رواية بين يديك الفصل الثالث 3 بقلم قوت القلوب
رواية بين يديك الجزء الثالث
رواية بين يديك البارت الثالث
رواية بين يديك الحلقة الثالثة
•• تذكرت الماضى ••
خرج إثناهما من المكتب وتركوا خلفهم خيبه أمل وصدمه عمر فى الإنسان الذى طالما كانت تحلم أنها ستعيش أحلامها معه بصدق وسعاده لكن كان للقدر كلمه أخرى …
لم ينتبها لوجودها بداخل الخزانه ليخرجا من المكتب كما دخلا دون ملاحظتها …
ظلت “مى” متيبسه تماماً عن الحركه وقد إتسعت عيناها إندهاشاً بقوة وفغر فاها عن آخره لا تستطيع تصديق ما سمعته بأذنيها ورأته بعيناها للتو …
أحقاً ما حدث … ؟؟؟
إنتبهت لنفسها وأغلقت الكاميرا التى مازالت تصور الفراغ الذى خلفانه ورائهما لتطفئ الكاميرا تماماً وهى تضع كفها فوق فمها بصدمه لما سمعته منهم لتقف مذهوله لبعض الوقت بتشتت شديد …
تحركت بآليه نحو الخارج كما لو أن الذى يتحرك ويرى شخص آخر غيرها …
أخذت تحدث نفسها بذهول تام متسائله بصدمه …
مى :هو إللى حصل ده بجد …؟؟
هو ده الإنسان إللى أنا إخترته وحبيته …؟؟!!!
للدرجه دى الفلوس بتغير الناس .. ولا هو كده من الأول وأنا إللى مش واخده بالى …؟؟ أنا حقيقى مش مصدقه كل إللى سمعته وشفته ..
إنتبهت “مى” أنها لا تزال بداخل المكتب لتضع الكاميرا بعجاله بداخل حقيبتها الكبيرة قبل أن تحمل علاقتها فوق كتفها ثم خرجت متسلله كما دخلت تماماً دون أن يراها أحد ….
لم تدرك لخطواتها أين تخطوها بل ساقتها أقدامها دون تركيز مطلقاً إلى شوارع القاهرة المزدحمه لتتوه وسط المارة من هنا وهناك مغيبه تماماً عن الواقع لا تدرى إلى أين تذهب فقط تتحرك بلا وعى ولا هدف …
مر أمامها ذكريات الماضي منذ سنوات طويله للغايه حينما كانت مازالت فتاه صغيرة ذات السابعه عشر عاماً ….
الإسكندريه…..
بتلك الليله العاصفه التى إزدادت بها الأمطار للهطول بقوة وتضاربت الرياح بأعاصيرها بليله شتاء قاسيه البرودة ….
تلاطمت أمواج البحر الهائجه بشاطئ الاسكندريه لتزيد من بروده الأجواء أيضاً كما لو أنها تصرخ بصمت لتغطى بوجودها على أى صوت آخر ….
إشتدت حلكه السماء لتتساقط أمطارها بغزارة فوق رأسها وهى تحرك ساقيها المرتجفتين بصعوبه تحاول التمسك بملابسها الهزيله تلملمها فوق عنقها فربما تكسبها بعض الدفء وتحميها من قسوة تلك الرياح البارده ….
إختلطت دموعها الساخنه بقطرات المطر البارده لتشاطرها السماء ببكائها وتعاستها …
شعرت بأوصالها تكاد تتجمد من البرد لتتقوقع أرضاً تحتمى بسور الكورنيش لتقلل إحساسها بهذا البرد الذى كاد يوقف قلبها الصغير فأقدامها لم تعد تقوى على حملها وهى ترتجف بتلك الصورة …
زاد شعورها بالبرد هذا الإعياء والدوار الذى حل برأسها فهى لم تتناول الطعام منذ يومين فأمعائها تتصارخ هى الأخرى جوعاً …
فوجئت “مى” برجل متوسط الطول سمين إلى حد ما يقف قبالها يحدثها بصوت عالٍ للغايه ليغطى على صوت أمواج البحر القويه قائلاً …
الرجل : تعالى يا بنتى معايا الست عاوزاكى …
حاولت التمعن بهيئه هذا الرجل لبعض الوقت لكن عيناها زائغتان متعبتان للغايه فلم تستطع أن تستوضح ملامحه جيداً ، لكنها تسائلت بإندهاش عن تلك السيدة التى تطلبها لترفع رأسها بصعوبه تجاهه ثم أردفت …
مى :ست …. ؟؟!! ست مين ….؟؟؟
الرجل: الست “فاديه” صاحبه العمارة إللى هناك دى …
أشار الرجل بإتجاه إحدى البنايات لكنها لم تستطع معرفه ماذا يقصد حقاً لكنها تسندت لتنهض ببطء تتبعه حيث أشار إليها فهى لا تعرف ما الذى يجب عليها فعله لكنها على الأقل ستحتمى لبعض الوقت من هذا البرد القارس فى مكان مغلق لبعض الوقت فلربما تشعر ببعض الدفء …
تبعته بصمت شديد وهى ترتجف بقوة من البرد خاصه وأن كل ملابسها مبلله من ماء المطر ..
توقف الرجل أمام باب إحدى الشقق السكنيه بتلك البنايه طارقاً الباب بخفه لتفتح له سيدة بيضاء هادئه تقرب لعاملها الأربعون لتهتف به بصوت حنون للغايه …
السيده: الحمد لله إنك جبتها يا “خيرى” …
ثم أشارت نحوها مشفقه للغايه على حالها قائله …
_ تعالى يا بنتى إدخلى متخافيش .. الست “فاديه” جوة …
توقفت “مى” قليلاً تحاول فهم مقصدهم وهى تبدل نظراتها بينهما لتتسائل بإرتجاف وهى تحاوط جسدها بذراعيها تلتمس بعض الدفء …
مى : إنتوا مين …..؟؟؟ ومين الست اللى عاوزانى دى وعاوزانى فى إيه …؟؟؟
أمالت السيدة وجهها قليلاً ولاحت إبتسامه على ثغرها قائله متهكمه من فعلتهما …
السيده: عندك حق والله يا بنتى ما إحنا برضه مقلنالكيش إحنا مين ..!!!
أمسكت بكفها الدافئ بحنو كف “مى” تدعوها للدخول وهى تستطرد موضحه …
السيده: أنا “إحسان” وده “خيرى” … جوزى إحنا بنشتغل هنا عند الست “فاديه” الله يكرمها … وهى شافتك من الشباك وإنتى بترتعشى من البرد فقالت لـ”خيرى” جوزى على طول انه ينزل يناديكى عشان متقفيش فى البرد والمطر ده …
إحساس كانت تتلمسه منذ أيام باحثه عن طيف حانى تلجأ إليه لتبتسم رغم ألمها قائله بإمتنان …
مى: شكراً ليكم وليها ..
احسان :طيب تعالى معايا …
تحركت إحسان للداخل نحو غرفه المعيشه الدافئه لتتبعها “مى” بآليه فكل ما كانت تتمناه الآن هو بعض الدفء فقط …
ما أن دلفت إلى داخل غرفه المعيشه وجدت سيده فى أواخر الخمسينات يبدو عليها الرقى والهيبه بسيطه فى ملبسها غير متكلفه على الإطلاق ، رحبت بها بإبتسامه لطيفه صادقه للغايه وهى تدعوها للدخول للتدفء قليلاً …
السيده فاديه: تعالى يا بنتى إدخلى … “إحسان” .. بسرعه هاتى لها هدوم ناشفه وأكل بسرعه و إعملى لها حاجه سخنه تشربها ….
شعور بالراحه لمجرد قربها من تلك السيدة وغمرها طيبه قلبها من مجرد دقائق قليله مكثتها معها …
بدلت ملابسها بأخرى جافه حين أدخلتها “إحسان” لإحدى الغرف بالشقه ومع تناولها لتلك الوجبه الساخنه وهذا المشروب الدافئ شعرت أخيراً بالدفء الذى تتمناه منذ ليال طويله …
شعرت بأدميتها مرة أخرى لتهمس تشكر السيدة “فاديه” بإمتنان حين بادرتها الأخيرة بسؤالها …
السيده فاديه : أنتى مين يا حبيبتى … ؟؟ و إيه إللى خلاكى تطلعى فى الجو الصعب ده كده على البحر ..؟؟
بتلقائيه شديدة أخذت “مى” تسرد ما حدث معها للسيدة “فاديه” لما لاقته منها من راحه وشعرت بأنها محل للثقه …
مى : أنا إسمى “مى” أنا وماما كنا عايشين سوا فى أوضه صغيرة بعد ما بابا الله يرحمه اتوفى بس …. بس ….
تذكرت “مى” أحداث تلك الأيام الماضية القاسيه عليها للغايه لتنهال دموعها وتأثرها البالغ مستكمله بنبرة حزينه للغايه …
مى: ماما كمان إتوفت من يومين …..
دنت منها السيدة “فاديه” لتربت بحنو على ظهرها وقد تأثرت للغايه بوضع تلك اليتيمه …
السيده فاديه : إنا لله و إنا إليه راجعون …. بالراحه حبيبتى متعيطيش …كملى …
مى: إمبارح جه صاحب البيت وطردنى عشان أنا مش معايا فلوس وماما بقالها ثلاث شهور مدفعتش الإيجار … عشان هى كانت تعبانه أوى ومكنتش عارفه تشتغل خالص …
أخذت “مى” تتحدث وقد زاد تأثرها لفقدانها لوالدتها وبيتها معاً لتحاول السيدة “فاديه” تهدئتها وطمأنتها حتى هدأت قليلاً …
السيده فاديه :ملكمش حد من قرايبكم قريب من هنا ..؟؟
مى : لأ …. إحنا أصلاً من المنصورة مش من هنا ولا أعرف أى حد من أهل بابا ولا أهل ماما خالص …. أنا عمرى ما رحت هناك ولا هم حد جه يزورنا ابدااا …
اكملت مى: ماما كانت دايما تقول لى إن كان فيه مشاكل كبيرة بيننا وبينهم .. عشان ورث وحاجات زى كده عشان كده إحنا سبنا بلدنا هناك وجينا عيشنا هنا ومبقناش ولا نشوفهم ولا نعرف عنهم حاجه ….
تفكرت السيدة “فاديه” لبعض الوقت بحديث “مى” ثم قالت …
السيده فاديه : بصى يا “مى” إنتى صغيرة أوى ومش حينفع تعيشى لوحدك ومحتاجه حد ياخد باله منك ويهتم بيكى …. وأنا كمان زى ما أنتى شايفه عايشه لوحدى … إيه رأيك تيجى تعيشى معايا وتاخدى بالك منى واخد بالى منك ……
أنهت حديثها بإبتسامه هادئه طيبه للغايه ، وكيف ترفض “مى” عرض كريم كهذا لتومئ بالموافقه فلن تجد بيتاً أفضل من بيت تلك السيدة ولا رفقه كرفقتها الطيبه الهادئه …
كغريق تعلق بقشه وافقت “مى” على الفور لتوضح لها السيدة “فاديه” أمراً ما أولاً …
السيده فاديه: بس يا “مى” أنا مش عايشه هنا … أنا عايشه فى القاهرة … أنا كنت جيت هنا بس عشان كنت عايزة أبيع العمارة دى وأرجع القاهرة تانى … عندك مانع تيجى تعيشى معايا هناك …؟؟
مى :لا …. خالص .. أنا كده كده ماليش خلاص حد هنا بعد وفاة ماما الله يرحمها …
وإنتقلت بالفعل “مى” للعيش مع السيده فاديه التى كانت تعاملها بحب وحنان ورعايه لم تراهم مى فى حياتها …
كذلك لم تبخل عليها فى الإهتمام بها وبتعليمها إطلاقاً وإعتبرتها مثل إبنتها التى لم تنجبها يوماً …
فى خلال هذه السنوات التى مرت درست “مى” بكليه الفنون الجميله وتخرجت منها لتعمل فى شركه المقاولات التى تمتلكها السيده “فاديه” بقسم الديكور وهناك تعرفت على “عادل” منذ عام ونصف حيث أعجبت به وبشخصيته خلال هذه الفترة ….
ولكنها أفاقت على واقع مر من إنسان إنتهازى مستغل ، خدعها من أجل الوصول لمال هذه السيده الطيبه ..
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بين يديك)