روايات

رواية حورية بين أنياب شيطان الفصل الأول 1 بقلم خديجة السيد

موقع كتابك في سطور

رواية حورية بين أنياب شيطان الفصل الأول 1 بقلم خديجة السيد

رواية حورية بين أنياب شيطان الجزء الأول

رواية حورية بين أنياب شيطان البارت الأول

حورية بين أنياب شيطان
حورية بين أنياب شيطان

رواية حورية بين أنياب شيطان الحلقة الأولى

نبــذه مختصره عن القصـه:- كان دائما يرتدي قناع الجمود والقسوة لأجل ظروفه الصعبه تخلي عنه والده لان جاء نتيجة علاقه محرمه مع والدته التي كانت تعمل خادمه في عمرها الـسابعه عشر ولم يعترف به والده حتي بعد وفاة والدته… ثم وضع في دار الايتام وعاش طفوله مشوهة ومرت عليه أيام صعبه …

وفجاه بين ليله وضحاها تتقلب الموازين و يذهب والده إليه يحتاج إلي كليته لـ إنقاذ حياة احد ابنائه التوأم ..رغم قسوة القلب الذي شاهدها في عينيه ولده إلي أنه سوف يوافق مقابل صفقه مع ولده وياتري ماذا سوف يطلب منه مقابل أخذ كليته ؟!..

هي :- بريئه كـ الندي وجميله كـ القمر في بدره, يتيمه الاب وتعيش تحت سيطرة جدها الجاحد ويغصبها علي الزواج من شخص لا تحبه! لكن قدرها اوقعها في جحيم أخر وتفوق علي كابوس لعين! ..؟!”
_____________________________

الــمقدم …..”

هذه الحياة عباره عن مجموعة من الصراعات التي تحول كل شيء بنا تحول ارواحنا وضحكتنا و طفولتنا الي شخص جديد لا نعلم هوايته تحول كل شيء جميل الي ذكره تعيسه نعيش بها حتي تحولنا تماما الي شيطان له انياب لا يرحم من يقف امامه حتي ياتي الصراع الاخير حينما تاتي الحوريه التي تقف امام الشيطان ويعيشون في صراع سويا هل تستطيع تلك الحوريه ان ترجع الشيطان الي ما كان عليه ام ستظل في صراع بلا هدف وفي الاخير تظل بين انيابه.

أمام قصر وفي إحدى غرفه داخل مكتب كان جالس على مكتبه وظهره على المقعد وقدميه على سطح المكتب وعيناه تركزان على ما كان يفعله، كان يحمل في يده بعض الأوراق وبدأ في الرسم والتحضير للصفقة الجديدة الماسة الجديدة التي يعرضها في إحدى الدول الأوروبية في إيطاليا بعد أشهر من الانتهاء من تصنيعها كان يفكر فقط في جعل هذه القطعة في المقام الأول وجذب انتباه الجميع.

ليحافظ على اسمه ومهارته في التصنيع دائما كالعادة في المقام الأول ويكتب اسمه بامتياز بين الناس والصحافة – قاسم السيوفي

توقف فجاه عقله عن العمل، لـ إسترجاع ما مضى من سنوات عاش بها في جحيم، من قسوه قلب ،و جحود من الجميع و بالاخص من اهله الذي من المفترض عائله واحده يعلم أنه سيئة الحظ بالماضي -او مزال ! فالجميع لا يعرف ماذا قد مر به ولا ما بداخله من الألم صعبه الوصف رغم أن أصبح ناجح في عمله، من أغنياء رجال الأعمال

فهو ينام الان على ما يسمى فراش بتلك الغرفة الرديئة الواسعه بلا جناح بالاصل ،و على سطح البناية التي يقطن بها معه ليس سوء الخدم ! ليس يوجد أهل ولا أخوات ولا اصدقاء يحبونه ،أو بالاصل يوجد لكن يتمنون موته بشده؟. بعد مولوده قد عاش وشاهد قسوه من الجميع وماضي مؤلمه عن والدته..

لم يعيش و يتذوق الراحة والسعادة! ،فلا وجود للسعادة بحياته ورغم ذلك كان لابد أن لا يسعد ويعيش الوهم من البداية، فالجميع يعلم أن الوهم يتلاشى فجأة كالسراب وهذا الوهم قد كسر قلبه.

في الماضي- الرجوع للخلف سنوات.

بداخل قصر، أدمعت عيناها بحرقه تردده بحزن شديد علي ذلك الطفل الذي اصبح يتيم الام ،والجميع يرفض الاعتناء به لتقول” يا سعاده البيه ابوس ايدك خذ الولد مني وربي انت، هو دلوقت ما لوش حد غيرك بعد موت أمه الله يرحمها ،حتى اخواتها رفضوا ياخدوا مني وسابوا البيت وعزله بعد الفضيحه اللي عملتها نعمه، الله يسامحها ويرحمها بقى”

كان يقف طفل صغير ذات سبع سنوات، بملابس قديمه جدآ و مقطعه في بعض المناطق دليل على ارتدائها لفتره طويله لضيق حال والدته و صعوبتها في كسب المال قبل رحيلها عن الحياه، كان يخفض راسه بخجل شديد و يضغط على يده بتوتر وهو لا يفهم كل حديثهم جيدا، لكن تفصح نظرات الشابين الصغار الذي في نفس عمر تقريبا الذي يقفون على بعد راقب كلا من الموقف و تطلع فيه “التوامان” إليه اشمئزاز و قرف من منظره و هيئته، كانت صعبة جداً عليه تلك اللحظة المؤلمه الذي تبدأ تحفر في عقله! فهو منذ لحظات فقد والدته نتيجه مرضها الشديد ولم يتوفر اليها العلاج بسبب ضيق الحال عليهما و الآن والده يرفض أخذه، او الاعتراف به حتي!

صاحت ناريمان زوجته بشراسة تردد باستحقار” انتي اتجننتي يا وليه انتي ،ولد مين اللي نخدوا ابن الخدامه اللي كانت بتشتغل عندنا زمان قبل ما اشوفها نايمه في حضن جوزي؟. ده انا لو اطول وقتها كنت اخنقها بايدي هو و الزفته امه مطرح ماراحت مش هتردي لحظه واحده

أضاءت عيناها من الغضب مرة أخرى فجعدت حاجبيها وتأوهت تحت أسنانها وهي تكمل حديثها قائلة “شكلك نسيتي الهانم عملت ايه مع جوزي فضلت تلف حواليه وتدلع عليه لحد ما خليته يغلط معاها و تحمل منه عشان يتجوزها وتبقى هانم و تاخذ مكاني فاكره نفسها اذكى مني بس أهو احسن في الاخر ماتت ومطلتش حاجه”

هزت فاطمه راسها بيأس و حزن علي حال صديقتها المرحومه نعمه فـا فاطمة هي من وفرت لها عمل هنا حتي تعمل، كـ خادمة لتصرف نعمه علي نفسها وعلي اشقائها كانت ترسل إليهما مبلغ كل حين، لكن اوهمها نعمه عقلها أن تصبح في ليله صاحبه هذا القصر عندما تتزوج عصام الصريطي رجل الأعمال الكبير، لذلك اضطرت ان تتنازل و تبيع نفسها إليه مقابل أن يوفر اليها حياه كريمه، لكن عصام الصريطي قد اخلف الوعد عندما عرف أنها حامل! وطلب منها أن تجهض الطفل لكنها رفضت.

هتفت فاطمه بين دموعها بحسره” بالله عليكي يا ست هانم بلاش نجيب سيرتها بالوحش، اهي اخذتك جزئها ودفعت ثمن اللي عملته حضرتك ما تعرفيش بعد ما مشيتها من هنا اللي حصلها اخواتها كان هيموتوها لما عرفوا انها حامل في الحرام ومن غير جواز، وهي رفضت تقول مين ابو اللي في باطنها واخواتها كمان طرادوها زيكم، ويعيني بقيت لوحدها ومش عارفه تروح لمين ولا تعمل إيه، اتعذبت وشافت الويل وهي لوحدها عشان تشتغل وتصرف على ابنها، يا ست هانم انتي لو شفتي المكان اللي كانت ساكنه فيه هيصعب عليكي حالها وحال الولد غلبان ده!.”

أجابت ناريمان ببرود وملامح صارمة” تستاهل هي اللي جابته لنفسها عشان تحرم بعد كده تبص لحاجه مش مقامها.. وبعدين احنا ايش ضمني ان الولد ابن عصام جوزي أصلا، ما هي اللي تغلط مع واحد سهل جدا تغلط مع غيره شكلها اصلا ما كانتش مظبوطه من الأول وانا ما كنتش مستريح لها من البدايه ما هي ماجايبك ،ممكن تكونوا اصلا كنتم متفقين مع بعض كل ده وانا المفروض اصدقك باماره ايه اصلا”

شهقت فاطمه بصدمه متحدثه” ايه اللي انتي بتقوليه ده بس يا ست هانم، ما يصحش كده ربنا وحده اللي عالم، انا ياما حذرتها و قلتلها كلي عيش وحافظي على لقمه عيشك احسن من اللي في دماغك بس هي للاسف الشيطان كان مالي دماغها ،ومن عشتها و اللي بتشوفه هنا وفي حياتها ضعفت مره ودفعت ثمن عمرها الغلطه دي.. ربنا اللي عالم اني ما حدش لمسها غير استاذ عصام وهي بنفسها كانت بتقول لي كل حاجه بتحصل ما بينهم”

توسعت ناريمان عيونها وهى تنظر إلى الطفل بنظرات اشمئزاز منه ومن فاطمه بغضب شديد” لا ده انتي باين عليكي اتهبلتي خالص ما تتصرف يا استاذ ولا انا هقعد اشيل قرفك و نزواتك وانت واقف تتفرج”

ابتلع عصام ريقه بارتباك ووجه شاحب قائلاً” آآ حاضر يا حبيبتي، فاطمه اطلعي بره انتي و الولد ده، ده مش ابني وما ليش علاقه بي يالا بره”

نظرت فاطمه بغضب من الجحود وقسوة القلب و قالت بجرأة وهي تقول بعيون لامعه” حرام عليك يا استاذ عصام انت عندك ولدين وما ترضاش بالظالم ..انا لولا اخويا وأمي حالفين عليا ما ليش علاقه بالموضوع كنت اخذت الولد يعيش معايا وربيته انا ،وبعدين لو مش مصدق أنت و الست هانم أن الولد يبقى ابنك اعمل التحليل اللي بيقولوا عليها دي، ولو مش ابنك خلاص ما لكش علاقه بي وبعدين من غير زعل بقى الغلط مش علي نعمه لوحدها ،هي مضربتكش على ايدك عشان تقرب منها وتحمل منك كمان، وهي كانت بتقول لي بنفسها انك ياما عشمتها بالجواز بدل المره اثنين وثلاثه”

جزت ناريمان علي أسنانها بعنف مما سمعته لتصيح بصوت عالي”عصاااااام “

انتفض عصام بخوف منها فهو يعلم جيدا زوجته انها قادره على اذيته ليقول بتلعثم
” ايوه يا حبيبتي نعم”

اقتربت زوجته منه تهتف بتحذير وقسوة وناظرت بحقد “دلوقتي حالا ابعت الامن اللي على البوابه يطلعها بره هي والـولـد ده ! لا إلي والله العظيم هاتصل لك بـ بابي واهلي ياجوا يتصرفوا وانت عارف كويس جدآ يقدروا عملوا ايه ..انا سامحتك مره وفوت عشان خاطر عيالك بس مش هاعملها ثاني فاهم ولا لا، واخر الكلام يانا يا الولد ده”

في المستقبل -الرجوع الي الوقت الحالي.

بالفعل وقتها كان الاختيار ناريمان كانت من اكبر كسره و أكثرها تعرض لها قاسم، أصبح قاسي و دون رحمة مع الجميع، منذ أن وضعته فاطمه صديقه والدته بداخل دار أيتام، ومن هنا تغير محور حياته، فالحياه ليست دائما عادله.

تنفس الصعداء بعدم راحه وهو يتحرك و توجه إلى الخارج بشموخ ليجد السائق الخاص به يقف بجانب السيد جمال يفتح له الباب الخلفي لسيارته ليقترب و يصعد بعد أن فتح أزرار سترته غير مهتم للصحافه الواقفه أمام المبني كعادتهم علي أمل أن يدير أحد منهم حوار صحفي شامل معه وهما يلتقون الصور إليه.

قاسم السويفي في مقتبل العمر الـ 30 عامآ شديد الوسامة ذو رجولة طاغية يتميز بالوسامة والجاذبية والجسد الرياضي ذو بشره برونزية وعيون سوداء حادة و شعر أسود فاحم ..و (الإبن الغير الشرعي لـ عصام الصريطي) رجل الأعمال و وزير سابق، لكن أمام العالم والناس قاسم ابن عصام الصريطي بتبني ولا أحد يعلم الحقيقة أنه ابنه من صلبه و اشقاؤه التوام اشقاء من ام مختلفة.

وقد نشاه وعاش وحيد يتيم الاب والام، رغم أن عصام الصريطي والده حي يرزق ! لكن لم يعطي اي اهتمام ولا يعترف به انه ابنه لو مره وحده في حياته، وقد وصنع قاسم حياته لوحده بدون مساعده من اهل الحقيقيين، بالرغم من انه عائلته واحده من الشركات المعروفه ،لكن هما لم يساعدوه ولا يعترفون به

كانت بدايه حياه قاسم صعبه و قاسيه جدا، من بدايه طفولته ام متهوره فعلت علاقه غير شرعيه مع عصام الصريطي ولم تهتم بالنتائج عندما حملت به، كانت تامل أن يتزوجها عصام وتصبح غنيه وصاحبه املاك ! لكن ناريمان زوجه عصام الصريطي لم تعطيها ذلك الفرصه، عندما علمت بالعلاقه بينهما غضبت بشده و طردت والدته خارج المنزل و هددتها أن عادت مره اخري سوف تؤذيها و تؤذي أهلها! وبالفعل خافت بشده وهربت خوف على ابنها، ولم يقدر عصام زوجها علي الحديث بسبب كشف زوجته الى خيانته.

و بعد سنوات من وفاه والده قاسم وهو بعمر السبع سنوات، ذهبت فاطمه الصديقه المقربه الى نعمه، الي عصام الصريطي لياخذ الطفل ويعتني به لأن أهل والدته تبرو منها ومن فعلتها وانها بصمه عار عليهم و انهم ليس لهم علاقه بها منذ ما فعلته، لكن عصام الصريطي ايضا رفض استقبال الطفل عنده خوفا من زوجته والفضيحه، لذلك اضطرت فاطمه ان ترسل قاسم الى ملجا ايتام !. و هناك بدات رحله قاسيه من نوع اخر علي قاسم!

عاش سنوات طويلة بداخل دار الايتام وكانت هذه الدار سيئه للغايه حتي أصبح شخص صامت و قليل الكلام قد راى عذاب لم يتخيله شخص كان الطعام و الشراب بمواعيد حتي دخول الحمام بمواعيد قد تعرض من ضرب و اهانه لذلك اصبح شخص عنيف جدآ شاهد وتعرض لاشياء لم يراها من قبل ولا يتخيلها حتي وهو في عمر السابع عشر تقريبا عرض عليه شخص ما في دار الايتام معه سيجاره بها مخدرات و ظل فتره يشرب هذه السموم وهو ياخذها بصدر رحب لعله ينسى الماضي المؤلم خصوصا انه كان وحيد ،وقد تحول لانسان اخر كاره الحياه و الجميع.

في الماضي- الرجوع للخلف سنوات.

في أحد الملاهى الليلية، جلست مجموعة من الشباب في عمر الثامنه عشر و يضم إليهما امرأتين ليس في نفس العمر لكن مظهرهم من ملابسهم الفاضحه يدل علي أنهما فتيات ليل وكان من ضمن الشباب الاخين التوام (جواد- وجاد) عصام الصريطي.

ولم تبذل جهد حتي تنجح كل المحاولات تلك الخليعة التي تقوم بها الراقصة أمامه لي الاسترضاء “جاد” فهو المعروف عنه وير نساء ولا يفوت سيده أو فتاه حتي يصاحبها لارضاء رغباته رغم صغر سنه، وكانت ترقص له وحده وكأنها لا ترى في الملهى سواه، و بالتاكيد هي تفعل ذلك حتى تحظى علي جزء من مال والده الذي يصرفه دائما على النساء.

كان توام جواد يشاهد ما يحدث من غراميات باينه و بين الراقصه وهو يشرب كاس الخمر بابتسامه ساخراً” على مهلك يا وحش دي مش قدك”

ظهر الغضب جليًا على وجه جاد وهو يدخن سيجارته في شراهة وقال بعصبية” هي مين دي اللي مش قدي انا ما فيش ست تقدر تقولي لا، فاهم قولي الزفت صاحب المخروبه دي خذ منك كام النهارده عشان يرضى يدخلنا”

أخذ جواد حبات ترمس بيده يقشرها وياكل منها وقال بضيق” اضعاف ما خد المره اللي فاتت إبن النصابه”

اتسعت عينا جاد بحده وقال” نهار ابوك اسود وانت ازاي توافق تديله المبلغ ده، ما كنا شفنا ملهي ثاني بيقبل يدخل شباب في السن صغير وريحنا نفسنا من نصبه “

هز رأسه جواد بخمول من آثار الخمر مرددا” قعد يقول لي ضرائب و انت عارف الحاجات كلها عماله تغلي، ويرغي كلامه زي كده رحت اديتهم لي وريحت نفسي.. وبعدين انت عارف اللي فيها ما فيش ملهي هيرضى ياخذنا كله هيسال على السن القانوني خلينا هنا وخلاص”

تنهيدة طويلة وهو يتجرع الكأس الذي أمامه دفعة واحدة وقال بضيق” طب يا فالح جبت لنا حاجه نعدل بيها مزاجنا، ولا لا، انا معيش فلوس ثاني ابوك منشفه علينا الايام دي من ساعه ما ساب الوزاره”

ضحك جواد قائلًا” جبت متقلقش قابل انت بس اللي جايه عليك”

انتهت ذلك الفتاه من الرقص واقتربت بميوعة لتسحب السيجارة من فمه و تلقي بها أعلي الطاولة في منفضة السجائر وهي تغمز له بعينيها غير مبالية بالمحيطين بها ولا بنظراتهم إليها ابتسم جاد ابتسامة لعوب” ايه يا قمر خلصتي نمرتك عشان نطلع علي بيتك نكمل السهره ولا لاء”

ابتعدت عنه قليلًا دون أن تكف عن النظر إليه والابتسام له وقالت بدلع” وحتى لو لسه ورايا حاجه افضى لك يا حبيبي هو انا عندي غيرك”

تطلع جاد فيها بنظرات راغبه ثم التفت إلي شقيقه جواد و رفاقه وقال” طب انا هاطير انا بقى مع نفسكم، يلا بينا يا قمر”

غمغم جواد بضيق قائلاً” انت رايح فين يا حيوان وسايبني انا جاي من غير عربيتي هاروح ازاي، جاد استني طب خذني في طريقك حتي”

لكنه لم يجيب عليه وقد أخذ تلك الفتاه الراقصه و ذهب إلى الخارج،هتفت إحدى المرأتين بابتسامه ساخراً” ريح نفسك مش هيعبرك هو اول ما بيشوفها بيقعد يسبل ليها وينسى اللي حواليه، مش عارفه عاجبه فيها ايه دي”

تأملها جواد قبل أن يجذبها من خصرها وقال مازحًا” طب ما تيجي انا يا قمر اشوف هيعجبني فيك ايه”

أطلقت الفتاه ضاحكه خليعه و بعدم مبالاه وهو يتجه بها إلى احد غرفة داخل البار وكأن شيئًا لم يكن.

كانت عقارب الساعة تشير إلى السابعه صباحًا، عندما استيقظ عصام الصريطي غاضبًا تتملكه رغبة عارمة في تحطيم الهاتف الذي لم يكف عن الرنين المتواصل منذ ما يقرب الساعة محاولًا تجاهله من دون جدوى، كانت تنام بجانب ناريمان الذي تقلبت أعلي الفراش بانزعاج وهتفت بضيق” في ايه يا عصام مش سامع التلفون ما ترد وتريحني عاوز انام”

فتح عيناه بسخط ونظر إليها بابتسامه متوتره” حاضر يا حبيبتي”

ثم وضع السماعة وغمغم ساخطًا وهو يتثاءب في كسل” ايوه خير في حد يتصل في وقت زي ده اتفضل يا اللي بتتصل عاوز ايه، ياريت يكون موضوع مهم بعد كل القلق ده “

جاء صوت ابنه جواد من الطرف الآخر بارتباك وقال” بابا انا جواد”

عقد عصام حاجبيه باستغراب وقال بضيق” جواد انت اتهبلت يالا بترن عليا وانت في الاوضه نايم جنبي”

صمت جواد قليلا باضطراب ثم قال بتلعثم”
بابا انا مش في الاوضه جنبك انا وجاد ما جئناش كل ده من بره و آآ جاد عمل حادثه بالعربيه وهو دلوقت في المستشفى ولازم تاجي”

مر شهرين وقد دخل جاد في غيبوبه مؤقتا فهو بعد التحاليل والاشاعات اثبت انه يحتاج إلى كليه اخرى فـا بسبب الحادثه قد تدهور احد كليتي ويحتاج في اسرع وقت الى متبرع يكون من نفس فصيله، بالطبع اول من عرضوا نفسهم للتبرع أهله لكن لم ينفع الأب و الأم بسبب كبر سنهم و بعد الامراض الذي لديهم مثلا السكر و الضغط و أما بالنسبة إلي جواد عندما عرض عليه والده التبرع الي أخيه.

اتسعت عينا جواد بتوتر وقال بضيق” نعم اتبرع لمين بكليتي ،طب وانا ما فكرتش فيا بعد العمليه هيحصل لي وبعدين انا ما انفعش”

جز عصام علي أسنانه بغضب وقال” هو ايه اللي ما تنفعش انت اكثر واحد تنفع فينا، وبعدين ما تقلقيش الدكتور هيتابع معاك و ان شاء الله مش هتحصل حاجه انت أخوه التوأم واقرب حد لي من نفس الفصيله”

تابع حديثه عصام في استحقار وقال” ده
بدل ما تيجي منك يا اللي ما عندكش دم اخوك بيموت لو في خلال شهر كمان ما لقيناش المتبرع لي، انت مش شايف حاله امك عامله ازاي واحنا واقفين زي العجزين مش عارفين نعمل له حاجه”

هز رأسه جواد برفض بسرعه وقال” لا ما هو أنا فعلا عملت تحليل قبلكم كلكم كمان، بس للاسف الدكتور قال لنا ما ينفعش”

رفع أحد حاجبيه باستغراب وقال بعدم تصديق” عملت فين ده انا كل ما اجي اقول لك تقول لي مش فاضي طب بكره وتهرب، انت بتكدب عليا”

نفخ جواد بضيق شديد وقال بانزعاج”
لا مش بكدب انا عملت فعلا بس ما قلتلكش
و ذي قلت لك الدكتور قاللي مانفعش زيكم، دور بقى علي حد غيري وريحني و ريح نفسك”

**
جلس جمال بغرفة مكتبه يراجع بعض الحسابات الخاصة بأعماله التي قام بها مؤخرًا في حين طرق عصام بابه وهو يبدو عليه التعب الشديد نهض بسرعه جمال واقترب منه قائلًا” اهلا يا استاذ عصام اخبار ابن حضرتك ايه دلوقتي يارب يكون بخير”

هز رأسه عصام برفض بحزن وقال” للاسف ما فيش جديد ومش لاقين متبرع لحد دلوقتي، الولد بيموت وانا مش عارف اعمل له ايه يا جمال”

نظر إليه جمال مساعده بقلق بالغ متحدث”
بعد الشر ما تقولش كده يا استاذ عصام، ان شاء الله يكون بخير وتلاقي متبرع بس انا مش فاهم لحد دلوقتي ازاي أخوه اللي من صلبه وتوام ومش نافع يتبرع لي ما تحاول ثاني مره تعملوا التحاليل ممكن يكون في غلط اكيد”

لوي عصام شفتيه ساخر داخله فهو متاكد ان جواد إبنه لم يفعل التحاليل من الاصل وقال ذلك لانه خائف على حياته، رفع بصره إليه يسأله” سيبك انت دلوقت من الموضوع ده انا عاوزه اطلب منك حاجه مهمه”

طوى أوراقه جانبًا ،ونظر إليه في اهتمام” اتفضل يا استاذ عصام تحت امرك”

غمغم دون أن يتطلع على النظر إليه” اكيد سمعت على الانتخابات البرلمانية انا عاوزه ارجع ارشح نفسي ثاني، بس المشكله دلوقت في البيه عاصم البنا اللي مرشح نفسه قصادي وحاولت اتكلم معه بالحسنى ومش راضي يسيبلي الانتخابات المره دي، انا سالت وعرفت ايه اكثر نقطه ضعف لي وهو ابنه الوحيد وانا عاوزك تشتغل على النقطه دي عشان مش هاكون فاضي الايام دي وانت عارف مشغول أوي مع ابني اللي في المستشفى”

نظر إليه جمال بدهشة عددا لحظات ثم قال باستنكار” مش فاهم يعني اعمل ايه”

هز رأسه بضيق وقال بقسوة”في إيه جمال مالك ما تشغل مخك اخطف الواد وهديته بي او ان شاء الله حتى تقتله المهم اعمل اي حاجه انا لازم اكسب الإنتخابات”

انصدم جمال من حديثه وقال بجدية”
اللي بتقوله بس ده يا استاذ عصام بلاش الطريقه دي انا عمري ما هعمل كده طبعا، و إزاي حضرتك تفكر في حاجه زي كده ،ده انت عندك ابن بين الحياه والموت”

جز عصام علي أسنانه بغضب وقال بحده
“من امتى بتقول لي لا يا جمال انت تنفذ وما لكش دعوه”

هتف جمال بإصرار”وانا اسف مستحيل اعمل حاجه ذي كده ضد مابادئي”

نظر إليه بابتسامه ساخراً وقال بصرامة”يبقي اعتبر النهارده اخر يوم ليك معايا يا جمال و أن انا رفضتك لو مش هتنفذ اللي انا عاوزه”

كان عصام متوقع أن يتراجع جمال و يوافق علي ما يريده فهو يعرف جيداً أنه لا يمتلك وظيفه ثانيه وأنه مجرد رجل بسيط و وحيد حتي زوجته توفت ولم ينجب اطفال لانه عقيم لكن تفاجئ حين قال جمال” تمام انا ماشي يا استاذ عصام عشان ربنا هو اللي بيرزق مش انت”

ظهر الغضب جليًا على وجه عصام وهو يشاهد جمال يخرج بعدم مبالاه ثم ضغط على هاتفه في شراهة وعصبية وقال” الو اسمعني كويس الزفت جمال خلاص مش هيشتغل هنا تاني، و عاوز كمان ما يشتغلش في اي مكان ولا شركه تقبله بعد كده و اي مكان يروحه عشان يشتغل فيه تتصل بصاحب الشركه وتقول له ان انا رفضت عشان اختلاس مني فلوس فاهم”

دخلت فجاه ناريمان زوجته وهي تصيح ببكاء بحرقه” انت هنا بتعمل ايه و سايب ابنك الولد كل يوم حالته بتدهور ابنك هيموت لو ما لقيناش في اسرع وقت متبرع”

اغلق الهاتف بسرعه واقترب يضمها بحنان مرددا” طب وانا في ايدي ايه و ما عملتوش يا
ناريمان حتى الحيوان ابنك خايف علي حياته ومش راضي يعمل التحاليل ويتبر لي اخوه”

ابتعدت عنه بعصبية وقالت بين دموعها” ما انا برده مش عاوزه اعالج واحد واموت الثاني ابنك برده ولازم نخاف عليه هو كمان، انت لازم تشوف احد يتبرع لي و ما يكونش من العيله انا مش عاوزه اخسر احد”

تطلع فيها عصام بضيق وقال” ودي اعملها لك ازاي ان شاء الله ،ما انتي سامعه الدكتور بنفسك بيقول لازم المتبرع يكون نفس الفصيله وما فيش حد غير انا وانتي وابنك اللي مش راضي”

شهقت ببكاء وقالت بصوت حاد”برده ما ليش دعوه اتصرف ،عايزك تشوف اي احد يتبرع بكليته و تديلي فلوس حتي او ان شاء الله حتى بالغصب تجيب اي حد من الشارع، انا مش هاسيب ابني يموت واقعد اتفرج”

صمت فجاه عصام وهلل وجهه وهمس” انا ازاي ما فكرتش في حاجه زي كده من الاول، ما فيش حد غيره ينفع”

اقتربت ناريمان منه بلهفة وقالت” فكرت في ايه قولي”

نظر إليها عصام وربت علي كتفها بابتسامه ثقه” ما تقلقيش ابنك في خلال اسبوع هيعمل العمليه انا عرفت هاجيب مين متبرع لي وهيكون نفس فصيلة كمان”

***
في مكان آخر نهضت سيده في عمر الأربعين وهي مشرفه دار الايتام وكانت عيناها تطلق سهام من الغضب و تتقدم نحوه بحده” وبعدين بقى يا قاسم هو انا كل شويه هيجي لي شكوى منك انت ياض مش عاوز تتادب وتتلم ليه، ويا ريت حتى نافع معاك اي عقاب، لا وكمان حرامي و بتشرب مخدرات”

ابتلع قاسم ريقه بارتباك فهو يرتعب منها هو والجميع هنا” انا ما سرقتش حاجه ولا اعرف حاجه عن المخدرات اللي لقيتيها في جيب البنطلون، اكيد حد حطها لي من العيال إللي معايا في الاوضه”

لوت شفتيها بسخرية وقالت” ما هو انا برده هاطلب العيال اللي كانوا معاك في الاوضه و احقق معاهم ما هم اكيد حد منهم برده هو اللي اداهالك مش كده”

هز رأسه ببطء برفض بخوف فجعدت حاجبيها وجزت علي أسنانها و صفعتة فجاه علي وجنتيه بعنف وتأوه بألم شديد وصاحت” ولد انا مش هاقعد اخذ ودي معاك في الكلام كثير اعترف حالا المخدرات دي اخذتها من مين وصلت لك ازاي؟. بدل اقسم بالله العظيم هتشوف مني اللي عمرك ما شفته”

وضع يده على وجنتيه وأغرقت عيناه بالدموع وقد شعر بالزل و الاهانه و تجمد لسانه ولا يعرف ماذا يقول أمسكته المشرفه من ثيابه بقوه تصيح بحده” ما هو انت هتتكلم يعني هتتكلم انطق حالا مش هاسيبك غير لما اعرف الحاجات دي وصلت ليك ازاي، انا مش ناقصه حد من لجنه حقوق الانسان لما يجي يزوره دار الايتام يشوفوا الحاجات دي وتجيبلي المشاكل اخلص و اتكلم بدل ما هاحبسك في الاوضه الظلمه لوحدك ومش هادخل لك ولا اكل ولا شرب”

اتسعت عينا قاسم بذعر وخوف شديد مرددا” لا بالله عليكي ما تدخلنيش الاوضه دي ثاني، انا معرفش حاجه عن الحاجات دي صدقني والله العظيم ما بكدب”

تركته بعنف حتي سقط ارضا وهو بيكي بشده لتهتف ببرود و قسوة” قالوا لي الحرامي احلف، طالما مش عاوز تتكلم انا هانده لك مسعود يجيب العصايه عشان تتمد على رجلك وسط الدار كلها وتكون عبره ليهم، يا مـســعـــود”

اغمض قاسم عينه بألم حاد وجسده يرتجف بعنف مما سوف تفعله فيه، وفجاءه دخل مسعود يركض بسرعه” الحقينا يا ست نوال في واحد بره باين عليه غني و من رجال الاعمال كده وبيسال عن الطفل قاسم ومصر يشوفه”

توترت المشرفه نوال وقالت بصوت حاد” قاسم! وهو هيعوز منه ايه ده من ساعه ما جاء هنا ولا حد بيسال عليه”

ثم أكملت بشك واظلمت عيناها بقسوة تنظر إلى قاسم الذي مزال ساقط بالارض يبكي” اوعي تكون يا زفت انت عملت حاجه ولا بلغت عننا،ده انا مش هاسيبك غير باموتك لو ده حصل”

***
بعد مرور ساعة، وقف قاسم وهو في مقتبل العمر السابع عشر في منتصف القصر بعد أن اخذه سائق عصام و أحضره الي هنا ظل يتأمل أركان المنزل في صمت، فالطبيعي أن تتسع عيناه بإعجاب و ذهول وهو يري كل ركن من أركان القصر فهو لم يعتاد على ذلك ولم يري في حياته مثل ذلك، اعتاد أن يكون في غرفه نوم بمساحه صغير بها أكثر من خمس اولاد معه يتقاسموا معه الغرفه ،لكن هو دائما أحدث حياته غير طبيعية منذ صغره! نظر حوله متأملا الصالة الفاخرة الأثاث ومعالم الثراء الموزعة في جميع زواياها.

“هتفضل واقف كثير كده اتفضل أقعد؟”

انتبه قاسم لصوت نفس الرجل الهاديء الذي احضره الى هنا وهو لم يعرف حتى الان لماذا هو هنا وماذا يريد منه هتف متسائلا” هو انت مين وجايبني هنا ليه وقلت إيه لي المشرفه عشان ترضى تسيبني اروح معاك بسهولة كده”

أجابه الرجل بصوت هادئه مرددا”انا مجرد مرسال وما عنديش اجابه لي اسئلتك بس خلال ثواني هيجي البيه وهتعرف كل حاجه، اقعد استريح وما تقلقش احنا عاوزينك في حاجه لمصلحتك”

عقد حاجبيه باستغراب وقال باستهزاء”وانت هتعوز مصلحتي ليه، انتم مين اصلا”

أردف الرجل بنبرة بعدم ارتياح و هو يهتم بالرحيل”قلت لك ما عنديش اجابه لي اسئلتك عنذ اذنك”

التفت و رحل الرجل بينما جلس قاسم يتنهد في حيره قائلا بضيق” وبعدين بقي يا ترى هيكونوا عاوزين مني ايه، بس انا ليه حاسس ان انا جيت هنا قبل كده”

وفي خلال ثواني احتقن وجه قاسم في شدة في حين وجد عصام و خلفه ناريمان زوجته نظر إليه قاسم في سرعة وهو يهب من مقعده هاتف” هو أنت”

توتر وجه عصام فهو لم يتوقع أن يكون ما زال بعد كل هذه السنوات متذكر وجهه ومن يكون هو هتف” هو انت تعرفني”

قاطعه بلهجة بدت حادة رغماً عنه قائلا” الي اعرفك ده انا كل يوم بصحي على كابوس مزعج لما باشوفك في احلامي، دلوقت بس افتكرت انا جئت قبل كده هنا امتى عاوز مني ايه، بعت جبتني من دار الايتام بعد كل السنين دي ليه؟. ايه قلبك حن و افتكرت دلوقت بس انك ليك ابن وما تعرفش حاجه عني ورميه “

صمت عصام باضطراب بينما مطت ناريمان شفتيها قائلة ببرود” لا احنا بعتنا جبناك عشان مجرد خدمه عاوزينها منك وهنديك ثمنها لو عاوز، وبعد كده هنرجعك مكان ما جيت.. يعني بلاش تحلم باكثر من كده عشان عصام عمره ما هيعترف بيك انك إبنه”

اتسعت عينا قاسم في شدة وهو يحدق في وجه والده بذهول, الذي أخفض رأسه بارتباك حتى أن صوته حين بارح حلقه كان متحشرجا من فرط دهشته وألمه”و يا ترى إيه هي الحاجه دي إللي عاوزينها مني تخليكم تنزلوا واجي على بالكم حتي”

اشاره ناريمان إلي عصام بأنه يتحدث في حين تنهد عصام في عمق قائلاً بتردد فهو لا يعرف رده فعله” ابني جاد بين الحياه والموت وتعبان قوي و محتاج حد يتبرع بكليته لي, احنا دورنا كثير ومش لاقين حد لان لازم يكون المتبرع حد من اهله عشان يكون نفس الفصيله وما تقلقش هنديك الفلوس اللي انت عاوزها”

ساد الهدوء والصمت في المكان في حين أطلق قاسم ضحكات عاليه حتي تحولت بشكل هستيري مخيف مما أغضب ناريمان وقالت بحده” هو قال ايه يضحكك بالشكل ده شمتان طبعا فينا مش كده”

ظل فتره قصيره يضحك حتي أدمعت عيناه ثم توقف عن الضحك و ازداد انهمار دموعه وهو يقول بصوت مختنق” لا ابدا اصلك لسه من شويه بتقولوا انكم عمركم ما هتعترفوا بيا ان انا من عائلتكم ،وفي خلال ثواني غير كلامه عشان مصلحت البيه ابني”

لوت شفتيها قائلة باستفزاز “طب ما لازم اعمل المستحيل عشان ابني واقدر ابص في خلقتك من تاني بعد اللي امك عملته وفضلت وراء جوزي لاحد ما عمل معاها علاقه في الحرام كانت فاكره نفسها ممكن تاخذ مكاني وتبقى هانم”

ازداد احتقان وجه قاسم وعصبيته التي جعلته يغرس أظفاره في راحة يده قبل أن يتمالك أعصابه صارخ” وانتي مين قالك ان انا هاوافق علي طلبكم ده”

ابتلع عصام ريقه بارتباك وقال بضيق” ما لوش لازم الكلام ده دلوقت يا ناريمان وانت يا ابني احنا ممكن نديلك اي مبلغ تامن بي نفسك “

مالت إلى الأمام وقالت في تحفز” بالضبط كده انت مش هتفضل في الدار كثير سايبينك تقعد براحتك لحد سن معين هيمشوك أكيد، ده إذا كنت مرتاح فيها اصلا على الاقل وانت سايبها هيكون معاك مبلغ تصرف بيه بدل اللف في الشوارع وتبقى مع متشردين مش لاقي لك مكان ولا لقمه تاكلها”

أمسك دموعه بصعوبة شديدة فهي مفاجاه قاسيه اليه ثم تقدم بخطوات ثابتة الي ناريمان و تطلع فيها بتحدي وقال”ايه رايك بقى أن اللف في الشوارع والنوم من غير اكل افضل ميت مره من فلوسكم اللي مش عارفين تعلجوا بيها ابنكم شوفوا لكم حد غيري”

كاد أن يرحل بالفعل لكن جذبته بعنف من ذراعيه فقد لاحت رنة الغضب في صوتها وهي تقول بعصبية وصاحت بجنون وخوف علي ابنها أن تفقده” تعالي هنا رايح فين انت مش هتخرج غير لما توافق على اللي احنا عاوزينه، أبني لازم يعمل العمليه خلال اسبوع انا مش جايباك هنا عشان اتحايل عليك، طبعا ما هي فرصه وجئت لحد عندك عشان تنتقم مننا وتسيب ابني يموت بس ده مش هيحصل ومش هسمح بكده سـامـعنـي”

أبعدها بسرعه عصام وقال بضيق” بس يا ناريمان ايه اللي بتعمليه ده”

تركته والتفتت إليه بحركة حادة وقالت بثورة مكتومة”ما انت مش سامع البيه بنقدم له فرصه عمره ومش عاجبه كمان بيتامر علينا، باقول لك ايه يا ولد انت العمليه هتتعمل يعني هتتعمل بالذوق وبالعافيه هتتبرع لابني انا ما عنديش اي استعداد اخسره”

تنهد عصام بقلق وقال” يا ابني احنا هنعمل معك مجرد صفقه يعني زي ما هتساعدنا احنا كمان هنساعدك، بس لازم ابني يعمل عمليه في اسرع وقت ده بقيله شهرين و اكثر في الغيبوبه اكثر من كده خطر عليه”

تطلع قاسم فيهم بنظرات انكسار وهو يشاهد خوفهم علي ابنهما وهو الذي تعرض اضعاف ما يتعرض إليه اولاده لم يحظي حتي بقليل من الخوف والاطمئنان انطلقت زفرة ملتهبة حملت بعضاً من حزنه أعماقه وأقول بعضاً لأن زفرة واحدة مهما بلغت قوته الضعيفة لن تستطع حمل أكثر من عُشر ما يعتمل في نفسه وشعور الانكسار و الآلام الشديدة في حين تابع قائلاً بهدوء ما زال مشوباً برنة ألم” طب طالما مستعدين تعملوا اي حاجه اطلبها منكم مقابل انقذ ابنكم كده انا عاوز حاجه تانيه غير الفلوس!”

عقد عصام حاجبيه باستغراب هل يوجد شيئا اغلى من المال يعطي إليه بينما هزت راسها وخوفها وتوترها داخلها يتزايد وقالت بلهفة” اي حاجه هتطلبها هنعملها، اطلب عاوز إيه”

صمت ثواني ثم قال بجدية” انا عاوزك تكتبني على اسمك وتعلن ان انا ابنك للناس كلها “

“لا وألف لا ..مستحيل.” هتفوا الاثنين معاً لهذا الكلمات برفض تام جز قاسم علي أسنانه بغضب وقال” تمام كده يبقى اللي انتم عاوزينه مش عندي”

التفت عصام إليه هاتف بانفعال” استنى ما تطلب طلبات اقدر احققه اللي انت بتقوله ده صعب جدآ أعمله انا رجل اعمال ولي اسمي في السوق بمجرد ما اعمل كده الناس كلها اما تصدق هتمسك لي غلطه”

هتف قاسم بضيق وقال” خلاص قول للناس أن انت كنت متجوزه امي في السر”

اكملت عنه ناريمان بصوت حاد عكست رفضها واستنكارها للأمر خاصة انه سوف يؤذيهم بهذا الطلب ” وحتى لو عمل كده برده مش حل، انت مفكر نفسك في بلاد بره الناس هتعديها كله هيشك طبعا”

ثم تابعت حديثها قائلة ببرود و تحدي” وبعدين احنا لو عملنا كده انت اكتر وأحد هتتضر من الموضوع ده ساعتها الناس كلها هتبص لك نظره مش حلوه في حق امك و بكده هتفضحها، الاحسن لك تشوف طلبات ثانيه، احنا ممكن اخرنا نقول ان احنا اتبنيناك”

ضغط على يده بعنف شعر بهذه النقطة هي علي حق، فهو لا يعرف لماذا طلب ذلك رغم كره لذلك العائله جميعها لكن يمكن أن تعشم بزياده ان يصبح بهذه الطريقة لديه عائله، هتفت ناريمان علي مضض” هاه يلا أخلص عاوز إيه وريحنا عشان توافق تعمل العمليه”

رقمها وملامحه تشي بحديثها الشديد في حين قال بجمود” اخر كلام عاوز خمسه مليون و قصر زي اللي انا واقف في ده، ولو رفضتوا المره دي كمان طلباتي هامشي ومش هارجع ثاني مهما عملتوا”

تطلع كلا من عصام و زوجته ناريمان إلي بعض بغضب شديد وصمتوا قليلا في حيره حتي هاتفه هي قائله بعدم رضي” تمام موافقين”

هتف قاسم في حزم هذه المرة قائلا بجدية” الفلوس والقصر قبل اي حاجه انا مش واثق فيكم ولا ضمنكم”

بعد مرور أسبوع ،وقف قاسم في منتصف المستشفى رفع رأسه وتأمل بعينين خاليتين من التعبير المنظر الذي أمامه وهو يقف خلف زجاج غرفه جاد وهو يستند رأسه في حضن و الدته الذي أخذت تمسح على رأسه بحنان وفي عينها دموع فرح أنه أبنها أخير استيقظ من الغيبوبه وكان أمامه أعلي الفراش يجلس عصام والده يقبل يده بحنان و راحه تامه.

بينما هو قاسم عندما استيقظ منذ يومين بعد الانتهاء من العملية لم يأتي احد الى زياره يطمئن عليه حتي مجرد نظره عابره او تعبير عن الشكر ما فعله أخذت دموعه تهطل بغزارة فقد تألم عندما رآه ذلك المشهد أمامه و الجميع حول جاد شقيقه يحظي بكل الاهتمام
وهو لا.

افاق علي صوت احد الممرضين تقدمت اليه باستغراب وقالت” هو حضرتك واقف هنا عاوز حاجه”

هز رأسه برفض وهو يمسح دموعه بسرعه في حين قال” لا بس شكلي توهت بين الغرف و مش عارف اوضتي فين”

ابتسمت الممرضه بهدوء وقالت” طب ما فيش مشكله ممكن اوصل لحضرتك اتفضل معايا”

رفع نظره اخيره داخل غرفة جاد ثم تحرك معها يعود إلى غرفته أو بمعنى اوضح واصح الى وحدته الدائمه.

دلف قاسم غرفته في المستشفى مره ثانيه واغلق الباب خلفه بعنف لم يحتمل نظرات الشفقة التي ارتسمت في أعين الممرضين والدكاتره وهما يأتون كل ليلة يمارسون عملهم .. مما دفعه ليفتح باب المرحاض بقوه ويصفق الباب خلفه بعنف ،نظر إلى نفسه في المرأة لاهثة بأنفاسه ليجد نفسه لينظر إلى صورته بشرته التي كانت شاحبة وصفراء وعيناه كانتا ذابلتين وقد احاط بهما الهالات السوداء أغمض عينيه بقوة الي متي سوف يظل يكتم وخزة الألم في صدره.

يعرف ان لن ينفعه الحزن الآن ولن يساعده الألم على متابعة حياته القادمة يجب أن يتغلب على ذلك بأسرع وقت.

وعندما تذكر مره ثانيه مشهد تجمع الجميع حول جاد وهو وحيد رغم أنهما من نفس الأب بدون وعي منه التقطت إحدى زجاجات المعطر الثمينة المرصوفة على منضدة الحمام وألقي على الجدار بكل ما يملك من قوة غير مبالية بتحطمه وبالشظايا الصغيرة التي تناثرت في جميع انحاء الغرفة يحاول أن يبث غضبه فيها.

وفجاه انتبه الى اصوات عاليه الى الخارج تقدم وخرج حتى يري ما يحدث، كان يقف عصام يقول بنبرة ساخراً ” اللي جابك دلوقت هنا فاكر بعد اللي عملته هارجع اشغلك ثاني لما لفيت وما لقيتش حد راضي يعبرك ويشغلك عنده”

هتف جمال بصوت غاضب” انا ولا جاي اشتغل ولا عاوز منك حاجه غير انك تسيبني في حالي وما لكش دعوه بيا وبطل تاذيني في لقمه عيشي مالك ومالي كل ما خلاص اشتغل في مكان ارجع اترفد منه ،ولما بسال بعرف ان انت السبب وكل ده عشان رفضت اشارك في جريمه معاك”

ابتسم عصام بانتصار وقال”تستاهل عشان تعرف تقف قدامي وتعمل نفسك شريف وتقول لي لا ويلا اتفضل من هنا”

جز جمال علي أسنانه بحده وقال” انا هامشي وحسبي الله ونعم الوكيل فيك وفي اللي زيك، ما تفكرش نفسك كده انتصرت عليا عشان في الاقوي منك وهو ربنا اللي هيجيب لي حقي منك”

عقد حاجبيه قاسم بعدم فهم وهو يتابع الحوار الدائر بينهما.

بعد مرور أسبوعين، خرج قاسم من المستشفى رغم أنه مزال لم يتعافى كليا لكنه لم يقدر علي الاستمرار هناك، واول ما ذهب اليه عندما خرج كان؟ أستمع جمال الي طرقات علي باب منزله مما تعجب من الأمر فهو لم ياتي اليه احد منذ فتره طويله وعندما فتح تفاجئ به شاب أمامه لم يعرفه وقبل أن يتحدث هتف هو قائلا” الظاهر حضرتك غلطت في العنوان عندك فوق خمس ادوار فوقيه ثاني دور على اللي انت عاوزه”

نظر إليه قاسم باستغراب وقال” هو انا لسه قلت انا عاوز مين عشان تعرف انا غلطان في العنوان ولا لا”

أبتسم من زوايه فمه وقال ساخر” مش محتاجه اسال ما ليش حد بيسال عليا ولا عيل ولا اهل يبقى اكيد غلطان في العنوان عند أذنك “

وقبل أن يغلق الباب جمال هتف قاسم بسرعه وقال”مش انت جمال سليمان برضه”

صمت جمال ثواني ثم قال باستنكار”انت تعرفني منين؟”

حمحم قاسم ثم قال بتلعثم” ممكن ادخل وانا اقول لك كل حاجه مش هينفع نتكلم هنا”

نظر إليه جمال عدد لحظات ثم قال بعدم ارتياح” اتفضل اما نشوف حكايتك ايه انت كمان”

بعد فترة قصيرة بدا يقص قاسم عليه كل شيئا من البدايه وهو في عمره السبع سنوات لحد الآن، أنصدم جمال بشده وقال بعدم تصديق ” يعني انت ابن عصام الصريطي وانت كمان اللي اتبرعت بكليتك لابنه”

هز رأسه بالايجابي بصمت ثم قال جمال بشك” وانت بتحكي لي كل ده ليه انت تعرفني اصلا انا مين, عشان تثق فيا كده وتحكي لي كل حاجه حتى تفاصيل الاتفاق اللي حصل ما بينكم”

تنهد قاسم متمتم قائلا” انا من اللي شفته بقيت ما بثقش في حد, ولا حتي فيه ولا بثق فيك بس مضطر امشي في الطريق ده، انا سمعت بالصدفه و انا في المستشفى انك كنت شغال مع عصام وسبته عشان ما كنتش عاوز تعمل جريمه هو طلبها منك، ده اللي انا فهمته”

تحول ملامح وجهه الي غضب وقال” ايوه فعلا حصل ورفدني لما رفضت و يا ريتها جاءت على كده كل وبس لا كمان مطلعه علي ان انا سارقته عشان ما حدش يراضي يشغلني ومن ساعه ما سبت الشغل وانا مش لاقي شغلانه.. كل بسبب ابوك”

هتف قاسم بحده مرددا” اولا ما تقوليش ابويا عشان انا من ساعه ما شفته وانا مش حاسس بناحيته باي حاجه غير كره وحقد بس، ده حتى بعد ما طلعت من المستشفى مجيش حد فيهم يطمئن عليا ولا يشكرني، وثاني حاجه انا عاوزك تشتغل معايا او مع بعض شوف انت عاوز تسميها ايه، بس المهم عاوزك جنبي”

عقد حاجبيه باستغراب وقال بعدم فهم” هشتغل معاك ايه انا مش فاهم حاجه، وانت هتشتغل ايه عشان اشتغل معاك اصلا”

صمت لحظات ثم قال بعمق”مش عارف بس انا محتار و تايه محتاج حد جنبي يساندني ويقول لي اعمل ايه، انا من ساعه ما اخذت منه الخمسه مليون وانا دفنهم في حته مقطوعه وخايف ياخذها مني في اي لحظه ويضحك عليا بعد ما ابنه عمل العمليه ومش عارف اعمل فيهم ايه ولا اتصرف ازاي، ومش هينفع طبعا احطهم في بنك وانا في السن ده وهيسالوا جبتهم منين، حتى القصر اللي كتبهلي باسمي من ساعه ما خرجت وانا ما عدتش فيه ولا ساعه علي بعضها”

ثم تابع حديثه قائلاً بتوضيح” ولما سمعتك وأنت في المستشفى بتتخانق معاه عشان مش عاوز تعمل حاجه غلط ومحتاج شغل، فكرت فيك ممكن تساعدني انت مش لاقي شغل وانا مش عارف اشغل فلوسي واستثمر فيها ازاي واكيد عندك خبره من شغلك معاه، قولت إيه؟”

لم يجيب عليه وكان شارد الذهن في حديثه ثم همس بحيره” هاه مش عارف ،هو انت بتدرسي”

حمحم قاسم باحراج وقال”ما كانوش بيهتموا في الدار اللي انا كنت فيها بالدراسه قوي بس أنا في تانيه ثانوي بس انت بتسال ليه الدراسه مش مهمه دلوقتي انا معايا فلوس اقدر اعمل بيها اي حاجه”

هز رأسه جمال وقال بجدية” اهي دي اكبر غلطه هتعملها، من غير الفكر والتعليم مش هتعرف تستثمر في نفسك صح و هتضيع كل حاجه عليك لازم تكون دارس كل خطوه كويس جدآ ،عشان كده لازم تتعلم الاول كويس”

فكر في حديثه وقال بضيق شديد”بس انا مش قوي في التعليم قلت لك ما كناش بيهتموا يعلمونا في الدار”

هتف جمال بصوت جاد” سهله وبسيطه هنجيبلك مدرسين لحد عندك يعلموك ويدرسوا لك لغات كمان”

عقد حاجبيه قاسم متسائلا باهتمام” افهم من كلامك انك خلاص هتبقى معايا”

تنهد جمال وقال بجدية” تمام هابقى معاك وجنبك هو انت اسمك ايه صحيح “

ابتسم قاسم بارتياح وقال” اسمي قاسم و في الدار ادوني اسم الاب قاسم السيوفي”

في المستقبل -الرجوع الي الوقت الحالي.

لم يترك جمال قاسم ابدا و ظل جانبه لسنوات طويلة يعلمه يراقبه باستمرار حتي نشات بينهما صداقه قويه و اصبح جمال بالنسبة إلي قاسم الأب الروحي.

وبالفعل كانت مرت عليه سنوات صعبه لكن قاسم حاول ان يبذل جهد كبير ليثبت نفسه وينشاء له اسم كبير في عالم رجال الأعمال، والآن أصبح يملك ويتحكم في مجموعة شركات كبيره للالماس.. وأكبر مصمم مشهور في صنع المجوهرات والماس ،بالطبع لم يحصل على ذلك بسهولة فقد واجه صعوبات كثير لكنه تعلم منها حتى يصبح كما هو الان!

توجهت السياره الي مكتبه مباشره بينما كان يجلس بالخلف وهو يقرأ التقارير التي أعطها له جمال بشأن الاجتماع الذي سيجريه بعد ساعة.
__________________________________

لا زلت اتذكر تلك الرجفة التي هزت قاع قلبي حين قالو لي ان سندك قد رحل.!

في قصر عتمان، زفرت السيده بدريه بتعب وهي تضع الطعام في الفرن حتى تقوم بتسخينه ،فـ اليوم يوجد عزومه مهمه من كبار الأعمال حتي يتم خطوبه ابنتها الكبرى حوريه، وذلك كان أمر من عتمان والد زوجها المتوفي،
ولم ياخذ حتى رايها ولا راي ابنتها في ذلك الزيجه.

رفعت بدريه عينيها تتابع منظر الأشجار والورود التي تطل على الشرفة بداخل المطبخ بشرود وحزن عميق داخلها.

الأمر بيدوا شاذ والكثير مما يدور في فيلا عتمان يبدو غريبا عليها وعلي عائلتها الصغيرة المكونه من شابه في مقتبل الثانيه والعشرون و صبي صغير عمره ثمن سنوات ،ومن الطبيعي أن ترغب بدري بعد موت زوجها أسامه أن تسكن في منزل لوحدها طالما هي مسئولا عنهما لكن عتمان كان لديه راي اخر؟.

في الماضي- الرجوع للخلف سنوات.

قد يبدو ان الوقت قد حان كي يتقابل مع والده في معركه فاصله مميته! كانت هذه كلمات يرددها أسامه عتمان عندما وقف أمام والده بعد سنوات قبل ان يعترف بحبه وعشقه الي زوجته بدريه التي تعرف عليها بالجامعة ودامت بينهما قصه حب اربع سنوات وعندما جاء الوقت حتى يتزوجها وطلب الحضور من والده ان ياتي معه الى اهلها لكنه رفض بشدة لأنها غير مستواهم وطلب عتمان منه أن يتزوج ابنه عمه بدل من بدريه لكن أسامه رفض ،مما أغضب والده بشده وقارنه بين الزواج من تلك الفتاه و ينسي انه لدي عائله وسوف يحرم من الميراث ام يختار يتزوج ابنه عمه ويظل جانبه وينسى بدريه، كان واثق عتمان بأنه ابنه سوف يختاره اكيد لكن ما حدث علي العكس تماماً.

لكن عشق أسامه فائز وترك اسامه عائلته وتزوج من بدريه وانجب منها فتاه وصبي وبعد سنوات جاء حتي يحاول ان يتصالح مع والده ويضم عائلته لي من جديد حتي أخذ معه ابنته الصغيره حوريه ليحن ويضعف والده حين يرى حفيدته لكن عتمان كان له راي اخر ليصيح غاضب” انت ايه اللي جابك هنا انا مش قلتلك لو اخترت انك تتجوز البنت دي ما اشوفش وشك ثاني غير بعد ما اموت”

هتف أسامه بصوت برجاء مردد” يا بابا حرام عليك هنفضل كده لحد امتى جايز اكون فعلا غلط ان حسبتها كده وكان لازم زي ما اصريت على حبي لي مراتي اصر برده على تمسكي بيك، واحاول اقنعه بدل ما احنا كده كل واحد فينا بقيله حياته وعايش بعيد عن الدنيا ما نعرفش عن بعض حاجه”

اتسعت عينا عتمان بعصبية وصاح” ده بدل ما تيجي تقول لي بعد السنين دي ان انا غلطان عشان اخترت اتجوز واحده زي دي واسيبكم لوحدكم جاي تقول لي كان لازم احول اقنعك بطريقه ثانيه هو انت لسه اللي في دماغك في دماغك ومصري تتمسك بيها”

أخفض رأسه وقال بياس” يا بابا هو انت مش عاوز تفهمني ليه انا بحبها وهي كمان بتحبني، والله بدريه انسانه كويسه حاول تديها فرصه وانت تتاكد بنفسك انها تستاهل اني افضل متمسك بيها، واحده غيرها ما كانتش قبلت هي واهلها اني اتجوزها وانا ما حلتش حاجه ولسه هبدا من جديد بوظيفه صغيره بعد ما حضرتك طردتني ورفضت تساعدني في اي شيء، وبعدين نيجي للاهم دلوقتي انا خلفت منها بنت وولد ودي بنتي يا بابا بصي لها ممكن تحن مش عاوز تشوف حفيدتك “

أمسكت حوريه يده والدها بقوه و خوف حين تطلع فيها عتمان جدها بنظرات غاضبه بشراسة وهتف ببرود” نسخه من امها اكيد، اسمعني كويس اخر كلام مش عاوز اشوف وشك غير وانت مطلق الست دي وجايب العيال نحاول نربيهم ونجوزك واحده تخلي بالها منهم، وانا احاول انسى اللي عملته قلت ايه ،دي فرصه لك يا اسامه عشان اسامحك”

صمت لحظات ثم أطلق تنهيده بعمق مرددا بإحباط”قلت لا اله الا الله يا بابا عاوزني احرم واحده من اولادها كل ذنبها عشان حبتني و وقفت جنبي، شكل فعلا انا اللي غلطان بس غلطان عشان فكرت اجي لحضرتك بعد كل اللي عملته فيا مش انا بس اللي ظالم يا بابا حضرتك كمان ظلمتني، وظلمتني كثير قوي”

يقسم عتمان انه في ذلك اللحظه لو كان بيده مسدس وأمامه بدريه التي لم يراها من قبل ولا مره لـي كان اطلق عليها عده رصاصات فهو اصبح غضبه وكرهه تجاها يزداد كلما في كل مره يقع الإختيار عليها، و يختار ان يظل ابنه معها ليقول بعدم تصديق بعنف” لثاني مره بتختار الست دي وبتفضلها على ابوك، امشي اطلع بره مش عايز اشوف وشك ثاني ما تجيش غير وانا ميت سامعني واياك حتى كمان تحضر جنازتي .. بـــــره”

مرت سنوات اخرى ولم يتقابلوا أسامه مع والده عتمان ولم يعرف عند شيئا حتى في ذاته ليله رن الهاتف الداخلي على طاولته ورفع السماعه الى اذنه” نعم”

كان رقم غريب ليقول في داخله لوكان المتكلم هو إبنه أسامه فسوف يرفض باصرار التحدث معه حتي يرجع اليه ويطلق تلك الفتاه واذا اصر فسوف يقفل الهاتف في وجهه، ولكن المتكلم هذه المرة كانت بدريه تتحدث بصوت مرتجف” الو ممكن اكلم استاذ عثمان لو سمحت”

عقد عتمان حاجبيه باستغراب وقال بعدم مبالاه” ايوه انا، انتي مين”

أدمعت بدريه عيناها ورددت” استاذ عتمان انا بدريه مرات أسامه ممكن حضرتك تشرفنا في اسرع وقت عندنا في البيت”

احمرت عيناه بسخط وقال” يا بجاحتك وكمان بتتصلي بيا يا خطافه الرجاله اسمعي يا بنت انتي ما تتصليش هنا ثاني وما لكيش دعوه بي كفايه سايبلك ابني بمزاجي”

أسرعت بدريه تقول بين دموعها بحسره”يا استاذ عثمان انت فاهم غلط ابن حضرتك أسامه تعبان قوي ومحتاج يشوف حضرتك ابوس يدك تعالي وانسى اي حاجه ما بيننا دلوقت، تعالي بص عليه ممكن تكون اخر مره ده هو طالب حضرتك بالاسم ومصري يشوفك”

ابتسم بسخرية واعتقد انها تقول ذلك حتي ياتي وقاطعها عتمان بنفاذ صبر” بقول لك ايه انا مش فاضي لوجع الدماغ بتاعكم ده أنا مشغوله جدا سلام”

واعاد السماعه مكانها بقوه مع ملاحظه ان يديه كان ترتجفان من الغضب عندما فكر أن يحدث بالفعل شيء سيء لابنه وهو بعيد عنه لكنه هز رأسه بعدم تصديق و جهد لتهدئه نفسه وقف عن طاولته وقطع الغرفه الى النافذه وهو ياخذ انفاس عميقه بطيئه فـ ابتعاد ابنه عنه لسنوات و ذلك الاحداث العريضه بدات تؤثر عليه والحقيقه انه لم يعرف كيف يتصرف حتى يرجع ابنه إليه وينسى ذلك الفتاه.

وابتسم عتمان بسخريه علي ما يحدث بعيد عن طبيعته كأنها لو كانت هذه الفتاه ساحره حتي يتمسك بها بشده وفجاه انفتح الباب بقوه و دخلت ميسون تصيح ببكاء”الحق يا بابا أسامه مات يا بابا مات”

التفت عتمان بسرعه وقلبه يقفز في داخله هذا الخبر الذي ارسل رعشه بارده في جسده ليصرخ بقهر” أســامــه.. أبــنــي لاااا”

اصبح الكره يتضاعف والغضب داخل عتمان تجاه بدريه حتى انه حملها نتيجه انه لم يرى ابنه الوحيد قبل موته اليها وانها كانت السبب في ذلك، وبعد دفن أسامه مباشره أخذها هي و اولادها رغم عنهما الي الفيلا لأنهما ليس لديهم احد يهتم ويصرف عليهم بعد موت والدهم وقد شاهدت بدريه و ابنتها حوريه اسوء معامله من الجميع ماعدا الطفل ساجد فـا عتمان كان يحبه ويراه فيه ملامح ابنه المرحوم لذلك كان له معامله خاصه عن باقي عائله أسامه.

و بدريه كانت صامته على ما يفعلوا معاها ومع ابنتها بقله حيله فهي اذا رحلت من هنا ليس ضامنا انها قادره على مصاريف اولادها و حمايتهم خصوصا بعد أن رفض عتمان أن يعطيها اي جزء من ورث اسامه بعد وفاة، لذلك استسلمت لوضعها.

فكلاهما شرير والشر اذا تحالف مع العقل يصبح قوه يحسب لها الف حساب فكثيرا ما تسببا لها في الام منذ ان جاءت هنا هي و اولادها والان هما في مكان واحد في المنزل لابد ان تحسب كل كبيره وصغيره حتى لا تهزم في هذه المعركه، رغم أن الأغلبية هي الخسارة لكنها تحاول الصمود لاجل اطفالها.

في المستقبل -الرجوع الي الوقت الحالي.

أفاقت بدريه بخضه فجاءه علي صوت ميسون الذي اقتحمت المطبخ تصيح بحده” جري ايه يا ست بدريه كل ده بتعملي الفطار شدي حيلك شويه بابا كده هيتاخر على الشغل وانتي عارفه زعله وحش”

مسحت دموعها ولم تنظر إليها وهي تقول بخفوت” حاضر قربت اخلص اهو”

لوت شفتيها بسخرية وقالت باستهزاء”
اما نشوف انا بره هاروح احضر السفره واصحي الاولاد تكوني خلصت”

لم تجيب عليها بدريه و أكملت ما تفعله و
ألتفتت ميسون بضيق شديد منها لتصطدم بوجه حوريه الذي ظهرت أمامها فجاه تألمت حوريه بخفه لتجز ميسون علي أسنانها” ما تفتحي انتي كمان وتبصي قدامك، قله ذوق وسعي كده من وشي”

جذبتها بعيد عنها وخرجت بينما هزت راسها حوريه بياس منها وتحولت ملامحها الي غضب حين رأت والدتها تعمل بدل الخدم منذ الصباح.

ثم نظرت إلى وجه أمها الحزين كانت تبدو أكبر من عمرها بسبب الحزن والمرض الذي لم يتركها منذ اكتشفت مرض زوجها الحبيب و فقدانه وبعدها جاءوا الى هنا ،تقدمت حوريه نحوه والدتها بخطوات حازمة قائلة” ماما انتي بتعملي إيه، كام مره قلتلك بلاش تدخلي المطبخ وتعملي لاحد حاجه احنا مش خدامين عندهم”

ألتفتت بدريه بسرعه قائلة بحزم” بس وطي صوتك لاحد يسمعك و تجيبيلنا مشاكل احنا مش ناقصين كفايه إللي احنا فيه، وبعدين جيدك بيحب ياكل الفطار من ايدي وهو اللي طلبوا مني عشان كده عملته”

هتفت حوريه فيها بعنف” وانا كمان برده طلب مني اعمل له قهوه لي هو و لي بقيت العيله وقال نفس الكلمه اصل بحب اشربها من إيدك، بس الحقيقه مش كده يا ماما هم بيقصدوا يعملوا كده عشان يذلونا ويهنونه دائما، بس احنا مش خدامين عندهم ولينا في البيت ده زي ما هم ليهم واكثر كمان”

وقبل أن تكمل حديثها صمتت لدى سماعها الصوت الرجالي الصادر من جهه الباب المطبخ خلفها التفتت حوريه بسرعه وقلبها يقفز في داخلها انها تعرف هذا الصوت الذي ارسل رعشه بارده في جسدها عندما نظر إليها عتمان بنظره مظلمه قائلا” سمعيني من شويه كنتي بتقولي ايه بقي يا بنت بدريه”
___________________________________

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية حورية بين أنياب شيطان)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى