصرت عيناها تحاول التوقف عن البكاء فأخرج ” رياض” علبة نزع منها العديد من المِحرمات وقدمها إليها فتناولتها منهُ و جففت وجهها وإستطردت ما بدأته فقالت : كنت بتعرض للابتزاز من شخص مجهول..
_كان بيبتزك بإيه؟!.
إختنقت الأحرف في حلقها وإمتنعت عن الحديث فقال رياض: بعد اذن حضرتك تعدي الجزئيه دي.. تفاصيل قضية الابتزاز كامله ومعاها اقوال انسه آصال مع رامز بيه النشوئاتي .. ممكن حضرتك تاخد منه الملف و تطّلع عليه براحتك..
أومأ المقدم موافقًا وقال: كملي يا آنسه آصال، بعد ما قولتيله انك بلغتي ايه اللي حصل؟!
أكملت وقد عادت تنتحب من جديد: فجأه زود السرعه وكانه كان غايب عن الوعي وقتها وبعدين وقف قدام بيت قديم في شارع جانبي ونزلني غصب عني من علي الموتور ومسك ايديا وطلعني البيت بالعافيه لحد ما وصلنا للشقه.. فتح الباب و زقني ولما دخلت لقيت صوري كلها ماليه الحيطان.. حتي الصور اللي صورهالي في الفندق وكان بيبتزني بيها..
توقف الآخر عند ذكر هذه الجمله وقال: تقصدي انه هو نفسه المبتز اللي عملتي فيه البلاغ؟!
أومأت أن نعم فقال: عشان كده خطفك لما عرف انك بلغتي عنه!
أومأت برأسها مرة أخري دون النبس بحرف فقال: تمام .. كملي.. وبعد ما دخلتي الشقه.. حصل ايه؟
إمتدت يداها مره أخري إلي رسغيها تدلكهما بألم وهي تقول: بعدها ربطني في الكرسي من ايديا ورجليا وفضل يدخن سجاير ويطفيها في ايديه.. و..آآ..ـــ
إنفجرت في البكاء مره أخرى وأحست بالإعياء وهي تقول بأحرف متقطعه: بعدها جاب مقص وقص شعري وهو عمال يغني ويقول كلام غريب.. وكان..
وضعت وجهها بين كفيها وأجهشت في البكاء بحسره فتحدث ريـاض وقال: لو سمحت يا حازم بيه كفايه عليها كده النهارده.. ممكن تكمل بكره تكون اتحسنت شويه..
نهض المقدم واقفًا وقال: الف سلامه عليكي يا آنسه آصال.. ان شاءالله نكمل وقت تاني تكوني احسن.. عن اذنكوا .
خرج رياض برفقته للإدلاء بأقواله ثم غادر المقدم حازم وخرج رياض ليبتاع بعض المشروبات و عاد إلي غرفتها مجددًا..
طرق الباب ثم دخل بعد أن أذنت له ، دنا منها مبتسمًا وقال: جيبتلك عصير..
لم تعترض ، تناولتهُ منهُ و شربت القليل ثم نظرت إليه وقالت : انا متشكره جدا.. من غيرك مش عارفه كان ممكن يجرالي ايه!
جلس علي المقعد المقابل لها وقال: مفيش داعي للشكر ابدا.. انا عملت اللي المفروض يتعمل ، خليكي قويه بس الفتره الجايه لحد ما تخلصي من الموضوع ده على خير ، عشان ترجعي تنوري الشركه من تاني.
نظرت إليه بعدم فهم فقال: معتز قاللي انك موظفه في الشركه معانا.. الحقيقه انا اتفاجئت..
_ هو حضرتك مستر رياض مدير الشركه ؟!!
تسائلت بصدمه فأومأ بهدوء وقال بإبتسامه: أيوة حضرتي مستر رياض مدير الشركه..
ونهض قائلاً: وياريت يكون معتز بلغك ان مستر رياض مبيقبلش الاعذار الكتير والغياب بدون ضرورة قصوي..
و منحها إبتسامةً صافيه وقال: بس انتي استثناء.
زحفت الإبتسامه قليلًا إلي شفتيها فعاد يقول : لما تتعافي تماما و تطمني كمان علي والدك تقدري وقتها ترجعي الشغل وهتلاقي مكانك مستنيكي.. ولو احتاجتي اي حاجه كلميني فورًا او كلمي معتز واحنا مش هنتأخر..
رن هاتفهُ فقال: ده معتز اللي بيتصل..
وأجابهُ: أيوة يا معتز، أنا لسه في المستشفي.. تمام هستناك..
أنهي المكالمه وقال: معتز بيطمن عليكي، هخرج أعمل مكالمه بره وهرجعلك تاني..
….
وصل معتز إلي المشفي و دلف إلي الغرفة الموجوده بها ..
رآها تجلس علي الفراش شاحبة الوجه ، عابسة وقد إنقشعت عنها الإبتسامه..
تقدم منها بحزن وصافحها وجلس إلي المقعد المقابل لها وقال: حمدالله على سلامتك يا آصال..
حاولت الإبتسام قليلًا وقالت: الله يسلم حضرتك يا مستر معتز..
تسائل بضيق: ليه مقولتليش لما طلبتي الفلوس.. لو كنتي وثقتي فيا زي ما وثقتي في رياض و حكيتيله تأكدي اني لا يمكن كنت اتخلي عنك..
تلمست الضيق في حديثه و لكنها جهلت مصدره ، إعتدلت قليلّا في مجلسها وقالت: الموضوع مش موضوع ثقه أبدا يا مستر معتز .. و اكيد انا بثق في حضرتك والا مكنتش هطلب منك مبلغ زي ده.. كل الحكايه ان الموضوع جه بالصدفه.. واكيد مستر رياض قاللك علي كل اللي حصل وانه هو اللي أنقذنـ….
قاطعها قائلًا: عارف عارف.. ايوة قاللي.. عالعموم الحمد لله انها عدت بأقل الخساير .. وحمدلله علي سلامتك مره تانيه..
طرق ” رياض” الباب ودخل ثانيةً وصافح “معتز” ثم قال: انا لسه متكلم مع الدكتور دلوقتي وقال انك زي الفل الحمدلله وتقدري تخرجي.. وانا شايف انك تخرجي من الجو الكئيب ده افضل.
أومأت بموافقه وقالت: اصلا لازم هخرج عشان اروح لبابا..
_طيب عال اوي.. اتفضلي قومي اجهزي مده ونوصلك في طريقنا..
غادرت المشفي برفقتهما فتوقفت أمام سيارة ” رياض” التي تتبعها سيارة “معتز” فتحدث ريـاض وقال: خليك معاها يا معتز وانا هرجع علي الشركه اخلص شوية حاجات واروح .
صافحها متمنياً لها السلامه و إصطحبها معتز برفقته إلي السياره و إنطلق بها في طريقه إلى المشفـي..
لم ينطق أحدهما بحرف طوال الطريق حتي توقف معتز بسيارته أمام المشفي و ترجلت من السياره وقالت: شكرا يا مستر معتز..
ابتسم بحزن وقال: شكرا علي ايه يا آصال أنا معملتش حاجه.. ربنا يطمنك علي باباكي ان شاءالله.
دلفت إلي المشفي بينما ظل هو ينظر في أثرها بحزن وبداخله الكثير من الإنفعالات و الحديث الذي أسرّه في نفسهِ.
……
نظرت في ساعة يدها فوجدتها تشير إلي الثانيه بعد منتصف الليل ، فباتت ليلتها ساهره أمام غرفة والدها تسترجع كل ما حدث معها منذ بداية اليوم.. بل منذ بادئ الأمر.
إستيقظت في اليوم التالي و دخلت لتطمئن علي والدها ، قبلت يداه و بكت.. بكت كثيرًا حتي جف الدمع من عيناها..
خرجت لتتفاجأ بـ أحمد يقف في ردهة الطابق يبحث عنها و ما إن رآها حتي هرول إليه مسرعًا..
وقفت أمامهُ تطالعه بحزن وقهرٍ صامت ثم قالت: أنا آسفه يا احمد.. اسفه لاني شكيت فيك.. شكيت فيك وانت انضف حد دخل حياتي..
ضمّها إليه و إنحدرت الدموع فوق وجنتيه وقال: انا اللي اسف يا آصال..
و ابتعد عنها بهدوء وقال: اسف لاني مكنتش جمبك في اكتر وقت كنتي محتاجاني فيه.. انا مش قادر اصدق. مش قادر استوعب اواي تميم يعمل كده!! .. وف مين!!.. فيكي انتي!!
زفرت بإحباط وقالت: خلاص انسي.. انا تعبت من كتر الكلام في الموضوع ده..
ربت علي رأسها وقال: عمي عامل ايه دلوقتي ؟
_الحمد لله.. زي ما هو..
إبتسم ببؤس وقال: ايه رايك نقعد بره ونشرب حاجه.. انا خلصت شغل بدري النهارده وفاضي..
نظرت اليه بإبتسامة وقالت: يلا..
همت بالتقدم للخارج قبل أن تستوقفها الممرضه التي نادتها بحماس وقالت: يا آنسه يا آنسه.. باباكي فاق!
هرعت إلى غرفته بفرحه ودلفت لتجده ينظر إلي الباب منتظرًا قدومها فركضت نحوه وإحتضنته و إنفجرت في بكاءٍ مرير..
ربت فوق رأسها بحنان وقال: بس يا آصال.. متعيطيش يا بابا أنا كويس و زي الفل قدامك أهو..
تفوه أحمد وقال: حمدالله على سلامتك يا عمي.. الدنيا كلها نورت.. بابا كان لسه بيكلمني وبيسألني عليك..
ابتسم وقال: الله يسلمك ويسلمه يبني.. معلش يا احمد تجيبلي ازازة ميا من بره..
تفهم أحمد رغبته في الإنفراد بإبنته فأومأ بتفهم وغادر الغرفه فتسائل وقال : طمنيني عنك يا آصال.. اخبارك ايه و وصلتي لفين؟! اوعي تكوني….
قاطعته وهي تقبل يديه وتقول: متقلقش يا بابا .. الموضوع خلاص خلص
نطق بفرحه: بتتكلمي جد..
و بتر كلمته وهو يتفحص وجهها ويقول: اومال مالك يا بنتي وشك هزلان وخاسس كدا ليه.. و شعرك ليه ربطاه؟! طول عمرك بتحبيه مفرود!
أخفضت رأسها تخبأ عيناها الباكيه عنه وقبلت يداه كثيرا وقالت: كل حاجه من غيرك ملهاش لزمه يا بابا.. انا مكنتش بنام الليل من خوفي لتسيبني لوحدي..
ربت فوق ظهرها وقال: خلاص يا حبيبتي ربنا اراد اني ارجعلك انتي لانه عالم بحالك وحالي.. امسحي دموعك دي يلا.. مفيش دموع تاني..
رن هاتفها فقالت: ده مستر رياض صاحب الشركه..
_طيب ردي..
= لا مش مهم.. بعدين..
_لا طبعا بلاش قلة ذوق.. ردي.
أجابت وقالت: أيوة يا مستر رياض..
_أيوة يا آصال إيه أخبارك النهارده ؟!
=الحمدلله بخير..
_انا كنت همر اطمئن عليكي بس اعذريني انشغلت شويه..
= ولا يهمك حضرتك.. انا كويسه الحمدلله..
ثم نظرت إلي والدها وابتسمت وقالت: بابا بيبعتلك السلام .
نطق فرحًا: والله بجد؟! حمدالله على سلامته.. بلغيه سلامي لحد ما اجي اسلم عليه بنفسي.
أنهي أعماله سريعًا وخرج من المكتب ثم ذهب إلي مكتب ” رقيه” وقال: بلغي مستر معتز ان ظهرلي مشوار مفاجئ هخلصه وارجع فورا وبلغيه يستناني..
غادر الشركه وإتجه إلي المشفي و دلف مباشرةً إلي غرفة والدها بعد أن طرق الباب..
وضع باقة الورد التي إصطحبها برفقته وتقدم من “مهدي” وإنحني يصافحه أولا و يقبله باحترام وتقدير ثم قال: حمدالله على سلامة حضرتك.. ربنا يديم وجودك في الدنيا ان شاءالله..
ثم صافح “آصال” و ” أحمد” الذي كان يطالعه بغيظ مستتر..
قال “مهدي” : ليه تعيت نفسك وجيت يا بشمهندس.. ربنا يعينك علي مشاغلك..
أجابه بإبتسامه: وأنا أجي لأعز من حضرتك.. ربنا يديك الصحه وطول العمر..
نظر مهدي إلي أحمد وقال: شوفلنا تاكسي يا أحمد يبني عشان نروح.. انا اتخنقت من الاوضه دي..
نهض رياض واقفاً ثم قال: لا تاكسي ليه.. اتفضل حضرتك انا معايا العربيه..
_مش عايزين نعملك ازعاج اكتر من كده يبني…
قاطعه رياض قائلًا: اديك قولت يبني.. يعني مفيش فرق ولا بيننا تكليف..
قلب “أحمد” عينيه بسخط و ملل بينما قال رياض: اتفضلوا اجهزوا علي مهلكوا وانا هنتظر بره.. عن اذنكوا..
خرج لينتظرهم بالسياره بينما بدأوا بالاستعداد لمغادرة المشفي.. أخيرًا.
……
صف سيارتهُ أمام منزلهم و ترجل منها ثم فتح الباب المجاور لـ “مهظي” وساعده علي النزول وهويقول : اتفضل يا عمي حمدالله على السلامه..
ربت مهدي فوق كتفه بتقدير وقال: الله يسلمك يبني.. اتفضل معانا بقا لازم نشرب حاجه..
ابتسم بحرج وقال: معلش خليها مره تانيه..
اعترض الاخر وقال بإصرار: لا والله أبدا لا يمكن.. بقا معقول تكون تحت بيتنا وتمشي من غير ما تشرب الشاي!!
_معلش والله مره تانيه ان شاءالله لازم اجي واشرب مع حضرتك الشاي.. بس حاليا انا ورايا شغل مهم لازم يخلص..
=ماشي يبني ربنا يعينك.. ومتحرمش منك علي اهتمامك ده..
_ العفو حضرتك ده أقل من الواجب.. عن اذنكوا..

عادت إلي البيت لأول مره منذ فتره طويله للغاية ، نظرت إلي أرجاء المنزل بإشتياق ثم وضعت حقائب أغراضها الخاصه إلي جنب ونظرت إلي والدها الذي صعد درجات السلم بتمهل وكان يقف أمام الباب يلتقط أنفاسه فقالت : حمدالله على السلامه يا بابا.. البيت نور.
دلف والدها إلي البيت وهو يتفحصه بحنين وقال: ياااه.. اللهم لك الحمد.
ربتت علي ظهرهِ وقالت: البيت مكانلوش حس من غيرك يا بابا.. ولا حاجه كان ليها طعم من غيرك.
قبّل رأسها وقال: وحشتيني يا آصال..
إحتضنته بقوة وقد سالت دمعاتها وهي تقول: انا اتبهدلت في بعدك يا بابا.. حياتي كانت متدمره وانا كنت تايهه ومشتته..
ربت علي كتفها بحنوٍ بالغ وقال: خلاص انسي كل اللي فات.. اللي جاي خير بإذن الله.. خير وبس.
تقدم للداخل وقال: انا جعااان.. عايزك تعمليلي اكل كتييير اوي من ايديكي الحلوين دول.. عايز اكل لما اشبع .
ابتسمت وهي تشير إلى عينٍ تلو الأخري وقالت: من العين دي قبل العين دي.. ادخل انت ارتاح وانا هعمللك كل اللي انت عايزه.
دلف إلي غرفته يجوب ببصره يمينًا و يسارًا بإشتياق ، فتح باب شرفتهُ و إشتم عبير أزهارهُ الذي غرسها بيديه و سقاها علي الفور ثم بدل ثيابه وجلس علي مقعده يتفقد الطريق و الماره حامدًا ربهُ علي ما رزقهُ من نِعَم.
أحضرت آصال آنيه كبيره تحمل فوقها العديد من الأصناف الشهيه و وضعتها أمامه ليشتم رائحة الطعام بإستمتاع وقال: الله.. أما إنتي يا بت يا آصال عليكي شوية بيض بالبسطرمه انما ايه.. مزاااج..
نظرت إليهِ بإحباط وقالت: بابا انت بتتريق عليا، صح؟
إتسعت عيناه وقال بنفي: انا؟! والله ابداا.. مانتي عارفه اني طول عمري بحب اكل البيض من ايديكي..
!
ثم تابع متسائلاً: تميم معرفش اني كنت تعبان؟!
تواري ناظريها عنهُ وقالت بتوتر تحاول الثبات: لا… عرف.. و كان بيكلمني كل شويه طبعًا وكان هينزل.. بس هو اليومين دول مشغول شويه..
نظر إليها وقال بجديه: آصال.. ارفعي وشك من الأرض وكلميني..
فعلت كما أمرها فقال: مخبيه عليا ايه ؟
_مفيش يا بابا…
قاطعها قائلًا بحده: بردو متعلمتيش؟! عايزة تخبي عليا عشان تقعي في مصايب تاني؟! مخبيه عليا ايه؟!
أنقذها رنين هاتفها فأسرعت تجيبهُ قائلة: ألو.. ايوة يا مستر معتز ، ايوة الحمدلله رجعنا البيت.. الله يسلم حضرتك.. حاضر يوصل.. مع السلامه.
نظرت الي والدها وقالت: مستر معتز بيسلم عليك وبيقولك حمدالله على السلامه.
_الله يسلمه .. متراوغيش يا آصال.. قولي مخبيه عليا ايه؟!
تنهدت بتعب وقالت: ارجوك يا بابا بلاش نتكلم النهارده.. انت لسه تعبان.. اوعدك اني هحكيلك كل اللي حصل بس لما تبقا كويس..
أومأ بنفي وقال: عمري ما هبقا كويس وانا عارف انك مخبيه عني حاجه.. حصل معاكي ايه تاني.. الكلب اللي بيهددك ده لسه بيكلمك؟
أومأت بنفي وقالت: لا .. الحمدلله خلصت منه.. تقبض عليه..
إنبسطت أساريره بفرحه وقال: بجد.. اللهم لك الحمد..
قاطعته وقالت بحذر: تميـم.
_ماله؟!
تسائل بإستفهام فأجابته بحزن: هو تميم يا بابا.
_مش فاهم.. هو تميم ازاي.. ماله تميم .. ما تتكلمي دوغري يا آصال.
=هو تميم اللي كان بيهددني بالصور.. وهو اللي دبر لكل اللي حصل.. وبلغت عنه واتقبض عليه!!
قطب جبينه بصدمه وذهول وقال: انتي بتقولي ايه!! استحاله طبعاا.
سالت دمعاتها علي خديها بقهر وقالت: بقول اللي حصل يا بابا.. تميم هو اللي عمل فيا كده وهو بنفسه اللي اعترف.
وضع يدهُ موضع قلبه وأخذ يتنفس ببطء فنهضت بقلق وقالت ببكاء : عشان خاطري يا بابا متزعلش نفسك.. انت لو جرالك حاجه تاني بسببي هموت فيها.. انا بقيت كويسه خلاص والموضوع اتقفل وهو هياخد اللي يستحقه.. اهديٰ ارجوك .
_الحقيني ببرشامة الضغط يا آصال..
أسرعت تحضر له الحبوب فأخذ واحدةً منها وهو يحاول تنظيم أنفاسه المتلاحقه وهو يقول : تميم ازاي؟!! ده ابني!
سالت دمعاته بغير تصديق وتابع: ده انا اللي مربيه.. يعمل فيكي كده ازاي ؟! و ليه ؟! ينهش لحمُه!!.. يعض الايد اللي اتمدت له و ربته و اكلته و طبطبت عليه!! دي اخرتها؟!
بكت بألم داخلي يملؤها وقالت: عشان خاطري يا بابا متزعلش نفسك.. هتتعب تاني والنبي.. ولو علي تميم انا مستعده أتنازل عن القضيه واخرجه…
قاطعها قائلًا: اوعـي!!..ده حقك.. اوعي تفرطي في حقك عشان حد.. حتي لو عشاني انا.. يحمد ربنا اني مقتلتوش بايديا واني عامل اعتبار لعضم التربه..
مسحت بيديها علي وجهه وقالت: خلاص يا بابا موضوع واتقفل.. ارجوك متزعلش نفسك عشان متتعبش تاني.
أومأ بهدوء وقال:ان شاءالله خير.. يلا روحي نامي عشان تقومي فايقه وتروحي شغلك .. كفايه كده.
قبلت رأسه وقالت: مش محتاج حاجه ؟!
_عايز سلامتك يا بنتي.. يلا تصبحي علي خير.
غادرت آصال إلي غرفتها بينما إنفجر هو باكيًا وهو يحدث نفسه بغير تصديق ويقول: انت يا تميم!! الخيانه والغدر ييجوا منك انت يابني؟! ده انا اللي كبرتك بايديا وياما وطيت كتافي وشيلتك .. توطي راسي في الارض وبدل ما تحمي شرف بنت عمك تكون انت اول واحد يخوض في عرضها ويأذيها.. عليك العوض يارب.
……
ألقت بجسدها علي الفراش بتعب و أغمضت عينيها وهي تحاول نسيان كل ما حدث و لكنه ليس بالقليل ولا الهيّن السهل نسيانه.
إعتدلت قائمه مره أخري ونهضت من فراشها ثم فتحت خزانتها و أخرجت دفترها الخاص وأمسكت بقلمها وكتبت..
” مرت أيام كانت في طولها كالدهر ، علمت فيها أن لا علاقة للأيام بالنضج..
نحن لا نكبـر بمرور الأيام ، نحن نكبـر بمرور الأوغاد..
أيقنت أيضًا أن حدسك دائما لا يخطئ ؛ فاتبعهُ.
أعلم أنني لن أتعافي كليًا ؛ فلا شئ يرحل تمامًا ، دائمًا يبقي هناك أثر..
و لكن لزامًا عليّ أن أحاول.
لا بدّ أن أضع هزيمتي نُصب عيناي حتي لا أكررها..
لا بدّ أن أستمع إلي كل الرسائل قبل الوقوع في الخطيئة ”
…….
إستيقظت بحماس ونهضت بنشاط لم يواتيها منذ زمن ، أخذت حمامًا دافئًا وإرتدت الزي الرسمي للعمل ..
خرجت من غرفتها لتتفاجأ بوالدها وقد أعدّ لها طعام الإفطار كسابق عهدِهِ فركضت إليه وإحتضنته وقالت: ده أحلي صباح في حياتي..
قبل وجنتيها وقال: طيب يلا يا بشمهندسه افطري.. وممنوع الخروج قبل ما تفطري الفطار المتين..
جلست إلي جواره وبدأت بتناول الطعام بشهيه مفتوحه ثم إحتست كوبًا من الشاي برفقته ونهضت واقفه وقالت: خلاص مش قادره اتحرك.. علي ما اوصل الشركه يكون المغرب أذنت..
ضحك قائلًا: يلا خلي بالك من نفسك وابقي طمنيني عليكي..
انصرفت مسرعه و استوقفت سيارة أجره قصدتها للذهاب الى الشركه..
في غضون نصف ساعة كانت قد دلفت الي مبني الشركه ثم صعدت إلى مكتبها بحماس.
وضعت حقيبتها بهِ و خرجت ثم ذهبت الي مكتب “رقيه”..
_آصال.. وحشتيني أوي..
قالتها رقيه وهي تركض نحوها وتحتضنها بحب فقالت : وانتي كمان وحشتيني جدا جدا والله.. اخبارك ايه؟
_الحمدلله .. حمدالله على سلامة باباكي.. والله حاولت اوصلك عشان اطمن عليكي بس معرفتش..
=ولا يهمك يا حبيبتي.. هو بقا كويس الحمدلله.
_طب الحمدلله.. بصي، هطلع اودي الملفات دي لمستر رياض وانزلك نرغي ونحكي براحتنا..
=طيب استني خديني معاكي.. عايزه اشكره علي وقفته جمبي..
_ايه ده هو في ايه بالظبط؟!
=اقصد لما كان بابا تعبان يعني.. كان معانا في المستشفي وهو اللي وصلنا البيت امبارح بعربيته..
_لااا مستر رياض ده عنوان الشهامه والجدعنه كلها.. و معتز بردو جدع بس هو اهبل حبتين..
ضحكت آصال عاليًا وقالت: هو ده المكتب بتاعه!!. باين عليه الوقار فعلا.. بصي ادخلي انتي الاول وبلغيه اني كنت عايزه ادخله وشوفي هيقولك ايه..
طرقت “رقيه” الباب فأذن لها بالدخول فدخلت و وضعت أمامه الملفات فقام بمراجعتها وختمها سريعًا و أعطاها لها..
رآها تنظر لهُ بتردد فقال: في حاجه يا رقيه؟!
نظرت إلي الباب حيث تقف آصال خلفه وقالت : آصال كانت حابه تتكلم مع حضرتك لو أمكن..
أومأ مؤكدًا وقال: طبعااااا..خليها تدخل حالا.
أومأت بهدوء وخرجت ثم أخبرتها فهندمت مظهرها بتوتر ثم طرقت الباب فقال : اتفضلـي يا آصـال.
دلفت إلي المكتب بهدوء فنهض ليصافحها بإهتمام وأشار لها بالجلوس وهو يتسائل بجديه : ايه الاخبار؟
أومأت بإبتسامه خفيفه وقالت: تمام الحمدلله.
_ والسيد الوالد ازي صحته دلوقتي؟!
=الحمدلله بخير.. الحقيقه انا كنت عايزة اشكر حضرتك علي كل حاجه.. من اول مساعدتك ليا و اهتمامك ببابا…
قاطعها بهدوء وقال: قولتلك يا آصال مفيش داعي للشكر.. لو اي حد محتاج مساعده انا كنت هساعده.. اظن ده الطبيعي والواجب.. انا معملتش حاجه زياده..
إبتسمت بهدوء مماثل و هبت واقفه وقالت: طيب انا هرجع مكتبي عشان معطلش حضرتك.. وعشان اشوف شغلي قبل ما يجي مستر معتز..
أومأ موافقًا وقال: اتفضلي ربنا معاكي..
تقدمت خطوتين للأمام ليستوقفها مناديًا : آصــال..
إستداىت إليه بإنتباه فقال متبسمًا: علي فكره شعرك كده أحلي بكتير.
………

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية عشرون رساله قبل الوقوع في الخطيئه)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى