روايات

رواية منتصف تشرين الفصل السابع عشر 17 بقلم منة ممدوح البنا

رواية منتصف تشرين الفصل السابع عشر 17 بقلم منة ممدوح البنا

رواية منتصف تشرين البارت السابع عشر

رواية منتصف تشرين الجزء السابع عشر

منتصف تشرين
منتصف تشرين

رواية منتصف تشرين الحلقة السابعة عشر

مشيت بخطى بطيئة وهي بتتنهد بألم، باين على ملامحها التعب من كل الأحداث اللي اتعرضتلها، فتحت الباب الشقة ودخلت بإهمال لجوا ناحية أوضتها على طول، ولكنها اتجمدت مكانها وهي باصة في الفراغ باستغراب وعقدت حواجبها بتعجب، سرعان ما تراجعت الخطوات اللي مشيتها، اتوسعت عينيها بدهشة وتمتمت_ياسين؟!
كان قاعد في الصالون مستنيها وهو حاطت رجل على رجل، ملامحه متجمدة وغريبة، فجأة ابتسم وهو بيقول_حمدلله على السلامة
بلعت ريقها بتوتر واتجهت ناحيته لحد ما وقفت قدامه وسألت بتعجب_أنتَ مستنيني من امتى؟
في حاجة ولا إيه؟
قام وقف بمنتهى البرود وطلع مفتاح الشقة قدام عيونها، كانت عارفة إن معاه نسخة وده من أيام ما جابلها الشقة ولكن عمره ما استخدمها أبدًا، رماه على الترابيزة باهمال وقرب منها وهو حاطت إيديه في جيبه وبيقول_مفيش
مستنيكِ تخلصي سهرتك مع حبيبك
ولا أقول جوزك السابق؟
جفلت وهي بصاله بأعصاب مشدودة، مرعوبة من فكرة معرفة حقيقتها اللي ممكن تنهي كل حاجة، ارتعشت شفايفها وهي بتهز راسها برعب وبتقول_ياسي….
صرخت بهلع وهي بتقطع كلامها لما قطع الفاصل بينهم وقبض على رقبتها بعنف وهو بيزقها لحد ما خبطت في الحيطة بقوة وراها، اتأوهت بألم ولكن كانت بدأت تحس بضغطه كمان على رقبتها، رفعت إيديها تحاول تبعد قبضته عنها عشان تعرف تتنفس كويس ولكن هيهات كان فارق الحجم والقوة واضح قدامه، ولكنها اتكلمت بدموع_ياسين، هفهمك والله الموضوع مش زي ما أنتَ فاكر، مفيش بيني وبين أيوب أي حاجة!
_اخرسي!
صرخ بيها بغضب فجفلت وهي بتغمض عينها بإرتباك وبلعت ريقها، كانت ملامحه مرعبة، متوحشة، كانت أول مرة تشهد غضب ياسين اللي كان طول عمره لطيف وعمره حتى ما زعقلها!
طلع موبايله من جيبه وفتحه وحطه قصاد عينيها في حين لازالت قبضته ماسكة رقبتها، نقلت عيونها على الخبر اللي كان متوسط الشاشة برعب، أما هو بابتسامة غريبة ردد محتوى الخبر اللي كان حافظه_زوجة أيوب الحسيني اللي صرحلنا بجوازهم بأغرب طريقة
يا ترى إيه سر اختفائها الغريب بعد إعلانهم لجوازهم بفترة قليلة!
كانت عينيها متجمدة على الخبر، بتحاول تتكلم ولكن لسانها مربوط من الصدمة، نقل بإيده الشاشة على صورة تانية لخبر تاني_زواج مفاجيء لأيوب الحسيني رجل العلاقات المؤقتة
يا ترى مين هي زوجته المجهولة؟
كان بينقلها خبر ورا التاني من جرائد مختلفة، وتقريبًا كل الاخبار فيها نفس الصورة اللي كانت متوثقالهم وقت اعلانهم جوازهم، اتملت عيونها بالدموع والرعب في نفس الوقت، متخيلتش إنها تتعرض لموقف زي ده خاصة وإن حياتها كانت ماشية كويسة
وجوده هو شقلب كل حاجة قصادها وهيخسرها ناس كتير!
قفل موبايله وحاطه في جيبه وهو مازال مثبت عيونه عليها، وكمل بابتسامة مليانة سخرية_نيجي بقى للجزء الكوميدي
يادوب بمجرد ما قولتلك أيوب بيه سهران ولمحتلك إنه مع واحدة
مجرد بس ما رميتلك السنارة
ألاقي الهانم في ثانية رايحة على العنوان جري
وبعدين يا حرام ألاقيهم في مشهد رومانسي قصـاد البحيرة!
نهى جملته وهو بيضرب بقبضته بقوة جنب راسها فجفلت هي برعب ورددت_ياسين صدقني أنا مكنتش عايزة ده كله يحصل
ولكن كإن جملتها أشعلت الفتيل أكتر فضرب كذه مرة الحيطة جنب راسها بقبضته وهو بيصرخ بغضب جحيمي_مكنتيش عايزة إيه اللي يحصل ها؟
بتعضي الإيد اللي اتمدتلك؟
بتخونيني وعاملاني كوبري؟
هو ده اللي كنتي متجوزة غصب وكان بيعذبك؟
ده أنتِ متحملتيش تتخيلي إنه مع واحدة تانية وروحتي جري وراه
بتقرطسيني!
نهى جملته وهو بيرخي إيده ولكنه جذبها ورماها على الأرض بعنف فضرخت برعب وهي بترتطم بالترابيزة اللي ازازها اتهشم وجرحها، غمضت عينيها بألم لحد ما حست بخطواته بقت قدامها ففتحت عينيها وهي بتبصله بلوم كان شخصية جديدة تمامًا عليها، متوقعتش إنه يطلع بالعنف ده ولكن هي بتلوم نفسها لإنها هي اللي وصلته للحالة دي!
كان باصصلها من فوق باحتقار وكإنها شيء خبيث، نزل على ركبته لحد ما بقى وشه في وشها وأنفاسه بتضربها بعنف، وهمس من بين أسنانه بغضب_مش ياسين العمري اللي يتعمل كوبري!
مد إيده وجذب خصلاتها بقوة فاتأوهت بألم أما هو قرب منها أكتر وهو بيقول_صدقيني هندمك على كل حاجة يا ياقوت
هندمك على استغفالك ليا
هخليكي تكرهي اليوم اللي اتولدتي فيه
رمى خصلاتها بقرف كإنها شيء حقير، ووقف واتجه لبرا وعلى وشه معالم الغضب، ولكنه اتجمد لما قالت_بلاش يا ياسين
متبقاش كده!
اتحاملت على ألمها وجروحها وقامت من وسط الزجاج بحذر ووقفت وهي بتقول_أنتَ الشخصية الوحيدة الكويسة في حياتي
أنتَ وليلى والوحيدين اللي حبوني من غير مقابل
بلاش تتحول وتبقى مسخ حتى لو كان بسببي
أنا اتعودت على ياسين الحنين اللي عمره ما بيقسى
ارجوك خليك زي ما أنتَ
أنا مستاهلش تبقى وحش بسببي
التفت ليها وجز على أسنانها وهو بيقول_كويس إنك عارفة إنك متستاهليش
بالأصح متستاهليش واحد زيي!
أنتِ تستاهلي اللي زي أيوب، اللي يسيبك تهربي على هنا وتبقي في بلد غريبة مش عارفة فيها راسك من رجلك
تستاهلي اللي يسيبك تايهة ومش لاقية مكان يلمك!
غمضت عينيها بألم من قسوة كلامه ورجعت فتحتهم وهي بتقول_صدقني أنا مكنتش واخداك كوبري عشان ارجع ليه
أنا آه كنت عايزة أنساه
مكانش عندي نية أبدًا إني ارجعله والله العظيم
أنتَ أي واحدة تتمنى تكمل حياتها معاك
وكنت هكمل
والله كنت هكمل قصاد كل اللي بتقدمهولي
بس القلب وما يريد يا ياسين
حست إن ملامحه ابتدت تلين، إداها ضهره وهو بيجز على أسنانه بقوة، فكملت هي بدموع وضعف_لما حبيت أيوب مكانش بإرادتي
لو كان عندي ذرة عقل مكنتش هحب واحد زيه
ولكن غصب عني
وغصب عني برضه مش قادرة أنساه
أنتَ نفسك مجرب الحب
عمر ما إرادتنا وقفت قصاده مهما كان الشخص اللي قدامك وحش ومليان عيوب
وأنا ضعيفة قدام أيوب يا ياسين
بكل عيوبه وذكرياته السيئة اللي سابهالي
بس برضه مقدرتش أمحيه من قلبي
زي المرض انتشر جوايا، كل محاولاتي عشان انساه فشلت
لسة قلبي بيطالب بيه لحد دلوقتي رغم إن عقلي كان بيقولي قدامك ياسين
راجل عمرك ما هتلاقي زيه!
شهقت بألم وهي حاسة بغصة بتتوسط صدرها، وضعفت نبرتها وهي بتقول_أنا تايهة يا ياسين
تايهة ما بين احساسي بالذنب ناحيتك
وما بين مشاعري لأيوب اللي مقدرتش أشيلها من جوايا
أنا مدياك عذر لكل اللي عملته، وحاسة بالوجع اللي جواك
ولكن بالله عليك متمحيش الأثر الحلو اللي سيبتهولي
متتغيرش وخليك ياسين الطيب اللي أي بنت تتمناه
واعذرني إني مليش حكم على قلبي!
سامحني…
نزل راسه لتحت بألم، لوهلة لانت ملامحه تمامًا من ناحيتها ومقدرش يقسى أكتر من كده، ضم قبضة إيده بقوة وهو حاسس بوجع جواه بينهش في صدره
من امتى والشخص ليه سلطان على قلبه؟
الحب بييجي من غير مقدمات، استحالة إنك تقدر تنهي الحب ده لمجرد إنك مش عايزه!
استنت إنه يرد عليها، ولكن لقيته بيضم قبضته بإنفعال لدرجة إنها ابيضت، وسابها وخرج وهو بيرزع الباب بقوة لدرجة إنها جفلت منه
اتجهت هي لأقرب كرسي واترمت عليه وهي بتبكي وبتشهق بإنهيار، كل حاجة حواليها باظت
ياقوت اتدمرت…
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقدرتش تروح الشغل خوفًا من رد فعلهم، فضلت لوحدها أيام محبوسة في البيت، طافية أنوار الشقة كلها وقاعدة في زاوية بتتحرك منها كل فين وفين
ملامحها شحبت وعيونها اتملى تحتها هالات، ضعفت بشكل ملحوظ وفقدت رونقها
احساس الذنب بيقتلها، في لحظة ياسين اتحول لوحش وكان قادر يفتك بيها، ولكن ليه لوهلة قارنت بينه وبين رد فعل أيوب اللي مقدرش يرفع إيده عليها؟
آه قسي عليها بالكلام وطردها وخرجها برا حياته
لكن!
إيده مترفعتش عليها
رفعت كفوف إيديها الملفوفة قدام عينيها تتأملهم، كانت متجرحة من الزجاج بتاع الترابيزة ولكن إلى حدٍ ما تعافت
هزت راسها بعنف من التفكير فيه، خاصةً وإن أيوب بشكل يومي كانت بتسمع دقاته على باب شقتها وهو بيتوسلها تفتح عشان يقدر يتطمن عليها ويعرف سبب غيابها ولكنها مقدرتش تواجهه
خاصةً وهي بتلومه بشكل كبير
هي بتلوم نفسها برضه
مكانش لازم تحاول تدي فرصة لياسين يدخل حياتها لمجرد إنه يملى الفراغ اللي سابه أيوب
ولكن متوقعتش إن أيوب يظهر في وشها تاني ويسببلها كل التشتت ده
ولكن مكانتش هتقبل تكمل مع ياسين غير لما تنساه الأول عشان متبقاش بتخونه بعقلها كفاية الذنب اللي حاسة بيه طول فترة خطوبتهم
هي يا دوب وافقت من ٣ شهور قدام اصراره بالارتباط بيها!
غمضت عيونها اللي دمعت بألم، لوهلة الدموع اتحولت لشهقات عنيفة موجوعة، يمكن هي الشخص المؤذي وعايشة دور الضحية؟
دخلت حياة أيوب وهي عارفة ماضيه ومع ذلك اندهشت لما شافت الحقيقة بعينها ومتقبلتهاش
بنت حياتها معاه على كدبة ومقالتلوش أي حاجة حقيقية عنها
حتى لما بدأت من جديد كدبت على الناس اللي مدولها إيدهم وزيفت حكاية مش حقيقية
دخلت ياسين حياتها وادته أمل عشان تنسى مشاعرها لأيوب بس
الظاهر إن هي السيئة فعلًا، كل ما بتدخل حياة حد بتدمرها تمامًا
مسحت دموعها بدراعها وقامت بتكاسل اتجهت لأوضتها، بدلت هدومها لتانية مناسبة للخروج ووقفت قصاد مرايتها تحاول ترجع رونق وشها وتضيع الإجهاد اللي ظاهر عليه بالميكب
ولكن كل ما كانت بتحط حاجة كانت بتنزل دموعها بعنف تبوظ كل حاجة لحد ما قدرت أخيرًا تظبطها
خرجت واتجهت للشركة، لازم تعتذر منهم حتى لو هيطردوها، ولكن على الأقل تكون عملت اللي عليها عشان نفسها اللي بتلومها،
لأول مرة تحس إنها غريبة في الشركة
الكل بيبصولها باستغراب وكإنها مسخ، هي حاسة نفسها مسخ بالفعل!
طلعت لفوق ومنها لمكتب شريف العمري، خبطت ودخلت بعد ما سمعت اذنه ليها بالدخول، فاتجهت وهي ناكسة راسها للأرض بارتباك
قربت منه وحطت الورقة اللي بين إيديها على المكتب وهي بتقول_ده طلب استقالتي، متشكرة جدًا لكل اللي عملتوه معايا طول الفترة دي
مكنتش اتمنى ينتهي الموضوع بالشكل ده
ولكن قابلها بصمت طويل، رفعت عيونها ليه وهي بصاله باستغراب، كان مشبك إيده الاتنين في بعض ورافع حواجبه ليها، قام وقف تحت انظارها واتلفت لحد ما وقف قدامها، وقال_مش معنى إن حصل عدم تفاهم بينك أنتِ وياسين ومحصلش نصيب بينكم إنك ملكيش مكان هنا
بصتله بدهشة ورددت_عدم تفاهم؟!
حط إيده على كتفها واتكلم بابتسامة حنونة_ياسين حكالي على كل حاجة وقالي أنكوا متفقتوش مع بعض
فمتفسريش ده بإننا مش عايزينك
أنتِ لسة موظفة هنا وليكي مكان جوانا، ومتنسيش إنك أنتِ وياسين كنتوا صحاب قبل ما ترتبطوا
مش معنى إن مريتوا بتجربة منجحتش مع بعض إن كده علاقتك معانا انتهت
فاهمة ولا لأ؟
قالها وهو بيشدد من قبضته على كتفها بدعم، كانت حاسة بالصدمة، ياسين مقالش ليه على اللي اكتشفه!
اتملت عيونها بالدموع وهي بتهز راسها بابتسامة مهزوزة، فجذبها ليه شريف وهو بيضمها بحنان أبوي فشددت هي من ضمه بامتنان وكإنها مفتقدة احساس الامان ده
بعدها عنه وهو بيقول بعبوس مصطنع_يلا يا هانم قدامك شغل متلتل
سيبتك بس تاخدي كام يوم راحة في البيت عشان تسترجعي نفسك إنما ده مش معناه إني هتهاون معاكي في الشغل
اتفضلي يلا شوفي اللي وراكي!
ضحكت وهي بتهز راسها بالايجاب كذه مرة وخرجت على طول لبرا وسط نظراته الحنونة ليها
تصرف غير متوقع وكبّر ياسين في نظرها أكتر وحسسها بالذنب ناحيته أكتر وأكتر
اتجهت لمكتب ليلى وخبطت على الباب ودخلت وهي بتقول_ممكن ادخل؟
رفعت ليلى عيونها ليها بتفاجؤ لوهلة ولكن رجعت نزلتهم تاني للاب توب اللي قدامها بتجاهل فعرفت ياقوت وقتها إن ياسين حكالها على كل حاجة، اتنهدت بألم وقفلت الباب وراها واتجنت ناحيتها بخطى بطيئة وقالت_ليلى أنا….
قاطعتها بجمود من غير ما تبصلها_أنا سكت بس عشان ياسين طلب ده مني
اتمنى تظبطي أمورك وتمشي من هنا بإرادتك
واعرفي إن محدش فينا متقبل وجودك هنا ولكن احترامًا للعشرة اللي بينا بس مش هجيب سيرة لبابا
ضمت شفايفها بحزن ورددت_أنا آسفة..
قفلت ليلى اللاب توب وبصتلها بعبوس وهي بتقول_سألتك وإديتك فرصة تقوليلي ولكن فضلتي إنك تكدبي عليا
مش هسمحلك تستغلي أخويا بالشكل ده يا ياقوت
طالما بتحبي طليقك ليه كدبتي علينا؟
ليه قولتي إنك كنتي متجوزة غصب وشوية افلام حمضانة واستغليتي تعاطفنا معاكي؟!
محدش فينا كان هيلومك برضه لو كنتي قولتي الحقيقي من البداية ولكن فضلتي تكدبي على حساب مشاعرنا!
لو سمحتي يا ياقوت كفاية لحد كده
وزي ما قولتلك ياريت وجودك هنا يبقى مسألة وقت مش أكتر
قالت جملتها بجمود ورجعت لبست نضارتها وفتحت اللاب توب وهي متجاهلاها تمامًا، فاتنهدت ياقوت بألم وقالت_لو وقعتي في الحب ممكن وقتها تديني عذر
يمكن أكبر غلطة في حياتي إني حبيت أيوب
أنا آسفة يا ليلى، مكنتش اتمنى إني أخسر علاقتي بيكي لإنك صاحبة جدعة جدًا
تقريبًا أنتِ أول صاحبة حقيقية في حياتي ورغم ده أنا ضيعت علاقتنا بإيدي
بتمنى ييجي وقت تقدري تسامحيني فيه..
نهت جملتها واتلفتت وخرجت وهي بترفع راسها للسقف وبتحاول تمنع دموعها من إنها تنزل، رفعت إيديها تدلك رقبتها، خنقة رهيبة بتتمكن منها، احساس بالضياع وبالتشتت، ملقتش نفسها غير وهي بتخرج لبرا بأقصى سرعة، المكان بيضيق بيها وكإنها في قبر
فضلت ماشية في الطريق باصة قدامها بشرود، ذكرياتها من طفولتها لدلوقتي بتمر قصاد عينيها
احساس بإنها المذنبة في كل حاجة بيقتلها، محستش حتى بالعربية اللي كانت بتقرب منها على سرعة مهولة وهي بتعدي الطريق بشرود، لحد ما فاقت على صوت كلاكسات العربية، اتلفتت براسها ناحيتها سرعان ما اتجمدت واتوسعت عيونها برعب وهي حاسة بإن جسمها كله اتخدل، غمضت عيونها بهلع سرعان ما حست بحد بيمسكها وبيترمي بيها بعيد على الارض، فتحت عيونها بصدمة لقت نفسها فوق أيوب تقريبًا اللي كان بيتأوه بألم، اتعدل بيها واحتوى وشها وهو بيقول بذعر_أنتِ اتجننتي يا ياقوت!
بتعدي طريق زي ده ما غير ما تكوني مركزة!
أنتِ عايزة تموتيني؟!
اتهدلت انفاسها عند الجملة الأخيرة وجذبها ليه وهو بيضمها بقوة، احساس إنها كانت ممكن تروح قدام عيونه قاتله، لوهلة محسش بنفسه غير وهو بيجري عليها يلحقها
زود من ضمه ليها، في حين بيستنشق ريحة شعرها وهو مغمض عيونه بهلع، كانت هي أسيرة تحت تأثير قربه منها، مغمضة عيونها ومستمتعة وهو محتويها بالشكل ده، لوهلة استدرجت نفسها وفتحت عيونها بسرعة ودفعته عنها وهي بتقول_ابعد…
فتح شفايفه عشان يتكلم ولكن قاطعته لما قالت وهي بتقوم وبتنفض هدومها_خلاص أنا كويسة
مموتش متخافش
اتعدل هو كمان وقام وقف، فابتسمت بقهر وقالت_على الأقل جسمي مماتش
بس روحي؟
ضمت قبضتها وهي بتضرب على مكان قلبها بعنف_روحي ماتت بدل المرة مليون من اليوم اللي طردتني فيه برا حياتك
كل حاجة بتبوظ حواليا بيبقى ليك يد فيها
أنتَ دمرتني يا أيوب
حبي ليك دمرني
مشاعري اللي مش قادرة أشيلها من جوايا دمرتني!
ارتخت إيديها تحت نظراته المعذبة، مالت براسها وهي بتقول بضعف ودموع_أنا بحبك يا أيوب
بحبك وبكرهك في نفس الوقت
مش كتير عليا التناقض اللي جوايا ده؟
أنا تعبت
قرب عشان يجذبها ليه ولكنها منعته لما رفعت إيديها قصاد عيونه تمنعه، اتجمد مكانه وهو باصصلها بحيرة، فكملت_مش معنى ده إني هرجعلك بسبب مشاعر غبية
عمري ما هرجعلك يا أيوب
عمري…
سابته واتلفتت عشان تمشي ولكنها اتجمدت لما قال_أنا راجع مصر بكرا
دوري هنا انتهى
يعني ممكن متشوفنيش تاني يا ياقوت..
غمضت عيونها بقوة ونزلت دموعها وهي بتضم قبضة إيديها اللي رفعتها تمسح بيها عبراتها اللي خانتها، واتلفتت ليه وهي بتبتسم بألم وبتقول_يكون أحسن
رجعت اتلفتت تاني، أما هو قال بصوت عالي معذب_أعرفي إني بحبك يا ياقوت
بحبك أكتر من نفسي
أنتِ الوحيدة اللي قدرت تخليني اتنازل عن حاجات كتيرة عشانها
وهفضل أحبك لآخر يوم في عمري يا ياقوت
سامعاني؟
هفضل أحبك…
كان بيعلي من صوته أكتر أما هي كانت بتزود من خطواتها كل ما تسمع كلامه وهي بتبكي لحد ما اتحولت خطواتها لجري وهي بتشهق بألم تحت نظراته اللي كانت بتراقبها
نكس راسها بألم واتحرك ومشي هو كمان، كل واحد فيهم عكس طريق التاني…
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كانت نايمة على السرير وباصة للسقف بشرود، فكرة إنه هيبعد تاني قاتلاها، رغم رفضها ليه ونقمها عليه وعلى مشاعرها إلا إن وجوده كان بيعوض الشوق والحنين اللي جواها ليه، مقدرتش تنساه في سنة ونص هل هتقدر تنساه دلوقتي حتى لو بعد؟
خاصة بعد ما شافت علاقتها اللي اتدمرت مع ليلى وياسين واكتشفت وحدتها وإنها ملهاش حد
مدت إيديها وفتحت موبايلها تبحث عن اسمه، فضلت تقلب بين الاخبار اللي تخصه بشرود لحد ما قابلها ڤيديو من حوالي ٧ شهور ليه كان عنوانه “أيوب الحسيني يكشف حقيقة الشائعات عن زوجته”
اتعدلت بسرعة وفتحت الفيديو، كان موجود فيه وهو واقف قدام مصنعه، في حين فيه عدد مش قليل من الصحفيين قدامه، بدأ واحد منهم السؤال بقوله_في اشاعات انتشرت عن كون زوجتك كانت مسجونة قبل كده في قواضي نصب، وإن علاقتك بيها كانت مجرد نزوة، إيه قولك على الشائعات دي؟
شهقت باقوت بهلع، متصورتش إنهم قدروا يوصلوا لمعلومات زي دي، خاصة وهي بتتجنب تدور وراه عشان متحنش، شافته وهو بيبتسم بثقة وبيقول_مش هقبل بأي كلمة زي دي تمس سمعة مراتي، واللي طلع الكلام ده هقدر اوصله وادفعه تمن كلامه، أنا لو فكرت ادور ورا كل واحد فيكوا هلاقي مصايب وكوارث ليه عملها زمان أو في الخفا من غير ما حد يعرف
ومش معنى كده إني بأكد الكلام اللي بيتقال ولكن محبش أحط مراتي في مجرى حديث زي ده
ياقوت هي الإنسانة الوحيدة اللي حبيتها والوحيدة اللي دخلت حياتي وغيرتها، خلتني اتنازلت عن حاجات كتيرة غلط كنت متمسك بيها، صلحت حاجات كتيرة في شخصيتي، حسستني إني إنسان عندي مشاعر لأول مرة، ياقوت هي الإنسانة الوحيدة اللي فرق معايا وجودها وغيابها، ومش هسمح لحد إنه يفكر يقول عنها إنها علاقة عابرة
ومش هتكلم في تفاصيل علاقتنا أكتر من كده لإنها متخصش حد
نهى كلامه واتحرك وركب عربيته ومشي بمنتهى الثقة، انتهى الفيديو اللي كررته أكتر من اربع مرات
عيونها اترقرقت بالدموع، واترسمت ابتسامة على وشها من إنه رد غيبتها رغم إنه عارف إنها ممكن متشوفهوش، اتعدلت لما سمعت صوت رنين الجرس، واتجهت لبرا وفتحت الباب، لوهلة ظهر عليها معالم الفرحة لما لقت ليلى قدامها، ولكن كان من الواضح إنها مصفيتش ليها، وقبل ما ياقوت تتكلم قالت ليلى_يلا
بصتلها ياقوت بتعجب وسألت_يلا فين؟
ردت ليلى ببساطة_على المطار نلحق أيوب
اتوسعت عينيها بدهشة، فزفرت ليلى بنفاذ صبر وجذبتها وهي بتقول_يا بنتي يلا مش وقته اندهاش هحكيلك في الطريق
قفلت ياقوت الباب وراها وهي مش فاهمة أي حاجة، اتحركوا لتحت فلقت ياسين مستنيهم قدام العربية، اتجمدت خطوات ياقوت وهي شايفاه قدامها، أما هو فكان بيتجنب النظر ليها على قد ما يقدر، اتجهت ناحيته بخطوات مترددة و_ياسين أنا…
عبث بخصلات شعره وهو بيقول_آسف إني مديت إيدي عليكي
كان غباء مني
لما فكرت فيها لقيت إن أنا اللي كنت مُصر على ارتباطنا رغم رفضك يا ياقوت لحد ما لقيتي نفسك متحاوطة مني
ياريت ننسى اللي حصل
ابتسمتله بامتنان رغم إنه كان بيتحاشى النظر ليها وقالت_أنا عمري ما ازعل منك يا ياسين
حاول يبادلها الابتسامة على قد ما يقدر وسابها واتجه لعربيته ركبها، في حين ركبت هي وليلى واتحركوا وسط استغرابها، لحد ما ابتدت توضحلها ليلى_أيوب جالنا قبل ما يسافر وحكالنا إنكوا كنتوا متجوزين عن حب ولكن حصل خلاف كبير جدًا بينكوا وهو قسى عليكي وسابك تسافري
اتجمدت ياقوت من الدهشة ولكن ليلى كملت_أنا عارفة إن أنتوا الاتنين لسة بتحبوا بعض، أيوب بيحبك يا ياقوت
وهو بنفسه قال إنك غيرتي فيه حاجات كتير ونفسه ترجعيله تاني
لهفة كلامه عنك، نظرة الألم في عينيه، كل ده دليل على إنه عاشق
ارجعي لأيوب يا ياقوت، طالما انتوا الاتنين فشلتوا انكوا تنسوا بعض، فملهاش لازمة تفضلوا في العذاب ده
لانت ملامح ياقوت وهي بتنقل نظراتها على ياسين اللي كان باصص قدامه في الطريق بملامح جامدة من غير ما يتكلم أو يتدخل في الحوار، وكإنه كان بيقاوح حزنه
حست بتشتت رهيب، ما بين إنها تفضل في العذاب اللي هي فيه، وبين تحاول تدي نفسها فرصة معاه تاني، غمضت عيونها بألم وهي محتارة بين القرب والهجر، نار مشتعلة في صدرها بتطالب بوجوده، بقربه ولمسته
بتطالب بنظرة عينيه!
وقفت العربية قدام المطار، حست بتردد من إنها تروحله، لسة كبريائها وجرحها منه حي، ولكن كلامه عنها في ضهرها حسسها إنه بيحبها فعلًا
فكرة بُعده عنها بتموتها، غيابه تاني بعد ما ملت عينيها منه واجعها، حست ليلى بتشتتها فشجعتها وهي بتهز راسها بابتسامة تشجيعية
مدت ياقوت إيديها لمقبض باب العربية ونزلت بتردد، اتحركت ليلى وياسين وسابوها ومشيوا على طول تحت أنظارها عشان ميدوهاش فرصة للتراجع
دخلت جوا المطار بتردد وهي بتبص حواليها بتوهان، لوهلة سرعت من خطواتها اللي اتحولت لجري بدون ارادة منها وهي بتدور عليه بعيونها، وقفت مكانها بتشتت وهي شايفة كمية الناس اللي حواليها ومش شايفاله أثر، لحد ما سمعت صوته المتعجب من وراها_ياقوت؟!
خدت نفس عميق وهي بتغمض عيونها من عنف المشاعر اللي ساورتها، اتلفتت ليه وهي بتتأمل الدهشة اللي كانت على قسماته، نقلت نظراتها على ملامحه اللي لانت بمجرد ما وقع بنظره عليها، كانت الدهشة متملكة منه، متوقعش إنها تكون موجودة هنا، ابتسمتله بعيون مليانة دموع، وبدون تردد جريت عليه واترمت في حضنه وسط صدمته لدرجة إنه اتجمد واتخطفت انفاسه من فعلتها، بمجرد ما استوعب إنها بين إيديه لف إيديه حوالين خصرها وهو بيشدد من ضمها بقوة ودفن وشه في تجويف رقبتها، خرجت شهقة بدموع منها وهمست_أيــوب…
اتنهد بقوة وهو بيشدد من ضمها كإنه عايز يخبيها جواه، وهمس بصوت أجش مليان مشاعر ونبرة معذبة_يا عُمر أيوب وعذابه!
بعدها عنه وهو محتوي وشها بين إيديه بيتأمل في ملامحها اللي بيعشقها وتمتم بألم_كفاية بُعد يا ياقوت
قلبي اتكوى بنار هجرك
أنا غبي
غبي إني ضيعتك من إيدي وأنا روحي فيكي
ارضي عني وصدقيني هعوضك، هعمل كل اللي أقدر عليه بس تكوني بين إيديا!
أنا بحبك يا ياقوت!
بحبك ومش عايز غيرك، حياتي مش ناقصها غير وجودك، كنت بتعذب طول الفترة اللي فاتت دي بس كنت غبي
كان بإيدي أرجعك ومحاولتش
أنا ندمان، والله ندمان على كل ثانية عدت عليا وأنتِ بعيد
ارجعيلي يا ياقوت..
نزلت دموعها بغذارة وضمته بقوة وهي بتقول ببكاء_وحشتني يا أيوب
وحشتني أوي!
طبع قبلة عميقة في تجويق رقبتها وهو بيستنشق عطرها وبيتنهد بمشاعر جياشة، خرجت منه آهة عميقة من فرط مشاعره المرادي رجعت لحضنه وبإرادتها
وهو عمره ما هيخليها تضيع من إيده مرة تانية
كفاية هجر لحد كده….
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أدركت مؤخرًا إن كل الطرق بتؤدي لـ أيوب
مهما سلكت شوارع
محافظات
دول
في الآخر بلاقيني رايحاله بإرادتي
أيوب بالنسبالي زي المتاهة
مهما حاولت أهرب من مشاعري ليه بلاقيني برجع عند نقطة البداية
نفس المشاعر واللهفة والاشتياق
مفيش حاجة قدرت تحجب جموح حبي
حتى لو رفضت وأنكرت وثورت
أنا هويت أيوب
وعرفت إن مفيش للهوا سلطان
ومفيش إرادة تقدر تقف قصاد القلب بمجرد ما يدق…
_ياقوت
نقلت نظراتها عليه وهو سايق بأعصاب مشدودة، كان باين عليه التوتر، ابتسمت بحنية ورفعت إيديها مسكت إيده تشدد عليها بتشجيع، نقل نظراته هو عليها ورفع كفها طبع عليه قبلة عميقة وهو بيبتسملها بحب
اتغير؟
تمامًا
طول الفترة دي كان بيتفنن في إنه يعوضها عن كل اللي حصل، اكتشفت أيوب تاني غير اللي تعرفه، وكإنه كان لازم يجرب مرارة البُعد عشان يتغير، وكانت الخطوة الأخيرة إنه بِعد عن الشرب
خاصة بعد ما جت ثمرة حبهم
تِيا…
نقلت نظراتها على الصغيرة اللي مكملتش ٣ شهور، كانت غرقانة في النوم في حضنها، كانت تشبهها لحد كبير بشعرها الخفيف الأشقر، من وقت ولادتها وأيوب مبيقولش غير إنه بقى عنده ياقوتين غاليين لازم يحافظ عليهم، كان بيحاول يحسن من نفسه عشان يبقى أب صالح لبنته
عشان لما تكبر تقدر تفتخر بيه..
وصلوا أخيرًا للمكان اللي رايحينه
بيت العيلة..
نزلوا من العربية، اتنهد بتوتر، كان باين الارتباك على ملامحه، عكس المرة اللي فاتت لما كان الغرور ماليه، مكانش فاضل غير ازمته مع عيلته تتحل خاصةً والده بعد ما قدروا أخيرًا ينهوا موضوع نوح تمامًا من جذوره لدرجة إنه سافر بعد ما حط أيوب إيده في إيد والد نوح وعمل بينهم شراكة في الشغل
مدت إيديها ليه بـ تِيا، شالها بحذر وطبع قبلة عميقة على جبهتها وهو بيستنشق ريحتها النقية واتجهوا لجوا مع بعض
استقبلتهم دولت واروى بود ملحوظ ورحبوا بيهم بحفاوة، ده غير فرحتهم الغامرة بـ تِيا لإنها أول حفيدة في العيلة
اتجمد أيوب لما شاف والده نازل من فوق وهو بيبصلهم بملامح مش مفهومة، نقل أيوب نظراته لياقوت اللي بصتله بتشجيع، اتنهد وهو بياخد تيا من بين إيدين جدتها ومشي ناحيته بتردد لحد ما وقف قدامه، مدله إيده بيها وهو بيقول_تِيا أيوب الحسيني
حفيدتك يا بابا…
نقل أحمد نظرته على إيده الممدودة بطفلة صغيرة بملامح بريئة، اتردد في البداية ولكن في النهاية مد إيده وخدها منه وهو بيتأمل في ملامحها اللي كانت محببة تجذبهم لتقبيلها، لوهلة لانت ملامحه غصب عنه قصاد برائتها، مد إيده يملس على خدودها المليانة فاتصدم لما لقاها بتضحكله ورفع عيونه لأيوب بدهشة اللي قال بابتسامة بسيطة_الظاهر إنها عرفت إن ده اول لقاء ليها بجدها
مقدرش أحمد يقاوم قصادها أكتر، فرفعها ليه وطبع قبلة على خدها وهو بيداعبها تحت نظرات الموجودين، التفت أيوب ناحية ياقوت اللي كانت بصاله بفرحة فهزلها راسه بامتنان وشاورلها تيجي، قربت منه فحاوطها من خصرها ومال طبع قبلة على خدها، ووقفوا يتفرجوا على أحمد اللي كان فرحان بـ تِيا وبيلاعبها
ميِّل أيوب على ياقوت وهمس بعشق_بحبك يا ياقوتة حياتي
رفعت عيونها اللي بتلمع ليه وابتسمتله بفرحة وهي شايفة حبها جواه بيزيد كل مدى، وأدركت إنها خلاص بقت جزء لا يتجزأ من حياته…
تمت

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية منتصف تشرين)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى