روايات

رواية لقاء في القطار الفصل الحادي والثلاثون 31 بقلم جوجو

موقع كتابك في سطور

رواية لقاء في القطار الفصل الحادي والثلاثون 31 بقلم جوجو

رواية لقاء في القطار الجزء الحادي والثلاثون

رواية لقاء في القطار البارت الحادي والثلاثون

رواية لقاء في القطار الحلقة الحادية والثلاثون

نبه فاروق على أحفاده بعدم إخبار عواطف بتلك المرأة التى تدعى هادية والتى تزوجها أبيهم .. كما كانت رودينا – رحمها الله – قد نبهت عليهم منذ البداية بعدم التفوه بشئ لأى مخلوق أياً كان وألا يتحدثون فى شئ يختص بالكبار قط .. وكان أطفالها يسمعون كلامها وينفذونه .. وفعلوا نفس الشئ مع جدهم .. ولكن الابنة الكبرى جنة سألت جدها عن السبب ..

جنة : ليه ياجدو مش عايزنا نقول لتيتة على الست اللى بابا اتجوزها ..
فاروق ( ببساطةٍ شديدة ) : عشان ياحبيبتى لو تيتة عرفت ان بابا اتجوز واحدة تانية غير ماما حتتعب وممكن يجرالها حاجة .. انتى عايزة تيتة يحصلها حاجة ..
جنة : لا ياجدو انا بحبها اوى وعيزاها تبقى كويسة وبحبك انت كمان ..
فاروق ( بارتياح ) : واحنا كمان ياحبيبتى بنحبكم اوى ..

انتهت مشكلة محمد مع زوجته الغادرة ورجعت له كل نقوده .. ورجع لأولاده واحتضنهم وكأنه لم يراهم منذ مائة عام .. احتضنهم وكأنه يحتضن زوجته التى تحملت نزوته الرخيصة .. زوجته التى يفتقدها بكل جوارحه .. جلس يلاعب أطفاله ويرى فيهم وجه رودينا البرئ الجميل .. ينعى فقدانها ويلوم نفسه على إهمالها .. تلك المرأة هى التى حافظت عليه وعلى بيته وعلى أولاده .. هى التى جعلت من بيته جنة لم يكن يجب عليه أن يتخلى عنها .. هى التى فتحت أبوابها له وهى التى سامحته وتحملت ظروفه الصعبة .. تحاملت على نفسها آلامها .. وتحملت مرضها ولم تخبر أحداً إلا فى أواخر أيامها فى تلك الدنيا .. كم يشعر بالقهرة من نفسه .. كم يشعر بالخزى من نفسه .. كيف سيستطيع الحياة دون تلك المرأة التى يتواجد بها صفات كثيرة طيبة .. لقد منَّ الله عليه بتلك الزوجة الجميلة .. ولكنه لم يقدر نعمة الله عليه ..

ماتت أم أطفاله وحب حياته كلها .. ماذا سيحدث له أكثر من ذلك .. لم يفرق معه رحيل تلك الغادرة من حياته فهى لم تمثل له شيئاً سوى الرغبة .. رغبةٌ عابرة .. نزوةٌ مسيئةٌ له ولحياته .. نزوة أطاحت بكل ما يمتلك .. ليس مادياً .. ولكن معنوياً ..

ولكن ياترى ماذا حدث لتلك المرأة التى كانت فى حياته نزوةٌ مسيئة ؟!!

طُلِّقت هادية من محمد وأصبحت حرة .. تستطيع الزواج من أى ضحيةٌ جديدة .. أو هكذا خُيِّلَ لها .. بالطبع كان الضحية الجديدة هو المهندس فوزى الشماس .. وبدأت مرةً اخرى فى لف حبالها عليه وكأنه حيوانٌ يساق حسب أهواءها المريضة .. هاتفه ..

هادية ( بدلع ) : الو ..
فوزى : ايوة .. اهلا مدام هادية ..
هادية : ايه ده انا زعلانة منك اوى ..
فوزى : ليه خير ؟
هادية : معقولة يعنى متسألش عنى كل ده ..
فوزى : معلش والله مش فاضى .. عندى شغل كتير .. ليه هو فى حاجة مهمة ..
هادية : ايوة مش كنت قلت لى حتصمملى ديكور فيلتى الجديدة ..
فوزى : فيلتك الجديدة .. لا والله ممكن تشوفيلك حد تانى .. انا عندى شغل كتير ..
هادية ( بصدمةٍ ) : ايه ؟ انت ازاى تقولى الكلام ده ..
فوزى : اومال مفروض اقول ايه لواحدة نصابة .. باعتلى شقة جوزها وجابت فيلا بفلوسه .. وهربت منه عشان ميعرفش مكانها .. لكن ربنا كبير وكشفها ..
هادية ( برعب ) : انت بتقول ايه .. ايه الكلام الفارغ ده ؟
فوزى : ابقى اسألى الاستاذ محمد جوزك وهو يقولك .. انا مش فاهم انتى عايشة ازاى فى الدنيا بالنصب والكدب والخداع ده .. اياكى تتصلى هنا تانى .. مع السلامة يامدام ..

أغلق فوزى الخط بطريقة جعلت هادية تنهار .. فلقد خسرت كل شئ .. استرجع محمد منها نقوده .. وتخلى عنها الضحية الجديدة .. وأصبحت لا تملك شيئاً إلا جمالها وأنوثتها .. سلاحها الذى ستصطاد به الكثير ..

مرت شهور .. وعواطف بدأت فى التحرك قليلاً .. دون مساعدة أحد .. وانتفخت بطن آية بشدة فلقد أصبحت فى الشهر الثامن وكذلك مروة رغم أنها مازالت فى الخامس فقط .. وكانت فاطمة فى آخر أيامها فى الحمل .. واقترب ميعاد ولادتها .. وتركت معرفة نوع الجنين إلى الله سبحانه وتعالى وكما يريد فسترضى به أو بها ..

فى وقت المغرب كان حاتم وزوجته يجلسان وحدهما فى شقتهما .. يتحدثان عن كل شئ ..

حاتم : ياااااه ياآية .. دى الايام بتمر بسرعة اوى .. انا فاكر انى لسة شايفك امبارح فى القطر .. النهاردة مراتى وفاضلك شهر وتولدى ..
آية : اه والله عندك حق ياحاتم .. بس برده عشنا كل يوم من ساعة ما اتعرفنا لحد النهاردة وحنفضل مع بعض على طول بإذن الله ..
حاتم : يارب ياآية .. الفترة اللى فاتت فيها حصلت فيها أحداث كتيرة .. موت رودينا الله يرحمها ومشاكل جوزها ومرض ماما .. ياااااااااااه .. كنت حاسس ان دماغى حتنفجر خلاص ..
آية : لا ياحبيبى سلامة دماغك .. حقوم بقى احضر العشا لينا وانت نادى على بابا وماما .. واللا تحب ناكل عندهم هناك ؟
حاتم : ياحبيبتى ارحمى نفسك شوية .. انتى مبتقعدش ساعة على بعضها من غير شغل ..
آية : معلش خلينى اتحرك عشان متعبش فى الولادة .. واهو الحمد لله حولد طبيعى ..
حاتم : يارب تقومى بالسلامة يارب واشوف ابنى بقى ..
آية : يارب ياحاتم يارب انا كمان حموت واشوفه مشتقاله اوى اوى .. ياللا حقوم احضر العشا وروح انت اندهلهم ..
حاتم ( بمرح ) : من عنية ..
آية : تسلم عينك يارب ..

حانت اللحظة الحاسمة .. ليست لحظة آية بل لحظة فاطمة .. أول قائمة الصديقات الحوامل ..

كانت فاطمة جالسة مع أيمن زوجها وبطنها ممتدةٌ أمامها وكبيرة .. وتشعر ببعض التقلصات الخفيفة وحركةٍ بطيئة ..

فاطمة : خلاص زهقت ..
أيمن ( بمرح ) : من ايه ؟ منى ؟
فاطمة ( بدلع ) : منك ايه بس ياأيمن هو انت فى حد يقدر يزهق منك ..
أيمن : أومال زهقتى من ايه ؟
فاطمة : ابنك رايح جاى جوة فى بطنى وشكله اتعلم جوة كراتيه .. كل خبطة والتانية ببقى حموت من التعب ..
أيمن : ههههههههههههههههه .. ما خلاص يافطومتى .. انتى قدامك يومين تلاتة وتولدى اهو ..
فاطمة : مينفعش النهاردة طيب ..
أيمن : هو يعنى بمزاجنا ..
فاطمة : ده لو كان بمزاجى كنت ولدته من يوم ما حملت فيه .. ده ورانى الويل فى ال9 شهور دول ..
أيمن : هى دى ضريبة الامومة .. استحملى بقى ياطمطم .. كلها يومين ياحبيبتى وتلاقى أحلى صرخة نازلة من أحلى بطن ..
فاطمة : يارب ياأيمن يارب .. انا بجد مرعوبة من لحظة الولادة .. من كتر ما بســ … آه ..
أيمن : فى ايه ؟
فاطمة : ابنك ضربنى تانــ.. آآآآه آآآآه … إلحقنى ياأيمن ..
أيمن ( فى قلق ومحاولة مرح ) : الله .. هو انتى فعلا حتولدى النهاردة واللا ايه .. لا مش فاضى .. ثم احنا بالليل ..

تنطلق صرخة من فم فاطمة .. تدوى فى شقتهما .. ولأول مرة يخاف أيمن لأنها المرة الأولى التى يسمع فيها مثل تلك الصرخة .. فيقوم سريعاً جهة الهاتف ليتصل بالدكتورة التى تتابع حالة فاطمة ..

أيمن : الو انا اسف يادكتورة انى بتصل بحضرتك فى الوقت المتأخر ده … انا زوج مدام فاطمة ..
الطبيبة : لا مفيش حاجة .. خير فى ايه ؟
أيمن : فاطمة تقريبا بتولد ..
الطبيبة : طيب انا رايحة دلوقتى على المستشفى هتهالى هناك اكشف عليها ..
أيمن : حاضر يادكتورة .. مع السلامة ..

وأيضاً اتصل بوالدى فاطمة .. ويرد عليه حماه ..

أيمن : إلحقنى ياعمى .. فاطمة بتولد ..
الأب : معقولة .. طيب انا حنلبس وجايين حالا ..
أيمن : لا تعالو احسن على المستشفى عشان نكسب وقت .. مستشفى دمشق فى المهندسين ..
الأب : ساعة بالكتير ونكون عندكو ..

ارتدى أيمن ملابسه سريعاً وساعد فاطمة التى كانت تصرخ من الآلام على ارتداء ملابسها .. واتصل بصديقه حاتم ..

حاتم : أيمن بيك .. ازيك يابنى ..
أيمن ( فى سرعة ) : الحمد لله .. بقولك خدلى اجازة بكرة ضرورى لانى مش جاى …
حاتم : ليه خير فى ايه ؟
أيمن : فاطمة بتولد .. ورايحين حالا على المستشفى ..
حاتم : ربنا معاكو يارب .. ربنا يقومها بالسلامة .. طيب مستشفى ايه ياأيمن ..
أيمن : دمشق اللى فى المهندسين ..
حاتم : طيب عايز اى حاجة .. اجيلك يابنى ..
أيمن : لا كتر خيرك ياحاتم .. المهم متنساش .. سلام سلام ..
حاتم : مع الف سلامة ياحبيبى ..

نظرت آية إلى حاتم فى قلق .. متسائلة ..

آية : فاطمة بتولد ياحاتم ؟
حاتم : ايوة .. ربنا معاها ..
آية : طب ما ياللا نقوم نروحلها ..
حاتم : والله انا قلت له اجيلك مرضيش ..
آية : وانت بتسأل ازاى .. مهو اكيد حيقولك لا .. احنا نروح على طول .. مش قالك المستشفى فين ؟
حاتم : ايوة قالى ..
آية : طب ياللا نقوم نلبس ..
حاتم : بس انتى كمان حامل وتعبانة ..
آية : انا حامل لكن مش تعبانة .. ياللا نروح لازم اقف جنبها ..

ارتدا الاثنين ملابسهما فى سرعة وخرجا من شقتهما ومرا على والدى حاتم وأخبروهما بما حدث .. وانطلقا إلى المشفى ..

وصلا حاتم وآية إلى المشفى وسألا فى الاستعلامات عن حجرة فاطمة ووصلا إليها .. وعند اقترابهما من حجرتها فإذا بهما يسمعان صرخةٍ منها .. فترتعش آية وتخاف أكثر من آلام الولادة .. ولكنها تتشجع وتدخل لها ..

آية : السلام عليكم ..
الجميع : عليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..

تتوجه آية إلى سرير فاطمة .. قائلةً ..

آية : ايه يافطومة .. شدى حيلك ياحبيبتى .. كلها دقايق وتسمعى أحلى صوت فى الدنيا ..
فاطمة ( باكيةٌ من آلامها ) : مش قادرة ياآية .. حسة انى حموت من الألم ..
آية : لا ياحبيبتى متقوليش كدة .. ربنا معاكى يارب .. هى الدكتورة فين ؟ شافتها ؟
أيمن ( بقلق ) : ايوة جت شافتها وقالت لسة شوية عليها ..
آية : شوية دى قد ايه ؟
أيمن ( هامساً ) : بتقول على الفجر ..
آية : اييييييييييه .. عديها على خير يارب .. ( ثم قائلةً لفاطمة ) : متقلقيش ياجميل .. هانت ..
فاطمة ( فى صراخ ) : ياااااااارب بقى … انا مش قادرة ياآية .. مش قادرة استنى .. طب ولدونى قيصرى مش عايزة طبيعى ..
آية : حبيبتى اللى خلاكى تستنى 9 شهور مش قادرة تستنى كمان كام ساعة .. معلش امسكى فية كل ما يجيلك الوجع .. وبعدين فى واحدة برده يبقى قدامها فرصة الولادة طبيعى وتقول قيصرى .. اتحملى شوية معلش عشان خاطر البيبى ..

مرت ساعات طوال .. وآلام فاطمة تزداد ويزداد معها صراخها .. حتى حانت اللحظة ..

جاءت ممرضات وأخذن فاطمة إلى حجرة العمليات وما هى إلا نصف ساعة بالصراخ والآلام والتعب الكبير والبكاء من جميع الأطراف .. وخاصةً أيمن فهو خائفٌ جداً على زوجته الحبيبة .. فرغم أن الرجل لا يبكى وأقوى من المرأة إلا أنه فى تلك اللحظة يتخلى عن تلك الفكرة ..

وخرج الصوت .. ظهر صوت بكاء طفلٍ فى أول ثانية له فى الدنيا .. ارتعش وبكى الجميع .. وباركو لأيمن .. قائلين ..

الجميع : مبروك ياأيمن ..
أيمن ( بسعادةٍ غامرة ) : الله يبارك فيكم المهم فاطمة .. عايز اطمن عليها ..

وما هى إلا دقائق حتى خرجت الممرضة بطفلٍ ملفوف على ذراعيها .. قائلةً ..

الممرضة : حمدالله على السلامة ..
أيمن ( فى لهفةٍ ) : ولد واللا بنت ؟!!
الممرضة : ولد .. مبروك ما جالك ..

هلل الجميع وفرحوا وبكت آية من الفرحة وتمنت مرور الأيام بسرعة حتى تلتقى بمولودها أو مولودتها .. وسأل حاتم صديقه الذى أصبح أباً ..

حاتم : ها ياابو الواد .. حتسميه إيه ؟
أيمن : زى ما اتفقت مع أمه .. اسم محمد على اسم الرسول عليه الصلاة والسلام ..
الجميع : عليه أفضل الصلاة والسلام ..
والد فاطمة : مبروك ياأبو محمد ..
أيمن : الله يبارك فيك ياعمى .. طب من فضلك الأم عاملة ايه ..
الممرضة : الحمد لله كويسة .. دقايق وتخرجلكو ..
حاتم : مش ياللا بقى ياأبو يامحمد ..
أيمن : ياللا فين ؟
حاتم : ياللا أذن فى ودنه اليمين والاقامة فى الشمال ..
أيمن : ايوة صح .. من فرحتى كنت حنسى ..
حاتم : ادينى فكرتك ياعم بس ابقى عد الجمايل بقى ..

وبالفعل أذن أيمن فى أذن ابنه محمد فى الأذن اليمنى وأقام فى الأذن اليسرى .. وخرجت فاطمة من حجرة العمليات .. كانت مخدرة ونائمة .. فهمس لها أيمن قائلاً ..

أيمن : بحبك ياأم محمد ..

فتحت فاطمة عينيها على صوت بكاء صغيرٌ بجانبها .. التفتت ببطءٍ شديد جهة وليدها الذى لم يبلغ الساعتين بعد .. مشتاقةٌ له .. ناظرةٌ له فى حبِ شديد .. فالتف حولها الجميع يباركون لها سلامتها وسلامة الصغير .. وكان أول المهنئين هو أبيها ..

والد فاطمة : حمد الله على السلامة يانور عينى ..
فاطمة ( بإجهادٍ ) : الله يسلمك يابابا .. ولد واللا بنت ..
والدة فاطمة : ولد ياحبيبتى ..
فاطمة : محمد ياأيمن ؟!
أيمن : طبعا ياحبيبتى .. زى ما اتفقنا بالظبط ..
فاطمة : طب ارفعه ناحيتى .. عايزة ابوسه ..

وبالفعل حمل أيمن وليده جهة أمه .. وتقبلُّه بحنانٍ جارف .. ويقشعر بدن آية لذلك المشهد .. وتقول فى نفسها .. كم اشتقت إليك ياصغيرى .. متى ستأتى .. متى ستنير حياتى .. وكأن حاتم يشعر بما تفكر به زوجته فيمسك يديها قائلاً ..

حاتم : قريب أوى ياآية حيشرف ابننا للدنيا ..

لم ترد عليه آية بل نظرت له نظرة انبهار بمعرفته ما يجول فى خاطرها ويزداد حبه فى قلبها .. وتشكر الله بأنه قسم لها حاتم .. ذلك الرجل التى لم ولن تقابل مثله ما حيت ..

مر ما يتقرب من الشهر .. وحانت لحظة آية ..

وقبل أن أحكى لكم كيف حانت لحظتها دعونى أولاً أقص لكم ماذا فعلت آية قبل الولادة بيوم ..

كانت آية بطبعها لا تحب غير نظافة يديها وكل شئ يكون منها هى فنظفت شقتها جيداً وشقة حماتها بل وغسلت عدة سجاجيد ومشايتين والستائر .. بالإضافة إلى أنها ركبت الستائر أثناء الليل ونظفت المطبخ ولم تجعل فيه نقطة ماء أو قطعة ورق صغيرة على الأرض .. وأيضاً أعدت الطعام .. ولم تنسَ حماتها فى مواعيد أدويتها واحتياجاتها الخاصة .. ثم أخيراً وفى آخر الليل دخلت الحمام واغتسلت وأثناء اغتسالها شعرت ببعض الأوجاع .. وبعد أن انتهت من حمامها شعرت بأن تلك الأوجاع تزداد ولم يكن حاتم معها .. فصبرت قليلاً حتى اشتدت عليها الآلام .. ورغم ذلك لم ترتض أن تتصل بحاتم وآثرت التحمل على الاتصال بحاتم حتى لا يقلق عليها ويأتى سريعاً ويحدث له مكروهٌ – حفظه الله – بل دخلت عند حماها وهى متألمةٌ محاولةً المداراة ..

فاروق : اهلا يايويو .. اهلا ياحبيبتى .. تعالى اقعدى ..
آية : ازيك ياعمى .. اومال ماما فين ..
فاروق : اهى نايمة .. انتى عاملة ايه .. ها قربتى واللا ايه ..
آية : اه تقريبا خلاص اهو على وشك ..
فاروق : ربنا يقومك بالسلامة ياحبيبتى ويرزقك بطفل سليم معافى ..
آية : آمين يارب ..
فاروق : اومال حاتم فين ؟
آية : نزل مع أيمن مشوار بس زمانه جاى لانه خرج من المغربية ..
فاروق : يجى بالسلامة ..

من آلام آية تقرص على قدمها ووتظل صامتةٌ لعل تلك الآلام تنتهى .. ولكن هيهات .. كان حلماً بعيد المنال .. صاحت آية فجأة فى حماها …

آية : لا لا انا حقوم انام لاحسن مش قادرة ..
فاروق : طب قومى نامى جوة فى اوضة حاتم ولما يجى حنصحيكى وتدخلى شقتك .. بلاش تبقى لوحدك فى التوقيت ده ..
آية : حاضر ياعمى .. عن إذنك ..
فاروق : اتفضلى يابنتى ..

لم تستطع آية النوم تريد أن تتقلب على جنبيها ولكنها تصارع لكى تنجح والنهاية تكون فشلها وتظل نائمة على ظهرها .. فاتحة العينين ومرعوبة التوقيت الحاسم فى الولادة .. تريد أن تغمض عينيها وتفتحهما وتجد ابنها أو ابنتها بجانبها .. ستظل ساعات فى ذلك الألم وذلك الرعب .. تشعر بخبطات .. لا ليس خبطات .. بل تقلصات .. حسناً لن تظل هكذا كثيراً .. فلقد قررت أن تتصل بالطبيبة التى تتعامل معها لتخبرها وترى ماذا ستقول لها ..
وبالفعل اتصلت بها وسألتها طبيبتها عدة أسئلة وجاوبت عليها آية فطلبت منها الطبيبة أن تأتى لها فى الصباح الباكر فمازال الوقت مبكراً على الولادة .. وانتظرت آية زوجها حتى جاء ودخل عليها حجرتها قائلاً فى همس ..

حاتم : آية .. حبيبتى لو صاحية ياللا نروح على شقتنا ..
آية : صاحية ياحاتم هو انا نمت اصلا عشان اصحى ..
حاتم : مالك .. تعبانة ..
آية : جدا واتصلت بالدكتورة وقالت لى اروحلها المستشفى بكرة الصبح بدرى ..
حاتم : ولادة يعنى ؟!
آية : اه تقريبا بس لسة مفيش داعى اروحلها من دلوقتى عشان مقعدش فى المستشفى على الفاضى .. هى تقريبا عيزانى اروح فى اخر لحظة ..
حاتم : طب ياللا نروح على شقتنا .. نستعد لبكرة عشان لو فى ولادة نكون مجهزين كل حاجة ..
آية : انا بالشكل ده مش حجينى نوم ياحاتم ..
حاتم ( بقلق ) : للدرجادى تعبانة ..
آية : والتعب بيزيد ..
حاتم : طيب ياللا حسندك ومتحطيش فى بالك وان شاء الله خير ..

وأخبر حاتم والده بأن ربما غداً يكون ميعاد الولادة فيكون الجميع على وضع الاستعداد .. وكذلك اتصل بأيمن وأخبره وطلب منه أن يبلغ الإدارة بأجازته المفاجئة لذلك الظرف ..

وكما توقعت آية فلم تستطع النوم .. ظلت طيلة الليل فى الذهاب والإياب ودخلت الحمام كثيراً دون احتياجها له .. فقط الرغبة .. ولم يستطع حاتم أيضاً النوم .. فظل جالساً متأهباً لأى إشارة .. وجاء الصباح ببطءٍ شديد وقد هلكت آية من شدة الآلام وتواليها عليها .. وحاولت بقدر الإمكان أن تتماسك .. حتى عندما ذهبت إلى المشفى وكشفت عليها الطبيبة ووجدت أنها حالة ولادة بالفعل .. تماسكت آية لأقصى حد .. ولم تطلق صرخة الولادة رغم أنها متألمةٌ جداً فلقد سمعت من قبل أن الصراخ يزيد من وقت الولادة .. فتماسكت بالفعل لأقصى حد .. وظلت تأخذ أنفاسها ولا تتحدث ولا تنطق بحرف أو بصرخة حتى يقل آلام الطلق وأيضاً حتى يساعد ذلك على فتح عنق الرحم جيداً ..

وكلما تشعر آية بآلام الطلق تنتفض وتهبط من سريرها وتتمشى فى طرقات المشفى .. لا تعرف لماذا تفعل ذلك ولكن ربما أن ذلك يساعد على الولادة سريعاً ..

ولقد حاتم شعر بتلك الآلام التى تعيشها زوجته وتُصِّرُ على التحمل والتماسك .. كانت فاطمة قد جاءت للوقوف بجانب صديقتها وكذلك مروة التى فى شهرها السادس الآن ..

وأخيراً حانت اللحظة ..

شعرت آية بأن رأس المولود تنزل فانتفضت مرةً أخرى قائلة ..

آية : هاتوا الدكتورة .. هاتوا الدكتورة ..
عواطف : ايه ياحبيبتى فى ايه ؟
آية : فى حاجة بتنزل منى .. هاتوا الدكتورة بسرعة ..

ولا يدرى من طلب الطبيبة فلقد جاءت فى غضون ثوان .. ونادت على الممرضات والتمرجيات لنقل آية فى حجرة العمليات ..

فقط ربع ساعة التى ظلت فيها آية فى حجرة العمليات .. فى خلالهم خرجت الممرضة بمولودةٍ جميلة ..

دمعت عينا حاتم فلقد تذكر حلم آية الذى حلمته قبيل وفاة جدها بلحظاتٍ قليلة والتى أخبرها فيه بأنها لديها ابنة جميلة وسترزق بالأخرى عما قريب .. وبالفعل قد رزق بمولودةٍ جميلة .. أذن فى أذنها اليمين وأقام فى الأذن اليسرى ..

وانتظر خروج زوجته .. غابت عنه روحه ورجعت له عندما خرجت آية بسلامة الله من حجرة العمليات ..
انتظر حوالى ساعة حتى فاقت آية .. فى إجهادٍ شديد وتعبٌ أشد .. وقبل أن تسأل ..

حاتم : بركة جدك وصلت ياآية ..
آية ( متفهمةٌ ) : بنت ؟
حاتم : ايوة ياحبيبتى .. حمدالله على سلامتك ياآية ..
آية : الله يسلمك .. هى فين .. عايزة اشوفها ..
حاتم : حيجيبوها طبعا .. بس بعد ساعة ..
آية : اشمعنى ؟!!
حاتم : معرفش قالوا ده النظام فى المستشفى .. المهم قوليلى حتسميها ايه ؟
آية : مش انا اللى حسميها ياحاتم ..
حاتم ( فى مرح ) : معقول يايويو حتخلينى انا اللى اسميها ..
آية : ولا حتى انت ..
حاتم ( مدعياً الإحباط ) : كدة يايويو .. اومال مين اللى حيسميها ..
آية ( مشاورةً على حماتها ) : ماما اللى حتسميها ..
عواطف : بجد ؟! حتسمحيلى ياآية اسمى بنتك ..
آية : طبعا مش من لحمك ودمك انتى كمان .. من حقك تسميها ..

وقف حاتم مبهوراً بإمرأته التى يزداد حبها فى قلبه يوماً بعد الآخر .. فى حين قالت أمه غير مصدقة بطلب آية ..

عواطف : يعنى اى اسم انا عيزاه ..
آية : ايوة ياماما اى اسم ..
عواطف ( فى حزن ) : يعنى ممكن اسميها رودينا واللا حتخافى على عمر بنتك ..
حاتم ( مستغرباً ) : وتخاف على عمر بنتها ازاى يعنى ؟
عواطف : يعنى فى معتقدات بتقول انك لو سميت طفل لسة مولود باسم حد ميت كدة بتفول عليه ..
حاتم ( فى سخرية ) : وافول عليه بقى بنزين 80 واللا 90 .. ايه ياحاجة الكلام الفارغ ده .. بتطلعوها امتى .. بالله عليكى انتى مقتنعة بحاجة زى كدة ياماما ..
عواطف : لا مش مقتنعة بس يمكن آية تخاف ..
آية : ولا انا ياماما .. والاعمار بيد الله .. وخلاص انا موافقة على اسم رودينا طالما انتى عيزاه .. ايه رأيك ياحاتم ..
حاتم ( فى مرح ) : وانا برده اقدر على مخالفة الحكومة ..
فاروق : انتو نسيتونى خالص خالص .. وانا يعنى ماليش انى أسمى البنت ..
آية : متقلقش ياعمى المرة الجاية ان شاء الله سمى البيبى براحتك ..
فاروق : خلاص وانا موافق أسمى المرة الجاية او اللى بعدها مش مشكلة المهم أسمى وخلاص ..

يضحك الجميع .. وبعد يوم من الولادة غادرت آية المشفى إلى بيتها .. وجاءت عفاف للجلوس معها لمراعاتها نظراً لأن حماتها لن تقدر على ذلك .. وجاء يوم العقيقة .. وكان يوماً جميلاً شمله الأهل والأقارب والجيران والأصدقاء .. وكانت مروة تساعد امها فى إعداد العقيقة .. ولاحظت آية ذلك ..

آية : ايه يابنتى .. مش تقعدى .. انتى حملك صعب وبتتعبى بسرعة ..
مروة : يعنى حسيب ماما لوحدها ياآية .. ازاى بقى ؟
آية ( فى خجل ) : انا اسفة والله يامروة انى بتعبها ..مروة : انتى يابنتى انتى فهمتى ايه .. هو انا بقولك كدة عشان تقوليلى بتعبها .. احنا اهل واخوات .. وانتى زى بنتها وبعدين يعنى ان مكنتش هى تراعيكى مين حيعمل كدة .. عيب عليكى ياآية ..
آية : ربنا يخليكى لية يامروة .. بس برده اقعدى انتى وانا حقوم اساعدها .. انا الحمد لله بقيت كويسة ..
مروة : متطلعنيش من مود التعب لمود الضرب .. اقعدى على سريرك وروحى شوفى بنتك ..
آية : مش عارفة اشكرك ازاى على وقفتكم جنبى ..
مروة : هشششششششش ياأم رودى .. امشى من هنا عشان متهورش عليكى واولد واقول انتى اللى ولدتينى عنوةً واغتصاباً ..
آية : ههههههههههههههههه .. خلاص خلاص انا ماشية ..

سارت آية بضع خطوات ثم نظرت إلى مروة قائلة فى نفسها .. ” ربنا يخليكم لية يارب ” …

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية لقاء في القطار)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى