رواية نيران الغجرية الفصل التاسع 9 بقلم فاطمة أحمد
رواية نيران الغجرية الجزء التاسع
رواية نيران الغجرية البارت التاسع
رواية نيران الغجرية الحلقة التاسعة
الخطر.
____________________
” ماذا نفعل و المسافة بيننا كعمق المحيط ؟
أنت لا تستطيعين الطفو إلى ..
و أنا اِن غصت إليك سنغرق معا ! ”
أغلقت الكتاب الذي كانت تطالع أوراقه دون تركيز ثم وضعته جانبا تتذكر المكالمة التي تلقتها من إبن عمها منذ ساعات ……
Flash back
( ظلت ثوان جامدة مكانها تحاول إستيعاب أنها تسمع صوت الرجل الذي تبغضه و تخافه بشدة حتى وصلتها ضحكاته الساخرة :
– ايوة عثمان ايه لحقتي تنسي صوتي بالسرعة ديه ؟ الظاهر عمار البحيري عامل شغل عالي معاكي.
حاولت مريم السيطرة على إرتجاف يدها و همهمت :
– انت عايز ايه و بتكلمني بدل مرات عمي ليه ؟
ضحك عثمان بإستهزاء عليها :
– ههه مالك متعصبة كده ليه و بعدين انتي زمان كنتي بتتمني نظرة واحدة مني و بتطيري من الفرحة لما اكلمك اشمعنا اتغيرتي دلوقتي.
ضغطت على شفتها بغضب و صاحت :
– بطل قلة أدبك ديه و متتجاوزش حدودك معايا انت دلوقتي راجل متجوز وانا كمان اتجوزت و نسيتك بعد ما عرفت نواياك الحقيقية و استغلالك ليا …. انا هقفل و اوعى تفكر تتصل بيا تاني و الا هخلي جوزي يتصرف معاك فاهم.
كادت تغلق لكنه أسرع يتحدث :
– استني يا مريم متقفليش انا كنت بهزر معاكي بس ، اتصلت عشان اقولك ان أبويا اللي هو عمك تعبان جدا و طالب يشوفك و أمي اللي طلبت مني اتصل بيكي من تلفونها.
لم تصدق كلامه فأعطى الهاتف الى عمها ليحدثها و تبين من صوته أنه مريض و يطلب رؤيتها لأنه إشتاق لها فترددت بالموافقة و قالت أنها ستطلب الإذن من زوجها أولا …. )
Back
تنهدت بصبر نافذ وهي تدلك رأسها بيديها جاهلة لما يجب عليها فعله الآن ، منذ زواجها زارت منزل عمها مرتين أو ثلاث مرات وكان ذلك في السنة الأولى فقط و بعدها لم تعد تذهب لأن عثمان يستغل كل فرصة لمضايقتها …
لكن الآن عمها الذي رباها مريض و يريد حضورها كيف تستطيع الرفض وهي تكن له مشاعر صادقة رغم قسوته عليها بعض الأحيان إلا أنه هو الوحيد الذي رعاها و سمح لها بالدراسة في المدينة قبل أن يعيدها الى القرية بعد إقناع عثمان له برفض عملها في القاهرة.
من جهة تريد الذهاب إليه راكضة و من جهة أخرى تخاف الإختلاء بإبن عمها و أيضا لا تعلم إن كان عمار سيوافق على إبتعادها عن المنزل كل هذه المسافة أم سيعترض …
________________________
فتح علبة سجائره يخرج واحدة أخرى ليدخنها وهو يستند باليد الأخرى على طرف الشرفة يتذكر ما حدث مع اليوم في المول ، رؤيته لها صدفة في الشارع وترته و جعلت أفكاره تتشتت كيف نسي أن مريم ذاهبة للتسوق مع صديقتها و الأدهى أنه أخذ ندى و زوجة والده الى نفس المول ، ترى هل رأته عندما كان مع إبنة عمه تتعلق بذراعه و تمازحه ؟
بالتأكيد فعلت و إلا لم تكن رفيقتها لتنظر له بغضب و قرف ، لكن من حسن الحظ حقا أن ندى كانت لا تزال في الداخل و إلا رأت الخاتم الذي أعجبت به سابقا في يد مريم و لاحظت إرتباكها و خوفها حينها عقلها لن يهدأ حتى تربط الخيوط ببعضها.
طرق باب الغرفة و دخلت الخادمة تناديه لطاولة العاء مع باقي العائلة فنزل معها متلقيا النظرات الهادئة من والده و العابثة من زوجة عمه فريال و البريئة من ندى و الغير مبالية من عمه …. نظرات مختلفة المعنى لكن دائما كانت ترسل له إنذارات واضحة بوجوب الريبة و الإحتراس فهو تعلم أن لكل فعل منه رد فعل من العائلة و ربما هو لا يثق بأي فرد منهم لعلمه بما تضمره دواخلهم إتجاهه !!
**** في صباح اليوم التالي.
استيقظ عمار و ارتدى ملابسه و إتجه الى شركة البحيري ، إجتمع مع رأفت و عادل و وليد مع أبيه السيد حسين يتناقشون حول الصفقة الجديدة حتى تحدث رأفت بجدية :
– يبقى انت يا عمار هتسافر دبي و تشوف الشغل هناك بيمشي ازاي ولو اتفقنا هنمضي على عقد الشراكة سفريتك مش هتطول هو شهر واحد وهترجع.
وافقه عادل مؤيدا :
– عمار شاطر في المناقشات ديه و الإقناع هيقدر يتفاهم مع العملا و يخليهم يوافقو على شروطنا.
نظر لهم بهدوء قبل ان يهتف :
– السفرية امتى ؟
– بكره بإذن الله.
– ماشي تمام هجهز نفسي.
إنتهى الإجتماع و غادر الحضور ليبقى وليد و عمار فقط ، تطلع الى رفيقه المنغمس في عمل ما ثم سأله :
– انت مالك باين عليك مدايق في حاجة حصلت امبارح في المول ولا توقيت السفرية مش عاجبك ياريتني كنت انا اللي هسافر بدالك.
تنهد عمار ووضع القلم بجانبه مغمغما :
– فاكر كلام سعاد هانم امبارح وهي بتحكيلك على واحدة ساعدتها لما رجلها اتأذت ؟ البنت ديه بتبقى مريم مراتي.
شهق وليد بذهول :
– نعم مريم مراتك ؟
حكى له بإختصار عما حدث و أكمل بغضب مكتوم :
– للحظة حسيت نفسي اتجمدت ومعرفتش اتصرف مكنتش متوقع اشوفها وانا مع عيلتي كويس أن ندى مكنتش معانا و الا كانت هتاخد بالها من الدبلة اللي ف إيد مريم اصلها نفس الدبلة اللي عجبتها.
وليد :
– قلقك ده ملوش داعي لأن في سبعين دبلة بنفس المواصفات بنت عمك هتعرف منين أنها نفسها ولا انت فاكر ان ندى لسه فاكرة وش مريم لما شوفناها في المطعم أكيد نسيتها من زمان.
تهكم عمار بسخرية :
– لا ذاكرتها قوية جدا و مبتنساش بسهولة اضافة لأنها شافتني واقف مع مريم في المطعم يعني الموضوع مش محتاج ذكاء عشان تكشف الحقيقة.
– شافتكو امتى ؟
تذكر عمار عندما بعث رسالة لمريم يوم كانت في المطعم حينها انتبه الى تركيز ندى عليهما و حتى عندما عاد إليها رآها تنظر الى زوجته بدقة و بالطبع أدركت من توترها و غضب وجود علاقة تربطها و زاد تأكيده عندما أخبره وليد بعد الحادثة بأيام أنه رأى ابنة عمه تتجه للرواق و عادت منه و الصدمة جلية على وجهها …. يكاد يجزم أن ندى رأته وهو يقبل مريم و حسبتها حبيبته لذلك كانت متفاجئة رغم إدعائها المرح.
أما وليد فكان يتذكر وجود الفتاة المدعوة هالة في المول البارحة و أدرك أنها كانت رفقة زوجة صديقه فتمتم بغرابة :
– مش عارف اقولك ايه انا مبقدرش اتخيل نفسي مكانك اقابل مراتي في الشارع و أعاملها زي الغربا عشان محدش يكتشف علاقتنا …. بس كله بسببك انا كام مرة قولتلك تعلن جوازك منها و تدخلها بيتكم بس انت رافض مع انها بنت كويسة و هادية و بتسمع كلامك يعني مش بتاعت مشاكل.
تأوه عمار بخنق و أعاد ضهره للخلف بصمت ينظر الى وليد الذي فتح أزرار قميصه وهو يردد :
– كأن الجو حر النهارده.
تركزت عينا الأخير على صدر رفيقه و سرعان ما فتح فمه هامسا بريبة :
– ايه اللي على صدرك ده يا وليد مين عمل فيك كده ؟
تلمس وليد الخدوش على بشرته و تذكر هالة التي تهجمت عليه البارحة بعدما ساعدها و تركته اظافرها آثارها عليها ، لم يلاحظ نظرات عمار المليئة بالإتهام و قال بدون إهتمام :
– واحدة شوفتها امبارح في الحمام بتاع المول.
– واحدة ؟
ابتسم وليد بسماجة :
– ايوة بنت شرسة كده اا …
قطع كلامه عندما وجد نفسه ينتفض بتفاجؤ عندما قذف عليه عمار إحدى متعلقات المكتب صائحا بذهول و غضب :
– انت اتجننت يالا و بتقولها قدامي عادي ازاي تخلي بنت تعمل فيك كده.
حدق فيه الآخر بعدم فهم و إستنكر أسلوبه :
– عمار انت بتعمل ايه والله انا كنت مركز في وشها و مخدتش بالي لما خرمشتني ليه العصبية ديه كلها !!
إزداد غيظه فرمقه بإشمئزاز مبرطما :
– مخدتش بالك هه وانا بقول ليه اتأخرت امبارح أتاريك كنت شايف مزاجك انت دخلت مستويات جديدة في الصياعة ولا ايه ؟
مع جملته الأخيرة فهم وليد ما يرمي إليه أخيرا فضرب جبينه بخفة ساخرا :
– انت دماغك راحت فين انا مبقصدش اللي في بالك بص انا امبارح شوفت شاب بيدايق بنت وهي خافت واتخبت في الحمام وانا لحقتها على اخر لحظة و أنقذتها بس فهمتني غلط و اتخانقنا شوية و في الاخر خرمشتني و مشيت … ده اللي انا بقصده صفي النية شويا.
حدق فيه عمار ببلاهة لثوان قبل أن يرفع حاجبيه بإدراك بعدما توضحت له الأمور بينما إستطرد وليه وهو يتنهد مبتسما :
– بتعرف مين البنت ديه ؟ نفسها المحجبة اللي كانت في المطعم مع مراتك و اسمها هالة على ما أظن اعتقد كانو سوا امبارح.
بمجرد ذكر تلك الفتاة مط عمار شفته بضيق وهو يشعر برغبته في صفعها بسبب نظراتها المشمئزة منه …. ورغم هذا أراد أن يضايق رفيقه فغمغم ساخرا :
– يعني خليت بنت تعلم عليك يا راجل كنت امسك ايديها و ابعدها عنك بالراحة بدل ما الناس بتفهمك غلط.
– على اساس ان مراتك معلمتش عليك قبل كده.
ضحك عمار بإستهزاء منه على تفكيره فكيف لمريم فعل هذا وهي لا تتجرأ على رفع صوتها في حضوره أو قول كلمة من بعده و حتى النظر له دون أن يأذن لها.
أيقظه من شروده صوت وصول رسالة من زوجته فتحها وكان مضمونها أنها تطلب رؤيته عاجلا بخصوص أمر هام ، حدق فيها برفعة حاجب و رجح أن هذا الأمر الهام يتعلق بأهلها.
فهو بالأمس وصله اشعار مفاده أن مريم تلقت إتصالا من زوجة عمها ، حينها لم يستطع التصنت على المكالمة من بدايتها لأنه كان جالسا وسط أفراد عائلته.
و حينما سنحت له الفرصة وضع الهاتف على أذنه ليعرف أن مريم تحادث عمها وهو يسألها عن حالها فأغلق الخط دون معرفة ما هو الموضوع الذي يريدها فيه لأن ندى و جدته كانتا تناديانه فلم يقدر على التصنت أكثر …
عاد عمار من شروده و أكمل عمله ثم بعد بضع ساعات كان يدخل الى شقته.
كانت مريم مستلقية على فراشها و عندما سمعت صوت غلق الباب إنتفضت تركض إلى عمار بلهفة ، إقتربت منه مرددة بإبتسامة :
– حمد لله على سلامتك وحشتني … مبسوطة انك جيت.
همهم عمار بإيجاب :
– الميسيج بتاعك شغلي بالي وكمان انا مسافر بكره و جيت عشان أودعك.
فجأة إنطفأت الإبتسامة التي على وجهها و تجهمت بأسى :
– هتسافر بكره و جاي تقولي دلوقتي ؟
كان في كلامها نوع من الإستهجان و أدرك الأخير ذلك فأمسك كتفيها و أجابها :
– احنا من الأول كنا متفقين اني أنا اللي أسافر بس الميعاد لسه متحدد اليوم الصبح و أنا نفسي اتفاجأت.
– وانا لازم ازور بيت عمي يا عمار.
– مفيش مشكلة هخليكي تزوريه لما ارجع.
بس الموضوع مبيتأجلش.
قالتها بإندفاع قبل أن تتراجع و أكملت وهي تشاهد جمود وجهه :
– انا عرفت ان عمي تعبان كتير و طلب يشوفني فأسرع وقت وانا لازم اروحله.
زفر عمار بضيق و دلك صدغيه مغمغما بنبرة كانت أقرب للسخط :
– بس هتروحي ازاي و مع مين وانا مسافر بكره ؟! سفريتي مبتتأجلش بردو.
دمعت عيناها عندما إستشعرت رفضه و تأففت لتهدر بإحتجاج :
– وانا عمي اللي رباني مريض و طالب ابقى جمبه مش كفاية بقالي اكتر من سنة مشوفتش حد من أهلي يا عمار في ابه انت عايز تمنعني عنهم كمان !
شد على فكه بتزمت من صوتها العالي و هجومها لكنه تمالك نفسه عندما استطردت :
– بعدين مش لازم تجي معايا خلي الشوفير يوديني و يرجعني و انت سافر براحتك.
“نعم يا حيلتها ” ، كاد ينطق بهذه الجملة الفضة و الفاقدة للإحترام مستنكرا كلامها و صوتها الذي بدأ يغضبه و لكنه حاول تهدئة نفسه خاصة أنها محقة في حديثها …
مريم لم تزر عائلتها منذ وقت طويل جدا و ليس من حقه أن يمنعها عنهم و في الحقيقة كان يجب عليه ان يتوقع مثل هذا الطلب منها عندما رأى أنها تلقت مكالمة من زوجة عمها.
تأفف عمار و أولاها ضهره يدلك عنقه كعادته عندما ينفعل ثم التفت لها مغمغما :
– تمام جهزي اللي تحتاجيه هتروحي بكره.
أشرق وجه مريم بسعادة رغم خيفتها من التواجد مع إبن عمها في مكان واحد لذلك قالت :
– متشكرة اوي بس انا هروح مع مين اقصد يعني انت هتبعت مين معايا ؟
– ميهمكيش جهزي نفسك و انا هجي بكره الصبح اشوفك.
– مش هتقضي الليلة ديه هنا ؟
– لأ عندي شغل.
غادر الشقة سريعا و اتجه الى قصر البحيري دخل غرفته وطلب رقم وليد …
عاجل بالكلام بمجرد فتح الخط :
– وليد مش انت كنت عايز تسافر دبي بدالي.
– ايوة ده حتى انا كنت مجهز الشنطة بتاعتي.
قالها الآخر ضاحكا ليفاجئه عمار يهتف بحزم :
– يبقى انت اللي هتسافر يا وليد …. انت درست الصفقة بالتفصيل اكتر مني و هتعرف تشتغل معاهم مش هنقلق عليك.
بعد دقائق من الإقناع وافق وليد و أخبر عمار والده و عمه عن الأمر و رغم غضب رأفت رضخ في الأخير لأسباب مجهولة …
______________________
في اليوم التالي.
غادر عمار مع مريم التي كانت سعيدة للغاية لأنه تخلى عن سفره مقابل مرافقتها إضافة لأنها لن تخاف من عثمان في وجود زوجها بجانبها و هاهو قد جلب لها أكياس مليئة بالهدايا لتقدمها إلى عائلتها ثم إنطلقا معا.
إستندت على زجاج نافذة السيارة و فجأة لاحظت وجود سيارة بدت لها أنها تلحق بهما فإعتدلت في جلستها و تذكرت حدوث هذا الموقف البارحة ، نظرت الى عمار تخطط
لإخباره و اندهشت عندما وجدته يرسم على وجهه إبتسامة جانبية لم تتبين محتواها ثم أصبح يقود بسرعة زائدة و في بضع دقائق كانت السيارة السوداء اختفت.
وضعت مريم يدها على قلبها تتنفس بقوة ثم سألته :
– هي العربية اللي كانت ماشية ورانا من شويا كانت قاصدانا وانت هربت منها صح ؟
همهم عمار ببرود :
– متركزيش.
رفعت حاجبيها بذهول منه لكنها إلتزمت الصمت أما الآخر فحدث نفسه :
– كل مرة بتقولي انك بطلت تلحقني يا رأفت بيه وبعدها الاقيك بعت رجالتك ورايا …. العربية ديه عربيتك انا متأكد بس مكنتش موجودة الأيام اللي فاتت كانت بتلحقني عربية مختلفة …. يا ترى قصدك ايه من الحركة ديه.
تراءت إبتسامة خبيثة على وجهه و تابع :
– اكيد رجالتك دلوقتي هيقولولك اني راكب مع بنت و هتفتكرها حبيبتي متشوق أشوف ردة فعلك لما تعرف.
و أظلمت عيناه مبتسما بسادية مريضة وهو يتخيل موقف عائلة البحيري لو اكتشفت أن الإبن الأكبر متزوج في السر بغجرية فاتنة تاركا بنات الطبقة الراقية ، سيجن جنونهم حتما و هذا بشكل ما او بآخر يسعده !!
انتشله صوتها الرقيق المرتبك من شروده :
– عمار بخصوص اللي حصل في المول اول امبارح انا والله ما كنت اعرف ان الست بتبقى مرات أبوك حتى اتصدمت لما شوفتك قدامها انا كان بس قصدي اساعدها …..
قاطعها بغلظة :
– عارف يا مريم اساسا انا مكنش ينفع اوديهم المول ده لأنه نفسه اللي انتي بتحبي تروحيله بس معرفش ازاي نسيت انك هتخرجي مع صاحبتك في نفس اليوم ….. المهم عدت على خير مش عايز اتكلم في الموضوع ده تاني.
بعد بضع ساعات توقفت سيارة عمار في تلك القرية الريفية الجميلة ، ترجل منها و أمسك بيد مريم التي تلتف حول توزع نظرها على البيوت البسيطة و الأشجار و تشم ذلك الهواء الذي رغم إنعدام رائحته إلا أنه يتميز بنقاء يجعل قلبها شَرِحا …. اولئك الجيران الذين توقفوا الآن ليرحبوا بها و يعاتبوها في نفس الوقت على إنقطاعها عنهم جعلها تدرك كم إشتاقت لبيئتها و الى ماضيها مع والديها قبل أن يتوفاهما الله ، و تتمنى لو كانا على قيد الحياة لتزورهما مع زوجها و أطفالها مثلا !!
تأوهت بحسرة فإنتبه عليها عمار الذي كان يركز في المناظر أمامه ثم عند ملاحظته للكثير من الرجال في الشارع إستدار يتأكد من هيأة زوجته …. كان ترتدي بلوفر أبيض شتوي يصل الى أسفل ركبتيها بقليل و حذاء بني طويل يغطي الجزء العاري من ساقيها مع معطف بنفس اللون.
كانت قد لملمت شعرها المموج بأمر منه و ربطته على شكل ذيل حصان ….هز عمار رأسه برضا من ملابس مريم المحتشمة ليتوقفا بعد قليل أمام المنزل المتواضع ، شهقت مريم بلوعة و التمعت عيناها بدموع الشوق هامسة :
– مش مصدقة اني رجعت شوفت بيت أهلي أخيرا … وحشوني اوي.
قالتها وهي تطالعه بإبتسامة فبادلها مغمغما :
– يلا ندخل.
همهمت بحماس و فرحة لم يشتد عودها بعد عندما رفعت رأسها بتلقائية فتراءى لها وجه عثمان الذي كان يطل من النافذة و ابتسامته تتسع بظفر ، فضغطت على يد عمار تستمد القوة منه وهي تستعد لوطأ منزل إبن عمها المتحرش … و حبيبها السابق !
_________________
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية نيران الغجرية)