روايات

رواية من نبض الوجع عشت غرامي الفصل الثامن والأربعون 48 بقلم فاطيما يوسف

رواية من نبض الوجع عشت غرامي الفصل الثامن والأربعون 48 بقلم فاطيما يوسف

رواية من نبض الوجع عشت غرامي الجزء الثامن والأربعون

رواية من نبض الوجع عشت غرامي البارت الثامن والأربعون

من نبض الوجع عشت غرامي
من نبض الوجع عشت غرامي

رواية من نبض الوجع عشت غرامي الحلقة الثامنة والأربعون

#بسم_الله_الرحمن_الرحيم
#لاإله_إلا_الله_وحده_لاشريك_له_يحي_ويميت_له_الملك_وله_الحمد_وهو_علي_كل_شئ_قدير
#البارت_الخامس_عشر
#بغرامها_متيم
#الجزء_الثاني
#من_نبض_الوجع_عشت_غرامي
#بقلمي_فاطيما_يوسف
حبايبي الحلوين كالعاده البارت اليكم عايزه تفاعل لاني انا عيطت كتير قوي وانا بكتب البارت ده من كلام مها هي وامها وكلام عمران لكم ان تتخيلوا كم الدموع اللي انا دمعتها وانا بكتبه🥺🥺 كتبته لكم باحساسي يا ريت تتفاعلوا عليه وما تطنشوش اللايك قبل القراءه وعايزه ريفيوهات كثير بعد القراءه واسيبكم مع البارت قراءة ممتعة حبيباتي ومحدش يقول لي الفصل قليل علشان هو 6000 كلمة 🙈🙈
انصعقت شمس وشعرت بأنها سقطت من جبل مرتفع الهاويه وألقى بها في أسفل الأراضين وهي تسألها :
ــ هو عمران متجوز ؟
اقتربت منها “زينب” في جلستها عندما لاحظت حزنها وهي تؤكد لها وقد تبدلت معالم وجهها إلى الحزن الصادق النابع من قلبها المولـ.ـع بحفيد لولدها وهو على مشارف الأربعين :
ــ وه هو انتي مكنتيش تعرِفي ؟
أه يابتي متجوز الدكتورة سكون اللي كانت معانا في المستشفى بس ياحبة عيني مخلفش لحد دلوك وحالته تصعب على الكافر .
شعرت “شمس” بالشفقة والعطف عليهما :
ــ كنت بحسبها بنتك وأخت رحمة ، بس ياحبيبتي صعبوا عليا قوووي ،
واسترسلت باستفسار:
ــ هو العيب من مين ياطنط ؟
لم تجيبها زينب على استفسارها بالإجابة الصحيحة مراعاة لحرمة ولدها وكما أن سكون لا تستحق منها ذلك :
ــ أمر الله يا بتي لاهو فيه عيب ولا هي اسم الله عليها فيها حاجة الاتنين عفايا الحمدلله بس حكم ربنا كل شي له معاد بس مخبيش عليكي قلبي متشحتف على حفيد من صلب ولدي ومتحملاش الانتظار .
ضمت “شمس” حاجبيها بحزن صادق ودعت لهما :
ــ ربنا يفرح قلبك بيهم يا حبيبتي ويرزقهم يارب ويجيبولك الحفيد اللي بتتمنيه عمران راجل قوووي وباين إن الدكتورة سكون محترمة وطيبة وجدعة وبنت ناس علشان كدة يا خالتوا خلي عندك ثقة في ربنا كبيرة إنه هيرزقهم بالخير كله بإذن الله بس كله بأوانه .
لم تتفائل زينب من كلامها الذي صبرت به حالها كثيرا ثم قالت بتشاؤم يملئ نبرتها :
ــ مش باين يابتي دول بقى لهم أربع سنين متجوزين ومش باين لهم أي علامة وأني ولا بعرف انام الليل حتى من كتر الفكر فيهم.
مطت “شمس” شفتيها باستنكار لتشاؤمها ثم طمئنتها :
ــ ياطنط ماما دايما كانت بتقول لي مبيخلاش من عند الله رزق ومبيمنعش إلا علشان يدي ويجبر بالكتيير قووي جبر يتعجب له أهل السما و الارض ،
يعني عندك أنا مثلاً دلوقتي مطرودة ويتيمة من غير أب ولا أم ولا أخ وعمي ظالمني بس دايما بقول أكيد ربنا له حكمة في كدة ،
واسترسلت وهي تحلم بمستقبل أفضل :
ــ وبالرغم من كده بحاول اصحي وأعيش يومي وأنفض عن دماغي همي اللي عايشة فيه وتصوري إن محاولة خطـ.ـفي جت لمصلحتي قووي عمي كلمني وقعد يتحايل عليا أتنازل عن القضية لأن اسمه جه فيها وهيديني حقي كامل ومش هيقرب لي تاني بس أنا لسة مستنية أخد رأي أبيه ماهر علشان هو المتكفل بقضيتي كلها يعني بالمختصر يا أمي رب ضرة نافعة .
ابتسمت “زينب” لكلامها ونظرت إليها بحالمية لرجاحة عقلها التي استشفتها من طريقة كلامها وهدوئها واستكانتها :
ــ والله يابتي إنتي عنديكي عقل زين ووشك كيف النسمة وكلامك كيف البلسم اللي هيرطب على قلب الواحد وينسيه همومه وكلك على بعضك حلوة قوووي وتستاهلي زينة الشباب كلاتهم ومحبتك دخلت قلبي ومهخلكيش تمشي من اهنه واصل إلا لما أطمن عليكي مع إللي يستاهلك ياحلوة إنتي ياقمرة .
ابتسمت لها “شمس” ثم شكرتها بامتنان على كلامها :
ــ شكراً ياطنط على كلامك الجميل واحتوائك ليا شكل مايكون ربنا بعتك ليا علشان كنت في الحالة اللي أنا فيها واللي حصل لي كنت هتمنى الموت بس أكيد اللي حصل لسبب عند ربنا هو الأعلم بيه بس معنديش شك إن كله خير .
دق قلب “زينب” بسعادة فكلام “شمس” لها أسعدها كثيراً ثم ربتت على ظهرها بحنو لتقول بمغزى وهي تتفحصها بإعجاب من أعلى رأسها إلى أخمص قدميها :
ــ أكيد طبعاً في سبب والسبب هيوبقى خير لينا كلاتنا يازينة البنتة بس انتي ربنا يعافيكي وتوبقى بخير .
“*”******”****”****
ــ ايه يا أستاذ فارس رحت هناك وقلت عدولي ولا جبت لي طلبي اللي بعتك علشانه هو مش كان اتفاق بينا وانت وافقت وعشمتني ورحت قعدت تحب لي هناك وبتلف ورا الدكتورة بنت البواب وطنشتني خالص .
تأفف فارس بضيق شديد على إصرار والده فيما يريده ثم هتف برفض قاطع :
ــ انسي اني اعمل لك اللي انت عايزه او ان انك تستخدمني زي عروس الماريونيت تحركني على كيفك في الأعمال اللي انت عايزني اعملها دي يستحيل يا عماد يا الفي اكون نسخة تانية منك .
تنهد بقوة فأغلقت عيناي “فارس” من هول زفيره الذي وصل إلى أذنه ثم ألقى على مسامعه بصوت هدر :
ــ طب وراس عبير أمك الله يرحمها مطرح ما راحت وسابت لي عيل خيخ زيك مش عارف يلم أعصابه شوية ويسترجل ويحافظ على اللي انا بنيته ومش هسمح لك تهده يا بن عبير .
عثت في جوفه حرباً أشد من أن يتحكم بها ومن أن يقاومها ما إن أتى بسيرة والدته الحبيبة العزيزة إلى قلبه ودخل الآن دوامة فارس المنفصم وهو ينهاه بصوت أجش مفحم بالغلظة :
ــ قلت لك ميت مرة ما تجيبش سيرة أمي على لسانك تاني ،
اقول لك على حاجة أحسن انت تنساني وتطلعني من حياتك ومش عايز منك ولا فلوس ولا مستشفيات ولا حتى اسمك عايزه انا كرهتك وكرهت اسمك وكرهت حياتي كلها بسببك ابعد عني يا عماد .
اندلعت ثورة الغضب من “عماد” وهو يستمع إلى كلمات ابنه اللاذعة له وهدده بثقة :
ــ احترم نفسك وانت بتتكلم معايا يا ولد واعمل حسابك انت مش هتمشيني على كيفك ولا حتى نفسك هتمشي على كيفك ،
يا اما وشرفي اللي ما بحلف بيه كده جثة امك اللي انا مجمدها تحت ايدي هعمل فيها اللي على كيفي واللي انت عارفه كويس قوي .
أدمعت عيناي “فارس” عندما ذكره بجثمان والدته الذي مازال تحت قبضة يد أبيه وهو يريد أن يسابق الريح ويذهب إلى ذاك العماد ويشق ضلعه بخنجر مسموم ويتخلص منه ومن أذاه وهتف بنبرة ذليلة لذاك القلب المتبلد المتحجر :
ــ انت ايه يا شيخ قلبك ده قلب حجر انت اصلا مش بني ادم ولا تنفع تكون اب ولا كنت ليها زوج وراجل !
هو جسمها ناقص حرام عليك مش كفاية ان انت ما دفنتهاش لحد دلوقتي انت عايز توصلني اني انتحر واسيب لك الدنيا كلها واشبع بيها بقى يا عماد .
ضـ.ـرب “عماد” بقبضة يده على مكتبه وصاح به محذراً إياه:
ــ طب اعملها كده يا ابن عبير او جرب بس وشوف هعمل ايه في جثة امك ده انتحارك ده هيخليني ما ارحمهاش وانت فاهمني كويس قوي .
تلاحقت أنفاس ذاك الإبن المقهور وأصبح الآن يشعر بالاختناق الشديد وأنه على مشارف الموت بسبب النقاش اللاذع الذي حصل بينه وبين أبيه عديم الرحمة ثم اصر على رفضه :
ــ اعمل حسابك مهما عملت مش هعمل اللي انت عايزه مني الناس هنا غلابة قوي ابعد عنهم بشرك وكفاية الميغة اللي انت بتعملها هناك يا اما انا كمان هقلب الترابيزة عليك وتهديد قصاد تهديد وتبقى خربت على دماغي ودماغك ، انت اكتر مني بكتير انا ما عنديش حاجة اخسرها انت كل حاجة عندك هتخسرها .
ذم “عماد” شفتيه بغضب من رأس “فارس” اليابس ثم هدأ من نبرة صوته وهو ينهي النقاش الذي احتدم بينهم كالمعتاد آمرا إياه:
ــ طب ارجع لي بقى مصر هلغي انتدابك قدامك يومين بالظبط تشوف فيهم حالك .
فور أن أدلى عليه أمره بتلك السلطة شعر وطلب منه ترك تلك البلدة حتى هوى قلبه بين قدميه وظل ينقبض وينبسط في آن واحد ، كأن أحدهم يطلب منه أن يخرج من الجنة كي يسقطه في الجحيم السعير ، وضع يديه على أذنيه يصمهما عن أكثر صوت يكرهه في حياته والآخر على ثرثرته التي جعلته صـ.ـرخ بقهر يدمي القلوب :
ـــ بسسسسسسسس ، اسسسسسسسكت ، هو انا عبد المأمور تعالى يبقى يجي لك سافر غصب عنك يسافر ، مش راجع ومش جاي لك ولا عايزه اشوف وشك خالص ابعد عني بقى انا كرهت نفسي بسببك ابعد عني .
ثم أغلق الهاتف في وجهه مما جعل الآخر يلقي بهاتفه عرض الحائط حتى وقع هشيما في أرجاء المكان وهو يهتف بعلو صوته بسباب مغلف بغضب عارم هو الآخر :
ــ أبو اللي جابك على عبير على القرف اللي انا شايفه بسببك إن ماندمتك يابن عبير على اغلى حاجة عندك مبقاش أنا ولا اني اسمح لك تهد الإمبراطورية العالية اللي انا عملتها سنين عمري ودفعت تمنها اغلى ما عندي .
كانت فريدة في ذاك الوقت تسير في طرقة المشفى ولكنها وجدت حالها تتبطئ بخطواتها أمام مكتبه علَّها تأمل في رؤيته حتى انقبض قلبها هي الأخرى من سماعها لصراخه في الداخل وبالتحديد كلماته الأخيرة وهي تنظر حولها كي ترى ما إن سمعه أحدهم أم لا ولأجل الحظ الذي كان معه لم يكن أحدهم بالقرب من غرفته إلا هي فعلى الفور دخلت ويا ليتها لم تدخل فقد كان في أشد حالات الهوجاء التي تعتريه وهو في انفصامه فقد نفذ الصبر من صبره من كلمات والده وجعله الآن يجلس بعينين قاتمتين مظلمتين من شدة غضبه بل ولمعة الدمع ما زالت ظاهرة كعلامة للأعمى يراها وما إن رأت حالته تلك حتى وضعت يدها على شفتيها تكتم شهقتها من منظره الدامي الذي جعل قلبها يدق بعنف داخلها شفقة وحزناً على ذاك الحبيب المقهور ولم تعرف ما السبب فاقتربت منه وياليتها لم تقترب وهي تسأله بفم يرتجف :
ــ فارس مالك صوتك عالي قوووي وخرج لبرة وقلقني عليك في ايه ؟
رفع رأسه فجأة وفتح عيناه على وُسعيهما وهو يدقق النظر داخل عينيها بنظرة مخيفة ولمعتهما كأنهما مضيئيتان بشر قادم لا محال ،نظرته تشبه قط ممسوس أصاب جسدها بالرجفة المخيفة قبل قلبها الذي يرى الآن الغرفة أضيق من خرم الإبرة وهي تراه الآن كمثل جنيًّا متجسدا في صورة إنسان ،
اقترب منها بخطواته الأشبه بخطوات ذئب مفترس يهجم على فريسته في لحظة تقشعر لها الأبدان من ما فعله في أقل من ثلاث ثواني حيث جذبها بعنف من ذراعها حتى ارتطمت بعظام صدره الصلبة القوية كمن صدمت في جذع شجرة متين منذ الأزل وبيده الأخرى خلع عنها حجابها حتى أسقطه أرضاً تحت تململها السريع بين يديه وهي تحاول الوصول إلى الباب الذي في لمحة البصر حجبه عنها وهو يحاوطها بجسده ذو الطول الفاره فكانت تصل لمنتصف صدره وهو يمد قدمه من الخلف صافعاً الباب بقوة اهتزت معاها أرجاء قلبها الضعيف المسكين الذي أوقعها تحت براثنه الآن في لحظة حاسمة فارقة بينهما ،
أدارت جسدها للناحية الأخرى وكلاهما يدور حول الآخر بعيناي تختلف نظراتها عن الأخرى ، كانت بقدر رعبها منه إلا أنها مشفقة بشدة عليه الآن ويبدوا أنه كان يتحدث مع أبيه وهو الذي أوصله إلى تلك الحالة ،
ثم حاولت استدعاء الهدوء وبالتحديد وهو يضع يده في منتصف شعرها من الخلف ويلوي خصلاته الذي فككها ورمى رابطته أرضا بهوجاء فتحملت ألم قبضته لخصلاتها وهي تغمض عينيها وملامح الوجع شبه مخبئة على معالمها ثم أسند جبهته بجبهتها وهو يحتضن خصرها بشدة مرددا أمام شفتيها وعينيها المغمضتين بارتعاب وشفتيها ترتجف أمامه خوفاً من القادم عندما تنفست أنفاسه والخطر بدأ يتصعد في جسدها الساكن الآن بين يديه وما زال يدور بها وأنفه تلامست أنفها :
ــ جيتي لقدرك اللعين بين ايدين الشيطان يا الملاك الضايع بين ايدين قدرك بحظك المسموم .
على صدرها صعوداً وهبوطاً وهي تضع كف يدها الصغيرة على صدره وأسنانها تصتك هلعاً ولكن تحاول أن تسكن ملامحها الهدوء كي تستطيع مجابهته في أهم لحظة بينهما هي الفارقة في طريقهما فلو كسرها الآن وهزم جندها الضعيف وسـ.ـرق منها أثمن ما لديها ستنقلب كفته حتى ولو كان مغيباً :
ــ ملاكك ممكن يبقي ملك يمينك برضا وساعتها هتستمتع أكتر فوق يا فارس انت أجمل من إنك تلوثني.
زفر أنفاسه بقوة في وجهها ليقول برغـ.ـبة ملئت جسده الآن من تشبسها بها :
ــ اشمعن أنا اتلوثت وعبير كمان مش بس اتلوثت دي اتفحتت وداس عليها قطر القهر والظلم ،
ثم استرسل وجعه وهو يحتضن وجنتيها بكف يديه وهو يتحسسهما بإثـ.ـارة أصابت جسدها بالقشعريرة :
ــ وانتي شبه عبير قووي تصدقي حتى ريحتك شبهها وانا عايزك ومفيش قوة في الأرض هتمنعني عنك .
شعرت بسخونة وجهها تحت يديه وأنها على مشارف الخطر ثم تلامست يديها يداه المحتضنة وجهها فباغتها بقبلاته في باطن يديها مما جعلها اهتزت وأبعدت يداه فورا عن وجهها فاستجاب لها ثم أردفت بتصميم وهي تتجه بعينيها ناحية الأريكة الموضوعة في الغرفة وهي تحاول تشتت أفكاره :
ــ طب بقول لك ايه اني رجلي وجعتني من الوقفة وانت ميرضكش تعبي من أولها تعالى نقعد هناك وقول اللي على كيفك .
زاغت عينيه بينها وبين الأريكة ثم قال بتشبس :
ــ لا إنتي عاجباني كدة أكتر ومزاجي عايز كدة يافوفا .
جذبته من يداه وهي تترجاه بتدلل :
ــ طب وغلاوة فوفا عندك لا تيجي اهنه وتستريح لسه بدري هو أنا ههرُب منك وانت مكلبشني اكدة .
تحرك معها وهو مازال متمسكاً بخصرها وخصلاتها ثم جلس على الأريكة ولكنها جعلته نام واستراح عليها وهي تحاول أن تملس يدها بين خصلات شعره كالطفل وأمه كي تجعله يهدأ ويشعر بالأمان معها وبالفعل أغمض عينيه هاتفاً ووجهه متأثراً بوجع :
ــ انتي مريحة قووي يافوفا وبفكر أخدك معايا مصر بقيتي زي الإدمان بالنسبة لي لو مشيت وسيبتك هبقي حاسس اني سايب نصي التاني هنا ومش هبقي مستريح فتيجي معايا أحسن .
سألته بنبرة مستكينة :
ــ طب هو ينفع أجي وياك ! طب بمناسبتي ايه عاد ؟
فتح عينيه فور سؤاله ليجيبها على الفور :
ــ بمناسبتك صاحبتي وهشغلك معايا في المستشفى بتاعتنا .
تقبلت هرائه بهدوء :
ــ طب عندينا في الصعيد اهنه البنت متخرجش من بلدها ولا تسافر غير ويا جوزها حكاية الشغل والصحاب داي متمشيش معانا خالص .
ــ خلاص أتجوزك يافوفا إذا كانت حتة الورقة دي العائق وماله مفيش مشكلة خالص …. كلمات واثقة نطقها فارس فعقبت عليها وهي تذم شفتيها للأمام بدلال مصطنع وهي تحاول مجاراته :
ــ هو الجواز مني مجرد حتة ورقة ! له اني زعلانة خالص منيك هو انت شايفني وحشة ومستحقش أبقي زي البنات ويتعمل لي كيف ما هيتعمل لهم ؟
عض على شفتيه السفلى قائلاً وهو يغمز لها بوقاحة أخجلتها :
ــ بنات مين دول ، ده إنتي وحش الكون ده كفاية شعرك اللي مجنني ، خلاص نعمل لك زي البنات واللي تشاوري عليه فارس يرميه لك تحت رجلك يافوفتي إحنا يهمنا راحتك بردو .
مطت شفتيها بامتعاض من وقاحته ونظرته ثم ابتسمت بمجاملة :
ــ تمام اكده ابعد يدك بقي ومتلمسنيش خالص إلا لما تاجي تتقدم لي علشان أحس إني غالية وانك هتشتاق لحلالي معاك وقول لي بقي عايز تسافر ليه هو الجو اهنه معجبكش ؟
ــ بالعكس يامزتي ده الجو هنا جميل ورايق كفايه ان انت موجوده فيه … نطقها بنفس غمزته ووقاحته ثم أكمل وقد تبدلت ملامحه الوقحة إلى ممتعضة فور تذكره امر أبيه:
ــ اللي مش عايزني ارتاح خالص في الدنيا بعت لي اوامر اني لازم اسافر له وهو بيمشيني على كيفه وهددني لو ما رحتلهوش باغلى حاجه في دنيتي واخرتي ،
ثم نظر إليها مكملاً وقد التمعت عينيه بالدموع مرة أخرى :
ــ تعرفي ان ابوكي الراجل البواب الغلبان ده نعمة لازم تشكري ربنا عليها ليل ونهار يا ريتني طلعت من اسرة فقيرة واب وام متساويين نفسيا ولا ان عماد الجاحد ده يبقى ابويا .
سالته بفضول :
ــ هددك بإيه ؟
أجابها وهو يبتلع غصته بمرارة كمرارة العلقم:
ــ بجثة أمي اللي مجمدها هيبهدلها وهي ميتة زي ما دمـ.ـرها وهي عايشة.
تجمدت عروقها من هول ما سمعت منه وابتلعت أنفاسها بصعوبة بالغة وهي تردد بذهول:
ــ هو مدفنهاش ؟!
دي إكرام الميت دفنه وكيف مخبي جثتها وليه مدورتش على حد يساعدك اكده حرام قووووي ؟
حرك رأسه للأمام وتحدث بأسى :
ــ لسه عارف انها مندفنتش من سنة واحدة بس وأنا أضعف مما تتخيلي اني أقف قدام عماد الألفي كدة هبقى بغامر بيها وبعمري.
ابتلعت ريقها برعب وهي تتخيله يضيع من بين يديها بسبب ذاك العماد وهبطت دمعة شاردة من مقلتيها وحذرته خوفاً من فقدانه فقد وقعت في سهم هواه وقضي الأمر :
ــ خلاص يا فارس خليك هنا متسافرش وتسيبني أني محتاجة وجودك قوووي أكتر منك .
سألها بعينين حائرتين متمنياً سماع شئ ما يتردد داخله :
ــ ليه يافوفا مش عايزاني أسافر ، ومحتجاني إزاي أرجوكِ اتكلمي ؟
نطقها لسانها رغماً عنها وهي تتطلع إلى رجاؤه وهو في حالة انفصامه ورأسها متدليا للأسفل بخجل فهو إن مشى حتماً ستنهار :
ــ أني هحبك يافارس ومش متصورة حياتي اهنه من غيرك أرجوك انت متمشيش خليك اهنه جمبي مبتبعدنيش عنك ، خليك قصاد عيني يا عمري علشان قلبي في بعدك هيتوجع وخلينا اهنه نبني حياتنا مع بعض بعيد عن عماد دي خالص .
دق قلب فارس المنفصم هو الآخر لتلك الملاك ، دق قلب الحجر الذي لايلين لاعترافها الشامخ بحبه ، ولكنه خاف وتصارعت الدقات في قلبه مابين العشق والخوف بالتساوي ثم ترجاها أن تبتعد كى ترحم حالها كي لاينكوي قلبه عليها هي الأخرى فطريقه مكلل بالأشواك:
ــ عماد مش هيسيبك ولا هيسيبني ، عماد هيدمرك وهيدمرني ، من الأفضل تبعدي عني انتي مش حمل عواصفي .
حركت رأسها برفض وهتفت بنبرة تأكيدية وهي متمسكة بوجوده:
ــ متقلقش هنعدي الصعاب مع بعض بس انت فوق يا فارس .
ضم حاجبيه متسائلاً:
ــ أفوق من إيه ؟
ــ فوق من وهم الماضي واخرج برة قوقعة عماد واتحدى الجبروت بإيمانك وبرة قوقعة عبير واتحدى الخوف بيقينك انها بين أيادي الله ومهما يعمل هي خلاص روحها عند ربنا والجسد نايم ومش دريان .
ــ إزاي إنتي عايزاني اسيبه يمثل بجثة ماما ؟!
ــ سيدنا حمزة بن عبد المطلب مُثِّل بجثته ولقب بأسد الله وسيد الشهداء واللي عملت فيه اكده ربنا عاقبها عقاب أليم وصدقني هو بيهددك بس وبيخوفك علشان تخضع له وطول مانت بترفض طلباته وبتقول لا هيفقد الأمل فيك ولو كان عايز يأذيك مكانش كبرك ووصلك للمرحلة دي هو مجنون بيك وعمره يافارس وممكن يضغط عليك بكل الطرق إلا أذيتك .
ــ بس ممكن يأذيني بنبض قلبي يأذيني بيكي يافريدة .
ــ ايه ده انت نطقت فريدة دلوك من غير فوفا ولا مزة ولا الحوارات داي واصل !
انت دلوك واعي واوعاك تدخل جوة قوقعة ماضي الفارس الأليم تاني .
ــ مش بمزاجي بلاقي دماغي راحت للوجع وبحلم بعبير كتير وبلاقيني اتحولت ونفسي بتجبرني أتشرد وأشرد اللي حواليا .
ــ أول مانفسك تاجي تجبرك افتكرني وافتكر بسمتي وأملي في اني هغيرك علشان انت جمييل يا فارس .
ــ انتي هدية ربنا ليا ، ولو خسرتك انتِ كمان هضيع في ظلمات تشرد نفسي أكتر وأكتر .
ــ أوعدك اني عمري ما هفارق إلا لو ربنا أراد ياخد أمانته .
ــ بعد الشر عنك ياملاكي إن شاء الله عماد مليون مرة وانتِ تعيشي تنوري الدنيا وتنوري ضلام الفارس.
ــ طب قوم بقي اتوضى وصلي العشا وصلي كتييير قوووي واقرأ قرآن كتييير واذكر ربنا كتييير الذكر بيطمن القلوب قوووي .
بابتسامة عذبة أنارت وجهه هتف بطاعة وأكمل مشاغبا إياها :
ــ حاضر يادكتورة ، قومي البسي حجابك شكلك نسيتي نفسي .
وضعت يدها على رأسها وشهقت بذهول من نسيانها حالها وهي تجذب حجابها :
ــ حرام عليك يا فارس اللي هتعمله فيا دي والله انت خربطت لي دماغي على الاخر ونسيتني اسمي وشكلي وهويتي وشكلك عايز تنسيني ديني وهدخل جهنم وبئس المصير على حس عبثك دي ارحمني لما تيجي غضبان مش أول حاجة تعملها تمد يدك على حجابي ارجوك مد اليد حرام ومن أكبر الحرام والغلط .
غمز لها ونطق بطريقة دعابية:
ــ طب ماتلميني من الحرام والغلط واتجوزيني وساعتها لما أشيل حجابك أو أي حاجة تانية تقابلني في الطريق يبقي حلال الحلال.
قامت من مكانها وهي تعدل هيئتها :
ــ كل بأوانه يا فارسي واتقل تاخد حاجة نضيفة.
قوس فمه بانزعاج مصطنع ليقول بمشاغبة :
ــ اهو بعد فارسي دي الآوان ده مينفعش خالص وكله لازم يدوق طعم الحلال يا فوفا .
ابتعدت عنه :
ــ يووووه يادي فوفا متقولهاش تاني أول ما تقولها قلبي بينقبض أبوس يدك متبهدلنيش وياك .
مد يده بعبث :
ــ طب بوسي يا فيري ده يبقي يوم السعد والهنا .
غمزت بعينيها بشقاوة وقد ظهرت غمازتيها في منتصف وجنتيها بطريقة ساحرة جعلته هرول اليها ولكنها ألقت كلماتها وهربت على الفور مما جعله وقف مغتاظاً :
ــ دي بعدك يا دوك .
وقف مبتسماً ينظر إلى طيفها بسعادة لا توصف فقد دلفت إليه وهو في قمة الحزن بل وأعلى درجاته ثم أبدلت حزنه إلى سعادة وجعلته يتمنى أن يلقيها في أحضانه الآن كي تكتمل سعادته وداخله يردد بانتشاء وما زالت عيناه تتبعها
“عناقُكِ يخذُلُ بردَ أربعينَ شتاء ”
*”***”*””””””***************
في منزل “ماجدة” حيث أصر “عمران” أن يحضر جلستها مع مها تحت تزمتها ولكنه لم يدعها تنفرد بها فهو وعد “جاسر” ان يجعله يأتي غداً وأنه بفضل الله أولا ثم مجهوده سيجعله يُجبر غداً ،
كانت مها تجلس بتوتر للغاية فهي قد استشفت من مغادرة جاسر قبل أن يلتقيان وجود مشكلة ما عندما استدعتها والدتها بعد أن غادر جاسر فتحدثت ماجدة :
ــ شوفي يا بتي انت دلوك جاي لك عريسين عامر اخو جوزك الله يرحمه وجاسر اللي انتِ شغاله عنديه ، عامر لسه مكلمني من شوي على التليفون قبل ما جاسر ياجي وشايف ان هو أولى بيكي لأنك كنتِ مرت اخوه وأي حد مكانَه هيقول اكده وأي حد هيسمع هيقول عين العقل ،
دلوك عايزة اعرِف رأيك بس حابة اعرِفك اني مرجحة كفة عامر اكتر من جاسر جدع زين ولد حلال وانتِ معاشراه وعارفاه كويس قوي انه هيتقي ربنا فيكِ اما جاسر مجرد انك اشتغلتي عنديه ولا تعرِفيه ولا تعرِفي طبعه خليكي في اللي نعرِفُه احسن من اللي منعرفُهْش .
كادت أن تعترض رأي والدتها الا أن سكون تحدثت باستجواد :
ــ بعد اذنك انتِ يا ام الزين اصبري قبل ما تقولي رايك ، طب ليه يا امي ترجع تتجوز اخوه هي ما عندهاش اولاد علشان خاطر تنجبر تتجوزه ، ايه اللي يخليها ترفض فرصة عريس زي جاسر متمسك بيها وبيحبها ومحترم وابن ناس وشاريها قوي ؟
ايه اللي يخليها ترجع لعامر وتفتكر الايام السودا اللي كانت عايشاها مع اخوه وتفتكر ولادها اللي ماتوا ؟!
انا مش معاكي ابدا في رأيك يا أمي ،
دلوك الرأي رأيك يا مها شوفي اللي هترتاحي له فيهم مين ؟
واللي شايفه نفسك هتقدري تتنفسي وتشوفي الدنيا وتعيشيها معاه ، شوفي راحتك انتِ الأول يا حبيبتي فوق أي اعتبارات دي حقك اللي اداه لك ربنا .
هنا هتفت ماجدة باعتراض على كلام سكون :
ــ طب والجدع يعيبوا ايه يا بتي دي حاله يصعب على الكافر بولاده اللي رجع بيهم وأهم هيعوضوها عن ولادها اللي فقدتهم .
هنا تحدث عمران معترضاً هو الآخر على كلام ماجدة مرددا بهدوء كي لا يثير ضيقها :
ــ طب وهي فين من كلامك يا امي !
على حسب ما عرفت ان المرحوم ربنا يغفر له ويسامحه كان موريها المرار وما شافتش معاه يوم حلو من حقها تغير العتبة خالص ،
وخلي بالك ولاده اللي انتِ هتتكلَمي عنيهم دلوك وهي هتربيهم في النهاية هتبقى مرت أبوهم ويا مربي غير ولدك ياباني في غير ملكك فخليها تشوف بنفسها هي عايزه ايه من غير ضغط مني ولا من سكون ولا منك ولا من أي حد ، ربنا سبحانه وتعالى ادى للست حقها في الاختيار مداش للظروف الحق في الاختيار .
حركت ماجدة رأسها للأمام باقتناع لكلام عمران ثم سألت مها :
ــ خلاص اللي تشوفه يا ولدي ، وانتِ يا مها رأيك ايه واعتبري اللي قلته ما لهوش لازمة .
رمقتها مها بنظرات خذلان وهي تسألها بعتاب قبل أن تجيب من منهم ستختار :
ــ اظن يا امي اني لما رجع عامر قلت لك انا مش عايزه اشوفه ولا اعرف عنه اي حاجه ولما يسال عني تقولي له اني مش موجوده ده يدل على ايه ؟
يدل على اني كارهة دخول البيت دي تاني البيت اللي اندفنت فيه احسن سنين شبابي اللي ضاعت في روحي وهي بتداس كل يوم ، وانا كنت اشتكي لك كل يوم والتاني وانتِ كنت هتقولي لي استحملي واصبري ما عِندناش طلاق، مش لو كنت اطلقت منيه وبعدت انا واولادي زين وزيدان كان زمانهم عايشين دلوك وياي من غير هم ابوهم ومن غير ما انشغل عنيهم .
انهت كلامها وانهمرت الدموع من عينيها لتذكرها الماضي الاليم وذاك السبب بالتحديد من ضمن الاف الاسباب التي لم تحب سيره عامر بسببها ناهيك عن السبب الاكبر خطيئتها التي ارتكبتها معه فهي الآن لا تريد ان تراه أمامها ، تريده أن يبتعد ، أن يتركها تعيش وتتنفس وتنسى الماضي الأليم الذي ارتكبته معه ، تريد ان تنسى خطيئتها ، وعند تذكرها لخطيئتها تلك تزداد دموع عينيها أكثر فاكثر فقد دفعت ذنبها الغالي والنفيس وما زالت تتألم من فقدان عزيزي عينيها مهما ظهرت ضحكاتها ولكن الألم يكمن ورائها بما يفيض أنهاراً ،
وكل ذلك وماجدة لم ترتكز الا على نقطة واحدة لامتها بقسوة :
ــ يعني دلوك هتجيبي سبب موت ولادك فيا أني اخص عليكي يابنت بطني ، ربنا يسامحك لكن قلبي مش مسامحك ؟
لاحظ عمران وسكون أن الموقف بدأ يحتدم فهتف عمران على الفور :
ــ يا أمي اهدي على حالك وعليها مش شايفاها افتكرت ولادها وهتتقطع عليهم !
اي ام هتتحمل ولادها وبتتحمل اي كلمه منيهم طالما موجوعين قوي واللي حصل لها يقطم الضهر وما حدش يستحمله واصل ألمه تَقيل قوي وهي ما تقصدش اللي انتِ فهمتيه واصل .
شعرت مها بثقل والم نفسي شديد انتابها عقب كلمات والدتها الثقيلة على قلبها ثم رددت وهي ما زالت تنفطر من البكاء :
ــ حرام عليكِ يا امي بزياداكي عاد !
ليه هتحمليني ذنبك في اللي هتفتكريه هو اني ناقصة اللي فيا مكفيني؟
كل اللي اني محتاجاه منك انك تشوفي راحتي اني قبل اي انسان، تشوفي ايه اللي هيسعدني قبل ما يسعد غيري ،اني أولى بعطفك من اي حد .
هدأتهم سكون بكلماتها وهي ترى الحزن والضيق يخيم على ملامحهم بكثرة :
ــ يا امي مها تقصدش اللي وصل لك ممكن نهدى عاد ونسيب اللي فات ومنفتحش في القديم ونطويه كل لما هنفتح النفوس هتشيل .
تنهدت ماجدة بحزن وهي ترى انفطار ابنتها الكبرى وتذكرها أبنائها وتبدل حالتها إلى السوء فور أن أتت سيرة عامر فتفهمت الآن وجهة نظر عمران وخطت إليها وجذبتها بحنو بالغ إلى أحضانها وهي تهدهدها بحنان بالغ :
ــ بس يابتي ، بس يالغالية معايزاش أشوف دموعك اللي هيقطعوا في قلبي كيف السكاكين يغور عامر طالما هيخليكي بالحالة السودا داي ، هرد عليه النهاردة وهقول له كل شيء قسمة ونصيب وخليكي يا بتي مع جاسر طالما دي هو اللي هيسعدك ، بس ياحبيبتي.
ازدادت شهقاتها في أحضان والدتها وتمسكت بها بشدة وهي تحثها على أن تضمها أكثر فهي في أشد لحظات ضعفها الآن وتحتاج إلى عناقها الذي يخذل ألف وجع وألم لم يتحمله بشر :
ــ احضنيني قوي يا امي اني اكتر واحدة في الدنيا محتاجة حضنك اكتر واحدة محتاجة عطفك ، اني حاسة اني هشة قوي من جواي واي حد لو نفخ فيا وفي مشاعري بكلمة هطب ساكتة وياريت يوحصل وارتاح وأروح للغاليين خلاص معايزاش جواز ولا من دي ولا من دي هقعد وياكي اهنه.
شهقت “سكون” و”ماجدة” وهتفن في آن واحد وهي تشدد على احتضانها :
ــ بعد الشر عنك يابتي ، يديم حسك وبسمتك وطلتك اللي كيف النسمة لامك يالغالية ، دي أني يجرالي حاجة لو مسِّك الوجع دي انتي بت عمري بكريتي اللي شافك قلبي قبل عيوني ودايما كنتي حاملة هم خواتك وياي وربتيهم معاي ، طول عمرك حمالة القسية ياحبيبتي ، اهدي يا أم الزين بعد الشر عليكي من الوجع وفطرة قلبك ، لااا ياحبيبتي اتجوزي وحبي واتحبي واتهني أني مهدومش ليكي العمر كلاته.
وظلت كلتاهن يبكيان مما جعل “سكون* هي الأخرى تبكي لبكائهن وعندما راى “عمران” دموعها جذبها الى احضانه على الفور وهو يهدئها :
ــ له يا حبيبي مهتحملش كله إلا دموعك اهدى يادوك .
تمسكت بأحضانه الحانية فشدد عليها وقبلها من رأسها قبلة محب عاشق ثم ترك “ماجدة” و “مها” تفرغان شحنة حزنهما فالحضن الآن بمثابة الوطن يحتضن الوجع والألم ، حضن بمثابة الاحتياج للرغبة في المعيشة ثم ردد “عمران” أخيراً:
ــ خلااااص بزياداكم عاد بكا إحنا عايزين الفرح مش الحزن الناقع دي ، أهم الحريم اكده لما يمسكوا في النكد ملهمش كتالوج ،
خلاص يا أم الزين جواز ايه دي اللي مريداهوش واليتيم الغلبان اللي مستني على نـ.ـار دي مين هتتجوزه غيرك كانك أمك داعية لك والله بحق ،
ها يا أمي أتصل على جاسر وأقول له ياجي بكرة إن شاء الله ؟
ربتت على ظهر مها متسائلةً إياها:
ــ ها يابتي موافقة نقول له ياجي ؟
صمتت ولم تجيب فرددت سكون على الفور :
ــ وه يا ماجدة لساتك هتستني رد السكوت علامة الرضا ياحاجة ،
ثم نظرت إلى “عمران” وطلبت منه :
ــ يالا ياعمران كلمه دلوك خير البر عاجله خلى الفرح يدخل قلوبنا والحزن يبعد عنينا .
نظر “عمران” إلى “ماجدة” متسائلاً بعينيه فأومأت هي الأخرى برأسها للأمام ورمشت بأهدابها كعلامة للموافقة فقام “عمران” وهاتف جاسر الذي فور أن سمع الخبر هلل بسعادة أخيراً لنيل مبتغاة ثم عبر عن سعادته لعمران :
ــ الله الوكيل لو أخوي ابن أمي وأبوي ماهحبه زييك يابن عمي ، جميييل عمري ماهنساه لك ابدا .
زمجر “عمران” بضيق من كلمته :
ــ جميييل ايه يابن عمي احنا اصلا خوات وان مكنتش أقف جارك وأكون شقك اللي يتمنى لك السعادة والفرح من غيري ياجدع !
ابتسم “جاسر” قائلاً بتسرع :
ــ طب احنا لسه بدري أجي دلوك ؟
منعه “عمران” بشدة :
ــ لااااا دلوك ايه دي هتبكي هي وأمها لما شبعانة خليك بكرة أحسن تكون هديت .
ــ وه بكيتوا أم الزين ياعمران والله حرام عليكم ! كلمات استنكارية نطقها “جاسر” بنبرة معترضة حزينة على حبيبته فعقب عليها “عمران” بنفي عن حاله :
ــ وه وأني مالي ياجدع واحدة وأمها هيبكوا مالي أني !
خلاص هقفل دلوك علشان أخد مرتي ونمشي وبكرة عاد من النهاردة ميفرقش .
أغلق معه الهاتف وظل جاسر يدور حول نفسه بغضب وهو يشعر بالضيق على حبيبته ومعشوقته وهي تبكي الآن وحزينة ويود ان يذهب إليها كي يخفف عنها آلامها وينهاها عن البكاء فهو يشعر بأن قلبه يتمزق من الداخل لأجلها الآن .
“”*****”****”*******
في الساعة العاشرة مساءً خرجت فريدة من المشفى وانهت ورديتها ثم هاتفت “سكون” قبل أن تصعد سيارتها وبعد أن أجابتها :
ــ اللي وحشاني وما بتسألش عليا انتِ فين من ساعة ما أخدتي الأجازة ما بتساليش عني يا وحشة، عايزة اقعد معاكي نص ساعة لكده قبل ما اروح .
اعتذرت لها “سكون” عن تقصيرها معها :
ــ حبيبه قلبي انت عارفه ما اقدرش استغنى عنك ولا أبعد بس موضوع عمليتي وبعدين فرح رحمة وحوارات كتير اكده هبقى احكي لك عنها اول ما نقعد مع بعض وحدينا .
تفهمت “فريدة” ظروفها ثم طلبت منها :
ــ طب عايزة اقعد معاكي دلوك ضروري عايزاكي في موضوع مهم قولي لعمران يجيبك وتعالي لي على البحيرة نقعد هناك شوي في الهوا ونتكلَم مع بعض الموضوع ضروري حبيبتي.
كانت “سكون” مفعلة السماعة الخارجية فسألت عمران بعينيها فأومأ برأسه بموافقة فاجابتها :
ــ خلاص يا فيري عشر دقايق وهكون هناك في المكان اللي بنقعد فيه على طول استنينا .
أغلقت الهاتف فسألها عمران بتعجب نظرا لإلحاحها:
ــ يا ترى في ايه اللي مخليها مستعجله قوي اكده استر يارب ؟
ابتسمت له “سكون” وطمئنته :
ــ ما تقلقش يا عمران اكيد ما فيش حاجة صعبة طريقة كلامها هتقول انه خير بإذن الله .
تعجل في سرعته كي لا يجعلاها تنتظر كثيرا ثم وصلا اليها في دقائق بسيطة وجدوها تجلس امام البحر تنتظرهم ذهبوا اليها وبعد السلام والاطمئنان كل منهم على حال الآخر تحمحمت “فريدة” قبل ان تبدا حديثها :
ــ أممممم … في حاجة زينة قوي عايزة اخبرك بيها يا صاحبتي يا حبيبتي بس خلي صدرك واسع وياي علشان خاطر اني هحبك وهتمنى لك الخير من كل قلبي .
نظرت سكون إلى “عمران” نظرة اندهاش وبالأخير اومائت برأسها بموافقة فأكملت “فريدة” بوجه بشوش كي لا تصيبها بالذعر لأن تلك المسألة أصبحت بالنسبة لسكون رعبها الأول والأخير :
ــ شوفي يا حبيبتي في دكتور زميلنا جاي منتدب من بقاله شهر اكده في المستشفى ولما شاف حالتك وسمع عنها لما كنت هتعملي العملية فجالي بعد ما عملتيها وكان عارف كل حاجة عن حالتك وقال لي على دكتور كبير قوي في مصر ووراني فيديوهات كتيرة قووي ليه وبصراحة اني شفت الفيديوهات حالات انتِ ما تجيش جنبها حاجة وما شاء الله تبارك الله حملت وكملت حملها وبقيت ام وانتِ الحمد لله مشكلتك مش معضلة قوي زيهم فقال لي ان هو هيحجز لك هناك بنفسه هو والد صاحبه وهيتابع معاكي الحالة وبيقول كمان ان كل الحالات اللي عنديه ما بتكملش خمس شهور وبأمر الله بتحمل لأنه دكتور شاطر جدا وكل الأجهزة اللي بيستخدمها من برة ومفيش حالة بتستعصى عليه ودايما يقول للحالة ان ربنا عنده الكتير والكتير لدرجة ان في حالات حملت عنده وهي في سن ال 45 بعد ما عملت عمليات ملهاش أول من آخر ،
اني شايفة يا سكون ان انتِ تروحي له وربنا هيكرمك على يده بإذن الله وممكن يكون ربنا بعت فارس في الوقت دي علشان خاطرك انتِ هو في مشكلة واحدة بس ان الكشف عِندَه غالي قوي والعمليات غالية ودي طبعا مش هتستعصى عليك يا عمران .
تبسم وجه “عمران” بأمل ثم نظر إلى “سكون” مرددا بانتصار:
ــ مش قلت لك ربنا ما بينساش حد ابدا ،
مش قلت لك اصبري الصبر جميل واني عارف ان ربنا مش هيكسر بخاطرنا ابدا ياسكون ،
ثم نظر إلى “فريدة” مشجعا اياها:
ــ انتِ لسه هتسألي خليه يحجز طبعا ونروح ونعمل كل اللازم داي سكون يعني فداها كنوز الدنيا كلاتها ولو هبيع عمري مش هستخسره فيها كله اللي هي .
كانت “سكون” في ذاك الوقت متمسكة بيده فضغطت عليها بامتنان وهي تشعر بالفخر بكون ذاك الرجل زوجها بل أعظم انتصاراتها ودقات قلبها اعلنت الطبول مما قاله ولكنها خائفة وما زالت فهتفت بنبرة ضائعة فاقدة للأمل :
ــ بلاش يا عمران نروح مش عايزة ادي اللي حوالينا أمل جديد وفي الآخر لو ما حصلش نصيب يحسوا بالهزيمة وساعتها الدنيا هتوبقى وحشة قوي في عيني .
لامها بنظراته بشدة ثم نظر الى “فريدة” وهو يشد يدها للقيام مؤكدا عليها :
ــ خليه يحجز يا فريدة واني هتابع معاكي أول بأول وان شاء الله نروح واللي فيه الخير يقدمه ربنا سواء كان بالجبر او بالصبر كل أقدار ربنا خير وما حدش هيعرف بالموضوع دي خالص غير لما ربنا يكرمنا ولا امي ولا ابويا ولا اي حد في الدنيا ولا حتى اهلها هنروح مننا لنفسنا نتابع كل حاجة ومعلش يا سكون ما تجيبيش سيرة لحد خالص مش عشان خاطر يزعلوا او ما يزعلوش عايزين كل حاجه تتم في الدِرَا عشان ربنا يكرمنا وعلشان نشيل همنا بنفسنا .
بعد أن أنهى كلامهما وشكرها اخذها عمران وطيلة طريقهما يلومها على كلامها وعلى احساسها بالتشاؤم الذي أزعجه كثيرا حتى وصل الى المنزل فسبقته إلى الداخل وبدور يصطف سيارته وسيطمئن على خيله قبل ان يدخل ،
دخلت “سكون” وجدت “زينب” تنتظرها في بهو المنزل وحدها في ركن جانبي بعيدا عن الأعين وكانت “شمس” قد خرجت إلى البحيرة في جانب المنزل او تبعد عنه بمسافة بسيطة فقد أرسلت “زينب” معها الخادمة التي تعمل بالمنزل كونيس فنادت على “سكون” تستدعيها للجلوس معها وبعد أن اطمئنت على حالها وعلى والدتها دخلت في صلب الموضوع الذي ستتحدث فيه على الفور مما جعل سكون قلبها يهوى بين قدميها من كلمات “زينب” :
ــ شوفي يا سكون يا بتي عمران لما يدخل دلوك هتحدت وياه في الموضوع اللي اتفقنا عليه كل ما عليكي انك تقولي انك موافقة ودي الوعد اللي انتِ وعدته لي قبل سابق لما اتكلمنا ويا بعض انا قلبي متشحتف على حفيد لولدي اللي خلاص داخل على الأربعين ما تزعليش من كلامي زي ما قلت لك قبل اكده والله قلبي بيتقطع وانا بقولها لك بس من جوة كل حتة في قلبي وفي كل كياني رايدة لولدي العزوة وزينة الحياة الدنيا .
أظلمت عيناي سكون بغشاوة الدمع فهي الآن بين قاب قوسين او أدنى ماذا تفعل تلك الأم المحقة في إحساسها ؟
وماذا تفعل في ذاك المرض اللعين المحاوط رحمها ؟
وجدت حالها تومئ رأسها للأمام بقلة حيلة وهي لم تجيد التفكير الآن فقد حصرتها زينب في خانة أضيق الحدود وتوقف عقلها الآن عن أي رد فعل والأخرى تربت على ظهرها كي تستعطفها ثم اتت اللحظة الحاسمة ودلف عمران اليهما وجد سكونه في حالة يرثى لها فشعر بوجود خطب ما فسألهم :
ــ مالكم مبلمين اكده ليه في حاجة حوصلت ولا ايه ؟
ابتسمت “زينب” ثم امسكته من يده وجعلته يجلس بجانبها وهي تنفي وجود شيء كي تجعله يهدا وتستقر نفسه وبعد طمئنتها له بأنه لم يكن شيئا ووجدت معالمه هدأت واستقرت حتى قالت أمامهما بما صدم “عمران” :
ــ شوف يا ولدي الموضوع دي كلمتك فيه قبل اكده اني عايزاك توبقى هادي واني هتحدت وياك فيه وخليت مرتك توبقى موجودة بالتحديد علشان كل حاجة تكون قدام عينيها وبرضاها وبدون غصبانية ،
وأكملت حينما برزت عروق رقبته مما استشفه من حديثها ورأت ذلك فقالت كلماتها دفعة واحدة جعلت ذاك الجالس يعلن عن ثورة عارمة لم تكن تتوقعها من ولدها الوحيد كي لا يتسبب في ازمة لزوجته بل كل حياته وروحه عشقه الوحيد عشق العمران :
ــ اني اتكلمت ويا سكون في موضوع جوازك تاني عشان رايدة الحفيد وعايزة لك عزوة وزينة الحياه الدنيا وهي ما عِندهاش مانع فليه تكابر طالما مفيش مشكلة هتحصل بينك وبينها وربنا يكرمك والدنيا هتمشي .
هنا امتنعت عقارب الساعة عن الدوران إجلالاً لما نتج من تحدي العناد أمام جيوش الغضب
ثم تنهد بقوة فأغلقت عيناها من هول زفيره وهو يترك كلام والدته بأكمله ويتمسك في جملة واحدة :
ــ حقيقي اللي هتقوله امي دي ياسكون ؟
حقيقي انك موافقه ان أني اتجوز عليكِ ؟
صمتت سكون ولم تعرف بما تجيبه فقد غـ.ـرزت “زينب” السكـ.ـين في صدرها أمامه وقضي الأمر وتقف الآن كالمتهم في قفص الجريمة ولا تعرف بما تجيبه ،
ليس لديها سوى الصمت هو الذي يتحدث عنها سوى الدقات المرتفعة التي يعلن عنها صدرها صعوداً وهبوطاً هما فقط من يراهم فعلم انها وافقت فأمسكها من كتفيها يهزها بعنف ولأول مره ترى سكون غضب العمران بتلك الدرجة الشديدة مما جعلها سقطت مغشياً عليها من هول الموقف ولأول مرة يحدث ذلك وهو لا يتعاطف معها ولم يهتز لغفوانها فهو كان جيش حامي بسيوف العشق الشديد لها وهي أول من سن سيفه وطعنه به في صدره حتى ردد قبل ان يغشى عليها :
ــ وافقتي يا سكون ؟!
وافقتي ان حضن عمران يوبقى لغيرك وكلام الحب اللي هيقوله لك عمران يوبقى لواحدة تانية !
اتنازلتي عني بالسهولة داي ؟!
كد اكده حضني وحبي وعشقي ليكي ومحاوطتي ليكي في كل حاجة طلع تمنهم رخيص حفيد لأمي وابن ليا من واحدة غيرك ؟!
خسرتي رهان قلبي عليكي ، صدمتيني فيكي ، كنت ردي عليها وقولي لها الا عمران ،
كنتي تسيبيني اني في وش المدفع وكنت هبقي الكفيل بكل حاجة بس ما توافقيش بالسهولة داي ، كنت حصنك المنيع قدام اي حد مهما كان غلاوته عندي بس كنت هاجي في اخر الليل واترمي في حضنك واشبع من حبك وعشقك وحنانك اللي ما كنتش عايز من الدنيا غيرهم ،
حسسيني اني عندك اغلى من كل حاجه في الدنيا واغلى حتى من استعطاف اللي حواليكي ليكي حتى لو كانت امي انا مصدوم فيكي صدمة العمر .

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية من نبض الوجع عشت غرامي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى