رواية أصفاد الصعيد الفصل الخامس 5 بقلم ندى عادل
رواية أصفاد الصعيد الجزء الخامس
رواية أصفاد الصعيد البارت الخامس
رواية أصفاد الصعيد الحلقة الخامسة
أفاقت من غفوتها التي طالت لساعاتِ او ربما لأيامِ لا تدري كم وقتِ استغرقته في ذلك الظلام التي عشقته لوجود والدها ووالدتها معاها ..
كانت تعيد جميع ذكرياتها وكأنها عادت في طفولتها من جديد..
نظرت حوالها بإعجاب لذلك المكان الغريب وإختلاف تلك الأجواء حوالها فتلك لست أجواء المستشفي وايضا ليس أجواء منزلها المحبب لها .. شعرت بإنها مازالت محتجزة بداخل غفوتها لتغمض مُقلتيها من جديد .. لتعاود فتحهما ولكن ظل الواقع كما هو ذلك المكان الذي تجهله..
حاولت النهوض سريعاً ولكنها شعرت بأحدِ مُقيد إحدى يديها .. حيث وجددت تلك العجوز الذي تغفو بجانبها بهدوءِ..
حاولت سحب يديها بهدوءِ ولكن أنتهي الأمر بإفاقه تلك العجوز كما لقُبتها ..
نهضت نرمين سريعاً من مكانها قائله في سعاده : صحيتي اخيراََ يا بنتي !.. حاسه بحاجه تعبانه فيكي حاجه؟!..
نظرت لها فيروز وذلك الاستغراب يأخذ محله علي وجهها البرئ .. لتتحدث قائله: اه كويسه .. هو انا فين ؟!..
لاحظت نرمين ذلك الاستغراب البادي علي وجه فيروز ..
لتجيبها بتلك الابتسامه قائله : أنتِ في الصعيد يا بنتي..
زادت صدمه فيروز أضعافاً لتزداد حيرتها قائله: الصعيد ازاى؟!..
اقتربت من نرمين الواقفه امامها لتتحدث قائله : انا جيت هنا ازاي يا حجه .. حصل اي وانتِ مين؟!..
ابتسمت نرمين بهدوء وهي تُربت علي يديها قائلة : اهدي بس كدا يا بنتي و فوقي كدا الاول وافطري عشان بقالك كتير نايمه كدا وبعدين لينا كلام تاني وهحكيلك كل حاجه…
لتهم للمغادرة ولكن أوقفها صوت فيروز قائله : بس انتي مش بتتكلمي صعيدى إزاي انا هنا..!؟
مازالت نرمين تحتفظ بإبتسامتها لتتحدث قائله: مش قولتلك هقولك كل حاجه بس الصبر يا فيروز ..
همهمت فيروز لنفسها بعده كلمات مشتته .. تريد معرفه ما يدور حولها اين هي و ماذا حدث..!؟
همت للمغادرة لترى ذلك رحيم وماذا فعل .. ولكن استوقفها عندما لاحظت بإنها لا ترتدي حجابها .. نظرت حولها في حيره في محاوله للوصول لأي شيء تغطي بيه شعرها.. رأت تلك الخزانة البعيده عنها فتلك الغرفه كبيره جدا تعادل منزلها بأكمله .. وتلك النقوش البارعه التي تميز الحائط امامها وخلفها ..
تفاجأت بتلك الملابس المتنوعه التي تملأ الخزانه أمامها وتلك الاخمره بألوانها العديده ..
أفاقت من شرودها وهي تلتقط أحد الاخمره في عصبيه لترتديه سريعاً وتخرج من الغرفه..
******************
يجلس بهيبته الطاغيه وتلك العمامه تزين رأسه التي احتفظ بها من جده عاصم الهواري أمام كبار البلده يناقشون تلك المشاكل الخاصه بتعليم تلك الاطفال الغير قادره .. فإقتراح رحيم لبناء مدارس خاصه بهم ولإشباع احتياجهم للمعرفه .. سيكلفهم الكثير من الخطط والتفكير ..
نظر رحيم لهم قائلاً بصوته الاجش: حسام هو اللي هيمسك تصميم المدارس كُليتها وهبلغني بالتكلفه الخاصه بيها ..
قاطعه صوت عمه مجدي قائلاً: وليه مش ولدي وليد هو اللي يمسكها يا رحيم ..
استكمل رحيم حديثه قائلاً: حسام خريج هندسه بدرجه امتياز يا عمي ولا افكرك اياك ثم اني ليك معاك حديت تاني بس مش اهنه ..
نظر رحيم للجهه الأخري قائلاً : وانت يا عبصمد هتبقي مسؤول عن جمع اسامي الاطفال كُليتها ..
تفاجأ رحيم بدخولها المفاجئ .. لتقف أمامه قائله : لو سمحت عاوزه اتكلم معاك ..
آفاق من صدمته علي تلك النظرات التي توجهت لها في إعجابِ بادي علي وجوههم وخصوصاً تلك النظرات التي تتطايرت من سليم اتجاهها وكأنها حيوانات مفترسه تريد إفتراسها..
كانت تقف غير قادره علي الحركه وكأنها تمثال تم نحته لتُثبت مكانها .. تتلقي تلك النظرات التي اخترقتها وكأنها سهام تُوجه إليها في صدمه ..
التقاطها من شرودها وقوفه كحائل امامها من تلك السهام الموجه لها ..
نظر إليها في غضب يتتطاير من عينه وكأنه يُريد رجمها الآن .. ليقترب منها قائلاً بفحيح : اخرجي دلوقتي ..
لتقابل حديثه بعندِ يُغلف خوفها قائله: عاوزاك دلوقتي ..
اغمض عينيه .. يحاول أن يسيطر علي غضبه الذي يحثه علي قتلها الآن قائلاً بين أسنانه : قولت أخرجي برا دلوقت ..
أسرعت للخارج للهروب من تلك الأشخاص وذلك المرعب الذي جعل فؤادها ينقبض ويرجف بتلك الطريقه ..
بعد مغادرتها بتلك السرعه التي خرجت بها جعلت كل الجالسين في حيرة من أمرهم ..
نظر لهم رحيم قائلاً بغضبِ : الكلام النهارده خلص ..
استوقف خروجه صوت وليد قائلاً: مش من المفروض انك تعرفنا من البندريه دى ولا اي يا واد عمي ..
اقترب منه رحيم بغضبِ يحاول أن يمنع نفسه من الافتاكِ به قائلاً: اسمعني زين يا واد عمي اللي حصل دا ملكش صالح بيه واصل واللي انت شوفتها دي خط أحمر اياك مجرد التفكير أن تسأل عنيها تاني ..
قاطعه صوت مجدي قائلاً: ازاى يعني مالناش صالح يا ابن اخوي..
استكمل رحيم حديثه بغضبِ يفوق غضبه من قبل قائلاً بصوتِ ارتجت له عمدان القصر : محدش ليه دعوه بمراتي يا عمي .. اللي شوفتوها دى هتكون مراتي وفرحنا الخميس الجاي واللي حصل دلوقت ميتكررش واصل..
لينظر لذلك وليد قائلاً: واللي يتجرأ ويبص ليها هخرج عينه التنين ..فاهمين اياك ولا اتحدتُ تاني ..
هم للمغادرة وهو يتطلع للاعلي بسرعه وتلك النيران تتطاير أمامه كأنه وحش هارب من إحدي القصص الخياليه ..
كانت تقف في الاعلي وعندما وجدته يقترب منها همت لتقف خلف والدته نرمين لتعيد ثقتها مره اخري وايضا تعيد رشدها الذي تشعر به يُفني من قوته التي اخافتها ..
وقف أمام والدته ينتظر خروجها ..
ليتحدث قائلاً : الخميس الجاي هيبقي الفرح حضري نفسك ..
نظر لوالدته ليستكمل حديثه قائلاً: ابقي فهميها اللي حصل دا ميتعدش تاني احنا هنا مش في مصر وحتي لو في مصر لازم يكون في احترام وهي شكلها متعرفوش وانا هعرفه ليها بطرقتي ..
قاطعته والدته وهي تؤنبه قائله: مش كدا يا ولدي .. اهدي واتحكم في اعصابك ..
خرجت فيروز من خلف والدته لتقف مقابل له وعينيها تتلألأ بتلك الدموع التي يسيطر عليها التمرد والغضب .. لتتحدث قائله: مش هتجوزك يا رحيم واللي عندك اعمله .. وحاجه تاني يا ابن الاكبار ياللي عارف الأصول أو مدعي بكدا عشان انت متعرفش عنها حاجه .. انا لما دخلت مكنتش اعرف ان انتوا جوا أو في حد معاك واللي انبهك ليه يا استاذ يا محترم اني هنا جديده ومكنتش اعرف أن دى قاعه المشاكل زى ما بتقول ..
اقتربت أكثر منه قائلاً : ودى اخر مره تتكلم معايا بالاسلوب دا .. ولو سمحت قولي حصل اي من ساعه ما اغمي عليا ودفنت ماما فين ورجعني بيتي تاني ..
ابتسم وكأن ما قالته لم يمر علي سمعه قائلاً في تحدِ : الفرح يوم الخميس ومره تانيه اياكي تعلي صوتك يا فيروز ..
تركها وذهب للأسفل ليهم لتحضير لتلك الزيجه كما يقول ..
بينما علي الجانب الآخر ..
مازالت فيروز واقفه بتلك الصدمه علي وجهها لم تشعر إلا بدموعها المنسابه علي وجنتيها ..
اقتربت منها نرمين وهي تتحدث بتأثر قائله : تعالي ندخل جوا يا فيروز وانا هقولك يا بنتي ..
همت للذهاب مع نرمين ليقفز لمسماعها تلك الاشعار التي تمس فؤادها وكأنه يصف حالها قاطع شرودها صوته من جديد قائلاً ..
أرى الحزن لا يجدي على من فقدته
ولو كان في حزني مزيد لزدته
تغيرت الأحوال بعدك كلها فلست
أرى الدنيا على ما عهدته عقدت
بك الأيمان بالنجح واثقاً فحلّت
يد الأقدار ما قد عقدته وكان
اعتقادي أنك الدّهر مسعدي فخانتني
الأيام فيما اعتقدته أردت لك
العمر الطّويل فلم يكن سوى
ما أراد الله لا ما أردته فيا
وحشة من مؤنس قد عدمته
ويا وحدة من صاحب قد فقدته
وداع دعاني باسمه ذاكراً له
لم تنتبه لتلك الدموع التي تتمرد علي وجنتيها مع كلماته التي شعرت بها وكأنها أسهم تُصب تركيزها علي فؤادها الحزين ..
**********************
يجلس بداخل سيارته التي توقفت تواََ أمام المنزل الخاص بهم بينما عينيه تتركز حول نقطه لا يعلم ماهيتها .. بعد اهانه رحيم له سيصبح أشد قسوة سيُعجل من خطته لتنفيذها في اسرع وقت تملكه يديه..
افاق من شروده علي صوت والده قائلاً: مش هتنزلوا يا ولدى ولا اي ..؟
اؤمي وليد رأسه بالنفي قائلاً: لا ورايا حاجه اكده هخلصها وهرجع يا ابوي ..
لينطلق بسيارته إلي مكانِ لا يعلم مجدي ماهيته .. بينما عقله يُهلك في تفكيره كيف اصبح وليد هكذا..؟!
لم يغضب عندما حدثه رحيم بتلك الطريقه ولكن مازال مُبتسم وكأنه يُخطط لمصائب قادمه ..
تقف وداد في الداخل تنتظر دخول والدها .. ليقص ما حدث معهم .. ولكن ما يهمها في تلك الأحاديث هو الركن الخاص بفؤادها ..
تريد معرفه أخباره التي تسمعها عن ظهر قلب ..
دخل مجدي بالفعل ليقص جميع الأحداث الذي حدثت هناك .. ولكن توقف نبضها عندما سمعت بذلك الجزء الاخير الخاص بزواج رحيم ..
انتبهت ليد والدها وهو يتحدث قائلاً: مالك يا بتي اتلدغتي من عقرب اياك .. يلا روحي حضري الوكل بسرعه لحسن الواحد جعان..
فرت هاربه من أمامه حتي لا يُفضح أمرها بسبب تلك الدموع الهاربه من مُقلتيها ..
جلست بالداخل وهي تشعر بأن اثقال الدنيا تجمعت بداخل فؤادها ..
لتتمتم لنفسها ببضع الكلمات الغير مسموعه وكأنها تجلد فؤادها قائله: بتبكي ليه يا وداد ما انتي عارفه أنه ميحبكيش واصل .. اي اللي جد يعني ما انتي فاهمه زين إنه مش هبصلك وهو متعلم واد الدنيا وأنتِ مش مكمله الثانوية..
وجدت تلك اليد التي تُربت علي رأسها بحنانِ قائله: كفياكِ بكي يا بتي .. كان لازم يجي يوم وتصحي علي الواقع دا يا قلب امك ..
لم تملك إلا البكاء .. بكت بصوتِ متقطع ومرتجف خوفاً من والدها ومن معرفته بتلك الحقيقه التي تكمن بداخلها ..فهي تعلم بإنها لست المختاره لرحيم فمن هي بالنسبه لهم .. لم تأخذ نصيبها في التعليم بسبب جبروت شقيقها وأبيها ..
عادت بذكرياتها لذلك اليوم المشؤوم وما حدث فيه ..
كانت تبكي وتتوسل لوالدها لسماح لها بإكمال درستها المحببه لها فهي في الصف الثالث الثانوي وكان استكمالها لتلك المرحله هي معجزة بالنسبه لها لرفض والدها ..
_ يا ابوي حرام عليك انا دراجاتي حلوه جوي وهدخلني الجامعه ..
ابتسم مجدي بسخريه قائلاً: جامعه اي يا وداد الجامعه دى لشباب بس لكن البنته مالهمش غير الجواز والقعاد في البيت مش التعليم زى ما بتجولي..
_ بس يا ابوي انا عاوزه اكمل ت ..
قاطع حديثها تلك الصفعه المدوية علي وجهها التي جعلتها في حاله صمت …
ليستكمل مجدي حديثه قائلاً: قولت مفيش تعليم واصل وياريت تفهمي حديتي زين ..
غادر وتركها في تتحسس تلك الصفعه التي ألهبت وجنتيها وهي تبكي بحسره علي مجهودها كل تلك السنوات في الدرسه وحرصها بأن تصبح متفوقه وتلك الاحلام تزين عقلها وفؤادها ..
أعادت من شرودها علي تلك الدموع المنهمره علي وجنتيها .. لتبكي بشده أكثر بداخل حضن والدتها التي لا تستطيع الحديث مع والدها الذي طغي علي شخصيتها لتصبح هي الضحيه..
مُزِجت دموعُ العَيْن
مِنّ ي يَوْم بَانُوا بالدِّماءِ
فَكَأنّما مُزِجتْ لِخَدْ دِي
مُقلَتي خَمْرًا بِمَاءِ ذَهَبَ
البُكاءُ بعَبْرَتِي حتّى بَكَيتُ
حَزَنُ القلوبِ على الغريبِ غريبُ
حتى تكادَ لهُ القلوبُ تذوبُ
والموتُ في نفسِ الحقيقةِ واحدٌ
لكن يُفرِّقُ بينهُ الأُسلوبُ كلٌّ
نراهُ على الطَّريقِ مسافرًا أبدًا
وما أحدٌ نراهُ يأُوبُ يا سَفرةً
بَعُدتْ مَسافةُ دارِها عنَّا
وأمَّا يومُها فقريبُ…
****************
تقف أمام الجامعه وهي تذهب إياباََ وذهاباََ.. تأخر عليها وليد لساعاتِ طويله لا تعلم اتذهب ام تنتظره ..
بعد صراع قاده عقلها .. اخذت قرارها بالذهاب وعدم انتظاره أكثر ..
همت لمغادرة ذلك المكان الذي انتظرت فيه أكثر من ساعه .. لتتفاجأ بوقوف سيارته أمامها بسرعه اخافتها ..
ذهبت للجانب الآخر ليهبط وليد من السياره ليلحق بها قائلاً : اسف يا بت عمي .. استني أكده
وقف أمامها ليقترب منها قائلاً : كنت في الجلسة مع شقيقك رحيم وأنتِ عارفاه زين مينفعش واصل اخرج من الجلسة بدرى فعشان أكده اتاخرت ..
ابتسمت ريم قائله: خلاص سماح بس عشان خاطر رحيم بس اما انت لا ..
أظهر تلك اللفه الذي احتفظ بها بيده بعيده عن مرمي بصرها لتصبح الان في مرمي بصرها ..
نظرت له ريم بإستغراب قائله: اي دا يا وليد!؟..
نظر لها وليد مطولاً لتلتمع مُقلتيه بتلك الكلمات قائلاً: بصي يا بت عمي ومن الاخر أكده انا ماليش في كلام البندر ولا الحوديت بتاعتهم دى..
قاطعته قائله : حوديت اي يا وليد ؟!
استكمل حديثه قائلاً: تمسكي الهديه أكده ومتقاطعيش كلامي تأني واصل واسمعي كلامي زين .. من الاخر أكده انا بحبك يا بت عمي …
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أصفاد الصعيد)