روايات

رواية استقلال الفصل الأول 1 بقلم ساندي عاطف

موقع كتابك في سطور

رواية استقلال الفصل الأول 1 بقلم ساندي عاطف

رواية استقلال الجزء الأول

رواية استقلال البارت الأول

استقلال
استقلال

رواية استقلال الحلقة الأولى

يا شيخة ده أنا ما صدقت إنك اتجوزتي عشان أرتاح واقدر آخد نفسي، جاية تاني تقرفيني ليه؟
بابا زعق:
– روان إيه اللي بتقوليه ده!!
خدت نفسي وبصتلها وأنا بوجه كلامي لبابا:
– سيبها يا بابا.
ابتسمت بهدوء وكمّلت:
– آسفة لو وجودي بيسبب ليكي أي نوع من أنواع الضيق، أو بيخليكي مش قادرة تاخدي نَفسِك زي ما قولتي، أوعدك هحاول أقلل من وجودي هِنا بقدر الإمكان.
بصيت لبابا وماما واتنهدت:
– للأسف مش هقدر اقولكم بيتي مفتوح ليكم في أي وقت، عشان أنا وفارس قررنا نتطلق..
– كنت جاية أبلغكم بده.
سكت ثواني وكمّلت:
– أنا هخلي يزن يشوفلي شقة صغيرة عنده في القاهرة أعيش فيها، وكمان هنقل شغلي هناك..
عن إذنكم.
مستنتش كلمة من حد وفتحت الباب ونزلت.
قعدت في العربية ساندة راسي على الدريكسيون لكام دقيقة، بعدين اتصلت بيزن وفتحت الاسبيكر واتحركت من قدام عمارة أهلي.
– وحشتيني.
ابتسمت:
– وأنت كمان يا حبيبي، مريم وفريدة عاملين إيه؟
– الحمدلله بخير.
– شوفتلي اللي قولتلك عليه؟
سمعت صوت تنهيدة، بعدين قال:
– لسه عند قرارك؟
– منكرش إني اترددت شوية، بس لسه نازلة من عند بابا، فتأكدت إن قراري صح.
– روان ضايقتك تاني؟
– عذراها يا يزن، أنا مش متضايقة منها نهائي.
– هي غبية يا رها، غبية وطايشة، وأهلنا تفكيرهم غلط، وهما السبب الأساسي في الفجوة اللي بينك وبينها، أو اللي بينّا وبينها عامةً.
– وعشان كده عذراها، ومش عايزة اسببلها أي نوع من أنواع الضيق برجوعي لبيت بابا تاني.
وفي كل الأحوال أنا خلاص مبقتش صغيرة، يعني هقدر اعتمد على نفسي كويس.
سكت ثواني وسأل:
– متكلمتوش أنتِ وفارس؟
ضحكت:
– لو كنا نقدر نتكلم ماكنش زمانّا وصلنا للمرحلة دي.
– بس يمكن لو حاو..
قاطعته:
– تعرف إن أي مشكلة ممكن يتحل بين الزوجين إلا عدم التفاهم؟
لو بيعرفوا يتفاهموا هيحلوا أي مشكلة كبيرة في بيتهم، لو بيعرفوا يتفاهموا ممكن يعدوا أزمات كتير، لو بيعرفوا يتفاهموا ممكن يسامحوا بعض على شيء لا يُغتفر، زي الخيانة مثلًا، فيه ستات كتير بتسامح فيها وبتعدي، ورجالة فعلًا بتتغير، على الرغم من عدم اقتناعي بده بس بيحصل.
بس لو مفيش تفاهم؟ مفيش حاجة هتتحل يا يزن.
– فارس راجل بجد يا رها، فكري تاني.
– فارس أحسن راجل قابلته في حياتي بعدك أنت وبابا، لا عُمره هانِّي ولا قلل مني، وكتير كان بيساعدني وبيشجعني، وانفصالنا يا يزن لا يعني أبدًا أنه وحش، أو إني أنا كمان وحشة!
اتنهد وسكت شوية، بعدين قال:
– اللي تشوفيه يا حبيبتي، أنا شوفتلك شقة هِنا في نفس العمارة بتاعتي، كمان إدارة الشركة معندهمش مشكلة إنك تتنقلي للفرع بتاعنا هِنا.
– هتكون موجود؟
– هاجي يوميها وأكيد مش هسيبك، بس جهزي حاجتك عشان ترجعي معايا، لأني أكيد مش هسيبك تيجي لوحدك، وهيكون عندي شغل فمش هقدر اقعد.
قفلت المكالمة مع يزن وأنا حاسة براحة كبيرة، كمان هو قالي في خلال الفترة دي هيجهزلي الشقة بفرش كويس عشان اقدر اقعد فيها بس، لحد ما آجي واستقر وبعدين اجهزها براحتي.
فضلت سايقة شوية حلوين، بتمشى بلا هدف وبلا وجهة معينة، حسيت إني بودع المكان هنا، الشوارع والبيوت والمحلات، والبحر!
قعدت وخدت نفس طويل، وبدأت اخرجه براحة، هوا اسكندرية واسكندرية نفسها هتوحشني.. أوي.
***
سمعت صوت الباب بيتقفل، رفعت عيني لقيته بيقرب لعندي..
وقف قدامي والتوتر ظاهر عليه، فبدأت أنا الكلام:
– فيه حاجة يا فارس؟
– عاملة إيه؟
رديت بهدوء:
– بخير.
اتنهد:
– أنا بس جاي آخد هدومي وهقعد في بيت أهلي لحد ما يتم الطلاق.
بصتله باستغراب فكمل:
– أنا أكيد مش بايع القضية لدرجة إني مسألش ومفهمش أنتِ هتعملي إيه بعد كده.
وأكيد مش غبي عشان مفهمش إنك مش هتقعدي في بيت باباكِ بسبب مشاكلك مع روان، وأنا وأنتِ عارفين أننا مش هنقدر نقعد سوى.
خدت نفس وخرجته، بعدين ابتسمت بسخرية:
– أنت متخيل إن الحاجة الوحيدة اللي اتفقنا واتفاهمنا عليها هي فراقنا؟
بصلي لثواني بدون كلام، بعدين اتحرك ناحية أوضتنا،
دقايق وخرج وعلى ضهر شنطة أكيد فيها هدومه، وقف قدام والتردد باين عليه، بعدين اتنهد ومسِك إيدي وقال:
– أنا آسف..
اتردد لثواني بعدين قرب وباس راسي:
– آسف أننا وصلنا لهنا، آسف أننا فشلنا.
– احنا الاتنين غلطنا، مفيش داعي تعتذر.
ساب إيدي وحاوط وشي بكفوفه، فضل على نفس الحال لثواني بعدين قال بصوت واطي:
– هتوحشيني يا رها.
دموعي نزلت وهو اتحرك بسرعة وفتح الباب ونزل، قعدت على الكنبة وعياطي زاد أكتر..
ليه لازم ينكتب علينا فراق الناس اللي بنحبها وروحنا فينا؟
ليه الدنيا مش عادلة؟
ليه مبتنصفناش ولو مرة واحدة بس طول حياتنا!
|ما بين لُقانا والفراق.. كانوا ثانيتين
ما بين فُراقنا واللُقى.. سنين وسنين|
***
“بعد أسبوع”
كنت قاعدة جمب يزن في العربية رايحين القاهرة، غمضت عيني بإرهاق، بعد شوية سمعت صوته بيقول:
– تحبي أجبلك حاجة تاكليها؟
اتعدلت وبصيتله بهدوء، بعدين قولت:
– ياريت، أنا جعانة أوي.
وقف عند أقرب مكان لقيناه، ركن العربية ونزل، وبعدها بشوية رجع بعصير وبسكويت، مدلي إيده بيهم وهو بيقول:
– صبري نفسك بيهم دلوقتي، شوية وهنوصل ومريم عملالنا أكل.
اتحرك بالعربية والصمت مسيطر على المكان، بعد شوية قولت:
– مريم وحشتني أوي تصدق.
سكت ثواني وكملت:
– الدنيا باظت من وقت ما نقلتوا هنا وبعدت عني.
بصيت قدامي وكملت:
– أعتقد لو كانت علاقتي كويسة بروان كانت حاجات كتير هتتغير.
– أنا اتكلمت معاها يا رها.
– ما احنا اتكلمنا كتير يا يزن!
– المرة دي أنا فهمت وجهة نظرها أكتر.
اتعدلت في قعدتي ولفيت ناحيته، فبدأ يحكيلي.
***
-على لِسان يزن-
– أنتِ شايفة إنك صح مثلًا؟
بصتلي ببرود:
– آه.
حاولت أهدي نفسي قدر الإمكان:
– إيه مشكلتك معاها يا روان؟
ابتسمت بسخرية:
– معاكم تقصد.
قعدت جمبها:
– احنا عملنالك إيه؟
لفت لي وردت بانفعال:
– عملتولي إيه؟ ده كل مشاكل حياتي سببها أنتوا!
لازم تذاكري عشان تطلعي مهندسة زي يزن ورها، لازم تلبسي زي رها عشان الناس تشوف إنك متربية زي ما بيقولوا على رها، لازم تبقي اجتماعية وتتعرفي على ناس عشان محدش يقول إن دمك تقيل ومش لذيذة زي رها.
لازم تجيبي مجموع السنة دي عشان ازاي يزن ورها يكونوا خارجين من المدرسة دي أوائل وأنتِ لأ؟
لازم تهتمي بنفسك وتحافظي على نفسك عشان يجيلك عريس كويس زي فارس جوز رها؟
ضحكت بسخرية وهي بتكمل:
– أهو العريس الكويس اللي مفيش منه هيطلق البنت الشاطرة اللي مفيش منها ويرميها!
قولت بتحذير:
– روان!
قامت وقفت وصوتها عِلي أكتر:
– روان روان روان، هو مفيش غير روان؟
مفيش حد بيغلط غير روان؟ أغلاطي أنا هي اللي هتعمل كوارث؟
كلكم بتغلطوا، أنت ورها وبابا وماما، وكلكم غلطتوا في حقي، أنا مأذتش حد فيكم، أنتوا على طول بتأذوني وبس.
حد منكم يعرف عني حاجة؟ حد يعرف بحب إيه وبكره إيه؟
خلوني أعيد سنة كاملة من عمري لما عرفوا إني مسمعتش كلامهم ودخلت أدبي مش علمي، اتحايلت عليهم وكان ناقص أبوس رجليهم عشان ميخلونيش احول وأضيع السنة، وعشان دي الحاجة اللي بحبها وشاطرة فيها، برغم إني كنت طالعة الأولى على مدرستي وقتها، بس لأ ازاي! ازاي مدخلتش علمي؟
أكيد استسهلت، ما أنا فاشلة بقى!
***
– طب وأنت قولتلها إيه؟
اتنهد:
– معرفتش ارد يا رها، حضنتها واعتذرت، ملقتش رد.
غمضت عيني وسندت راسي على الكرسي بتعب، سكت شوية بعدين قولتله:
– لازم تفهم إن مش غلطنا يا يزن، وأهالينا كمان معذورين، هما اتربوا كده، شايفين المستقبل في ثانوية عامة، والقمة في هندسة عشان مجموعها كبير، والكيميا والفيزيا أصعب من التاريخ والفلسفة، فالشطارة في علمي، والاستسهال في أدبي، برغم إن ده بيتعب وده كمان بيتعب.
اتنهدت وكملت:
– مقدرة خوفهم، لكنه مش صح.
وقف العربية ورد بهدوء:
– مصريين، مفاهيم ومعتقدات مش هتتغير، حتى لو اتكلمنا من هنا لبكرا، هيقولوا أننا مش عارفين مصلحتنا.
كلامه صح وأنا متأكدة من ده، في الأساس احنا حاولنا، وقت ثورتهم الكبيرة لما عرفوا إن روان أدبي ومنفذتش رغبتهم، ولكن النتيجة واحدة.
نزلت من العربية أنا الأول وسيبته هو يركن ويجيب الشنط، اتحركت بسرعة على السلم، كنت حاسة نفسي خفيفة وروحي بدأت تطير، لأني عارفة إن أول ما هشوف مريم كل حاجة هتبقى كويسة،
هي الشخص الوحيد اللي في وجوده بحس إن فعلًا الدار أمان.
أول ما فتحت الباب شهقت بفرحة كبيرة:
– رهوهي!
شلتها وحضنتها:
– ديدي!
نزلت من حضني وفتحت دراعاتها على آخرهم:
– وحشتيني أوي أوي أوي، قد كده.
ابتسمت:
– وأنتِ كمان وحشتيني قد الدنيا كلها.
سمعت صوت جاي من وراها:
– البني آدم ميقدرش يشوفك غير في المناسبات أو المصايب؟
بعدت عن فريدة وجريت بسرعة اترميت في حضنها، ازاي شخص واحد بس مجرد فكرة وجوده تحسسك بالأمان؟ كلامه، ابتسامته، حضنه، كل حاجة بتطلع منه بتحسسك إنك كويس، شخص بيدعمك وبيوقف جمبك بكل المقاييس وبدون أي مقابل، ومن غير ما تطلب حتى، شخص فاهمك وحافظك أكتر من أهلك، شخص يكون هو جناحاتك اللي بتطير بيها، لو دي مش الصداقة هتكون إيه؟
بعد الغدا كنت قاعدة في البلكونة، لقيت مريم داخلة بصينية عليها كوبايتين شاي بالنعناع، ابتسمت واخدت واحدة، واخدت هي التانية وقعدت، شرب شوية من الشاي بعدين قولت:
– الدنيا عندكم هنا زحمة ودوشة على طول كده؟
– اسكندرية كمان زحمة على فكرة، أنتوا بس اللي ساكنين في منطقة هادية.
سكت شوية فابتسمت هي وقالت بهدوء:
– اتخانقتوا المرة دي ليه؟
بصيتلها:
– المرة دي ماكنتش خناقة، دي كانت النهاية، احنا مش متفاهمين، ومكناش لبعض من الأول.
– مقصدش فارس، أقصد روان.
ابتسمت بسخرية:
– برضو مش متفاهمين، حاولت كتير وعلى إيدك، بس النتيجة دايمًا صفر.
– الفكرة إنك دايمًا بتحاولي تدافعي عن نفسك قدامها يا رها.
بصيتلها باستغراب:
– طب ما هو طبيعي! عشان متفهمنيش غلط.
اتعدلت في قعدتها وبدأت تتكلم:
– بالعكس، أهلك دايمًا مصدرين لروان فكرة إنك شخص مثالي، مبيغلطش أبدًا، وفكرة إنك تحاولي تثبتي لها إنك مبتغلتطيش معاها، ده هيزود الفجوة أكتر، لأنها مش هتشوفك أبدًا بتحاولي تدافعي عن نفسك، هتشوفك بتحاولي تبيني قد إيه أنتِ مثالية وخلاص، والفجوة دي مش هتنتهي نهائي.
سكت شوية بعدين قولت بتركيز:
– أنا فاكرة في مرة واحنا بنتخانق قالتلي جملة زس كده، “جاية تمثلي عليا أنا كمان قد إيه أنتِ شخص مثالي؟”
أنا فاكرة أنها قالت كده.
نفخت بزهق وكملت:
– بعدين أنا مش كده، أنا بغلط وكتير، بس أكيد مش كل الأوقات هروح اقول لأهلي مساء الخير أنا عملت مصيبة!
– بالظبط كده، وده اللي لازم تحاولي توصليهولها.
– يعني إيه؟
– يعني تاخدي مثلًا رأيها في مشكلة تخصك، حتى لو هتضطري تفتعلي مشكلة وميكونش فيه مشكلة بجد، وهاتيها من ناحية إنك بتشوفي وجهات نظر مختلفة، وإن جيلهم عقلهم أكبر من سنهم، فأنتِ لجأتي لها ومتأكدة أنها هتفيدك.
سكت شوية حاولت استوعب كلامها، بعدين قولت:
– ولو راحت قالت لبابا وماما؟
– على حسب معرفتي بروان هي مش هتعمل كده،
هي هتشوف إن مفيش فرق بينك وبينها، ما أنتِ اهو شخص عادي بيغلط مش زي ما هي حاطة في بالها.
– تفتكري.
ابتسمت:
– أفتكر.
شربت آخر شوية شاي في كوبايتي، بعدين قومت:
– هاتي طيب مفتاح الشقة اطلع اشوفها.
– بس دي لسه فيه حاجات فيها مخلصـ…
قاطعتها:
– هشوفها بس عشان احدد هعمل فيها إيه.
قامت وقالت:
– المفتاح جوه هروح اجيبه.
دخلت هي الأوضة ووقفت أنا استناها عند الباب، ثواني ولقيت موبايلها بيرن، كان قريب مني فروحت اشوف مين، لقيت رقم متسجل My Brother، بصيت للموبايل باستغراب، بعدين لقيت مريم بتقرب، فسألتها:
– بقى ليكِ أخ امتى؟
ضحكت:
– ده زين!
سكت شوية بعدين قولت:
– أخوكِ في الرضاعة ده؟
ابتسمت وهزت راسها، أخدت من الموبايل وهي بتقولي:
– الشقة اللي فوق الشقة اللي في وشنا.
طلعت السلم بحماس وفتحت الشقة، كانت نضيفة بنسبة كبيرة جدًا، نفس نظام شقة يزن تقريبًا باختلاف إن المطبخ هنا مفتوح، دخلت اتفرجت على الأوض وبعدين اتحركت لبلكونة الصالة، وفتحتها، وأول ما دخلت لقيت تراب بيترمي في وشي!
حطيت إيدي على عيني وصرخت، فسمعت صوت بيقول:
– أنتِ مين أنتِ؟
كنت بحاول افتح عيني بصعوبة وبصرخ لحد ما سمعت الجملة دي، فرديت بعصبية:
– أنت يا بني آدم أنت معندكش دم؟
حد يعمل كده؟
سمعت صوت مريم بتقول:
– في إيه يا حبيبي؟
شهقت وكملت:
– إيه ده إيه اللي حصل؟
خليكِ مكانك ثواني.
تراب دخل في عيوني ومناخيري وجوه بؤقي، بداية مبشرة جدًا بصراحة.
ثواني ولقيت مريم جمبي:
– اغسلي وشك، الماية أهي.
فتحت إيدي فدلقتلي فيها شوية ماية غسلت عيني، رفعت راسي وبصيتله بحدة، كان في البلكونة اللي جمبي بالظبط، واقف مربع إيديه وباصصلي بلامبالاة زودت عصبيتي أكتر وأكتر:
– في حد يعمل عملة زي دي؟
– مشوفتكيش، أنتِ طلعتي قدامي فجأة.
رديت بسخرية:
– وهو حتى لو مطلعتش قدامك فجأة، فيه حد يرمي تراب في بيوت الناس؟
بصلي من تحت لفوق لثواني بعدين بص لمريم وقال:
– مين الكتكوتة؟
ابتسمتلي مريم بإحراج وبصتله:
– دي رها أخت يزن، قولتلك أنها جاية وهتسكن هنا.
بصلي:
– نسيت.
كمل وهو بيدخل لشقته:
– تشرفنا يا كتكوتة.
سابنا ودخل من غير ولا كلمة زيادة، فضلنا أنا ومريم باصيين للمكان اللي كان واقف فيه، بعدين بصتلها:
– عندكم حد في عيلتكم بنفس ليڤيل قلة الذوق ولا ده حالة نادرة؟
ابتسمت بإحراج وهي بتشدني للشقة:
– زين طيب أوي والله، بس هو بارد حبتين، مبيعرفش يتعامل مع المشاعر الإنسانية.
– هو أنا طالبته يقولي بحبك؟ كان المفروض على الأقل يعتذر.
– أي شعور إنساني وأي تصرف اجتماعي مبيفهمش فيهم، بس هو شخص طيب ومحترم جدًا حقيقي.
– لأ ما هو واضح.
خرجنا برا الشقة وقفلناها، وقفت هي على باب شقته وقالت:
– لما تخلص أكل ناديني آخد الأطباق.
رجعتلي تاني وشدتني ننزل، دخلنا الشقة وقعدنا قدام التليفزيون، فقالت:
– امتحانات نص السنة هتخلص كمان 20 يوم.
بصتلها فكملت:
– فأنا يعني كلمت روان وقولتلها تيجي تقضي الأجازة هنا.
– ووافقت؟
– قالتلي هتشوف.
سكتنا شوية بعدين اتكلمت:
– تفتكري يا مريم الدنيا هتنصفنا؟
– لازم تنصفكم، أنتوا حتة من بعض يا رها، مهما اتخانقتوا، مهما كان فيه خلافات، مهما كل واحد انشغل في حياته، هتفضلوا برضو روح واحدة، ده مش بإرادتكم نهائي.
طول عمري بشوف علاقة الاخوات أحن وأغرب علاقة في الدنيا، نكون متخانقين مبقالناش دقيقتين، ونرجع نتكلم ولا كأن فيه حاجة، مش دايمًا مضطرين نبرر، مش دايمًا مضطرين نعتذر، لأننا عمرنا ما هنتفهم غلط.
زمان أنا وروان كنا كده، من كام سنة وأنا في ثانوي وفي الجامعة، مكناش بنبعد عن بعض برغم فارق السن والدراسة.
ولكن من بعد ما روان دخلت اعدادي والحال اتغير، أخطر وأسوء سن في الدنيا هو بداية المراهقة، اللي شوفته في اصحابي وفي اللي حواليا في السن ده خلاني خايفة على روان بزيادة، بالتالي حست إني بخنقها فبدأت تبعد، أجيالنا مختلفة عن جيلهم تمامًا، وده اللي أهلنا مقدروش يفهموه، ومن هنا بدأت كل حاجة.
***
تاني يوم طلعنا بدري أنا ومريم نضفنا الشقة كلها، خدت مننا اليوم بطوله حقيقي، خلصنا وطلعنا الشنط بتاعتي هنا وبعدين نزلت هي تحت، ودخلت أنا اخد شاور.
أول ما خلصت لقيت الباب بيخبط، فتحت لقيته زين!
– نعم؟
– مريم بتقولك انزلي عشان الغدا.
هزيت راسي، ودخلت اجيب المفتاح والموبايل من جوه وطلعت تاني ملقتهوش!
كان هيتشل لو بقى عنده شوية ذوق ودم واستناني ننزل سوى؟
نزلت وفتحلي هو الباب وقعدنا كلنا نتغدى.
***
“بعد أسبوعين”
الاسبوعين فاتوا بنفس النظام، بنصحى الصبح نودي فريدة عند مامت مريم، ونروح الشغل كلنا، حتى زين اللي اكتشفت أنه شغال معانا في نفس الشركة، بنجيب فريدة واحنا راجعين وبنرجع نعمل أنا ومريم الغدا ونتغدى كلنا سوى، بعدين اللي عايز ينزل ينزل واللي عايز يخرج يخرج.
في يوم بعد الغدا كان مريم وزين قاعدين في البلكونة، كنت داخلة لمريم عشان عايزاها فسمعتهم بيتكلموا، في العادي كنت همشي لأني أكيد ميخصنيش كلام اتنين اخوات، بس الكلام كان.. عليا!
– هي جاية هنا ليه بقى؟
ردت مريم بعصبية:
– عيب كده، بعدين هي مش قاعدة فوق راسك.
رد ببرود:
– هو سؤال، مأجرمتش.
– هي لسه متطلقة من حوالي شهر، فحبت تبدأ حياة جديدة بعيد.
ابتسم بسخرية:
– واتطلقت ليه الكتكوتة؟ قفشها ولا إيه؟
سابت الكوباية على التربيزة وبصتله بتحذير:
– اللي بتغلط فيها دي تبقى أكتر من أختي، وأخت يزن كمان، فياريت تلتزم حدودك وتعرف بتتكلم عن مين.
بصلها بنفس النظرة الباردة، فقربت ومسكت إيده:
– أنا فاهماك، بس مش كلنا زي بعض، لا أنا ولا رها ولا أي واحدة في الدنيا ميار، فبلاش تعمم يا زين.
خدت نفس وقربت منهم عشان يشوفوني:
– مريم لو سمحتي محتاجة مفاتيح العربية عشان اروح اجيب روان لأنها قربت توصل.
– يزن خدها عشان عربيته بتتصلح.
اتنهدت:
– طيب هركب إيه من هنا؟
– هوصلك.
بصيناله أنا ومريم بذهول، فبصلنا ببراءة:
– عشان متتبهدليش في المواصلات بس!
بصينا لبعض وقام هو وقف، عدى من جمبي وقال بصوت معتقدش وصل لمريم:
– مستنيكي يا كتكوتة.
خرج من الشقة فبصينا أنا ومريم لبعض باستغراب:
– زين الكاشف قرر يساعد حد؟
– أنتِ متأكدة من أخوكي ده طيب ولا هيطلع قاتـ ـل متسلسل ولا إيه؟
ضحكت:
– متقلقيش، هياخدك ويرجعكوا زي الفل.
نزلت تحت لقيته مستني في العربية، ركبت جمبه بهدوء وقبل ما يتحرك قولت:
– متشكرة.
ضحك:
– العفو يا كتكوتة.
لأ كده كتير!
خدت نفس وحاولت اهدي نفسي، معلش محتاجينه، مضطرين بس عشان منتوهش.
– بس اللي يسأل ميتوهش عامة.
بصيتله بذهول فقال:
– بتكلمي نفسك بصوت عالي.
حطيت إيدي على بؤقي لثواني، بعدين قولت بإحراج:
– أنا آسفة والله.
بصلي وابتسم باستفزاز:
– ولا يهمك يا كتكوتة.
ياربي! من الواضح إن أيامنا الجاية كلها هتبقى أغرب من بعض.
وصلنا ووقفنا شوية بعدين لقيت روان بتتصل، فنزلت جبتها ورجعنا تاني، كان واقف مستنينا وسلم عليها، بعدين ركبنا كلنا واتحركنا.
سلامنا كان جاف نوعًا ما، بس أنا ارتاحت أنها بقت جمبي، هي غريبة شوية، حساها أهدى حبتين، نظرتها نفسها مختلفة!
بعد يومين كنت قاعدة في البلكونة، بحاول اخلص النص الأول من الرواية، من أول ما جيت هنا ويزن أقنعني أرجع أكتبها تاني، حتى لو مش انزلها، بس على الاقل حاجة اشغل بيها وقت فراغي.
حسيت بحد جمبي فرفعت عيني لقيتها روان..
كانت واقفة بتفرك إيديها بتوتر، بصتلي وقالت:
– خدت المفتاح من مريم.
قفلت اللاب وشاورتلها تقعد، بعدين سألت:
– محتاجة حاجة؟
قعدت وبصتلي من غير كلام، بعدين قالت:
– حصل حاجة من فترة..
اتعدلت وانتبهتلها:
– حصل إيه؟
– فـ…

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية استقلال)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى