روايات

رواية أنا لها شمس الفصل الثاني والأربعون 42 بقلم روز أمين

رواية أنا لها شمس الفصل الثاني والأربعون 42 بقلم روز أمين

رواية أنا لها شمس الجزء الثاني والأربعون

رواية أنا لها شمس البارت الثاني والأربعون

أنا لها شمس
أنا لها شمس

رواية أنا لها شمس الحلقة الثانية والأربعون

داخل غرفة التحقيقات الخاصة بقسم الشرطة التابع للمركز،إختار عمرو أحد المقاعد الخشبية المتواجدة جانبًا بأحد جدران الحُجرة ليجلس عليها مبتعدًا عن والده وشقيقيه كي لا يشعر به أحدهم،نكس رأسه للأسفل ليضعها بين كفاه كي يداري غضبهُ العارم الذي أصابه من ذاك الخبر المشؤوم الذي تلقاه منذ القليل من صغيره البرئ،شعر بدوارٍ أصاب رأسهِ أما جسده فسرت بسائره نارٍ مستعرة ود لو بإمكانه الخروج ليـ.ـحرق بها عدوه اللدود،لم يتوقع حتى بأبشع كوابيسه أن أنثاه التي اعتبرها ملكية خاصة مختومة بختم قلبه تحمل داخل رحمها جنينًا بل جنينين من رجلًا غيره،نارًا مشتعلة لو خرجت لدمرت الأخضر واليابس أمامها كالإعصار،كان والدهُ وشقيقيه يتحدثان في بعض الأمور التي يجب إتباعها كي يتجنبوا ثورة عائلة ناصف الغاضبة،لاحظ نصر إبتعاد نجله بعدما انسحب ليجيب على مكالمة هاتفية فسألهُ مستفسرًا باهتمام:
-مالك يا عمرو، مين اللي كان طالبك على التليفون؟!
أخذ نفسًا مطولاً قبل أن يرفع رأسه ليناظر والدهُ بهدوء كي لا يكشف تخطيطه حيث عقد العزم على أن يقوم بتنفيذه مهما كلفه الأمر حتى بعدما استمع عن حمل من توطنت في القلب:
-ده يوسف يا بابا
برغم كم المصائب التي تكومت ونزلت على رأسه دفعةً واحدة إلا أنه ابتسم بحبورٍ حين استمع لاسمع حفيده الغالي والمقرب من قلبه والذي انتوى أن يحارب فؤاد بشراسة فور حصوله على مقعد البرلمان لاسترداد الصغير واحتضانه،نطق سريعًا بتلهف:
-طب ليه مخلتنيش أكلمه يا عمرو،الواد ده وحشني قوي
لم يستطع كظم حقده نحو ذاك الصغير الذي لا حول له ولا قوة ولا ذنب له بكل ما يجري سوى ان الله وضع محبتهُ والقبول بقلوب كل من حوله ومن رأه،ليهتف بحدة وحقدٍ ظهر فوق ملامحه:
-هو ده وقت كلام العيال بردوا يا ابا
إلتفت إليه نصر يتطلع عليه بحدة واستغراب لنبرته التي خرجت رُغمًا عنه بسخطٍ كي تكشف ما بقلبهِ المريض نحو الصغير ليبتلع لعابه سريعًا حين رأى عينين نصر تطلق سهامًا صوبه ليسترسل بدهاءٍ أبعد به شر والده عنه:
-أنا قصدي تستغل الوقت وتكلم حد من الناس الكبار يبعت قوة كبيرة من الشرطة ولا الجيش توقف عيلة ناصف عند حدهم،لحد ما الشرطة تلاقي اللي عمل المصيبة دي وياخد جزائه
تنهد نصر بعدما اقتنع بتفكير نجله ليقول بهدوء:
-متقلقش،أبوك عامل حساب لكل حاجة
ثم التفت إلى عمرو من جديد ليسألهُ باهتمام:
-مقولتليش،يوسف قال لك إيه؟
أجابهُ والحزن يسيطر على ملامحه ونبرات صوته:
-سلم عليا وقال لي إني واحشه قوي
سالهُ واللوم يملؤ عينيه:
-ليه مدتنيش التليفون أسلم عليه؟
نطق بخفوت:
-ملحقتش،يدوب كلمني كلمتين والولية اللي إسمها عزة اخدت منه التليفون وقفلته
قطب نصر جبينه ليتابع الأخر بايضاح:
-أصله كلمني من تليفونها من غير إيثار ما تعرف
ابتسم نصر ساخرًا لينطق بحدة وغلٍ:
-أه يا زمن،عليت الواطي وعملت له قيمة،بنت غانم الشحات بقى لها سعر وبتتحكم في أسيادها اللي كان يوم عيد عندها هي وعيلتها العرر يوم ما اتنازلنا وناسبناهم
نكس رأسه للأسفل ليقف حسين وجلب بعض الأكياس الموجودة فوق منضدة خشبية ليقول وهو يقوم بتفريغ محتوياتهم:
-تعالى يا عمرو كل لك لقمة معانا
كان الضابط قد بعث وابتاع لهم الطعام كي يتناولوه لحين الصباح والبت في أمرهم وصعد هو للملحق الخاص به المجهز ليغفو كي يستطيع المواصلة في التحقيق بتلك الواقعة التي قلبت المركز بأكمله رأسًا على عقب
**********
داخل الجناح الخاص بفؤاد وزوجته،كانت تتمدد فوق التخت يدللها ذاك المغرم الوسيم بعدما صعدا مباشرةً،يحمل فوق ساقية صينية يوضع عليها كل ما لذ وطاب من أنواع فاكهة الموسم حيث بعثت بها عصمت مع إحدى العاملات كي يتغذى صغيري نجلها الحبيب،قطع جزءًا من فاكهة الكمثرى وقربها من فمها لتقضمها باستمتاع وعينين شاكرة لينطق بنبرة صادقة:
-إوعى أشوفك زعلانة أو قلقانة من أي حاجة طول ما أنا عايش وفيا نَفس
تنهدت بهدوء لتنطق بايضاح:
-من بعد ما دوقت راحة البال والسلام النفسي جوه حضنك وأنا بقى عندي فوبيا إني أخسر الأمان اللي حسيته بينكم
توقفت لتأخذ نفسًا مطولاً قبل أن تتابع بنبرة أظهرت كم تأثرها ورعبها من الرجوع إلى الماضي وخسارة ما اكتسبته في كنف تلك العائلة التي احتوتها برعاية هي وصغيرها:
-من أول يوم دخلت بيتك فيه وأنا بنام مطمنة، شعور كنت نسيته من سنين
تنهدت لتكمل ما أظهر معاناتها بالماضي:
-من يوم ما خرجت من بيت بابا وجيت بيوسف على القاهرة،وأنا مفيش يوم عدى عليا من غير مشاكل، عيشت سنين والخوف ملازمني زي ظلي
تطلعت إليه لتتعمق بعينيه التي تتمعن بتفاصيلها بتأثرٍ وألم لتتحول نظراتها من حُزنٍ إلى أعلى درجات الهيام وهي تقول:
-لحد ما القدر ورحمة ربنا حطتك بطريقي،ومن يومها وأنا حياتي كلها إتغيرت
أمسك ذقنها وبدأ بمداعبته بأصابع يده ليقول بنبرة تفيضُ حنانًا وعشقًا:
-طب وإيه اللي اتغير يا إيثار،ما أنا هو نفسه فؤاد حبيبك،يبقى ليه الخوف اللي يوصلك لحالة الرهاب اللي كنتي عليها النهاردة؟!
هزت رأسها وأمسكت كفه بخاصتيها لتنطق متأثرة بعينين بهما غيمة تكونت بفضل شعورها بالذنب:
-خفت يا فؤاد،خوفت أهلك يحملوني ذنب خروج فريال من البيت وأفقد حبهم واحتوائهم ليا أنا وإبني
لم تعد تحتمل كتمان دموعها وحبسهم أكثر فسمحت لها بالهطول وهي تقول بنبراتٍ مزقت بها نياط قلبه:
-إنتَ أصلك مشوفتش معاملة بيت نصر ليا كانت عاملة إزاي،إجلال كانت بتحاسبني على دور البرد اللي بيصيب إبنها وتنصب لي المحاكمة
أفلت يداه من خاصتها ليحاوط بهما وجنتيها باحتواء،جفف بإبهاميه دموعها التي سالت على الخدين لينطق سريعًا قاطمًا حديثها:
-كل اللي فات عاوزك تنسيه وتمحيه من ذاكرتك خالص،وكأنك معشتهوش أصلاً
هز وجهها بيداه وكأنهُ يجبرها على الخروج من تلك الحالة المرضية:
-مفهوم يا إيثار؟
هبطت دموعها من جديد لتلقي بحالها داخل أحضانه وهي تقول:
-أنا مش قوية زي ما الكل شايفني يا فؤاد،أنا أضعف مما تتخيلوا كلكم
على عجالة ابتعدت عنه لتتعمق بعينيه وهي تقول بنبرة توسلية:
-إوعدني إنك ماتسبنيش مهما حصل،لو في يوم عملت حاجة تزعلك ناقشني وحاول تفهم أسبابي، وصل لي وجهة نظرك وأنا هتقبلها بس إوعى تسيبني
إحتوى وجنتيها من جديد لينطق بقوة وثبات بث لها من خلالهما الإطمئنان والسكنِ والسكينة:
-عاوزك تكوني متأكدة من حاجة مهمة قوي وتحطيها دايمًا قدام عيونك،إن مهما حصل مستحيل أبعد عنك
واسترسل بعينين ممتنتين تفيضُ عشقا:
– لأن ببساطة أنا محسيتش إني عايش غير بعد ما عرفتك،أنا وأهلى مدوقناش طعم الفرحة اللي بجد إلا بعد دخولك إنتِ ويوسف لحياتنا
وهمس أمام شفتيها بغرامٍ:
-ده غير إن شفايفك بقت ترياق الحياة اللي بيحييني، معقول أضيع عمري كده بسهولة
نطقها واقترب عليها ليأخذها بعالمهُ الساحر من خلال قُبلته الرقيقة التي بث لها كمٍ من المشاعر الهائلة
***********
بعدما أطمأنت أن الصغير قد غفى بسلام هبت واقفة وباتت تجوب الغرفة إيابًا وذهابًا وقد تملك الرعب من قلبها،باتت تفكر في شر عمرو الذي سيطال إيثار بالتأكيد بعدما علم بحملها،فهو كائن بربري يسعى لتخريب حياة كل من حوله وافساد سلامهم النفسي وبالاخص تلك المسكينة التي أوقعها حظها السئ ليعشقها ذاك المريض بالتملك دون غيرها من فتيات البلدة،توقفت فجأة لتنطق وهي تشير بكفيها:
-وأنا هوجع قلبي على إيه، أنا هروح أحكي اللي حصل لصاحبة الأمر وجوزها يتصرف
ثم وضعت كفها ليحتوي فكها وهي تفكر:
-بس سيادة المستشار لو عرف ماهيصدق ويمسكها عليا ذلة
هزت رأسها على عجالة لتقول بلامبالاة:
-يعمل اللي يعمله بقى،قال هيسخطوك يا قرد
نطقت كلمتها واسرعت للخارج بعدما عقدت النية على الإعتراف بجريمة الصغير التي تمت تحت إشرافها الكامل،عودة إلى فؤاد الذي ذاب بقبلته لبعيد مع معشوقة الروح خليلة القلب،فقد سحبها لتعتلي ساقيه وبات يتذوق شهد شفتيها بتلذذ واستمتاع لكلاهما حتى فصلتهما تلك الطرقات لتفزع هي مبتعدة مما جعل الأخر يستشيطُ غضبًا،كور قبضة يده بقوة لينطق من بين أسنانه:
-الخبطة دي أنا عارفها كويس قوي
ليشير لها صوب الباب:
-هي مفيش غيرها
لوت فاهها لتنطق باستحياء:
-عزة!
-طبعاً عزة…قالها لتنزل هي عن ساقيه فتحرك هو صوب عليقة الملابس ليلتقط مئزره ويرتديه ثم توجه لفتح الباب ليهز رأسه حين وجدها تقف أمامه بابتسامتها البلهاء والتي توقع من خلالها أنها فعلت كارثة وما أكد حثه هي كلماتها التي نطقتها بهدوء:
-عاوزة أبلغك إنتَ وإيثار بحاجة مهمة حصلت
أشار بكفه بطريقة مسرحية لتنطلق للداخل فور سماحه لها وتحركت حتى وصلت لحجرة النوم ليتبعها وهو يقول:
-إتفضلي إشجيني وقولي لي على المصيبة اللي عملتيها
نظرت إليه لتنطق باذبهلال:
-هو سعادتك عرفت منين؟!
أجابها ساخرًا:
-من ملامح وشك يا عزة هانم
سألتها إيثار التي اعتدلت على الفراش ليتحرك فؤاد ويضع لها إحدى الوسائد خلف ظهرها:
-إيه اللي حصل يا عزة؟
تبادلت النظرات بينهما لتفرك كفيها ببعضيهما وقد بدا التوتر ظاهرًا بقوة على ملامحها ليهز فؤاد رأسه وينطق باستسلام:
-قولي قولي، هببتي إيه؟
انطلقت الكلمات من فمها كما الرصاصات التي تخرج بقوة من المدفعية:
-الواد يوسف كلم أبوه وقال له ماما هتجيب توأم
اتسعت عيني فؤاد وقبل أن ينطق حرفًا وجد تلك الجالسة فوق الفراش تهتف والهلع ظهر بعينيها:
-كلمه إزاي ومنين؟!
لتهب واقفة وهي تنطق وقد استولى الهلع عليها:
-هاتي لي يوسف يا فؤاد، هاته ينام في حضني
هرول إليها ليحتوي كفيها ويعيدها من جديدٍ إلى الفراش وهو يقول:
-ممكن تهدي وتقعدي علشان مايحصلش اللي حصل من شوية والولاد يتأذوا؟
نظرت إليه بعينين متسعتين لتنطق وهي تتمدد من جديد:
-صح،إنتَ صح يا حبيبي،أنا لازم أهدى خالص وما اعرضش ولادي للأذى، بس بردوا هات لي يوسف
دثر جسدها بالغطاء ليقول بنبرة تغلفت بالسكينة والهدوء:
-إرتاحي خالص وانا هحل الموضوع بطريقتي، وبالنسبة ليوسف مش هينفع يبات هنا
تطلعت عليه لينطق مفسرًا كي لا تفسر حديثهُ خاطئًا:
-لو نام جنبك ممكن لاقدر الله يخبطك برجله ولا دراعه ويأذي الولاد من غير قصد طبعاً
ثم تابع ليهدئ من روعها:
-عايزك تطمني، القصر متأمن من حديد لدرجة إن مفيش نملة ممكن تعدي، يعني خوفك ده كله في غير محله
نطقت عزة التي تشعر بالأسى:
-بس اللي إسمه عمرو مش هيسكت يا باشا،ده معجون بماية شر زي أمه بالظبط
هتف وهو يرمقها بحدة:
-ولما أنتِ عارفة الكلام ده يا هانم خليتي يوسف اتصل بيه ليه؟!
-الواد صعب عليا لما شوفته مشتاق لابوه وقعد يتحايل عليا كتير…نطقتها بتأثر وعينين كادت أن تدمع لتتحول سريعًا وهي تتابع بلوم لحالها:
-يقطعه قلبي الحنين اللي جايب لي الكافية ومخليني ملطشة للي يسوى واللي مايسواش
اتسعت عينين فؤاد وكاد أن يفتك بها لولا تدخل إيثار التي جذبت يده قبل أن يندفع نحوها ليلقي بها خارج الجناح:
-علشان خاطري يا حبيبي تمسحها فيا
لوت فاهها لتنطق باستهجان:
-هي إيه يختي دي اللي هيمسحها فيكِ؟!
ضغطت فوق أسنانها وهي تقول بغيظ:
-عزة،اتفضلي على أوضتك للولد يصحى مايلاقكيش جنبه
كادت أن تتحرك فاوقفها صوت فؤاد القوي:
-أوضة الولد مش هتدخلها تاني يا إيثار
جحظت عيني عزة بفزعٍ لتنطق إيثار بصوتٍ متلبك:
-مش هينفع إبني ينام لوحده وخصوصًا في الظروف دي يا فؤاد
نصب عوده ليضع كفيه بداخل جيبي مئزره لينطق بحزمٍ:
-الولد كبر خلاص ولازم يتعود ينام في أوضة منفصلة،دي التربية الصحيحة لطفل داخل على تمن سنين، إنما النظام بتاعكم ده لا ينفع دينيًا ولا حتى نفسيًا
نكست عزة رأسها للأسفل وهي تقول:
-شكلك عاوز تمشيني ومكسوف تقولها لي في وشي يا باشا
-عزة…قالها بحدة وعينين تحذيرية تطلق شزرًا ليتابع بنبرة أكثر صرامة:
-أنا مبتكسفش يا ماما،ولو عاوز أمشيكِ هقولها لك في وشك ومش هتكسف منك
وتابع بحزمٍ:
-ما اتخلقش لسه اللي يخزيني
لوت فاهها وهمست بصوتٍ خافت لن يصل سوى لأذنيها:
-وإنتَ اللي زيك هيتكسف من إيه،فلوس أبوك المتلتلة مقوية قلبك يا أخويا،سيبوا الخزى والكسوف للغلابة اللي زينا
هتف بحدة وصرامة جعلت الرجفة تصيب جسدها:
-أكتر حاجة بكرهها في حياتي كلها هي البرطمة،يا تعلي صوتك وتتكلمي زي البني أدمين يا تسمعيني جمال سكاتك ومعاهم جمال خطوتك
شعرت بالإهانة من كلماته الحادة ونظراته الثاقبة لتنطق بخزىٍ وهي تتأهب للخروج:
-حاضر يا باشا
شعرت إيثار بنغزة بقلبها فور خروج عزة وهي مطأطأت الرأس لتنطق بنبراتٍ يملؤها اللوم:
-ليه كده يا فؤاد
إلتفت يتطلع عليها لينطق متعجبًا:
-بتسألي بجد؟!
-أنا عارفة إنها غلطت بس…لم يدعها لتكمل حديثها ليهتف بحدة أظهرت كم استيائه:
-ده مش غلطة يا إيثار،ده تعدى للحدود والخطوط الحمرا
ليسترسل بصرامة:
-تبقى إيه عزة بالنسبة ليوسف علشان تقرر منها لنفسها كده وتخليه يكلم بباه بدون علمنا،مين إداها الحق ده؟!
تنفست قبل أن تنطق باعتراضٍ ودفاعٍ عن من اتخذتها كأمٍ بديلة عوضًا لها:
-من فضلك يا فؤاد تتكلم كويس عن عزة،عزة أكتر حد وقف معايا وهي اللي ساعدتني في تربية إبني
رفع حاجبه الأيسر باستنكار لينطق شارحًا الوضع:
-طب يا أستاذة،أحب أقول لك إن البيه اللي عزة هانم إتصلت عليه وخلت إبنك يكلمه موجود حاليًا في قسم الشرطة هو وأبوه وإخواته
فغرت فاهها لتسألهُ بلهفة:
-إيه اللي حصل يا فؤاد
زفر بضيق ليخلع عنه المئزره ويقوم بتعليقه برتابة ثم تحرك لينضم إليها بالفراش،أخذ نفسًا عميقًا لينطق بهدوء:
-هحكي لك اللي حصل مع إني مكنتش حابب أوجع دماغك بحكايات متخصناش
بدأ يقص عليها كل مادار تحت علمه وإمداده بكل المستجدات من قِبل رجاله المراقبون لنصر وأنجاله الثلاث،وأيضًا أخبرها بقصة الأثار وزواج نصر السري لتشهق بصدمة وهي تستمع لينطق هو بنظراتٍ عاتبة:
-عرفتي أنا ليه بكلم الهانم بالطريقة دي
واسترسل مفسرًا:
-لأن ممكن في لحظة اللي اسمه عمرو يتهور ويعمل حركة من حركاته الزبالة اللي زيه،ده واحد شايف إمبراطورية أبوه بتنهار فوق دماغهم كلهم، واللي زي ده ممكن يهد المعبد على دماغ الكل لو لقى نفسه بيخسر كل حاجة
أغمضت عينيها لتنهمر دموعها كالشلال،إقترب عليها ليسألها بنبرة جاهد بقوة لتظهر هادئة عكس نار الغيرة الكامنة بأحشائه:
-دموعك دي على مين يا إيثار؟
نطقت من بين شهقاتها التي تنم عن مدى توجع روحها:
-على إبني يا فؤاد،لو عيشت عمري كله أتأسف له على سوء إختياري لابوه مش هيكفي
لتهز رأسها وهي تنطق وشعورٍ رهيب من الذنب يتخلل كامل جسدها:
-أنا مجرمة،ظلمت إبني ووصمته بأب فاشل وعيلة الإجرام بيجري في دمهم
سحبها لأحضانه وبدأ يحرك كفه الحنون فوق ظهرها ليجعل روحها تطمئن وتستكينُ،أخذ نفسًا مطولاً قبل أن يقول بصوتٍ مطمئن:
-إوعي تحملي نفسك فوق طاقتها وتحبسيها جوة دايرة الذنب،الموضوع كله مرتبط بالقدر وبعيد كل البعد عن الحسابات البشرية، محدش بيختار قدره ويحدده، ربنا هو اللي بيحدد لنا مصائرنا من قبل حتى ما نتولد
علت شهقاتها لتنطق بتأثرٍ:
-صعبان عليا يوسف قوي
ابتعد قليلاً ليحتوى وجهها وهو ينظر لها بعينين بغرامها هائمتين:
-يوسف هيتربى أحسن تربية وسط عيلته اللي بتحبه،ووعد مني عمري ما هفرق بينه وبين ولادي
لينطق وهو يحثها على السكون:
-إهدي بقى علشان خاطر ولادنا
أومأت له لينطق غامزًا وهو يحاول إخراجها من تلك المشاعر السلبية التي تملكت منها:
-ما تيجي نكمل اللي كنا بنقوله قبل ما البومة اللي إسمها عزة تقتحم علينا خلوتنا
لم يفشل منذ زواجهما بمحاولة إخراجها من همومها وسحبها لعالمهُ الخاص،فقد استطاع بالفعل جذبها بحديثه المشاكس لترتسم ابتسامة صادقة على ثغرها ليلثمه برقة نالت استحسانها وسحبتها داخل غيمة من المشاعر الرومانسية التي استولت على كلاهما من جديد
***********
أما عزة فخرجت من غرفتهما بقلبٍ حزين متألم من قرار فؤاد لتتوجه إلى حجرة يوسف، فتحت بابها والتقطت أشيائها الخاصة وهي تنظر للصغير بتأثر لتميل عليه تضع قُبلة حنون فوق جبهته ثم دثرته بالغطاء جيدًا وتركته وخرجت وقلبها صارخًا لأجله،نعم ليس من دمها لكنها اعتبرته حفيدها حيث كرست حياتها بالكامل للإهتمام به وبجميع شؤونه،هبطت درجات السلم على مضض إلى أن وصلت إلى غرفتها التي خصصتها لها عصمت منذ اليوم الاول لدخولها القصر إكرامًا لزوجة نجلها
أما بحجرة فريال وماجد الذي تحدث باستياءٍ ظهر جليًا على ملامحه:
-الباشا الكبير حطني في خانة اليك يا فريال،أنا كنت خلاص كلمت سمسار وبدأ يشوف لي شقة قريبة من شقة ماما،المشكلة إني بلغتها
واسترسل وهو يهز رأسه ببؤسٍ:
-هتقول عليا إيه الوقت
حاوطت كفيه بخاصتيها لتقول بابتسامة علها تستطيع سحبه مما يثقل كاهله:
-أنا مش عوزاك تشيل هم زعل طنط خالص،أنا متأكدة إنها مش هتزعل وكمان هتفرح لنا
زفر بضيق لشعوره الدائم بالإجبار لكنه في النهاية لم يرى من تلك العائلة سوى كل الخير والإحترام لذا فهو مجبر هذه المرة أيضاً على الموافقة لاحترام رغبة علام بعدم إبعاد إبنته الوحيدة عن كنف عائلتها،لتتابع هي بحماسٍ وإصرار:
-أنا هاخد الأولاد وأروح بكرة أقضي معاها اليوم وافاتحها في الموضوع وإن شاءالله هقنعها،وهبعت أجيب غدوة سمك إنما إيه،ومن المطعم اللي هي بتحبه كمان،وإنتَ تعالى على هناك نتغدا ونكمل السهرة معاهم ونبقى نرجع أخر الليل
سألته بابتسامة ساحرة:
-قولت إيه يا حبيبي؟
إبتسم بحبورٍ بعدما استطاعت حبيبته سحبه مما كان يؤرق روحه لينطق بنبرة حنون:
-وأنا أقدر أقول حاجة بعد كلام حبيبة قلبي وتخطيطها
واسترسل بمشاكسة:
-رايحة تبلفي امي بكلمتين وأكلة سمك يا فيري
-من فضلك بلاش تتدخل بيني وبين حماتي…نطقتها وهي تُشيح بكفيها بطريقة جعلته يضحك بشدة لتنطق بعدما أخذت نفسًا عميقًا اظهر عمق مشاعرها:
-مش قادرة أوصف لك مدى الرُعب اللي حسيت بيه لما إيثار تعبت،مجرد فكرة إننا ممكن نخسر البيبي مرعبة، كانت هتبقى كسرة كبيرة قوي لـ بابا وماما
تنهد بهدوء ليقول بنبرة صادقة:
-الباشا والدكتورة ناس محترمة وقلوبهم نضيفة،وبيتقوا الله في كل خطواتهم،وأكيد ربنا مش هيخذلهم
-يارب يا ماجد،نفسي أشوف إبن لفؤاد وأضمه لحضني…قالتها بعينين متمنيتين لتتابع متأثرة:
-عارف إيه أكتر حاجة كانت تعباني ومقطعة قلبي لما قولت لي إننا هناخد شقة بعيد
تعمق بعينيها باستفسار لتنطق مسترسلة:
-إني مكنتش هتابع تربية أولاد فؤاد وأشوفهم وهما بيكبروا قدام عنيا
واسترسلت متحمسة:
-لكن خلاص، بابا حل لنا الموضوع ورضانا كلنا.
جذب رأسها ليقربها من فمه ليطبع قبلة بجبينها وهو يقول بنبرة تغلفت بالسكينة والحنو:
-الحمدلله يا حبيبتي،يلا ننام بقى علشان الوقت إتأخر
اومأت له فتمدد بجسده فوق الفراش لتسكن أحضانه ويضغط هو على زر جهاز التحكم بالإضاءة لينطفئ الضوء سريعًا ويهدأ الحبيبان لينعما بنومٍ هنيئًا.
***********
في الصباح
فاقت عصمت من نومها العميق فمنذ أن علمت من الطبيبة بأن الله قد مَن عليهم ووهب نجلها بصبي وفتاة وهي تشعر بحالة عجيبة من السكون والهدوء والراحة،ولذا فقد غطت في سباتٍ عميق ومتعة لم تشعر بها منذ سنواتٍ،نظرت بجوارها لتتفقد حبيبها وشريك العمر وهو يغط في سباتٍ عميق هو الأخر، وضعت كفها الحنون تتفقد وجنته وهي تقول بصوتٍ هادئ:
-حبيبي،إصحى يا علام
بدأ يفتح عينيه تدريجيًا لينظر لذات الوجه البشوش والذي لم يمل من النظر لوجهها الذي يبهج روحه ويبعث السرور داخل نفسه،خرج صوته متحشرجًا ليقول بابتسامة بشوشة:
-صباح الخير يا حبيبتي
بمجرد ما أن رأت ابتسامته حتى ارتجف قلبها فرحًا وهي ترد عليه:
-صباح الورد،يلى علشان تاخد الشاور بتاعك وتنزل تشوف ورداتك على ما الفطار يجهز
تمطأ باسترخاء واضح لينطق:
-الحمدلله نمت كويس قوي إمبارح
أجابته بهدوءٍ وحكمة:
-ده علشان إطمنا على ولادنا،الكام يوم اللي فاتوا أنا وإنتَ كنا قلقانين من غضب فؤاد وغيرته على مراته من ماجد،لكن إنتَ يا حبيبي حليت الموضوع بمنتهى العقل والحكمة والحل نال رضى الجميع
-الحمدلله يا عصمت…قالها وتحرك واقفًا لينطق بصوتٍ حماسي:
-هادخل أخد شاور سريع
ساعدته بتجهيز الحمام ثم ارتدت ثيابها وهبطت للأسفل لتتابع الإشراف على العاملات وتجهيزهن لوجبة الفطار التي تهتم بها جيدًا وبجميع عناصرها الغذائية للحفاظ على صحة أفراد أسرتها
***********
داخل حجرة المكتب الخاص بالضابط،ولج الضابط بصحبة العسكري ليجد كلًا من نصر وأنجاله الثلاث كلًا منهم يتخذ مقعدًا يغفو عليه بإرهاقٍ،تحدث العسكري بصوتٍ ازعج الجميع:
-إتفضل يا باشا
إعتدل نصر لينطق الضابط بحدة:
-طلعت وحسين وعمرو تقدروا تخرجوا وتروحوا بيتكم وإنتوا متطمنين،البلد محاطة بقوة أمنية ومحدش هيقدر يأذيكم،ده غير إن الشرطة قبضت على المجرم اللي ضرب النار على القتيل واعترف عن اللي حرضه
إبتلع نصر لعابه ليسأله متوجسًا:
-وأنا يا سعادة الباشا؟!
رمقه بنظرة حادة قبل أن ينطق بثبات وقوة:
-إنتِ هتشرفنا هنا رسمي
جحظت أعين الجميع ليتابع الضابط مسترسلاً:
-طلع أمر من النيابة بالقبض عليك يا حاج نصر
ارتجف جسده ليسأله طلعت بقوة:
-ليه يا سعادة الباشا،هو أبويا عمل إيه؟!
نطق الضابط بحدة:
-القناص اللي ضرب النار على هارون إعترف إن ابوك هو اللي دفع له علشان يقتله
صاح بصوتٍ حاد يدافع عن حاله:
-كداب يا باشا،ده أكيد مزقوق عليا من أعدائي،جنابك عارف إن الإنتخابات على الأبواب وألف واحد يتمنى يوقعني علشان اتزاح من طريق منافسيني
نطق الضابظ بحزم:
-مفيش داعي للإنكار يا حاج نصر،الظابط اللي قبض على المجرم وجد بحوزته تسجيلات بأصوات كل اللي أجروه على حوادث الإغتيالات،يظهر كانت هواية عنده تسجيل الإتفاق بالصوت
إنصدم أنجاله ولم يقوى على الإنكار بعدما ابلغه الضابط بوجود تسجيل صوتي له حيث اتفق مع قاتل مأجور ليتخلص من هارون ويدعي أن أعدائه استغلوا نقطة الخلاف بين العائلتين وقضوا على حياته لكن القدر وعدالة الله كانت أسرع،حيث لاحظ رجال المعاينة وجود كاميرات بالشارع الذي حدثت به الجريمة ليجدوا رجلاً متخفي غريب الأطوار فتتبعوا تحركاته إلى أن وصلوا لمكانه وقاموا بتفتيش مسكنه ليعثروا على كنزٍ سمين سيكشف لغز كثيرًا من القضايا ويعيد فتح ملفاتها والتحقيق فيها من جديد،علمت عائلة ناصف بأن نصر هو القاتل وتأكدت شكوكهم فتحرك شقيقها محمد ومعه جميع رجال العائلة لمنزل نصر،إصطفوا بأسلحتهم خلف شقيقها محمد الذي هتف بقوة واضعًا صلة القرابة والدم جانبًا:
-بصي يا بنت أبويا،إنتِ طبعاً عارفة عوايدنا وقانون عيلة ناصف وعارفة إن اللي بيلمس شعرة من حد من عيلتنا بنصفي بيته كله ولازم البيت يخرب، بس علشان صلة الدم اللي بينا إحنا مش هنقدر نأذي ولادك، لأن للأسف حاملين دمنا إحنا كمان
كانت تقف قبالته تتقدم أولادها الثلاث بقلبٍ ولأول مرة يرتجف ويخشى بشرٍ، ليتابع محمد بقوة وعينين حادتين كالصقر:
-بس ده ميمنعش إن بيت نصر لازم يتزال من أساسه وكل اللي فيه يتشردوا
نطقت بعينين قوية وصوتٍ حاد عكس ما يسكن روحها المرتعبة:
-هتشرد أختك وولادها يا حاج محمد، هي دي أمانة أبوك اللي سابها لك؟
هتف بقوة:
-أمانة ابويا تخصك إنتِ وبس،وإنتِ الوحيدة اللي ليكِ الامان والحماية عندي
طلعت وحسين وعمرو،هتسيبوا البلد ومحافظة كفر الشيخ كلها حالاً وملكوش نزول تاني لحد ما أرواحكم تروح عند اللي خالقها،حريمكم وعيالكم سبوهم عند اهاليهم لحد ما تلاقوا شغل وكل واحد فيكم يعرف ياخد مكان يعيش فيه مراته وعياله،ولما ده يحصل أبو كل واحدة منهم يوصلها هي وعيالها لحد عنده لأن زي ما قولت رجلكم مش هتخطي أرض المحافظة تاني
ونطق بحدة:
-طبعاً ده لو أهالي حريمكم عاوزين كده،كل واحد منهم ليه الحرية في إنه يخلي بنته على ذمتكم ولا يطلقها
هتف طلعت بغضبٍ عارم وغطرسة:
-قانون عيلتكم يمشي عليكم يا خال،محدش هيقدر يطلعنا من بيت أبونا وبيت الحاج نصر هيفضل مفتوح بحس عياله الرجالة وأحفاده العمر كله
صاح محمد بثبات وملامح حادة مخيفة:
-إتكلم على قدك يا طلعت وبلاش تقول كلام يخليني أنسى إنك إبن أختي
صاح عمها محمود بصوتٍ أرعب أوصالها:
-عقلي عيالك بدل ما نتصرف إحنا يا إجلال،خليهم يمشوا بكرامتهم بدل ما نطلعهم متكتفين ونخليهم فرجة للي يسوا واللي ميسواش
نزلت دموعها ولأول مرة تشعر بالذل والإنكسار لتنطق متوسلة:
-أحب على إديكم تسيبوا ولادي في البلد،سبوهم وأنا هديكم نص اللي يملكه نصر
ابسم شقيقها الأصغر ساخرًا لينطق:
-إستني لما تسمعي باقي الشروط يا إجلال
ابتلعت لعابها ليكمل محمد:
-أرض نصر وفلوسه كلها هتتحول لعيال هارون ومراته، والبيت ده هيتقفل ويبقى خرابة تعشش فيه الوطاويط علشان يبقى عبرة لمن يعتبر
-وأنا هعيش فين لما تقفل بيتي يا حاج محمد؟!…سؤال نطقته بعينين تطلق شزرًا ليجيبها بهدوء:
-هتعيشي عندي معززة مكرمة،بيت أخوكِ أولى بيكِ
اتسعت عيناها بقوة قبل أن تنطق بذهول:
-هتاخدني بيتك لمراتك تتحكم فيا يا محمد؟، وبعد ما كنت ست البيت والبلد كلها هستنى لقمتي من تحت إيد مراتك؟!
هتف بحدة وصرامة:
-الموضوع ده مفهوش نقاش يا إجلال، بيت نصر لازم يتقفل ويتحول لخرابة علشان نرد هيبتنا قدام الناس
نطق حسين يستعطف خاله:
-علشان خاطر ربنا إديني أمي أخدها معايا يا خال
ليهتف عمرو بقوة ورعونة:
-هو أنتَ هتتحايل عليهم يا حسين،ماما هتمشي معانا والراجل فيكم يوريني نفسه
شد إبن خاله أجزاء سلاحه ليستعد لإطلاق الرصاص قبل أن يهتف بحدة وغضبٍ وكبرياء:
-أنا هوريكِ الرجولة على حق يا جوز سُمية
أوقفه والده قائلاً بحدة:
-خلاص يا سليم
رد سليم بغضبٍ عارم:
-إنتَ مش سامع كلامه اللي يفور الدم يا ابا
اجابه والده متهكمًا على عمرو:
-وإحنا من إمتى بناخد على كلام العيال ونحاسبهم عليه يا سليم
هاج الجميع وتعالت الأصوات لينطق طلعت وهو يجذب شقيقه الارعن هو وحسين بعدما تفاقم الموقف وكادت الأمور أن تخرج عن السيطرة:
-خلاص يا خال،إحنا رضينا بحكمك وهنمشي، بس على الاقل خلونا ناخد الفلوس اللي في خزنة أبويا وانتوا خدوا الأرض والمزارع
كان نصر يضع جميع أمواله الطائلة بخزنة كبيرة داخل غرفة لكي لا يضعها بالبنوك وتأتي الهيئة العامة للرقابة المالية وتسأله السؤال الشهير….من أين لك هذا
نطق عمها بقوة مستهزئًا:
-ومن إمتى أبوك كان عنده فلوس يا طلعت،أبوك لما أتقدم لجدك ناصف علشان يتجوز أمك كان حتة موظف كحيان محلتوش غير الكام جنية اللي بيقبضهم أخر كل شهر واللي مكنوش بيكفوه العيش الحاف،لعب على بنت الحاج ناصف وخلاها تتعلق بيه وفضلته عن كل شباب العيلة اللي تقدموا لها إكمنه متعلم وبيلبس بنطلون وقميص،جدك ناصف هو اللي نضفه وعمل له قيمة بين الخلق،وفلوسكم اللي فرحانين بيها دي بتاعت عيلتنا وأهو الحق رجع لأصحابه
تنفس محمد ليكمل على حديث عمه:
-الفلوس والارض كلها هتروح دية لـ أولاد الحاج هارون اللي أبوك غدر بيه وبينا كلنا وعض الإيد اللي إتمدت له
نُفذ الحكم وخرجت إجلال لمنزل شقيقها والنساء بأطفالهم لمنزلي والديهما تحت دموعهما وصرخات الأطفال المرتعبة لتأخذ مروة زينة معها فقد رفضت التخلي عنها،وأجبروا الثلاث رجال على الخروج من البلدة تحت مرأى ومسمع أهالي البلد أجمعين حيث تجمعوا بناءًا على رغبة عائلة ناصف كي يشهدوا على خروج أنجال نصر وهم أذلاء كي يكونوا عبرة لمن تسول له نفسه ويحاول الإقتراب من تلك العائلة وأفرادها الجبابرة، كل هذا تحت نظرات أهالي البلدة الشامتة في نصر وأولاده حيث تجبروا كثيرًا وانتشر ظلمهم واليوم هو يوم الحصاد
**********
مساء اليوم التالي داخل منزل غانم الجوهري
حضر أيهم من القاهرة محملاً بالهدايا للجميع وجميع أنواع الفاكهة وأصناف الحلوى المحببة للأطفال وساعدته سيارة إيثار لجلب كل تلك الأشياء،استقبله الجميع بحفاوة شديدة لتنطق منيرة بعد تبادل السلام والأحضان والقبلات الحارة:
-إيه يا ابني اللي جايبه ده كله، حرام عليك بهدلت المرتب
أجابها مبتسمًا وهو يرى سعادة الاطفال والكبار من حوله:
-خير ربنا كتير يا ماما، الحمدلله سيادة المستشار فؤاد خلى عمه حدد لي مرتب مفيش شاب في سني مهما كانت وظيفته بيقبضه
لم تعلم لما أصابها كلام نجلها بالحزن العميق بدلاً من أن تسعد لأجله لتنطق نوارة وهي تتفقد ملابس أطفالها الذي جلبها لهم أيهم:
-ربنا يسعده ويدي له على قد قلبه الطيب،إيثار غلبانة وربنا كرمها ورزقها براجل باين عليه إنه إبن حلال وبيحبها
هتف أيهم بسعادة ونبرة حماسية:
-لو شفتوا العيشة اللي عايشاها إيثار،جنينة القصر اللي عايشة فيه قد نص مساحة أرض بلدنا،ولا أهل جوزها،شايلينها هي وإبنها من على الأرض شيل
نطق وجدي بصوتٍ يملؤه الحزن والخزي:
-ربنا يسعدها ويعوضها خير
نطق بتأكيد:
-عوضها يا وجدي، إيثار حامل في توأم وعلى الفرحة اللي كانوا فيها أهل جوزها لما عرفوا،أصل فؤاد كان متجوز قبل كده ومخلفش
ضيق عزيز عينيه ليسألهُ متعجبًا:
-هما معندهمش عيال خالص؟!
نطق وهو يتناول واحدة من حباة الشيكولاتة ويزيل غلافها ويقتضم منها:
-أبو فؤاد معندوش عيال غير فؤاد واخته،وأخته عايشة معاهم في القصر هي وجوزها وعندهم ولد وبنت
رفع عزيز أحد حاجبيه بإعجاب لينطق:
-البت دي محظوظة من يومها، دخلت بيت نصر وجابت لهم الولد اللي طير عقل نصر وستهم وبقى هو اللي هنا وهو اللي هناك، والوقت حامل في توأم هتقش بيهم خير الراجل كله
نطقت نوارة بصوتٍ حزين لأجل الصغير:
-ربنا يستر وحظهم ميطلعش زي حظ يوسف في أهله
سأل أيهم باهتمام:
-هو إيه اللي حصل للحاج نصر وعياله، وانا داخل البلد قابلت واحد صاحبي ركبته معايا لحد شارعهم،حكى لي شوية تفاصيل كده مفهمتش منهم قوي
قص عليه شقيقاه ما حدث لينطق مؤنبًا عزيز:
-شوفت حكمة ربنا من اللي حصل يا عزيز،أبويا أصله كان راجل طيب وبتاع ربنا،دعواته قعدت لنا وربنا بعد عننا الشر والمال الحرام
هز عزيز رأسه فقد تغير نسبيًا بعد حادثة زوجته وتقرب من الله أكثر وواضب على إقامة الصلوات بأوقاتها داخل المسجد لتنطق منيرة بحمدٍ:
-الحمدلله يا ابني إن ربنا بعدنا عن سكتهم، كان زمان همهم وشر عيلة ناصف طايلنا
ثم صمتت لتسأله بنبرة حرجة:
-أختك عاملة إيه في الحمل،بتروح لها وتشوفها؟
هتفت بصوتٍ حماسي:
-زي الفل يا ماما،كنت معاها من يومين،حماتها ست محترمة وبتعاملها زي بنتها بالظبط،وعزة معاها على طول مبتسبهاش لا هي ولا يوسف
ضحك عزيز لينطق:
-لهي إيثار أختك خدت الولية البومة دي معاها القصر؟!
نطق أيهم بنبرة جادة مفتخرًا بشقيقته:
-إيثار أصيلة تربية غانم الجوهري، هي الوحيدة اللي خدت كل خِصاله الطيبة، الله يرحمك يا بابا
ردد الجميع بتأثر:
-الله يرحمه
-ربنا يهدي سرها…جملة نطقها عزيز بتأثر ليؤمن الجميع لينطق أيهم متحدثًا إلى والدته عندما رأى الحزن يخيم على عينيها:
-جرى إيه يا أم عزيز،إحنا هنقضي الليلة في الكلام ومش هتأكلينا ولا إيه،ده أنا بحلم بالبط والمحشي بتوعك من أول إمبارح
واسترسل بمشاكسة كي يخرجها من تلك الحالة التي لا تليق بمنيرة الجاحدة:
-ولا تكوني استخسرتي الدكرين بط فيا وبعتيهم يا أم عزيز
أطلق الجميع ضحكاتهم لتنطق بنبرة حنون:
-أبيعهم ليه يا ابني،هما اللي هياكلوهم أحسن منكم
وهبت واقفة بعدما وضعت الاكياس المحملة بهداياها جانبًا لتقول وهي تحث نوارة على النهوض:
-قومي معايا يا نوارة علشان نغرف الأكل
نطق عزيز وهو يحث صغيرتيه إحداهما البالغة من العمر عشرة أعوامًا والأخرى ثمانية أعوام على مساعدة جدتهما وزوجة عمهما:
-قومي يا چودي إنتِ وسما هاتوا الطبلية وإملوا شفاشق الماية وهاتوها
أطاعت الفتاتين والدهما وتحركتا لتنفيذ ما قال وبعد قليل كان الجميع يلتفون حول الطاولة الأرضية يفترشون الأرض يضحون وهم يتبادلون أطراف الحديث فيما بينهم ويتناولون طعامهم الحلال والذي يرجع أصله لسعي والدهما بشرفٍ في الدنيا كي يجمع ثمن قطعة الأرض الصغيرة حيث بارك الله له فيها واستطاع من رزقها أن يدخل جميع أنجاله التعليم ويقدمهم للمجتمع كنموذج مُشرف،قد يشرد البعض منهم أحيانًا لكنه يعود لأن منبع مأكله حلالاً طيبًا وهذا وعد الله لعباده الطيبين.
**********
تناولت طعام العشاء بصحبة العائلة لتتحرك مع علام ويوسف وبيسان إلى الحديقة للتمشية بعدما ولج فؤاد داخل حجرة المكتب كي يراجع ملفًا هامًا خاص بعمله،وتوجهت عصمت لقضاء صلاة العشاء حيث تأخرت اليوم عن أدائها بموعدها،أما فريال وماجد فصعدا لجناحيهما
أغمضت عينيها لتأخذ نفسًا عميقًا باستمتاع بتلك الروائح العطرة حيث اختلطت روائح الزهور والنباتات العطرية التي يهتم علام برعايتها لتنطق بعدما فتحت عينيها وهي تسير بجانبه تتفقد الزهور:
-نوع الورد الأخير اللي حضرتك جبته تحفة يا بابا
نطق سريعًا بنبرة حماسية:
-شوفتي،مكنش عاجب البيه جوزك
نطقت باستهجان:
-معقولة،دي ريحته تهوس
أسرعت بيسان لتهتف إلى إيثار بصوتٍ مترجي:
-أنطي إيثار،خلي يوسف يرد عليا
تطلعت لذاك الجالس فوق الأرجوحة مربعًا ذراعيه ويهز ساقيه بحدة تنم عن مدى غضبه لتسألها باهتمام:
-وهو يوسف مش بيرد عليكِ ليه؟!
رفعت الصغيرة كتفيها لتنطق:
-علشان إتكلمت مع شادي اللي معانا في تمرين السباحة
ابتسمت ليشير لها علام قائلاً:
-روحي حلى مشكلة الشرق الأوسط بعيد عني علشان مصدع،وربنا معاكِ
ضحكت لتمسك كف الصغيرة وتتجه صوب نجلها وهي تقول:
-مزعل بيسان منك ليه يا چو؟
نطق الصغير متذمرًا بملامح وجه مستاءة:
-لو سمحتي يا مامي،خليها تبعد عني لأني مخاصمها ومش عاوز أكلمها
مطت الصغيرة شفتيها ببؤسٍ لتسأله إيثار:
-ليه كل الزعل ده
نطق بقوة وهو يرمقها بنظراتٍ عاتبة:
-علشان قولت لها قبل كده مش تتكلمي مع السخيف اللي إسمه شادي وهي مش سمعت كلامي
-خلاص يا چو،مش هكلمه تاني…نطقتها متأثرة بعينين واعدة ليسألها بتوجس:
-وعد يا بيسان؟
-وعد يا چو…قالتها بعينين أسفة ليبتسم لها سريعًا ويترجل من فوق الارجوحة وهو يسحبها من كفها:
-تعالي نلعب عند حوض الورد بتاعي
ضحكت إيثار لتنظر باتجاه علام فوجدته يتحدث مع فؤاد الذي خرج للتو:
-حضرتك عامل إنجاز في الجنينة يا باشا
تطلع على نجله ليرفع حاجبه وينطق متباهيًا:
-الإنجاز الحقيقي إنتَ اللي عملته يا سيادة المستشار
واسترسل قاصدًا توأمه:
-أما من أول جولة بتجيب جونين أومال هتعمل إيه في باقي الجولات يا باشا
رفع قامته ليعدل من ياقة قميصه قبل أن ينطق بتفاخر مصطنع:
-هو أنا مش قولت لجنابك إني هبهرك
-وقد كان معاليك…نطق بها علام سريعًا لتنطلق ضحكاتهما التي وصلت حد القهقهة لتسأل تلك التي أقبلت عليهما:
-ممكن تضحكوني معاكم
فتح ذراعه ليستقبلها بأحضانه فلم تدع فرصة للتفكير واقتربت عليه ليحتويها مقبلاً جبهتها ليتحدث علام:
-جوزك عندك إبقي إسأليه
ألقى من يده رشاش المياه لتسأله بعدما رأته يستعد للإنسحاب:
-رايح فين يا بابا؟
-هطلع أغير هدومي علشان تراب الزرع وهنزل تاني…قالها وانسحب لتتطلع على حبيبها الذي بدأ يسير بجانبها:
-مش هتقول لي كنتوا بتضحكوا على إيه؟!
نطق بما أثار فضولها:
-تؤ،كلام رجالة عيب تسمعيه
مطت شفتيها ببؤسٍ مطصنع لتنطق بإلحاحٍ:
-وحياتي تقول لي، نفسي أعرف حوارات الرجالة
اتسعت عينيه ليقول بذهول:
-أخلاقك إتغيرت خالص يا إيثار،بقيتي بجحة يا بابا
لكزته في صدره ليهمس بجانب أذنها:
-سيبك بقى من الكلام الفاضي ده وخلينا في المهم،أنا عازمك على سهرة حلوة في الچاكوزي
نطقت بتذمر وعندٍ:
-مش رايحة معاك في أي حتة غير لما تقول لي إنتَ وبابا كنتوا بتضحكوا على إيه
نطق وهو يضمها لصدره ويحثها على التوجه لغرفة الچاكوزي:
-ما هو ده المكان المناسب للكلام في المواضيع دي
قطبت جبينها تسألهُ:
-قصدك إيه؟!
-تعالي بس معايا وهقول لك على كل حاجة وإحنا بنبدل هدومنا…قال كلماته وهو يسحبها لتفلت يدها من يده وهي تقول بنبرة خجولة:
-فؤاد،أنا عاوزة أكل حاجة
توقف لينطق سريعًا:
-عيوني يا بابا،شوفي عاوزة تاكلي إيه وأنا أخليهم يجهزوها لك في المطبخ حالاً
تحدثت وهي تبتلع لعابها بتلبك:
-الحاجة اللي نفسي فيها مينفعش يجهزوها في المطبخ
ضيق بين عينيه لتنطق بتردد:
-أنا نفسي في الفسيخ والملوحة قوي
-نعم!…قالها بذهولٍ لينطق سريعًا:
-على جثتي عيالي ياكلوا القرف ده
نطقت وهي ترمقه بازدراء:
-قرف،بقى الفسيخ قرف؟!
نطق بجدية ترجع أسبابها لخوفه الشديد على صحة جنينيه:
-إيثار متهزريش،الحاجات دي مش صحية وأنا مستحيل أخاطر بصحة ولادي وبقائهم، شوفي أي حاجة غيره إن شالله يكون لبن العصفور
سألته بعينين تطلق سهامًا نارية:
-ده اخر كلام عندك؟
أجابها بجدية:
-ومعنديش غيره
-طيب يا فؤاد…قالتها وهي تكز على أسنانها لتنطلق مهرولة باتجاه باب المنزل الداخلي لينطق مناديًا عليها:
-إيثار،طب إرجعي نتفاهم
رأها تدخل من البوابة لتختفي خلفها وينتهى الأمل لينطق وهو يشير لغرفة الچاكوزي:
-طب والچاكوزي يا حبيبي
وضع كفيه داخل جيباي بنطاله لينطق وهو يهز رأسهُ باحباطٍ:
-كدة السهرة اتضربت وبسبب سمكة معفنة
**********
داخل الحجز الخاص بقسم الشرطة المتواجد داخل المركز
كان يدور حول حاله كالثور الهائج بعدما علم بما حدث لأنجاله الثلاث على يد عائلة ناصف،فغدًا سيترحل على القاهرة لبدأ التحقيق معه في النيابة العامة استعدادًا لمحاكمته عن طريق القضاء العالي،لم يستوعب الخبر بعد، أيعقل ما حدث لأبنائه وثروته الطائلة التي عاش حياته يسعى ويلهث لجمعها من أي جهةٍ كانت حلالاً أو حرام،كلما تخيل مشهد طرد انجاله من البلدة بمنتهى الإهانة يفور دمه داخل عروقه لتنفر بشدة جعلت من يراه يتيقن أنه على وشك إصابته بجلطة دماغية اتية لا محال ،هو من كان يجبر البشر على الرحيل وكم من أسرٍ تشردت على يده هو ونجله طلعت، واليوم عليه تسديد ديونه لكنه لم يقبل بحكم الله وقدره فقد ثار وهاج وصاح بكامل صوته يسب ويلعن عائلة ناصف وبالكاد كظم غيظه بعدما تعرض للإهانة اللفظية على يد العسكري الذي كان يعظم له بالماضي كلما حضر إلى القسم ليعطي له عدة ورقات مالية كهبةٍ منه ليسددوا له الخدمات ويقدموا الإحترام والتعظيم والولاء كي يرضي غروره وكبرياءه،الأن اصبح مجردًا من المال الذي كان يجعل له قيمة بين البشر ليتحول بدونهُ إلى نكرة إمعة يهينه كل من هبّ ودَبّ من رواد الحجز،إقترب من أحد الرجال الذي يملك هاتفًا يؤجره للمساجين وتحدث بجدية:
-عاوز أعمل تليفون
رد الرجل وهو يتطلع عليه باشمئزاز:
-مكنش ينعز،إنتَ راجل مفلس والشحن ده بيجيني بالشئ الفلاني
نطق بثقة بعدما قرر أن يهاتف مهرب الأثار كي يبعث له بقوة تقتحم سيارة الشرطة التي ستقله غدًا إلى القاهرة وتساعده على الهرب ومقابل هذا سيهبه مقبرة فرعونية يلهث حولها كل من يعمل بهذا المجال وهو الوحيد الذي عثر على مقرها ويحتفظ به لحاله:
-هتصل بناس مهمة علشان يساعدوني أخرج، وساعتها هغرقك فلوس
سال لعاب الرجل ليخرج الهاتف سريعًا ويناولهُ إياه متأملاً في الحصول على رزمة من أموال ذاك الثري الطائلة، أخذ الهاتف وخبأهُ داخل ملابسه وانتظر حتى تأخر الليل وغفى الجميع،تحرك إلى الحمام ليتحرك خلفه رجلاً ضخم البنية الجسدية كان يراقبه عن كثب وقبل أن يضغط على زر الهاتف كان الرجل خلفهُ مكممًا فمه بقوة ليقوم بطعنه بعنفٍ غارسًا نصل السكين المدبب بكليته وبات يحركهُ يمينًا ويسارًا كي يمزق الكلية بالكامل ويصيبها بالنزيف ثم مال على أذنه ليهمس بشماتة:
-الست أزهار مرات المرحوم هارون بيه بعتالك التحية دي،وبتقول لك السلام أمانة لهارون بيه
جحظت عينيه لتنزل دموعهُ وهو ينظر أمامهُ بعدم استيعاب لما جرى ليرتمي فوق الأرض ويلفظ أنفاسه الأخيرة لتكون نهايتهُ من داخل أحد مراحيض السجون المليئة بالحشرات والقاذورات والروائح الكريهة،تأكد الرجل من موته ليصعد على أحد البراميل ويلقي بالسكين والقفازين التي ارتداهما أثناء إرتكابه للجريمة لاخفاء البصمات من حديد النافذة ليلتقطهم أحد الرجال ويفر هاربًا كي يخفي أثر السلاح المرتكب به الجريمة،تلصص الرجل على الجميع ليجدهم غارقون بنومهم ليتحرك على أطراف أصابعه ويعود لمكانه يمثل النوم كالبقية.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أنا لها شمس)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى