رواية عيسى القائد الفصل التاسع 9 بقلم آية محمد
رواية عيسى القائد الجزء التاسع
رواية عيسى القائد البارت التاسع
رواية عيسى القائد الحلقة التاسعة
” تفرق معايا إني حبيتك يا متخلفه “…
” اي؟! لا.. لا أنت متعرفنيش أصلا، أنت متعرفش عني اي حاجه، أنت قولت متعرفش عني حاجه إزاي هتحبني!! “..
” في الأول سيبتك هنا علشان أفهم بس ليه بنت ممكن تعمـل كدا وكنت شاكك ان وجودك هنا ليه علاقة بشغلي مثلا بس لقيتك بعيدة عن كل البُعد عن شغلي و مراقبتي ليكي اتحـولت لإهتمـام، أنا عيني مغفلتش عنك لحظـة من وقت ما جيتي هنا، سواء وأنا هنا أو وأنا في شغلي “…
” إزاي؟ إزاي يعني وأنت في شغلك!! “..
” كاميـرات المراقبه.. “..
” اللي أنت بتقـوله دا جنـان، أنا ماشيه “..
وقف سليـم وقـال بحـده:
” مفيش خروج من هنـا ودا أخر كـلام عنـدي “..
تحرك سليم تجـاه باب شقتـه وأغلقها ثم أخذ المفتـاح وعاد تجـاه غرفتـه وهي تنظـر في أثره بصدمه..
” دا مجنـون دا ولا اي!! اي العبط دا!؟ أنا مش فاهمه حاجه! هو عاوز اي بالظبط! “..
عاد لغـرفتهـا وأغلقتهـا من الداخـل تسيـر تجاه فراشها ببطئ و هي تفكـر في تصـرفه و عقلها مُنشغل بالكثير من الأمور الأخري، أين ستذهب وماذا ستفعل للعيش، هل حقا ستُقضـي بقية حياتها بعيدا عن أهلها، هل ستقضيـه في خدمة البيوت بعدما كانت أميرة متوجة في منزل أبيهـا!!!
بينما في الجـهة الأخري من المنزل كان يتحدث لعمـه مكالمة فيديو..
” سليم أنت أخدت بالك من إسم البنت!! “..
” مهو دا اللي مخليني عاوز أساعدها يا عمي بس مش عارف ازاي، أنا مسيبتهاش تمشي، هتفضل هنا حتي لو بالإجبـار لحد ما أعرف أتواصل مع أخوها.. “..
” التحقيق الرسمي لجريمة الق.تل لسه شغال بس مفيش أي دليل ضدها، أنا هشغل رجالتي ليل ونهار يعرفوا اي جديد ولو فعلا في دليل هيوصلوا ليه قبل البوليس و يخلصوا منه وبالنسبـة للي اسمه ضاحي دا اللي عاوزين يجوزهولها أنا ممكن أمحيه من علي وش الأرض “..
” لا يا عمي مش عاوز يبقي في قضيـة جديدة، هو مش هيأذيها طالما مرجعتش، وزين مستحيـل ترجع تـاني حتي لو اضطريت احبسها هنا عمرها كله “..
” لا مش هتضطر لحاجـة، هنوصل لأهلها و الموضوع هيتحل و البنت وأهلها هيتجمعوا من جديد “..
” بإذن الله “…
أنهي سليم المكـالمه وأتجه لفراشـه يُلقي جسده عليه لعـله يستطيـع التفكيـر و الوصول لقـرار صحيح، هو حاول منعها بأكثر من طريقـة، ربما فرضه عليها بالبقاء هو أمرا خاطئ ولكنـه لن يتركها تذهب لمصير تجهـله أبدا….
………………………………………….
” أنا جـعانة “..
” حاضر هنزل أجيب حاجة تطبخيها “..
” أنا أطبخ!! يا علي الثقة يا جـدع! صدقني والله أنا يدوب بعرف أسلق بيض و غالبا بسيبه لحد ما يفرقع في الحلـة “…
أجابها بعصبيه:
” يوووه أعملك اي أنا يعني!! “..
” في اختراع اسمه أكل جاهز علفكـرا، يا أخي راعي إني كنت مخطـوفة و سايبني علي لحم بطني ولا حتي عزمت عليا بساندوتش شاورمـا!! روح يا شيخ ربنا ينتقم منك، اه يا ربي ذنبي اي ان ابويا يطـلع جاحد وأخويا يسيبني وميسألش فيـا، أعمل اي بس نصيبي كدا، أنا هقوم يا ابن الحلال أشوف رغيف حاف أكله ولو ملقتش هربط بطني بإشارب و عوضي علي الله “..
تنهـد منتصر بضيق وهو يتحـرك تجاهها ينظر لها بتقزز:
” أولا أنا مبحبش الرغي، ثانيا جو الإستعطاف والشحاته دا تبطـليه، ثـالثـا أنا وأنتي مش جايين هنا نتساهر و لا نتفسح، أنتِ وأختك في ناس وراكـو و احنا لسه لحد دلوقتي مش عارفين هما مين ولازم نحميكم”..
سألته بإنتباه:
“أنتوا ميـن!”..
” ركزي في اللي يهمك، أنا نـازل و هبعتلك أكل “..
” وهترجع إمتي؟! “..
” وأنتي مالك؟! أرجع وقت ما أنا عاوز أنتي هتشاركيني!! “..
” يا اخي عنك ما رجعت جتك نصيبـه أنت بتزعقلي ليـه يا جدع أنت!! أنت فاكر نفسك اشتريتني بفلـوسك ولا اي جتك الهم “..
تحركت غاضبـه لداخل الغرفـة وأغلقت البـاب بقوة خلفهـا وكذلك غادر منتصـر الشقـة ليسـير في الطرقـات هائما لا جهة له…
………………………………..
” يعني في اتنين سليـم مغـاوري، العم اللي بيتاجر في المخد’رات و أعماله كلها غيـر قانونيـه، و ابن أخوه الدكـتور “..
” ايـوا يا قائد بالظبط كدا “..
اومأ له عيسـى فتحـرك الحـارس للخـارج وهو يفكـر في تلك المتاهـه وقبل أن تأخذه أفكـاره وجد حارسه يدلف من جـديد:
” مؤمن اتقبض عليـه يا قائد وهو بيصـرف البضاعـه “..
اعتدل عيسـى يرسم ابتسـامه خافتـه علي شفتيـه وتحـرك للخارج ليجـد رجـاله حيث يقف هو في مقـر عملـه فـوقف الجميـع فـور رؤيتـه ينتظروا أوامره:
” كل رجـالة مؤمن اللي متقبضش عليهم يبقـوا قدامي هنا في ظرف 24 ساعة.. “..
_أوامـرك يا قائد..
تحـرك عيسى للخـارج تجـاه سيـارته ثم جلس يُخرج هاتفه ليتحدث بأريحيه:
” قاسم باشا.. بكـرا في نفس المعاد هتلاقي رجـالة مؤمن عندك، ومبروك عليك الترقيـة يا حضـرة الظابط “..
تعـالت ضحكـات قاسم وهو يقف متحـركا تجاه النافذة الخاصه بمكتبـه:
” جمـايلك كتـرت يا قائد، بس المفروض ان البضاعـة اللي أنت سلمتها لمؤمن كانت مضروبة بس المعمل الجنائي أثبت انها مُخد’رات!! “..
” اه مهو اللي المعمل فحصها دي عينه حطيتهـاله هدية، أخدتها من خزنـة مؤمن نفسه “..
” يخربيتك أنت وصلت لخزنـته إزاي!! وصلت اساسا ازاي لبيته أو عرفته ازاي!؟ “..
” إجابة مختصـرة.. عيسى القائد “..
ضحك قاسم يقول بخبث:
” بس اللي أعرفه إن القائد اليومين دول عريس جديد و كمـان دراعه اليمين مش موجود جمبه “..
ضحك عيسى علي حديث قاسم ليجيبه بجديه:
” يمكـن علشان زي ما منتصر مُخلص للقائد في غيـره كتيـر، أنا مش نايم يا قاسم ورجالتي حوالين الكـُل، و قريب أوي هوصل لسليم مغـاوري واللعب هيكون علي المكشـوف وهيتسلم زيه زي قبله كـتير “..
” بنتعـلم منك يا قائد “..
ضحك عيسـى وهو يُنهي المكـالمة ثم تحـرك تجـاه شركـته لينتهـي من أمر ذلك المجنـون بدون حتي أن يَعـرف بقية قصتـه..
ألا يكـفيه أنه نظـر لزوجـته بل وأخت.طفها وأثار الخوف والذعر في قلبها!!
وبعد نصف ساعـة كان يقف أمامه وهو مُقيد ملقي علي الأرض في أحد المخازن القديمـة، جلس عيسـى أمامه يقـول بإستفـزاز:
” أنا جـوزها “..
تابعـه الشـاب بأعيـن دميمـه غاضبـه، لا تـدري هل ذلك جنون الحب أم هـوس أم لعنة حب أصابت ذلك الشاب، فبرغم غضبـه وعروقه المنتفضـه كانت أثـار جنونـه واضحـه ليراها عيسـى ليُدرك مدي هـوس ذلك الرجـل بزوجـته وعند تلك النُقطـة اقتـرب عيسـى يتابعه عن قـُرب بغضب حقيقي:
” أنت عارف اللي أنت عملته دا عقابـه اي عنـدي؟! أنت فاهم اللي بيبص لحاجـة ملكي بيجرا فيه اي؟! فما بالك بقي لـو مراتي!!! لا وبتـجري وراها وبتخوفهـا في نص شركتي و قدامي؟! دا أنت بجح بقي!؟ “..
” أنا الأحق بيها مش أنت، أنا اللي بقالي سنيـن بحبها مش أنت، أنا عملت علشانها حاجات كتير غلط، وعلشان تكون ليا هعمل مليون حاجه غلط ولو كـانت اني أقف في وشك أنت “..
” كويس إنك عارف ان وقوفك في وشي غلط، بس اسمحلي أقولك إنه أكبر غلط و الناهيـة بالنسبالك وهتعـرف لما أسيبك مع رجالتي يومين “..
” يومين أو عشرة، لما هخرج من هنا، زمرد مش هتكون لغيـري، أنا بحبها، بحبها بشكل لو فضلت عمرك كله عمرك مـا هتقدر تحبهـا زيي “..
” لما تبقي تُخرج بقي يا حيليتهـا “..
لكمـه عيسـى بقـوة ليسقـط الشاب أرضا فاقدا للوعي لينظر عيسى له بسخرية:
” دا أنت مفكش نفس يا جدع!! “..
نظـر لأحد الحراس الذي تركه مع الشاب يأمره:
” الواد دا يتروق فـاهم!! لحد ما أشوف أخرتها معاه “..
اومأ له الحارس فتحـرك عيسـى للخـارج مُتعبا، لا يـدري لما أيامه طويلـة وثقيـله بهذه الفتـرة، ربما شيئا واحدا يجعله يشعـر بالراحه، يأتي بالسكـون لقلبـه والهدوء لروحه، وكأنه يبتعـد بها عن ضوضاء العالم بُرغم انه تمر سوي بضعه أيام لكن ذلك الشعور يأسره من اللحظات الأولي معهـا..
ارتسمت ابتسامـة خفيفـة علي شفتيـه وهو يقـود سيارته عائدا لهـا..
كـانت الشقـة هادئـة فعلم أنها بالغـرفة وكذلك والدته فتحرك بهـدوء تجـاه غرفتـه يدلف ليجدهـا بغرفـة الثيـاب من جديد منشغـلة بترتيب ثيابهـم..
” مساء الخير “..
انتفضـت زمـرد فهـي لم تشعـر به عندما دلف للغـرفه..
” بسـم الله الرحمن الرحيم، أنت رجعت أمتي!! “..
قال بتعجب:
” لسـه راجع، مالك اتخضيتي كدا!! “..
” مش واخده علي المكـان وأنت دخلت فجاءه، شوف أنا ظبطتلك كل هدومك أهي و فاضل بس حاجات بسيطـه في هدومي هخلصهـم، عاوزة مصـروف للبيت علشان أنزل أشتري بقي شويـة حاجات لأن المطبخ فاضـي، وكمـان أنا دورت ملقيتش أي أدوات للتنضيف هنا فمحتاجه بردو اشتـري و…
صمتت عندمـا تفاجأت بضمـة عيسـى لها وصوت تنهيدته وهو يبتعـد يطبع قبله رقيقـة علي وجنتها ثم أخذ ثيـابه المنزليـه وتحرك تجاه المرحـاض…
حـاولت تدارك صدمتها و رفعت يدها تُعيد خصلاتها خلف أذنها لتظهر وجنتها التي احمرت خجـلا من فعلتـه تلك…
بعدمـا بدل ثيابـه تحرك للفراش يُلقي بجسده المتعب فـوقه ليُحـاول النـوم يواجه صعوبته به كعـادته، خرجت زمرد تتفادي النظر لـه ثم جلست بجـواره تتصفح هاتفـها فنظر لها عيسـى يسألها:
“هو أنا المفروض بقي أجيبلك الخضار وأنا جاي كل يوم و الحاجات دي!!”..
نظـرت له بتعـجب ليُكمل حديثه:
” أصلي بصـراحه أخدت شوية وقت علي ما أستوعبت اني اتجـوزت، أنا مكنتش ناوي خالص “..
سألته بتعجب:
” ليه؟! “…
” علشان أنا مبحبش المسؤليـات الكتيـر، والجـواز مسئوليـة و علاقـة ليها إحترامهـا ولازم لما اتجـوز أكون شخص قادر علي كل مسؤلياتي ناحية الست اللي معايا و مقصرش، بس أنا أوقات كتيـر أوي بنسي نفسي في الشغل، أنا لازم أحافظ علي اللي وصلتلـه يا زمرد لأن تعبت أوي فيه، أنا بدأتها من صبي علي القهوة وكنت أقعد اذاكـر في ركن كدا علي جمب لحد ما أخدت شهادة، كان عندي دكـتور في الجامعـة بيحبني جدا و معجب بتفكيـري و خدني اشتغـلت عنده في شركتـه الخاصـه من قبل ما اتخرج، وبعد ما اتخرجت علطـول خلاني مديـر، ومع الوقت بنيت شركتي بنفسي، كانت مكتب صغيـر و في ظرف خمس سنيـن بقـت الكيان اللي أنتي شوفتيـه دا و لسه.. لسه عاوزه يكبر أكتر و يكون ليهـا أكتر من فرع و يكون ليا أكتر من مصنع و خط انتاج، ليا فرع واحد بس برا مصـر عاوز أكبره.. وكل دا بيكـون علي حساب وقتي.. علشان كدا مكنتش عاوز اتجـوز، مش عارف اي اللي حصل في اللحظة اللي شوفتك بتعيطي فيها قبل كتـب الكتاب..
سألته بصدمه:
“قبل كتب الكتاب!؟ إمتي؟!”..
” لما كنتي مقضيـاها عياط في أوضتك، أنا كنت شايفك و لما عرفـت اللي أبوكي ناوي يعمله معاكي اتصرفت، مكنتش حابب إنه يظلمك، زعلك مهانش عليا معرفش ليـه، في حاجه شدتني ليكي من أول مره شوفتك فيها “..
طالعته زمرد بتعـجب ثم تنهـدت تقول بحيره:
” مش عارفه لو كانت الجوازة دي كمـلت كان هيجرالي اي!! كان زماني دلوقتي في بلد غريبـة مع واحد تاني متجـوز غيري اتنين وعنده عيال كمان.. برغم ان بابا معاه فلوس وربنا موسعها عليه في رزقه بس مش عارفه ليه يعمـل فيا كدا علشان الفلوس، لما قالولي ان العريس مش جاي وان ابن عمك اللي انتي عمرك ما شوفتيه هو اللي هيتجوزك مكانش فارق معايا، زي اللي خرج من حفرة و وقع في واحدة تانيه زيهـا بالظبط وكنت فاكره انك.. هتكون زيه.. زي والدك، عمرك ما هتحترم الجواز و لا هتحترمني و كلها كام شهر و تسيبني بعيل علي دراعي و مش هشوفك غير بعد كام سنه ترجع تقنعني انك ندمان و بردو ترجع تسيبني تاني”..
“لا، متشبهنيش بيه تاني…عمري ما هكون زيه”..
” ودا اللي أنا اكتشفته في الكام يوم اللي فاتوا يا عيسى، أنت حد محترم رغم كل حاجه “..
غمزها عيسـة بمشاكسه:
” مش محترم أوي يعني “..
وضع عيسـى رأسه علي قدمهـا و أمسك بيدها يضعها فوق رأسه:
” أنا من زمان عندي صعوبة في النوم “..
مررت أصابعهـا بين خصلات شعـره وسألته بإهتمام:
” بتشوف كوابيس؟! “..
ابتسم يتذكر أحلامه فهز رأسه نفيا يقـول ببساطه:
” عيني مبتروحش في النوم بسهـولة، بس بعد كدا بنـام كويس “..
أغمض عينيـه وصمت وكذلك صمتت هي الأخري تتابعـه بهدوء لا تشعـر سوي بالسكيـنه لجواره وقربهمـا.. وذلك الشعور الذي بدأ يسـري بداخل كلا منهمـا لا تفسير له سوي اسم واحـد وهو الحب..
……………………………………………..
في الصبـاح التالي..
خرجـت فردوس من غرفتهـا تتأفف بضيق من ثيابهـا التي ترتديها منذ أيـام…
” لا حس ولاخبر من امبارح يكونش طلعوا خلصوا عليه!!، طب يجيبلي التليفون ويجيبلي لبس الأول دا اي دا مفيش ذوق خالص!! “..
دلف منتصـر بعد مرور ساعة كاملـة وهو يحمل بعض الأغراض وكانت تنتظره هي علي أحر من الجمر وها هي فرصتها لتُفجر غضبها وغيظها بـه:
” أنت يا بنى أدم أنت معندكش دم!!! ازااي تسيبني كدا ومتسألش فيا ولا كأنك رامي كلبه هنا!!!؟ لا خليتني أكلم أختي ولا سيبتلى تليفـون و لا أعرفلك طريق ولا أعرف حد هنا، أنت اللي ساعدتني أنا مشحتش منك المُساعدة علفكرا!! “…
ألقى منتصـر الأغراض واتجـه يجـلس علي الأريكـه يتجـاهلها يشعـر بألم لا يُضاهي بعظامه فقد قضي ليلتـه أمام البحـر و تسربت البروده لعظامـه ولا طاقـة له بالمجـادلة الآن… يتمني فقط أن ينتهي كل ذلك فأخرج هاتفـه يُرسل لعيسى رساله:
” يا قائد أنا عاوز أرجع القاهرة متقلقش أنا هعين كذا حارس ثقة يحرسوها و هتأكد ان كل حاجه متوفرة ليها، بس أنا عاوز أرجع شقتي “…
لم تصل الرسـالة لعيسـى فتيقن منتصر بأنه لا زال نائما ربمـا، أغمض عينيه يُريح رأسه علي الأريكة قبل أن ينتفض علي صراخها:
” أنت يا بنـى أدم!!! “..
صرخ بقي غاضبا:
” ما تخرصي بقي يا بت أنتي!!! اتنيـلي خدي الشنطـ فيها لبس و أكل، تاكلي وتسكـتي خالص مسمعلكيش نفس “..
ربمـا ان كانت فتاة أُخري لكـانت بكـت من إهانته ونبرة صوته المخيفـة و القاسيـه، ولكنها ببساطه” فردوس ” التي قالت بصـوت كاد يصمه:
“لا بقولك اي أنت تقف عوج وتتكلم عـدل، ولو أنت مش عارف مين هي فيفي يبقي هعـرفك! أنا محدش يعلي صوتـه عليا وإلا لسانه دا هلعبه بيه نط الحبل”..
تنهد منتصـر بضيق يتحرك تجـاهها لتقف أمامه بالمرصاد، مئة وخمسون سنتيمتر في مواجـهة شاب ضخم الجسد بطول يكاد يبلغ المائة وتسعيـن سنتيمتر يتقدم تجـاهها وهي لا ترمش حتي ولا تخافه مقدار شعـره، ربما نبرته المخيفـه أربكتها قليل ولكنها أخفت ذلك الإرتباك خلف ملامح صلبه…
” اسمعي علشان أنا معرفش هنفضل في وش بعض كدا قد اي، أنا مبحبش الدوشه ولا أحب البنت اللي لابسه توب الرجـاله و صوتها عالي.. هتتعاملي بإحترام و زي باقي خلق الله هعاملك عدل، غير كدا هتاخدي علي دماغك أنا مش جايبك هنا أربيكي ف خلي المدة دي تعـدي علي خير “…
” علشان أحترمك يبقي لازم أنت الأول تتعامل معايا بإحترام لأني مش تحت أمرك يا منتصـر بيـه “..
” أنا بدأتها معـاكي بإحترام بس أنت اللي لسانك طويـل وغاوية تثبتي انك بنت مجـدي ال…. ولا بلاش “..
” صح، معاك حق و الد’م بيحن كمـان، وأنا بقي مستغنيـه عن خدماتك و صدقني بنت مجدي قدرت تحمي نفسها سنين وهي لوحدها هي وامها واختها اللي نسمة الهواء كانت بتأثر عليهم، انما انا كنت بنت مجدي بحق و خليني اشوف بقي مين عـاوز يأذيني أنا وأختي “..
تحـركت فردوس تجـاه البـاب ليخرج منتصـر خلفها يسحبها للداخـل فيندفع جسدها اثر دفعـه لها ثم أغلق الباب ونظر تجاهها بحده:
” لما اتحركتي من هنا هتأذي اخواتك كلهم.. “.
” اخواتي!؟ “..
” اه اخواتك كلهم.. حنة و عيسى و عمر و عمار.. مجدي عنده تلات ولاد غيـرك، وحنة اختك من الأم، يعني حركة واحدة و تواصل واحد غلط مع اختك هيضيع كل حاجه عملناها “..
” عيسى صح!! أنت تبع عيسى “..
” اه.. أنا مديـر أعماله، وعلفكـرا عيسى هو صاحب الكافية و هو اللي خلاني اشغلك مديرة فيه علشان متحتاجيش فـلوس و تعيشى حياة كريمة، اخوكي عينه كانت حواليكي دايما مش زي ما أنتي فـاكرة، و علفكرا هو اللي بيحمي حنـة بردو برغم انها مش اخته بس علشانك انتي “..
تراجعـت فردوس تتحرك لداخل الغرفـة تختفي من أمامه قبل أن تخونها دموعها أمامه فهي تكره الضعف والبكاء أمام أحد..
كتمت شهقاتها وهي تستند بظهرها علي باب الغرفة من الداخـل وهي تهمس لنفسها بتأنيب:
” يا غبية بتعيطي علي اي!! طلع ليكي ضهر وسند في الدنيـا، أخوكي هو اللي بيحميكي، أخوكي خايف عليكي، هو اللي خلاني ممدش ايدي للناس، بس.. بس ليه كان بعيـد!! ليه اختار نبعد كدا عن بعض!! ليه؟ “…
…………………………………………..
” حلـو يا حبيبتي البيـض بالسمنه؟! بتحبي حاجـة تانيه اعملهـالك!؟ لو مش عاجبك الفطـار قوليلي.. ”
“لا يا خـالة تسلم ايدك والله أكلك جميـل”..
ابتسـم خالد وهو يتابع أعين والدته التي فاضت بالدمـوع، يري شوقهـا لبناتهـا، خاصة” نور “التي ذهبت غدرا فتلك الفتاة أمامه تُشبهـها لحد كبيـر، كنا أنها عطوفه و هادئـة مثلهـا، و جوارها شعور بالدفء يغمُر الجميـع..
دلف والده سريعـا يقول بقـلق:
” كل عيـلة “الشيخ” جايين وشاكلهم مش ناوي علي خير أبدا “..
انتفضـت والدة خـالد وأتجهت تقف جـوار إبنها بفزع:
” ليكونوا اتفقـوا خلاص علي اخد تا’رهم من ابننا، والله مش هو اللي ق.تل الزفت عمران “..
قال خالد بضيق وهو يربت علي يدها:
” هو أصلا كان يستاهل الق.تل، بس الحقيقة إنه ميت بجـرعة مخـد’رات زيادة، لكن مفيش حد من أهله مصدق الحكاية دي و كلهم فاكرين ان ابنهم انق.تل “..
كانت حنـة تنظـر لهم بصدمـة و بعض الشفقـة أيضا برغم أنها لا تعرف القصـة، ولولا توضيحه الأخير ما كانت لتمتلك شفقة تجاههم و لأصابهم الخوف والذعر…
سألت والدته بخوف:
” و هنعمل اي دلوقتي!؟؟ “..
اقترب عبد الشافي يقول بجدية:
” لازم تمشي من هنـا يا خالد، لازم تسيب الأقصـر، هتخرج دلوقتي تروح شقـة خالك تبيت فيها علي ما أجهزلك تذاكر الطيارة و تطـلع علي….
قاطعه خالد بضيق:
“هطلع علي بورسعيد يا بابا، حنـة لازم توصل لأختها “..
تهللت أسارير حنـة و لمعت عيناها، هل ذكر اختها الآن!! هل وجدها عيسى حقا؟! هل ستراها وأخيرا!!…
” أختك موجودة في بور سعيـد يا حنة، بابا اسمعني مش لازم اي حد يعـرف اني رايح هناك أبدا “..
” أنا هشيع راجل ولا اتنين يقولوا انهم شافوك راكب القطر اللي رايح لأسوان، هنضللهم شوية لحد ما توصل الأمانه لأخوها من تاني و بعـدين هدبر لينا مكان نعيش فيه بعيد عن الأقصر خالص، مبقاش لينا عيشة هنا خلاص و العالم دي مفيش معاها تفاهم، نتفاهم علي اي اصلا دا ابنهم قا’تل بنتي بالحيا و التانيه هربت مني بسببهم، هما اللي حطوا سك.ينتهم التلمه علي رقبتنا وعاوزين ياخدوا تا’رهم كمان!! “..
جـلست والدته وهي تنظر لولدها، الوحيد المتبقي معها بخوف وحسرة، هل سيُفارقها هو الأخر!!
لم يبقي لها سـواه فهو أصبح وحيدها الآن…
ربت خالد علي كتفها يتفهـم ما تمر بـه والدته فقال بحنان:
” كل حاجه هتكـون كويسه يا ماما، زين وهترجـع و هنخلص من الهم دا.. حق نور ربنا رده لينـا و خلاص مش عاوزين نزعل نفسنا، حتي لو هنسيب البيت اللي جمعتنا فيه أحلي السنين “..
” مش مهم البيت يا ابني، كدا كدا الذكريات هتفضل معانا، و بجودك يا حبيبي ولما اختك ترجع بالسلامة هترجع الفرحة لقلبنا من تـاني، في اي مكان المهم نتجمع من تـاني “..
أفزعهم صوت طرقـات عالية علي البـاب، فتح خالد الشاشـة التابعة لكاميـرات المراقبـة ليظهر العديد من الأشخاص أمام الباب..
اقتـربت حنة تتمعن النظر لتتفاجأ بشخص ربما تعـرفه جيدا!!!
” كـارم!! “..
سألها خالد:
” مين؟! “..
” كارم… ابن جوزي “..
…………………………………………..
جلست بتعـب علي كرسى بداخل مطبخـه بعدما وضعت أمامـه طعام الإفطـار كالعادة، لكن المختلف هذه المره أنها لا تضع ذلك الذقن الصناعي بل ترتدي جلباب واسع و حجـاب…
” أنتي ليه رافضـة ان اجيبلك أهلك لحد هنا، انتي خايفه ترجعي وفهمت ليه، ليه خايفه هما يجوا هنا!! “..
” علشان هياخدوني ويرجعوا، أكيد مش هيسيبوني معاك هنا، وبعدين أنا معرفش هما هيسامحوني علشان هربت ولا لا، متنساش هما فاكرني هربت علشان الجواز مش بسبب الجر’يمة “..
” خلاص هجيبلك أخوكي، هو مثقف ومحترم باين عليه من كلامك، أكيد هيتفهم اللي حصل “..
” لا مش هيتفهم، حياتي مع أهلي خلاص أنتهت يا دكتور سليم وأنا لازم أشق طريقي، فأرجوك سيبني بقي أمشي “..
” والتحقيق اللي لسه مستمر في القضيـة “..
” هما ملاقوش اي دليل أصلا”..
” ما أنا بقـولك التحقيق لسه شغال، يعني يمكن في اي لحظة يلاقـوا دليل، ويمكم كمان بعد ما القصية تتقفل حد يلاقي الدليل و ترجع تتفتح من تاني “…
” أنت بتخوفني ليه؟! “..
” علشان أنتي لازم تحلي مشكلتك مش تهربي منها “..
” بس دي فيها إعد’ام يا دكتـور، يعني ملهاش حل، ملهاش غير هروب وبس “..
” وأنا شايف إنك بنت ملكيش إلا أهلك، لو انتي مش هينفع ترجعي يبقي هما يجولك هنا “..
” لا.. مش عاوزة “..
فاض به الكيـل فصرخ بها:
” يا بنتي أفهمي بقي، أنت بتد’مري نفسك بنفسك!! “..
انتفضـت زيـن و تحركت للخارج تقف أمامه تحـاول إن تواجه موجة الغضب تلك:
” مش هينفع، أنت اللي مش عاوز تفهم!!.. أنا.. حامل “.
” اي!!! “..
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية عيسى القائد)