روايات

رواية استقلال الفصل الثالث 3 بقلم ساندي عاطف

موقع كتابك في سطور

رواية استقلال الفصل الثالث 3 بقلم ساندي عاطف

رواية استقلال الجزء الثالث

رواية استقلال البارت الثالث

استقلال
استقلال

رواية استقلال الحلقة الثالثة

– إني أكون فاكرة أنهم روموني أو ميتين أحسن ما اكون عايشة طول عمري معاهم وبحاول أفهم فين غلطتي وهما مش حابيني ليه؟
هما.. هما..
مكملتش الجملة ولقيتها وقعت قدامي فصرخت:
– روان!
قربت منها وخبط على وشها:
– روان.. روان سمعاني؟
سمعت صوت الباب بيخبط، فجريت بسرعة لقيته زين:
– سمعت صوت صريخ فـ…
قاطعته:
– روان..
كنت بعيط ومقدرتش أوضح حاجة، فدخل هو بسرعة لقى روان مرمية في الأرض، قرب منها بسرعة وشالها واتحرك ناحية تحت، فضلت واقفة مكاني شوية بحاول استوعب اللي حصل، بعدين جريت على المطبخ قفلت الفرن بسرعة وخدت تليفوني ونزلت وراهم.
***
– ضغطها وطي، والنبض ضعيف، هي أكلت إيه من الصبح؟
زين بصلي فسكت، أنا مش عارفة هي أكلت أو لأ لأني مشوفتهاش أصلًا بقالي حوالي يومين، سمعت الدكتور بيكمل:
– أول ما المحلول يخلص تقدروا تاخدوها وتمشوا عادي.
قربت منها وحضنتها، مسحت دموعها وبوست راسها:
– حقك عليا والله.
مدت إيديها وطبطبت عليا:
– أنا كويسة متقلقيش.
قبل ما أرد لقيت يزن ومريم داخلين، قرب يزن بسرعة وبعدني وحضنها:
– إيه اللي حصل مالها؟
بصينا أنا وهي لبعض، فابتسمت هي وبصتله:
– أنا كويسة يا حبيبي متخافش.
قربت الممرضة وقالت بعملية:
– بعد إذنكم حد واحد بس يكون معاها والباقي يستنى برا.
قال يزن:
– خليكي معاها يا مريم.
خرجنا كلنا برا، فسألني:
– إيه اللي حصل؟
– نتيجة روان ظهرت وماما اللي جابتها.
سكت ومسح على وشه بتعب، فكمّلت:
– طبعًا توقعت السيناريو اللي حصل مع ماما،
ولكن الأسوء حصل عندي في البيت.
بصلي عشان اكمّل فحكتله اللي حصل بالتفصيل، قعدت وختمت كلامي:
– بعدها زين خبط لما سمع صريخي وجينا هنا.
اتنهد:
– أنا رايحلهم بكرا، هتكلم معاهم، وهجبلها حاجتها وتحضر دروسها وتذاكر هنا، وتروح اسكندرية على الامتحانات.
– بس ده مش حل يا يزن!
رد بانفعال:
– الحل اسيبها معاهم يدمروها أكتر يا رها؟
رد زين:
– بس رها معاها حق يا يزن، ده مش حل نهائي،
ده بس مجرد هروب، وهيجي وقت وهتضطر هي تواجه، فهي تواجه من دلوقتي أحسن، وبعدين تبقى تعمل كل اللي بتقوله ده عشان نفسيتها مش عشان تهرب منهم.
بصلي وكمّل:
– الموضوع كله هيكون في إيديكي أكتر منه، أنتِ لازم تصلحي نفسيتها، والموضوع هياخد وقت ومجهود كبير، ولازم تصبري وتستحملي، عشان أنتِ هتصلحي في حاجة بقالها سنين بايظة.
بصيتلهم بحيرة:
– يعني أعمل إيه؟
رد يزن:
– احنا ممكن نـ…
قاطع كلامه مريم:
– المحلول خلص بس هي دايخة، حد يجي معايا نسندنا.
دخل يزن ورا مريم بسرعة، ومفيش ثواني وطلع وهو شايلها، ركبنا كلنا معاه وزين رجع لوحده.
سندناها أنا ومريم عشان تطلع السلم، كانت بتتلاشى حتى أنها تبصلي.. وصلنا قدام شقة يزن فابتسمت:
– إيه رأيك تباتي عندي النهارده؟
بصت ليزن فابتسملها، فهزتلي راسها، طلعنا كلنا الشقة عندي، وقعدنا كلنا حواليها، كنا بنحاول نضحكها بقدر الإمكان، بنتكلم في مواضيع مختلفة، بنفكرها بمواقف حصلت معانا واحنا صغيرين، أي حاجة تشتت انتباها عن اللي حصل، حاليًا على الأقل.
سكتت شوية بعدين قالت:
– بس عارفين اللي يزعل بجد إيه؟
ردت مريم:
– إيه؟
– الكيكة اللي باظت.
ضحكنا كلنا وكمّلت هي:
– ريحتها كانت حلوة بجد.
قومت واتحركت للمطبخ وأنا بقولها:
– هعملك غيرها، فداكي مليون كيكة.
بصت ليزن وقالتله:
– ممكن نتفرج على فيلم كلنا النهارده ونسهر سوى؟
باس راسها:
– اللي تحبيه يا حبيبتي.
بصت لمريم وقالت بحماس:
– خلي أخوكي يجي يقعد معانا.
***
كنت قاعدة في البلكونة، مكاني المفضل من وقت ما جيت هنا، وعلى عكس ما كنت متضايقة أول ما جيت هنا، حاليًا حابة الدوشة اللي بتيجي من الشارع، صوت العربيات والناس بيحسسوني إني مش لوحدي، وأنا في الأساس مش لوحدي، والوضع اتغير بعد اللي حصل من أسبوعين وقت نتيجة روان، بس أول ما الباب بيتقفل عليا، بحس إني لوحدي، ومفيش غير دوشة الشارع اللي بتنجدني من تفكيري.
– دوشة الشارع بس؟
ابتسمت وبصيتله:
– وشخص متطفل بيقتحم عليا قعدتي كل يوم.
قرب وسند على السور الأقرب ليا:
– مش بمليلك وقتك؟
حكاويا أحسن ولا زحمة الشارع؟
بصيتله بصدمة مصطنعة:
– إيه اللي بتقوله ده؟
زحمة الشارع طبعًا.
– بقى كده؟ طيب مش هكمّلك الحكاية.
اتعدل في وقفته وكان هيدخل جوه، فوقفت بسرعة وقربت من السور:
– استنى طيب خلاص والله.
لفلي فكمّلت:
– كمّل خلاص مش هتكلم.
بصلي شوية بعدين ابتسم وقال:
– تاكلي آيس كريم؟
ابتسمت:
– آكل آيس كريم.
بعد نص ساعة بالظبط كنا وصلنا وسط البلد، ركن العربية وبعدين مشينا شوية لحد ما وصلنا للعبد، دخلنا وبص هو لفريدة:
– عايزة إيه يا فيري؟
بصت فريدة حواليها بعدين قالتله:
– كوكيز طبعًا طبعًا.
بص لروان وكمّل:
– وأنتِ؟
– زي فيري.
بعد عننا وبدأ يتحرك في المكان ويجيب من كل حاجة 3 حاجات، خلصنا وطلعنا وقعدنا على اقرب قهوة قابلتنا.
كلنا الآيس كريم بعدين روان وقفت وبصت لفريدة:
– تحبي تشوفي النيل؟
وقفت فريدة وهزت راسها بفرحة:
– طبعًا طبعًا طبعًا.
ضحكت وبصتلنا:
– هنروح نتمشى شوية ونيجي، مش هنتأخر.
اتحركت شوية بعدين لفت وغمزتلي، وخدت فريدة ومشيوا.
بصيتله لقيته بيبتسم نفس الابتسامة الغريبة بتاعته، اتوترت وبصيت في الأرض، بعدين رجعت بصيتله:
– مش هتكمّل؟
سند ضهره على الكرسي:
– طب ما روان بتفهم أهي، أمال ليه أنتِ ويزن بتفضلوا تقولوا مبتفهمش؟
بصيتله باستغراب:
– يعني إيه؟
ابتسامته زادت، بعدين قال:
– وقفنا لفين؟
فضلت بصاله شوية، بعدين قولت:
– أنت محكتش كتير أصلًا، أنت قولت كانت بنت دفعتك، وقربتوا من بعض عشان كنت بتديلها محاضرات.
– الكلام كان في آخر سنة في الكلية، يعني من حوالي أربع سنين.
فضلنا بعدها 3 سنين صحاب، أو أنا كنت فاكر أننا صحاب، بعدين..
سكت فسألته:
– بعدين؟
اتنهد:
– حبيتها، اكتشفت متأخر شوية، بس فهمت إن محدش هيفهمني زيها، مفيش هيهتم بيا وبتفاصيلي زي ما هي بتعمل.
– وقولتلها؟
– خوفت اخسرها، كنت حاسس إن الحب هيبوظ كل الحاجات الحلوة الموجودة، وخصوصًا إنها لمحت أكتر من مرة إنها بتحبني.
– يعني مقولتلهاش؟
– قولت، بس متأخر، متأخر أوي..
سكت شوية، بعدين كمّل:
– جت فترة وبدأت تتغير، تبعد من غير سبب، حاولت كتير افهم بس كانت بتصدني، لحد ما خدت قراري، وروحت اتقدمتلها.
انتبهتله أكتر، فضحك بسخرية وكمّل:
– رفضتني، وبعدها بفترة صغيرة ارتبطت بحد تاني.
سكتّ وهو كمان سكت، لو على حسب كلامه، ففي حاجات كتير يمكن هو مش فاهمها.
بصلي:
– قولتي إيه؟
اتعدلت في قعدتي وبصيتله بجدية:
– حابب تسمع كلام مواساة زي هي الخسرانة وأنت متتعايبش وجو مامتك ده، ولا حابب تسمع الحقيقة؟
ضحك:
– الحقيقة حتى لو منتقطيهاش، فهتفكري فيها، وهتنطقيها برضو.
ابتسمت، بعدين رجعت لجديتي تاني وكمّلت:
– الحقيقة إنها مش غلطانة نهائي.
– مش غلطانة ازاي وهي كـ…
قاطعته:
– سيبني اكمّل كلامي.
أنت قعدت 3 سنين كاملين معلقها بيك يا زين، موجود في حياتها بشكل شبه يومي، غصب عنها حبتك، وده بدأ يظهر في تصرفاتها، تهتم بيك زيادة، تهتم بتفاصيلك أكتر من أي حد، وده ماكنش فعلًا هيحصل لو محبتكش بجد..
شربت ماية ورجعت كمّلت:
– بس يا زين أنت عملت إيه؟
كنت متردد، ترددك كان غصب عنك أحيانًا بيخليك تاخد خطوة وترجع 10، فده خلاها تفهم إنك مش عايزها، وخصوصًا أنها حاولت وقت كبير، وملقتش النتيجة، يعني لقتك إنك برضو محبتهاش، أو بالأصح لقيتها بس متأخر، وأنت بالفعل خدت خطوة تجاهها متأخر، ومتأخر أوي كمان، كانت هي خلاص، أقنعت عقلها وقلبها إنك مستحيل تحبها، فبدأت تتخطى واحدة واحدة، وحتى لو ماكنتش اتخطت بالكامل، فوقت ما أنت اتقدمتلها كانت هي خلاص مبقتش عايزاك.
سكتّ ثواني واتنهدت:
– مش هجمّلَك الكلام، بس لو حد كان توكسيك في الحكاية دي، فهو أنت يا زين، مش ميار نهائي، ميار هي اللي كانت ضحية.
فضلنا احنا الاتنين ساكتين، بعد دقايق لقينا فريدة وروان رجعوا، وروان بتقول:
– فريدة نعست.
قام وقف:
– هنروح، يلا.
اتحرك واحنا وراه، قال لفريدة تركب جمبه، وركبنا أنا وروان ورا، الطريق كان هادي جدًا، عكس واحنا جايين، روان خبطتني في كتفي فبصتلها، فقالت بصوت واطي:
– اتخانقتوا؟
رديت بنفس الصوت:
– مجتش جمبه، هو اللي قماص.
بصلي في المراية ورفع حاجبه، ففهمت أنه سمعني، اتعدلنا أنا وهي وسكتنا، وفضلنا على نفس الحال لحد ما وصلنا.
هما البشر ليه؟ ليه وقت ما بنواجههم بالحقيقة بيخافوا، ليه بيكونوا مُصريين أنهم يطلعوا هما الضحية؟
عقل الانسان مبيستوعبش أنه ممكن يتساب لعيب فيه، ودايمًا العقل بيوحي أنه الشخص اللي وقع عليه الأذى، مش الشخص المؤذي، مع إن أوقات كتير، كتير جدًا بيكون العكس.
***
فات كمان اسبوعين، يزن. اتكلم مع بابا في إن روان تنقل دروسها هنا الترم ده، الدنيا بدأت تستقر نوعًا ما، الأيام بتمر بروتين بس روتين لذيذ، قعدتنا مع بعض كلنا وكلامنا وهزارنا وشقاوة فريدة وخفة دم روان وروحها الجميلة اللي بدأت ترجعلها واحدة واحدة، كل ده بيحسسني إني فراشة، روحي خفيفة ومش شايلة هم أي حاجة في الحياة،
إلا هو.. زين، من يوم ما كنا خارجين كلنا وهو شبه اختفى، مبقاش ينزل يتغدى معانا زي ما كنت بشوفه من أول ما جيت هنا من شهرين، مبقاش بيطلع البلكونة زي كل يوم، بيقابلني على السلم بيصبح أو يمسي من غير ولا كلمة زيادة، دي كانت الحاجة الوحيدة اللي كنت حاساها ناقصة، بقالنا حوالي شهر ونص صحاب، بنتكلم يوميًا تقريبًا، بس هو قطع مرة واحدة، يمكن من اللي قولته؟ مع إني وقت ما حكيت لمرين مغلتطنيش، وقالتلي أنها قالتله نفس الكلام كذا مرة، وحاولت تقنعه إن اللي عملته ميار مش خيانة، لكنه برضو تفكيره متغيرش، ومعتقدش هيتغير.
***
– يا ماما افهمي بس!
زعقت:
– افهم إيه يا رها؟ أنا مش عارفة ازاي أبوكي وافق على المهزلة دي.
– يا ماما مهزلة إيه؟ دي قاعدة معايا أنا ويزن، مع اخواتها، مش قاعدة في الشارع، وبعدين هي واخدة بالها من مذاكرتها كويس جدًا.
ضحكت بسخرية:
– لأ واضح فعلًا، بأمارة ملحق التاريخ!
مقدرتش استحمل أكتر من كده، فرديت بجدية:
– وبعدين؟ نهاية الدنيا يعني؟ يا ماما حرام عليكي، البنت تعبت وانهارت وقت ما اتخانقتي معاها ووقعت مننا، ده كفاية أنهـ…
قاطعتني:
– لو كانت سمعت الكلام واختارت اللي أنا قولته من الأول ماكنش ده حصل.
– أديكي قولتي، اختارت، هي اللي تختار يا ماما مش أنتِ نهائي.
سكتّ شوية، بعدين كمّلت:
– أنا عارفة إنك بتخافي عليها ويمكن أكتر مننا بكتير، بس يا ماما خوفك واصلها بطريقة غلط، خوفك بيضغطها أكتر بكتير ما بيفيدها، حاولتي تتكلمي معاها قبل كده؟ تشوفيها هي حابة إيه وليه اختارن أدبي وإيه الكلية اللي نفسها فيها؟ فكرتي قبل كده هي بتحس بإيه لما بتقارنيها بيا يا ماما!
يا ماما أنتِ طول حياتك موصلالي إني شخض مفيش منه وعمرك ما قارنتيني بحد مهما كان مين، وده كان سبب كبير في ثقتي في نفسي واللي خلاني أنجح.
وأنا معملتش اللي أنتِ كنتِ عايزاه يا ماما، أنا اختارت اللي أنا حاباه بناء على قرار جاي من جوايا أنا، مش بناء على رغبتك أنتِ، واللي كانت بالصدفة بتصادف رغبتي.
حسيت إن كلامي كان حاد شوية، فهديت صوتي وكمّلت بهدوء:
– احنا مش في مسابقة يا حبيبتي مين فينا هيكون الأشطر، دي حياة، حياة واحدة بس وعمر واحد لو معيشناهاش زي ما حابين، يبقى إيه فايدتها؟
روان شاطرة جدًا في اللي اختارته على فكرة، ويوم امتحان التاريخ قبل ما تدخل الامتحان حد اتعرضلها وضايقها، وعشان كده هي حلت وحش.
– وهي ازاي متحكيليش حاجة زي كده؟
– عشان محاولتيش تعرفي قبل كده يا ماما، مفيش يوم جيتِ قولتلها عملتِ إيه في المدرسة، أو الامتحان كان عامل ازاي، غضبك من أنها مسمعتش كلامك خلاكِ متنفذيش واجباتك كأم تجاهها.
حسيت غضبها هدي تمامًا، وحل مكانه الحزن في صوتها وهي بتقول:
– أنا أم مش كويسة يا رها؟
– لأ طبعًا يا حبيبتي، ده أنتِ أحسن أم في الدنيا كلها، وبتخافي علينا كلنا وأنا واثقة من ده، بس ده ميمنعش إن ممكن غصب عنك تقصري.. ده ميعبكيش نهائي.
سكتت شوية، بعدين قالتلي:
– طب أعمل إيه؟
– حاولي تقربي منها، واحدة واحدة، وصدقيني هتحسي بفرق.
– اقرب منها ازاي وهي بعيد عندكم؟
ابتسمت:
– يومين كده يا حبيبتي وهجبها نيجي نقعد عندكم أسبوع ولا حاجة، أنتِ وحشاني وعايزة اجيلك من بدري.
حسيت الفرحة ظهرت في صوتها وهي بتقول:
– بجد يا رها؟
– بجد يا حبيبتي.
– هستناكم هستناكم يا نور عيني، عرفيني بس قبلها.
– حاضر يا حبيبتي، محتاجة حاجة؟
– لأ يا حبيبتي، عايزة سلامتكم بس.
قفلت مع ماما وقومت خدت اللاب توب ودخلت البلكونة كالعادة، كنت بحاول أبدأ في النص التاني من الرواية، وعلى غير العادة من أسبوعين لقيته! كان واقف ساند إيديه على السور وباصص للشارع بتوهان، يمكن حتى مأخدش باله إني دخلت، سبت الحاجة بالراحة عشان متعملش صوت، بعدين قربت من السور بتاعه وقولت بحدة:
– بتهرب مني يا زين؟
انتبهلي، فكان هيدخل جوه لكني كمّلت:
– أنت قولت إنك اتسابت من غير سبب، وده واجعك ومقدرتش تتخطاه صح؟ طب ليه بعدت من غير سبب، مش احنا المفروض صحاب؟
رد بانفعال:
– لأ مش صحاب، أنا مقولتش أننا صحاب، لو أنتِ شايفة ده، فدي حاجة تخصك وترجعلك أنتِ مش أنا.
رجعت ورا خطوتين وعيني بدأت تتدمع، وكمّل هو بنفس الانفعال:
– أنتوا كلكم نفس العينة، بتبرروا لبعض، حابين دور الضحية ومتقدروش تتخيلوا إن ممكن واحدة ست تكون مؤذية، بررتي لميار وبنيتي وجهة نظر مع إنك حتى مسمعتيش وجهة نظرها..
صوته علي أكتر:
– بس ازاي! طالما ست فلازم تكون مظلومة، لازم تكون ضحية، لازم تكون استحملت وعانت، طب ليه!! ليه مش العكس؟
لو كنا صحاب زي ما قولتي ماكنتيش هتغلطيني وتحكمي عليا إني شخص توكسيك، طالما أنا شخص توكسيك، ازاي شايفة أننا صحاب؟
دموعي بدأت تنزل، رجعت خطوتين كمان لورا وحطيت إيدي على بؤقي عشان امنع صوت عياطي، خدت حاجتي وكنت هدخل، لكني رجعت تاني وبصيتله وقولت بنفس انفعاله:
– عشان للأسف أنا شوفت أننا صحاب، فاديت لنفسي مساحة إني أقولك على غلطاتك عشان تصلحها، عشان للأسف ده دور الصحاب في حياة بعض، لو ضحكت عليك منبقاش صحاب نهائي.
ومين قال إني ببررلها وخلاص؟ أنا معرفهاش عشان ابررلها، ودوري كصاحبة كان إني اشرحلك وابررلك أنت الموضوع عشان تتخطاه..
كنت فاكرة إن ده ممكن يساعدك..
عياطي زاد أكتر وكمّلت:
– كنت عايزاك تبقى كويس..
حاولت إنك تبقى كويس، بس أنت حتى.. حتى مفهمتنيش يا زين!
حكمت عليا وخدت جمب من غير حتى ما تقولي إن اللي حصل ضايقك.
رجعت لانفعالي تاني وكمّلت:
– قولت إن احنا كستات بنحب نعيش دور الضحية، لكنه العكس يا أستاذ زين، أنت اللي حبيت تفضل عايش في دور الضحية، أنت اللي مفهمتنيش زي ما مفهمتهاش يا زين، مستحملتش إنك تكون قصاد حد كاشفك، حد يواجهك بحقيقتك، يضحكش عليك زي ما مريم بتحاول تعمل عشان متبعدش عنها، أنت حابب تفضل كده يا زين، قافل على نفسك بسبب جرح كنت أنت سببه، وتلوم فيها وفي أي حد يحاول يفهمك عكس ده..
مسحت دموعي وكمّلت:
– بس تصدق؟ هي مش غلطتك فعلًا، دي غلطتي أنا، أنا اللي افتكرت أننا صحاب فاتعشمت.
أنا دايمًا اللي بتعشم في الناس بزيادة.
اتحركت قبل ما هو يتكلم، ووأنا بقفل البلكونة سمعته بينده كذا مرة، بس مردتش، قعدت على الكنبة وضميت ركبت لجسمي وسندت راسي عليها، دقايق وسمعت جرس الباب بيرن، كنت عارفة أنه هو، لأن يزن ومريم وروان معاهم المفتاح، فضلت قاعدة مكاني لحد ما هو زهق ومشي، فضلت شوية مبعملش حاجة غير إني بعيط،
ليه؟ ليه ممكن الإنسان يعمل حاجة بدافع المحبة للشخص اللي قدامه والشخص ده يرفضها بكل قسوة؟ ليه الناس بتدينا اشارات أننا لينا مساحة للتدخل وأول ما بنتدخل عشانهم بيرفضوا ده!
بعد حوالي ساعتين كنت اتخنقت، فقررت انزل اشم هوا، لبست ونزلت وأول ما وصلت لمدخل العمارة لقيته واقف، كنت هطلع بس اتحرك بسرعة ووقف قصادي:
– لازم تسمعيني؟
ابتسمت بسخرية:
– على أساس سمعتني؟
– وأنتِ أحسن مني يا رها، أنا غبي أنا عارف، وعشان كده لازم تسمعيني!
– مفيش حاجة تتقال يا زين، أنت جر..
قاطع كلامي صوت من ورايا بينده باسمي، حاولت اكدب إحساسي، أكيد مش هو، مينفعش يكون هو!
لفيت وبصيتله بصدمة، كان هو.. فارس!
رجعت لورا خطوتين فقرب هو وابتسم:
– أنتِ.. أنتِ وحشتيني أوي يا رها.
كان هيمسك إيدي فزين مسك إيده وبصله بعصبية:
– أنت هتعمل إيه؟
– أنت مين أنت يابني؟
– السؤال هنا، أنت اللي مين.
بعد فارس إيد زين بعنف:
– أنا جوزها.
بصيتله بسخرية، زين بصلي بعدين قرب ووقف قدامه، وبقيت أنا وراه، ورد بسخرية:
– تقصد طليقها.
بعده فارس من قدامه وبصلي:
– أنا جاي عشان اتكلم مع يزن يا رها.
بصيتله باستغراب:
– ليه؟
ابتسم:
– محتاج فرصة.. أنا عايز أرُدك يا رها.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية استقلال)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى