رواية نيران الغجرية الفصل السادس والخمسون 56 بقلم فاطمة أحمد
رواية نيران الغجرية الجزء السادس والخمسون
رواية نيران الغجرية البارت السادس والخمسون
رواية نيران الغجرية الحلقة السادسة والخمسون
( – رأفت بيه تعب يافندم و نقلوه للمشفى و بيقولو ان حالته خطيرة.
همس بتوتر منفعل ليجيبه الآخر :
– ما انا عارف و لسه جاي من عنده و حالته بقت مستقرة بس انت مالك اعصابك مشدودة ولا كأنه كان واحد من عيلتك.
تنهد بضيق و أجابه :
– يا عادل بيه انا مكنتش متوقع الامور توصل لكده حضرتك لما قولتلي نتهم رأفت بيه كنت فاكر اننا هنبعد الشبهة عننا بس انما تعبه و دخوله للمستشفى مكنتش حاطه في بالي.
قضب عادل حاجباه و اقترب منه مرددا بسخرية حادة :
– هو صعب عليك انت نسيت عملت ايه في ابنه و مراته زمان ولا لما طلعت اشاعات بتقول ان عمار مبقاش قد المنصب بتاعه و خليت المجلس يقلب عليه.
– ايوة يا فندم بس ديه حاجة تانية خالص كنا هنتسبب في موت انسان بريء.
– و الجنين اللي سممته و قتلته مكنش بريء يا سليم ؟
غمغم متهكما فأغمض سليم عيناه بخزي و ابتلع لسانه ليربت عليه الآخر و يوصل بثبات :
– اسمعني كويس الطريق اللي دخلنا فيه كان معروف من الاول انت كنت و لسه حارسي المخلص و دخلتك وسط رجالة عمار لانك الوحيد اللي بثق فيه وانت مخيبتش ظني فيك … اكيد هنضطر احيانا نعمل حاجات مكناش عايزينها بس المهم نفضل عارفين ايه هو هدفنا و مين الشخص اللي بننتمي ليه.
رفع رأسه اليه بتردد لكن عادل لمس فيه بعض الإقتناع فتابع :
– بعرف ان اخويا رأفت و عمار ساعدوك كتير وممكن تكون حاسس بالذنب ناحيتهم للسبب ده بس متنساش انا عملتلك ايه من لما لقيتك في الشارع وانت قاعد على ركبك بتمسح جزمة واحد عشان قرشين تدرس اخوك الصغير و تعالج أمك المريضة بيهم.
ساعتها انا ساعدتك و ضميتك ليا لاني شوفت فيك راجل حقيقي يعتمد عليه اهتميت بأخوك و والدتك الله يرحمها و مبخلتش عليك انت فاكر ولا لأ.
استطاع عادل النجاح في الضغط النفسي الذي مارسه عليه من خلال تذكيره بأفضاله و التمنن بمساعدته لعائلته في السابق ليقتنع سليم و يذكر نفسه بأنه لولا السيد عادل لما كان سيستطيع توفير حياة كريمة لشقيقه حتى والدته لم يكن ليجد لها ثمن الكفن الذي تغطت به عند وفاتها.
ومن ناحية أخرى بدأ الشعور بالذنب يتسلل اليه بعدما استوعب انه يشارك في تدمير عائلة بأكملها و التفريق بين رجل و زوجته و أب ووالده ، وكل هذا لأن الأخ يطمع في ثروة أخيه و ينتقم منه في أشياء هو لا يعلم ماهيتها ، و لكن مثلما قال السيد عادل إن ولاء سليم الوحيد موجه للرجل الذي انتشله من القمامة وهو لا يسعه الاعتراض عن أي من أوامره.
هتف عادل بتحذير :
– انا سمعت عمار وهو بيخانق ابوه وبيتهمه انه هو اللي اتسبب فخسارته لإبنه و ع الاغلب بعد تعب رأفت عمار هيبدأ يشك في الموضوع ده ويبدأ يفهم انه كان لعبة احتمال كبير كمان يواجهك مباشرة و يجبرك تتكلم علشان كده انت لازم تتخبى الفترة ديه.
– هروح فين ؟
أخبره بأنه يمتلك شقة في محافظة الاسكندرية و سيذهب ليختبئ بها وبعدها سيتم ترحيله الى خارج البلاد لكي يبتعد نهائيا عن العائلة ولا يكشف أمره ، و رغم اعتراض سليم الأولي لأنه لا يستطيع ترك أخيه إلا ان عادل أقنعه بأنه سيتحمل كافة مسؤولياته من بعد الآن و فعلا هرب الأخير للإسكندرية و بدأ يجهز في أوراق السفر وهو يكاد لا يتخلص من عذاب الضمير بعدما كان سيتسبب في موت ذلك الرجل الطيب.
و بعد مرور أسبوع اتصل سليم بعادل و قال له :
– يا فندم انا مش قادر اسكت اكتر من كده بقالي كتير مش قادر انام من ضميري و الكوابيس اللي بتجيلي و عايز اواجه عمار بيه و اعترفله بكل حاجة.
حينها كادت تتوقف نبضات عادل وهو يهدر بعصبية :
– انت اتجننت ايه اللي بتقوله ده !
– متقلقش انا مش هعترف عليك هكدب و اقول اني تبع واحد من المنافسين و عملت كده عشان اشغلك عن الشركة و اقسم بربي مش هجيب سيرتك حتى لو هموت.
ضرب الآخر يده على الطاولة مزمجرا بحدة ثم أغمض عيناه محاولا تهدئة نفسه ليتمتم :
– سليم انت دلوقتي مش عارف نفسك بتعمل ايه من الخوف اهدا شويا و ركز عمار مش هيرحمك لا انت ولا اخوك و هيأذيك … انا فاهمك كويس و عارف حاسس ب إيه و عارف كمان انك هتندم ع اللي بتقوله لما تصحى ع نفسك … انا حجزت تيكيت من مطار القاهرة و سفريتك هتبقى بكره بليل تعالى ليا عشان افهم ايه مشكلتك ولو مقتنعتش ساعتها اعمل ما بدالك ماشي.
اقتنع سليم بصعوبة ثم أخبره بأنه يحتاج لأدويته و قطرات العيون التي يستخدمها من أجل القيادة الليلية لينبهه عادل بعدم الخروج من المنزل و سيرسل له هو كافة ما يحتاجه.
كان الأخير يدرك جيدا بأن الرجل الوفي لم يعد كذلك و قد أدرك هذا جيدا لذلك ليس لديه حل آخر للنجاة سوى … التخلص منه !
و لأنه على علم بحالة سليم الصحية استطاع ايجاد فكرة ممتازة لقتله وهي وضع مادة تشوش الرؤية داخل عبوات قطرات الأعين و أرسلها له مع أحد رجاله … لم يكن متأكدا من اذا كان مساعده سيتعرض لحادث أم لا و لأول مرة قرر الاعتماد على حظه و بالفعل نجحت خطته و انقلبت سيارة سليم في حادث مروع أدى لفقدانه لحياته.
و في النهاية وقف على قبره متأسفا لأنه اضطر على قتل الرجل الذي كان يعتبره كولد له و لكن الخطأ ليس منه هو لم يجعل سليم يخونه و يحيد عن طريقه لذلك فإنه يستحق عقاب الموت ! )
كل هذه الأحداث مرت على ذاكرته بشكل سريع كمقطع فيديو تعاد مشاهدته سطحيا بينما يجلس على الكرسي مقابل الحاسوب و يستمع لكلام عمار :
“- اعتقد مفيش داعي نخبي اكتر من كده اللعب بقى ع المكشوف و انا عارف كل اللي عملته و اللي خليت سليم يعمله قبل ما تقتله بس مادام وصلت بيك الحقارة للدرجة ديه يبقى لازم اقولك حاجة … انا لسه موصلتلكش ومعرفتش انت مين وليه بتعمل كده بس وربي هلاقيك اقسم بالله هعرف اوصلك و ساعتها … موتك هيبقى ع ايدي !!”
احمرت عيناه مبتسما كالمختل وهو يستمع لتهديد هذا الشاب الذي استيقظ من غفوته أخيرا ، لقد كان عادل يشك في موضوع معرفته بكل شيء و ككل مرة اتضح أن شكوكه صحيحة تلك الغبية اعترفت لعمار بأمر التسمم فبدأ رحلة البحث عن الفاعل من خلال تمثيله بأنه لا يعرف شيئا ثم مراقبة سليم الذي أوصل لها قطع الشوكولاطة بنفسه ذلك اليوم و في اثناء فعله لذلك وثع بفخه و اتهم الشخص الخطأ و عندما أفاق كان الأوان قد فات لأن كل الدلائل اختفت حتى الطبيب لن يفيده بشيء من الأساس لأنه لا يعرف هوية المسؤول الحقيقي عن كل هذا.
تنهد عادل بسخرية وهو يرى أنه قد تم قطع الإتصال مما يعني بأن عمار نزع جهاز التنصت الذي كان يزرعه في شقته ، هل يظن ذلك الأحمق بأن هذا سيفرق لديه ألا يعلم بأن لا شيء يوقفه بطريقه لتحقيق أهدافه !
ابتسم باِستمتاع قائلا :
– يعني فاكر انك هتقدر تقف ضدي بس مع الاسف لا انت ولا ابوك هتعرفو توصلولي لأن الفارق بيننا ان انا بعرفك و عايش معاك و فاهم كل خطوة هتعملها لانك ابن الست اللي حافظها اكتر من نفسي وانت نسخة طبق الاصل عنها في تصرفاتها و ردود افعالها بس انت مبتعرفنيش و معندكش فكرة عن هويتي اساسا..
و زي ما قولتلك اللعب بقى ع المكشوف دلوقتي و هنتسلى كتير.
_________________
جلست على الأريكة مسندة رأسها على كف يدها وهي تراقب عمار الذي جن جنونه و حطم جهاز التنصت بعدما واجه ذلك المجرم و هدده بطريقة مباشرة ، لا تصدق أن هناك شخصا بهذا الخبث و الدهاء ان مريم لا تستوعب لحد الآن كيف يكون الشخص المجهول متقدما عنهم بخطوات إضافية دائما.
هل يعقل أن يكون قريبا من العائلة و الشركة بهذا القدر الذي يجعله يتوقع الحدث قبل حصوله ؟ و لكن من هو ولماذا يفعل كل هذا !
زفرت مريم بإرهاق فاِنتبه عمار اليها و انتابه شعور بالشفقة عليها فذهب ليجلس بجانبها و قال محاولا إخراج صوته هادئا قدر الإمكان :
– انا عارف انتي بتفكري ف ايه دلوقتي بس خلاص مبقيناش مضطرين نعمل نفسنا مش فاهمين اللي بيحصل ع الاقل انتي مبقتيش مضطرة تنامي فمكان انتي مراقبة فيه.
زمت شفتها و هتفت بخفوت :
– بس هفضل عايشة لوحدي فنفس الشقة اللي دخلولها من قبل و اتسممت فيها كمان.
– مفيش داعي تقلقي الحراسة هنا مشددة حطيت كمان bodyguard فالشقة اللي قصادك مباشرة محدش بيقدر يقرب عليكي ومع ذلك لو خايفة انا هجبلك شقة تانية اا…
قاطعته الأخرى مضيقة عينيها :
– عمار انت مش فاهمني انا بتكلم عن اني لحد دلوقتي مش عارفة مين اللي بسببه خسرت ابني و سنين من حياتي ضيعتها في كرهك ع الفاضي معقول الشخص ده بيكرهك لدرجة يأذي اي واحد قريب ليك طيب اشمعنا انا ليه مأذاش حد من عيلتك ابوك مثلا ولا مراته ولا … بنت عمك بما انها غالية عليك هي كمان.
نطقت بالجملة الأخيرة ممتعضة ولكن عمار كان و كأنه تنبه لشيء لم يفكر به من قبل ، صحيح هذا العدو لماذا لم يسبب أذى لفرد من عائلة البحيري بصفة مباشرة و ذهب مباشرة لزوجته حسنا من الممكن أن يكون قد استغل ضعف مريم من أجل قهره بأكثر طريقة سهلة و لكن لِمَ لم يمس عائلته بسوء بعد غيابها و كأنه … كان يريد ابتعادها عنه هي بالذات !
شرد في أفكاره ولم يلحظ شحوب وجهه وهو يفكر في احتمال … ان يكون المجرم فردا من العائلة نفسها !
_______________
بداية حل العقدة.
__________________
” ما تحتاجه لكي تعيش خاليا من الهموم هو التقليل من السلبيات وليس إضافة المزيد من الإيحابيات ” # نظرية_الفستق
جلس على الكرسي مقابلا الآخر وهو يهدر بجدية حادة :
– زي ماقولتلك يا وائل انا مكنتش حاط الفكرة ديه فبالي اصلا بس لما مريم كلمتني ركزت اكتر و ادركت ان المجرم فعلا محاولش يأذيني عن طريق واحد من عيلتي و اتوجه لمريم مباشرة و ده خلاني احط احتمال ان ممكن يكون هو … واحد من عيلة البحيري او قرايبينا مثلا ولاد عم أبويا او اخوالي … او واحد عايش معايا تحت نفس السقف !
طحن ضروسه بشدة و إنفعال ليهمهم وائل :
– يعني انت بتقول ان المجرم مكنش عايز يضر قرايبينه اللي هما قرايبك فنفس الوقت صحيح … بس هو حاول يلزق التهمة فوالدك.
– ايوة ممكن يكون اضطر يعمل كده ولما لقى ان الوضع طلع عن السيطرة قتل سليم.
وائل :
– نفترض كلامك صحيح طيب هو ليه راح لمريم اصلا كان هدفه ايه من انك تبعد عن مراتك يعني لو حب يضرك انت بالذات كان لقى اي وسيلة تانية غير انه يفرق بينك وبين زوجتك صح.
شعر عمار بأن الآخر يود الوصول لشيء ما فإعتدل في جلسته مغمغما :
– ازاي يعني انت بتقصد ايه.
حدق فيه بهدوء يملي عليه استنتاجه :
– يعني هو كان مستقصد علاقتك مع المدام مريم ومن مصلحته انكم تنفصلو عايز يفرقكم ومش ناوي ع حاجة تانية.
اندهش و اتسعت عيناه بإدراك جلي ليبدأ في ربط الخيوط ببعضها البعض ، وللصدمة فإنه وجد الأمر منطقيا عندما كان يسترجع كافة الأحداث التي وقعت !
ولكن من سيستفيد عندما ينفصل هو عن زوجته ؟ اذا فكر بشخص من طرف مريم فلن يجد أحدا لأنها لم تعرف أحدا قبله إلا ابن عمها الذي اصبح لا يقدر على العناية بنفسه حتى.
و اذا فكر بأحد من جهته فلا يستطيع إيجاد سبب مبرر لأي فرد من عائلته له المصلحة في انفصالهما.
الوحيد الذي ربما لديه مصلحة هو والده رأفت و اتضح بأنه بريء اذا من تبقى ؟
ضرب جبينه بإستياء و انهاك من تفكيره المستمر بنفس الموضوع و تابع استماعه الى وائل الذي شعر بالشفقة عليه :
– انت دلوقتي كشفت كل حاجة وواجهته يعني اعمل حسابك ان ممكن يتمادى ف اللي بيعمله بس احنا مش هنسكت و هندور عليه يا عمار و نتأكد اذا كان واحد من عيلتك ولا لأ.
رفع حاجباه و أنزلهما محدثا نفسه بسخرية :
– وحتى لو كان من عيلتي مش هتفاجأ اصل انا اتخذلت منهم من لما كنت طفل جت عليا وانا كبير يعني.
_________________
بعد مرور أسبوعين لم يحدث بهما شيء سوى البحث عن المجرم و سعي عادل ليخفي أثر أفعاله.
و اقامة حفلة خطوبة لندى و يوسف الذي صمم على أن تكون على ذوقها الخاص و هاهما يقفان مع بعض في نهاية تلك الليلة يطلان من شرفة القاعة المحجوزة وسط الهواء الليلي البارد ، تنهدت مطالعة خاتم الذهب الباهض الذي يزين بُنصر يدها اليسرى و تذكرت عندما ذهبت معهما والدتها لإختيار شبكتها من عند أكبر محل مجوهرات في المدينة و عارضت كل ما أعجب ندى مبررة بأنها ابنة رجل أعمال ولا يجب عليها ارتداء ماهو أقل من الألماس لكي لا تصبح محل سخرية بين قريناتها من المجتمع المخملي، و أنها لا تملك الخبرة الكافية لتختار حسب ذوقها إلا أن يوسف عارضها بأدبه المعتاد :
“- فريال هانم محدش بيختلف ع ذوق حضرتك بس ده هيبقى يوم ندى اللي كل بنت بتتمناه و حابب انها تختار بنفسها كل قطعة بتعجبها … و عمتا ندى بتليق عليها اي حاجة مهما كانت فمعتقدش هيفرق معاها دهب من الماس.
وقتها عبست فريال و امتعضت لتهز رأسها بإستنكار و تغادر ، أما ندى فنظرت الى يوسف بدهشة و تأثر لأنه أول شخص يحترم رأيها و ذوقها في هذه الحياة فهي تتذكر عند خطوبتها من عمار لم تكن لديها فرصة لتختار ما تريده.
والدتها و أختها تكفلتا بمجوهراتها و أثوابها و أحذيتها و ديكور الحفلة بحجة أنهم يعرفون أكثر منها ، و عندما كانت هي تسأل عمار عن رأيه في شي ما يبتسم لها بإقتضاب و يخبرها بكل دبلوماسية بأنه يثق بها و برأيها فلا داعي لإستشارته.
أفاقت من شرودها على لمسة يوسف لوجنتها فرمشت مستعيدة شتاتها و نظرت اليه ليبتسم بينما يتأملها متكلما بنبرة صوته الرخيمة :
– تعرفي أن الأزرق بيجنن عليكي طالعة حلوة اوي … Like princess.
مرر بصره عليها من الأعلى الى الأسفل بلا خجل وهي ترتدي فستانا أزرقا سماويا من الحرير بأكمام طويلة شفافة و منتشفة ، و حزام حريري بنفس اللون يحدد الخصر الذي هو بداية لتنورة طويلة متموجة و مبطنة يعلوها قماش شفاف نثرت عليه نقشات فراشات صغيرة حاله كحال الأكمام الشفافة.
ثم تنقلت عيناه لزينتها بداية من شعرها الحريري الذي رفعته للأعلى مثبتة إياه بمشبك على شكل فراشة وقد تركت خصلة مسدولة على وجهها.
ثم تلك الظلال الوردية التي زينت عينيها مع الكحل الأسود فأبرزا حدقتيها الخضراوتين ، ووجنتيها الورديتين ليأتِ أجمل ما في إطلالتها أحمر شفاهها الزهري المعذب للأعصاب … لم يكذب عندما شبهها بالأميرات فأي جمال خُلقت به هذه الفتاة !
تململت ندى ببعض الحرج من تحديقه المطول فيها و اِهتز ثباتها قليلا فحاولت استدراكه وهي تهتف بصوت خفيض :
– ميرسي و انت كمان … you look so handsome.
قبل يوسف يدها برقة ثم استطرد قائلا وهو يخرج شيئا من جيب سترته :
– و ديه هديتك بمناسبة الخطوبة.
– معقول انتو جبتو هدايا كتيرة اساسا.
هتفت بدهشة ليجيبها :
– اللي جبناهم حاجة و ديه حاجة تانية خاصة بيكي انتي.
تابعت حركاته بفضول و تفاجأت وهي ترى بين يديه شيئا غريبا … مهلا هل هذا محار من البحر ؟ ماهذا الذي يخرجه منه.
فتح يوسف المحار و انتشل منه عقدا بتصميم جميل بداخله لؤلؤ و حين وجدها تطالعه بإستغراب شرح لها مبتسما كعادته :
– ديه اسمها قلادة الأمنيات … الفكرة بتاعتها انك تطلعي اللؤلؤة ديه من جوا السلسلة و تتمني أمنية بعدين ترجعيها لمكانها و تلبسيها.
التمعت عينا ندى بإنبهار وهي تأخذ العقد منه متأثرة بفكرته ثم رمقته بعاطفة هوجاء متمتمة :
– ديه حاجة لطيفة اوي … I liked it.
فتحت المحار الصغير و أخرجت منه حبة اللؤلؤ مغمضة عينيها وهي تهمس بكلام لم يصل لأسماعه ، ثم أعادتها لمكانها و أعطته القلادة فوقف يوسف خلفها و ألبسها إياها أشار لتنظر لنفسها في زجاج باب الشرفة بينما يهمس عند أذنها :
– ممكن فكرة السلسلة ديه خيالية بس انا بتمنى من كل قلبي انك تحققي اللي طلبتيه … لأنك بتستاهلي.
تثاقل جفناها بتأثير همسه و أنفاسه الحارة التي عانقت بشرتها ثم استدارت اليه ليقبض على وجنتيها و ينحني عليها مقبلا إياها بشغف استعر به و ابتعد عنها بعد لحظات مسندا جبينه على خاصتها وقد تخضب وجهها بالدماء من خجلها …
مرت ثوان عليهما و خرجا بعدها الى القاعة التي فرغت من الضيوف ولم يبقى بها سوى أفراد العائلة و والدا يوسف ، نظروا اليهم و مط وليد شفته مستهجنا :
– اهلا بعريس الغفلة.
حمحمت ندى و ذهبت لقريباتها تلتقط معهن صورا اضافية كي ترسلها الى أختها المقيمة في الخارج أما يوسف فجلس على نفس الطاولة مع عمار ووليد هاتفا :
– اليوم ده كان طويل بس جميل اوي.
ألقى نظرة على خطيبته متابعا :
– I’m really happy.
أماء عمار بإبتسامة وهو يدخن بينما قلب الآخر عينيه معلقا :
– حقك يا چو مش ديه خطوبتك وبعد فترة قصيرة هتكتب كتابك لازم تفرح خاصة انكم انتو الاتنين بتبرطمو بالانجلش ع طول هتعرفو تتفاهمو مش زيي.
ضحك متسائلا بتعجب :
– طيب انت كمان هتعمل الخطوبة الاسبوع الجاي زعلان ليه.
تنهد بخنق و رد عليه :
– كان المفروض تتعمل من يومين احنا كنا متفقين وكل حاجة بس الهانم قالت انها مش جاهزة لسه ومفيش داعي نستعجل مش فاهم ايه اللي غيرها كده و كله كوم و غضبها وخناقها معايا من غير مبرر كوم تاني.
التفت الى عمار الجالس بهدوء و سأله مضيقا عيناه :
– بقولك ايه اوعى تكون مراتك بتحرض خطيبتي عليا علشان كده هي مش طايقاني الفترة ديه.
رفع حاجبه بتلاعب :
– الله اعلم مش هي كانت بتحرض مريم عليا زمان شكل الأدوار اتعكست دلوقتي.
شحب وجه وليد بشكل مفاجئ جعل عمار يعتدل مغمغما بحذر :
– في ايه يالا هيغمى عليك ولا ايه اجمد شويا.
ازدرد لعابه هامسا :
– بصو انا مليش في قصص نكد الستات ده بقالي سنتين بجري ورا البنت ومش حمل اجري تاني كلم مريم وقولها تبطل اللي بتعمله ده.
اندهش يوسف من حالته و طاله عمار الذي تأفف بضجر هاتفا :
– انا بهزر معاك مريم ملهاش في النميمة.
– يابني ديه فضحتك وخلت اللي مايسوا يتفرج نميمة ايه اللي ملهاش فيها احنا هنستعبط.
أجابه بتهكم فضرب الآخر ساقه مغمغما بحدة :
– اقسم بالله هعملك خريطة في وشك لو متعدلتش معايا.
تأوه بألم و ابتعد عنه مبرطما :
– انت بتقدر عليا انا بس بلا نيلة.
بينما أخرج عمار سيجارة أخرى مفكرا بأن تلك الأفعى لا تحتاج لمن يحرضها فلسانها سليط و تفكيرها المسموم يكفيها و يفيض ، أما يوسف فحدق بهما في صمت ثم حانت منه التفاتة لندى التي كانت تضحك مع بعض الفتيات برقة ليفكر بأنه محظوظ لأنه ارتبط بفتاة لطيفة مثلها ولا يبدو بأنها ستسبب له أية مشكلة قط !
__________________
في اليوم التالي داخل شركة البحيري.
دخل عادل الى غرفة مكتبه بعصبية و جلس على الكرسي وهو يتحدث على الهاتف :
– ازاي مش لاقيينه انت بتهزر معايا.
– يا فندم احنا عملنا زي ماحضرتك أمرتنا و دورنا في حاجات سليم بس ملقيناش اللي عايزه مكنش عنده غير السجلات اللي خدتهم منه لما روحت اديله الادوية بتاعته و بعتهم لحضرتك.
جز على أسنانه بإنفعال مستمعا الى مساعده الذي تابع :
– ممكن فعلا سليم مكنش عنده غير الورق اللي انا خدته منه وبالتالي مفيش حاجة بتهددك.
تأفف و هتف بتهور لحظي :
– لا ده اشتغل معايا كتير وعارفه بيفكر ازاي هو ذكي وبيعمل نسخة من كل حاجة و …
ابتلع حروفه فجأة و اتسعت عيناه مدركا ما تفوه به فسارع يستطرد مغيرا مسار الحديث :
– يعني بما انه كان ايدي اليمين في الشغل ف اكيد عنده ورق يخص صفقة البناء ولو سربه للمنافسين بتوعنا هتبقى مصيبة اتصرف ولاقيه ولو لزم الأمر دور عند كل حد قريب منه … انت فاهم !
استوعب الآخر ما يقوله سيده فطمأنه و أغلق الخط أما عادل كاد يطلق مسبة لأنه أوشك أن يكشف نفسه ، هو يعلم جيدا بأن عمار سبق وأن ركب أجهزة تنصت داخل مكاتب الشركة لقد شك في ذلك سابقا و بعد مواجهة عمار تأكد من ذلك فشكر ذكاءه الذي يجعله يتوقع كل ما سيفعله ابن أخيه و منذ ذلك اليوم اصبح حذرا في كلامه و تصرفاته…
إلا أن أمانه اهتز عندما أدرك بأن سليم لم يُسلم جميع الملفات التي تكشفه عندما أرسل اليه مساعده تلك المرة مخبرا اياه بوجوب تقديم كل ما يخصه قبل سفره.
و انهارت اعصابه وهو يضع احتمال اعداده نسخا من كل ملف كعادته فأمر بقية رجاله بالفحص و التدقيق و عندما لم ينجزوا ما أمرهم به كاد يفضح نفسه لولا تداركه في آخر لحظة.
و لسوء الحظ هو لا يستطيع نزع الجهاز الآن يجب عليه التمثيل بأنه لا يعلم شيئا عنه والا فإن عمار سيتساءل عن كيف اكتشف عمه وجوده.
جعد جبينه بحدة متحدثا بداخله :
– سليم متعود ياخد كل احتياطاته واكيد مخبي حاجات ضدي وانا لازم الاقيهم قبل عمار ما يوصلهم.
** في الغرفة الأخرى.
استرخى على المقعد مستمعا بملل للتسجيلات الصوتية التي تخص بعض أفراد الشركة اللذين يشك هو بهم وكم أرهقه سماع بعض المكالمات التافهة والتي لا فائدة له منها.
مثل مكالمة تخص أحد المدراء مع زوجته وهو يكذب عليها بخصوص أنه سيتأخر اليوم في اجتماع وهو في الحقيقة قد اتصل بعشيقته واتفق معها أن يقضي الليلة معها.
و أحاديث أخرى يكون عمار البحيري هو بطلها لا يصدق أن الرجل الذي يظل يمدحه و يثني عليه هو في الحقيقة يتكلم عنه و يذمه و يخبره رفاقه كم هو مدير قاس و مستبد و غيرها من التفاصيل التي أزعجته.
هل يكون المرء منافقا لهذه الدرجة ؟ كيف يستطيعون التصرف بهذا النفاق و تزييف مشاعرهم ؟ تبا سيرسل هذه التسجيلات الى وائل لكي يتصرف بها فهو لم يعجبه تجسسه على الآخرين هكذا ، مط شفته بخنق و كاد يغلق التسجيل إلا أن صوت عمه عادل الذي دخل الى مكتبه أوقفه خاصة أنه أظهر كم هو غاضب و متوتر.
قضب عمار حاجباه و ركز مع كلماته فوجده يقول لأحد ما على الهاتف بأن يبحث عن شيء ما لأن الشخص الذي كان يعمل معه ذكي و يأخذ نسخا للاحتياط.
ثم صمت قليلا و استطرد متكلما عن صفقة بناء فتبين بأن الحديث يخص إحدى العقود و لكن لماذا هو مرتبك الى هذه الدرجة ؟
طرق الباب فجأة و دلفت مساعدته سلمى مرددة :
– الورق اللي حضرتك طلبته يا فندم.
– هو وصل متأخر كده ليه انا طلبته بقالي كتير ؟
– الشغل عليه اتأجل اكتر من مرة يا عمار بيه بسبب اللي حصل مع رأفت بيه وكمان المشاكل مع المستثمرين.
– طيب متنسيش تبعتي منه نسخة لأعضاء المجلس و لعادل بيه كمان.
– انا عملت كده يا فندم و منسيتش عادل بيه لانه اول واحد سأل عنه يوم تعب والد حضرتك.
انتبه لكلماتها فرفع رأسه اليها مستفسرا :
– هو كان معانا طول اليوم في المشفى امتى لحق يسأل عليه.
ردت عليه سلمى بتلقائية :
– لا ماهو كان بيدور عليه قبل كده و جه عشان يدخل لمكتب رأفت بيه و يسأله بس … احم اتراجع لما عرف انك معاه.
تشنجت أعصاب عمار و احتدت عيناه متمتما :
– مين اللي جم ساعة اللي حصل ووقفو قريب من الباب عمي و كمان مين.
استغربت سؤاله و طفقت تسترجع ذاكرتها لذلك اليوم حتى قالت :
– انا كنت معدية من هناك بالصدفة و مشوفتش كل حاجة بس في كتير اتلمو ع صوت الزعيق موظفين و رؤساء أقسام كمان و السكرتيرة ملحقتش تبعدهم لان حضرتك كنت بتطلب الاسعاف … هو في حاجة ؟
خبُتت ثورته و عاد يجلس على كرسيه مرددا بضيق :
– لأ مفيش … صحيح ماري هتوصل من باريس امتى.
– الاسبوع ده يا فندم و جهزنالها استقبال بيليق بيها و اه كانت بتسأل عليك انت مخصوص و بتتمنى انك انت اللي توقع ع الصفقة.
همهم بإيجاب :
– ديه عميلة مهمة ولازم نهتم بيها طبعا … شكرا اتفضلي ع شغلك.
اتصل بقسم الترجمة و طلب منهم أن يرسلو المتدربين الأساسيين وبعد لحظات دلفت مريم برفقة شاب و فتاة أخرى و ألقوا التحية ليهتف بجدية بينما ينظر للأوراق :
– اتفضلو اقعدو.
رمقته مريم بطرف عينها و جلست محاولة التصرف بطبيعتها أمام البقية ثم بدأوا في التكلم حول العمل و عرض الملفات التي قاموا بترجمتها و أثناء ذلك رن هاتفه بوصول رسالة فرمت الأخيرة بصرها بسطحية و تفاجأت بقراءة اسم “Rymas” قبل ان ينتشل عمار الهاتف من جانبها و يبتسم عند قراءته للرسالة ثم وضعه جانبا و تابع حديثه غير منتبه لتلك التي شعرت بإندلاع اللهيب من حولها و انقبض فكها و يدها بإنفعال فحاولت كظم غيظها لكي لا تلفت الإنتباه.
ريماس مجددا … اللعنة من هذه المرأة التي يتصل بها و يراسلها على الدوام و كم هي قريبة منه لدرجة أن يبتسم عند قراءة رسالتها !
تنفست بحدة زادت عندما تجاهلها عمار تماما و كأنه ليس نفس الرجل الذي نام بجوارها منذ اسبوعين فقط و قضى الليل يعانقها و يقبلها مداعبا شعرها ، و أحست برغبتها في النهوض و كسر هذه التحفة الزجاجية على رأسه لربما يخجل من نفسه إلا أنها لم تستطع فعل شيء غير الصمت.
مر الوقت ببطء و انتهى أخيرا ليشكرهم عمار على تفانيهم و يلتفت الى الفتاة سائلا اياها :
– انسة سهى اول تدريب ليكي كان هنا في الشركة صح.
– ايوة يا فندم.
همهم برضا مثنيا عليها :
– شغلك عجبني خاصة اهتمامك بأدق التفاصيل و انا متأكد انك هتحققي نجاحات كبيرة لو فضلتي فنفس المستوى و انت يا استاذ محمود هستنى نتيجة التدريب بتاعتك بفارغ الصبر … تقدرو تتفضلو.
غادر الشاب و الفتاة أما مريم فعند وصولها الى الباب أغلقته و عادت اليه هادرة بعصبية :
– هو انا شغلي مش عاجبك ولا ايه !
اندهش من حالتها و رفع حاجبه مستنكرا :
– Calm down في ايه لكل ده انتي نسيتي نفسك ولا ايه.
انتفخت أوداجها أكثر عندما طلب منها أن تهدأ فقالت بحدة :
– انت ليه كل يوم بحال و بتتصرف معايا ع حسب مودك ليه بتعمل كده.
حذرها عمار بثبات :
– مترفعيش صوتك يا مريم و انتبهي لكلامك انا هنا مدير و انتي متدربة عندي مش اتنين داخلين فعلاقة زواج مع وقف التنفيذ و بيتخانقو … قولتلك اهدي و اتكلمي من غير ماترفعي صوتك او اطلعي برا و هنبقى نكمل كلامنا في البيت.
عقدت يديها أمامها و هزت ساقها بغضب واضح وهي تتحدث :
– ماشي هتكلم بكل هدوء … ممكن افهم مين اللي بعتلك ميسيج خلاك تبتسم و ليه فضلت متجاهلني طول الميتنج و مدحت في الاتنين دول وانا لأ.
فغر فاه و رمش عدة مرات محدقا بها في دهشة ليفكر للحظة بأنها تمزح ولكن الجدية المرسومة على تقاسيمها جعلته يتنحنح مردفا :
– اولا الرسالة عادية وانا ابتسمت مضحكتش اضافة ل اني مش مضطر ابررلك اكتر من كده.
و ثانيا المتدربين التانيين شغلهم عجبني فعلا واحنا مبنلعبش هنا لعبة مين الأفضل عشان اخاف ع مشاعرك صحيح انتي شاطرة بس في اخر فترة بقيتي تكسلي وده مش عاجبني.
وضحت له مريم بإستياء :
– طبيعي يحصل معايا كده وسط كل المشاكل والقصص اللي …
قاطعها بدون مبالاة :
– ده مش مبرر انتي لازم تفصلي بين الحياة الشخصية و شغلك لاني سبق وقولتلك فترة التدريب قربت تخلص ولو لقيت مستواكي اتراجع هحذف ملفك من عندنا بنفسي و شوفي اي شركة تانية غيرنا توظفك.
توقع أن تكابر و تناقشه او تستسلم و تعده بأن تهتم بعملها و لكنها صدمته عندما تكلمت في موضوع مغاير تماما :
– مين ريماس ديه اللي بتفضل تتكلم معاها ع التلفون.
– انتي بتسألي بصفتك مين ؟
– هو لازم يبقى في صفة معينة عشان اسأل !
– اه اتخيلي.
هتف بتهكم ساخر فعضت مريم على شفتها و قامت :
– تمام بعد اذنك عندي شغل.
قلب عمار عيناه مستهزئا بنفسه لأنه فكر للحظات بأنها ستقول له ” أنا زوجتك ” ، ولكن يبدو أن كبرياءها اللعين لن يسمح لها بهذا.
كاد يسمح لها بالإنصراف لولا رنين هاتفه و كان الاتصال من وائل فنظر اليها و فتح الاسبكير متمتما :
– ايوة يا وائل.
جلست مريم على الكرسي بتوجس بينما يقول الآخر :
– عمار فاكر الدكتور اللي اختفى من ساعة حادث سليم ؟ احنا لقيناه و جبته عندي.
انقبض فكه بحمية لحظية تداركها بأن قال :
– طيب مش انت قلت ان الدكتور كان بيعرف سليم بس و اكيد مش هيعرف مين الريس الكبير هنستفاد ازاي دلوقتي.
ركزت مريم مع كل حرف يقال و اختلجتها عدة أحاسيس مختلفة من الغضب و الحزن و الخوف و الألم و الترقب غير أن عمار الذي شعر بها مد يده يمسك بخاصتها مطمئنا إياها بهزة من رأسه فإبتسمت له باِمتنان و واصلت الاستماع لوائل الذي ردد بجدية :
– احنا لقينا معاه رسالة … و سليم هو اللي كتبها و خلاها عنده فحال لو حصلتله حاجة !
_________________
ستوووب انتهى البارت
رايكم بيه ، هل يوسف و ندى هيكملو في الطريق ده ؟
يا ترى سليم ساب نسخ من الملفات فعلا و هل عمار هيقدر يجمع الخيوط مع بعضها و يكشف عادل ؟
مريم هتعرف مين ريماس ؟
ايه محتوى الرسالة اللي مع الدكتور ؟
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية نيران الغجرية)