روايات

رواية ذكريات مجهولة الفصل السادس عشر 16 بقلم قوت القلوب

موقع كتابك في سطور

رواية ذكريات مجهولة الفصل السادس عشر 16 بقلم قوت القلوب

رواية ذكريات مجهولة الجزء السادس عشر

رواية ذكريات مجهولة البارت السادس عشر

ذكريات مجهولة
ذكريات مجهولة

رواية ذكريات مجهولة الحلقة السادسة عشر

« إشتياق… »
تركيا….
جهزت (أميمه) التصميمات بوضعهم داخل أحد المغلفات لتنتهي من الجزء الأول والصعب التحضير لهذا الإجتماع بعد أسبوع من الآن ..
تقدمت (توتشا) بإتجاه الباب لتفتحه بعدما دق جرس الباب منذ قليل …
توتشا: دى أكيد (سيلا) … ملحقتش تجيب البقالة زى عادتها …
لتتسع إبتسامة (توتشا) برؤيتها لـ(ضيا) بدلاً من (سيلا) التى خرجت منذ فترة قصيرة لشراء بعض الإحتياجات من أحد محال البقالة القريبة من البيت ….
توتشا: (ضيا) …. صباح الخير ….
ضيا : صباح الخير أبله (توتشا) ….
توتشا: أدخل (أميمه) بتشتغل و(سيلا) زمانها جايه ….
(ضيا) وقد إرتسمت على وجهه السعادة فأخيرًا سينفرد بـ(أميمه) ولو لبعض الوقت قبل مجيء (سيلا) ….
تقدم (ضيا) نحو (أميمه) الغارقة بالعمل فلم تنتبه للقادم حين تقدم (ضيا) نحوها ودقات قلبه تتسارع بشدة كلما إقترب من تلك الجميلة معشوقة قلبه …
تبًا لكل إنتظار يشق نفسه … لا .. لن ينتظر أكثر من ذلك … سيبوح لها بحبه … فإن فى الإنتظار عذاب ومشقة … لن يستطيع أن يتحمل أن تكون قريبة منه وبعيدة عنه فى نفس الوقت ….
وهذا هو الوقت المناسب … فلن يتأخر بعد الآن ….
تقدم نحو (أميمه) المولية ظهرها إليه ليقترب هامسًا إلى جوار أذنها بهمسة أرجفتها إضطرابا وخوفًا…
ضيا: وحشتيني ….
إلتفتت (أميمه) نحو (ضيا) وقد إتسعت عيناها بشدة فاغره فاها بصدمة ….
لقد تفوه بها ولن يتوقف فليكمل ويكن ما يكون … فأما قريب محب أو يبتعد نهائيًا فلن يتحمل هذا العذاب أكثر من ذلك …
إبتلعت (أميمه) ريقها بتوتر وهى تنظر نحو (ضيا) المتفرس بوجهها بنظرة أربكتها ….
اميمه: اااا… (ضيا)…!!! انت جيت إمتى …؟!!
ضيا: دلوقتِ …. أخيرًا جيت .. ومستنيكِ ….
اميمه: اا… قصدك إيه …؟!
أعادت (أميمه) خصلة متمردة من شعرها خلف أذنها بتوتر زاد من جاذبيتها وهي تتهرب بعيناها بعيدًا عن نظرات (ضيا) المحدقة ….
ضيا: مش قادر أبقى بعيد عنك أكتر من كدة يا (أميمه) … أنا …. أنا بحبك يا (أميمه) ….
صعقت (أميمه) من تصريحه لها …. نعم شعرت بمشاعره ، تهربت منها كلما حاول الإقتراب ، تصنعت عدم الفهم واللا مبالاة ، لكنه نطقها صريحة الآن ، ماذا تفعل ….؟!؟ وكيف تجيبه …؟!!
إرتعشت يديها الباردة لتضم كفيها بعضهما ببعض بتوتر .. لا تريد …. لا تريد حبه ولا تريد أيضا أن تجيب … تود لو أن تنشق الأرض وتبلعها وكأن شيئًا لم يحدث …
تمنت لو أن أمر ما يحدث ينقذها من هذا الموقف السخيف ….
لتهل (سيلا) من خلف كتفي (ضيا) معلقة عيناها بـ(أميمه) وكأنها تكشفها أمام نفسها وأنها مازالت تحب (علاء) كما قالت لها ، كما أوضحت نظراتها وهى ترفع حاجبها بمعنى ألم أقل لك أنه يحبك …..
اميمه بإرتباك : (ضيا) .. إحنا ااااا …. أصل ….
ضيا: مالك يا (أميمه) … إيه المشكلة …؟!!
اميمه: لا … بس … ااه … الشغل … مش قلنا لما نقدم الشغل ..
ضيا: وإيه إللي يمنع الشغل فى كدة ….؟!
نظرت (أميمه) نحو (سيلا) وكأنها تتوسل إليها بالتدخل لإخراجها من هذا الموقف المحرج فهى لا تريد أن تكسر بقلب (ضيا) وفى نفس الوقت لا تشعر تجاهه بأى مشاعر إطلاقًا فهو أخ وصديق فقط …
فهمت (سيلا) ما تقصده (أميمه) لتصيح بـ(ضيا) مفاجئة إياه ….
سيلا: إنت جيييت …. يلا يلا …. مش عاوزين خدماتك … خلصنا الشغل ….
تفاجئ (ضيا) بوصول (سيلا) فقد كان كل تركيزه منصبا على (أميمه) ….
ضيا: إنتِ جيتي …؟؟!
سيلا: أيوة … جيت …
ضيا: ما أنا جاي عشان الشغل إللى خلص دة … وبقول يلا نخرج يوم نستريح شوية من الضغط إللى إحنا فيه ده وبكرة نكمل تحضير الباقي …..
سيلا: نخرج … كلنا …. ؟!!
ضيا : أيوة … عشان (مينو) كمان …
أنهى جملته وهو ينظر نحو (أميمه) فهو يدرك تمامًا أن (يامن) هو نقطه ضعفها الوحيدة ….
إبتسمت (أميمه) بتوتر لتومئ لهما بالموافقة لأجل ذلك الصغير الذى أضطر للحبس بالمنزل خلال فترة عملهم وإنشغالها عنه ….
لكن (ضيا) لن يضيع هذه الفرصة بسهولة أقترب هامسًا لـ(أميمه) حتى لا تنتبه (سيلا) لحديثه قائلاً …
ضيا: (أميمه) أنا بحبك وعايز أتجوزك … وقبل ما تتسرعي فكري كويس لأن محدش حيحبك ولا حيحب (مينو) قدي … حستنى ردك …
رجفه إرتباك ونظرة قلق كانا ردًا على طلب (ضيا) دون أن ينتبه هو لذلك …..
لتستعد هي و(يامن) لقضاء يومهم برفقة (ضيا) و(سيلا) و(توتشا) محاوله الهرب فى كل فرصة حاول (ضيا) التحدث بها معها ..
___________________________________________
هايدى….
بعد إختيارها لفستان صارخ مكشوف باللون الأحمر حددت موعد مع أخصائية التجميل فهى نجمة حفل اليوم ويجب أن تكون متألقة فوق العادة ….
تركت والدتها وزوج والدتها ليقوموا بالإشراف على الطاقم الذى تم التعاقد معه لتجهيز البيت اليوم من تزيين وترتيب لظهوره بأفضل صورة تليق بحفل خطوبة (هايدى) مدللتهم اليوم بينما توجهت هي إلى صالون التجميل لتستعد بروية قبل حضور (طارق) لأصطحابها فى المساء …
____________________________________________
الجامعة ….
تجمعت الفتيات بغياب (هايدى) اليوم ، لحضور محاضرتهم الوحيدة والتى إنتهت للتو …
إلتفتت (رقيه) لتكمل بنفس العنجهية التى تتحلى بها (هايدى) وكأنها تركت اليوم مثيلتها لتكمل على (رحمه) و(هاجر) بتكبرها المبالغ فيه ….
رقيه: ها يا بنات …. حضرتوا نفسكوا لخطوبة (هايدى) …؟!!
بسمله : أنا عن نفسي محضره كل حاجة وحطلع على البيوتي سنتر عشان أكون معاها زى ما إتفقنا ….
رقيه: وأنا كمان حخلي السواق يعدي عليكِ ونروح سوا … وإنتوا … برضه مش جايين الخطوبة … ما تيجو تفرحوا وتاكلوا جاتوة ..
كادت (رحمه) أن تنفجر بتلك المتعجرفة لكنها لن تحط من قدرها مع أمثالهم فيكفى معرفتهم إلى هذا القدر فهم لم يتوانوا بأى فرصة حتى يحطوا من قدرها هي و(هاجر) …
بالفعل هم فقراء لكن لديهم عزة نفس تغنيهم عن أموال وكنوز الدنيا ….
رحمه: أنا و(هاجر) عندنا شغل … روحي إنتِ إلحقي لك حتة جاتوة .. ويا ريت تروحي بدري قبل ما المعازيم يخلصوه …. أنا مروحه يا (هاجر) … جايه معايا …
(هاجر) وهى ترمق (رقيه) بإشمئزاز من طريقتها المستفزة معهما لتتركان هؤلاء الفتيات لما يليق بهن وهن يكملوا بالطريق الذى يليق بهن ….
هاجر: جدعة …. كنت عايزة أقوم الطشها قلم …
رحمه: ولا تستاهل على فكرة ولا هي ولا صاحبتها ….
(هاجر) مواسية (رحمه) فهى تدرك تمامًا كسرة قلبها …
هاجر: متزعليش إنتِ بس ….
رحمه: متفكريش … إلا قوليلي …. مفيش أحلام جديدة النهاردة …؟!!
هاجر: (رحمه) …. وبعدين بقى …. كل شوية حتتريقي عليا …
(رحمه) وهى تثير شوق (هاجر) لمعرفة آخر الأخبار فاليوم أتت كل منهما بمفردها إلى الجامعة ولم تخبر (هاجر) بعد بمكالمة (عبد الله) هذا الصباح ….
رحمه: أبدًا … ولا بتريق ولا حاجة … أصل يعنى فيه خبر كدة …
(هاجر) بتلهف وهى تستدير لتوقف (رحمه) لمواجهتها للتأكد مما تشعر به وأن (رحمه) تحمل خبرًا عن أخيها وتخفيه عنها ….
هاجر: فيه خبر عن (عبد الله) ..؟! صح …؟؟!
(رحمه) وهى تعبث بأصابعها مماطلة (هاجر) قليلاً ، والتى ثارت بحدة من طريقة (رحمه) ولعبها بأعصابها ….
رحمه: يعني ….!!
توجست (هاجر) من رد (رحمه) ولا تستطيع التنبؤ هل هو خير أم شر …
هاجر: (رحمه) إنطقي أبوس إيدك بقى …؟!
رحمه : (عبد الله) كلمنا الصبح وراجع قريب يا (هاجر) ….
رفعت (هاجر) رأسها بإرتياح متأوهه وهي تمسح وجهها الذى تبلل بدموع الفرح ….
هاجر: ياااااه …. أخيرًا …. ألف حمد وشكر ليك يا رب ….
ثم إعتدلت مستفهمه من (رحمه) عما حدث بالتفصيل فى مكالمة (عبد الله) ….
هاجر: إحكي لي المكالمة كلها بالتفصيل الممل …
رحمه: مش تعرفى الرسالة إللى سليبهالك الأول …
هاجر بإشتياق : رسالة … ليا أنا … هو قالك رسالة ليا ….!!!
رحمه: طبعًا …. بيقولك إستنيه هو راجع لك بس ظروفه وحشه شوية ومعهوش فلوس خالص …
ثارت (هاجر) بوجه (رحمه) مردفه …
هاجر: فلوس إيييييه …. مش مهم فلوس …. المهم انه راجع … أى حاجة تانية مقدور عليها بس يرجع …
لم تتوانى (رحمه) فى ضم (هاجر) إلى أحضانها فأخيها (عبد الله) محظوظ جدًا بهذه الفتاة ولن يستطيع إيجاد مثيله لها أبدًا فـ(هاجر) أختها التى لم تلدها أمها …..
___________________________________________
الإمارات ، المستشفى ….
ثلاث سنوات مرت عليها برفقة (عماد) … ثلاث سنوات سجنت داخل هذا السجن المبهر ، لكنها لم تستطع النوم مثلما نامت بالمستشفى ….
يالها من راحة وسكينة …. قلقت من نومها على إثر ضوء سطع فوق عينيها مباشرة لتفتح عيناها وهى تضع كفها أمام عينيها مباشرة لتمنع تسلط الضوء المزعج أمام مقلتيها الخضراوتين ….
شعرت بأن أحدهم إلى جوارها … تشعر به وبأنفاسه القريبة …
حاولت فتح عينيها أكثر لرؤيه هذا الشخص القريب منها تكاد حرارة أنفاسه تخترق وجنتيها …
لتنتفض من شدة قربه بفزع وهى ترجف مذعورة …
حوريه: عـ عـ (عمااااد)… إزاى …. أنت …. أنت … مش … مُت …!!!
(عماد) بغضب وهو يقبض حاجبيه ناظرًا بحدة تكاد عيناه تشعان لهيبًا من حدة نظراته القوية التى تشعر وكأنها طلقات من الرصاص تخترقها وتقتلها ….
عماد: دة بُعدك … إنتِ فاكرة إنك خلاص … خلصتي مني … أنا حفضل معاكِ … مش حتقدري تخلصي مني …. أبدًا أبدًا …. وقبل ما تسيبيني حاخد روحك الأول ….
و للمرة الثانية تشعر بقبضتيه القويتين فوق عنقها محاولاً خنقها لدرجه أنها شعرت بأنه سيكسر عنقه بين يديه …
شعرت بإحتباس أنفاسها وهى ترتجف ببرودة تسرى بجسدها لتدرك أنها نهايتها لتحاول الصراخ بـ(عماد) تستجديه أن يتركها …
حوريه: لااا …. بالله عليك …. إبعد عني …. إبعد عني … إبعد عنـــــــــي……!!!
أفاقت (حوريه) بإنتفاضه من نومتها لتتأكد أنها مازالت بالمستشفى وما رأته ما هو إلا مجرد كابوس مفزع أخر …
كذكراها معه مجرد كابوس مفزع ….
حوريه مغمغمه: لحد إمتى حتبقى كابوس فى حياتي …إمتي حرتاح منك …؟!!
بهذه اللحظه تأكدت (حوريه) أن (عماد) جرح لن يندمل وذكرى لن تمحى …
فقد وصمت بلعنة تسمى (عماد) حتى بعد مماته مازال رعبها منه متأصل بأوداجها …..
طرق الباب بطرقات خفيفه ….
حوريه: إتفضل …
(عبد الله) وهو يفتح الباب بهدوء…
عبد الله: صباح الخير …
حوريه : صباح الخير يا أستاذ (عبد الله)… إتفضل ….
عبد الله: أخبارك إيه النهاردة ….؟؟؟
إمتعضت (حوريه) إجابتها وهى تنطق بما لا تشعر به فلا داعى لإثارة الشفقة خاصة من هذا الشاب الذى أضاع (عماد) من عمره ما يقرب من عام بسبب ظلمه فهو ليس مطالب بحمل أثقالها هى أيضا فيكفيه ما مر به ..
حوريه: الحمد لله ….
(عبد الله) وهو يجلس على المقعد متابعًا رد فعل (حوريه) قبل نطقه بهذا الخبر ….
عبد الله: إنتِ عرفتي إن (عماد) كتب كل ثروته بإسمك …. ؟!!
حوريه بعدم تصديق : بإسمى أنا …. ليه …. وإشمعنى أنا …. أكيد فيه حاجة غلط طبعًا ..!!
عبد الله: لا فعلا هو عمل كدة … يمكن كان بيهرب من الضرائب ….
حوريه بسخريه: مش بعيد … وهو عمل إيه مظبوط ….!!!
عبد الله: هو إنتِ مكنتيش تعرفي ..؟؟!
حوريه: لأ … أبدًا … أول مرة أسمع منك الكلام ده …
عبد الله : مفيش مرة مضيتي أى ورق مثلاً…. ؟!!
حوريه بتذكر : يمكن ااااا …. مرة واحدة قالي عشان ورق إقامتي هنا وجاب لى ورق مضيت عليه … يمكن هو دة ….؟!
عبد الله بتفهم: أيوة … أكيد هو … عمل لنفسه توكيل سجل بيه كل أملاكه بإسمك عشا يتهرب من دفع الضرايب …. وكمان عشان المهربات اللي بيدخلها متبقاش بإسمه ويبقى مفيش عليه أى شبهه خالص …
حوريه: بس أنا مش عاوزاها الفلوس دى ….
عبد الله: دى فلوسك … مينفعش تسيبيها … عمومًا أنا وصلت من شوية للمحامي وبلغني إن إجراءات البيع وتحويل الفلوس لمصر قدامها أسبوع على الأقل ..
حوريه: أنا مش عايزة الفلوس .. أنا عايزة أرجع لأهلي ….
عبد الله: أسبوع بس نخلص الإجراءات وتكونى بقيتي كويسة شويو وتقدري تسافري ….
حوريه : أسبوع بحاله أنا حاسة إن كل حاجة هنا بتخنقني ….. كل حاجة بتفكرني بيه …
عبد الله: إللي خلاكي تصبري سنين … أصبري كمان سبع أيام ….
حوريه: الأمر لله …
_________________________________________
هشام…
ساعات طويله مرت وحان موعد هبوط الطائرة بمطار القاهرة بعد عناء رحلة طويلة إستغرقت عدة ساعات …..
هبطت الطائرة على المدرج وها هو يعود مشتاقًا إلى أرض الوطن غير مصدق لما أنجزه فى سفرته هذه …..
وغير مصدق أنه يفصله عن (نهال) مجرد شوارع وطرقات وساعات قليلة حتى يراها
فهو متلهف بشوق بالفعل لرؤيتها دون أن يدرك سبب حقيقى لذلك ….
ربما يكون أشفق على حالها الذى كان أصعب من حاله فهو لديه أسرة لم يشعر بوجودها يوما فكان وحيدًا مثلها وكان يشعر بالفعل بكل كلمه كتبتها …..
خرج (هشام) من المطار بعدما أنهى إجراءات الخروج ….
إستقل سيارة أجرة متوجهًا إلى شقته التى يستاجرها بوسط البلد ….
لم يغب كثيرًا لكن كل شبر بها إشتاق إليه ….
ولأول مرة جلس صامتًا بالسيارة لا يتكلم أو يبدأ أى حوار فقط أراد الصمت ومشاهدة الطريق الذى يزدحم بالسيارات والمارة على الجانبين بهذا الوقت من النهار …
وصل إلى البناية التى يسكن بها صاعدًا نحو شقته الصغيرة …
دلف إلى داخل غرفة مكتبه واضعًا حقيبة أوراقه مخرجًا جهاز الحاسوب وبعض أقراص الكمبيوتر ليضع بعضها فوق مكتبه واضعًا البقيه بحقيبة أخرى صغيرة …
لكنه قبل أن يخرج من الشقه متجهًا نحو الجريدة التى يعمل بها أخرج دفتر الذكريات الخاص بـ(نهال) واضعا إياه فوق سطح المكتب ممسكًا بقلمه وشرع بالكتابة بصفحة فارغه من الصفحات الكثيرة التى تركتها (نهال) دون تدوين بها أى ذكريات ليكتب ….
” لقد وصلت اليوم إلى القاهرة ربما لأول مره أكون مشتاق للعودة إلى هنا لمجرد فقط أن أراك يا (نهال) ….
أود بالفعل مقابلتك …ترى ماذا سأفعل عندما أراك وماذا ستفعلي أنتِ …؟؟
أسئلة كثيرة تجوب بذهني إجابتها فقط ستكون عندك فى القريب وسيشهد عليها هذا الدفتر ….(هشام)”
إنصرف (هشام) متوجها نحو مقر الجريده التى يعمل بها تاركا دفتر الذكريات ..
____________________________________________
حوريه…
نظرت (حوريه) بإمتنان وهى تمد يدها بإتجاه يد الممرضه الممتدة نحوها بهاتف صغير …
حوريه: شكرًا بجد …
الممرضه: ما فى داعي … بتركك الحين وبرجع لك تاني …
حوريه: تمام …
خرجت الممرضة لتدق (حوريه) رقم حفظته عن ظهر قلب ، تمنت لو كانت واتتها الفرصة من قبل لدقه ….
لحظات تستمع لصوت الإتصال قبل أن يقطعه صوت والدتها التى إشتاقت إليها روحها بالفعل …
أم حوريه: ألو …
حوريه بهمس: ماما … !!!
(أم حوريه) وقد أدركت أن إبنتها هي صاحبه هذا الإتصال الذى إشتاقت له منذ سنوات …
أم حوريه: (حوريه)… بنتي .. وحشتيني يا بنتي … كل دى غيبه …!!
حوريه: غصب عني يا ماما .. مكنتش عارفه أتصل بيكم … (عماد) .. ااا…
أم حوريه: عارفه يا بنتي … جوزك كان دايمًا بيقولنا إنه من خوفه وغيرته عليكِ مش جايب لك تليفون …
حوريه بدهشة : هو قال لكم كدة …؟؟!
أم حوريه: أمال … لما كنا نتصل عليه كان بيقول لنا كدة … راجل ولا كل الرجاله صحيح …
صمتت (حوريه) وهى تخفي بداخلها كذب (عماد) فلا داعى للحديث الآن عما كان يفعله معها ، وليس لديها قدرة على التحدث بل تفضل أن تبقى كل ما تشعر حبيس بداخلها …
أخذت (حوريه) نفس عميق قبل أن تحاول أن تخبر والدتها بأن (عماد) تعرض لحادث وتوفى وهى بالمستشفى الآن إثر خضوعها لعمليه استئصال الزائدة الدودية ….
حوريه : ماما … كنت عايزة اقولكم إن …. إن ….
حاولت (حوريه) النطق بهذه الكلمه التى مازالت غير مصدقة لها أبدًا ….
حوريه: ماما … (عماد) مات …
أم حوريه بصدمه : إيه ….!!
___________________________________________
فى المساء..
زفر (سامر) بنفاذ صبر وهو يدق على أخيه (علاء) محاولاً الإتصال به للمرة العشرون على التوالي ومازال هاتفه مغلق ليتجه مباشرة إلى مقر عمله لمقابلته فهو لا يترك العمل إلا للذهاب مباشرة إلى النوم وليس قبل ذلك ….
أوقف (سامر) سيارته ليُطلع أحد الضباط المكلفين بحراسة الوزير بأنه يريد مقابلة الضابط (علاء) لأمر هام …
إنتظر (سامر) بضيق متكئًا على مقدمة سيارته ينظر نحو ساعته بتوتر فما بقى إلا القليل ويتحرك (طارق) بعروسته نحو بيت حماه لبداية الحفل ومازال (علاء) مختفي عن أنظاره منذ عودته من فرنسا ….
علاء متعجبًا : (سامر)… !!! خير …. جاي هنا ليه …؟!!
سامر: لا يا شيخ …. دة أنا غُلبت أرن عليك تليفونك على طول مقفول …
تذكر (علاء) تحطيمه للهاتف بعد مكالمته لـ(هند) والتى أغارت بها فوق جرحه لتضع نصب عيناه صورة يكرهها عن (أميمه) وبُعدها عنه ….
علاء بلا مبالاه: كسرته …
سامر بصدمة : نعم …!!! كسرته ….!!!
علاء بحدة : إللي حصل بقى …. ايه حتحاسبني …؟؟؟
لاحظ (سامر) حزن أخيه وضيق صدره ليتأكد أن بالأمر شئ عن (أميمه)….
سامر: لا مش ححاسبك ولا حاجة …. بس انت نسيت إللي عليه … !!!
هنا تذكر (علاء) ما حفظه على ذلك الهاتف كدليل قوي على إثبات حبه وإخلاصه لـ(أميمه) منتظرًا عودتها ليثبت لها إنه لم يخونها وأن قلبه لم يدق إلا لها ….
إتسعت عيناه مذهولاً … كيف نسي ذلك … لقد تحطم الهاتف بشدة من قوة إرتطامه بالأرض لحظة غضبه وإنفعاله من (هند) ….
علاء بتحسر: لاااااااااا …. أنا نسيت …. إزاى نسيت دة …. إزاى ..؟!!
سامر: بالراحة على نفسك طيب … هات التليفون أحاول أوديه عند حد يصلحهولك ….
علاء برجاء: يا ريت يا (سامر) … يا ريت ….
أسرع (علاء) راكضًا نحو سيارته المصفوفة بالجهه المقابلة ليحضر حطام الهاتف ليعطيها لـ(سامر) ربما يستطيع أحدهم إصلاحه ….
ليغمغم علاء بضيق: دة على أساس إنى حلاقيها وحشرح لها كل إللي حصل ..
سامر بحنو: بإذن الله تلاقيها …. ربك كريم …
علاء بإنتباه : انت جيت ليه …. ؟!؟
سامر: خطوبه (طارق) يا باشا … انت نسيت …!!!
تململ (علاء) من دوامته التى يعيش بها يكاد ينسي كل شي حوله تمامًا ….
علاء: أوووة … نسيت خالص …. معملتش حسابي و(أحمد) كمان نزل راحة يعني مقدرش أمشي دلوقتِ ….
سامر بتفهم: خلاص حصل خير .. أنا حبلغ (طارق) … وأروح أنا بقى أحسن كدة ولا أنا ولا أنت حنروح …
علاء: عمومًا بارك له نيابة عنى لحد ما أشوفه ….
سامر : تمام .. يلا ألحق أنا أروح له .. سلام ..
علاء: سلام….
حمل (سامر) هاتف (علاء) المحطم متجهًا نحو سيارته التى إنطلق بها على الفور للحاق ب(طارق) ….
________________________________________
حوريه….
بعدما أنهت (حوريه) مكالمتها مع والديها وإخوانها بعد إجهاد كبير وهى تستمع بأذنيها لحزنهم جميعًا على فقدان (عماد) بهذه الصوره دون التفوه سوى بكلمات بسيطة مجاراة لهم برسمية ..
هى تدرك عيوبهم جميعًا لكنهم فى النهاية أهلها وقد إشتاقت إليهم ….
إلتمست لهم العذر لحزنهم على وفاة (عماد) فهم ليس لديهم أدنى فكرة عن تعامل (عماد) معها … كم كان قاسي القلب متعمد الإهانة والضرب ظالم إلى أبعد الحدود وأناني بكل شئ ….
لم يكن هذا وقت مناسب لتصف لهم معاملته معها ، ولا وقت عتاب عن تركهم لها بهذه الصورة طوال ثلاث سنوات ، فقط أخبرتهم بما حدث وأخبرتهم أنها مازالت بالمستشفى ، وإطمئنت عليهم بكلمات بسيطة مقتضبة لحين عودتها إليهم ….
___________________________________________
بأحد أحياء القاهرة ….
بإحدى البنايات الكبيرة ذات المدخل الرخامي الباهر …
جلس شاب بأوائل الثلاثينيات يعبث بهاتفه غير مكترث بما يجول حول واضعًا قدميه فوق الطاولة الزجاجية التى تتوسط الغرفة لينتبه لصوت والدته الباكي …..
” إلحقني يا (إسلام) …. مصيبة …. مصيبة ..”
إسلام: مالك يا ماما …. إيه إللي حصل …؟!!
قالها (إسلام) وهو يلقى بالهاتف فوق الأريكة التى يجلس عليها منتفضًا بقلق ، هب واقفًا لمعرفة وقع تلك “المصيبة” التى تفوهت بها والدته للتو ….
هوت فوق أحد المقاعد وهى تبكي بحرقة ولوعة ….
أم عماد: أخوك (عماد) …. ماااااات ….. مات يا (إسلام) ….
جلس (إسلام) بصدمة على المقعد المجاور لها مردفًا….
إسلام: مات …!! مات إزاى …. هو إيه الكلام دة …. مين قالك كدة ..؟!!
أم عماد: المحامي ….. المحامي بتاعه لسه قافل معايا دلوقتِ وقال لى الخبر الشؤم دة … أخوك راح …. راح يا (إسلام) ….
إسلام بصدمة: مش قادر أصدق إللي بسمعه … (عماد) …. (عماد) يموت كدة .. !!

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ذكريات مجهولة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى