رواية وكأنها عذراء الفصل التاسع عشر 19 بقلم أسما السيد
رواية وكأنها عذراء البارت التاسع عشر
رواية وكأنها عذراء الجزء التاسع عشر
رواية وكأنها عذراء الحلقة التاسعة عشر
لم تكن هذه الحياة التي تعيشها الآن ما حلمت به يوما
تمنت رغد العيش، والحريه المطلقه، وركوب الأمواج بكل انطلاق، تمنت أن يأتيها كل شيء براحه بلا جهد ولا تعب
لكن الأن.. آتاها ما أرادت كالعسل، لكنه مزيج من العسل المر، كلاهما امتزج بالآخر فاختلط عليها الأمر، فلم تعد تميز الصالح من الطالح، غرزت اقدامها بالوحل، ولم تعد تفكر بالقادم ولا بالسابق، مسيره لا مخيره
لا تنكر أن الحنين لذكريات مضت تلوح لعقلها كل بعض الوقت وسرعان ما تعود للوحل التي غرست اقدامها فيه، إنها النفس البشرية كما يخبرها نائل
نفسها لا تشبع، وتريد كل شيء، بلا تضحية، بلا شعور بالذنب
لكن بعالمهم لا وجود للتراجع، الحياة تمضي كما خطط الرئيس له
والا…
هزت راسها تريد أن تنفض عنها تلك الترهات، وتلك الأفكار وهذا الحنين الذي يقودها للاشيء
عليها دائما أن تتذكر أن التراجع بكلتا الطريقين كلاهما ينتهي بالموت، وكلاهما من الانتقام والثأر
هكذا كانت حياة سليمة بعد الفسق وطريق الضياع وقبله، طريقان متضادان تماما وشتان بينهما
نفثت دخان سيجارتها بوجه نائل الذي يجلس امامها يتأملها بانتصار، و أحدهم يجلس خلف ظهرها العاري تماما يديه تعمل بمهاره، يرسم لها وشما بشعارهم المميز، كانت تتمايل كالسكيره، وما هي بسكيره، انها مغيبه، ولا سبيل هنا للندم، ولا الانتعاشه
_ شكلك مبسوط
هتفت بتلك الكلمات، وهي تلوي فمها لنائل الذي ابتسم تلقائيا، وهو يميل ناظرا بوجهها بتأني، وجهها الذي يشبه بزينته تلك التي قادها الفضول لفعلها يوما، زينه المتحررون بلا دين، ولا هويه، الكافرون بكل شيء، والمنغمسون بسواد حياتهم، ويقدمون قرابين التراضي لشياطين الانس والجن
فاجئها بما قاله، وهو يعلم كيف يلقي ضرباته:
_ انت أعظم انتصار لي يوليا
شردت باسمها الجديد الذي اطلقه عليها، أنه اسمها المستعار التي اطلقه عليها وتستعمله بالدخول لعالم الدارك ويب، ابتسمت بحالميه، لقد باتت مقتنعه تماما بأن حياتها من قبل ما هي إلا وهم، اقنعوها به، كلما تذكرت وضعها الجديد، المال الوفير، والحريه المطلقه، والتلذذ بالحرام وكأنه حلال مطلق، تشعر بالهيمنه، تنفض عنها غبار الحنين للعائله والاهل، وتبدأ برسم مخططاتها للغد، لتصبح الأولي والمسيطره
_ بقي خمس دقائق علي درس التطبيع والتأمل، ساتركك الان
أردف نائل بتلك الكلمات، ورحل تاركا لها المكان باكمله، تفكر بذلك الدرس الذي غير معتقداتها كلها، لقد غير تفكيرها تماما من الإيمان المطلق، لشيء آخر صدقا تخشي اللفظ به، وكأن هناك حجر ثقيل يمكث علي لسانها، ابتلعت ريقها وبعض من التعقل عاد اليها، لكنها سرعان ما ابعدته، وصوت نائل الذي للتو اعترف بعشقها يخيرها بين طريقه كما هو، والعوده، وتحمل العقاب، ولكن هل من طريق بعد لتعود؟
انها تعيش التشتت بكل الطرق، لاح لعقلها صوره ايمان والدتها ، وهي ترمقها بتقزز، فارتجف جسدها، ويكف يدها
تحسست عنقها برعب، وهي تفكر أن اخيها لن يتركها، سيثأر منها، ولو بعد قرن مضي، ابراهيم هو كابوسها الأوحد، وكم تخشي أن يتحقق
زفرت بغضب ممزوج برعبها وهي تلفظ دعائها المعتاد، غير منتبهه لذلك الشيء نظر لها بصدمه:
_ ربنا ياخدك يااخي، ربي ياخدك
هتف الشاب من خلفها:
_ يوليا يبدو انكِ لم تعتادي علي نسيان الماضي بعد، لكن عليك الحذر ، ما بعد لن يسمح لك قول ما قلت
ابتلعت ساليمه ريقها، وهي تحاول تهدئة انفاسها
_ انت محق، ولكني ساعتاد ، لا تقلق
_ حسنا، لقد انتهيت
*******
انها الحياه بكل ما فيها ، هكذا تمضي، وكل من عليها سيرحل
جثي مجد علي عقبيه، أمام قبر خالتها ، لا يصدق انها رحلت، رحلت هكذا دون وداع، لكن شيء عميق بقلبه يخبره انها مازالت علي قيد الحياه
قلبه مازال يدق بعنف لها، ولن يهدأ ابدا ، لن يصدق ابدا انها فارقته
امل وحيد مازال قلبه متعلق به، أنه ما دام جسدها لم يواريه التراب، ولم يودعها هو..لم يعثر عليه ، اذن هناك أمل، لن يمل ، ولن يكل ابدا من البحث عنها
_ مجد اللي بتعمله ده ممنوش فايده ياصاحبي، اقتنع وريح نفسك،وارحمها، واديك شوفت بنفسك
أغمض مجد عينيه بغضب، ودمعه فارقت عينه لتسيل علي خده، محاها سريعاً، وهو يحاول أن يمسك نفسه ولا يقتله ، انه يحمله كامل السبب
_ مجد
_ اسكت، أسكت
صرخ مجد بكل قوته بسويلم، بكل قهر العالم بقلبه، كيف لهم بحق الله أن يخبروه هذا
عدل سويلم من الحديث سريعاً:
_ مجد انا مش قصدي انا خايف عليك يا صاحبي، انت بتدور من ساعتها، وملهاش اثر، موت خالتها أكبر دليل يا صاحبي انها من ضمن الجثث المتفحمه و..يمكن …
صرخ تلك المرة بقهر، وهو يدفع به ليبتعد عنه، كاد يلكمه لولا استطاع سويلم الإفلات بنفسه:
_ قولتلك اقفل بقك، انت ايه يااخي، ارحمني، وامشي، ارحمني ، وابعدوا عني
ابتعد سويلم وهو يلوم نفسه علي ما تسبب له به، لكنه يريد مجد عليه أن يعود لرشده فعملهم لا مجال فيه للمشاعر، وللحزن أبدا، عالمهم محكوم عليه أن لا مشاعر به، لا وجود للفرح المطلق، ولا للحزن الدائم، أنه العالم الاكثر سرعه بكل شيء، وللاسف
اه عميقه صدحت من حنجرة مجد، وهو يسقط أرضا مجددا، يبكي كالطفل، وهو يسأل خالتها عنها، يخبرها بما فعل، وبما تسبب لها به، يعترف أنه قد اهملها، اهتم بغيرها، لكنها لا تعلم أنها الوحيده دونا عن باقي نساء الكون كله من عشقها، بروحه وقلبه، وأنه لم يتمني أحدهم ابدا أن تشاركه دربه الا هي، يتوسلها أن تخبره مكانها، وكأنها كائن حي ، تنظر له ولا تتكلم
_ جوم يابن البدري، ملعونه البطن اللي شالتك وربتك
صوتها اخترق اذنه، انها هي مجددا تلك المرأه سبب معاناته هي وشقيقتها ، هي اللعنه الابديه، والحرام بذات نفسه، هي تلك الشعله المحرمه التي سببت الخراب كله، كم يكرهها، ولو لم يخشي الله لقتلها وانتهي منها
_ أنتِ
هتف بغيظ، وانفاسه تتسارع
_ ايوه اني يا ابن ..
قبل أن تعاود الحديث بذلك الاسم الذي يمقته اكثر من نفسه ، صرخ بها
_ ابن مين، متضحكيش على نفسك، اياكي، اياكِ و غوري من وشي
ضربت عنجهيه الأرض بأقدامها، وتلتها بتلك العصا التي لا تفارقها وهتفت بحقد:
_ انت اللي اياك عاد، بكفياك أكده، بزياده دلع مرء، وفوق عشان تاخد تاري وتار خيتك، وتفوق لشغل الراجل اللي لولا كنت زمانك متمرط معاي يا ابن احمد
ببرود استقام مجد، يعدل من ثيابه، ويعاود رسم البرود على وجهه، يفعل ما تعلمه من ذلك الرجل، التي تذكره بمعروفه العظيم الذي جعل منه أكبر تاجر سلاح بالبر كله ، وأردف بصبر مصطنع:
_ تار!..تار ايه يا امي، هو انتِ متعرفيش
نظرت له بصدمه، تخشي ما تخشاه منذ سنوات، تخشي طباع ابنها اللعينه، التي تشبه طباع عبدالرحمن البدري
_ أعرف ايه؟
هكذا سالته ، قبل أن ينظر لها قليلا ببرود، و يضع نظارته الطبيه على عينه، ويسير من امامها
_ اني قررت خلاص، اني مش هنتقم ، التار من قلبي مات يا عنجهيه
_ واااه، ايش عم تقول يا مخبل انت
ابتسامه مريره ارتسمت علي وجهه، وبعدها سار أمامها خطوتين قبل أن تعاود هي جذبه من قميصه من الخلف بكل قوتها
_ ايه اللي هاتقوله ده يا ابن احمد
ببرود نظر لها
_ لسانك لتعود اهو تناديني باسمه، مش اول مره تناديني باسمه، ايه شكلي دلوقتي بقي بيفكرك بيه مش كده يا امي
ابتلعت عنجهيه ريقها، وهي تسب احمد السباعي وابنته، وياليتها تستطيع قتله، هل تحول ابنها هكاا، متي
هتفت بحقد، وكأنها تسب نفسها به، وهي تراه يعيد ماضيها العكر:
_ الحب فسد قلبك وعقلك يا ابن عنجهيه
تهكم هو تلك المره علي حاله، اي حب هذه الغبيه تخبره به، لقد ضاع كل شيء منه وانتهي أمره، والفضل لها ولحقدها وللمتاهه التي دخل فيها بسببها فلولاها ولولا حقدها وشرها لما اضطر أن يترك حبيبته ابدا ويدور من هنا لهنا ينقذ اخوته وياليته استطاع إنقاذهم، وإنقاذ نفسه، ياليت
_ مجد
هتفت به مرارا، لكنه لم يكترث لها، وهو يتذكر شقيقتيه، وشقيقه، وهتف بحده
_ من دلوقتي اخواتي ملهمش ذنب في حواديتك ، وحواديت احمد السباعي يا عنجهيه، اخواتي من حالا خط احمر، اقسم بالله لو قربت لهم لأكون انا اللي قتلك، وقتله، وقاتل اختك الحيه
اتسعت أعين عنجهية، وهي تبتلع ريقها برعب، من هيئته، وتهديده الحاد الواضح لها، وهتفت برعب
_ ميمس
علي ذكر الماضي صرخ بها غير مكترث لشيء
_ مجد اسمي مجد ..واوعي الاسم ده يعدي من تاني علي اسمك، فاهمه
صاحت عنجهيه به مجددا، لكنه لم يكترث، تركها ورحل، دموع عينه تغرق لحيته التي استطالت ونمت
ولم ينتبها كلاهما لتلك التي عادت للخلف ترتجف، وتتمتم برعب، وكأنها رأت شبحا
_ هي، هي ، والله هيا
_ سلامه عقلك يابت، انتي شوفتي ايه تاني، يا نضر عيني عليكي، ياحاج، ياحاج
تعالي شوفي البنيه دي ، واقرالها ايه الكرسي، والمعوذتين، شكلها خافت ولا شافت شيء اهنه، يا نضري
_ اهدي يابتي بكره تتعودي ربك يشفيكي وتفتكري اهلك..
_ هي..هي..هو..انا…
_ طب باس اهدي يابتي الله يصبر قلبك، فراق الضنا غالي بردك
نظرت ام ليليا لهم ودموعها تسيل، ولم يسعفها لسانها ككل مره تري ذلك الشاب بها، وتلك السيده، بجوار قبر ولدها ، وقد علمت أن ذلك الشاب من تكفل بدفن ولدها
ارتحت رأسها علي صدر المراه العجوز، وسالت دموعها، وهي تعترف أن ما يحدث معها عقاب ربها، علي ما اقترفته بحق بناتها، وذلك الولد وخالته
____
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية وكأنها عذراء)